دعائم الاسلام وذكر الحلال والحرام والقضايا والاحكام عن اهل البيت رسول الله عليه وعليهم افضل السلام
[ 3 ]
دعائم الاسلام وذكر الحلال والحرام، و القضايا والاحكام عن أهل بيت رسول الله عليه وعليهم أفضل السلام لسيدنا القاضي الاجل أبي حنيفة النعمان بن محمد بن منصور بن أحمد بن حيون التميمي المغربي قدس الله روحه ورزقنا شفاعته تحقيق آصف بن علي أصغر فيضي الطبعة الثانية دار المعارف بمصر
[ 4 ]
ملتزم الطبع والنشر: دار المعارف بمصر 1119 كورنيش النيل القاهرة ج. ع. م.
[ 5 ]
مقدمة الطبعة الثانية صدرت الطبعة الاولى من الجزء الثاني في عام 1379 ه (1960). وقد أعدت في الطبعة الثانية ترقيم بعض الفقرات، وأجريت تعديلات في التشكيل والتنقيط. كما راجعت بدقة، وصححت، إعراب الآيات القرآنية الذي كان ناقصا في
بعض المواضع، كي يطابق الطبعة الحكومية من المصحف. وفي المواضع الاولى من الكتاب، ثمة مخطوط (مميز بحرف " ه ") وهذا يشير إلى مخطوط وضعه تحت تصرفي صديق العمر الشيخ فيض الله همداني، من بلدة سورت. والمخطوط مكتوب بخط العالم الاوحد سيدي الشيخ محمد علي همداني، والد الشيخ فيض الله. وإني أنتهز هذه الفرصة لاشيد بالعون الكبير الذي قدمه إلي، في كل مناسبة، الشيخ فيض الله، فيما يتصل بمشروعاتي الادبية جميعا. وإنه لمن سوء الحظ أنه لم يكن متيسرا استخدام المخطوط في ربط العبارات بعضها ببعض، ولكن حرف الياء " ي " يمثل على وجه التقريب ذات الامتياز والثراء في الحواشي. وقد ألفيت النص كما هو مطبوع في هذا الكتاب خاليا من الاخطاء تقريبا، وإن كان الاستاذ العالم " ا. جرايف " (من " كولونيا " بألمانيا) قد أجرى بعض التعديلات الطفيفة التي أشكره من أجلها جزيل الشكر. وأود لو كان العلماء الهنود على بعض هذا القدر من روح العون والكرم التي وجدتها عند ذلك العالم الالماني الذي راسلته مدة طويلة، وإن لم يتح لي قط حظ التعرف إلى شخصه. وقد أتممت هذا العمل في سن متقدمة، بعد أن ضعف بصري عما كان عليه في أيام الشباب. ولئن كنت آمل أن لا تفلت أخطاء كثيرة من تحت أعين الطابع
[ 6 ]
الساهرة المدققة، إني في الوقت عينه لا أشك في أن القارئ الكريم سوف يغض الطرف عن القلة التي سوف تبقى في الطبعة من هذه الاخطاء. وإني أوجه شكري إلى المشرفين على دار المعارف من أجل عنايتهم واهتمامهم بالتفصيلات، ومن أجل رقتهم التقليدية والروح الطيبة التي ألمسها منهم في كل مناسبة. وإنه لمحظوظ ولا شك المؤلف الذي يحظي بمثل هؤلاء الناشرين. ا. ا. ا. فيضى
بومباى في 23 ديسمبر 1965 أول رمضان 1385
[ 7 ]
مقدمة المحقق. هانحن أولاء نقدم الآن الجزء الثاني من كتاب دعائم الاسلام للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد المغربي، بعد أن قدمنا الجزء الاول من قبل، وقد اعتمدنا في تحقيق هذا الجزء الثاني على ست نسخ خطية رمزنا إليها بما يأتي: (1) س وتاريخ نسخها سنة 865 ه (1461 م) (2) د وتاريخ نسخها سنة 1126 ه (1714 م) (3) ط وتاريخ نسخها سنة 1216 ه (1801 م) (4) ى وتاريخ نسخها سنة 127 1 ه (1854 م) (5) ز وتاريخ نسخها سنة 1280 ه (1863 م) (6) ع وتاريخ نسخها سنة 1311 ه (1893 م) والنسخة الاولى من هذه النسخ وهي التي رمزها (س) هي النسخة التي تحتفظ بها دعوة البهرة السليمانية ببومباى بالهند، وهي أقدم نسخة نعرفها لهذا الجزء من الكتاب، وقد سبق أن تحدثت عنها في شئ من الاسهاب في بحث لي بعنوان " نسخة قديمة للجزء الثاني من كتاب دعائم الاسلام " ونشر بمجلة جامعة بومباي سنة 1934، فلا حاجة إذن أن أكرر ما سبق نشره، ويكفي أن أقول هنا: إن هذه النسخة في 146 ورقة، ومقاس صفحاتها 12 ب 7 بوصات، وإن بكل صفحة 23 سطرا، وإن ورقها من النوع الذي يصنع يدويا
[ 8 ]
بالهند، وقد ظهر بالنسخة أثر الديدان، ولكن أصلح ما بها من آثار التآكل
وجلدت حديثا، وناسخها غير معروف إذ محى اسمه من النسخة، وتاريخ كتابتها 13 من ذي الحجة سنة 865 ه (19 سبتمبر سنة 146 1 م). هذه النسخة ضبطت كلها بالشكل وصححت بدقة، ومن ثم كان اعتمادي عليها في تحقيق هذا الجزء، وليس بها شروح كثيرة ولكن هناك عدة كلمات شرحت باللغة الكوچراتية مما يثبت لها أصلا هنديا، أما خطها ففيه عناصر القلم اليمنى مما يصعب معه أن نتبين شخصية ناسخها الذي محى اسمه من النسخة. أما النسخة الثانية (د) وهي ثاني النسخ من حيث الترتيب الزمني، فمقاس صفحاتها 6 ب 1 / 9 2 بوصات وبكل صفحة 17 سطرا وتقع في 293 ورقة، وناسخها رحيم بن داود چى بن موسى چى من بلدة كابا دوانج بوسط. الهند وتاريخ نسخها سنة 1126 ه (1714 م) وهذه النسخة ليست بدقيقة كل الدقة، فهي مملوءة بالاخطاء في رسم الالفاظ. وفي الشكل أيضا، وبها سقطات هامة أشرت إلى بعضها، وقد أفسد الماء ورقها، ولذلك كله لم تكن بذات قيمة في تحقيق الكتاب بالرغم من قدمها نسبيا إلى النسخ الاخرى. ونسخة (ط) كانت في الاصل نسخة دعوة البهرة الداودية ومقاس صفحاتها 2 / 1، 5 ب 10 بوصات وفي كل صفحة 17 سطرا، وهي نسخة صحيحة تداول كتابتها عدد من النساخ، ومن ثم ظهرت متفاوتة الدرجات في دقتها، وأقدم جزء في هذه النسخة وهو الجزء الاول منها أصح جزء فيها، وناسخه غير معروف وتاريخ الانتهاء منها سنة 1216 ه (1801 م)، وعلى الجملة كانت هذه النسخة مفيدة لي دون أن يكون لها قيمة كبرى إذ كثيرا ما نرى اضطراب النص في بعض أجزائها، وبها بعض شروح قليلة باللغة الكوچراتية.
[ 9 ]
ونسخة (ى) عندي هي النسخة التي تلي نسخة (س) من ناحية قيمتها، وأكثر النسخ فائدة، مقاس صفحاتها 2 / 1، 5 ب 2 / 1، 9 بوصات وبالصفحة 15 سطرا وعدد أوراقها 349 ورقة من الورق الجميل الرقيق اليدوي، وخطها نسخ جميل، وكاتبها هو عبد الهادي بن الشيخ علي صالح بن جابر، وتاريخ نسخها ربيع الثاني 1271 ه (ديسمبر سنة 1854 م) وترجع قيمة هذه النسخة إلى ما يأتي: أولا: أنها تحتوي على شروح كثيرة أخذت من كتابات القاضي النعمان نفسه ومن كتابات غيره من علماء الدعوة. ثانيا: أنها نسخة دقيقة تمام الدقة، وبها إعراب كثير من الكلمات التي تشكل على القارئ، حتى إن الناسخ وضع أرقاما على الضمائر وما تعود إليه من الاسماء حتى يسهل على القارئ فهم النص. ثالثا: ليس بالنسخة أخطاء جوهرية قد تدعو إلى الاسف. ونسخة (ز) نسخة صحيحة مفيدة ولكن يصعب قراءتها إذ كتبت بحروف صغيرة لا يمكن تمييزها بسهولة ومقاسها 2 / 1، 5 ب 2 / 1، 7 بوصات وبكل صفحة 22 سطرا متأكلة تأكلا شديدا جدا ومغلفة بقماش قديم، وكانت في الاصل ملكا لاسرة مشهورة بين طائفة البهرة هي أسرة " أشرف على ما موچى " بمدينة بومباى وناسخها شاندخان بن إله بخش بن إسماعيل بن شاندخان بن سلطان ابن نور، وتاريخ كتابتها سنة 1280 ه (1863 م) وناسخها معروف بتضلعه في النحو العربي، ولذلك جاءت نسخته صحيحة، وربما كانت أدق النسخ للوصول إلى النص الاصلي الذي وضعه المؤلف. أما نسخة (ع) فهي نسخة حديثة وليست بدقيقة، مقاس صفحاتها
[ 10 ]
5 ب 9 بوصات وبكل صفحة 17 سطرا وتشتمل على 28 8 ورقة، بها كثير من الاخطاء وليس بها شروح، وناسخها هو فيض الله بن محمد بن علي الهمداني، وكتبت سنة 1311 ه (1893 م) بمدينة سورت. هذه هي النسخ التي اعتمدت عليها في تحقيق الجزء الثاني من كتاب دعائم الاسلام، وهو جزء يتحدث عن المعاملات، وهو موضوع لا يدعو إلى إثارة المشكلات حوله، ولذلك كان أسلوب هذا الجزء أسهل من أسلوب الجزء الاول، والاختلافات التي في النسخ إنما ترجع إلى أخطاء نحوية أو عدم فهم الناسخ، وأستطيع أن أرتب النسخ التي اعتمدت عليها بالنسبة لقيمتها إلى: س، ثم ى، ثم ز. أما النسخ الاخرى فقد أفادتني في تحقيق ما أشكل علي عند قراءة بعض الالفاظ، وقد سهل لي عملي في هذه النسخة طول صحبتي مع كتب المؤلف ودراستي العميقة للمؤلف نفسه. وفي مقدمة الجزء الاول لكتاب دعائم الاسلام ناقشت مسألة قراءة كلمة " روينا " أهي روينا أم روينا أم روينا (راجع هامش 20 ص 13)، وفي أقوم نسخ الجزء الثاني وهي نسخة (س) وجدت الكلمة شكلت بضم الراء وكسر الواو المخففة، وفي اعتقادي أن هذه هي القراءة الصحيحة للكلمة وليست بالكسرة المشددة للواو، ومن الجائز جدا أن يكون الاصل هو بتشديد الواو، ولكنها خففت تدريجا وأخذ علماء الدعوة الفاطمية بهذا التخفيف. (وبعد) فقد نشر الجزء الاول سنة 1951 ه ومضت أعوام قبل أن ينشر الجزء الثاني، وبدون تقديم أعذار عن هذا التأخير، فإني أقول مخلصا إنه لم يكن لي يد في ذلك، ولكن أسفي شديد حقا أن في هذه المدة توفى صديقي الدكتور زاهد علي الذي كنت أرجع إليه كلما أشكل علي أمر
[ 11 ]
من أمور هذا الكتاب، فبفضل مساعداته بما كان يقدمه لي من شروح للنص الذي لم أستطع فهمه أو تبين حقيقة قراءته، بما عرف عنه من سعة الاطلاع وعمق البحث، سهل علي تحقيق الكتاب، ومع ذلك كله ففي الكتاب أخطاء ولا شك في ذلك وهذه الاخطاء مني وأنا المسئول عنها. وأحب في هذه الكلمة أن أعترف بجزيل شكري لاصدقائي العديدين الذين تفضلوا بإعارة النسخ إلي، ثم أخص بالشكر صديقي الدكتور محمد كامل حسين الاستاذ بكلية الآداب بجامعة القاهرة، الذي ساعدني مساعدة الاخ لاخيه. كما أشكر دار المعارف بالقاهرة لما بذلته من عناية في طبع هذا الكتاب فأتى على هذه الصورة الجميلة. مايو 1959 آصف على أصغر فيضى
[ 12 ]
-
[ 13 ]
بسم الله الرحمن الرحيم 1 كتاب البيوع والاحكام فيها فصل (1) ذكر الحض على طلب الرزق وما جاء فيه عن أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين قال الله عزوجل (1): يا أيها الذين ء امنوا إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم
تعلمون، فإذا قضيت الصلوة فانتشروا في الارض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون (2). (1) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلعم) قال: إذا أعسر (3) أحدكم فليخرج من بيته وليضرب (4) في الارض يبتغي من فضل الله ولا يغم نفسه وأهله.
(1) سورة 62 آية 10 9. (2) حش ه، ى من مختصر الآثار، أتى رجل إلى النبي (صلع)، فقال: يا رسول الله إن لي نفسا لا تقنع بشي من الدنيا ولا تشبع منها، فقال له: النبي (صلع) قل: اللهم أرضني بقضائك وبارك لي في عطائك وأقنعني بما قدرت لي حتى لا أحب تعجيل ما أخرته ولا تأخير ما عجلته، قال الصادق (ع): من دعائنا أهل البيت: اللهم لا تكلفني طلب ما لم تقسم لي فيطول في ذلك شغلي من طاعتك ولا أقدر على شئ منه، اللهم وما قسمت لي من ذلك، فأعني به في عفاف ويسر وأصلحني بما أصلحت به الصالحين، فإن صلاح الصالحين بك. وقال لي أبي، رضوان الله عليه: كان هذا من دعاء داود عليه السلام، وقال: إن الله (ع ج) قسم الارزاق بين عباده وأفضل منها فضلا كثيرا، فاسألوا الله من فضله. (3) مشكل كذا في س، ه. (4) س ويضرب، ع، فليضرب. ه، د، ط، ى، وليضرب.
[ 14 ]
(2) وعن علي أنه كان يقول: إني لابغض (1) الرجل يكون كسلان من (2) أمر دنياه لانه إذا كان كسلان من أمر دنياه فهو عن أمر آخرته أكسل. (3) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أن رجلا سأله أن يدعو الله له أن يرزقه في دعة (3)، فقال لا أدعو لك، اطلب كما أمرت (4) وقال: ينبغي للمسلم ان يلتمس الرزق حتى يصيبه حر الشمس.
(4) روينا عن أهل البيت صلى الله عليه وآله في الدعاء لاستجلاب الرزق وجوها يطول ذكرها، ليس فيها شئ موقت. (5) وعن رسول الله (صلعم) أنه قال في حجة الوداع: إني والله لا أعلم عملا يقربكم من الجنة إلا وقد أعلمتكم به ولا أعلم عملا يقربكم من النار إلا وقد حذرتكم عنه، وإن الروح الامين (5) قد نفث في روعى أن نفسا لا تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، إنه ليس عبد من عباد الله إلا وله رزق بينه وبينه حجاب، فإن صبر أتاه الله به حلالا، وإن لم يصبر هتك الحجاب، فأكله حراما، فلا يحملن أحدكم استبطاء شئ من الرزق أن يطلبه من غير حله فإنه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته. (6) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إن الذنب ليحرم الرزق. (7) وعن رسول الله (صلع) أنه مر في غزوة تبوك بشاب جلد (6) يسوق
(1) س. (2) س، ط. ه، ع، د، ى عن. (3) حاشية في ه أي راحة. (4) س، د، ع، ط. ه أمرك الله. (5) حاشية في ه الروح الامين جبرئيل، والنفث نفث الراقي، والروع بالضم الخلد وهو البال والبال القلب. (6) س (حاشية) الجلد القوي.
[ 15 ]
أبعرة سمانا فقال له أصحابه: يا رسول الله لو كانت قوة هذا وجلده وسمن (1) أبعرته في سبيل الله لكان أحسن، فدعاه رسول الله (صلع) فقال: أرأيت أبعرتك هذه، أي شئ تعالج عليها؟ فقال يا رسول الله، لي زوجة
وعيال، فأنا أكسب عليها ما أنفقه على عيالي وأكفهم عن مسألة الناس (2) وأقضي دينا علي، قال: لعل غير ذلك، قال: لا، فلما انصرف قال رسول الله (صلع): لئن (3) كان صادقا إن له لاجرا مثل أجر الغازي وأجر الحاج وأجر المعتمر. (8) وعنه (صلع) أنه قال: تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله رجل خرج ضاربا في الارض يطلب من فضل الله ما يكف به نفسه، ويعود به على عياله. (9) وعن علي أنه قال: ما غدوة أحدكم في سبيل الله بأعظم من غدوته يطلب لولده وعياله ما يصلحهم، وقال (ع): الشاخص في طلب الرزق الحلال كالمجاهد في سبيل الله. (10) وعن رسول الله (صلع) أن رجلا سأله، فقال: يا رسول الله، إني لست أتوجه (4) في شئ إلا حورفت فيه، فقال: انظر شيئا قد اصبت فيه مرة فالزمه، قال: القرظ (5)، قال: فالزم القرظ. (11) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال لرجل من أصحابه: إنه بلغني أنك تكثر الغيبة عن أهلك، قال: نعم جعلت فداك، قال:
(1) ط، ه سمن. كذا في س. (2) س وأكفهم عن الناس. (3) س إن. (4) حش ه أي أقصد. (5) حاشية في ه القرظ شجر يدبغ به الجلود.
[ 16 ]
أين؟ قال: بالاهواز وفارس، قال: فيم، قال: في طلب التجارة والدنيا،
قال: فانظر إذا طلبت شيئا من ذلك ففاتك، فاذكر ما خصك الله به من دينه، وما من به عليك من ولايتنا وما صرفه عنك من البلاء، فإن ذلك أحرى أن تسخو نفسك به عما فاتك من أمر الدنيا. (12) وعن علي (ع) أن رجلا قال له: يا أمير المؤمنين، إني أريد التجارة، قال: أفقهت في دين الله، قال: يكون بعض ذلك، قال: ويحك، الفقه ثم المتجر، فإنه من باع واشترى ولم يسأل عن حرام ولا حلال ارتطم (1) في الربا ثم ارتطم. (13) وعن رسول الله (صلع) أنه استحب تجارة البز وكره تجارة الحنطة، وذلك لما فيها من الحكرة المضرة بالمسلمين، فإن لم يكن ذلك فليس التجارة بها محرمة. (14) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سأل بعض أصحابه عما يتصرف فيه، فقال: جعلت فداك، إني كففت يدي عن التجارة (2) قال: لم ذلك، قال: انتظاري هذا الامر، قال: ذلك أعجب لكم، تذهب أموالكم (3)، لا تكفف عن التجارة والتمس من فضل الله، وافتح بابك وابسط بساطك واسترزق ربك. (15) وعن رسول الله (صلع) أنه مر بالتجار وكانوا يومئذ يسمون السماسرة فقال لهم: أما إني (4) لا أسميكم السماسرة ولكن أسميكم التجار، والتاجر فاجر، والفاجر في النار، فغلقوا أبوابهم وأمسكوا عن التجارة،
(1) ه حاشية أي وقع. (2) حاشية في س، ه قال علي بن الحسين صلع: جعل الرزق عشرة أجزاء تسعة منها في التجارة وجزء في ساير الاشياء، من مختصر الآثار. (3) س، د، ذ، ى، ه لك وأموالك.
(4) س آلا انى.
[ 17 ]
فخرج رسول الله (صلع) من غد فقال: أين الناس، قيل يا رسول الله سمعوا ما قلت بالامس، فأمسكوا، قال: وأنا أقوله اليوم إلا من أخذ الحق وأعطاه. (16) وعنه (صلع) أنه قال: بعثني ربي رحمة ولم يجعلني تاجرا، ولا زراعا، إن شر هذه الامة التجار والزراعون إلا من شح على دينه. (17) وعنه (صلع) أن أعرابيا أتاه بإبل له فقال: يا رسول الله، أردت بيع إبلي هذه فبعها لي، قال: إني لست ببياع في الاسواق، قال: فأشر علي. قال: بع هذا بكذا وهذا بكذا. (18) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه أوصى بعض أصحابه فقال لا تكن دوارا في الاسواق ولا تل شراء دقائق الاشياء بنفسك، فإنه لا ينبغي لكم ولا للمرء المسلم (1) ذي الدين والحسب أن يشتري دقائق الاشياء بنفسه خلا ثلاثة أشياء، الغنم والابل والرقيق (2). ونظر (ع) إلى رجل من أصحابه يحمل بقلا على يده فقال إنه يكره للرجل السرى (3) أن يحمل الشئ الدنى لئلا يجترى (4) عليه. (19) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إن الله يحب العبد أن يكون سهل البيع وسهل الشراء وسهل القضاء (5) وسهل الاقتضاء (6). (20) وعنه (صلع) أنه قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، رجل بايع إماما فإن أعطاه شيئا من الدنيا
(1) س، ط، ى، د، ع. ه ولا للمسلم. (2) كذا في س.
(3) حاشية في ه، د، ط أي الفاضل. (4) كذا في كل المخطوطات، أصله يجترأ. (5) حاشية في د، رجل عليه الدين. (6) أيضا رجل له الدين.
[ 18 ]
وفى له، وإن لم يعطه لم يف له، ورجل له ماء على ظهر الطريق يمنعه سابلة (1) الطريق، ورجل حلف بعد العصر لقد أعطى بسلعته كذا وكذا، فأخذها الآخر بقوله مصدقا له، وهو كاذب. (21) وعن علي (ع) أنه قال: سوق المسلمين كمسجدهم، الرجل أحق بمكانه حتى يقوم منه أو تغيب الشمس يعني (ع) من ذلك ما ليس بملك لغيره. فصل (2) ذكر ما نهى عن بيعه قال الله عزوجل (2): يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم. وقال الله تبارك وتعالى (3): وأحل الله البيع وحرم الربوا. يعني جل ثناؤه بالبيع الجائز دون ما حرم الله في كتابه، وعلى لسان رسول الله (صلع) وسنذكر ذلك في موضعه إن شاء الله. (22) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي أن رسول الله (صلع) نهى عن بيع الاحرار، وعن بيع الميتة والدم والخنزير (4) والاصنام وعن عسب الفحل (5) وعن ثمن الخمر وعن بيع العذرة، وقال هي ميتة. (23) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الحلال من البيوع كل
(1) حاشية في ه أي قافلة، في د، ى السابلة أبناء السبيل المختلفة في الطرقات، من الضياء. (2) 4 / 29. (3) 2 / 275. (4) س، ه، ط. د، ى، ع لحم الخنزير. (5) س عسب، حاشية في ى عسب الفحل يريد هنا الكدى الذي يؤخذ على الضراب وهو لا يجوز.
[ 19 ]
ما هو حلال من المأكول والمشروب وغير ذلك مما هو قوام للناس وصلاح ومباح لهم الانتفاع به، وما كان محرما أصله منهيا عنه لم يجز بيعه ولا شراؤه، وهذا من قول جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله قول جامع لهذا المعنى. (24) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لعن الله الخمر وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها وشاربها وساقيها وآكل ثمنها وحاملها والمحمولة إليه، قال النبي (صلع) الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها وأكل ثمنها (1). (25) وعن أبي جعفر بن محمد بن علي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن رجل كان له على رجل دراهم، فباع خمرا أو خنازيرا فدفع ثمنها إليه قضاء من دينه، قال: لا بأس أما للمقتضى فحلال، وأما للبائع فحرام. (26) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه سئل عن بيع العنب والتمر والزبيب والعصير ممن يصنعه خمرا، قال: لا بأس بذلك إذا باعه حلالا، فليس عليه أن يحيله المشتري حراما. (27) وعن رسول الله أنه نهى عن ثمن الكلب العقور. (28) وعن علي (ع) أنه قال: لا بأس بثمن كلب الصيد (2).
(29) وعن علي (ع) أنه قال: لا بأس ببيع المصاحف وشرائها، قال جعفر بن محمد: ولا بأس أن تكتب بأجر ولا يقع الشراء على كتاب
(1) حاشية في چه، ى من مختصر الآثار، ورخصوا في أخذ أثمان كل ما نهى عن ممن بيعه ممن يبيع ذلك لنفسه، وإنما يحرم ذلك على من باعه واشتراه، فأما ثمنه وأخذه مما صار إليه وفي يده بوجه الحق فلا بأس به، ولا بأس بمبايعة المشركين، وأخذ ثمن ما يشترونه منهم مما في أيديهم من أثمان ما باعوه وصار إليهم مما لا يحل بيعه، وأكثر أموالهم ربا وسحت، وهي تؤخذ منهم في الجزية وفي أثمان ما يشترونه من المسلمين، فتكون حلالا لمن أخذها وكل ما يحل له أخذها، حاشية: إذا كان البائع ذميا فلا بأس بأخذه منه فهو حلال له، وإن كان مسلما لم يجز له لقول النبي صلع: ثمن الخمر من السحت، يعني بهذا العقل للمسلم، فإذا كان الثمن سحتا. وعلم المقتضى لدينه بالوجه فيه، فالاولى به أن لا يأكل السحت، من المطلب في فقه المذاهب، وفي ى فقط وذلك والله أعلم لان المشركين يتناولونه في شرائعهم حلالا، وهو عند المسلمين حرام. (2) حاشية في د، ى ويجوز بيع كلب الماشية.
[ 20 ]
الله، ولكن على الجلود والدفتين، يقول: أبيعك هذا بكذا. (30) وعن علي أنه رأى رجلا يحمل هرة قال: ما تصنع بها، قال أبيعها، فنهاه قال: فلا حاجة لي بها، قال: فتصدق إذا بثمنها (1). (31) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه سئل عن شراء الشئ من الرجل الذي يعلم أنه يخون أو يسرق أو يظلم، قال: لا بأس بالشراء منه ما لم يعلم أن (2) المشترى خيانة أو ظلم أو سرقة، فإن علم فإن ذلك لا يحل بيعه ولا شراؤه، ومن اشترى شيئا من السحت (3) لم يعذره الله لانه اشترى ما لا يحل له. (32) ونهى رسول الله (صلع) عن بيع السهم من المغنم من قبل أن
تقسم (4). (33) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن بيع الماء والكلاء (5) والنار، وهذا نهى مجمل فإنما وقع النهي فيه على بيع المباح للمسلمين مثل كلاء البرية ولهب النار الذي يستصبح به ويقتبس منه (6)، ولا ينقص ذلك منه شيئا وكالماء الجاري في الغيول (7) والعيون، والسيول، والآبار المباحة
(1) كذا في س وط، زيادة في د، ه، ع، ى وعن رسول الله صلعم أنه نهى عن بيع السهم من المغنم قبل أن تقسم. (2) ه، ط، ى، د. س من. (3) حاشية في د، ى السحت ما لا يحل كسبه وأكله، قال الله تع: أكالون للسحت (5 / 43). (4) تقدم الرواية في د، ه، ع، ى. (5) حاشية في ى الكلاء وهي الماء الجاري وسط الاشجار، وهذا غلط، والكلا كجبل العشب رطبا كان أو يابسا. (6) حاشية في ه، ى في غير طعم، فإن كانت النار في طعم يملك كالحطب والفحم أو غيره مما تعمل النار فيه، فبيعه جائز لانه مال من الاموال، من الاختصار. (7) حاشية في ه ى الغيل الماء الجاري على وجه الارض من العيون.
[ 21 ]
غير المملوكة، فأما ما كان من ذلك يملك، فلا بأس ببيع ذلك، ولا ينبغي أن يؤخذ جمر نار من أحد بغير إذنه لانه مال من الاموال. فصل (3) ذكر ما نهى عنه من بيع الغرر (34) روينا عن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله عن أبيه عن آبائه أن رسول
الله صلى الله عليه وآله نهى عن بيع الغرر وهو كل بيع يعقد على شئ مجهول عند المتبايعين أو أحدهما. (35) وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع حبل الحبلة، وقد اختلف في معنى ذلك، فقال قوم هو بيع كانت الجاهيلة يتبايعونه يبيع الرجل منهم الجزور بثمن مؤخر، ويكون الاجل بين المتبايعين إلى أن تنتج الناقة، ثم ينتج نتاجها، وقال آخرون هو أن يباع النتاج قبل ان ينتج، (1) وكلا البيعين فاسد لا يجوز. (36) وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع المضامين (2) والملاقيح (3) فأما المضامين، فهي ما في أصلاب الفحول وكانوا يبيعون (4) ما يضرب الفحل عاما وأعواما، ومرة ومرتين، ونحو ذلك، والملاقيح هي الاجنة في بطون أمهاتها، وكانوا يتبايعونها قبل أن تنتج. (37) وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع الملامسة والمنابذة وطرح الحصى،
(1) ه تنتج الناقة. (2) ه حاشية، المضامين ما في بطون الحوامل، جمع مضمونة. (3) الملاقيح جمع ملقوحة. (4) س، ط، ى، ه كذا في الاصل وكتب " يتبايعون " فوق السطر ويتبائعون غ.
[ 22 ]
فأما الملامسة فقد اختلف في معناها، وقال قوم: هو بيع الثوب مدروجا (1) يلمس باليد ولا ينشر ولا يرى داخله، وقال آخرون: هو الثوب يقول البائع أبيعك هذا الثوب على أن نظرك إليه اللمس بيدك ولا خيار لك إذا نظرت إليه، وقال آخرون: هو أن يقول إذا لمست ثوبي (2) فقد وجب البيع بيني وبينك. وقال آخرون: هو أن يلمس المتاع من وراء ستر، وكل هذه المعاني
قريب بعضها من بعض، وإذا وقع البيع عليها فسد. واختلفوا أيضا في المنابذة. فقال قوم: هي (3) أن ينبذ الرجل الثوب إلى رجل، وينبذ إليه الآخر ثوبا يقول هذا بهذا من غير تقليب ولا نظر. وقال آخرون: هو أن ينظر الرجل إلى الثوب في يد الرجل مطويا، فيقول: اشترى هذا منك، فإذا نبذته إلى فقد تم البيع بيننا ولا خيار لواحد، وقال قوم: المنابذة وطرح الحصى بمعنى واحد وهو بيع كانوا يتبايعونه في الجاهلية يجعلون عقد البيع بينهم طرح حصاة يرمون بها من غير لفظ (4) من بائع ولا مشتر ينعقد به البيع، وكل هذه الوجوه من البيوع الفاسدة. (38) وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع الولاء (5) وعن هبته، وقال: الولاء شعبة من النسب لا يباع ولا يوهب. (39) وعنه (صلع) أنه نهى عن بيع العبد الآبق والبعير الشارد.
(1) د مدرجا. ط، س، ه، ع، ى مدروجا. (2) ى ثوبي هذا. (3) س هو. ه، ع، ط هي ص، د، ى هو وهي كلاهما! (4) ه، ع، ط، د، ي لفظ ص. س لفظهما غ. (5) د، ه حاشية: بيع الولاء هوأن يقول صاحب الغلام الذي أعتقه لاحد من الناس: أبيعك ولائي بكذا وكذا، ط الولاء وهي ضعيف.
[ 23 ]
(40) وقال علي، لا يجوز بيع العبد الآبق ولا الدابة الضالة يعني قبل ان يقدر عليهما. وقال جعفر بن محمد (صلع) إذا كان مع ذلك شئ حاضر جاز بيعه
يقع البيع على الحاضر. (41) وعنه (ع م) أنه قال لا بأس بشراء تراب المعادن بالدنانير، يدا بيد، ولا خير فيه بنسيئة (1). (42) وعن علي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن بيع السمك في الآجام، واللبن في الضروع، والصوف على ظهر الغنم، قال: هذا كله لا يجوز لانه مجهول غير معروف يقل ويكثر وهو غرر. (43) وقال جعفر بن محمد (ع م) إذا كان في الاجمة أو الحظيرة (2) سمك مجتمع يوصل إليه بغير صيد، أو كان مع اللبن الذي في الضرع (3) لبن حليب أو غيره، فالبيع جائز، فإن كان لا يوصل إلى السمك إلا بالصيد (4) فالبيع باطل. (44) وعنه (ع) أنه كره عن بيع الصك (5) عن الرجل بكذا وكذا درهما.
(1) حش ه، أي بتأخير. (2) س، ى، ع. ه، ط، د الحضيرة. حاشية في ى - الحضيرة موضع البقر والغنم، والحظيرة تعمل للابل من شجر لتقيها البرد (مختار الصحاح). (3) ه الضروع. (4) ه، ى، بصيد. (5) حاشية س كبا لو (كجراتي)، وفي ه هوأن يبيع الرجل سلعته ويعطيها رجلا بأجل، وفي ى في مختصر الآثار، الصك الكتاب، والصك بلى الرجل يعني الدين المكتوب في الصك.
[ 24 ]
فصل (4)
ذكر بيع الثمار (45) روينا (1) عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) نهى عن بيع التمرة (2) قبل أن يبدو صلاحها. قال جعفر بن محمد (صلع): بدء صلاحها أن تزهو، قيل: وما الزهو؟ قال؟ تتلون بحمرة أو بصفرة أو بسواد. (46) روينا عن جعفر بن محمد وعن محمد بن علي وعن علي بن أبي طالب عليهم السلام (3) أنهم رخصوا في بيع الثمرة إذا زهت أو زها بعضها أو كانت مع ما يجوز بيعه، وإن لم يزه شئ منها سنة واحدة أو سنين بعدها، لان البيع حينئذ يقع على ما زها أو ما جاز بيعه مما هو حاضر، ويكون ما لم يزه وما لم يظهر بعد تبعا له، وكثير من الثمار إنما يظهر شئ (4) بعد شئ، ويقع البيع. أولا على ما بدا صلاحه منه، كالمقاثى (5) المباطخ وكثير من الثمار. وقال جعفر بن محمد (صلع): وليس النهى عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها نهى تحريم يحرم شراء ذلك وبيعه على بائعه ومشتريه، ولكنهم
(1) ه روينا أصلا، وصحح روينا، د روينا. (2) حاشية في ى ونهوا عن بيع التمر في رءوس النخل بالتمر كيلا، ورخصوا فيه في العرايا. وهي الشئ اليسير النخلة ونحوها، وكذلك لا يجوز بيع العنب في الكرم بزبيب بكيل، ولا بيع السنبل بحنطة، ومن اشترى نخلا قد لقحت، فتمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع، ومن الاختصار. (3) كذا في س، ط. (4) ه د،. س، ط، ى شيئا. (5) ى، د، حاشية القثاء الخيار الواحد القثاءة والمقثأة والمقثؤة موضع القثاء والمبطخة بالفتح موضع البطيخ، وضم الطاء فيه لغة، ن م ص.
[ 25 ]
كانوا يشترونها كذلك على عهد رسول الله (صلع) فربما هلكت الثمرة بالآفة تدخل عليها فيختصمون إلى رسول الله (صلع) فلما أكثروا الخصومة في ذلك نهاهم عن البيع حتى تبلغ الثمرة ولم يحرمه، ولكن فعل ذلك من أجل خصومتهم، ففي هذا ما دل على أن عقد البيع على الثمرة قبل أن يبدو صلاحها ليس بمحرم على المتبايعين ولا على أحدهما ما سلما على ذلك ولم يقوما ولا أحدهما في فسخ البيع. (47) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه سئل عن الرجل يبيع الثمرة قائمة على الشجرة (1) يستثنى من جملتها على المشترى كيلا منها أو وزنا معلوما قال: لا بأس به. (48) وعن أبي جعفر صلى الله عليه وآله (2) أنه قال: لا بأس على مشترى الثمرة أن يبيعها قبل أن يقبضها، وليس هذا مثل الطعام الذي يكال (3)، ولاهو من باب النهى عن بيع ما لم يقبض. (49) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن بيع المزابنة، والمزابنة أن يبيع التمر في رؤوس النخل بالتمر (4) كيلا ورخص (5) من ذلك في العرايا (6). قال أبو جعفر صلى الله عليه وآله: العرايا النخلة والنخلتان، والثلث والعشر يعطيها صاحب النخل فيجنيها (7) رطبا، والعرايا (8) العطايا، وقد اختلف في تفسير العرايا.
(1) ه في الشجر. (2) س، د، ط، ع. ه، ى وعن جعفر بن محمد بن علي صلى الله عليه وآله. (3) د يكنال. (4) ط حاشية، أي سوكا (كجراتئ). (5) زيادة في ه، د، ى (صلع).
(6) س عرايا. (7) س، د فيجنيها. ط، ه، ى، ع فيجتنيها، حش د، أي مشترى. (8) حش في د، نهاية العرايا العشرة، ولا يجوز فوق العشرة.
[ 26 ]
فقال قوم: العرايا النخلات يستثنيها الرجل من حائطه إذا باع ثمرته. فلا يدخلها في البيع، ولكنه يبقيها لنفسه فتلك الثنايا (1) لا تخرص عليه لانه قد عفى لهم عما يأكلون، وسميت عرايا لانها أعريت (2) من (3) أن تباع أو تخرص (4) في الصدقة، فرخص النبي (صلع) لاهل الحاجة والمسكنة الذين لا ورق (5) لهم ولا ذهب، وهم يقدرون على التمر أن يبتاعوا بتمرهم من ثمار هذه العرايا بخرصها، فعل ذلك بهم ترفقا (6) بأهل الحاجة الذين لا يقدرون على الرطب ولم يرخص لهم في أن يبتاعوا منه ما يكون للتجارة والذخائر. وقال آخرون هي النخلة يهب الرجل ثمرتها للمحتاج يعريها إياها فيأتي المعرى (7)، وهو الموهوب له، إلى نخلته تلك ليجتنيها فيشق ذلك على المعرى، وهو الواهب، لمكان أهله في النخل فرخص للبائع (8) خاصة أن يشترى ثمرة تلك النخلة من الموهوبة (9) له بخرصها. وقال آخرون: شكى رجال إلى رسول الله (صلع) أنهم يحتاجون إلى الرطب وأن الرطب تأتي ولا يكون بأيديهم ما يبتاعون به، فيأكلون مع الناس، وعندهم التمر، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم.
(1) حش ه، الثنيا الاسم الاستثناء، ط، الثنيا. (2) ه عريت.
(3) س، ى عن. (4) حش ى، خرص النخل ونحوه حزر ما عليه، وحزر الشئ إذا خرصه وقدره يقول حزرتهم مائة رجل ونحو ذلك، من الضياء. (5) ه، ورق، س، د، ورق. (6) حش ه أي لا يجوز في الاصل أن يباع الرطب لكن النبي (صلع) رخص للفقراء في اشتراء الرطب بالتمر ترفقا وذلك فيهم حاجة لا يجوز لغيرهم أن يشتروا الرطب باليابس. (7) ه، د، ى، ط حذ " له ". س، معرى له. (8) س، ه، ط. د، ى، ع، للواهب غ. (9) ه، د، س، ى، ط، الموهوب له.
[ 27 ]
وقال آخرون: في العرايا وجوها قريبة المعاني من هذه، وكلها قريب بعضها (1) من بعض. (5 0) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يجوز بيع السنبل بالحنطة، ولا بأس ببيع الزرع الاخضر (2) وإن سنبل بحنطة إذا كان البيع إنما يقع على الزرع لا على السنبل، وكذلك الرطاب (3). (51) وعنه أنه سئل عن بيع حصائد الحنطة والرطاب فرخص فيه. (52) وعن علي (ع م) أنه قال من باع نخلا قد أبرت يعني قد ذكرت فثمرها (4) للبائع، إلا أن يشترط المبتاع (5). فصل (5) ذكر ما نهى عنه من الغش والخداع في البيوع (53) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع)
(1) ه، د بعضه.
(2) حش ه، س قال في ذات البيان: الزرع الاخضر إذا بيع على أن يحصد بحاله فذلك جائز، وإذا بيع على ان يبقى حتى يتم ويحصد فذلك غير جائز. (3) زيد في ه فرخص فيه (غ)، حش ه، قال في الاختصار: ولا يجوز بيع الزرع قبل أن يتسنبل إلا على أن يحصد بحاله إذا بيع بحنطة، فأما على أن يترك حتى يتسنبل ويعقد فلا، وان اشترى بغير حنطة فحصد أو ترك حتى تسنبل، فلا بأس بذلك. (4) س، ط، د ى ع. ه فثمرتها. (5) حش ه قال في مختصر الآثار: ويدخل في حكم هذا ما بيع من الشجر وفيها ثمار، قد صارت إلى حال ما يصير ثمار النخل في حين الآبار، فإن لم يشترطها المشتري فهي للبائع.
[ 28 ]
نهى (1) عن الخلابة (2) والخديعة والغش، وقال: من غشنا فليس منا، ونهى عن الغدر والخداع في البيوع وعن النكث (3) وقال: أوفوا بالعقود في البيع والشراء والنكاح والحلف والعهد والصدقة، وقد اختلف الناس في معنى قول النبي (صلع): من غشنا فليس منا. فقال قوم: يعني ليس منا من أهل ديننا. وقال قوم آخرون: يعني ليس مثلنا. قال قوم آخرون: ليس من أخلاقنا ولا فعلنا لان ذلك ليس من أخلاق الانبياء والصالحين. وقال قوم آخرون: لم يتبعنا على أفعالنا، واحتجوا بقول إبراهيم (ع): فمن تبعني، فإنه مني، فأي (4) وجه من هذه الوجوه كان مراده (صلع) فالغش بها منهى عنه. (54) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن خلط الطعام، وبعضه أجود من بعض، فقال: هو غش، وكرهه، فهذا والله أعلم، إذا كان
(1) ونهوا عن الغش والخداع، ولا بأس بخلط النوعين إذا غلب الدنئ منهما، ويبيع بيعه، ولا خير في ذلك إذا غلب الجيد وخفى الدنئ فيه ويبيع بيعة الجيد، ونهوا عن النفخ في اللحم للبيع ولا بأس بالسلع بين الجلد واللحم، ونهو عن التطفيف وعن التصرية وهو أن يجمع اللبن في ضرع البهيمة ويترك المشترى المصرأة الخيار فيه، فيها ثلاثا، وإن شاء ردها ورد بيعها صاعا من تمر، ونهوا عن النجش وهو الزيادة في السلعة، ولا يريد المشتري شراها إلا يسمعه غيره فيزيد على زيادته، وما كان من زيادة الوزن والكيل مما يتغابن بمثله الناس فلا بأس، وإذا تفاحش فهو خلط ولا خير فيه ه من الاقتصار. (2) حش ه الخلابة الخداع من شم في د، الخلابة الخديعة باللسان. (3) كذا في س، زيد " في الايمان " في الحاشية في ه و " بالايمان " في ط، وفي المتن في د، ى، ع، والزيادة غ. (4) س، د، ى، ع. ط، ه وأي.
[ 29 ]
الجيد منه هو الذي يظهر، فأما إن كان يخفى ويكون الغالب عليه الظاهر فيه الدون فليس بغش ولا منهى عنه. (55) وعن، علي (ع) أنه نهى الباعة أن يظهروا أفضل ما يبيعونه ويخفوا شره، وهذا يؤيد ما ذكرناه. (56) وعنه (ع) أنه نهى عن النفخ في اللحم، يعني بعد أن يسلخ الجلد، وأما النفخ بين الجلد واللحم، فليس من هذا، وهو شئ يسهل به السلخ، وإنما نهى (1) عن النفخ في اللحم ليختلط الريح به، وتجري بين جلود رقاق عليه فينتفخ اللحم، فيظهر كأنه شحم وليس بشحم. (57) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن شوب اللبن بالماء إذا أريد به البيع لانه يكون غشا فأما من شابه ليشربه فلا شئ عليه في شوبه.
(58) وعنه أنه قال إذا طففت (2) أمتي مكيالها وميزانها، واختانوا، وأخفروا (3) الذمة، وطلبوا بعمل الآخرة الدنيا، فعند ذلك لا يزكون أنفسهم. (59) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن إنفاق الدراهم المحمول عليها قال: إذا كان الغالب عليها الفضة فلا بأس بإنفاقها، وقال في الستوق (4) وهو المطبق عليه الفضة، وداخله نحاس يقطع ولا يحل أن
(1) ه النهي. (2) حش س، ى: من مختصر الآثار: التطفيف في الكيل والوزن الزيادة عند الاخذ والنقص عند الاعطاء قال الله عزوجل: ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (83: 2 1)، يعني حين يعطوهم ذلك، وإنما هذا في البيع، والعوض، فأما في الهبة في الصدقة التطوع ممن أعطى ذلك وافيا، فهو أعظم لثوابه، وإن نقص منه، فلا شئ عليه، وإن كان في واجب فعليه أن يوفيه، ونهى جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله عن اختلاف المكايل والاوزان في المصر الواحد لما يدخل في ذلك من الشبهة والمغالطة. (3) د وخفروا. حاشية في ى، د خفروا الذمة أي: أفسدوها وأبطلوها، والذمة العهد والذمة الامان، وفي ه أي نقضوا العهد. (4) حش د الدرهم الردى، وفي بعض الحواشي " السوق " وهذا غ.
[ 30 ]
ينفق، وكذلك المزيبقة (1) والمكحلة (2). (60) وعن علي أنه أمر نقاد بيت المال أن لا يدخلوا إلا طيبا. (61) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن التصرية وقال من اشترى شاة مصراة (3) فهي خلابة فليردها إن شاء إذا علم، ويرد معها صاعا من تمر، والتصرية ترك ذات الدر أن تحلب أياما ليجتمع اللبن في ضرعها فيرى غزيرا.
(62) وعنه أنه نهى عن النجش (4) والنجش الزيادة في السلعة، والزائد فيها لا يريد شراءها، لكن ليسمع غيره فيزيد فيها على زيادته. (63) وعنه صلى الله عليه وآله أنه نهى أن يبيع الحاضر للبادى، ومعنى هذا النهي، والله أعلم، معلوم في ظاهر الخبر، وهو أن لا يبيع الحاضر للبادي متحكما عليه في البيع بالكره أو بالرأى الذي يغلب به عليه، يريه أن ذلك نظر له أو يكون البادى يوليه عرض سلعته فيلى البيع دونه أو ما أشبه ذلك، فأما إن يدفع البادى سلعته إلى الحاضر فينشدها للبيع ويعرضها ويستقصى ثمنها ثم يعرفه بذلك مبلغ الثمن، فيلى البادى البيع بنفسه، أو يأمر من يلي
(1) س، د، (حاشية) مزابقة، كذا في ه، د (متن)، ف. ى،. وأصله مزأبقة. (2) س مكحلة. (3) حش س، (ناقص)، ه، ى قال في مختصر الآثار، وجعل مشترى المصرأة بالخيار، وفيها ثلاثة أيام يعني بعد أن يحلبها، وقال فإن شاء أمسكها وإن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر، يعني لما أصاب من لبنها، وإن لم يصب شيئا ردها، ولا شئ عليه وهذا الخيار وهو على خير خيار الحيوان يرد المصرأة وإن تبرأ إليه من خيار ثلاثة أيام إذا كتمه التصرية، فإن عرفه بها قبل البيع، وتبرأ إليه منها، وأعلمه كم يوم، أمسك عن حلبها فرضى ذلك، ولم يكن له ردها بالتصرية إلا أن يجد بها عيبا غير ذلك. (4) حش ه النجش بتقديم النون على الجيم، الزيادة، وهو أن يزيد الانسان في البيع ولا داعية له فيه ليسمع غيره، وفي الحديث نهى النبي عن النجش، وفى ى النجش أن يمدح أحدكم السلعة، وهو لا يريد شراءها، يسمعه غيره، فيزيده في السوم على سوم غيره.
[ 31 ]
ذلك له بوكالته، فذلك جائز وليس في هذا من ظاهر النهي شئ، لان ظاهر النهي إنما هو أن يبيع الحاضر للبادى، فأما إن باع البادي بنفسه،
فليس هذا من ذلك بسبيل كما يتوهمه من قصر فهمه. (64) وعنه (صلع) أنه نهى عن تلقى الركبان، قال جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله هو أن تلقى الركبان لتشتري السلع منهم خارجا من الامصار لما يخشى في ذلك على البائع من الغبن، ويقطع بالحاضرين في المصر عن الشراء، إذا خرج من يخرج لتلقي (1) السلع قبل وصولها إليهم (2). (65) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه سئل عن الرجل يشتري الطعام مما يكال أو يوزن فيجد فيه (3) زيادة على كيله أو وزنه الذي أخذه به، قال: إن كانت تلك الزيادة مما يتغابن الناس بمثله فلا بأس بها، وإن تفاحشت عن ذلك، فلا خير فيها، ويردها، لانها قد تكون غلطا أو تجانفا ممن استوفى له. (66) وعن علي أنه رخص للمشتري سوال البائع الزيادة بعد أن يوفيه، فإن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل.
(1) د ليلتقي. (2) حش ه، ى، س قال في مختصر الآثار: وقد حد الصادق جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله في التلقى فنهى أن تلقى السلع في (عن) مسيرة غدوة أو روحة، فما دون ذلك فإن كان أكثر من هذا فليس بتلق، وذكر في مختصر الايضاح ان الغدوة والروحة أربعة فراسخ، وذكر في ذات البيان، أن ذلك مثل بريد فما دونه، والبريد اثنا عشر ميلا، فمن اشترى فيما جاوز ذلك، لم يدخل في حد النهي، وكان كمن اشترى في البوادي والقرى، ويفسخ البيع فيما اشترى من ذلك عند أهل البيت صلوات الله عليهم في حد حدوه لانه من البيع المنهى عنه. (3) ه في ذلك.
[ 32 ]
فصل (6)
ذكر ما نهى عنه في البيوع (67) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين (1) أنه نهى عن شرطين في بيع واحد، وقد اختلف في تأويل ذلك. فقال قوم: هو أن يقول البائع: أبيعك بالنقد بكذا وبالنسيئة (2) بكذا، ويعقد البيع على هذا. وقال آخرون: هوأن يبيع السلعة بدينار على أن الدينار إذا حل أجله أخذ به دراهم مسماة (3). وقال آخرون: هو أن يبيع منه السلعة على أن يبيعه هو أخرى: وقال آخرون: في ذلك وجوها قريبة المعاني من هذا، وهذه الوجوه كلها البيع فيها فاسد، لا يجوز إلا أن يفترق المتبائعان على شرط واحد، فأما إن عقد البيع على شرطين فذلك المنهى عنه، وهو أيضا من باب بيعتين (4) في بيعة، وقد نهى عن ذلك. (68) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن ربح ما لم يقبض (5)، وقد
(1) س، ط. (2) حش ه النسيئة التأخير. قال في مختصر الآثار: وإن شرط ذلك في عقد البيع والشراء وكان مجهولا بطل الشراء وإن كان معلوما لم يبطل. (3) الزيادة في د وكذلك العكس ضع. (4) خه في ه، د شرطين. (5) س، يقبض ويضمن من، ط يضمن، ه يقبض، حش، ونهى صلى الله عليه وآله عن بيع ما ليس عندك وذلك أن يبيع بيعا مضمونا إلى وقت لا يوجد فيه مثل ذلك البيع كالعنب والفاكهة في وقت لا تكون فيه، من الاختصار.
[ 33 ]
اختلف في تأويل هذا النهي أيضا. فقال قوم: لا يكون ذلك إلا في الطعام
خاصة يبيعه المشترى قبل أن يقبض. وقال آخرون: هو في كل ما يكال أو يوزن، وقال آخرون: هو بيع الرزق من الهرى (1). قبل أن يقبض. وقال آخرون: هو استيجار الغلام (2) أو الدابة ثم يؤاجر ذلك المستأجر بأكثر مما ا ستأجره به، وقد جاء في كل ما ذكروه عن أهل البيت أحكام سنذكرها إن شاء الله تعالى. (69) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن بيع وسلف، وقد اختلف في معنى هذا النهي، فقال قوم: هو أن يقال الرجل للرجل: آخذ سلعتك بكذا وكذا (3) على أن تسلفني كذا وكذا، وقال آخرون هوأن يقرضه قرضا، ثم يبايعه على ذلك، وكلى (4) الوجهين فاسد، لان منفعة السلف غير معلومة، فصار الثمن في ذلك مجهولا. (70) وعنه (صلع) أنه نهى عن الكالى ء بالكالئ (5)، وهو بيع الدين بالدين، وذلك مثل أن يسلم الرجل في الطعام إلى وقت معلوم، فإذا حضر الوقت فلم يجد الذي عليه الطعام طعاما فيشتريه من الذي هو له عليه بدين إلى أجل آخر، فهذا دين انقلب إلى دين آخر، ومنه أن يسلم الرجل في الطعام، ولا يدفع الثمن، ويبقى دينا عليه، فذلك دين بدين، ولهذا نظائر كثيرة، منها الرجل يكون له الدين على الرجل الصانع فيدفع إليه
(1) س الهزى، ه، الهرى، حش ه، ذ، ى الهرى، غ، وأصله الهرى واحد الاهراء مثل طئ وأطياء وهو بيت ضخم واسع يجمع فيه طعام السلطان، من مختصر الآثار. (2) ط هو في استيجار الغلام. (3) ه بكذى وكذى. (4) س. د، ه، ط كلا. (5) حش ه، ى الكالئ بالكالئ، يقال تكلات كلاء إذا استثنأت شيئا ه.
[ 34 ]
به عملا، وكالرجل يكترى من الرجل ظهرا فيحيله بالكراء على رجل آخر، له عليه دين، ومثل هذا كثير (1). (71) وعن جعفر بن محمد أنه رخص من بيع الحيوان بالحيوان يدا بيد. (72) وعن علي (ع) أنه باع بعيرا بالربذة (2) بأربعة أبعرة مضمونة (3)، وباع جملا له يدعى عصيفيرا (4) بعشرين بعيرا إلى أجل، وهذا إذا كان موصوفا بصفة معلومة. (7 3) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان. (74) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يساوم الرجل على سوم أخيه، ومعنى النهي في هذا: إنما يقع إذا ركن (5) البائع إلى البيع، وإن لم يعقده، فأما ما دون ذلك فلا بأس بالسوم على السوم، والمزايدة في السلع. (75) وقد روينا عن رسول الله (صلع) أنه أمر ببيع أشياء في من يزيد. (76) وعن جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أنه قال: من اشترى طعاما فأراد بيعه، فلا يبيعه حتى يكيله أو يزنه إن كان مما يكال أو يوزن، فإن ولاه فلا بأس بالتولية قبل الكيل والوزن، ولا بأس ببيع سائر السلع قبل أن
(1) حش ه، ى: ومن ذلك الدين يكون للجماعة فيقسمونه على أن يقتضى كل واحد منهم ما صار إليه منه، فهذا لا يجوز، وما اقتضاه كل واحد منهم فهو بينهم، من مختصر الآثار. (2) حش ى، وط الربذة بالذال معجمة اسم موضع فيه قبر أبي ذر الغفاري. (3) حش ه، د، أي مقبوضة. (4) ط، س، ه، ع. د، ى عصيفر.
(5) حش ى 2 ركن إليه ركنا أي سكن.
[ 35 ]
تقبض، وقبل أن ينقد (1) ثمنها وإن (2) اشترى رجل طعاما فذكر البائع أنه قد اكتاله فصدقه المشترى وأخذه بكيله، فلا بأس بذلك. (77) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الحكرة، قال: لا يحتكر الطعام إلا خاطئ، وقال علي (ع): المحتكر (3) آثم عاص (4)، وقال (ع): طرق طائفة من بني إسرائيل عذاب، فأصبحوا وقد فقدوا أربعة أصناف من الناس: الكيالين والمغنين والمحتكرين للطعام وآكلي الربا. (78) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إنما الحكرة أن تشتري طعاما ليس في المصر غيره فتحتكره، وإن كان في المصر طعام أو متاع غيره، أو كان كثيرا يجد الناس ما يشترون، فلا بأس به (5)، وإن لم يوجد فإنه يكره أن يحتكر، وإنما كان النهي من رسول الله (صلع) عن الحكرة أن رجلا من قريش يقال له حكيم بن حزام، كان إذا دخل المدينة طعام اشتراه كله، فمر عليه النبي (صلع) فقال له: يا حكيم، إياك وأن تحتكر (6)، قال: وكل حكرة تضر بالناس، وتغلى السعر عليهم، فلا خير فيها، وقال: ليس الحكرة إلا في الحنطة والشعير والزيت والزبيب والتمر، وكان يشتري (ع) قوته وقوت عياله سنة (7).
(1) س ينتقد. (2) ه إذا. (3) س آثم خاطئ. (4) حش ى ومؤخر في ه من مختصر الآثار، وقال: وأما الرجل يشتري الطعام وهو كثير عند الناس، ليرفعه ويتجر فيه، فلا بأس بذلك إذا كان الناس يجدون ما يشترون، فإذا لم يوجد،
فليس له أن يحتكره عليهم ويدعهم يهلكون، ويؤخذ بإخراجه وبيعه. (5) ه بذلك. (6) كذا في ه. س، د، ط، ى، ع تحذف الواو، وقراءة النسخة الهمدانية أصح. (7) س، د، ط سنة، ع، ه لسنة، ى للسنة.
[ 36 ]
(79) وعن علي (ع) أنه قال: الحكرة في الخصب أربعون يوما، وفي الشدة والبلاء ثلاثة أيام، فما زاد فصاحبه ملعون. (80) وعنه (ع) أنه كتب إلى رفاعة: إنه (1) عن الحكرة، فمن ركب النهى، فأوجعه، ثم عاقبه بإظهار ما احتكر. (81) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن التسعير فقال: ما سعر أمير المؤمنين علي (ع) على أحد، ولكن من نقص عن (2) بيع الناس، قيل له: بع كما يبيع الناس، وإلا فارفع من السوق، إلا أن يكون طعامه أطيب من طعام الناس. (82) وعن علي (ع) أنه سئل عن رجل أخذه السلطان بمال ظلما، فلم يجد ما يعطيه إلا أن يبيع بعض ماله، فاشتراه منه رجل، هل يكون ذلك بيع مضطر، قال: بيعه جائز وليس هذا كبيع المضطر، هذا له فيه النفع لما يصرف عنه (3)، وإنما المضطر الذي يكرهه على البيع المشترى منه ويجبره عليه ويضطره إليه (4).
(1) أو أنه، أو إنه. (2) ط، س، ى عن. ه، ى، من. (3) حش د أي من عذاب السلطان. (4) حش ه قال في المنتخبة (للقاضي النعمان) شعرا، وينهى قيل عن البيوع قبل
غروب الشمس والطلوع.
[ 37 ]
فصل (7) ذكر الصرف (1) (83) روينا عن جعفر بن محمد (صلع) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: الفضة بالفضة، والذهب بالذهب، مثلا بمثل، يدا بيد، فمن زاد واستزاد فقد أربى ولعن الله الربا (2) وآكله ومؤكله وبائعه ومشتريه وكاتبه وشاهديه (3). (84) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلا بمثل ليس فيه زيادة ولا نظرة والزائد والمستزيد في النار. (85) وعن علي (صلع) أنه سئل عن الدراهم بالدرهمين يدا بيد، قال: ذلك الربا العجلان. (86) وعن رسول الله (صلع) أنه لما قبل الجزية عن أهل الذمة، لم يقبلها إلا على شروط اشترطها عليهم، منها أن لا يأكلوا الربا، فمن فعل ذلك، فقد برئت منه ذمة الله، وذمة رسوله، وليس استحلال الربا من دينهم الذي صولحوا على أن لا يخرجوا منه، بل الربا محرم عليهم في شريعتهم، قال الله جل ذكره: فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم
(1) حش ه الصرف في اللغة الفضل، قال أبو الطيب: وما الفضة البيضاء والتبر واحد فنوعان للمكدى وبينهما صرف، أي فضل. (2) س ط الربى د، ه، ى الربا، وفي القرآن الكريم الربوا. (3) وفي الحواشي في س، ه، ى نقلت أحاديث من كتاب مختصر الآثار للقاضي النعمان بمعنى.
[ 38 ]
طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا، وأخذهم الربوا وقد نهوا عنه (1)، فأخبر عزوجل أنه كان قد حرم عليهم الربا (2) وإنما استحله منهم من استحله بمعصية الله، وما حرفه (3) لهم أحبارهم ورهبانهم، فأحلوا لهم الربا (4) وكذلك (5) كتب علي (ع) إلى رفاعة يأمره بطرد أهل الذمة من الصرف. (87) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الربا في كل ما يكال أو يوزن، إذا كان فيه التفاضل. (88) وعنه (ع) (6) بعثني أبي (ع) بكيس فيه ألف درهم إلى رجل صراف من أهل العراق ليعطيه أفضل منها، وقال لي: قل له: يبيعها بدنانير، فإذا قبضها ودفع الدراهم، فليشتر لنا بالدنانير التي قبض حاجتنا من الدراهم. (89) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يستبدل الدنانير الشامية بالكوفية وزنا بوزن، فيقول له الصيرفي: لا أبدل لك حتى تبدلني دراهم يوسفية بغلة (7) وزنا بوزن، قال لا بأس به، قيل له: إن الصيرفي إنما
(1) 4 / 161 160. (2) حش في ه، ى، قال في كتاب حدود المعرفة لسيدنا النعمان: والربا فمنه التفاضل في البيع فيما يكال ويوزن، ومنه حبس ما أوجب الله (ع ج) الخروج منه في الاموال التي افترضها فيما افترضه ليربو بذلك مال من يحبسه عند نفسه، وقد أخبر الله عزوجل أنه يمحق بقوله (تع) (2 / 279) يمحق الله الربا و؟ يربى الصدقات، وقوله (30 / 39) وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس، فلايربو عند الله، وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون. (3) خ في س، ه، د، ى، ط، ع. وفي متن س: حرمه.
(4) كذا في س. (5) ه، ى لذلك. (6) د، ه وقال. (7) حش: الغلة أي الدراهم السوقى التي لا تنفق في غيرها يعني الردئ.
[ 39 ]
يطلب فضل اليوسفية على الغلة، قال: إذا كان وزنا بوزن يدا بيد فلا بأس به، قيل له: فما ترى في الرجل يشتري ألف درهم ودينارا بألفي درهم، قال: لا بأس بذلك، إن أبى رضوان الله عليه كان أجرأ (1) على أهل المدينة مني، وكان يقول هذا، فيقولون (2): يا أبا جعفر، هذا الفرار من الربا، لو جاء رجل بدينار لم يعط ألف درهم، فكان يقول: نعم الشئ الفرار من الحرام إلى الحلال، وقال له رجل: رحمك الله، والله إنك لتعلم أنك لو أخذت دينارا والصرف تسعة عشر فدرت المدينة كلها على أن تجد من يعطيك فيها عشرين لما (3) وجدته، وما هذا إلا فرار من الربا، قال: صدقت، هو فرار من باطل إلى حق، فهذه المعارضة التي عارض بها هذا المعارض ولى الله معارضة جاهل، لان الربا بالاجماع من المسلمين إنما يكون في الشئئ الواحد، مما يكال أو يوزن إذا كان فيه التفاضل، قل ذلك التفاضل أو كثر، والذهب والفضة نوعان مختلفان قد فرق الله بينهما بواو كما فرق بين السماء والارض، فليس في التفاضل بينهما ربا، ولو كان ذلك لم يجز أن يكونا إلا وزنا بوزن، وهذا مما لا يقوله أحد علمناه، وإذا جاز التفاضل بينهما في القليل جاز في الكثير، إذ لا كتاب ولا سنة يمنعان من ذلك، ولكن لا يكون الصرف إلا يدا بيد، كما جاءت به السنة، وسنذكر ذلك إن شاء الله، وليس في الصرف
توقيت، وإنما هو ما تراضى عليه الناس كسائر البيوع مرتخص وغال، فما في معارضة هذا الجاهل الذي يقول: لو كان الصرف كذا، ما زاد أحد كذا، وهو والمسلمون أجمعون لا يرون بالزيادة والنقص في ذلك بأسا،
(1) حش ى: الجرئ المقدم على الشئ، وهومن الصفات. (2) ه أفيقولون. (3) ه ما، حش ى أي درهم.
[ 40 ]
وإنما هو ما تراضى عليه المتبائعان (1). (90) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن السيوف المحلاة وما أشبه ذلك مما تخالط الفضة فيه العروض (2) تباع بالذهب إلى أجل مسمى، فقال: إن الناس لم يختلفوا في النسيئة، إنما اختلفوا في اليد باليد، فقيل له: فبيعه بالدراهم النقد. قال: كان أبي (رض) يقول: يكون معه عرض غيره أحب إلي، فقيل له: أرأيت إن كانت الدراهم أكثر من الفضة التي فيه. قال: وكيف لهم بالاحاطة بذلك، قيل (3): فإنهم يعرفونه، قال: إن كانوا يعرفونه فلا بأس، وإلا فإنهم يجعلون معه العرض أحب إلي. وإنما يعني (ع) بذلك أن يكون مع الفضة عرض، ويعلم أن الدراهم أكثر منها، فتكون الفضة بالفضة وزنا بوزن والفاضل في العرض، أو تكون الدراهم أقل من الفضة ويكون معها عرض يكون ما فضل من الفضة ثمنه. (91) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه رخص في اقتضاء (4) الدراهم من الدنانير والدنانير بالدراهم. (92) وروى (5) عن أبيه عن آبائه أن عليا عليه السلام سئل عن ذلك،
فقال: قد كره أن يقبض المسلف إلا ما أسلف، فإن تراضيا من ذلك على أمر أراد به الرفق من أحدهما لصاحبه، فلا بأس إذا كان بسعر معلوم.
(1) س: المتبايعان. (2) حش ى: العروض ج عرض بإسكان الراء، وهو ما ليس ينقد. (3) س، ط. ه، ى، د: قيل له. (4) حش ى: وقال (ع) لا بأس أن يأخذ الدراهم من الدنانير، والدنانير من الدراهم يعني (ع) الرجل يكون له على الرجل دنانير سلفا من بيع أو من حق من الحقوق فيقضيه عنها دراهم بقيمتها، أوما اتفقا عليه أو يكون له عليه دراهم فيقضيه عنها دنانير كذلك، من مختصر الآثار. (5) س، د، ه، ط، ى: وروى.
[ 41 ]
(93) وعن علي (ص) أنه قال: لا يجوز بيع الفضة بالذهب ولا الذهب بالفضة إلا يدا بيد. (94) قال جعفر بن محمد (ص) إذا اشتريت من رجل ذهبا بفضة، أو فضة بذهب، فلا تفارقه حتى تتقابضا، وإن وثب حائطا، فإن قال لك: أرسل غلامك معي حتى أعطيه، فلا تفعل، وإن كان المكان قريبا، وإن أرسلت معه، فتأمر من ترسله إذا حضر النقد أن يبتدئ معه الصرف، ويكون هو الذي يعاقده عليه، وإن بقى من النقد شئ فلا خير فيه، حتى يكون القبض والدفع على الكمال يدا بيد، وإن اشترى الرجل ذهبا بفضة، واشتغل بغير ذلك، ثم أراد القبض فليعد عقد الصرف في وقت القبض، فيقول: هذا بهذا. (95) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس أن يقرض الرجل الدراهم ويأخذ أجود منها إذا لم يكن بينهما شرط، وذلك أن الفضة بالفضة وزنا بوزن،
ولا شئ فيها إن كانت إحدى الفضتين أجود من الاخرى، لانه لا يحل (1) لو كانت كذلك أن يكون بينهما فضل، فإذا كان ذلك جاز أن يقضى بعضها من بعض إذا لم يكن ذلك عن شرط، وقل فضة تشبه فضة في الجودة والدناءة، ولابد أن تكون الواحدة أفضل من الاخرى بشئ ما إذا امتحنت وكانت من غير موضع واحد.
(1) كذلك في ه، ى، ع صح، س، د، ط: لا يحل إن لو كانت إلخ.
[ 42 ]
فصل (8) ذكر بيع الطعام بعضه ببعض قد ذكرنا فيما تقدم أنه لا يجوز التفاضل في النوع الواحد مما يكال و مما يوزن، فإذا اختلفت (1) النوعان جاز التفاضل بينهما. (96) روينا عن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: ما كان من الطعام أو من شئ من الاشياء مختلفا، فلا بأس ببيعه متفاضلا (2) يدا بيد ولا خير فيه نظرة. (97) وعنه عليه السلام أنه قال: الحنطة والشعير شئ واحد لا يجوز التفاضل بينهما. (98) وعنه (ع) أنه قال: الدقيق بالحنطة، والسويق بالدقيق مثلا بمثل (3). (99) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن البر والسويق، قال: مثلا بمثل، قيل له: إنه يكون له فضل، قال: أليس له مؤنة (4)؟ قيل: بلى، قال: هذا بهذا. (100) وعن علي (ع) أن رسول الله (صلع) نهى عن بيع التمر بالرطب
(1) س. ه وإذا اختلف النوعان. (2) حش س، ى من مختصر المصنف: ويجوز أن يبيع بيضة نعامة بعشرين بيضة من بيض الدجاج. (3) حش ى يعني يكون الحنطة كثيرا في الوزن، لانه ثقيل والدقيق خفيف، فأجاب لانه في الدقيق تكون المشقة فكان كيلا بكيل ولو أنه ينقص في الوزن، ويستوى في الكيل. (4) حش ى - المراد بالمؤنة في السويق أنه يحتاج في ذلك إلى الحطب والنار والاناء، وذلك مما يكون فيه المشقة.
[ 43 ]
من أجل أن الرطب ينقص من كيله إذا يبس، وهذا غير ما ذكرناه من الرخصة في العرايا، إنما الرخصة في العرايا بعينها أن تشترى بخرصها من تمر مكيل. (101) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: لا بأس (1) بالثوب بالثوبين يدا بيد ونسيئة إذا وصفه. (102) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن بيع الطعام بالطعام جزافا. (103) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن الحيتان بالحيتان تقسم، وتباع على وجه التحرى بغير وزن ولا كيل، واللحم كذلك، فرخص فيه، وعن القمح بالماء إلى أجل فرخص فيه، قيل فهل يصلح بغير الماء نحو الاشربة من العسل وغيره، قال: لا يصلح، ورخص في الدقيق بالكعك (2) متساويا يدا بيد والخل بالخل كذلك، وان اختلفت أجناسه وصنوفه، وكذلك عسل السكر بعسل النحل. فصل (9) ذكر خيار المتبايعين (2)
(104) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: البيعان بالخيار فيما تبايعاه حتى يفترقا عن رضى (4).
(1) ط، ى - ببيع الثوب بالثوبين. (2) حش ه، ى - الكعك الخبز اليابس. (3) عنوان في س - ذكر وجوب البيع (؟) (4) حش س ى - من ذات البيان - قوله: البيعان على (الخيار؟) بذلك البايع والمشتري وكذلك قال الخليل بن أحمد، قال: والعرب تقول بعت بمعنى اشتريت، ومنهما في بعض الروايات البيعان بالخيار ما لم يفترقا إلا بيع خيار، يعني أن كل واحد منهما بالخيار، إن شاء أمضى البيع =
[ 44 ]
(105) وعن جعفر بن محمد (ص) يفترقان بالابدان من المكان الذي عقدا فيه البيع، لقد باع أبى (رض) أرضا يقال لها العريض، فلما اتفق مع المشترى وعقد البيع قام أبي (1) فمشى فتبعته وقلت له: لم قمت سريعا، قال: أردت أن يجب البيع (2). (106) وعن رسول الله (صلع) المسلمون عند شروطهم، إلا كل شرط خالف كتاب الله. (107) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه سئل عن رجل باع داره على شرط أنه إن جاء بثمنها الى سنة أن ترد عليه، قال: لا بأس بهذا، وهو على شرطه (3)، قيل (4): فغلتها لمن تكون، قال: للمشترى، لانها لو احترقت لكانت من ماله. (108) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال في الرجلين يتبايعان السلعة، فيشترط البائع الخيار (5) أو المبتاع، فتهلك السلعة قبل أن يختار
= وإن شاء فسخه ما لم يفترقا على إيجاب له، وقوله: إلا بيع خيار مستثنى من ذلك وهو أن يعقد البيع
على أن لهما أو لاحدهما الخيار في ذلك البيع إلى مدة معلومة أو إلى غير مدة، فلا يكون حينئذ افتراقهما موجبا البيع ما لم تنقض تلك المدة التي جعلا الخيار إليها، ولمن جعل ذلك له أن يرجع بما اشترط فيما بينه وبين تلك المدة، فإذا انقضت لم يكن له الرجوع ومضى البيع كانت المدة في ذلك ما كانت، وإن لم يوقتا لذلك حدا، فالخيار لمن جعل له متى قام فيه، وذلك لقول رسول الله (صلعم): المسلمون عند شروطهم. (1) س - قام فمشى. (2) حش ه - قال في الايضاح: وصفة الافتراق الذي يجب به البيع فرقة الابدان كما قلنا، بأن يقوم أحدهما من الموضع الذي كان فيه إلى آخر. (قد سقطت هنا صفحتان في د) (3) ط، د، ى، س - شرط. (4) ط، د، ى. س، ه - قال. (5) حش ى - قال في الاختصار: من اشترى شيئا بالخيار إلى مدة فهلك قبل أن يختاره المشترى، فهو من مال البائع، على المشترى اليمين أنه ما اختاره ولا رضيه، فإن لم يحلف لزمه.
[ 45 ]
من كان له الخيار، ما حالها؟ قال: هي من مال البائع، يعني ما لم يجب البيع، أو كان المشترى قد قبضها لينظر إليها، ويختبرها ولم يجب (1) البيع، قيل له: فإذا وجبت للمبتاع، وكان لاحدهما الخيار بعد وجوب البيع، ثم هلكت ما حالها؟ قال: هي من مال المبتاع إذ لم يختر الذي له فيها الخيار، ومعلوم أن السلعة إذا كانت هكذا فهي ملك للمشتري، فإذا هلكت فهي من ماله. (109) وعنه (ع) أنه قال: مشترى الحيوان كله بالخيار، فيه ثلاثة أيام اشترط، أو لم يشترط (2).
(110) وعنه (ع) أنه قال: من اشترى أمة فوطئها أو قبلها أو لمسها أو نظر منها إلى ما يحرم على غيره، فلا خيار له فيها وقد لزمته (3). وكذلك إن أحدث في شئ من الحيوان حدثا، قبل مدة الخيار، فقد لزمه، أو إن عرض السلعة للبيع. (111) وعنه أنه سئل عن الرجل يشتري السلعة، ويشترط الخيار، يعرضها للبيع، ثم يريد ردها في مدة الخيار، قال: إذا حلف بالله أنه ما عرضها، وهو يضمر أخذها، ردها. (112) وعنه أنه قال في الرجل يبتاع الثوب، أو السلعة بالخيار، فيعطى به الربح، قال: إن رغب في ذلك فليوجب (4) البيع على نفسه،
(1) ه، ى - يوجب. (2) حش ه - فإن هلك الحيوان في ثلاثة أيام فهو من مال البايع، من مختصر المصنف، قال في الاختصار: ولا خيار لبائعه يعني الحيوان بعد أن يفترقا، فإن أحدث المشترى فيه حدثنا قبل ثلاثة أيام، فقد لزمه، حاشية. (3) حش ه، س - عن مختصر المصنف: من اشترى جارية فنظرت إلى فرجه، أو قبلته، ولم يفعل شيئا من ذلك، ولا استدعاها، فهو على خياره إلخ. (4) س - فيوجب.
[ 46 ]
فإن باع، فربح طاب له الربح، وإن لم يبع لم يجز له الرد هذا إن أوجب البيع، فإن طالبه البائع بالربح حلف له، لقد أوجب البيع على نفسه قبل أن يبيع، فإن لم يحلف، كان الربح للبائع. (113) وعنه أنه قال: فيمن اشترى صفقة (1)، وذهب ليأتي بالثمن،
فمضت له ثلاثة أيام، ولم يأت به، فلا بيع له إذا جاء يطلب، إلا أن يشاء البائع، وإن جاء قبل مضي ثلاثة أيام بالثمن فله قبض ما اشتراه إذا دفع الثمن. (114) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل اشترى سلعة على أن الخيار (2) فيها لغيره، لرجل غائب قد سماه، فأقام الرجل غائبا مدة طويلة، ثم قدم فرد البيع، قال: يستحلف المشترى بالله على الذي اغتل من السلعة، إن كانت لها غلة، وله النفقة التي أنفق، فإن أبى أن يحلف. قيل للذي طلب اليمين: احلف أنت، على ما وصل إليه، وخذه منه، وأعطه ما أنفق، فإن أبى من اليمين، ترك الشئ بحاله، لانه قد طال ذلك ودرس (3) فإن كانت السلعة تغيرت بزيادة أو نقصان، فعلى المشترى قيمتها يوم قبضها، وإن كان ذلك في الايام اليسيرة، فليس بشئ، فالمشترى على شرطه.
(1) حش س، ى، ه - الصفقة ضرب اليد على اليد وقت البيعة وعند البيع يقال: بارك الله لك في صفقة يمينك، ويقال اشترى شيئين في صفقة إذا اشتراهما معا بثمن واحد ولم يميز ثمن أحدهما وثمن الاخر (ولم يميز بينهما بعضه من بعض - ه). (2) حش ى - قال في المطلب: والخيار لا يورث إلا أن يشترط من يجعل له أن يكون لورثته من بعده قبل انقضاء مدته، فيكون الخيار له ولورثته، إن مات إلى حين ينقضى، فأقام الرجل المدة المشترطة. (3) س، ط، د - درس. ه (اندرس) صحح (درس)، ع، ى - اندرس.
[ 47 ]
فصل (10) ذكر أحكام العيوب
(115) وقد ذكرنا فيما تقدم أن رسول الله (صلع) قال: من غشنا فليس منا، وكتمان البائع عيب ما باعه (1) غش، وقد روينا عن أهل البيت عن النبي (صلع) أنه قال: الدين النصيحة، وأنه قال: لا يحل لمسلم أن (2) يبيع من أخيه بيعا يعلم فيه عيبا إلا بينة، ولا يحل لغيره إن علم ذلك العيب أن يكتمه عن المشترى إذا أراه اشتراه، ولم يعلم به. (116) عن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: من استوجب صفقة بعد افتراق المتبايعين، فوجد فيها عيبا لم يبرأ منه البائع، فله الرد. (117) وعنه أنه قال في الرجل باع دابة أو سلعة، فقال: برئت إليك من كل عيب قال: لا يبرئه ذلك (3) حتى يخبره بالعيب الذي تبرأ منه، ويطلعه عليه. (118) وعن علي (ص) (4) أنه قال: إذا اشترى القوم متاعا فقوموه واقتسموه، ثم أصاب بعضهم فيما صار إليه عيبا فله قيمة (5) العيب (6)، فإن
(1) حش ى - كل عيب ظهر به المشترى فلا يحكم به الحاكم حتى يعلمه، فإن كان باطنا لا يراه إلا النساء، أمر حرة مسلمة فنظرت إليه. وامرأتان أفضل، فإذا أخبر بذلك حكم به حينئذ. (2) حذف في س. (3) حذف في س. (4) س، ط، د، ع. ه، ى - وعنه (جعفر بن محمد) (ص) عليه السلام. (5) حش ى - أي يأخذ القيمة من بائع السلعة، لا يأخذها من بينهم. (6) حش ه - الاباق والبول في الفراش عيب، والحبل عيب في الجارية، وليس بعيب في البهائم، والشهبة في الشعر عيب والسن السوداء عيب، وكذلك السن ساقطة، والسرق عيب، ومن =
[ 48 ]
اشترى رجل سلعة فأصاب بها عيبا، وقد أحدث بها حدثا أو حدث عنده،
قيل له: رد ما نقض عندك، وخذ الثمن إن شئت، أو فخذ (1) قيمة العيب. (119) وعن علي (صلع) أنه سئل عن الرجل يشترى الجارية فيطوها (2)، ثم يجد فيها عيبا، قال: تلزمه، وترد عليه قيمة العيب. (120) قال جعفر بن محمد (ص): ذلك إذا لم تكن حبلى، فإن كانت حبلى وقد وطئها، ردها، ورد نصف عشر قيمتها. (121) وعن (ع) أنه قال: من اشترى جارية، ثم وجد بها عيبا ثم أحدث فيها حدثا بعد ما علم بالعيب، قال: تلزمه، وليس له ردها ولا قيمة العيب. (122) وعن علي (ص) أنه قال: العهدة (3) في الرقيق من الداء الاعظم حول، ومن مصيبة الموت ثلاثة أيام. (123) قال جعفر بن محمد (ص): يرد المملوك من أحداث السنة، من الجنون والجذام والوضح والقرن (4) إذا حدث فيها. إلا أن يشترط البائع أن لا عهدة عليه، ولا عهدة في بيع براءة ولا بيع ميراث (5)، ولا عهدة السنة ولا خيار الثلاثة الايام.
= اشترى عبدا فوجده مخنثا أو جارية فوجدها زانية، فهو عيب أو كفر، من مختصر المصنف، ومنه ومن باع أمة على ألف حبلى جاز، وهذا ابتراء من عيب إن كان. (1) ى - خذ. (2) حش ى - أي يأخذ القيمة من بائع السلعة، لا يأخذها من بينهم. (3) حش ى، د - أي على البائع إذا كان في مدة السنة للرقيق الداء الاعظم والمراد بالداء الاعظم الجذام والوضح والقرن. (4) د، ى حش - والوضح كناية عن البرص.
د، ى حش - عيب في الجارية يمنع من الجماع. (5) ط، س (ميراث فيه لا عهدة السنة).
[ 49 ]
فصل (11) ذكر بيع المرابحة (124) روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: قدم لابي رضوان الله عليه متاع من مصر فصنع طعاما وجمع التجار، فقالوا: نأخذه منك بده دوازده (1)، فقال لهم أبيعكم هذا المتاع باثنى عشر ألفا، وكان شراؤه عشرة آلاف، فده دوازده لفظ فارسي، ومعناه العشرة باثنى عشر، وكذلك ده يازده، وهي عشرة بأحد عشر، وهو لفظ يستعمله التجار بالمشرق، يجعلون لكل عشرة دنانير ربح دينار أو دينارين، فكره أبو جعفر (ص) أن يكون الربح محمولا على المال، فرأى أن يكون محمولا على المتاع، كما يبيع الرجل الثوب بربح الدرهم أو الدرهمين، ولا ينبغي أن يجعل في كل عشرة دراهم من ثمنه ربحا معلوما. (125) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه رخص في أن يحمل اجرة (2) القصار والكرى وما يلحق المتاع من مؤنة في ثمنه وبيعه مرابحة يعنى إذا بين ذلك. (126) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يشترى المتاع الكثير، ثم يقوم كل ثوب منه بقيمة (3) ما اشتراه (4)، هل له أن يبيعه مرابحة بتلك القيمة، قال: لا إلا أن يبين للمشترى أنه قومه. (127) وعنه (ع) أنه قال: من اشترى متاعا بنظرة فليس له أن
يبيعه مرابحة إلا أن يبين، فإن كتم بطل البيع، إلا أن يرضى المشترى أو يكون له من النظرة مثل ما (1) للبائع (2). (128) وعنه (ع) أنه قال: من اشترى ثوبا بدينار، فنقد فيه دراهم، فله أن يبيعه مرابحة على أن شراءه دينار، وكذلك إن اشتراه بالدراهم، فنقد فيه دينارا. فله أن يبيعه مرابحة على الدراهم التي اشتراه بها. (129) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يشترى الجارية (3) فيقع عليها، هل له أن يبيعها مرابحة، قال: لا بأس بذلك. فصل (12) ذكر السلم (130) قال الله تع (4): يأيها الذين ء امنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه، الاية، فدل قول الله عزوجل إلى أجل مسمى على أن السلم إلى غير أجل مسمى غير جائز (5). (131) روينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن رسول
(1) ه (خ) - يكون، وفي د (يكون) مشطوب. (2) حش ه، ى - من الاختصار: إلا أن يقول له في حين عقد البيع - هذا يقوم على بكذا وأبيعك إياه بكذا، ولا يقول: تربح كذا. (3) حش ه - وكذلك من اشترى دابة فركبها أو عبدا فاستخدمه أو ثوبا فلبسه إلا أن يكون ذلك نقص منه، وذكر ذلك للمشترى أسلم، وإن لم يذكر فلا شئ عليه، من حاشية مختصر الاثار.
(4) 2 / 282. (5) حش ه - السلم الاسم من أسلم الرجل إلى آخر عينا من دراهم أو دنانير في كيل معلوم أو وزن معلوم وفي الحديث نهى عن بيع الانسان ما ليس عنده. حش ى - إنما يسمى السلم سلما من سليم رأس المال في المجلس.
[ 51 ]
الله (صلع) قال: من باع بيعا إلى أجل لا يعرف أو بشئ لا يعرف، فليس بيعه ببيع (1). (132) وعن علي (ع) أنه قال: لا تسلم إلى حصاد (2) ولا إلى صرام ولا إلى دياس، ولكن أسلم كيلا معلوما إلى أجل معلوم، والصحيح من السلم أن يسلم الرجل إلى الرجل دنانير أو دراهم يدفعها إليه على طعام موصوف بكيل أو بوزن معلوم، ويسمى المكان الذي يقبضه فيه، ويدفع الثمن قبل افتراقهما من المكان الذي تعاقدا فيه السلم، ثم يفترقان عن تراض (3) منهما. (133) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال في رجل أسلف رجلا دراهم على طعام قرية (4) معلومة، لم يبد صلاحه، قال: لا يصلح ذلك، لانه لا يدري هل يتم ذلك (5) أو لا يتم، ولكن يسلم إليه ولا يشترط، ولا بأس أن لا يكون عنده طعام إذا حل عليه اشتراه وقضاه. (134) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس بالسلم في الحيوان أسنانا (6)
(1) حش ه - قال في مختصر المصنف: وإذا كان السلم في شئ موصوف فأتى بأجود منه، فقال: خذ هذا وزدني درهما أو أتى بأردى منه، وقال: خذ هذا وازدد درهما، لم يجز، ومنه، إذا أسلم ما يقال في ما يوزن أو ما يوزن في ما يكال، فذلك جائز. قال في مختصر الاثار: ورخصوا عليهم السلام في الاقالة في السلم أو في بعضه إلى أخذ رأس ماله، فإن زاد شيئا عليه لم يجز
ذلك. (2) حش ى - حصاد الزرع قطعه وصرام النخل قطعها أيضا، وداس الاطعام، دوسا ودياسة ودوس السيف وداست الخيل القتلى وطئتهم. (3) مشكل في س وه، من باب تفاعل. (4) حش ى، قال في مختصر المصنف: ولا بأس بالسلم في الصوف واللبن والسمن، وإذا أسلم في صوف غنم بعينها أو سمونها أو لبانها لم يجزه. (6) س، ط، ع، ى. حذف في ه، د. (5) س، ع. ه - بأسنان. د - أسنان. ط، ى - من أسنان.
[ 52 ]
معلومة إلى أجل معلوم، فإن أعطاه فوق (1) شرطه أو أخذ هو دونه منه عن تراض منهما، فلا بأس. (135) وعنه (ع) أنه قال: ولا بأس بأخذ الرهن والكفيل في السلم وبيع النسيئة. (136) وعن جعفر بن محمد بن علي (ص) أنه قال: لا بأس بالسلم في المتاع إذا وصف طوله وعرضه وجنسه، وكان معلوما. (137) وعنه (ع) أنه قال: من أسلم في طعام أو ما يجوز فيه السلم، فلم يجد الذي أسلم إليه وفاء حقه عند الاجل، فلا بأس أن يأخذ منه بعضه، ويأخذ في الباقي رأس ماله (3) إن كان النصف فالنصف، أو الربع فالربع، أو ما كان بحسابه. (138) وعن علي (ع) أنه قال: إذا أسلم الرجل إلى الرجل في الطعام فلم يجده عند الاجل، وقال: خذ ثمنا بحساب سعر يومه، فلا يأخذ إلا أن يكون رأس ماله لا يزيد عليه، أو يأخذ طعاما كما شرط، وكذلك
الحكم في كل ما يجري فيه السلم. (139) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن رجل أسلفه رجل دراهم في طعام فلما حل عليه (3) بعث إليه بدراهم، وقال: اشتر لنفسك
(1) حش ى - ومنه وسئل جعفر بن محمد ع يسلم في الشئ المعلوم فيأخذ دونه أو يعطى فوقه، قال: لا بأس إذا كان ذلك عن تراض. ومن مختصر المصنف: وإذا كان السلم في شئ موصوف فأتى بأجود منه، فقال: خذ هذا وزدني درهما، أو بأدنى منه، وقال: خذ هذا وازدد درهما لم يجز. (2) حش ى - من مختصر الاثار، ورخصوا عليهم السلام في الاقامة في السلم إذا أخذ رأس ماله، فإن زاد عليه، لم يجز. (3) ه، ى - حل عليه الاجل.
[ 53 ]
واستوف حقك، قال: أرى أن يولى (1) ذلك غيره، ويقوم معه في قبض حقه، ولا يتولى هو شراءه. (140) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يسلم في بيع عشرين دينارا على أن يقرض صاحبه عشرة دنانير، أو ما أشبه ذلك، قال: لا يصلح لانه قرض يجر منفعة. (141) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس إذا حل الاجل ولم يجد صاحب السلم ما أسلم إليه فيه، ووجد دواب (2) أو رقيقا، أو متاعا، أن يأخذها بقيمة ذلك الذي أسلم فيه، وكذلك إن باع طعاما بدراهم، فلما بلغ الاجل قال: ليس عندي دراهم، خذ مني طعاما، قال: لا بأس به، إنما له دراهم، يأخذ بها ما شاء، وكرهوا السلم فيما لا يبقى كالفاكهة، واللحم، وأشباه ذلك.
(142) وعنه (ع) أنه قال في الرجل أسلم على عشرة أقفزة (3) من طعام بعشرة دنانير، فدفع خمسة دنانير على أن يدفع الخمسة الباقية، قال: ليس له إلا خمسة بحسب ما دفع.
(1) ط، ولى. (2) س، ه، ع. د، ط - دوابا. (3) حش ه، ى، - القفيز ثمانية مكاكيك والمكوك ثلاثة أصوع والصاع أربعة أمداد، والمد ثلاث صفاح والصفحة ملاء الكف، فالقفيز أربعة وعشرون صاعا، والرطل اثنتا عشرة أوقية والاوقية أربعون درهما، وقال في مختصر المصنف: ومن أسلم عشرة دراهم في قفيزى حنطة محل أحدهما غير محل الاخر، لم يجز، إلا من يعقد كل قفيز بثمن معين، حاشية.
[ 54 ]
فصل (13) ذكر الشروط في البيوع (143) روينا عن جعفر بن محمد عن آبائه أن عليا (ص) قال: المسلمون عند شروطهم، إلا شرطا فيه معصية (1). (144) قال جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قال: من شرط ما يكره، فالبيع جائز والشرط باطل، وكل شرط لا يحرم حلالا ولا يحلل حراما، فهو جائز. (145) وعنه (ع) من باع جارية فشرط أن لا تباع ولا توهب ولا تورث فإنه يجوز كله إلا الميراث، وكل شرط خالف كتاب الله، فهو رد إلى كتاب الله، ومن اشترى جارية على أن تعتق أو تتخذ أم ولد فذلك جائز، والشرط له لازم. (146) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل باع عبدا فوجد المشترى مع العبد
مالا، قال: المال رد (2) على البائع إلا أن يكون قد اشترطه المشترى، لانه إنما باع بنفسه ولم يبع ماله، وإن باعه بماله، وكان المال عروضا وباعه بعين، فالبيع جائز، كان المال ما كان، وكذلك إن كان المال عينا وباعه
(1) حش ه، ى - من مختصر المصنف: الشروط تنقسم على ثلاثة أقسام، قسم يجوز فيه البيع، ويبطل الشرط، إن اشترط البائع على المشتري أن لا يورث المبيع عنه وما أشبهه. وقسم يفسد فيه البيع والشرط، مثلا أن يشتري شيئا ويشترط على البائع أن يقرضه قرضا أو يشترى منه قمحا يشترط أن يطحنه أو سمسما يشترط أن يعصره، أو شاة يشترط أنها حامل أو يشترط ولدها أو يحلب كذا وكذا، أو ما أشبه ذلك، وقسم يصح فيه البيع والشرط، مثل أن يبيع جارية على أن يعتقها، أو دارا على أنه يسكنها شهرا. (2) س - رد، ه - رد، د - يرد، ى، ع - رد.
[ 55 ]
بعروض، وإن كان المال عينا وباعه بعين مثله لم يجز، إلا أن يكون الثمن أكثر من المال فتكون رقبة العبد بالفاضل إلا أن يكون المال ورقا والبيع بتبر، أو المال تبرا والبيع بورق فلا بأس بالتفاضل فيه لانه من نوعين (1). فصل (14) ذكر الاقضية في البيوع (147) قال الله عزوجل (2): لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم. فحرم عز وجل مال المسلم بغير رضى (3) منه، ومعرفة الرضى بالبيع فيما لا أعلم فيه اختلافا، أن يقول المشترى للبائع وهما طائعان غير مكرهين، بعنى هذا بكذا، فيقول: قد بعتك (4) هذا بكذا. فيقول المشتري: قد اشتريته، وهما عالمان بالمبيع ثم يفترقان عن تراض منهما.
(148) روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن الرجل يبتاع من الرجل المأكول (5) أو الثوب وأشباه ذلك، مما لا يكتب الناس فيه الوثائق (6) ويقبض المشترى، ويزعم أنه دفع إليه الثمن وينكر البائع القبض، فقال (ع) القول في هذا قول المشترى مع يمينه، إذا كان الشئ في يديه، وإن لم يخرج من يد البائع، فالقول قوله، وعليه اليمين، أنه
(1) ه - لانه نوعان. (2) 4 / 29. د، ى زي (يأيها الذين آمنوا) لا تأكلوا إلخ. (3) س، ط، د، ى - رضا ه. ع رضى صح. (4) ه، ط، فيقول: قد: قد بعتكه، أو يقول البائع: قد بعتك هذا بكذا. (5) (المشروب) مكتوب أصلا ومشطوب في متن س. وفي ط، نسخة. (6) حش ى - الوثائق الخطوط.
[ 56 ]
ما قبض ثمنه إلا أن يكون عند المشتري بينة بالدفع، وإن كان المبيع مما يكتب الناس في مثله الوثائق ويتشاهدون فيه، كالحيوان والرباع (1) وأشباه ذلك، واختلفا في الثمن فقال المشترى: قد نقدتك، وقال البائع: لم تنقدني، وقد قبض المشتري المبيع أو لم يقبضه (2)، فعلى المشترى البينة بأنه قد دفع كما ادعى، وعلى البائع اليمين بأنه ما قبض كما أنكر، قيل له، فإن كانت السلعة بأيديهما معا لم يبن بها المشترى ولم تفارق البائع، قال: القول قول البائع مع يمينه، وعلى المشترى البينة فيما ادعاه من دفع الثمن. (149) وعن علي (ع) أنه قال: لا يجوز على مسلم غلط في بيع. (150) قال جعفر بن محمد (صلع): إذا باع رجل من رجل سلعة،
ثم ادعى أنه غلط في ثمنها وقال: نظرت في برمانجى (3) فرأيت فوتا من الثمن وغبنا بينا. قال: ينظر في حال السلعة، فإن كان مثلها تباع بمثل ذلك الثمن أو بقريب منه مثل ما يتغابن الناس بمثله، فالبيع جائز، وإن كان أمرا فاحشا وغبنا بينا، حلف البائع بالله الذي لا إله إلا هو على ما ادعاه من الغلط، إن لم تكن له بينة، ثم قيل للمشتري: إن شئت فخذها بمبلغ الثمن (4) وإن شئت فدع.
(1) حش د - الرباع أي الدار، ط - بكسر الفاء والرباع جمع ربع أيضا وهو محلة القوم، وفي الحديث - عائشة تبيع رباعها من -. (2) ه، د، ط، ى، ع. س - لم يقبض. (3) حش ى: وهو لفظ تركي أو فارسي وليس من العرب، في نسخة (برمانجي) وفي أخرى (بارنامى)، ود: الورقة الجامعة للحساب، وط: وهو لفظ تركي أي دفتر، وأصله فارسي (بدنامه)، وفي القاموس: البارنامج الورقة الجامعة للحساب معرب برنامه. (4) چه، ط: القيمة.
[ 57 ]
(151) وعن أبي جعفر محمد بن علي (صلع) أنه قال: من وكل وكيلا (1) على بيع وباعه له بوكس (2) من الثمن، جاز البيع عليه، إلا أن يثبت أنه تعمد الخيانة أو حابى المشترى، وكذلك إن وكله على الشراء فتغالى فيه، فإن لم يعلم أنه تعمد الزيادة، أو خان أو حابى، فشراؤه جائز عليه، وإن علم انه تعمد شيئا من الضرر، رد بيعه وشراؤه، وإن وكله على بيع شئ، فباع له بعضه، وكان ذلك على وجه النظر فالبيع جائز. قال: وإن أمر رجلين أن يبيعا له عبدا فباعه أحدهما، لم يجز بيعه إلا أن يجعل البيع لكل واحد منهما على الانفراد إن انفردا، ولهما معا إذا اجتمعا.
(152) وعن علي (صلع) أن رجلين اختصما إليه فقال أحدهما: بعت هذا قواصر (3) واستثنيت خمسا منهن لم أعلمهن في وقت البيع، وبعض القواصر أفضل من بعض. قال علي (ص) البيع فاسد لان الاستثناء وقع على شئ مجهول. (153) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه سئل عن رجل اشترى جارية من رجل على حكمه (4) يعني حكم المشتري، فدفع إليه مالا فلم يقبله البائع فقال المشتري: قد حكمتني وهذا حكمي، فقال (ع) إن كان الذي حكم به، هو قيمتها، فعلى البائع التسليم، وإن كان دون ذلك، فعلى المشتري أن يكمل له القيمة.
(1) حش ه، ى - من وكل وكيلا يشتري له جارية بعينها، فاشتراها لنفسه بمال مولكه، ووطئها واستولدها، كانت الامة وولدها للموكل ولا يثبت نسب الولد لانه وطء من لا يحل له. من المطلب. (2) حش ى: الوكس النقص، يقال: لا وكس ولا شطط أي لا نقص ولا زيادة. من الديوان. (3) حش ه، ى - القوصرة من أوعية التمر وجمعها قواصر. (4) حش ه - ومن مختصر المصنف: ومن باع سلعة من رجل ثم استقاله البيع، فأقاله على شئ تركه له من الثمن، فله أن يأخذ ما ترك له، حاشية.
[ 58 ]
(154) وعن جعفر بن محمد (ص) (1) أنه قال: إذا باع السلطان أو القاضي مال رجل فقضى به ديونه، فاستحق (2) المال وغاب الغريم أو أفلس، فليس يرجع على السلطان ولا على القاضي بشي (3)، وإنما الدرك على الغريم الاخذ، وعلى رب المال إن كان له مال. (155) وعنه (ع) أنه قال: ليس للوصي أن يتجر بمال اليتيم، فإن
فعل كان ضامنا لما نقص، وكان الربح لليتيم. (156) وعنه (ع) أنه قال في رجل مملوك أعطى رجلا مالا ليشتريه به ويعتقه، قال: لا يصلح ذلك، فإن فعل ذلك (4) واشتراه به وأعتقه، ثم علم السيد أن المال كان لعبده، فالمال له والعبد عبده بحاله، ولايجوز عتق من أعتقه إلا أن يدفع إليه المال من عند نفسه (5).
(1) س، د. ه، ط، ع - وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص). (2) ه - واستحق. (3) حش ه - قال في الاقتصار: إذا باع السلطان على مدة أو غائب أو طفل، فالعهدة على البيع عليه، ولا عهدة على السلطان ولا من أقامه السلطان، وقال في الاختصار (يعني مختصر الاثار): ما باعه القاضي أو السلطان في ما وجب من دين أو على طفل أو في ما أشبه ذلك، فليس على من أمر ببيع ذلك عهدة ولا درك، وذلك في مال من يبيع عليه أو في ذمته إن لم يكن له مال، تمت الحاشية. (4) حذف في ه، د. (5) حش ى - من مختصر الاثار، ومن اشترى مملوكا، فأصاب معه مالا فإن المال لبائعه إلا أن يكون المبتاع اشترط في عقد البيع، فإن اشترطه فليس للبائع أكثر من ثمن العبد، وهذا لانه شئ يكون للعبد وفي يديه إذا كان مجاوزا لثمنه، فليس ذلك مما يدخل مدخل الرباء المنهى عنه، سيما إن كان عروضا أو كان عينا، واشترى العبد بورق أو ورقا واشترى بعين، تمت الحاشية. ومن الاختصار قال جعفر بن محمد الصادق (ص) في رجل اشترى سلعة من رجل ثم استقاله، فأبى أن يقيله، فترك له من الثمن، فأقاله على ذلك، قال، يأخذ منه ما ترك له إن كان قد أقاله وإن كان البائع اشترى منه السلعة بدون ما باعها به منه، فذلك جائز، والاقالة لا تكون بوضع شئ من الثمن، وقال في مختصر الايضاح: من اشترى ثوبا بعشرة فاستقال صاحبه، فأبى، فقال خذ خمسة وخذ ثوبك ففعل فالاقالة تلزمه ويرد الخمسة، ومن رد ثوبا على البائع، فأبى أن يقبله إلا بوضعية (؟) =
[ 59 ]
(157) وعنه أنه سئل عن رجلين باع كل واحد منهما حصته من دار بحصة لصاحبها من دار أخرى، قال: ذلك جائز إذا علما جميعا ما باعاه واشترياه، فإن لم يعلماه أو لم يعلمه أحدهما، فالبيع باطل. (158) وعن علي (ص) أنه سئل عن رجلين اشتريا سلعة من رجل، وذهبا ليأتياه بالثمن، فأتاه أحدهما به، وقال له أن يقبض السلعة إذا دفع الثمن كاملا، فإن جاء بعد ذلك صاحبه يطلبه، فليس له ذلك، إلا أن يدفع إلى شريكه نصف الذي أداه. (159) وعنه أنه سئل عن رجل كان عاملا للسلطان فهلك، فأخذ بعض ولده لما كان على أبيه، فانطلق الولد، فباع دارا من تركة أبيه وأدى ثمنها إلى السلطان، وسائر ورثة الاب حضور للبيع لم يبيعوا، هل عليهم في ذلك شئ قال (ع): إن كان إنما أصاب تلك الدار من عمله ذلك، وغرم ثمنها في العمل، فهو عليهم جميعا، وإن لم يكن ذلك، فلمن لم يبع من الورثة القيام بحقه، ولا يجوز أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه. (160) وقد روينا عن رسول الله (صلع) أنه قال في حجة الوداع: دماؤكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. (161) وعن علي (ص) أنه قضى في وليدة باعها ابن سيدها (1) فأنكر
= فلا يصلح فإن جهل وأخذه وباعه بأكثر من ثمنه، رد على صاحبه الاول ما زاد، فان باعه من البائع الاول بيعا، فنقصه من الثمن الذي اشتراه فذلك جائز، ولايجوز أخذ فدية في إقالة إلا مبايعة بعقد ثان، حاشية. (1) حش ى - من مختصر المصنف: من اشترى جارية بعبد وتقايضا فأعتقها المشترى ثم
وجد العبد حرا فعتق الجارية فأخذه (هذا) باطل.
[ 60 ]
البيع فقضى أن يأخذ وليدة (1) يؤدى (2) الثمن الولد البائع. (162) وعن رسول الله (صلع) أن سبيا قدم (3) عليه من البحرين فصفوا بين يديه فنظر إلى امرأة منهم تبكي فقال: ما يبكيك، قالت: كان لي ولد بيع في بني عبس، قال رسول الله (صلع): ومن باعه، قالت: أبو أسيد الانصاري، فغضب رسول الله (صلع) وقال: لتركبن فلتجيئن به كما بعته، فركب أبو أسيد فجاء به. (163) وعن رسول الله (صلع) أنه بعث زيد بن حارثة فأصاب سبيا فيهم ضميرة مولى علي (ع)، فأمر رسول الله (صلع) ببيعهم، ثم خرج فرآهم يبكون، فقال: ما لهم يبكون، قالوا: فرق بينهم وهم إخوة، قال: لا تفرقوا بينهم، بيعوهم معا (4). فصل (15) ذكر أحكام الديون (164) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: إن الله مع الدائن حتى يقضى دينه ما لم يكن فيه ما يكره الله. (165) وعنه (صلع) أنه قال: من أقرض قرضا كان له مثله صدقة، فلما كان من الغد، قال: من أقرض قرضا كان له مثله كل يوم صدقة،
(1) ى حش - الوليدة ها هنا الامة. (2) س، د، ع. ه، ط، ى - يرد. (3) ى - قدموا.
(4) حش ه، ى - قال في الاختصار: ولا يفرق بين ذوي الارحام إلا أن يكونوا بالغين ورضوا بذلك، وإذا أسلم رقيق أهل الذمة، بيعوا عليهم.
[ 61 ]
وقال علي (ع): يا رسول الله قلت لنا أمس: من أقرض قرضا كان له مثله صدقة، وقلت لنا اليوم: من أقرض قرضا كان له مثله كل يوم صدقة، قال: نعم، من أقرض قرضا كان له مثله صدقة، فإن أخره بعد محله، كان له مثله كل يوم صدقة. (166) وعن علي (ص) أنه قال: لا يأخذ أحدكم ركوب دابة ولا عارية متاع من أجل قرض، أقرضه، وكان يكره أن ينزل الرجل على غريمه أو يأكل من طعامه، أو يشرب من شرابه أو يعلف من علفه. (167) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه سئل عن الرجل يقرض لمنفعة، قال: كل قرض جر منفعة فهو ربا (1). (168) وعن جعفر (2) بن محمد (ص) أنه سئل عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلة فيرد عليه الدراهم الطازجة (3) طيبة بها نفسه، قال: فلا بأس بذلك. (169) وعن علي (ص) أنه قال: من أقرض ورقا، فلا يشترط إلا رد (4) مثلها، فإن قضى أجود منها فليقبل. (170) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه سئل عن الرجل يكون له على الرجل الدراهم أو المال، فيهدي إليه الهدية، قال: لا بأس
(1) حذفت الرواية في س فقط، فهو سهو الكاتب. (2) س، ط، وعن أبي جعفر محمد بن علي. (3) س، د، - الطارجة، ه، ط، ع، ى الطارجية.
والصحيح (الطازجة) كما في القاموس - الطازج الطرى معرب (تازه) وعن الحديث الصحيح، الجيد النقي، وحش ى - وقوله طارجة أي خالصة نقاء وهو إعراب تازه، - وفي مجمع البحرين: في الحديث الدراهم الطازجية بالطاء غير المعجمة والزاء والجيم أي البيض الجيدة، وكأنه معرب (تازه) بالفارسية. (4) س - إلا مثلها.
[ 62 ]
بها، فكل ما جاء في هذا المعنى، فالوجه فيه أن اشتراط النفع واستجلاب صاحب الدين إياه مكروه، فإن أعطى شيئا عن طيب نفس منه، مثل هدية ونحوها، فلا بأس به. (171) وعن علي (ص) أنه أعطى مالا من مدينة وأخذه بأرض أخرى. (172) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه رخص في السفاتج، وهي المال يستسلفه الرجل بأرض ويقبضه بأرض أخرى. (173) وعنه (ع) أنه سئل عن القوم يبتاعون (1) بالعينة (2) فإذا (3) اتفقوا أدخلوا بينهم بيعا، قال: ولم ذلك؟ قال: يكرهون الحرام، قال: من أراد الحلال فلا بأس، ولو أن رجلا واطأ امرأة على فجور حتى اتفقا، ثم بدا لهما فتناكحا نكاحا صحيحا، كان ذلك جائزا. (174) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يقول للرجل: ابتع لي متاعا حتى أشتريه منك بنسيئة، فابتاع له من أجل ذلك، قال: لا بأس، إنما يشترى منه بعد ما يملكه، قيل له: فإن أتاه يريد طعاما أو بيعا بنسيئة، أيصلح أن يقطع سعره معه، ثم يشتريه من مكان آخر، قال: لا بأس بذلك (4). (175) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يكون له على الرجل الدين إلى
أجل مسمى، فيأتي غريمه، فيقول: عجل لي كذا وكذا، وأضع عنك
(1) س، د. ه، ط، ى، ع - يتبايعون. (2) حش س، د، ى، ع - والعينة مثل ما يريد أن يأخذ دراهم أكثر مما أعطاه، فهذا مما لا يحل، ويدخل فيما بينهما عروضا أو شيئا من العين ليحل البيع بينهما. (3) حش ى - من نسخة قديمة - حتى إذا ص. (4) حش في ى - يعني يقول الرجل للرجل: أعط لي عشرة صياع بعشرة دنانير، نسيئة، فيقول له: نعم، ويقع السعر معه، ولم يكن عنده شئ من الطعام يشتري من مكان عشرة صياع بتسعة دنانير أو ثمانية دنانير نقدا (؟) ويعطيه لذلك.
[ 63 ]
بقيته، أو أمد لك في الاجل، قال: لا بأس به إن هو لم يزدد على رأس ماله، ولا بأس أن يحط الرجل دينا له إلى أجل ويأخذ مكانه. فصل (16) ذكر الحوالة والكفالة قال الله عز وجل في قصة يوسف (1): قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون * قالوا: نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم. فالزعيم الكفيل، وهو الحميل أيضا، والقبيل والصبير والضمين هذه كلها أسماء الكفيل. (176) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال لرجل من بني هلال سأله (2) وقال: يا رسول الله إنى رجل كنت تحملت (3) بحمالة، فقال رسول الله (صلع). لا تحل المسألة إلا لثلاثة، لرجل تحمل بحمالة حتى يصيبها، ورجل أصابته جائحة (4)، ورجل أصابته فاقة شديدة.
(177) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال في رجل كانت له على رجل دراهم، فأحاله بها على رجل آخر (5) قال: إن كان حين أحاله
(1) 13 / 71 - 73. (2) حش ى - أي لا يحل السؤال إلا لرجل ضمن مثل الرجل على مائة دينار، فهرب الرجل فأخذ ولم يكن عنده شئ من المال، فيحل له أن يسأل الناس حتى يقضي دين حمالته. (3) س - حملت وهو ضع. (4) حش ى - الجائحة: الشدة التي تجتاح المال من (سنة أو فتنة، وأصابته جائحة يعني قطع عليه الطريق أو سرق في بيته ونحو ذلك. (5) حش ه، ى - من مختصر المصنف: إذا كانت الحوالة على مفلس والمحال لا يعلم، =
[ 64 ]
أبرأه، فليس له أن يرجع عليه، وإن لم يبرأه، فله أن يأخذ أيهما شاء إذا تكفل له المحال عليه. (178) وعنه (ع) أنه قال: إذا كان لرجل على رجل دين فكفل له به رجلان، فله أن يأخذ أيهما شاء، فإن أحاله أحدهما لم يكن له أن يرجع على الثاني إذا أبرأه، وإذا تكفل رجلان لرجل بمائة دينار على أن كل واحد منهما كفيل بصاحبه بما عليه، فأخذ أحدهما فللمأخوذ أن يرجع بالنصف على شريكه في الكفالة، وإن أحب رجع على المكفول عنه وإذا أخذ الرجل من الرجل كفيلا بنفسه، ثم أخذ منه بعد ذلك كفيلا آخر، لزمتهما الكفالة جميعا. (179) وعنه (ع) أنه قال: إذا تحمل الرجل بوجه الرجل (1) إلى أجل، فجاء الاجل من قبل أن يأتي به وطلب الحمالة حبس، إلا أن يؤدي عنه ما وجب عليه، إن كان الذي يطلب به معلوما، وله أن يرجع به
عليه، وإن كان الذي قد طلب به مجهولا، ما لابد فيه من إحضار الوجه (2)
كان له أن يرجع بحقه على المحيل، وإن كان قد أبرأه لانه قد غره، وإن كان المحال علم بإفلاس المحال عليه، وقبل الحوالة ورضى بها، لم يكن له الرجوع عليه، إذا كان قد أبرأه على علم، وإذا كانت الحوالة بمال حال، فقبل ذلك المحال عليه وهو موسر فأخره المحال اختيارا منه حتى أعسر المحال عليه لم يكن للمحال رجوع على المحيل، ويجوز الحوالة بين الاجنبيين والاقارب في جميع أصناف الديون. إذا تكفل الرجل بنفس رجل أو بوجهه أو بجسده أو بجزء منه شائع فهو كفيل بوجهه، من مختصر الصنف. (1) حش ه - إذا كفل رجل على رجل بأمره بدراهم وهي على المكفل عليه إلى أجل كان للكفيل إن لم يتم أجلا إلى ذلك الوقت الذي للمكفل عليه، فإن مات الكفيل قبل الاجل حلت في ماله، ولا يرجع بها ورثته على الامر إلا في الاجل، ولو مات الذي عليه الاصل قبل الاجل حلت في ماله، ولم تحل على الكفيل، إلا في الاجل، ولا يبرأ الكفيل بالمال بإحضار المكفل، من مختصر المصنف. ومنه إذا كفل رجل بنفس رجل، فمات الطالب كان لوصيه أن يأخذ بها وإن لم يوص أخذه الورثة، وأي الورثة أخذه به فله ذلك، ويبرأ الكفيل من دفعه إليه، ولا يبرأ من بقية الورثة، والكفالة بالمال في المرض بمنزلة الوصية، تمت حاشية. (2) ه، ى، ط، د، ع. س - قد طلب به مالا مجهولا، ما لا بد منه فيه من الاحضار كان عليه إحضاره إلخ.
[ 65 ]
كان عليه إحضاره إلا أن يموت، وإن مات فلا شئ عليه. (180) وعنه (ع) أنه قال: إذا كفل العبد المأذون له في التجارة بكفالة لم يلزمه ذلك، إلا أن يأذن له السيد في الكفالة. (181) وعن علي (ص) أنه قال: لا كفالة في حد (1) من الحدود.
فصل (17) ذكر الحجر 2 والتفليس (182) قال الله عز وجل (3): وابتلوا اليتمى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم (4) منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم الاية، فأمر الله عز وجل بابتلاء اليتامى إذا بلغوا النكاح، فإن أونس الرشد منهم دفعت إليهم أموالهم، فدل ذلك على منع من لم يؤنس منه الرشد من ماله، وإن بلغ النكاح، لان الله عز وجل لم يأذن في ذلك إليه إلا بشرطين، ببلوغ (5) النكاح والرشد.
(1) ه، ى حش - ولا تجوز الكفالة بحد ولا قصاص ولا بشئ من الامانات إلا أن يضمنها إن استهلكها المؤمن فيجوز الضمان. حش ى - يعني إذا كان وجب على أحد حد الزنا مثلا، فلا يجوز لاحد من بعد أن يجب عليه أن يقول: اتركوا هذا الرجل إلى الصباح وأتضمن أن أعطيه لكم فيه، فإن لم أعط فاضربوني مكانه، بل إذا وجب الحد على رجل ضرب ولم يؤخذ له في ذلك الضمان، وإن لم يصح وكانت فيه شبهة حبس حتى يثبت. (2) حش ى - الحجر المنع في اللغة، والتفليس أصله في اللغة العدم وهو مأخوذ من الفلوس وهي أخص مال الانسان. (3) 4 / 6. (4) حش س - أي علمتم. (5) حش ه، ى - يستدل على البلوغ بإنزال المنى وإنبات الشعر على العانة دليل عليه، وبالسن إذا عدم ذلك، فالسن تختلف فيه أحوال الناس، فمنهم من يبلغ في إحدى عشرة سنة وهي أقل مدة يبلغ فيها مثلها، ومنهم من يبلغ في ثلاث عشرة وهي أوسط المدة ومنهم من يبلغ في خمس عشرة سنة، ويستدل على بلوغ الجارية بمثل ذلك، وللجارية علامتان للبلوغ لا تختص بالغلام، ولا تكون إلا للبلوغ، وهي الحيض والحبل، فإن الجارية متى حاضت أو حبلت كانت بالغا، ومتى ولدت =
[ 66 ]
(183) وعن جعفر بن محمد (ص) (1) أنه قال في ولي اليتيم إذا قرأ القرآن واحتلم وأونس منه الرشد (2) دفع إليه ماله، وإن احتلم، ولم يكن له عقل يوثق به لم يدفع إليه وأنفق (3) منه بالمعروف عليه. (184) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: رحم الله مؤمنا تكلم فغنم أو سكت فسلم، إني أكره لكم عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السوال فرحم الله مؤمنا كسب طيبا وأنفق قصدا (4) وقدم خيرا. وما كرهه رسول الله (صلع) فغير جائز استعماله، ويجب المنع منه، ومن فعله (5)، وقد أجمع المسلمون على أن المغلوب على عقله يمنع من ماله ويحفظ عليه لجهله (6) فالصحيح إذا فعل ما نهى عنه أولى أن يمنع من الفساد، وقد نهى الله عز وجل عن التبذير فقال: ولا تبذر تبذيرا، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين (7). (185) روينا عن علي (ص) أنه بلغه عن عبد الله بن جعفر تبذير، فأخذ بيده، وأتى به عثمان، فقال له: احجر على هذا، فقال له عثمان: كيف أحجر على رجل شريكه الزبير بن العوام، وما أدرى لهذا القول مخرجا من الحق (8).
= قضى بكونها بالغا قبل ولادتها بستة أشهر، وهي أول مدة الحبل، من المطلب في فقه المذهب عن الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين. (1) زيد في س - عن أبيه عن آبائه. (2) ه، ى، د، ط، ع. س - آنس منه الرشد. (3) س - أنفق، ه - أنفق. (4) حش ى - القصد الانفاق بين التبذير والتقتير. (5) ه - ويجب المنع من فعله، ى - ويجب المنع منه.
(6) في س، ط زيد بين السطور - بحفظه. (7) 17 / 26 - 27. (8) حش ه وى - قال الله (تع): ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك، ولا تبسطها كل البسط، ومثل ذلك يجب على ظاهر الحكم في من بذر ماله أن يضرب على يده، ومن قتر على نفسه =
[ 67 ]
(186) وقد روينا عن عثمان أنه مر بسبخة اشتراها عبد الله بن جعفر بستين ألفا، فقال: ما يسرني أنها لي بنعلي هذه، ثم لقى عليا (ع) فقال: ألا تأخذ على يد ابن أخيك وتحجز عليه اشترى سبخة بستين ألفا ما يسرني أنها لي بنعلي هذه. وهو ههنا يأمره (1) بالحجر (2) عليه، والاخذ على يديه، وعندما أتاه به (3) الوصي (ص) يأمره بالحجر عليه اعتل في ترك ذلك، بأن الزبير شريكه، وليس في شركة الزبير إياه ما يسقط الواجب عنه، وهذا بين لمن تدبره. (187) وعن علي (ص) أنه قال: إذا أفلس الرجل وعنده متاع رجل بعينه فهو أحق به. (188) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن القوم يكون لهم على الرجل دين، فأدرك رجل (4) منهم بعض سلعته في يديه، ما حاله،
= وهو يجد أن ينفق عليه من ماله بالمعروف، ولا يخلي بينه وبين إهلاك نفسه وعياله، ويقتصد بمن بذر، ويؤخذ ماله من يديه ويصير من بذر أو قتر في محل من يولى عليه ولا يلى على نفسه، ولا على غيره، من كتاب التعقيب والانتقاد، حاشية. (1) نسخة في س - يأمرنا. (2) حش ى - إذا فك عن المحجور عليه الحجر ثم تبين أنه غير رشيد رد في الحجر، ثم نظر ما فعل، فما جرى على الصلاح كان ماضيا، وما جرى بخلاف ذلك كان مردودا، أو كلما صار
سفيها حجر عليه. وإذا أعتق البالغ المحجور عليه جاز عتقه، وسعى العبد في قيمته وإن دبر عبد خدمة حتى يموت، فإن مات ولم يؤنس رشده سعى العبد في قيمته، وما أوصى عند موته من الاجور المستحسنة بغير سرف ولا سفه وفي وجوه البر جاز وإذا تزوج الرجل البالغ المفسد لماله جاز نكاحه وبطل الفضل عن مهر المثل للمرأة مما سمى، فإن طلقها قبل الدخول وجب لها نصف المهر في ماله، وإذا أقر المحجور عليه بقتل عمد قتل أو بسرقة قطع أو بقذف حد، وإذا بلغ الغلام مفسدا فلم يرفع أمره إلى القاضي حتى بلغ، ووهب وتصدق ثم رفع أمره بطل جميع ذلك، وإن استهلك الثمن نقض القاضي البيع ولم يلزم المحجور عليه من الثمن الذي تناوله شيئا، من مختصر المصنف. (3) ه - أتاه الوصي. (4) ه، د، الرجل.
[ 68 ]
فقال (ع): يخير أهل الدين بأن يعطوا الذي أدرك متاعه ماله ويأخذوا المتاع أو يسلموا إليه ما أدرك من متاعه، قيل له: فإن اختاروا آخذ المتاع فربحوا فيه أو وضعوا ما حالهم، قال (ع): الربح والوضيعة (1) للذي عليه الدين وله عليه ما بقى (2). (189) وعنه (ع) أنه قال في رجل لحقه دين ففلس (3) لغرمائه، ثم أعطاه بعد التفليس رجل مالا قراضا (4) فربح في مال القراض أو لم يربح ما حاله، فقال عليه السلام: الذين داينوه بعد التفليس أولى من المقارض (5) ومن غرمائه الاولين، والمقارض أولى من الذين داينوه قبل التفليس وإن كان المقارض لم يفلس، وهو يتجر بوجهه إلا أنه معدم، فقال: هذا المتاع بعينه، وهذا المال بعينه لفلان، فإنه يصدق وصاحب أصل المال القراض أولى به (6).
(190) وعنه (ع) أنه قال: المفلس إذا قام عليه الغرماء فإنه يبدأ منهم بقبض حقه مما وجد في يديه كل عامل عمل فيه (7) أو أجير استوجر
(1) حش ى - المقارضة أي صورة، أن يدفع إليه مالا يتجر فيه والربح بينهما على ما يشترطان، من ق. والوضيعة على المال. (2) (وله عليه ما بقى) خه في د، وحذ في ى. (3) كذا في ى. (4) حش ه - شركة القراض هو أن يدفع الرجل إلى رجل ما لا يتجر به، ويكون الربح بينهما على ما يتفقان عليه، وتكون الوضيعة على رأس المال. (5) س - المقارض 4. (6) حش ه - ومنه يحبس في كل دين ما خلا دين الولد على الوالدين أو على بعض الاجداد من قبلها، ويحبس الاب في نفقة الولد، ولا تشبه النفقة الدين، ويحبس المسلم للذمي في دينه، والزمن للصحيح، تمت حاشية، حش ى - أي فيأخذ الغرماء بعد ذلك أي بعد أن يأخذ العامل أجرة عمله، ويأخذ الاجير أجرته، ويعطى ثمن دابة وما بقى بالقسمة. (7) ه، ى، د، زد - بأجرته.
[ 69 ]
عليه بأجرته، أو بثمن دابته، إن كان عليه قد عملت فيه أو ما أشبه ذلك، ويكون الغرماء بعد ذلك أسوة (1). (191) وعنه (ع) أنه قال: من ابتاع عبدا أو أمة أو متاعا فتصدق بالمتاع أو أعتق العبد أو الامة (2)، فلما قام عليه البائع لم يجد عنده مالا، ولم يكن له مال. قال: أما العتق والصدقة فيردان والبائع أحق بعبده حتى يستوفى الثمن الذي باعه به، وإن كان في ثمن العبد فضل إذا بيع أعتق منه بحساب ذلك الفضل، وإن كان في الصدقة فضل مضى ذلك الفضل
لمن تصدق به عليه (3). (192) وعنه (ع) أنه قيل له: مات مولى لعيسى بن موسى وترك عليه دينا كثيرا، وترك غلمانا كثيرا، يحيط دينه بأثمانهم وأعتقهم عند الموت، فسأل عيسى بن موسى ابن شبرمة وابن أبي ليلى عن ذلك، فقال له ابن شبرمة: أرى أن تستسعاهم في قيمتهم، فتدفعها إلى الغرماء فإنه قد أعتقهم عند موته، فقال ابن أبي ليلى: أرى أن تبيعهم، وتدفع أثمانهم إلى الغرماء، فليس له أن يعتقهم وعليه دين يحيط بأثمانهم (4)، فقال: عن رأي أيها
(1) حش ه، ى - قال في مختصر الاثار، وإن أفلس وعليه ديون لجماعة وعنده مال لا يفي بديونه قسم ما في يديه على الغرماء وبالحصص ويأخذ كل واحد منهم بقدر دينه، وينقص بقدر ذلك كرجل أفلس وعليه لرجل مائة دينار ولاخر مائتان ولم يوجد في يديه غير ثلاثين دينارا، فيكون لصاحب المائة عشرة ولصاحب المأتين عشرون، حاشية. (2) حش ه - ى - من مختصر الاثار، ومثل هذا جاء عن أمير المؤمنين صلوات (الله عليه) (أن أم الولد تباع في ثمن رقبتها يعني إذا اشتراها وليس له مال غيرها، فأولدها، وإن كان له مال أخذ البائع بحصته مع الغرماء، وكان ما بقى له في ذمة المعتق يطلب به متى أيسر، وعليه يؤديه إليه وأيهما أيسر من المعتق، كان له أن يطلبه، فإن أيسر المعتق لم يكن له أن يرجع على ام ولده، ولا على الذي عتقه. (3) حش ى - ورد الباقي، من الحواشي. (4) س، ع. ط، ى، د، ه - يحيط بهم، ونسخة (بين السطور في ه): بأثمانهم.
[ 70 ]
أهدر، قيل: عن رأي أبي ليلى، وكان له في ذلك هوى، فباعهم وقضى دينه، فقال: أما والله، إن الحق لفي ما قال ابن أبي ليلى، وذكر بعد هذا احتجاجا طويلا.
(193) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل عليه دين وهو قائم بوجهه يشتري ويبيع، فتصدق على ولده أو غيرهم بصدقة، هل يجوز ذلك قال: صدقته جائزة، وأمره كله جائز من عتق أو بيع أو شراء (1) فإن ادعى المتصدق عليه أنه كان يوم تصدق يبيع ويشتري وهو قائم بوجهه سئل البينة على ذلك، فإن لم يدع ذلك، لم يسأل البينة، وعلى أصحاب الدين البينة، إنه كان يومئذ مفلسا، لا يبيع ولا يشترى، فإن أقاموا البينة على ذلك، وإلا فلا شئ لهم. (194) وعنه (ع) أنه قال: لا يجوز عتق رجل وعليه دين يحيط بماله ولا هبته ولا صدقته إن كانت الديون التي عليه حالة أو إلى أجل قريب أو بعيد إلا أن يأذن له غرماؤه، وإن قال: هذه الجارية ولدت مني يريد أن يمنعها من أن تباع، لم يصدق إلا أن يكون ذلك معلوما مشهورا، فأما بيعه وابتياعه فجائز. (195) وعنه (ع) أنه قال: وإذا لحق الرجل دين وله عروض ومنازل، فباعها في خفية من الغرماء، ثم تغيب أو هلك، وقد علم المشترى أن عليه دينا أو لم يعلم، أو تغيب البائع وقام الغرماء على المشتري، فقال: باع مني ليقضيكم، قال: إن كان يوم باع قائم الوجه لم يفلس به ولم يضرب على يده، وباع بيعا صحيحا ممن لم يهتم أن يكون إلجاء (2) ذلك
(1) س - شراى، ه - شرى. (2) حش ه - ألجأه عليه أي اضطره.
[ 71 ]
إليه ويثبت (1) بيعه بالبينة العدول (2) جاز بيعه، وكذلك يقبل إقراره ما لم يفلس، فإذا أفلس لم يقبل إلا ببينة إذا دفعه الغرماء، وسئل (ع)
عن معنى التفليس فقال: إذا ضرب على يديه ومنع من البيع والشراء فذلك التفليس، ولا يكون ذلك إلا من سلطان. (196) وعنه (ع) أنه قال: ليس يمنع المفلس من النكاح، ولا لزوجته أن تمنعه من نكاح غيرها لمكان مهرها، وهي كأحد الغرماء، وما قضى من ديونه أو فعل وهو قائم الوجه لم يرجع عليه (3). (197) وعن علي (ع) أنه قال: لا حبس على معسر (4)، قال الله (ع ج) (5): وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة. فالمعسر إذا أثبت عدمه لم يكن عليه حبس (6)، وإن كان الذي عليه من الدين من شئ، وصل إليه فالبينة (7) عليه في دعوى العدم، إن دفع ذلك خصمه، وإن كان في شئ لم يصل إليه كدين لزمه من جناية أو كفالة أو حوالة أو صداق امرأة أو ما أشبه ذلك، فالقول قوله مع يمينه ما لم يظهر له مال، أو تقوم عليه بينة.
(1) ه - ثبت. (2) ى - العادلة. (3) ه، ذ، ى، ع. وفي أصل المتن في س (لم يرجع)، والاعراب مشطوبة وصحح وكتب (يرجع). (4) خه ه - مفلس. (5) 2 / 380. (6) حش ى - يحبس في كل دين ما خلا دين الولد على الوالدين أو على بعض الاجداد من قبلهما، ويحبس الاب في نفقة الولد، ولا تشبه النفقة الدين، ويحبس المسلم للذمي في دينه والزمن للصحيح، من مختصر المصنف. (7) حش ه - من جوابات مسائل خطاب بن وسيم.
[ 72 ]
فصل (18) ذكر المزارعة والمساقاة (1) (198) روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن المزارعة، فقال: النفقة منك والارض لصاحبها، فما أخرج الله (ع ج) من ذلك قسم على الشطر، وكذلك قبل (2) رسول الله (صلع) من (3) أهل خيبر حين أتوه، وأعطاهم إياها على أن يعمروها على أن لهم نصف ما أخرجت. (199) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس بالمزارعة بالثلث والربع والخمس وأقل وأكثر مما تخرج الارض، إذا كان صاحب الارض لا يأخذ الرجل المزارع إلا بما أخرجت الارض ولا ينبغي أن يجعل للبذر نصيبا وللبقر نصيبا، ولكن يقول لصاحب الارض: أزرع في أرضك، ولك مما أخرجت كذا وكذا. (200) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس باكتراء الارض بالدنانير والدراهم لتزرع وقتا معلوما (4)، ولا خير في أرض أن تستأجر بحنطة، وتزرع فيها حنطة. (201) وعنه (ع) أنه قال لا بأس أن يعطي الرجل الرجل الارض
(1) حش ى - المزارعة المعاملة على الارض ببعض ما يخرج منها ويكون البذر من مالكها، وسميت المساقاة مساقاة لان أكثر عمل أهل الحجاز على النخل السقى من الابار. (2) س، د - قبل، ه، ى، ط، - فعل، ع - قال. (3) س، د - من، ه - مع، ط، ع، ى - لاهل. (4) حش ه، ى - من ذات البيان، وكراء الارض بالعين والعروض من غير ما يزرع فيها من الحب جائز ولا يجوز أن يستأجر بشئ مما تخرجه لانها قد تخرج وقد لا تخرج، وهذا الذي
جاء النهي فيه.
[ 73 ]
عليها الخراج على أن يكفيه خراجها إليه، ويدفع إليه شيئا معلوما، وإن كان فيها نخل أو شجر فلا يعقد ذلك حتى يبدو صلاح الثمرة، إلا أن يكون فيها بعض البقول أو الرطاب أو الثمار، أو ما كان مما يقع عليه البيع. (202) وعنه (ع) أنه سئل عن المساقاة، فقال: هو أن يعطي الرجل أرضه وفيها أشجار أو نخل، فيقول: اسق هذا من الماء واعمره واحرثه، ولك مما تخرج كذا وكذا بشئ يسميه، فما اتفقا عليه من ذلك فهو جائز. (203) وعنه أنه سئل عن الرجل يعطي الارض الخراب لمن يعمرها على أن للعامر غلتها سنين معلومة قال (1): ذلك جائز (2) ولا بأس ان يكون مع ذلك فيها علوج (3) أو دواب لصاحبها ما اتفقا عليه من ذلك فهو جائز. (204) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل زرع أرض رجل، فقال: أذن لي في زرعها على مزارعة كذا وكذا وأنكر صاحب الارض أن يكون أذن له، فقال (ع): القول (4) قول صاحب (5) الارض مع يمينه، إلا أن يكون علم به حين زرع أرضه، وقامت بذلك عليه البينة، فيكون القول قول المزارع مع يمينه في المزارعة، إلا أن يأتي بما لا يشبه، فيكون على المزارع مثل كراء الارض، ولا يقلع الزرع. (205) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل احترث أرضا، فقال له رجل: خذ مني نصف البذر، ونصف نفقتك وأشركني في الزرع واتفقا على ذلك فهو جائز.
(1) في هامش د - تراضيا على ذلك.
(2) حذ ه - قال: ذلك جائز. (3) حش ى - أي مماليك، وفي س - خدام. (4) ه، ذ، ى - القول في ذلك. (5) ى - رب الارض.
[ 74 ]
فصل (19) ذكر الاجارات (206) قال الله تعالى في قصة موسى (ع) (1) ثم تولى إلى الظل، إلى قوله: على أن تأجرني ثماني حجج الاية. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: ملعون من ظلم أجيرا أجرته. فاستيجار الرجل الرجل والمرأة والدابة والعبد والامة على عمل معلوم جائز. (207) روينا (2) عن رسول الله (صلع) أنه زوج امرأة رجلا من أصحابه على أن يعلمها سورة من القرآن (3)، وسنذكر معنى هذا في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى. (208) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل رقى ملدوغا بسورة من القرآن، فشفى، فأعطاه على الرقية أجرا، فرخص له في ذلك. (209) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه رخص في أخذ الاجر على تعليم الصنعة إذا كانت مما يحل (4).
(1) 28 / 24 - 27. (2) س. ه، د، ط، - وقد روينا. (3) حش ه، ى - في مختصر المصنف: الاجارة نوع من البيوع، وهي بيع إلى عمل معلوم أو على انتفاع معلوم وتجوز الحوالة والكفالة بالاجرة معجلها ومؤجلها، ولو استأجر دارا ليسكنها أو أرضا ليزرعها، وتكفل له كفيل بالسكنى أو بالزراعة لم تجز الكفالة، وكذلك لو استأجر
صانعا واشترط أن يعمل بيده وأخذ كفيلا لم تجز الكفالة، وكذلك سائر الاعمال، فإن استأجر صانعا لعمل شئ ولم يشترط عمله بيده، وأخذ به كفيلا جاز ذلك، والكفيل ضامن للعمل فإن عمله جمع إلى الكفل بأجرة مثله، إلخ. (4) حش ه، ى - وسئل أبو جعفر محمد بن علي ع عن رجل يقرأ عليه القرآن، فإذا ختم الرجل عليه صنع طعاما كما يفعل الناس ودعا إليه أصحابه الذين يقرءون معه ودعا ذلك الرجل الذي يقرأ عليه، فقال عليه السلام: لا بأس بذلك ما لم يكن من أجل القرآن، من مختصر الاثار. =
[ 75 ]
(210) وعنه (ع) أنه قال لا بأس أن يأخذ المؤذن أجر الاذان من بيت المال، فأما من سائر الناس ممن يوذن لهم فلا. (211) وعنه (ع) أن رجلا سأله عن الرجل يأتيه، فيسأله أن يشتري له الارض أو الدار أو الغلام أو الدابة، أو ما أشبه ذلك، ويجعل له جعلا، قال: فلا بأس بذلك. (212) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يدفع إليه المتاع، فيقال له: بعه، فما زدت على كذا وكذا فهو لك، قال: فلا بأس له. (213) وعنه (ع) أنه قال: من استوجر على عمل فأفسده أو استهلكه ضمن، فقال: أتى إلى أمير المؤمنين (ع) بحمال استوجر على حمل قارورة عظيمة، فيها دهن، فكسرها فضمنه، وكان يضمن الاجير (1). (214) وعن جعفر بن محمد أنه سئل عن الحمال يحمل معه الزيت، فيقول: ذهب أو أهريق (2) فقال إنه إن شاء أخذه، فقال: ولو قال إنه قطع عليه الطريق، فلا يصدق إلا ببينة (3).
= ومنه، سئل جعفر بن محمد (ص) عن أخذ الاجر على تعليم القرآن، فكرهه وقال: إن رجلا قال لامير المؤمنين (ص): إني لاحبك، يا أمير المؤمنين، قال (ع): لكني أبغضك،
قال: ولم؟ قال: لانك تأخذ على تعليم القرآن أجرا، وقد سمعت رسول الله (صلع) يقول: من أخذ على تعليم القرآن أجرا، كان حظه يوم القيامة، ورخصوا عليهم السلام في الاجر على تعليم الكتابة والادب وغير ذلك مما يعلمه المعلمون الصبيان، إلخ. (1) حش، ه - قال في مختصر الاثار: يضمن الحمال والمكارى بكسر ما أخذ الاجر على حمله إذا أسلم إليه إلخ. (2) زد في ه - أو قطع عليه الطريق، غ. (3) كذا في س، ط، وهو الصحيح، وفي كل المخطوطات (إلا س وط) زيادة، حش ه - وجد في قراب سيف رسول الله (صلع) كتاب فيه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين والمرسلين، ولعنة النبي على من ادعى لغير أبيه وانتمى إلى غير مواليه أو ظلم أجيرا أجره، أو سرق معالم الطريق.
[ 76 ]
(215) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الدار يكتريها الرجل ثم يواجرها من غيره بأكثر، قال: لا، إلا أن يحدث فيها شيئا، وإن أكرى بعضها بمثل ما استأجرها وسكن بعضا (1) فلا بأس. (216) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يستأجر الدار وفيها شجرات فيشترط ثمرها، قال: لا بأس (2). (217) وعنه (ع) أنه رخص في اكتراء الدور بالعروض، وفي سكنى دار بسكنى دار أخرى. (218) وعنه (ع) أنه سئل عمن يكترى (3) دارا مشاهرة على أنه إن سكن يوما لزمه كراء الشهر، فقال: لا بأس، وله أن يكرى الدار بقية الشهر، فإن تشاجرا في دفع الكراء، أخذ لكل يوم بحسابه. (219) وعنه (ع) أنه قال من اكترى دارا فرثت أو انهدمت لم يجبر صاحبها على إصلاحها، والمكترى بالخيار، إن شاء أقام، وإن شاء خرج، وحاسبه بما سكن.
(220) وعنه (ع) أنه قال: ليس لمن اكترى دارا أن يدخل فيها ما يضر بالدار أو بالجيران، وإن اكتراها ولم يسم ما يعمل فيها، فليس لصاحبها أن يمنعه من عمل يعمله ما لم يكن يضر (4) وكذلك الحوانيت.
(1) س، ط، ع، ه، ى، د، - البعض. (2) حش ه، ى - من مختصر الاثار، ومن استأجر أرضا، فأصابها غرق أو جفاف عين أو انقطاع نهر فإن أحب المكترى أن ينفق في ذلك من كراء سنته أنفق وتلزم النفقة صاحب الارض، وإلا كان عليه بقدر ما عمر وانتفع. (3) ه، ى، د، - اكترى. ع - اكرى. (4) حش ه - إلا أن يكون اشترط ذلك في عقد الكرى، من اختصار الاثار.
[ 77 ]
(221) وعنه (ع) أنه سئل عن المتكاريين يختلفان في الكراء قبل السكنى أو من (1) بعدها، قال: القول قول رب الدار ويتحالفان ويتفاسخان. (222) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يسكن دار الرجل، فيقول صاحب الدار: أكريتها منه، ويقول الساكن أسكنتني بالاكراء، ولا بينة لواحد منهما، قال: القول قول رب الدار مع يمينه، وله قيمة الكراء، وإن كانت لاحدهما بينة كانت البينة أولى. (223) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس باكتراء المشاع (2). (224) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل اكترى عن رجل دارا، فادعى أن رب الدار أمره أن يرمها، وأنه أنفق فيها، وأنكر ذلك رب الدار، قال البينة على المدعى وعلى رب الدار اليمين، وللمكترى أخذ النقض (3) بعد ذلك.
(225) وعنه (ع) أنه قال في رجل اكترى دارا فيها متاع لرب الدار على أن ينقله فتثاقل عن نقله قال: ليس له من الكراء إلا بقدر ما سكن الساكن من الدار. (226) وعنه (ع) أنه قال: ما فعله المكترى في الدار بغير إذن صاحبها فعطبت من أجل فعله، فهو ضامن وإن فعل ما يفعله مثله من السكان، فلا ضمان عليه (4).
(1) س، ط، د - ه، ى، ع - أو بعدها. (2) حش د - أي الطريق غير المقسوم. (3) س، ع، د، ط، ى. ه - أن يأخذ النقض، حش ى - أي مكترى پوتانو اسباب لئى جائى جى نوو بنايو هوى ته، (كجراتي). (4) حش ه - وإذا استأجر الرجل أرضا خراجية بأجر معلوم سنين معلومة فزاد السلطان في خراجها، فالزيادة على صاحب الارض. تفسير من غيره - يعني إذا كان أهل الارض متغلبين فصالحهم السلطان على خراج معلوم ثم أطاعوا وغلب عليهم فأخذ منهم الواجب، فالزيادة على رب الارض كما ذكر.
[ 78 ]
(227) وعنه (ع) أنه قال: من اكترى دابة بعينها أو سفينة بعينها ليحمل في السفينة أو على الدابة شيئا معلوما إلى موضع معلوم، فهلكت الدابة أو عطبت السفينة، فقد انفسخ الكراء، وإن كان ذلك بعد أن حمل وقطع شيئا من الطريق، كان عليه بحساب (1) ما قطع من الطريق، وإن كان إنما اكترى على البلاغ ولم يسم دابة بعينها ولا سفينة بعينها، كان على المكارى (2) بلاغ ما اكترى، وله الاجر كاملا. (228) وعنه (ع) أنه قال: من اكترى دابة شهرا ليطحن عليها أو
يعمل عملا، أو يسافر سفرا ولم يبين قدر ما تطحن أو ما تحمل (3) أو ما تمشي كل يوم، فالاجارة جائزة وله أن يستعمل الدابة فيما اكتراها له بقدر ما يستعمل فيه مثلها، فإن تعدى عليها ضمن، وكذلك السفن. (229) وعنه (ع) أنه قال من اكترى دابة أو سفينة فحمل عليه المكترى خمرا أو خنازير أو ما حرم الله لم يكن على صاحب الدابة شئ وإن تعاقدا على حمل ذلك، فالعقد فاسد، والكراء على ذلك حرام. (230) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يكترى الدابة أو السفينة على أن يوصل (4) إلى مكان كذا وكذا، في يوم كذا، فإن لم يوصل (4) يوم كذا (5)، كان الكراء دون ما عقده، قال: الكراء على هذا فاسد، وعلى المكترى أجر مثل حمله.
(1) ط - كان عليه ما قطع إلخ. (2) خه في ه - للمكترى. (3) س، د، ط. ه، ى، ع - يعمل، تعمل. (4) س، ط، - يوصل. ه، ى، د، - يوصله، ع - توصله. (5) ى، ه، ع - ذلك.
[ 79 ]
(231) وعن علي (ع) أن رجلا رفع عليه رجلا قد اكترى (1) دابة إلى موضع معلوم، فتجاوزه فهلكت الدابة فضمنه الثمن، ولم يجعل عليه كراء، يعني فيما زاد، وقال جعفر بن محمد (ص): وإن لم تهلك الدابة وقد تجاوز بها المكترى، ما حد (2) له، فصاحبها بالخيار، إن شاء ضمنه ما نقصت في مدة ما تجاوز بها المكترئ، وإن شاء أخذ منه مثل كراء ذلك، وكذلك الوجه فيه أن يزيد (3) عليها فوق ما شرط من الحمل.
(232) وعنه (ع) أنه قال من اكترى دابة يوما فحبسها بعد ذلك أياما، فرب الدابة بالخيار، إن شاء ضمنه ما نقصت، وإن شاء أخذ منه أجر مثلها. (233) وعنه (ع) أنه قال: إذا اختلف المتكارئان، فقال المكترى: اكتريت إلى موضع كذا وكذا، وقال رب الدابة بل إلى موضع كذا، وإن كان أحد الموضعين أبعد أو أكثر مونة، فالبينة على المكترئ (4) إن كان ادعاه، وإن تساويا، وأراد كل واحد منهما القصد إلى الموضع الذي ذكره فإن كان قبل أن يركب الدابة (5) أو ركب ركوبا يسيرا، أو انتقد المكرى أجرته، فالقول قوله، والمكترى مدع إذا كان يشبه أن يكون كراء الناس مثله، وإن لم يركب ولم تفقد (6) تحالفا وتفاسخا، ومن نكل عن اليمين لزمته دعوى صاحبه، هذا إذا لم يكن بينة، وإن كانت بينة فالبينة أقطع.
(234) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يكترى من المكارى إلى العراق أو إلى خراسان أو إلى إفريقية أو إلى أندلس أو مثل هذا يسمى البلد ولا يذكر الموضع الذي ينتهي إليه، قال: يبلغه إلى أشهر المواضع المعروفة من ذلك البلد، كبغداد من العراق، أو القيروان من الافريقية.
فصل (20) ذكر أحكام الصناع (235) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أنهم قالوا: يضمن الصناع ما أفسدوه، أخطؤوا أو تعمدوا، إذا عملوا بأجر وإن ادعوا أنهم عملوا بغير أجر، وقال أصحاب المتاع: بل بأجر، فالقول قول أصحاب المتاع مع أيمانهم، وعلى المدعين إسقاط الضمان من أنفسهم بالبينة. (236) وعنه (ع) أنه سئل عن الصانع يتقبل العمل، ثم يقبله (1) بأقل مما تقبله به، قال: إن عمل فيه شيئا أو دبره أو قطع الثوب إن كان ثوبا أو عمل فيه عملا ما، فالفضل يطيب له، وإلا فلا خير له فيه. (237) وعنه (ع) أنه سئل عن الطحان (2) تدفع إليه الحنطة ويشترط إليه أن يعطى من الدقيق زيادة معلومة على كيل الحنطة، قال: لا خير في
(1) ى، د، خه في ه - يقلبه. (2) حش ه، ى - ولو أن طعاما بين رجلين استأجر أحدهما صاحبه يطحنه، لم يجز، ومن استأجر موضع جذع نخلة يضعه في حائط لم يجز، وكذلك لو استأجر حائطا يبني عليه سترة، وكذلك لو استأجر موضع كوة بثقبها لم يجز، من مختصر المصنف.
[ 81 ]
ذلك، له الاجر وعليه أن يؤدي أمانته. (238) وعنه (ع) عن آبائه أن رسول الله (صلع) احتجم وأعطى الحجام أجره (1)، وكان مملوكا، فسأل مولاه، فخفف عنه. (239) وسئل أبو جعفر محمد بن علي (ص) عن كسب الحجام، فقال: وددت أن يكون لال محمد منهم كذا كذا، وسمى منهم عددا كثيرا.
(240) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه أتى برطب، وعنده قوم من أصحابه وفيهم فرقد (2) الحجام، فدعاهم، فدنوا وتأخر فرقد، فقال له أبو عبد الله: ما يمنعك أن تتقدم يا بني، فقال: جعلت فداك، إني رجل حجام، فدعا بجارية له، فأتت بماء وأمره فغسل يديه، ثم أدناه وأجلسه إلى جانبه، وقال: كل، فأكل، فلما فرغ قال: جعلت فداك، إني رجل حجام والناس ربما عيروني بعملي، وقالوا: كسبك حرام، فقال أبو عبد الله (ص): ليس كما يقولون، كل من كسبك، وتصدق وحج وتزوج. (241) وعن أبي جعفر (ص) أنه قال: إذا وقف رجل إلى رجل، فقال: انظر لي هذه الدنانير أو الدراهم، هل هي جياد، أو انظر لي (3) هذا الثوب، هل يكسوني، والرجل خياط أو صيرفي فقال: النقد جيد، أو قال: الثوب يكسوك، فوجده خلاف ذلك، قال: إن كان غره وأراد أن يغشه وشهد عليه بذلك، أدب وغرم، وإن كان ذلك جهده فلا شئ عليه.
(1) حش ه، ى - من أمر حجاما أن يقلع له سنا فقلعها، فقال: ليس هذا الذي أمرتك، فالقول قوله والحجام ضامن، من مختصر المصنف. (2) حش ى - اسم. (3) ه حذ (انظر لي).
[ 82 ]
(242) وعنه (ع) أنه قال: إذا وقع رجل إلى خياط (1) ثوبا فخاطه قباء، فقال رب الثوب: إنما أمرتك أن تخيطه قميصا، وقال الخياط: بل أمرتني أن اخيطه (2) قباء، ولا بينة بينهما، فالقول قول الخياط
مع يمينه. فصل (21) ذكر الرهن (243) قال الله عز وجل (3): يأيها الذين امنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه، إلى قوله: ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة. فسمى جل ذكره الرهان مقبوضة، فإذا لم يكن الرهن مقبوضا بمثل ما تقبض به الرهان فليس الرهان برهن (4). (244) وروينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: لا يكون الرهن إلا مقبوضا. (245) وعنه (ع) أنه قال: لا بأس برهن الدور والارضين، المشاع (5)
(1) حش ه، ى - من مختصر المصنف، من جاء بخياط إلى بيته يخيط له قميصا، فخاط بعضه ثم سرق، فله من الاجر بقسط ما خاط، ولو حدث ذلك، والخياط يخيط في موضعه لم يكن له أجر، وإذا عمل الصناع في بيت مستأجرهم، لم يكن بهم حبس المتاع بالاجر، وهم ضامنون لما جنت أيديهم، فإن عملوا في بيوتهم فلهم حبس ذلك بالاجرة، وإذا رد القصار على رجل ثوبا غير ثوبه عمدا أو خطأ فقلعه وخاطه، ثم جاء صاحبه، فهو بالخيار، إن شاء ضمن القصار قيمة ثوبه ورجع القصار على القاطع، ورد عليه، وإن شاء رب الثوب ضمن القاطع، ورجع القاطع بثوبه على القصار، ومن استأجر حفارا يحفر له بئرا، عمق كذا في دور كذا جاز، فإن حفر ثلثها ثم وجد جبلا صلبا، لم يكن له ترك العمل إذا كان يطاق، وإذا كان لا يطاق فله تركه، وله من الاجرة بحساب ما حضر. (2) س، د، ط، ع. - ما أمرتني إلا أن أخيطه إلخ. (3) 2 / 282 إلى 283. (4) ه - ما يقبض به الرهان، فليس برهن
(5) حش ى - المشاع غير مقسوم.
[ 83 ]
منها والمقسوم، ولا بأس برهن الحلى والطعام والاموال كلها إذا قبضت. وإن لم تقبض فليست برهن، وإن قبضت ثم جعلت على يد الراهن فليست برهن، لان ردها خروج من الرهن (1). (246) وعنه (ع) أنه قال: الرهن لا ينتفع به، وما انتفع به من الرهن حسب بما هو فيه وقوصص به. (247) وعنه (ع) أنه قال: إذا هلك الرهن فهو من مال الراهن، والدين عليه بحاله، وإن ادعى الذي هو في يديه مرهون، أنه ضاع، ولا بيان (2) له على ذلك، وكذبه الراهن، لم يقبل قوله أنه ضاع، إلا ببينة. (248) وعن أبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنهما قالا في الذي عنده الرهن يدعى أنه رهن (3) في يديه بألف، ويقول الراهن: بل هو بمائة، قالا: القول قول الراهن مع يمينه، وعلى الذي هو في يديه البينة بما ادعى من الفضل، فإن ادعى أنه ضاع وكذبه الراهن ولا بينة له واختلفا في قيمته، فالقول قول الذي هو عنده مع يمينه، وعلى صاحب الرهن البينة فيما ادعى من الفضل. (249) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: إذا كان الرهن إلى أجل وغاب الراهن لم يبع الرهن إلا أن يحضر أو يكون له وكيل أو جعل بيعه، إن غاب عن وقت الاجل، إلى من هو في يديه أو إلى غيره. (250) وعنه أنه قال: إذا كانت الامة أو الدابة أو الغنم رهنا، فولدت
(1) الرواية ناقصة في ه. (2) س - يبان.
(3) س - رهن، ه - رهن.
[ 84 ]
الامة ولدا أو أنتجت الدابة أو توالدت الغنم، فالاولاد (1) رهن مع الامهات. (251) وعنه (ع) أنه قال في كراء الدواب والدور المرهونة وغلة الشجر والضياع المرهونة: ذلك كله للراهن، إلا أن يشترط المرتهن أن يكون رهنا مع (2) الاصل. (252) وعنه (ع) أنه قال: من رهن عبدا أو أمة ثم أعتقه وله مال (3) غيره، أخذ من ماله، فقضى دينه وأعتق ما أعتق، ولم ينتظر به الاجل ولا يجعل مكانه رهنا، وكذلك إن كاتبه أو دبره. إلا أن يكون ثمنه مكاتبا أو مدبرا فيه وفاء. (253) وعنه (ع) أنه قال: إذا رهن الرجل الجارية وأراد أن يطأها
(1) حش في ه وى (المتن ناقص) - قال في ذات البيان: إذا كان الرهن إلى أجل، وقال له الراهن: إن لم آتك بحقك إلى وقت كذا فبعه، واستوف حقك، فما كان من فضل فهو لي، وما كان من نقص فعلي، فإن ذلك لا يجوز، ولا بأس للذي عنده الرهن أن يبيعه لنفسه إلا أن يرفع أمره إلى الحاكم، فيأمر ببيعه، وإن جعلاه على يدى عدل، على أن يبيعه العدل إذا حل الاجل، جاز ذلك. ومنها قال رسول الله (صلع): لا يغلق الرهن. وذلك مثل أن يرهن الرجل عند الرجل رهنا في حق له، ويشترط أنه إن لم يأته بحقه إلى الاجل الذي بينهما، أن الرهن له بذلك، ولا شئ للراهن، وهذا لا يجوز، وهو رهن بحاله. وقال في الينبوع: ولو وكل الراهن المرتهن ببيع الرهن عند محل الاجل، فأشهد له في ذلك، جاز بيعه. وقال في مختصر الاثار: وإن كان الراهن قد وكل المرتهن على بيع الرهن عند محل الاجل، فباعه، وأشهد بذلك، وعلى المبالغة في ثمنه، والاستقصاء في بيعه، فلا شئ عليه في ذلك، وإن
اتهمه الراهن في البيع، استحلفه عليه. ومن الاختصار: ولا يجوز بيع الرهن ولا هبته ولا عتقه إن كان عبدا، ولا إخراجه بوجه من الوجوه حتى يفكه، تمت حاشية. (2) حش ه - وإذا قضى الراهن بعض المال، لم يكن له قبض الرهن ولا قبض بعضه، من الينبوع. وذكر مثله في مختصر المصنف. (3) حش ه - فإن لم يكن له مال لم يجز ما فعل.
[ 85 ]
بغير إذن المرتهن، لم يكن له ذلك، وإن وصل إليها فوطئها، فلا شئ عليه، وإن علقت منه، فقضى الدين من ماله وردت إليه، وكانت أم ولد إذا ولدت. فصل (22) ذكر الشركة (1) (254) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (ص) أن رسول الله (صلع) أجاز الشركة في الرباع (2) والارضين. وأشرك رسول الله (صلع) عليا (ع) في هديه. (255) وإذا أراد رجلان أن يشتركا في الاموال فأخرج كل واحد منهما مالا مثل مال صاحبه، دنانير أو دراهم، ثم خلطا ذلك حتى يصير مالا واحدا لا يتميز بعضه من بعض، على أن يبيعا ويشتريا ما رأياه من أنواع التجارات، فما كان من ذلك من فضل كان بينهما، وما كان فيه
(1) حش ه - الشركة بكسر الشين، والشرك في اللغة هو من شركته في الامر شركا وشركة اي عادلته، وساويته، وفي الحديث أن معاذا أجاز الشرك بين أهل اليمن. يعني في المزارعة أن يشترك فيها رجلان أو ثلاثة، فيكونون في ذلك سواء يشتركون، والشرك في التجارة على وجوه، فمنه شركة
عنان وهو أن يشترك الرجلان في مال معلوم، فيكون الربح بينهما نصفين، قال ابن قتيبة: من عن يعن إذا عرض، كأنه عن لهما شئ فاشتركا فيه. أي عرض، قال أبو سعيد السكري: هو مأخوذ من عنان الدابة، لانه متى شاء أرسله ومتى شاء أخذه. وقال غيره: مأخوذ من عنان، لانهما سيران على مقدار واحد أحدهما عن يمين العنق والاخرى عن يساره، أي أنهما يقسمان الربح بينهما نصفين على قدر سيرى العنان فيستويان فيه إلخ. (2) حش س - الرباع جمع ربع وهو محلة القوم، وفي الحديث: أرادت عائشة بيع رباعها أي منازلها، من الضياء.
[ 86 ]
من وضيعة، كانت عليها بالسواء، فهذه شركة صحيحة اختلاف علمناه فيها (1)، وليس لاحدهما أن يبيع ويشتري إلا مع صاحبه إلا أن يجعل له ذلك. (256) عن علي (ع) أنه قال في المتضاربين (2)، وهما الرجلان يدفع أحدهما مالا من ماله إلى الاخر، ويتجر فيه، على أنه ما كان فيه من فضل كان بينهما على ما تراضيا عليه واتفقا، قال: الربح بينهما على ما اتفقا عليه، والوضيعة على المال. (257) قال جعفر بن محمد (ع): وكذلك لو كان لاحدهما من المال أكثر من مال صاحبه، فالربح على ما اشترطاه، والوضيعة على كل واحد منهما، بقدر رأس ماله. (258) وعن علي (ع) أنه قال: من أخذ مالا مضاربة، فليس عليه فيه ضمان، فإن اتهم استحلف، وليس عليه من الوضيعة شئ. (259) وعنه (ع) أنه قال: إذا خالف المضارب ما أمر به وتعدى. فهو ضامن لما نقص أو ذهب، والربح بينهما على ما اتفقا عليه.
(260) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال في الرجل يعطى الرجل مالا يعمل فيه (3) على أن يعطيه ربحا مقطوعا، قال (4): هذا الربا محضا، وهذا إنما يجوز بين الرجل وعبده، وليس بين الرجل وعبده ربا، لان المال ماله. (261) وعنه (ع) أنه قال: لا ينبغي للرجل المؤمن منكم أن يشارك
(1) س - بينهما. (2) حش ى - قال في الاختصار: فالذي ليس له مال هو المضارب منهما والمقارض، وأصل المضاربة من الضرب في الارض. (3) س، ط. ه، وخه في د، ى، ع - به. (4) د - معلوما مقطوعا.
[ 87 ]
الذمي، ولا يبضعه بضاعة، ولا يودعه وديعة، ولا يصافيه المودة. (262) وعنه (ع) أنه قال في رجل مات وعنده وديعة، وعليه دين، وعنده مضاربة، لا يعرفون شيئا منهما بعينه، قال: ما أرى الدين إلا حقا واجبا عليه، لانه ضامن، وليس هو مؤتمن، وما سوى ذلك فليس عليه فيه ضمان، والدين مضمون، وهو في الوديعة والمضاربة رجل مأمون. (263) وعنه (ع) أنه قال: من كان له عند رجل مال قراض فاحتضر وعليه دين، فإن سمى المال ووجد بعينه، فهو للذي سمى، وإن لم يوجد بعينه، فما ترك فهو أسوة الغرماء (1). (264) وعنه (ع) أنه قال في الشريكين إذا افترقا واقتسما ما في أيديهما، وبقى الدين الغائب فتراضيا، إن صار لكل واحد منهما حصة (2) في شئ منه فهلك بعضه قبل أن يصل، قال: ما هلك فهو
عليهما معا، ولا تجوز قسمة الدين. فصل (23) ذكر الشفعة (3) (265) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنهم قالوا: لا شفعة فيما وقعت عليه الحدود (4)، وليس للجار شفعة وله حق
(1) س، ط، - أسوة الغرماء، ه، د، ى، ع، - للغوماء. (2) ه، د، ى، - حصته. (3) حش ه، ى - الشفعة من الشفع وهو الاثنان، وإن الشفيع يضم إلى ملكه ملك المشتري. (4) حش ه - قال في ذات البيان: إذا قام الشفيع على المشتري بالشفعة، وأخذها من يده، ودفع إليه ما اشترى به ثم استحق ذلك عليه وأخرج بالحكم من يديه، رجع بالثمن على البائع الذي كان =
[ 88 ]
وحرمة، قال النبي (صلع): ما زال جبرئيل (ع) يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. (266) وعنه (ع) أنه قال: شفعة الشريك واجبة، إذا كان من المسلمين، وليس للذمي شفعة، وحق المؤمن واجب، كان شفيعا أو غير شفيع، ولا شفعة في مقسوم. (267) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: الشفعة جائزة فيما لم تقع عليه الحدود، فإذا وقع القسم والحدود فلا شفعة، ولا شفعة لجار، والشفعة على قدر الانصباء بالحصص. (268) وعنه (ع) أنه قال: لا شفعة (1) إلا في مشاع، أو ما كان من طريق مشترك، أو حائط معقود بخشب أو بحجارة أو ما أشبه ذلك من البناء، ولاصحاب الرائغة غير النافذة، الشفعة، بعضهم على بعض
باشتراكهم في الرائغة. فإذا وقعت القسمة، لم يكن بين صاحب العلو وصاحب السفل شفعة، إلا أن يكون بينهم شئ مشترك.
= قبضه من المشتري الاول، ومنها: وإذا كان المبيع فيه شركاء فقام أحدهم ولم يقم الاخرون، مثله أن يأخذ جميع ما وقع عليه البيع، وإن قاموا كلهم أو بعضهم، فلمن قام منهم أن يأخذ بها دون من لم يقم، ويصير ذلك بينهم. حش ه، ى - قال في المطلب: ولو عمد المشتري إلى ما اشتراه، وفيه الشفعة، فتصدق به، أو وهبه، أو حبسه، أو بناه مسجدا، ثم قام الشفيع في طلبه فهو على شفعته، ويبطل ما فعله المشترى فيه، وقال: وما كان من شفعة ثم لوقف من أوقاف المسلمين أو المسجد أو لشئ من أبواب البركات، الامام الطالب به على ما يرى فيه من المصلحة. (1) حش ه - قال في مختصر المصنف: وإذا كان البيع على خيار وكان الخيار للمشتري وجبت الشفعة، فإن كان على خيار البائع أو خيارهما جميعا لم تجب إلا بعد تمامه، - قال في المختصر: وللشفيع أن يقوم بالشفعة على البائع وعلى المشتري أيهما قام عليه كان للقيام له إذا وجب البيع، من مختصر الاثار: وإذا كان البيع سرا فالشفيع على شفعته من الرب الذي يبلغ البيع إلى مدة سنة، وإن كان ظاهرا مشهورا والشفيع حاضر ثم قام بعد مدة السنة وزعم أنه لم يبلغه البيع لم يصدق في ذلك إلا بشهادة، ولا تجب الشفعة حتى يعقد البيع.
[ 89 ]
(269) وعنه (ع) أنه قال: الشفعة في كل عقار (1)، والعقار النخل والارضون والدور. ولا شفعة في سفينة ولا نهر ولا حيوان. (270) وعن أبي جعفر (2) محمد بن علي (ص) أنه قال: إذا دفع الرجل الحصة (3) في صداق امرأته، فلا شفعة فيها. (271) وعنه (ع) أنه قال: إذا كان العبد بين رجلين فباع أحدهما نصيبه، فالاخر أحق بالبيع (4). وليس في الحيوان شفعة.
(272) وعن علي (ص) أنه قال: ولا يقطع الشفعة الغيبة، قال (5): الشفعة للغائب والصغير كما هي لغيرهما، إذا قدم الغائب وبلغ الصغير. (273) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال في الشفيع يكون غائبا عن البيع، قال: لا تنقطع شفعته حتى يحضر، علم بالبيع أو لم يعلم. (274) وعنه (ع) أنه قال في الشفيع يحضر في وقت الشراء ثم يغيب
(1) حش ه - قال في المطلب: الشفعة في العقار المشترك، وقع عليه البيع بثمن معلوم أو بماله مثل الطعام كالحنطة والقمر والزبيب الموزون.... [ الحاشية ناقصة لان الورق مقطوع ]. (2) س - أبي عبد الله جعفر بن محمد (ص). (3) حش ه - يعني إذا تزوجها بالحصة لا أنه يقضيها إياها من دنانير أو دراهم أو غير ذلك، فإن كان قضاء فهو كالبيع. (4) حش ط، ى - يعني إليه وهو أحق من غيرهم من لا شريك له. حش ه - إذا كان شريكا واحدا وهذه رواية مفسرة، والتي قبلها (لا شفعة في حيوان) مجملة، والمفسر يقضى على المجمل، ولا شفعة في الارحية والابار والاسفار إلا أن يكون لاحدهم أصل الارض. من مختصر الايضاح. (5) حش ه، ى - قال في المطلب: وجاء في الغائب أنه إذا وقع البيع فيما تجب فيه الشفعة، والشفيع حاضر، ثم سافر عقيب البيع، فغاب سنة أو أقل أو أكثر، ثم حضر يطلب الشفعة، فإن كانت غيبة دون سنة فلا مانع له من طلب الشفعة، وإن كانت غيبته سنة، فما زاد نظر في حال سفره. فإن كان سافر إلى موضع يمكن أن يمضي إليه ويعود منه قبل انقضاء السنة، وقال إنه لم يزل باقيا على شفعته وإنما عاقه عائق من الله منعه من العود، كان القول قوله مع يمينه، ويستحق الشفعة، وكان داخلا في حال الغائب الذي له الشفعة، حتى يحضر، طالت مدة غيبته أم قصرت، وإن كان سفره إلى موضع لا يمكن أن يمضي إليه ويعود قبل انقضاء السنة، فقد أبطل الشفعة. تمت حاشية.
[ 90 ]
ثم يقدم فيطلب شفعته، قال (ع): هو على شفعته ما لم يذهب وقتها، ووقت الشفعة للحاضر البالغ سنة، فإذا انقضت السنة بعد وقت البيع ولم يطلب، فلا شفعة له. (275) وعنه (ع) أنه قال: إذا انعقد البيع (1) وجبت الشفعة، قبض المال أو لم يقبض. (276) وعنه (ع) أنه قال: إذا اكترى الشفيع من المشترى الارض المبيعة أو الدار، أو عامله في النخل أو ساومه في شئ من ذلك، فقد قطع شفعته. (277) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل ادعى أنه اشترى شقصا (2) من غائب فقام عليه الشفيع، قال: لا شفعة له حتى يثبت البيع. (278) وعنه (ع) أنه قال: إذا اختلف المشتري والشفيع في ثمن الدار، فالقول قول المشتري إذا جاء بما يشبه مع يمينه، إن لم تكن للشفيع بينة. (279) وعنه (ع) أنه قال: لا شفعة في بئر ولا نهر ولا سفينة، إلا أن يكون مع شئ من ذلك أصل أرض لم تقسم. (280) وعنه (ع) أنه قال في الارض تكون حبسا (3) على القوم،
(1) حش ى - من مختصر المصنف: ولا شفعة فيما بيع بعوض كدار بدار أو بسلعة أو ما أشبه ذلك، وليس للشفيع أن يأخذ بقيمة ذلك، فإن دار العوض بعينه إلى الشفيع بملك قبل أن تنقضي شفعته وقبل... لها والعرض بحاله لم يتغير بزيادة ولا نقصان كان له أن يرده على المشترى ويأخذ منه الدار بالشفعة لانه قد رد إليه عين ماله. (2) حش س - الشقص الطائفة من الشئ والقطيعة من الارض.
(3) حش س، ط، د - أي وقفا. س، حسبا، د - حبسا، حبسا.
[ 91 ]
فيبني فيها بعضهم ثم يموت، فيبيع بعض ورثته حصته، هل لصاحبه شفعة، قال: نعم، له الشفعة لانه يدخل على من بقى مضرة، إذا بهدم نصف كل بيت، فيدخل في ذلك فساد (1). (281) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يسلم الشفعة قبل البيع، ثم يقوم فيها بعد البيع، قال: له أن يقوم ما لم يسلم بعد البيع. (282) وعنه (ع) أنه سئل عن البيع يقع على المشاع والمقسوم صفقة واحدة، هل للشفيع أن يأخذ المشاع بقيمته دون المقسوم؟ قال: لا، إنما له الصفقة بكمالها، ما كان فيها من مشاع ومقسوم، فإن أراد أخذها أخذها معا (2)، وإلا سلمها معا. (283) وعنه (ع) أنه قال: من اشترى حصة برقيق أو متاع (3) بز أو جوهر أو ما أشبه ذلك، فيه شفعة. (284) وعنه (ع) أنه قال: إذا قام الشفيع على المشتري، فقال: اشتريت بكذا وكذا، فسلم له الشفعة، ثم علم أنه اشترى بأقل من ذلك، قال: له الرجوع (4) إن أحب القيام بشفعته.
(1) حش ى - قال في المطلب: الشفعة في العقار المشترك واجبة للشريك إذا وقع عليه البيع بثمن معلوم أو بماله مثل معلوم (؟) مثل المكيل من الطعام كالحنطة والتمر والزبيب والموزون من الاصناف، فإن وقع بعرض مجهول القيمة أو يعين وعرض مجهول لم يكن فيه شفعة، ولو قال رجل لرجل أهب لك نصيبي من هذه الدار على أن تهب لي ألف درهم، كان هذا كالبيع، وكانت الشفعة فيه واجبة، وكيفما وقع هذا العقد إما بلفظ الهبة أو غيره، فالحكم فيه واحد، وقال فيه وإذا علم الشفيع بالشفعة، وقال: قد سلمتها أو سلمت نصفها، كان تسليما لجميعها.
(2) من، ط - فإن أراد أخذها أخذها معا. (3) كررس وى حاشية على 275 يعني (ولا شفعة فيما بيع... قد رد إليه عين ماله). (4) حش ه - قال في مختصر المصنف: فإن كان الثمن أكثر من الذي سلمه به، لم تكن له شفعة لانه إذا سلم بالقليل كان بالكثير أولى، وإذا مات الشفيع في مدة الشفعة قبل أن يطلب شفعته، كان لورثته المطالبة بما كان لميتهم من الشفعة وهم فيها، على قدر أنصبائهم من ميراثه، (وإن) مات المشتري في مدة الشفعة والشفيع حي، فله الشفعة.
[ 92 ]
(285) وعنه (ع) أنه قال: إذا وضع البائع عن المشتري بعد عقد الشراء ما يوضع مثله بين المتبائعين، وضع مثل ذلك عن الشفيع، وإن كان الذي وضع ما لا يوضع (1) فإنما هو هبة للمشتري، وليس يوضع ذلك عن الشفيع. (286) وعنه (ع) أنه قال: الوالد يقوم بالشفعة لولده الطفل، والوصى لليتيم، والقاضي لمن لا وصى له (2)، إذا كان ذلك من النظر له. (287) وعنه (ع) أنه قال: إذا قام الشفيع على المشترى، وأوجب أخذ الشقص على نفسه، ثم رجع من ذلك، وطالبه المشتري، فإنه يلزمه. (288) وعنه (ع) أنه قال: إذا بيع الشقص مرارا في مدة الشفعة، فللشفيع أن يقوم على من شاء من المشترين. (289) وعن علي (ص) أنه قال: الشفعة لليهود والنصارى فيما بينهم، وليس لاحد منهم على مسلم شفعة.
(1) كذا في س، ط وهو الصحيح. ه، د، ى، ع - ما لا يوضع مثله فإنما إلخ. (2) حش ه، - قال في المطلب: فإن قام بها وصيه أو أبوه أو من يتولى الولاية عليه في حال
طفوليته وسلمها، وكان تسليمه على وجه النظر له، ولم يكن له بتسليمها قصد الاضرار بالطفل، كان تسليمه ماضيا، ولا رجوع للطفل بها، ولو بلغ، وإن علم أن تسليمه مقصود به الاضرار بالطفل، فهو على شفعته إذا بلغ ولم يمض عليه تسليم وليه.
[ 93 ]
(2) كتاب الايمان والنذور فصل (1) ذكر الامر بحفظ الايمان والعهود (290) قال الله عز وجل (1): إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الاخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيمة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. وقال عز وجل (2): واحفظوا أيمانكم. وقال تبارك وتعالى (3): وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا. وقال تقدست أسماؤه (4): يأيها الذين ء امنوا أوفوا بالعقود. وقال (ع ج) (5): وأوفو بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا. وقال (ع ج) (6): ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم. وأثنى الله عز وجل على من أوفى بعهده، وقال (7): الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق الاية. وقال (8): والموفون بعهدهم إذا عاهدوا. الاية.
وقال: (1) فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما. (291) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: بئس القوم قوما يجعلون أيمانهم دون طاعة الله. (292) وعنه (ع) أنه قال: ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم. رجع بايع إماما، فإن أعطاه شيئا من الدنيا، وفى له، وإن لم يعطه لم يف له. ورجل له ماء على ظهر الطريق يمنعه سابلة الطريق. ورجل حلف بعد العصر لقد أعطى بسلعته كذا وكذا، فأخذها الاخر مصدقا له، وهو كاذب. (293) وعن علي (ع) أنه وقف بالكناسة (2) وقال: يا معشر التجار، إن أسواقكم هذه تحضرها الايمان. فشوبوا أيمانكم بالصدقة، وكفوا عن الحلف (3)، فإن الله تبارك وتعالى لا يقدس من حلف باسمه كاذبا. (294) وعنه (ع) أنه قال: اتقوا الله (4) اليمين الكاذبة، فإنها منفقة (5) للسلعة، وممحقة للبركة. ومن حلف يمينا كاذبة، فقد اجترى على الله. فلينتظر عقوبته. (295) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لما خلق الله عز وجل جنة عدن، خلق لبنها من ذهب يتلالا، ومسك مدوف (6). فاهتزت ونطقت
وقالت: أنت الله (1) لا إله إلا هو (2) الحي القيوم (3)، طوبى لمن (4) قدرت له دخولي. فقال (ع ج): وعزتي وجلالي، لا يدخلنك من لم يوف بعهدي وذكر باقي الحديث بطوله. (296) وعن علي (ع) أنه قال: من نكث بيعته لقى الله يوم القيامة أجذم، لا يد له. (297) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لا يمين لمكره، قال الله عز وجل: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان، قال جعفر بن محمد (ع): وليس طلاق مكره بطلاق، ولا عتقه بعتق. (298) وعن أبي جعفر محمد بن علي (صلع) أنه سئل عن الرجل يحلف تقية، فقال: إن خشيت على أخيك أو على دينك (5) أو مالك، فاحلف، ترد عن ذلك بيمينك. وإن (6) لم تر ذلك يرد شيئا، فلا تحلف. وفي كل شئ خاف المؤمن على نفسه فيه الضرر، فله عليه التقية. (299) قال جعفر بن محمد (ع) رفع الله عن هذه الامة أربعا: ما لا يستطيعون، وما استكرهوا عليه، وما نسوا، وما جهلوا حتى يعلموا. (300) وقال جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله عز وجل (7): لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم (8)، قال: هو قول الرجل (لا والله)
(1) ه، د، ى - الله الذي إلخ.
(2) ه، إلا أنت إلخ. (3) 2 / 255. (4) حش س، - أي خير لهم. (5) زيد في ه - أو على دمك. (6) ه، س، د - وإن أنت لم تر إلخ. (7) 2 / 225 و 5 / 89. (8) زيد في ه - ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان (5 / 89).
[ 96 ]
(وبلى والله) ولا يعقد قلبه على شئ ما كان. (301) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يلغز (1) في الايمان، وقال: إذا كان مظلوما فعلى نية الحالف، وإن كان ظالما فعلى نية المستحلف. قال جعفر بن محمد (ع) اليمين على ما يستحلف الطالب. يعني على نيته وقصده، لا على نية الحالف، إن ألغز في اليمين، أو حرفها عند نفسه إلى غير ما استحلفه عليه من يستحلفه على حقه. (302) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يحلف بغير الله. (303) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: الايمان لا تكون إلا بالله، ولا يلزم العباد شئ مما يحلفون به إلا ما كان بالله، وما كان غير ذلك مما يحلف به، فليس في شئ منه حنث، ولا تجب فيه كفارة، وقال: لا أرى لاحد أن يحلف أحدا إلا بالله، والحالف بالله، الصادق، معظم لله. (304) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يحلف (2) ولد على والد، وامرأة على زوجها، أو مملوك على سيده. فإن فعل فلا يمين له. فصل (2)
ذكر ما يلزم من الايمان وما لا يلزم منها (305) اليمين تسقط، مع الاستثناء عمن حلف بها الحنث.
(1) حش س، ه، ى - اللغز التشبيه في الكلام، وهو أن يريد الشئ فيشبه بغيره ويوهم السامع الذي يشبه به، هو المراد من قوله، وهو ينوي ويضمر غيره، ويستحلف أهل الذمة بالله وبما يعظمونه من أيمانهم، تمت من مختصر الاثار. (2) ى - يحلف.
[ 97 ]
ما لم تكن في حق، قال الله عز وجل (1): ولا تقولن لشئ (2) إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله، واذكر ربك إذا نسيت. (306) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله عز وجل: واذكر ربك إذا نسيت، فقال ذلك في اليمين إذا قلت: والله لافعلن كذا وكذا، وإذا ذكرت أنك لم تستثن، فقال: إن شاء الله. وقال: إن قوما من اليهود سألوا النبي (صلع) عن شئ فقال (3): القونى غدا أخبركم (4) به فلم يستثن، فاحتبس عند ذلك جبريل (5) أربعين يوما، ثم أتاه فقال له: ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله (6) واذكر ربك إذا نسيت (7). (307) وعن رسول الله (صلع) أنه أمر بالاستثناء في الايمان فقال: قدم (7) المشيئة. (308) وعن علي (ع) أنه قال: من حلف ثم قال: (إن شاء الله) فلا حنث عليه. (309) قال أبو جعفر (ص): إذا حرك بها لسانه أجزاه، وإن لم يجهر، يعني بالاستثناء. وإن جهر به، إن كان جهر باليمين، فهو أفضل.
(310) وقد جاء عن علي (ع) أنه قال: من حلف علانية فليستثن علانية. ومن حلف سرا، فليستثن سرا والاستثناء إذا كان موصولا باليمين،
(1) 18 / 23 - 24. (2) انظر فلوجل وبيضاوى (.) FLeischer (3) ه، د - فقال للقوم. (4) ه، - أخبركم ولم يستثن. (5) ه - فاحتبس عنه جبرئيل، ى - فاحتبس عنه عند ذلك إلخ. (6) س - إلا إن شاء الله. (7) ه - قدموا.
[ 98 ]
لم يكن معه (1) حنث، بالاجماع (2) فيما علمناه. فإن فرق بينهما، ففيه اختلاف. (311) وقد روينا عن جعفر بن محمد عليه السلام أنه قال: الاستثناء جائز بعد أربعين يوما أو بعد السنة (3). (312) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لا طلاق قبل نكاح (4). ولا عتق قبل ملك. (313) وعن جعفر بن محمد (ع): ولا صدقة لمن لم يملك. (314) وعن أبي جعفر (ص) (5) أنه قال في قوله تعالى (6): يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك إلى قوله: وأبكارا (7) فقال (ع): كان رسول الله (صلع) قد خلا بمارية القبطية قبل أن تلد إبراهيم. فاطلعت عليه عائشة. فأمرها أن تكتم ذلك وحرمها على نفسه، فحدثت عائشة بذلك حفصة، فأنزل الله عز وجل: يأيها النبي لم تحرم
ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك، والله غفور رحيم، قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم إلى قوله: وأبكارا. (315) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من حرم على نفسه الحلال، فليأته فلا شئ عليه. وإن حلف أن لا يأتي ما أحل الله له،
(1) س خه - به. (2) ه، د - بإجماع. (3) حش ه، ى - قال في مختصر الاثار،: لان الله أمر نبيه صلى الله عليه وعلى آله بالاستثناء بعد أربعين يوما لما احتبس عنه الوحي، وقال في مختصر المصنف: ومن حلف على حق لغيره ثم استثنى لم يغن عنه استثناؤه، وذكر مثل ذلك في الاختصار. (4) د، ى - النكاح. (5) ه - أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام. (6) 66 / 1. (7) 66 / 5.
[ 99 ]
فليكفر عن يمينه، وليأته إن شاء. وإن حلف ليأتين الحرام، فلا يأته. ولا حنث عليه. (316) وعنه (ع): إنما تكفر من الايمان ما لم يكن عليك واجبا (1) أن تفعله، فحلفت أن لا تفعله، ثم فعلته، فعليك الكفارة. وما كان عليك أن تفعله، فحلفت أن لا تفعله، ثم فعلته (2)، فليس عليك فيه شئ (3)، ولا حنث في معصية ولا كفارة. ومن حلف في معصية فليستغفر الله. قال: ومن حلف على شئ من الطاعات أن يفعله، ثم لم يفعله، فعليه الكفارة. وذلك مثل أن يحلف أن يصلي تطوعا صلاة معلومة، أو يصوم
أو يتصدق. فأما إن حلف أن لا يصلي أو حلف ليظلمن أو ليخونن أو ليفعلن شيئا من المعاصي، فلا يفعل شيئا من ذلك، ولا حنث عليه فيه، ولا كفارة. (317) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال في قول الله عز وجل: ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم. قال: هو الرجل يحلف أن لا يكلم أخاه أو أباه أو ما أشبه ذلك من قطيعة رحم، أو ظلم، أو إثم، فعليه أن يفعل ما أمر الله به، ولا حنث عليه، إن حلف أن لا يفعله. (318) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من حلف بطلاق أو عتاق، ثم حنث فليس ذلك بشئ. لا تطلق عليه امرأته، ولا يعتق عليه عبده. وكذلك من حلف بالحج أو الهدي. لان رسول الله (صلع) نهى عن اليمين بغير الله، وعن الطلاق لغير السنة، وعن العتق لغير وجه الله، وعن الحج لغير الله.
(1) ه، ط. (2) ط، ى ه - ففعلته. (3) (فيه) صح كما في ط.
[ 100 ]
فصل (3) ذكر النذور (319) قال الله عز وجل (1): إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا. وروينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) نهى عن النذر لغير الله، ونهى عن النذر (2) في معصية أو قطيعة الرحم.
(320) قال جعفر بن محمد (ص): ومن نذر في شئ من ذلك، فلا نذر عليه. لان نذره كان في معصية الله، وليس عليه شئ. وهو كالرجل يجعل لله على نفسه نذرا واجبا، إن قدر على معصية أن يفعلها. فإن قدر على ذلك، فلا يفعله ولا نذر عليه. وإن كان النذر في وجه من وجوه الطاعات وسمى النذر الذي جعله لله (ع ج) عليه، فعليه الوفاء به (3)، وذلك مثل أن يقول: لله علي صلاة معلومة أو صوم معلوم أو حج أو عتق أو وجه من وجوه البر، إن عافاني الله من شئ كذا، أو رزقني الله رزقا كذا، أو بلغني أمرا كذا من الامور الجائزة من أمور الدنيا والاخرة.
(1) 76 / 5 - 7. (2) د، ط، ه - النذور، حش س، ه، ى - ومن نذر نذرا لقدوم غائب فوجده قد قدم قبل ذلك فلا شئ عليه، من مختصر المصنف. (3) انظر صحيفة 260.
[ 101 ]
(321) وقال جعفر بن محمد (ص): وإن قال: لله علي نذر. ولم يسم شيئا، فلا شئ عليه (1). فصل (4) ذكر الكفارات (322) قال الله (ع ج) (2): لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان، فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلثة أيام، ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم الاية. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلع) أنه قال: من حلف على يمين
فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير. فليكفر عن يمينه. (323) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن كفارة اليمين، فقال: كل شئ في القرآن (أو، أو) فصاحبه بالخيار فيه، يختار ما يشاء. وكل شئ في القرآن (فإن لم يجد) أو (لم يستطع) فكذا، فعليه الاول إلا أن لا يجده أو لا يستطيعه. فدل على أن الحانث في كفارة اليمين بالخيار، إن شاء أطعم، وإن شاء كسى، وإن شاء أعتق. فإن لم يجد شيئا من ذلك، صام ثلاثة أيام.
(1) حش ه، ى - وإن نذر بشئ ما، أجزاه وكان تطوعا واجبا عليه وإن جعل النذر مثل كفارة اليمين، فحسن جميل. (2) 5 / 89.
[ 102 ]
(324) وعنه (ع) أنه قال في قول الله (ع ج): من أوسط ما تطعمون أهليكم، قال: من أوسط ما يأكل أهل البيت، قال: هو الخل والزيت والخبز. وأرفع الطعام الخبز واللحم، وأقله الخبز والملح. (325) وعنه (ع): يجزئ في كفارة اليمين مد من طعام لكل مسكين. (326) وعنه (ع) أنه سئل هل: يطعم المكفر مسكينا واحدا، عشرة أيام؟ قال: لا. بل يطعم عشرة مساكين كما أمره الله. قيل: فيطعم الضعفاء من غير أهل الولاية؟ قال: لا. أهل الولاية أحب إلي إن وجدهم، فإن لم يجد منهم أحدا، فالمستضعفين، فإن لم يجده إلا ناصبا فلا يعطه. ودرهم تدفعه إلى مؤمن، أفضل عند الله من ألف درهم تدفعها إلى غير مؤمن، وقد قال الله (ع ج) (1): لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله.
(327) وعن علي (ص) أنه قال في قول الله: أو كسوتهم، قال: ثوبان (2) لكل إنسان. (328) وعن أبي جعفر بن محمد بن علي (ص) أنه قال: يجوز في كفارة اليمين عتق المولود، ولا يجوز في القتل إلا من أقر بالتوحيد، قال جعفر بن محمد (ع). ولا يجوز عتق المدبر في كفارة اليمين ولا في ظهار، وعتق من أغنى بنفسه أفضل، وعتق الصغير في كفارة اليمين يجزئ لان
(1) 58 / 22. (2) حش ه - قال في مختصر المصنف: فإن أعطى كل مسكين ثوبا، لم يجزه من الكسوة، ويجزيه من الطعام إذا كان بقيمته ونواه ولو أعطى كل مسكين قيمة الكسوة لاجزأته، ولو كساه ثم ورثه لم تفسد كفارته والمملوك يكفر بالصوم.
[ 103 ]
الله تبارك وتعالى قال (1): (أو تحرير رقبة) لم يذكر صغيرا ولا كبيرا. (329) وعن علي (ص) ومحمد بن علي وجعفر بن محمد (ص) أنهم قالوا: صيام كفارة اليمين، ثلاثة أيام متتابعة، ولا يفرق بينهما.
(1) 5 / 89.
[ 104 ]
(3) كتاب الاطعمة فصل (2) ذكر إطعام الطعام 1 (330) قال الله عز وجل (2): إن الابرار يشربون من كأس كأن مزاجها كافورا * عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا * يوفون بالنذر
ويخافون يوما كان شره مستطيرا (3) * ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا * إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا * إلى قوله (4): إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا. روينا عن رسول الله (صلع) أنه قال: إذا وضعت موائد آل محمد حفت بها الملائكة يقدسون الله ويستغفرون لهم ولمن أكل طعامهم (5). وكان بعضهم، عليهم السلام، إذا حضر طعامه أحد قال: كل يا عبد الله وتبرك به. (331) وعنه (ع) أنه قال: أهون أهل النار دركة (6)، ابن جذعان. فقيل: يا رسول الله، ولم ذاك؟ قال: كان يطعم الناس الطعام. (332) وعنه (ع) أنه قال: لان أجمع نفرا من إخواني على صاع
(1) ه، د، ط، ى، ع. س - الرغائب في الاطعمة. (2) 76 / 5 - 9. (3) حش ه - مستطيرا أي منتشر يقال استطار الفجر إذا انتشر. (4) 76 / 22. (5) س، ى - أكل طعامعهم، ه، ط، ع، د - أكل من طعامهم. (6) خه س، ه، خه د، - عذابا، ط، ى - أهل النار عذابا يوم القيامة.
[ 105 ]
أو صاعين، أحب إلي من أن أخرج إلى سوقكم (1) فأعتق نسمة. (333) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: ما من مؤمن يطعم مؤمنا شبعة من طعام، إلا أطعمه الله من ثمار الجنة، ولا سقاه رية (2) إلا سقاه الله من الرحيق (3) المختوم. (334) وعن رسول الله (صلع) أنه أعرابيا سأله فقال: يا رسول الله، علمني عملا أدخل به الجنة، قال: أطعم الطعام وأفش السلام (4)، وصل
والناس نيام. قال: لا أطيق ذلك. قال: فهل لك إبل؟ قال: نعم. قال: فانظر بعيرا منها فاسق عليه، أهل بيت لا يشربون الماء إلا غبا (5)، فإنك لعلك لا ينفق (6) بعيرك ولا يتمزق سقاؤك، حتى تجب لك الجنة. (33 5) وعن علي (ص) أن رسول الله (صلع) أتى بسبعة أسارى، فقال لي: يا علي، قم فاضرب أعناقهم، فهبط عليه جبرئيل كطرفة عين، فقال: يا محمد، اضرب أعناق هؤلاء الستة، وخل عن هذا الواحد. فقال له رسول الله (صلع) يا جبرئيل، وما حاله؟ قال: هو مدخى الكف، سخى على الطعام. قال: أعنك أو عن ربي؟ قال: بل عن ربك، يا محمد. (336) وعن محمد بن علي (ع) أنه قال: إطعام مؤمن يعدل عتق رقبة، وأحب الاعمال إلى الله إدخال السرور على المؤمن بشبعة (7) أو قضاء دينه.
(1) س، ه، ع، ط، د - سوقكم هذه. ى - هذا، وحش - السوق تذكر وتؤنث. (2) ه، ط، - شربة. (3) حش ه، ى - الرحيق صفو الخمر. (4) زيد في د، ط ى - وصل الارحام. (5) حش ى - الغب أن ترد الابل يوما وتترك يومين. (6) حش س، ه - أي مات. ى - نفقت الدابة نفوقا، إذا ماتت. (7) ه - بشبعة.
[ 106 ]
(337) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من أطعم أخا له في الله، كان له من الاجر مثل من أطعم فئاما (1)، من الناس، والرزق أسرع إلى من يطعم الطعام من السكين في السنام، واصطف لطعامك ومالك من
تحب في الله. (338) وعنه (ع) أنه قال لبعض أصحابه: ما يمنعك أن تعتق كل يوم رقبة؟ قال: لا يحتمل ذلك مالي، جعلت فداك، قال. فأطعم (2) كل يوم رجلا مؤمنا. قال موسرا كان أو معسرا؟ قال: إن الموسر قد يشتهي الطعام. وكان أبي يقول: لان أطعم عشرة من المؤمنين أحب إلي من أن أعتق عشرة رقاب، يعني من غيرهم. ولان أطعم رجلا مؤمنا أحب إلى من أن أطعم أفقا من سائر الناس. قيل له: وكم الافق؟ قال: عشرة آلاف (3). (339) قال (4) رسول الله (صلع): ما من ضيف يحل بقوم إلا ورزقه في حجره، فإذا نزل، نزل برزقه. فإذا ارتحل ارتحل بذنوبهم، يعني (صلع) تكفيرها (5) عنهم. لا أن الضيف يحمل شيئا من أوزارهم. (340) وعنه (صلع) أنه قال: لا يضيف الضيف إلا كل مؤمن. ومن مكارم الاخلاق قراء الضيف، وحد الضيافة ثلاثة أيام، فما كان فوق ذلك فهو صدقة. (341) وعنه (ع) أنه قال: أكرم أخلاق النبيين والصديقين والشهداء والصالحين التزاور في الله. وحق على المزور أن يقرب إلى أخيه ما تيسر عنده، ولو لم يكن إلا جرعة من ماء. فمن احتشم أن يقرب إلى أخيه ما تيسر عنده
(1) حش ى - الفيام مائة ألف، وبالكسر الفيام جماعة من الناس، والصحيح الفئام. (2) خه ه - تطعم. (3) س - قال: ط، د، ى، ه - ومن. (4) ه خه، يكفوها.
[ 107 ]
لم يزل في مقت الله يومه وليلته. ومن احتقر ما يقرب إليه أخوه، لم يزل في مقت الله يومه وليلته. (342) وعن علي (ع) أنه قال: إذا دخل عليك أخوك المؤمن، فأطعمه من أطيب ما في بيتك. وإن كان صائما، فادهنه (1). (343) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا أتاك أخوك، فقدم إليه ما تيسر عندك. وإن دعوته، فتكلف له ما أمكنك. (344) وعنه (ع) أنه قال لبعض أصحابه وهو يأكل معه: إنما تعرف مودة الرجل لاخيه بجودة أكله من طعامه، وإنه ليعجبني الرجل يأكل من طعامي فيجيد الاكل، يسرني بذلك. (345) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لو دعيت إلى ذراع شاة لاجبت، ولو أهدى إلي كراع (2) لقبلت. فهذا لان الهدية كانت أحب إليه (صلع). وإطعامه الطعام من القربات إلى الله (ع ج) فلم يكن ليبخل بذلك على المؤمنين ولا يحرمهم فضله. (346) وعن علي (ع) أنه كان يأتي الدعوة ويقول: هي حق على من دعى إليها، ومن أتاها ولم يدع إليها، فقد أتى ما لا يصلح له. (347) وعن الحسين بن علي (ع) أنه رأى رجلا دعي إلى طعام فقال
(1) حش ى، ه - من مختصر الاثار في باب الصوم، كان رسول الله (صلع) إذا أكل طعام قوم قال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الابرار، وصلت عليكم الملائكة، يدل بذلك على فضل إفطار الصائم. (2) حش ى - الكراع من الانسان ما دون الركبة ومن الدواب ما دون الكعب، يقال في المثل: أعطى العبد كراعا فطلب ذراعا، والجمع أكرع، وجمع الجمع: أكارع، وكراع كل شي طرفه.
[ 108 ]
للذي دعاه: أعفنى، فقال الحسين (ع) قم فليس في الدعوة عفو، وإن كنت مفطرا فكل، وان كنت صائما فبارك. (348) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: إذا دخل أحدكم على أخيه وهو صائم فسأله أن يفطر، فليفطر. إلا أن يكون صيامه (1) ذلك قضاء، فريضة أو نذرا سماه، أو كان قد زال نصف النهار، وقال: إذا قال لك أخوك: كل، فكل، ولا تلجئه إلى أن يقسم عليك. فإنه إنما يريد كرامتك. (349) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من أكل طعاما لم يدع إليه، فإنما يأكل في جوفه شعلة نار. ونهى أن يطعم الرجل غيره من طعام قد دعي إليه، إلا أن يؤذن له في ذلك. (350) وعنه (ع) أنه قال: إذا مر بكم الرجل، والطعام بين أيديكم، فإن سلم عليكم فادعوه، وإن لم يسلم فلا يدعه أحد. (351) وعنه (صلع) أنه رخص لابن السبيل والجائع، إذا مر بالثمرة أن يتناول منها، ونهى من أجل ذلك عن أن يحوط عليها ويمنع، ونهى (صلع) الاكل منها عن الفساد فيها، وتناول ما لا يحتاج إليه منها، وعن أن يحمل شيئا. وإنما أباح ذلك للمضطر. فصل (2) ذكر صنوف الاطعمة وعلاجها والحاجة إليها (352) روينا عن أبي جعفر محمد بن علي (2) (ص) أن الابرش
(1) س - صيام ذلك.
(2) كما في ه، د، ى، ط، ع. س - عن جعفر بن محمد (ص).
[ 109 ]
الكلبي سأله عن قول الله (ع ج) (1): يوم تبدل الارض غير الارض. قال: تبدل الارض بأرض تكون كخبزة النقى (2) يأكل الناس منها حتى يفرغ (3) الحساب، قال الابرش: إن الناس يومئذ لفى شغل عن الاكل، قال أبو جعفر (ص): هم في النار أشد شغلا، فقد قال الله (ع ج) (4): ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله، قالوا (5): إن الله حرمهما على الكافرين. وهم في النار يأكلون الضريع (6) ويشربون الحميم (7) فكيف بهم عند الحساب؟ إن ابن آدم خلق أجوف، لابد له من الطعام والشراب. (353) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله حكاية عن موسى (ع) (8): رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير. قال: سأل الطعام وقد احتاج إليه. (354) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: سيد الطعام في الدنيا والاخرة اللحم، وسيد الشراب في الدنيا والاخرة الماء. وعليك باللحم، فإنه ينبت اللحم، ومن ترك أكل اللحم أربعين يوما ساء خلقه. (355) قال أبو جعفر محمد بن علي (ع): أكل اللحم يزيد في السمع والبصر والقوة.
(1) 14 / 48. (2) ط، ى - نقية. (3) ى - يقرع، ط، خه س - يفرغ الناس الحساب. (4) 7 / 50.
(5) ه - أو مما رزقكم الله وهم في النار. (6) انظر 88 ز 6 حش ه، ى - الضريع يبس الشبرق وهو نبت، ويقال لرطبه شبرق وإذا يبس كان سما قاتلا، (انظر غريب القرآن لفؤائد عبد الباقي) ص 118. (7) حش ه، ما انتهى حره من الماء. (8) 38 / 24.
[ 110 ]
قال جعفر بن محمد بن علي (ع): شكا نبي من الانبياء الضعف إلى ربه، فأوحى الله (ع ج) إليه: اطبخ اللحم في اللبن فكلهما، فإني جعلت البركة فيهما. ففعل فرد الله إليه قوته. (356) وعن رسول الله (صلع) أنه كان يحب اللحم ويقول: إنا معشر قريش لحميون. وكانت الذراع من اللحم تعجبه، وأهديت إليه (صلع) شاة فأهوى إلى الذراع، فنادته إني مسمومة، وقال (صلع): لا يأكل الجزور إلا مؤمن. (357) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عما يرويه الناس عن رسول الله (صلع) أنه قال: إن الله (تع) يبغض أهل البيت اللحميين. فقال جعفر بن محمد (ع): ليس هو كما يظنون من أكل اللحم المباح أكله، الذي كان رسول الله (صلع) يأكله ويحبه، إنما ذلك من اللحم الذي قال الله (ع ج) (1): أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا (2). يعني بالغيبة له والوقيعة (3) فيه. (358) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: الثريد (4) طعام العرب، وأول من ثرد الثريد إبراهيم (ص)، وأول من هشمه (5) من العرب، هاشم. (359) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: الثريد بركة، وطعام
الواحد يكفي الاثنين. يعني عليه السلام أنه يقوتهم، لا على الشبع (6) والاتساع. (360) وعنه أنه قال: كان رسول الله يعجبه العسل وتعجبه الزبيبة.
(1) 48 / 12. (2) س، ط. ه، د، ى، ع - ميتا فكرهتموه. (3) د، حش (كجراتي) - أي جارى. (4) د، حش (كجراتي) - الثريد أي مليدو. (5) حش ط، - الهشم كسر الخبز وإدخاله في ماء اللحم. (6) كتب في س بالكسر والصحيح في هذا الموضع بالفتح.
[ 111 ]
(361) وعنه (ع) أنه قال: كان رسول الله (صلع) يعجبه الفالوذج (1) وكان إذا أراده قال: اتخذوه لنا، وأقلوا. وأظنه كان عليه السلام يتقي الاكثار منه لئلا يضره (صلع)، وكان عليه السلام يتصدق بالسكر، فقيل له في ذلك، فقال: ليس شئ من الطعام أحب إلى منه، وأنا أحب أن أتصدق بأحب الاشياء إلى. (362) وعنه (ع) أنه كان يشتهي من الالوان الزيرباجة (2) والزبيبة، وكان يقول: أعطينا من هذه الاطعمة والالوان ما لم يعطه رسول الله (صلع). (363) وعن رسول الله (صلع) أنه كان يحب التمر ويقول: العجوة (3) من الجنة. وكان يضع التمرة على اللقمة ويقول: هذه إدام هذه. وكان علي بن الحسين يقول: إني احب الرجل يكون تمريا، لحب رسول الله (صلع) التمر، وعنه إذا قدم إليه الطعام وفيه التمر، بدأ بالتمر. وكان يفطر على التمر في زمان التمر، وعلى الرطب في زمان الرطب. (364) وعن جعفر بن محمد أن رجلا من أصحابه أكل عنده طعاما،
فلما رفع الطعام، قال جعفر بن محمد (ع): يا جارية ايتينا بما عندك، فأتته بتمر، فقال الرجل: جعلت فداك، هذا زمان الفاكهة والاعناب وكان صيفا، فقال: كل فإنه خلق من رسول الله (صلع). قال رسول الله (صلع): العجوة لا داء ولا غائلة (4). (365) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من أكل لقمة سمينة،
(1) س، - بالدال المهملة، ه، ط، د، ى، ع - فالوذج، حش ه، د، ط - الفالوذج نوع من الحلو مركب من ثلاثة أشياء، لباب البر، وسمن البقر، ولعاب النحل. (2) حش ط، د - أي هلوو (كجراتي)، والصحيح مأخوذ من الفارسي، (زيربا) وهو كشوربا يعني. Broth (3) حش ه - العجوة ضرب من أجود التمر. (4) حش ه - اغتاله إذا أخذه على غرة، وى - الغائلة الحقد الباطن والشر.
[ 112 ]
نزل مثلها من الداء من جسده. ولحم البقر داء وسمنها شفاء ولبنها دواء، وما دخل الجوف مثل السمن. (366) وعنه (ع) أنه قال: نعم الادام الخل، ونعم إلادام الزيت، وهو طيب الانبياء وإدامهم، وهو مبارك، وما افتقر بيت من إدام فيه خل. (367) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: الخل يسكن (1) المرار، ويحيى القلوب. (368) وعنه (ع) أنه قدم إلى بعض أصحابه خلا وزيتا ولحما باردا، فأكل معه الرجل. فجعل (ع) ينتف من اللحم ويغمسه في الخل والزيت ويأكله، فقال الرجل: جعلت فداك، هلا طبخا مع اللحم (2)؟ قال (ع): هذا طعامنا وطعام الانبياء عليهم السلام.
(369) وعنه (ع) أنه سئل عن أكل الثوم والبصل والكراث نيئا (3) ومطبوخا، قال: لا بأس بذلك. ولكن من أكله نيئا، فلا يدخل المسجد فيؤذي برائحته. (370) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: عليكم بالعدس (4) فإنه يرق القلب ويكثر الدمعة. ولقد قدسه سبعون نبيا. (371) وعن علي (ص) أنه كان يأكل الرمان بشحمه ويأمر بذلك، ويقول: هو دباغ المعدة، وليس من رمانة إلا وفيها حبة من الجنة، فإذا شذ
(1) ه - يسكن، س - يسكن. (2) س، د، ط، ه، ع - هلا كان اللحم مطبوخا به، ى - هلا كانا طبخا مع اللحم كان اللحم مطبوخا بهما. (3) ط، س، نيئا، ه، د، ى، ع - نيا. (4) حش ط (كجراتي) - دار مسورنى.
[ 113 ]
منها شئ، أي سقط، فتتبعوه (1) فكلوه. وكان لا يشارك أحدا في الرمانة. ويتبع ما سقط منها، ويقول: ما أدخل أحد الرمانة جوفه إلا طرد منه وسواس (2) الشيطان. (372) وعن رسول الله (صلع) أنه قطع سفرجلة فأكل منها، وناول جعفر بن ابي طالب وقال: كل يا جعفر فإن السفرجل يزكي القلب ويشجع الجبان. (373) وعن علي (ع) أنه قال: عليكم بالتفاح فإنه نضوح (3) المعدة. (374) وعن رسول الله (صلع) أنه كان يعجبه الدباء ويلتقطها من الصحفة ويقول: الدباء يزيد في الدماغ.
(375) وعنه (صلع) أنه قال: الهندباء (4) لنا والجرجير (5) لبني أمية، وكأني أنظر إلى منبته أي إلى منبة الباذروج (6) في الجنة. (376) وعنه (صلع) أنه قال: الكرفش (7) بقلة الانبياء. وما من ورقة الهندباء (8) إلا وفيها من ماء الجنة قطرة، وعليكم بالدباء فإنه يزكي العقل ويزيد في الدماغ. وكان يحب الرجلة (9) ويبارك فيها.
(377) وعنه (صلع) أنه قال: من افتتح طعامه بالملح وختم به، عوفي من اثنين وسبعين داء، منها الجذام والبرص. (378) وعن علي (ع) أنه قال: من وجد كسرة خبز ملقاة على الطريق، فأخذها فمسحها ثم جعلها في كوة، كتب الله له حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. وإن أكلها كتب الله له حسنتين مضاعفتين. (379) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: كان أبي (ع) إذا رأى
شيئا من الطعام في منزله قد رمى به، نقص من قوت أهله مثله، وكان يقول في قول الله (ع ج) (1): وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون. قال: هم أهل القرية كان الله (ع ج) قد أوسع عليهم في معايشهم فاستخشنوا الاستنجاء بالحجارة، واستعملوا من خبزة (2) مثل الافهار، وكانوا يستنجون بها (3). فبعث الله عليهم دواب أصغر من الجراد، فلم تدع لهم شيئا مما خلقه الله من شجر ولا نبات إلا أكلته، فبلغ بهم الجهد إلى أن رجعوا إلى الذي كانوا يستنجون به من الخبز. فيأكلونه. (380) وعن علي بن الحسين (ع) أنه دخل إلى المخرج فوجد فيه تمرة فناولها غلامه، وقال: أمسكها حتى أخرج إليك، فأخذها الغلام فأكلها، فلما توضأ عليه السلام وخرج قال للغلام: أين التمرة؟ قال أكلتها، جعلت فداك، قال: إذهب فأنت حر لوجه الله. فقيل له في ذلك: وما في
(1) 16 / 112. (2) ه - الخبز. (3) ه - به.
[ 115 ]
أكل التمرة ما يوجب عتقه؟ قال: إنه لما أكلها وجبت له الجنة، فكرهت أن أستملك رجلا من أهل الجنة. (381) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه نظر إلى فاكهة قد رميت من داره لم يستقص أكلها، فغضب (ع) وقال: ما هذا؟ إن كنتم شبعتم فإن كثيرا من الناس لم يشبعوا. فأطعموه من يحتاج إليه.
(382) وعنه (ع) قال: إن التمرة والكسرة تكون في الارض مطروحة، فيأخذها الانسان فيمسحها ويأكلها، فلا تستقر في جوفه (1) حتى تجب له الجنة. (383) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: كان أبي علي ابن الحسين (ص) إذا رأى شيئا من الخبز في منزله مطروحا، ولو قدر ما تجره النملة، نقص من قوت أهله بقدر ذلك، وكان المهدي بالله قد أمر مرة بقطع الرقاق من وظائف (2) الحرم، فكشف بعض الناس عن (3) العلة في ذلك. فقيل له: إنه دخل غير مرة في حجرة من حجرهم، فرأى منه شيئا قد يبس وطرح في الارض، فنهاهم، فلم ينتهوا فأمر بقطعه عنهم. (384) وعن علي (ع) أنه أتى بطبق فالوذج، فوضع بين يديه، فنظر إليه، ورأى صفاءه وحسنه ونقاءه (4) فوجأ بأصبعه فيه ثم استلها فلم ينتزع منه شيئا، فتلمظ (5) أصبعه، ثم قال: إن هذا لحلو طيب، ولكن نكره أن نعود أنفسنا ما لم تعود، ارفعوه. فرفعوه.
(1) ه خه - بطنه. (2) ه حش - الوظيفة ما يقرره الانسان في كل يوم من طعام أو رزق وقد وظفه توظيفا. (3) س - من، ه - عن صح. (4) حذ ه. (5) حش ى - التلمظ أخذ الاكل بلسانه ما يبقى في فمه من الطعام.
[ 116 ]
(385) وعن رسول الله (صلع) أنه أتى قباء (1) في يوم خميس وهو صائم، فلما أمسى قال: هل من شراب؟ فقام رجل من الانصار فأتاه بقدح لبن مضروب بعسل، فلما طعمه رسول الله (صلع) نزعه من فيه،
فقال: إدامان، يجتزأ (2) بأحدهما دون الاخر، لا أشربه ولا أحرمه، ولكني أتواضع لربي، فإنه من تواضع لله، رفعه الله، ومن تكبر على الله خفضه الله، ومن اقتصد في معيشته، رزقه الله، ومن بذر حرمه الله، ومن أكثر ذكر الله، رزقه الله. فهذا، والله أعلم، من رسول الله تواضع لله كما قال، لا على أن الله حرم شيئا من طيبات الرزق، قال الله عز وجل (3): قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده، والطيبات من الرزق، قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة (4) يوم القيمة. (386) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: ليس في الطعام سرف، وقال في قول الله (ع ج) (5): ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم، فالله (تع) أكرم من أن يطعمكم طعاما فيسألكم عنه، ولكنكم مسئولون عن نعمة الله عليكم بنا، هل عرفتموها وقمتم بحقها؟ (387) وعن علي (ع) أنه قال: أكثر الطعام بركة ما كثرت عليه الايدي (6) وقد قال رسول الله (صلع): طعام الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الاربعة. يعني عليه السلام بالكفاية ما أجزأ، ودفع الجوعة، ليس ما أشبع وبلغ غاية الكفاية.
(1) حش ى - موضع قرب المدينة. (2) كما في س، حش هو - أي يكتفى. (3) 7 / 32. (4) حش ه - خالصة وخالصة معا. (5) 102 / 8. (6) س الايادي. ه، د، ى، ط، ع - الايدي.
[ 117 ]
(388) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الطعام الحار وقال: هو غير ذي بركة، وأتى بطعام حار جدا، فقال: ما كان الله (ع ج) ليطعمنا النار، أقروه حتى يمكن، فإن الطعام الحار ممحوق (1) البركة، وللشيطان فيه شرك (2)، وفيه إذا أمكن خصال: تنمو فيه البركة ويشبع صاحبه ويأمن فيه الموت. (389) وعنه (صلع) أنه نهى أن يشم الخبز كما تشمه السباع. ونهى أن يقطع بالسكين. (390) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن المسك والعنبر وغيره من الطيب يجعل في الطعام، قال: لا بأس به. فصل (3) ذكر آداب الاكل (391) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: ما من رجل يجمع عياله ثم يضع طعامه، فيسمى ويسمون الله في أول طعامهم ويحمدون الله في آخره، فترفع المائدة، حتى يغفر الله لهم (3). (392) وعن علي (ع) أنه قال: إذا سمى الله على أول الطعام،
(1) في ه كتب الحار جدا فاللفظ الاخر (جدا) مشطوب. (2) د، ى، ط - شركة. (3) ه - يغفر لهم.
[ 118 ]
وحمد على آخره، وغسلت الايدي قبله وبعده. وكثرت الايادي عليه. وكان من حلال، فقد تمت بركته.
(393) وقال (ع): ضمنت لمن سمى الله على طعامه أن لا يشتكي منه، فقال ابن الكواء (1): ولقد أكلت البارحة (2) طعاما سميت عليه ثم آذاني (3)، فقال أمير المؤمنين علي (ع): لعلك أكلت ألوانا فسميت على بعضها ولم تسم على بعض، يا لكع (4)، قال: كذلك كان، والله يا أمير المؤمنين. (394) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا وضع الطعام فسموا، فإن الشيطان يقول لاصحابه: اخرجوا، فلس لكم فيه نصيب، ومن لم يسم على طعامه كان للشيطان معه فيه نصيب. وقال: من قال إذا أصبح: أبتدي في يومي هذا بين يدي نسياني وعجلتي بسم الله، أجزأه على ما نسى من طعام أو شراب. (395) وعنه (ع) أنه رخص في النفخ في الطعام والشراب، وقال: إنما يكره ذلك لمن كان معه غيره، كي لا (5) يعافه. (396) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الاكل متكئا. وكان إذا أكل استوفز (6) على إحدى رجليه واطمأن بالاخرى، ويقول: أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد.
(1) س، ط، د، ع، - ابن الكواء، ه - ابن الكوى. (2) حش ه - الليلة الماضية. (3) د - أوذيت. (4) س - أي لئيم. (5) س، د، ط، ى، ع كي لا، ه - لئلا. (6) حش ى (ص) أنه قال: لا تأكل متكئا كما يأكل الجبارون ولا تربع (1). (398) - استوفز في جلسته إذا جلس جلوسا غير مطمئن.
[ 119 ]
(397) وعن علي وعن أبي عبد الله (ص) أنه قال: ما أكل رسول الله (صلع) متكئا مذ بعثه الله حتى قبضه. (399) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يأكل أحد بشماله أو يشرب بشماله أو يمشي في نعل واحد (2). وكان يستحب اليمين في كل شئ. وكان ينهى عن ثلاث أكلات: أن لا يأكل أحد بشماله، أو مستلقيا على قفاه، أو منبطحا على بطنه. (400) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا يأكل الرجل بشماله، ولا يشرب بها ولا يناول بها، إلا من علة. (401) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الاكل بثلاث أصابع، وعن علي (ص) أنه نهى مثل ذلك. (402) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه كان يأكل بالخمس الاصابع ويقول: هكذا كان يأكل رسول الله (صلع) ليس كما يأكل الجبارون. (403) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يأكل أحد من ذروة الثريد، وأمر أن يأكل كل واحد مما يليه، ورخص في الاكل من جوانب الطبق من التمر والرطب. (404) عنه (صلع) أنه قال: إذا أتيتم بالخبز واللحم. فابدءوا بالخبز، فسدوا به الجوع، ثم كلوا اللحم.
(1) خه ه، - ولا متربعان. (2) س، ط، د. ه، ى، ع - واحدة.
[ 120 ]
(405) وعنه (صلع) أنه كان يلعق الصحفة، وقال: آخر الصحفة
أعظمها بركة. وإن الذين يلعقون الصحاف تصلي عليهم الملائكة ويدعون لهم بالسعة في الرزق، وللذي يلعق الصحفة حسنة مضاعفة. وكان إذا أكل لعق أصابعه حتى يسمع لها مصيص. (406) وحكى ذلك جعفر بن محمد (ع) وقال: كان أبي (ص) يكره أن يمسح يده بالمنديل وفيها شئ من الطعام، تعظيما له إلا أن يمصها أو يكون إلى جانبه صبي فيعطيه أنامله يمصها، وهذا من أولياء الله عليهم السلام تواضع لله وتعظيم لرزقه ومخالفة لافعال الجبارين من خلقه. (407) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن القران بين التمرتين في فم، ومن سائر الفاكهة، وكذلك قال جعفر بن محمد (صلع) إنما ذلك إذا كان مع الناس في طعام مشترك. فأما من أكل وحده فليأكل كيف أحب. (408) وعنه (ع) أنه كره القيام عن الطعام. وكان ربما دعا (1) بعض عبيده، فيقال: هم يأكلون. فيقول: دعوهم حتى يفرغوا. (409) وروينا عن أهل البيت (ص) في الدعاء بعد الفراغ من الطعام وجوها، يطول ذكرها، ليس منها شئ موقت. ومن حمد الله عند ذلك وشكره بما قدر عليه، ودعا بما استطاع (2) أجزأه. (410) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: تخللوا على (3) أثر الطعام. فإنه صحة للناب والنواجذ، ويجلب على العبد الرزق. وقال: حبذا المتخللون في الوضوء ومن الطعام، وليس شئ أشد على ملكى المؤمن من أن يريا شيئا
(1) (دعى) في كل مخطوطات. إلا ه. (2) خه د - تيسر. (3) س، ه، خه ى، ع، على. د، ط، خه س، ى - عن.
[ 121 ]
من الطعام في فيه، وهو قائم يصلي (1). ونهى (صلع) عن التخلل بالقصب (2) والرمان والريحان، وقال: إن ذلك يحرك عرق الجذام (3). (411) وعنه (صلع) أنه أمر بغسل الايدي بعد الطعام من الغمر وقال: إن الشيطان يشمه (4). (412) وعن علي (ص) أنه قال: بركة الطعام الوضوء قبله وبعده، والشيطان مولع بالغمر، وإذا أوى أحدكم إلى فراشه فليغسل يديه من ريح الغمر (5) (413) وعنه (ع) أنه كان يكره أن تغسل الايدي بشئ من الطعام، ويقول: إن النعمة تنفر من ذلك. (414) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن ترفع الطشت (6) من بين أيدي القوم حتى تمتلئ. (415) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: رب البيت يتوضأ آخر القوم. يعني عليه السلام من غير عياله، إذا حضر عنده قوم من إخوانه (7).
(1) دعائم الاسلام 1 / 150 (الطبع الاول). (2) د - بالقضيب. (3) الجذام بالضم في (س)، وهو شاذ، انظر دعائم، 1 / 145. (4) دعائم 1 / 149 (الطبع الاول). (5) الرواية محذوفة في ه. (6) حش ه - الطشت مؤنثة، لا يجوز مذكرها، س، ه، ى، ع بالشين، و (د) بالسين المهملة. (7) حش ه - من مختصر الاثار: ينبغي للرجل إذا حضر عنده إخوانه أن يأكل معهم ليستطيبهم، ويكون آخر من يرفع يده منهم وآخر من يتوضأ منهم قبل الطعام وبعده، وقال في
مختصر المصنف: تغسل الايدي قبل الطعام وبعده، ويغسل الرجل يده مع عياله قبلهم، ومع غيرهم بعدهم.
[ 122 ]
فصل (4) ذكر ما يحل أكله وما يحرم أن يؤكل من الطعام (416) قال الله (ع ج) (1): قل لا أجد فيما أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير، الاية، فلو لم يكن بعد هذه الاية تحريم شئ من المأكول من كتاب الله ولا سنة نبيه (صلع) لكان ما عدا هذه المسميات حلالا أكله، ولكن الله تبارك وتعالى أمر رسوله بأن يعلم من أرسل إليه أنه لم يجد فيما أوحى إليه محرما على طاعم يطعمه غير ما ذكره في الوقت الذي أمره بذلك، ثم أنزل الله (ع ج) بعد ذلك عليه فيما أنزل (2): حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير. إلى آخر الاية، وحرم الله (ع ج) على لسان نبيه (صلع) ما سنذكر ما انتهى إلينا منه إن شاء الله (تع)، وقوله: قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما، الذي بدأنا بذكره في سورة الانعام. وقوله: حرمت عليكم الميتة، الاية في سورة المائدة. (417) وقد روينا عن أمير المؤمنين علي (ص) أنه قال: كانت سورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن. (418) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه ذكر ما يحل أكله وما يحرم بقول مجمل، فقال: أما ما يحل للانسان أكله مما أخرجت الارض، فثلاثة صنوف من الاغذية: صنف منها جميع صنوف الحب كله، كالحنطة
(1) 6 / 135. (2) 5 / 3.
[ 123 ]
والارز (1) والقطنية (2) وغيرها، والثاني صنوف الثمار كلها. والثالث صنوف البقول والنبات. فكل شئ من هذه الاشياء فيه غذاء للانسان ومنفعة وقوة، فحلال أكله، وما كان منها المضرة فحرام أكله، إلا في حال التداوي به. وأما ما يحل من أكل لحوم الحيوان، فلحوم البقر والابل والغنم، ومن لحوم الوحش كل ما ليس له ناب ولا مخلب (3)، ومن لحوم الطير كل ما كانت له قانصة، ومن صيد البحر كل ما كان له قشر. وما عدا (4) من هذه الاصناف فحرام أكله، وما كان من البيض مختلف الطرفين فحلال أكله، وما استوى طرفاه فهو من بيض ما لا يؤكل لحمه. (419) وعن رسول الله (ص) أنه قال: كل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير، حرام أكله. (420) وعن أمير المؤمنين علي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يؤكل الذئب ولا النمر ولا الفهد (5) ولا الاسد ولا ابن آوى ولا الدب ولا الضبع. ولا شئ له مخلب. (421) وعن رسول الله (صلع) أنه أباح أكل الارنب. (422) وعنه (صلع) أنه أتى بضب فلم يأكل منه، وقذره. (423) وعن علي (ص) أنه نهى عن الضب والقنفذ وغيره من حشرات (6) الارض كالضب وغيره.
(1) حش س، زوار (كجراتي) وهذا غير صحيح. (2) القطنية واحدة القطانى وهي حبوب كالعدس، والحلبة والارز والدخن والخضر واللوبيا ونحوها. (3) حش ى - المخلب للطائر وللسباع كلها بمنزلة الظفر للانسان. (4) س، ط. د، ى، ع، ه - وما عدا ذلك كله من هذه الاصناف إلخ.
(5) حش ى - جيتو (كجراتي). (6) س - حشرات وهو الصحيح د، ه، اط، ى، ع - هرشات. حش س - الحشرات الهوام والدواب الصغار (صح) حش ى - الحرشة واحدة الحرشات وهي صغار دواب الارض، حش ه - من ضياء العلوم الحرشة واحدة حرشات الارض وهي دوابها الصغار كاليرابيع والقنافذ ونحوها، وكذلك الحرشة واحدة حرشات الارض، الضب دويبة تشبه الورل والقنفذ شبه الفأر وشعره كالشوك.
[ 124 ]
(424) وعنه (ع) أنه قال: النون ذكي والجراد ذكي وأخذه حيا ذكاة (1). (425) وعنه (ع) أنه قال: مر رسول الله (صلع) على رجل من الانصار وهو قائم على فرس له يكيد بنفسه (2) فقال له رسول الله (صلع): إذبحه، يكن لك أجران: أجر بذبحك إياه، وأجر باحتسابك له، فقال: يا رسول الله (صلع) ألى منه شئ؟ قال: نعم، كل وأطعمني، فأهدى إلى رسول الله (صلع) منه فخذا، فأكل وأطعمنا. (426) وقد روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه نهى عن ذبح الخيل. فيشبه أن يكون نهيه عن ذلك، إنما هو عن استهلاك السالم السوي منها. لان الله (ع ج) أمر باستعدادها وارتباطها في سبيله. والذي جاء عن النبي (صلع) إنما هو فيما أشفى على الموت، وخيف عليه الهلاك منها، والله أعلم. (427) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: الحمر الانسية (3) حرام. ونهى عن أكل لحومها يوم خيبر. (428) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا تؤكل البغال. (429) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن أكل لحوم الجلالة وألبانها
وبيضها حتى تستبرأ. والجلالة هي التي تجلل المزابل فتأكل منها العذرة. (430) وعن علي (ص) أنه قال: الناقة الجلالة تحبس على العلف أربعين يوما، والبقرة عشرين يوما، والشاة سبعة أيام والبط خمسة أيام، والدجاجة ثلاثة أيام، ثم تؤكل بعد ذلك لحومها، وتشرب ألبان ذوات الالبان منها، ويؤكل بيض ما يبيض منها.
(1) س. ه، د، ط، ع، ى - ذكوته. (2) حش ه، ى - يقال هو يكيد بنفسه أي يجود بها، وجاد بنفسه أي مات. (3) في ه (الانسية) مشطوب وكتب عليه (الاهلية).
[ 125 ]
(431) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه كره خل الخمر التي تفسد، إذا كان أصله إنما عمل خمرا. (432) وعن أبي عبد الله (ص) أنه كره أكل الغدد ومخ الصلب والطحال والمذاكير والقضيب والحياء (1) وداخل الكلى. (433) وعن أمير المؤمنين (ص) أنه نهى عن الطافي، وهو ما مات في البحر من صيد من قبل أن يؤخذ. (434) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: لا يؤكل من دواب البحر إلا ما كان له قشر، وكره (2) السلحفاة (3) والسرطان والجري (4) وما كان في الاصداف وما جانس ذلك. (435) وعن أمير المؤمنين (ص) أنه قال: المضطر يأكل الميتة وكل محرم إذا اضطر إليه. قال جعفر بن محمد (ص): إذا اضطر الرجل
إلى الميتة أكل حتى يشبع، وإذا اضطر إلى الخمر شرب حتى يروى، وليس له أن يعود إلى ذلك حتى يضطر إليه أيضا. (436) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه رخص في طعام أهل الكتاب (5) وغيرهم من الفرق، إذا كان الطعام ليس فيه ذبيحة.
(1) حش ه - حيا الناقلة وكل أنثى معروف وهو الرحم، ومن الصحاح الحيا رحم الناقة والجمع حيية عن الاصمعي. (.) Vulva of animal (2) كذا في س. (3) حش ه - السلحفاة بضم السين وفتح اللام وإسكان الحاء واحدة السلاحف من خلق الماء ويقال أيضا سلحفية بالياء. (4) س، د - الجرى. ه - الجرى (صح كما في القاموس). (5) حش ه، ى - من جوابات سيدنا النعمان للزواعي خطاب بن وسيم حاكم زواة، وسألت عن طعام أهل الكتاب وطعام الذين أوتوا الكتاب، وهل بين اليهود والنصارى في ذلك فرق، فاليهود والنصارى أهل كتاب، قال الله عز وجل: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم (5 / 5). فهذا في الجوت والادام، وأما الذبائح فقد قال الله تعالى: ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه (6 / 121).
[ 126 ]
(437) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه ذكر له الجبن (1) الذي يعمله المشركون، وأنهم يجعلون فيه الانفحة من الميتة، ومما لا يذكر اسم الله عليه. قال: إذا علم ذلك لم يؤكل، وإن كان الجبن مجهولا لا يلم من عمله، وبيع في سوق المسلمين، فكله. (438) وعنه (ع) أنه سئل عن الانية يكون فيها الخمر، فرخص في استعمالها إذا غسلت.
(439) وعن علي (ص) أنه رخص في الادام والطعام تموت فيه خشاش (2) الارض والذباب وما لا دم له فيه، فقال: لا ينجس ذلك شيئا ولا يحرمه، فإن مات فيه ما له دم، وكان مائعا فسد، وإن كان جامدا فسد منه ما حوله، وأكلت بقيته.
(1) حش ه - الجبن الذي يؤكل والجبنة أخص منه، والجبن أيضا صفة الجبان، والجبن المشركون بضم الجيم والباء لغة فيهما وبعضهم يقول جبن وجبنة بالتشديد، وط - أي پنير (كجراتي وفارسي). (2) س - خشائش، ه - خشاش، ى - خشاش، ط ع -، حشاش، د - خشاش (صح). حش ه - خشاش الطير صغارها وخشاش الارض حشراتها. وفي الحديث أن امرأة تعذب في هرة كانت لا تطعمها ولا تدعها تأكل وتصطاد من خشاش الارض، ويروى خشاش بالضم والفتح والكسر، حش - ى خشاش يروى بالفتح والضم والكسر، وخشاش الطير صغارها، خشاش الارض حشراتها. من الايضاح.
[ 127 ]
(4) كتاب الاشربة فصل (1) ذكر ما يحل شربه وما لا يحل (440) قال الله (ع ج) (1): وأنزلنا من السماء ماء طهورا * لنحيى به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسى كثيرا. وقال (2): وفجرنا الارض عيونا. وقال الله تعالى (3): أفرءيتم الماء الذي تشربون * أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون. وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: الماء سيد الشراب في الدنيا
والاخرة، وشرب المياه التي خلقها الله جل ذكره لا صنعة فيه للادميين، ما لم تخالطها نجاسة، أو ما يحرم شربها من أجله مباح، ذلك بإجماع فيما علمناه، وكذلك شرب لبن كل شئ يؤكل لحمه من الدواب والصيد والانعام، فحلال شربه، وما لا يحل أكل لحمه، فلا يجوز شرب لبنه إلا لمضطر، وما خلط به الماء من لبن أو عسل، يحل أكله وشربه، من تمر أو زبيب أو غير ذلك من المحللات، فشربه حلال ما لم يتغير بالغليان والنشيش. وكل ما يستخرج من عصير العنب والتمر والزبيب، وطبخ قبل
(1) 25 / 48 - 49. (2) 54 / 12. (3) 56 / 68 - 69.
[ 128 ]
أن ينش حتى يصير له قوام كقوام العسل، فهو حلال شربه، صرفا (1) ومشوبا بالماء ما لم يغل، وأكله وبيعه وشراؤه والانتفاع به. (441) وقد روينا عن علي (ص) أنه كان يروق (2) الطلاء (3)، وهو ما طبخ من عصير العنب حتى يصير له قوام، كما وصفنا. (442) وعن أبي جعفر (4) أنه سئل عن شرب العصير فقال: لا بأس بشربه من الاناء الطاهر، غير الضارى، اشربه يوما وليلة ما لم يسكر كثيره، فإذا أسكر كثيره، فقليله حرام، ولا تشربوا خزيا طويلا، فبعد ساعة أو بعد ليلة تذهب لذة الخمر وتبقى آثامه. فاتقوا الله وحاسبوا أنفسكم. فإنما كان شيعة على (ع) يعرفون (5) بالورع والاجتهاد والمحافظة ومجانبة الضغائن والمحبة لاولياء الله.
(443) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: لا بأس بشرب العصير سلافة (6) قبل أن تختمر، ما لم يسكر. (444) وعن علي (ص) أنه قال: كنا ننقع لرسول الله (صلع) زبيبا أو تمرا في مطهرة في الماء لنحليه له، فإذا كان اليوم واليومان شربه، فإذا تغير، أمر به فهريق.
(1) حش ه - أي خالصا، الصوف الخالص الذي لم يمزج بشئ. (2) حش س، ه، - روق الشراب إذا صفاه. (3) حش ه - س، الطلاء جنس من الشراب يطبخ حتى يذهب ثلثاه وقيل الطلاء من أسماء الخمر. (4) ز د ه، د - محمد بن علي عليه السلام. (5) س - يعرفون (؟). (6) حش ه - السلافة أول كل شئ يعصر، وقيل السلافة ما سال من عصير العنب قبل أن يعصر.
[ 129 ]
(445) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: الحلال من النبيذ أن تنبذه وتشربه من يومه ومن الغد، فإذا تغير فلا تشربه. ونحن نشربه حلوا قبل أن يغلي. (446) وقال (ع): كانت سقاية زمزم ملوحة (1) وكانوا يطرحون فيها تمرا ليعذب ماؤها. فصل (2) ذكر آداب الشاربين (447) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) نهى عن الشرب والاكل بالشمال، وأمر أن يسمى الله الشارب إذا شرب، ويحمده إذا فرغ. يفعل ذلك كلما تنفس في الشراب أو (2) ابتدأ
أو قطع. (448) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن اختناث (3) الاسقية، وهو أن يثنى أفواه القرب ثم يشرب منها. وقيل إن ذلك نهى عنه لوجهين: أحدهما أنه يخاف أن تكون فيها دابة أو حية فتنساب في فم الشارب، والثاني أن ذلك ينتنها (4). (449) وعنه (صلع) أنه شرب قائما وجالسا. (450) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه نهى عن الشرب من قبل عروة (5) الاناء.
(1) حش ط - خارو (كجراتي). (9) في ه (أو) كتب ومشطوب، وهو الصحيح. (3) حش ى - اختنث السقاء إذا قلب فمه إلى خارج وشرب منه. (4) س - ينتنها. ه - ينتنها، وهو الاحسن. (5) حش ى - العروة هي المخرج ولا بأس على من شرب منها.
[ 130 ]
(451) وعن رسول الله (صلع) أنه مر برجل يكرع في الماء (1) بفيه، يعني يشربه من إناء أو غيره من وسطه وقال: أتكرع ككرع البهيمة؟ إن لم تجد إناء فاشرب بيديك فإنهما من أطيب آنيتك. (452) وعنه (ص) أنه قال مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا (2)، فإن منه يكون الكباد (3). (453) وعن علي، صلوات الله عليه، أنه قال: تفقدت رسول الله (صلع) غير مرة وهو (4) يشرب الماء. تنفس ثلاثا، مع كل واحدة منهن. تسمية إذا شرب، وحمد (5) إذا قطع.
(454) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما قالا: ثلاث أنفاس في الشراب أفضل من نفس واحدة، وكرها أن يتشبه الشارب بشرب الهيم، يعنيان الابل الصادية، لا ترفع رؤوسها من الماء حتى تروى. (455) وعن الحسين بن علي (ع) أنه كره تجرع اللبن، وكان يعبه عبا وقال: إنما يتجرع أهل النار. (45 6) وعن رسول الله (صلع) أنه كان إذا شرب اللبن قال: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، وإذا شرب الماء قال: الحمد لله الذي سقانا عذبا زلالا برحمته، ولم يسقنا ملحا أجاجا بذنوبنا.
(1) ه - يكرع الماء، وحش - كرع في الماء إذا تناوله بفيه من موضعه من غير أن يشرب بكفيه ولا بإناء. (2) حش ه - العب تجرع الماء من غير مص. (3) حش ه - الكباد وجع الكبد، وفي الحديث: الكباد من العب. (4) ه - وهو إذا شرب، د، ى - إذا يشرب، س، ط - كما في المتن. (5) ه - حمدة.
[ 131 ]
فصل (3) ذكر ما يحرم شربه (457) قال الله عز وجل (1): يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. فنهى عليه السلام (2) عن الخمر كما نهى عن جميع المحرمات. (458) روينا (3) عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: الخمر حرام. ولعن الخمر بعينها، وعاصرها ومعتصرها
وبائعها ومشتريها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه، وآكل ثمنها. (459) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: مدمن الخمر يلقى الله حين يلقاه كعابد وثن، ومن شرب منها شربة لم يقبل الله (عز وجل) منه صلاة أربعين (4) ليلة. (460) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: حرمت الجنة على ثلاثة: مدمن الخمر وعابد وثن وعدو آل محمد. ومن شرب الخمر فمات بعد ما شربها بأربعين يوما، لقى الله عز وجل كعابد وثن. (461) وعن أمير المؤمنين علي (ص) أنه سمع رسول الله (صلع) يقول: لا أحل مسكرا. كثيره وقليله حرام (5).
(1) 5 / 90. (2) س، ط - عليه السلام (يعني رسول الله صلع)، ه، د، ى، ع عز وجل. (3) س، ه - روينا. (4) د، ى - يوما وليلة. (5) س، ط، ى، د،. ه، ع - قليله وكثيره حرام.
[ 132 ]
(462) وعن أبي جعفر محمد بن علي) أنه (ص قال: كل مسكر حرام. فقيل له: أعنك؟ قال: لا، بل قاله رسول الله (صلع). قيل له: كله؟ قال: نعم. الجرعة منه حرام. (463) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: حرم رسول الله (صلع) المسكر من كل شراب، وما حرمه رسول الله (صلع) فقد حرمه الله، وكل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام. فقال له رجل من أهل الكوفة: أصلحك الله، إن فقهاء بلدنا يقولون: إما حرم المسكر، فقال:
يا شيخ، لا أدري ما يقول فقهاء بلدك، حدثني أبي عن أبيه عن جده علي ابن أبي طالب أن رسول الله (صلع) قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام (1). (464) وعنه (ع) أنه قال: التقية ديني ودين آبائي في كل شئ، إلا في تحريم المسكر، وخلع الخفين، يعني عند الوضوء، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، يعني فيما يجهر فيه من الصلاة. (465) وقال رسول الله (صلع) (2): ليس مني من يستخف بالصلوة. وليس مني من يشرب مسكرا، لا يرد علي الحوض، لا، والله. (466) وعن علي (ع) أنه قال: لا توادوا من يستحل المسكر، فإن شاربه مع التحريم (3) أيسر من هالك يستحله أو يحله، وإن لم يشربه.
(1) حش ه، ى - من مختصر المصنف ولا يحد المسلم بريح الخمر منه حتى يشهد شاهدان أنه شربها، أو يقر إذا لم يوجد سكران ولو شهد واحد عليه أنه شربها، وشهد آخر أنه قاءها كان جائزا، وكذلك لو شهد شاهد أنه شربها، وشهد آخر أنه أقر بشربها، ولو شرب مكرها لم يحد، وإذا قذف السكران رجلا حبس حتى يصحو ثم يحد للمقذوف ويحبس حتى يجف الضرب ثم يحد للسكر. (2) ه زد - أنه قال. (3) ه - تحريمه.
[ 133 ]
وكفى بتحليله إياه براءة وردا لما جاء به النبي (صلع) ورضى بالطواغيت. (467) وعن جعفر بن محمد (صلع) أنه قال: من شرب مسكرا فأذهب عقله، خرج منه روح الايمان. (468) وعن الحسين (1) بن علي (ص) أنه كتب إلى معاوية كتابا يقرعه فيه ويبكته بأمور صنعها. كان فيه: ثم وليت ابنك وهو غلام يشرب
الشراب ويلهو بالكلاب، فخنت أمانتك وأخربت (2) رعيتك، ولم تؤد نصيحة ربك، فكيف تولى على أمة محمد من يشرب المسكر؟ وشارب المسكر من الفاسقين، وشارب المسكر من الاشرار. وليس شارب المسكر بأمين على درهم فكيف على الامة؟ فعن قليل ترد على عملك حين تطوى صحائف الاستغفار، وذكر باقي (3) الحديث بطوله. (469) وعن علي بن الحسين صلوات الله عليه أنه قال: الخمر من خمسة أشياء: من التمر والزبيب والحنطة والشعير والعسل، يعني بعد العنب، وكل مسكر خمر، وإنما اشتق اسم الخمر من التخمير، وهو التغطية له ليدفأ فيغتلم. (470) روينا عن أهل البيت عليهم السلام وأشياعهم احتجاجا طويلا في تحريم المسكر حذفناه اختصارا، وفيما جاء عنهم صلوات الله عليهم مما ذكرناه، ما كفى وأغنى (4) عن الاحتجاج. (471) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يتعالج بالخمر والمسكر، وأن
تسقى الاطفال والبهائم، وقال: الاثم على من سقاها (1). (472) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن شرب الفقاع فسأل السائل: كيف هو؟ فأخبره، فقال: حرام، فلا تشربه. (473) وعنه (ع) أنه قال: لا يتداوى بالخمر ولا المسكر، ولا
تمتشط النساء به، فقد أخبرني أبي عن أبيه عن جده أن عليا صلوات الله عليه وعلى الائمة من ذريته، قال: إن الله لم يجعل في رجس حرمه، شفاء. (474) وعنه (ع) أنه سئل عن الاواني الضارية، فقال: إنه لم يحرم النبيذ من جهة الظروف، ولكنه حرم قليل المسكر وكثيره.
(1) ه - يسقيها. (2) حش س - ه، ى، - الفقاع شراب يتخذ من الشعير، حش ه، ى - ومن كتاب الاخبار ورووا أن الفقاع المعمول في الاواني الضوارى حرام لا يحل شربه ولا بأس بالاناء الذي تعمل فيه المرة والمرتين، ومنه في ذكر الاواني روى الرواة عن أهل البيت عليهم السلام أن رسول الله (صلع) نهى عن الدباء وهى القرعة وعن الخنتم والخنتم قيل إنها جرار خمر وقال آخرون خضر من المقير وعن المزفت وعن النقير وهو إناء كانوا يعملونه من جذع النخل وهذه كلها آنية كانوا ينبذون فيها فلا تكاد تكون عندهم الا ضارية ونهى أن يجعل فيها شئ من الشراب الحلال لئلا يحيله ويغيره ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة والانية المذهبة والمفضضة، حاشية الفقاع: شراب يتخذ من الشعير وسمى فقاعا لما يعلوه من الزبد من الضياء.
[ 135 ]
(5) كتاب الطب فصل (1) ذكر الطب (475) روينا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى الائمة من ذريته (1) آثارا في التعالج والتداوي، وما يحل من ذلك وما يحرم منه،، وفيما جاء عنهم صلوات الله عليهم، لمن تلقاه بالقبول وأخذه بالتصديق بركة وشفاء إن شاء الله، لا لمن لم يصدق ذلك، وأخذه على وجه التجربة.
(476) وقد روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه حضر يوما عند محمد بن خالد أمير المدينة. فشكا محمد إليه وجعا يجده في جوفه فقال: حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي (ع) أن رجلا شكا إلى رسول الله (صلع) وجعا يجده في جوفه فقال: خذ شربة عسل، وألق فيها ثلاث حبات شونيز (2) أو خمسا أو سبعا، واشربه تبرأ بإذن الله. ففعل ذلك الرجل فبرئ، فخذ ذلك أنت. فاعترض عليه رجل من أهل المدينة كان حاضرا، فقال: يا أبا عبد الله، قد بلغنا هذا وفعلنا فلم ينفعنا، فغضب أبو عبد الله (ع) وقال: إنما ينفع الله بهذا أهل الايمان به، والتصديق لرسله، ولا ينفع به أهل النفاق ومن أخذه على غير تصديق منه للرسول. فأطرق الرجل.
(1) ط، د، ى - وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن رسول الله إلخ. (2) حش د ومجمع بحار الانوار - بفتح الشين، أي الحبة السوداء.
[ 136 ]
فصل (2) ذكر التشفي بأعمال البر (477) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه (ص) أنه سئل عن قول النبي (صلع) في الحبة السوداء، فقال: قد قال ذلك، قيل: وما قال؟ قال: فيها شفاء من كل داء إلا السام. يعني الموت. ثم قال عليه السلام (1) للسائل: ألا أدلك على ما لم يستثن فيه رسول الله (صلع)؟ قال: بلى، قال: الدعاء، فإنه يرد القضاء وقد أبرم إبراما. وضم أصابعه من كفيه جميعا، وجمعهما جميعا (2) واحدة إلى الاخرى. الخنصر بحيال الخنصر كأنه يريك شيئا. (478) وعنه (ع) أنه قال: ارغبوا في الصدقة وبكروا بها، فما من
مؤمن يتصدق بصدقة حين يصبح، يريد بها ما عند الله، إلا دفع الله بها عنه شر ما ينزل من السماء في ذلك اليوم. ثم قال: ولا تستخفوا بدعاء المساكين للمرضى منكم، فإنه يستجاب لهم فيكم، ولا يستجاب لهم في أنفسهم. (479) وعنه (ع) أن بعض أهل بيته ذكر له أمر عليل عنده، فقال له: ادع بمكتل (3)، فاجعل فيه برا واجعله بين يديه، ومر غلمانك إذا جاء سائل أن يدخلوه إليه، فيناول منه بيديه ويأمره أن يدعو له، فقال: أفلا أعطى دراهم ودنانير؟ فقال: اصنع ما أمرتك فكذلك روينا، ففعل فرزق العافية. (480) وعنه (ع) أن رجلا من أصحابه شكا إليه وضحا (4) أصابه
(1) ه - أبو جعفر. (2) د، ى - جمعا (وهو أحسن). س، ه، ط، ع - جميعا. (3) حش ى - مكتل زنبيل يسع خمسة عشر صاعا. (4) حش س، ى، - أي برص.
[ 137 ]
بين عينيه وقال: بلغ مني يا بن رسول الله أمره مبلغا شديدا، فقال: عليك بالدعاء وأنت ساجد، ففعل (1) فبرئ. (481) وعنه (ع) أنه قال: ثلاث يذهبن النسيان ويحدثن الذكر: قراءة القرآن والسواك والصيام. (482) وعنه (ع) أنه قال: إذا أصابك هم فامسح يدك على موضع سجودك، ثم أمر (2) يدك على وجهك من جانب خدك الايسر، وعلى جبهتك إلى جانب خدك الايمن، ثم قل: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله الذي لا إله إلا هو، عالم الغيب والشهادة، هو الرحمن الرحيم، اللهم أذهب عني
الهم والحزن والفتن كلها (3) ما ظهر منها وما بطن. ثلاثا. (483) وعنه (ع) أنه قال: من قال كل يوم ثلاثين مرة، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وتبارك الله أحسن الخالقين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. دفع الله عنه تسعة وتسعين نوعا من أنواع البلاء. أهونها الجنون. (484) وعن علي (ع) أنه قال: شكوت إلى رسول الله (صلع) تفلت القرآن مني فقال: يا علي، سأعلمك كلمات يثبتن القرآن في قلبك، قل: (اللهم ارحمني بترك معاصيك أبدا ما أبقيتني. فارحمني بترك ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، وألزم قلبي حفظ كتابك
(1) حش ه، ى - من مختصر الاثار: قال يا بن رسول الله فعلمني ما أدعو به، قال: قل - يا ألله، يا رحمن، يا رحيم، يا سميع الدعوات، يا معطى الخيرات، أعطني خير الدنيا والاخرة واصرف عني شرهما وأذهب هذا الذي بين عيني، فإنه قد غمني وأحزنني. (2) أو أمرر. (3) س، د، ى. ط - أذهب عني الهم والفتن ثلاثا، ه - أذهب عني الحزن والهم والغم ومضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن ثلاثا.
[ 138 ]
كما علمتني، وأن أتلوه على النحو الذي يرضيك مني، (اللهم نور بكتابك بصري، وأطلق به لساني، واشرح به صدري، واستعمل به بدني، وأعني به. إنه لا يعين عليه إلا أنت)، فدعوت بهن، فأثبت الله عز وجل القرآن في صدري. (485) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: في المرأة التي يستمر بها الدم فتستحاض، فقال: تغتسل عند كل صلاة احتسابا، فإنه لم تفعله
إمرأة قط احتسابا، إلا عوفيت من ذلك. (486) وعنه (ع) (1) أنه قال: ضمنت لمن سمى الله على طعامه أن لا يشتكي منه، فقال ابن الكواء: لقد أكلت البارحة طعاما فسميت عليه، ثم أصبحت قد آذاني، فقال له: لعلك أكلت ألوانا (2) فسميت على بعضها ولم تسم على بعض؟ فقال: كان كذلك. قال: فمن هناك أتيت، يا لكع. فصل (3) ذكر التعويذ والرقى (487) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) قال: سحر لبيد بن الاعصم (3) اليهودي وأم عبد الله اليهودية، رسول الله
(1) س، ط، د. ه، ى، ع - وعن علي ع. (2) حش ه، ى - وعن أبي عبد الله (ع) أن رجلا من أصحابه شكى إليه فسادا يجده في معدته، وأنه لا يأكل طعاما إلا ضره واتخم له، فقال له سم الله على كل طعام تأكله، وعندما تأكل كل لون منه، فإن ذلك لا يضرك ففعل فعوفي. وعن علي (ص) أنه قال إذا وضع أحدكم إناء بين يديه وفيه طعام أو شراب فخاف أن يكون فيه شئ يضره واتهمه، فليسم الله وليتناول منه، فإنه لا يضره مع اسم الله شئ. من مختصر الاثار. (3) س - عاصم، ه - الاعصم، حش ه - لبيد بن الاعصم اليهودي من بني زريق وبنو زريق بتقديم الزاي المضمومة على الراء المفتوحة وبالقاف بطن من الانصار وهم أولاد عامر بن زريق ابن عبد حارثة بن ملك بن الخزرج والنسب إليهم زرقي، من جامع الاصول.
[ 139 ]
في عقد خيوط (1) من أحمر وأصفر. فعقدا له فيه إحدى عشرة عقدة. ثم جعلاه في جف (2) طلع. ثم أدخلاه في بئر، ثم جعلاه في مراقى البئر بالمدينة (3)، فأقام رسول الله لا يسمع ولا يبصر ولا يفهم ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب،
فنزل عليه جبرئيل (ع) بمعوذات ثم قال له: يا محمد، ما شأنك؟ فقال: لا أدري، أنا بالحال الذي ترى، فقال: إن لبيد بن الاعصم اليهودي وأم عبد الله اليهوديين سحراك، وأخبره بالسحر حيث هو، ثم قرأ عليه (بسم الله الرحمن الرحيم، قل أعوذ برب الفلق (4)) فقال رسول الله (صلع) ذلك، فانحلت عقدة. ثم قرأ أخرى فانحلت عقدة أخرى، حتى قرأ إحدى عشرة مرة، فانحلت إحدى عشرة عقدة، وجلس النبي فأخبره جبرئيل الخبر، فقال لي: انطلق (5) فأتني بالسحر، فجئته به، ثم دعا بلبيد وأم عبد الله فقال: ما دعاكما إلى ما صنعتما؟ ثم قال للبيد: لا أخرجك الله من الدنيا سالما. وكان موسرا كثير المال. فمر به غلام (6) في أذنه قرط (7) فجذبه فخرم أذن الصبي، فأخذ فقطعت يده، فكوى (8) منها، فمات. (488) وعنه (ع) أنه قال: كان رسول الله (صلع) يجلس الحسن على فخذه اليمنى، ويجلس الحسين على فخذه اليسرى ثم يقول: أعيذ كما
(1) س، د، - خيط. ه، ط - خيوط. ى، معا. (2) حش ه، الجف وعاء طلع النخل. (3) حش س ه بئر ذي أرواق. (4) سورة 113، حش ه - إلى آخر السورتين، من مختصر الاثار. (5) س، ط - انطاق. ه، د، ى، ع - يا على، انطلق. (6) ى زيد - صغير. (7) حش ه - قيمته دينار - مختصر الاثار. (8) حش ه - فلم يرقأ الدم ونزف، من مختصر الاثار.
[ 140 ]
بكلمات الله التامة، من شر كل شيطان وهامة (1)، ومن كل عين لامة، ثم يقول: هكذا كان إبراهيم أبي يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق. (489) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا شكا إليه وجعا يعترضه، فقال: قل: بسم الله، وامسح عليه، ثم قال: قل: أعوذ بقدرة الله، وأعوذ بجلال الله، وأعوذ بعظمة الله، وأعوذ بجميع حدود الله، وأعوذ بأسماء الله، وأعوذ بأسماء رسول الله من شر ما أجد فيك. تقولها سبع مرات. فقالها، فذهب عنه ما كان يجده. (490) وعن علي أنه قال: مرضت فعادني رسول الله (صلع) وأنا لا أتقار على فراشي فقال: يا علي إن أشد الناس بلاء (2) النبيون ثم الاوصياء ثم الذين يلونهم، أبشر، فإنها حظك من عذاب الله، مع ما لك من الثواب، ثم قال: أتحب أن يكشف الله ما بك؟ فقلت: بلى يا رسول الله، قال قل: اللهم ارحم جلدي الرقيق وعظمي الدقيق، وأعوذ بك من فورة الحريق يا أم ملدم (3) إن كنت آمنت بالله (4) فلا تأكلي اللحم ولا تشربي الدم ولا تفوري على الفم، وانتقلي إلى من يزعم أن مع الله إلها آخرا، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. قال علي (ع): ففعلتها، فعوفيت من ساعتي.
(1) حش ه، ى - وقوله وهامة الهميم دبيب الهوام، هوام الارض والهوام ما كان من خشاش الارض نحو العقارب وما أشبهها، الواحدة هامة لانها تهم أي تدب، والعين اللامة أي تلم بالانسان أي تصيبه ويقولون: أعوذ بالله من الهامة واللامة، يعنون باللامة ما يلم بالانسان مما يخاف منه أن ينزل - من شرح الاخبار. (2) زيد في ه، في هذه الدنيا. (3) حش ه، ى - أم ملدم كنية الحمى، واللدم الضرب.
(4) زيد في ه، واليوم الاخر.
[ 141 ]
(491) وعن جعفر بن محمد (ع): ما فزعت إليه قط إلا وجدته نافعا. وكنا نعلمه النساء والصبيان. قال جعفر بن محمد (ع): إذا أردت أن تعوذ، فضم كفيك واقرأ فيهما بفاتحة الكتاب. وقل هو الله أحد، ثلاث مرات. ثم اجعلهما على المكان الذي تجد، ثم ضمهما واقرأ بفاتحة الكتاب وقل أعوذ برب الفلق ثلاث مرات، ثم ضعهما على المكان الذى تجد الثاني (1)، ثم ضمهما واقرأ بفاتحة الكتاب وقل أعوذ برب الناس، ثلاث مرات، ثم ضعهما على الوجع. (492) وعن علي (ع) أنه قال: من ساء خلقه فأذنوا في أذنه. (493) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الرقى بغير كتاب الله وما لا يعرف بذكره (2)، وقال: إن هذه الرقى مما أخذه سليمان بن داود على الانس والجن والهوام. (494) وعنه (ع) أنه قال: لا رقى إلا في ثلاث حمة (3) وعين ودم لا يرقأ. والحمة السم. (495) وعنه (ع) أنه قال: لا عدوى (4) ولا طيرة ولا هام (5)، والعين حق والفأل حق، فإذا نظر أحدكم إلى إنسان أو إلى دابة أو إلى شئ حسن فأعجبه فليقل: آمنت بالله وصلى الله على محمد وآله، فإنه لا تضر عينه.
(1) ه - الثانية. (2) حش ه - وأسمائه، من مختصر الاثار. (3) ه: في حمة أو عين أو دم إلخ حش ه، ى - من مختصر الاثار: وحمة العقرب شوكتها وشوكة الزنبوز عند العامة، وهو غلط إنما الحمة السم من ذلك ومن الحية وغيرها، والحمة كل
دابة ذات سم فأما شوكة العقرب فهي الابرة، حاشية. (4) ه، ى ع - عدوى (ص) س، د، ط، - عدوا. (5) زيد في س، ى بيد الاخرى - في الاسلام.
[ 142 ]
(496) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: إذا أردت أن ترقى (1) الجرح، يعني من الالم والدم وما تخاف منه عليه، فضع يدك على الجروح (2) وقل: بسم الله أرقيك، بسم الله الاكبر من الحد والحديد (3) والحجر الاسود والناب الاسمر، والعرق فلا ينعر (4)، والعين فلا تسهر. تردده ثلاث مرات. (497) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن التمائم والتول، فالتمائم ما يعلق من الكتب والخرز وغير ذلك، والتول ما يتحبب به النساء إلى أزواجهن، كالكهانة وأشباهها (5). ونهى عن السحر. قال جعفر بن محمد (ع): ولا بأس بتعليق ما كان من القرآن. (498) وعن علي (ع) (6) أنه قال: كنا مع رسول الله (صلع) ذات ليلة، إذ رمى نجم (7) فاستضاء (8)، فقال رسول الله (صلع) للقوم: ما كنتم تقولون في وقت الجاهلية إذا رأيتم مثل هذا؟ قالوا: كنا نقول: مات عظيم وولد عظيم، فقال: فإنه لا يرمى بها لموت (9) أحد ولا لحياة أحد، ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش فقالوا: قضى ربنا بكذا، فيسمع (10) ذلك أهل السماء التي تليهم فيقولون ذلك. حتى يبلغ
(1) ط، س، ترقا، ى، ه، ترقئ. د - ترق. (2) س، د، ط. ه، ى، ع - الجرح. (3) ه، - من الحديدة إلخ.
(4) خه س، ى - تقطر. (5) زيد في ي - وإنما من السحر. (6) ط - وعنه (يعني جعفر بن محمد ع)، د - وعن جعفر بن محمد (ص). (7) س - شهب، ى - بشهاب، ط، د - نجم، ه، ع - بنجم. (8) ه - فاستنار. (9) س، ط - الموت... والحياة. (10) ط - فسمع.
[ 143 ]
ذلك أهل سماء الدنيا، فتسترق الشياطين السمع، فربما اعتقلوا (1) شيئا فأتوا به الكهنة، فيزيدون وينقصون. فتخطئ الكهنة وتصيب. ثم إن الله منع السماء بهذه النجوم، فانقطعت الكهانة. فلا كهانة، وتلا (2) قول الله عز وجل (3): إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين، وقوله جل ثناؤه (4): وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع (5) فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا. فصل (4) ذكر العلاج والدواء (499) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: تداووا (6) فما أنزل الله داء إلا أنزل معه دواء، إلا السام. يعني الموت، فإنه لا دواء له. (500) وعنه (ع) أن قوما من الانصار قالوا: يا رسول الله إن لنا جارا اشتكى بطنه، أفتأذن لنا أن نداويه؟ قال: بماذا تداوونه؟ قالوا: يهودي عندنا يعالج من هذه العلة، قال: بماذا؟ قالوا: يشق البطن فيستخرج
منه شيئا. فكره ذلك رسول الله (صلع)، فعاودوه مرتين أو ثلاثا، فقال:
(1) س، ط - اعلقوا، س خه، - اعتقلوا، ه، ى، ع - اعتلقوا حش ط - أي أصابوا. (2) يعني رسول الله، كما في س، ط. ه - وتلى جعفر بن محمد (ص)، (3) 15 / 18. (4) 72 / 9. (5) ه - الاية. (6) ط تداووا مرضاكم.
[ 144 ]
افعلوا ما شئتم، فدعوا (1) اليهودي فشق بطنه ونزع منه رجرجا كثيرا. ثم غسل بطنه ثم خاطه وداواه، فصح، فأخبر (2) النبي (صلع) فقال: إن الذي خلق الادواء خلق لها دواء، وإن خير الدواء الحجامة والفصاد والحبة السوداء. يعني الشونيز. (501) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يداويه اليهودي والنصراني، قال: لا بأس بذلك إنما الشفاء بيد الله تعالى. (502) وعن جعفر بن محمد (3) (ع) أنه سئل عن المرأة تصيبها العلة في جسدها، أيصلح أن يعالجها الرجل؟ قال: إذا اضطرت إلى ذلك، فلا بأس. (503) وعن علي (ع) أنه قال: من تطبب فليتق الله ولينصح وليجتهد. (504) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يحمى (4) المريض إلا من التمر في الرمد، فإنه نظر إلى سلمان يأكل التمر وهو رمد، فقال:
يا سلمان (5) أتأكل التمر وأنت رمد، إن يكن لك بد فكل بضرسك الايمن إن رمدت بعينك اليسرى، وبضرسك الايسر إن رمدت بعينك اليمنى. (505) وعنه (ع) أنه قال: ترك العشاء مهرمة. (506) وعنه (ع) أنه قال: لا تكرهوا مرضاكم على الطعام. فإن الله يطعمهم ويسقيهم. (507) وعن علي (ع) أنه كان يقول: من أراد البقاء ولا بقاء،
(1) ه خه - فدعوا له اليهودي. (2) ه خه - فأخبر بذلك النبي. (3) ه - وعن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام. (4) ه - يحتمى (وهو أحسن). (5) ه، ى حش - من مختصر الاثار - أتأكل التمر وأنت رمد، فقال: يا رسول الله إنما رمدت عيني اليمنى وأنا آكل بضرسي الايسر، فتبسم رسول الله (صلع) فلم يمنعه من ذلك.
[ 145 ]
فليخفف الرداء ويديم (1) الحذاء ويباكر الغداء ويقلل إتيان النساء. وقال جعفر بن محمد (ع) يعني بالرداء الدين. (508) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لو قصد الناس في المطعم لاستقامت أبدانهم. (509) وعنه (ع) أنه قال: ترك العشاء خراب الجسد، وينبغي للرجل، إذا أسن، ألا يبيت إلا وجوفه مملوء من الطعام. (510) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: لا بأس بالحقنة (2) لولا أنها تعظم البطن. (511) وعنه (ع) أنه قال: اللحم واللبن ينبتان اللحم ويشدان
العظام (3)، واللحم يزيد في السمع والبصر، واللحم بالبيض (4) يزيد في الباءة. (512) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من احتجم يوم الاربعاء أو يوم السبت، فأصابه وضح فلا يلم إلا نفسه، والحجامة في الرأس شفاء من كل داء، والداء في أربعة: الحجامة والحقنة والنورة والقئ. فإذا تبيغ الدم في أحدكم فليحتجم في أي الايام كان، وليقرأ آية الكرسي وليستغفر (5) الله عز وجل، وليصل على النبي (ص). وقال: لا تعادوا الايام فتعاديكم، فإذا تبيغ الدم بأحدكم فليهرقه ولو بمشقص (6). وقوله (تبيغ) يعني تبغى من البغى.
(1) ى، د - ليديم ويباكر وليقلل، س - الرداء. (2) ه حش - والحقنة دواء يحقنون بها في البطن. (3) ه - العظم. (4) ه - حش ه -، ى - من مختصر الاثار، عن الصادق عليه السلام قال شكا: نبي من الانبياء إلى الله (ع ج) قلة الولد، فأمره أن يأكل اللحم بالبيض. تمت. (5) ه، د، ع يستخر الله. (6) حش ه - للشقص سهم فيه نصل عريض والمشقص أيضا النصل الطويل العريض من الضياء، - وقال في الايضاح عن أبي عبد الله: قال الاصمعي هو نصل السهم إذا كان طويلا وليس عريضا، وإذا كان عريضا ليس بطويل فهو معبلة والجمع معابل، حاشية
[ 146 ]
(513) وعنه (ع) أنه قال: الحمى من فيح جهنم فأطفئوها بالماء. وكان إذا وعك (1) دعاء بماء وأدخل فيه يده. (514) وعن علي (ع) أنه قال: اعتل الحسين (2) فاشتد وجعه،
فاحتملته فاطمة فأتت به النبي (صلع) مستغيثة مستجيرة، فقالت: يا رسول الله، ادع الله لابنك أن يشفيه. ووضعته بين يديه، فقام (صلع) حتى جلس عند رأسه، ثم قال: يا فاطمة يا بنية، إن الله هو الذي وهبه لك، هو قادر على أن يشفيه. فهبط على جبرئيل، فقال: يا محمد، إن الله لم ينزل عليك سورة من القرآن إلا فيها فاء. وكل فاء من آفة: ما خلا (الحمد لله)، فإنه ليس فيها فاء، فادع بقدح من ماء فاقرأ فيه (الحمد) أربعين مرة، ثم صبه عليه فإن الله يشفيه، ففعل ذلك، فكأنما أنشط من عقال. (515) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الكى (3). (516) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه رخص في الكى فيما لا يتخوف منه الهلكة (4) ولا يكون فيه تشويه (5). (517) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يكتحل إلا وترا، وأمر بالكحل عند النوم، وأمر بالاكتحال بالاثمد وقال: عليكم به فإنه مذهبة للقذى، مصفاة للبصر.
(1) حش ه، ى - وعكته الحمى فهو موعوك أي محموم. (2) س، ط، د، - الحسين، ه، ع، ى (بيد الاخرى) - الحسن. (3) حش ى - قال جعفر بن محمد ص، (لا) بأس بالكي والذي فيه النهي فذلك ما يتخوف منه الهلاك وما يشوه الخلق، فأما غير ذلك مما يرجو به البرء فلا بأس. (4) س كتب (الملكة) أصلا ويبدل ب (الهلاك) بيد الاخرى. (5) حش س - في الينبوع، لا بأس بالحقنة والكي الذي لا يتخوف منه ولا تشويه فيه ولا بأس بأخذ الاجر على العلاج، من كان جاهلا ضمن ما أتلف، ورخص في ألبان الاتن. ولا بأس أن يسعط الرجل بلبن المرأة أو يشربه إذا احتاج إليه.
[ 147 ]
(518) وعنه (ع) أنه قال: العجوة من الجنة وفيها شفاء من السم، وقال زيد بن علي بن الحسين: صفة ذلك أن يؤخذ تمر العجوة فينزع نواه ثم يدق دقا (1) بليغا ويعجن بسمن بقر عتيق (2) ثم يرفع. فإذا احتيج إليه أكل للسم. (519) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لدغت رسول الله (صلع) عقرب فنفضها، ثم قال: لعنك الله، فما يسلم منك مؤمن ولا كافر، ثم دعا بملح فوضعه على موضع اللدغة، ثم عركه بإبهامه حتى ذاب، ثم قال: لو يعلم الناس ما في الملح ما احتاجوا معه إلى الترياق (3). (520) وعن علي (ع) أنه قال: الكمأة (4) من المن (5) وماؤها شفاء للعين. قال زيد بن علي بن الحسين: صفة ذلك أن تأخذ كمأة فتغسلها حتى تنقيها ثم تعصرها بخرقة، وتأخذ ماءها فترفعه على النار حتى ينعقد، ثم تلقي فيه قيراطا من مسك، ثم تجعله في قارورة فتكتحل منه من أوجاع العين كلها، فإذا جف فاسحقه بماء السماء أو غيره، ثم اكتحل منه. (521) وعنه (ع) أنه قال: ما استشفت النفساء بمثل أكل الرطب. لان الله أطعمه مريم جنيا (6) في نفاسها. (522) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا شكا إليه وجع الخاصرة
(1) ه، ع - دقا ناعما بليغا. (2) حش ى - العتيق القديم الذي له مدة، قال الله (تع): وليطوفوا بالبيت العتيق (22 / 29). (3) س - الترياقات. (4) حش ى - الكمأة شجر ينبت في ظل الاشجار يخرج مستديرا أثمار الاوراق له تجنيه
العرب وتشويه وتأكله، من النظام. (5) حش ى - المن كل طل ينزل من السماء على شجر أو حجر ويعلو وينعقد عسلا. (6) حش ى - كل ما هو يجنى فهو جنى.
[ 148 ]
فقال: عليك بما يسقط من الخوان (1) فكله، ففعله فعوفي. (523) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من أكل كل يوم إحدى وعشرين زبيبة منزوعة العجم على الريق، لم يمرض إلا المرض الذي يموت منه. ومن أكل سبع تمرات عند منامه، عوفي من قولنج، وقتلت الدود في بطنه. (524) وعنه (ع) من أكل الرمان بشحمه دبغ معدته، والسفرجل يزكى القلب الضعيف ويشجع الجبان. (525) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا كتب إليه من أرض وبيئة يخبره بوبئها (2) فكتب إليه: عليك بالتفاح فكله، ففعل ذلك فعوفى، وقال التفاح يطفى الحرارة ويبرد الجوف ويذهب بالحمى. (526) وعن رسول الله (صلع) العسل شفاء. وعن علي (ع): ما استشفى المريض بمثل شرب العسل، وعن جعفر بن محمد (ع): قال الله عز وجل (3): فيه شفاء للناس. (527) وعن علي (ع) أنه قال: أيعجز أحدكم، إذا مرض، أن يسأل امرأته فتهب له من مهرها درهما، فيشتري به عسلا فيشربه بماء السماء، فإن الله عز وجل يقول في المهر (4): فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا. ويقول في العسل (5): فيه شفاء للناس، ويقول في ماء السماء (6): ونزلنا (7) من السماء ماء مباركا.
(528) وعن رسول الله (صلع): عليكم بألبان البقر، فإنها تخلط من كل الشجر. (529) وعنه (ع) أنه قال. السمن دواء، وقال جعفر بن محمد (ع): هو في الصيف خير منه في الشتاء، وما دخل الجوف مثله. (530) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الخل يسكن المرارة ويحيى القلب ويقتل دود البطن ويشد (1) الفم. (531) وعن رسول الله (صلع) أنه وطئ على رمضاء فأحرقته، فوطئ على رجلة وهي البقلة الحمقاء، فسكن عنه حر الرمضاء فدعا لها بالبركة. وكان يحبها ويحب الدباء، ويقول يزيد في العقل والدماغ، ويحب الهندباء ويقول: ما من ورقة هندباء إلا وفيها من ماء الجنة. (532) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: عليكم بالحبة السوداء فإنها شفاء من كل داء إلا السام، يعني الموت. (533) وعنه (ع) أنه قال: إذا دخلتم أرضا وبيئة فكلوا من بصلها، فإنه يذهب عنك وباءها.
(534) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إياكم والشبرم (2) فإنه حار يار، وعليكم بالسنا (3) فتداووا به. ولو دفع شئ الموت لدفعه السنا.
(1) ع - شيد، د، ط، ى، س (؟) - يشد. (2) حش ى، د - أي مال كاكنى (كجراتي)، حش ى - الشبرم ضرب من النبات ينبت في السهل واحدته شبرمة، والشبرمة حارة يابسة في الدرجة الرابعة والمستعمل منها لبنها وقشور عروقها، وإذا شرب مع ماء ورد أو عصير عنب أسهل المرة السود والاخلاط إلى الغليظ، وينبغي أن لا يكثر الشرب لانه ربما قتل من شدة حرارته ويبسه، من ش. (3) حش س - السنا سيهدي آمل بالهندية.
[ 150 ]
وتداووا بالحلبة (1) فلو تعلم أمتي ما لها في الحلبة، لتداوت بها ولو بوزنها ذهبا. (535) وعن علي (ع) أنه قال: ما من شجرة حرمل (2) إلا ومعها ملائكة يحرسونها حتى تصل إلى من وصلت. وقال: في أصل الحرمل نشرة (3) وفي فرعه شفاء من اثنين وسبعين داء. (536) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا من أصحابه شكا إليه اختلاف البطن، فأمره أن يتخذ من الارز سويقا ويأخذه ويشربه، ففعل فاشتد (4) بطنه، وقال: مرضت سنتين أو أكثر، فألهمني الله الارز. فأمرت به فغسل وجفف ثم أمس النار وطحن، وجعلت بعضه سويقا وبعضه حساء (5) واستعملته فبرئت. (537) وعنه (ع) أنه قال: السويق ينبت اللحم ويشد العظم، وقال: المحموم يغسل له السويق ثلاث مرات ويعطاه. فإنه يذهب بالحمى وينشف (6) المرار والبلغم ويقوي الساقين. (538) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن أكل الطفل والطين
والفحم (7) وقال: إن الله خلق آدم من طين فحرم من أكل الطين على ذريته. ومن أكل من الطين فقد أعان على قتل نفسه، ومن أكله فمات لم أصل عليه، وعن جعفر بن محمد (ع) أكل الطين يورث النفاق.
(1) حش ى - ميتهى (كجراتي). (2) حش س، ى، د - اسبن (كجراتي)، ومعرب في (ى) بضمتين (حرمل) وهو سهو. (3) حش ى - النشرة رقية يعالج بها المجنون. (4) س، د، ع - فاشتدت، ى، ط - فاشتد. (5) حش ى - الحساء ما يتحسى به أي ما يشرب به. (6) د، ط، ع - ينشف. ى - يشف. س -؟ (7) ط، ى، د الطفل محرك، والصحيح الطفل، حش د - أي حاپى (كجراتي) س - نهى عن أكل الطفل والطين والفحم (صح؟)
[ 151 ]
(539) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إدمان أكل السمك الطرى يذيب اللحم (1). وكان إذا أكل السمك قال: اللهم بارك لنا فيه، وأبدل لنا (2) به خيرا منه. (540) قال جعفر بن محمد (ع): وأكل التمر بعده يذهب أذاه. (541) وعنه (ع) أنه سئل عن ألبان الاتن يتداوى بها، فرخص فيها. (542) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن شرب الحميم. يعني الماء الحار الذي ينتهى إلى غاية الحرارة. تم الجزء الرابع من كتاب دعائم الاسلام، في الحلال والحرام، والقضايا والاحكام، عن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله.
بسم الله الرحمن الرحيم (6) كتاب اللباس والطيب فصل (1) ذكر آداب اللباس (543) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) كان يقول: ينبغي للرجل إذا أنعم الله عليه بنعمة، أن يرى أثرها عليه في ملبسه، ما لم يكن شهرة. (544) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه نظر إلى رجل من أصحابه عليه جبة خز وطيلسان خز فتأمله، فقال له الرجل: جعلت فداك، إنما هو خز، سداه أبريسم (1) فقال أبو عبد الله (ع): وما بالخز من بأس، لقد أصيب الحسين (ع) يوم أصيب وعليه جبة خز. ثم قال: إن أمير المؤمنين عليا، صلوات الله عليه، لما بعث ابن عباس إلى الخوارج، لبس أفضل ثيابه وتطيب أفضل طيبه وركب أفضل مراكبه، ثم خرج إليهم فوافاهم، فقالوا: يابن عباس بينا أنت خير الناس إذا أتيتنا في زى الجبارين ومراكبهم، فتلا عليهم (2): قل من حرم زينة الله التي أخرج
لعباده والطيبات من الرزق، قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة، ثم قال أبو عبد الله للرجل: إلبس وتجمل فإن الله عز وجل يحب الجمال ما كان من حلال. (545) وعنه (ع) أنه خرج يوما إلى أصحابه عليه جبة خز صفراء وعمامة خز صفراء (1) ومطرف (2) خز أصفر، فذكر اللباس فقال: كان يوسف بن يعقوب (ع) يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب، ويجلس على السرير ويقضى بين الناس، وإنما احتاج الناس إلى قسطه وعدله. (546) وعن علي بن الحسين (ع) أنه كان يلبس في الصيف ثوبين تشتريين (3) بخمس مائة درهم. ويلبس في الشتاء الخز. (547) وعنه (ع) أنه قال: أصيب الحسين بن علي (ص) وعليه جبة خز، حسبنا فيها أربعين جراحة ما بين ضربة وطعنة. (548) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا قال له: جعلت فداك، ما أحب إلي من الناس من يأكل الجشب (4) ويلبس الخشن ويتخشع فيرى عليه أثر الخشوع، فقال: ويحك، إنما الخشوع في القلب، أوما (5) علمت أن نبيا بن نبي بن نبي بن نبي كان يلبس أقبية الديباج (6) مزرورة بالذهب، ويجلس مجلس آل فرعون يحكم بين الناس. فما يحتاج الناس
(1) حذ، ط. (2) ط، د، ع. س - مطرق، ى - مطرفة، حش ى - أي ثوب مربع له أعلام. (3) خه د - مشتريين ع - تستريين، حش ى - اسم بلد من بلاد مصر (؟) وهذا بلد من بلاد إيراد.
(4) حش ى - مثل جواري (كجراتي) وغيره. (5) س، د، ع. ى ط - أما علمت إلخ. (6) حش ى - الدبيج النقش والديباج ج دبابيج أي ثياب منقوشة.
[ 155 ]
إلى لباسه، وإنما احتاجوا إلى قسطه وعدله، كذلك فإنما يحتاج الناس من الامام إلى أن يقضى بالعدل، إذا قال صدق، وإذا وعد أنجز، وإذا حكم عدل، إن الله عز وجل لم يحرم لباسا أحله، ولا طعاما ولا شرابا من حلال وإنما حرم الحرام قل أو كثر، وقد قال عز وجل (1): قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق. (549) وعنه (ع) أن رجلا سأله فقال: يا بن رسول الله! هل يعد من السرف أن يتخذ الرجل ثيابا كثيرة يتجمل بها، ويصون بعضها من بعض؟ فقال: لا، ليس هذا من السرف، إن الله عز وجل يقول (2): لينفق ذو سعة من سعته. (550) وعنه (ع) أن سفيان الثوري دخل عليه فرأى عليه ثيابا رفيعة فقال: يا بن رسول الله، أنت تحدثنا عن علي (ع) أنه كان يلبس الخشن من الثياب والكرابيس (3) وأنت تلبس القوهى (4) والمروى، فقال: ويحك يا سفيان، إن عليا (ع) كان في زمن ضيق، وإن الله قد وسع علينا، ويستحب لمن وسع الله عليه أن يرى أثر ذلك عليه. (551) وعنه (ع) أنه رأى قوما يلبسون الصوف والشعر فقال: البسوا القطن فإنه لباس رسول الله (صلع)، وكان أفضل ما يجده (صلع) وهو لباسنا، ولم يكن يلبس الصوف ولا الشعر فلا تلبسوه إلا من علة، فإن الله عز وجل جميل يحب الجمال (5)، وأن يرى أثر نعمته على عبده.
(1) 7 / 32، انظر 544. (2) 65 / 7. (3) حش ى - الكرباس ثوب من القطن الابيض ج كرابيس. (4) حش ى - القوهى والمروى نسبة إلى قريتين من قرى الفرس. (5) ع، د، ط - الجمال. س، ى - الجميل.
[ 156 ]
(522) وعن علي بن الحسين (ع) أنه كان صردا، فكان يلبس الخز في الشتاء ويشترى له الثوب بألف درهم أو بخمس مائة درهم، فإذا خرج الشتاء تصدق به. (553) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه كان يلبس ثوب الخز بألف (1) درهم وبخمس مائة، فإذا حال عليه الحول تصدق به، فقيل له: لو كنت بعت هذه الثياب وتتصدق بأثمانها، أليس كان ذلك أفضل؟ فقال: ما استحسنت أن أبيع ثوبا قد صليت فيه. (554) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه حج، فبينا هو في الطواف وعليه ثوبان رفيعان، إذ جذب (2) رجل بطرف ثوبه، فالتفت إليه فإذا هو عباد البصري، فقال: يا أبا عبد الله، تلبس مثل هذه الثياب في مثل هذا الموضع؟ وأنت من على بالمكان الذي أنت فيه، وقد علمت كيف كان لباسه! فقال له أبو عبد الله: ويحك، يا عباد، كان علي (ع) في زمن يستقيم له فيه ما يلبس، ولو لبست أنا اليوم مثل لباسه، لقال الناس: هذا مرء مثل عباد، فأفأفحم عباد وتغامز الناس به من حوله، وكان يوصف بالرياء. (555) وعنه عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: إن الرجل
ليبتاع الثوب بدينار أو بنصف دينار أو ثلث دينار، فإذا لبسه حمد الله فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له. (556) وعن علي (ع) أنه خرج من المسجد فأتى دار فرات (3) وبها
(1) س، ى. د، ط، ع - بالالف درهم وبالخمس مائة. (2) س - جبذ، وهي لغة تميم كما في اللسان د، ى، ط، ع - جذب. (3) حش ى - اسم موضع.
[ 157 ]
يومئذ يباع الكرابيس، فرأى شيخا يبيع، فقال: يا شيخ! بعني قميصا بثلاثة دراهم، فقال: نعم، يا أمير المؤمنين! وقام قائما، فلما علم (ع) أنه قد عرفه، قال: اجلس، ثم أتى آخر فكان مثل ذلك، فقال: اجلس ثم أتى غلاما فأعرض عنه ولم يلتفت إليه، فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم، فلبسه، فبلغ منه ما بين الرسغين إلى الكعبين، ثم نظر إلى كميه، فرأهما قد خرجا على يديه، فقطع ما فضل عن أطراف أصابعه، ثم قال: الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس، وأواري سوأتي وستر عورتي. الحمد لله رب العالمين، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين! هذا قول قلته عن نفسك أو شئ سمعته عن رسول الله (صلع)؟ قال: كان (1) رسول الله إذا لبس ثوبا، قال مثل هذا القول. (557) وعن محمد بن علي (ع) أنه سئل عن قول الله (ع ج) (2): وثيابك فطهر، فقال: يعني فشمر، وقال: لا يجاوز ثوبك كعبيك فإن الاسبال من عمل بني أمية، وكان علي (ع) يشمر الازار والقميص. (558) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه أخرج يوما إلى أصحابه قميص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ص) الذي أصيب فيه، وفيه دمه فنشره
فشبروه، فأصابوا دور أسفله اثنى عشر شبرا، وعرض بدنه ثلاثة أشبار وطول كميه ثلاثة أشبار. (559) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: ما جاوز الكعبين فهو في النار، وقال: إن صاحبكم، يعني عليا (ع) كان يشتري القميصين (3)
(1) س - كان رسول الله، ع، د - بل كان رسول الله، ط، ى - لا بل كان إلخ. (2) 74 / 4. (3) ط قميصين.
[ 158 ]
فيخير غلامه بينهما، فيختار أيهما شاء يأخذه، ثم يلبس الاخر، فإذا جاوز كمه أصابعه قطعه، فإذا جاوز ذيله كعبيه خذفه. (560) وعن رسول الله (صلع): من اتخذ شعرا فليحسن إليه، ومن اتخذ زوجة فليكرمها، ومن اتخذ نعلا فليستجدها، ومن اتخذ دابة فليستفرهها (1)، ومن اتخذ ثوبا فلينظفه. (561) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: نقاء الثوب يكبت العدو، وغسل الثياب يذهب الهم والغم، وتشميرها طهورها. ومنه قول الله عز وجل (2) وثيابك فطهر، يعني فشمر. (562) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: راحة الثوب طيه، وراحة البيت كنسه. (563) وعن محمد (3) بن علي (ع) أنه قال. كان أبي ربما يشتري مطرف (4) الخز بخمسين دينارا فيشتو فيه ويدخل به المسجد، فإذا كان الصيف أمر به فتصدق به أو بيع فتصدق بثمنه، وربما أمر أن يشترى له ثوبان أسمونيان (5) من ثياب مصر، فيمشقان له (6) فيلبسهما، ويلبس
ما بين ذلك يعني ما بين الرفيع والدون، ويقول (7): قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق.
(1) س حش - أي اختار. (2) 74 / 4، انظر 557. (3) ط - وعن جعفر بن محمد (ص). (4) س - المطرف الخز، ى - مطرفة الخز. (5) ه - أشمونيان. (6) زيد في د، ط، ى - فيغسلان له، حش س، ع، د - اي يصبغان له. (7) 7 / 32، انظر 544، 548.
[ 159 ]
(564) وعن علي (ع) أنه لبس ثوبا مرقعا (1) فقيل له في ذلك، فقال: لباس الدون يخشع له القلب. (565) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا لبس الجسد الثوب اللين طغى. ورأى بعض أصحابه عليه ثوبا خلقا مرقوعا، فقيل له في ذلك، فقال: لا جديد لمن لا خلق له. وكان (ع) له ثوبان خشنان يصلي فيهما في بيته، فإذا أراد أن يسأل الله الحاجة لبسهما. (566) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: استجيدوا العمائم فإنها تيجان العرب. (567) وعنه (ع) أنه كان يلبس قلنسوة في الحرب مضربة (2) ذات أذنين. (568) وعنه (ع) أن فراشه كان من أدم حشوه ليف، وكان ربما يفترش له بساط من شعر مثنيا، فينام عليه إذا قصر الليل وأراد القيام إلى الصلاة. وطووه له ذات ليلة على أربع، ونام حتى أصبح، فقال: ويحكم،
ما أفرشتموني الليلة؟ فقالوا: هو (3) البساط، يا رسول الله، ولكن طويناه على أربع ليكون أوطأ لك، قال: فلا تفعلوه وردوه على حسبه، فقد منعتني وطأته (4) الصلاة الليلة. (569) وعن بعض أصحاب أبي جعفر محمد بن على (ع) (5) أنه قال:
(1) زيد في ط، ع، ى - مرفوعا. (2) س - مصرية، ط، ع - مصرية، ى - مصرية، د - مضرية، حش ى - الصرب الصبغ الاحمر، و (مضربة) صحيح كما في مجمع البحرين لفخر الدين النجفي. (3) ط - هذا البساط. (4) منعنى وطاؤه الصلوة. (5) س - وعن أصحاب أبي جعفر.
[ 160 ]
دخلت، يعني على أبي جعفر (ع) في منزله، فوجدته في بيت منجد قد نضد (1) بوسائد وأنماط ومرافق وأفرشة، ثم دخلت عليه بعد ذلك فوجدته في بيت مفروش بحصير فقلت: ما هذا البيت؟ جعلت فداك، قال: هذا بيتي، والذي رأيت قبله بيت المرأة، وسأحدثك بحديث حدثني أبي (ص)، قال: دخل قوم على الحسين بن علي (ع) فرأوا في منزله بساطا (2) ونمارق (3) وغير ذلك من الفروش، فقالوا: يا بن رسول الله! نرى في منزلك أشياء لم تكن في منزل رسول الله (صلع)، قال: إنا نتزوج النساء فنعطيهن مهورهن فيشترين بها ما شئن، ليس لنا فيه شئ! فصل (2) ذكر ما يحل من اللباس وما يحرم منه (570) روينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه ذكر ما يحل من اللباس
بقول مجمل فقال: كل ما أنبتت الارض فلا بأس بلبسه، والصلاة فيه وعليه، وكل شئ يحل أكل لحمه فلا بأس بلبس جلده إذا ذكى، وصوفه وشعره ووبره، فإذا لم يكن ذكيا فلا خير فيه ولا في شئ من ذلك. (571) وعنه عن آبائه عن رسول الله (صلع) أنه كره الحمرة، يعني من اللباس، وقال علي (ص): الزعفران لنا والعصفر لبني أمية.
(1) حش ى - يقال نضد أي عمل بعض الفرش على بعض، والوسائد المخاد، والانماط البسط المنقوشة بالعمس. (2) س، ى - بسطا. (3) حش ى - جمع النمرقة وهي الوسادة.
[ 161 ]
(572) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه كان يكره اللباس الصبيغ بالعصر، ويقول: لا تلبسوا الحمرة فإنها زي قارون وهي صبغ بني أمية (1)، ورخص في النوم في اللباس (2) والملحفة (3) المعصفرة. (573) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: ليس من لباسكم شئ أحسن من البياض، فالبسوه وكفنوا فيه موتاكم. (574) وعن على (ع) أنه خرج (4) في الرحبة (5) وعليه إزار أصفر وقميص (6) أسود وفي رجليه نعلان، وبيده عنزة (7). (575) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه أحرم في برد أخضر. (576) وعن علي بن الحسين (ع) أنه رأى (8) وعليه دراعة (9) سوداء وطيلسان أزرق. (577) وعن علي (ع) (10) أنه كره للرجل لبس المحض من الحرير (11)
(1) حش س - في الينبوع - وكره الاحمر المشيع، ورخص في المعصفر والمزعفر،
وبما يكره للتشبيه بالجبابرة، ولا بأس بلبس الخز. (2) ط، د في - اللحاف. (3) حش. ى - الملحفة كساء أسود مربع له علمان. (4) س. زيد في ط، د، ع، ى - على الناس. (5) النحلة بالكوفة (مجمع البحرين). (6) ع - خميصة. (7) حش ى - العنزة عصا قدر نصف الربع أو أكبر شيئا. (8) كذا في كل نسخ، ع رئى. (9) د، س حش - أي قميص، حش ى - المدرعة ثوب كالدراعة ولا يكون إلا من صوف. (10) س، ى، ع، ط، د - وعن علي بن الحسين. (11) حش ى - وعن الائمة صلوات الله عليهم أنهم كرهوا اللباس الاسود لما تزيل به بنو العباس وزعموا أنهم لبسوه حزنا على الحسين ص، ولو كان في ذلك فضل أو كان من الواجب لسبقهم إليه الائمة من ولده، ولو كان كما زعموا حزنوا عليه ما ارتكبوا مع ولده ما ارتكبوه، فكره الائمة عليهم السلام الزي بزيهم، من مختصر الاثار. وقال في الاقتصار، ولا يحل لباس الحرير ولا حلية الذهب للرجال.
[ 162 ]
ورخص فيما كان منسوجا به وبغيره من نبات الارض (1) ولا بأس أن يباهى به العدو، ويلبس كما يلبس ما لا يحل الصلاة فيه كالثوب النجس وجلود الميتة وما يكون منها يتدثر بذلك ولا يصلى فيه. (578) وقد روينا عن علي بن أبي طالب (ص) ومحمد بن علي بن الحسين وجعفر بن محمد عليهم السلام أنهم قالوا: الميتة وكل ما هو منها نجس. ولا يطهر جلد الميتة ولو دبغ سبعين مرة، وكذلك قالوا فيما لا يؤكل
لحمه: مقامه مقام الميتة. ولا بأس أن يتدثر به ولكن لا يصلى فيه. (579) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه رئى جالسا على بساط فيه تماثيل قيمته ألف أو ألفان، فقيل له في ذلك، قال: السنة أن يطأ عليه (2). فصل (3) ذكر لباس الحلى (580) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (ص) أنه قال: لا تصلى المرأة إلا وعليها من الحلى خرص (3) فما فوقه، إلا أن
(1) حش ى - وقال في مختصر الاثار: والائمة (ص) يلبسونه كذلك منسوجا مع غيره ومحضا مبطنا بنبات الارض يباهون به أعداء الله وأباحوه كذلك لاوليائهم، يباهون به أعداءهم، وإن كانت الدنيا وما فيها من أهون الاشياء عندهم، فإنما يظهرون منها ما يظهر... (المتن ناقص). (2) حش ى - من مختصر الاثار: قال المعز (ص) وقد ذكر عنده كراهة بعض الناس للصور الروحانية لان الله (ع ج) خالقها، فقال: أو ليس هو (ع ج) خالق كل شئ من الشجر والجماد وكل ما برئ وهم يصورون ذلك ولا يرون بتصويره بأسا، فما الفرق بين هذا وذلك؟ (3) حش ى - الخرص الخرز، الخرص بالضم ويكسر حلقة الذهب والفضة أو حلقة القرط.
[ 163 ]
لا تجده، ونهى النساء أن يكن معطلات (1) من الحلى ولا يتشبهن بالرجال، ولعن من فعل ذلك منهن. (581) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: لا ينبغي لامرأة أن تعطل نفسها من الحلى، ولو أن تعلق في رقبتها قلادة. (582) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى المرأة أن تضرب برجليها الارض ليسمع صوت خلخالها ويعلم ما يخفى (2) من زينتها، يعني (ع) إذا
خرجت من بيتها، وكان ذلك منها بحضرة غير ذي محرم منها، وذلك لقول الله عز وجل (3): قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن إلى قوله (4): ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن. (583) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن حلى الذهب للنساء قال: لا بأس به، إنما يكره للرجال. (584) وعن جعفر بن محمد أنه سئل عن الذهب يحلى به الصبيان، قال: إن أبي كان يحلي أولاده ونساءه بالذهب والفضة، ولا بأس أن تحلى السيوف والمصاحف بالذهب والفضة. (585) وعن رسول الله (صلع) أنه رأى رجلا في أصبعه خاتم من حديد، فقال: هذه حلية أهل النار، اقذفه عنك، أما إني أجد ريح المجوسية، وسمتها فيك، فرماه وتختم بخاتم من الذهب، فقال: أما إن أصبعك في
النار، ما كان فيها هذا الخاتم، قال: يا رسول الله! أفلا أتخذ خاتما؟ قال: نعم، فاتخذه إن شئت من ورق (1) ولا تبلغ به مثقالا. (586) وعن علي (ع) أنه قال: لا تلبسوا صبيانكم خواتم الحديد. (587) وعن علي (ع) أنه قال: كان خاتم رسول الله (صلع) من فضة ونعل سيفه من فضة. (588) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى الرجال عن حلية الذهب وقال:
هو حرام في الدنيا. (589) وعنه (ع) أنه كان يتختم في يمينه ونهى عن التختم بالشمال. (590) وعنه (ع) أنه قال: من تختم بفص من العقيق ختم الله له بالحسنى. ونعم الفص البلور. (591) وعن الحسين بن علي (م) أنه قال: قال لي رسول الله (صلع): يا بني! نم على قفاك، يخمص بطنك، واشرب الماء مصا، يمرءك (2) أكلك، واكتحل وترا، يضئ لك بصرك، وادهن غبا، تتشبه (3) بسنة نبيك، واستجد النعال، فإنها خلاخيل (4) الرجال، والعمائم فإنها تيجان العرب، وإذا طبخت قدرا فأكثر مرقها (5)، وإن لم يصب جيرانك من لحمها، أصابوا من مرقها، لان المرق أحد اللحمين، وتختم بالياقوت والعقيق، فإنه ميمون مبارك، فكلما نظر الرجل فيه إلى وجهه يزيد نورا،
والصلاة فيه سبعون صلاة، وتختم في يمينك فإنها من سنتي وسنن (1) المرسلين، ومن رغب عن سنتي فليس مني، ولا تختم في الشمال ولا بغير الياقوت والعقيق. (59 2) وعن رسول الله (صلع) أنه كان في نقش خاتمه (محمد رسول الله). وعن على (ص) أنه كان في نقش خاتمه (علي يؤمن بالله)، وعن جعفر
ابن محمد (ع) أنه كان في نقش خاتمه (رب يسر لي، أنت ثقتي، فقني شر خلقك)، وعنه (ع) قال: لا يصلى (2) بخاتم نقشه تماثيل! فصل (4) ذكر الطيب واستحبابه وفضله (593) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلع) أنه قال: ما طابت رائحة عبد إلا زاد عقله. وكان إذا سافر، سافر معه بستة أشياء، القارورة، والمقصين (3) والمكحلة والمرآة والمشط والسواك، وقال: ثلاث أعطيهن النبيون: العطر والسواك والازواج.
(1) س، ع - سنن، ط، د، ى - سنة. (2) س، ع - يصلى، ط - تصلى، د، ى - تصل. (3) حش ى - من مختصر الاثار، وكره رد الطيب لمن عرض عليه ورد الماء كذلك، قال المعز صلوات الله عليه، قال لي المنصور قدس الله روحه: حضرت يوما، وأنا غلام صغير مائدة المهدي عليه السلام ونحن جماعة من ولده، وولد ولده. نأكل بين يديه وجارية قائمة علينا بالماء، فعرضته على صبي من الصبيان، فرده فانتهرها المهدي عليه السلام وقال لها: لولا حرمة الطعام لاحسنت أدبك، ما حملك على أن تعرضي عليه الماء ولم يسئله؟ وقال للصبي: وأنت إن عرضت عليك، فلم رددته؟ الماء أشرف من أن يعرض على من لم يسئله أو يرده من عرض عليه، قال المنصور (رح): ولم أكن أعرف مثله، فلما عرفته علمت مراده صلوات الله عليه، وكذلك الطيب.
[ 166 ]
(594) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الريح الطيبة تشد العقل وتزيد في الباءة (1). وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: طيب الرجال (2) ما ظهرت رائحته
وخفى لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفى (3) رائحته. (595) وعن رسول الله (صلع) أنه كان يكثر الطيب، حتى كان ذلك يغير لون لحيته ورأسه إلى الصفرة، وقال: إذا خرج الرجل إلى الجمعة فليتطيب ولو من قارورة امرأته. (596) وعن علي (ع) أنه ربما كان يتطيب من طيب نسائه. وكان (ع) إذا ناول أحدا طيبا فأبى منه، قال: لا يأبى من الكرامة إلا حمار. وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إن فضلنا، أهل البيت، على سائر الناس كفضل دهن البنفسج (4) على سائر الادهان. (597) وعنه (ع) أنه قال: من تطيب من النساء فلا تخرج ولا تشهد الصلاة في المسجد. يعني (ع) لئلا يشم رائحة الطيب منها من يقربها من الرجال، فيكون ذلك داعية إلى وسواس (5) الشيطان. (598) وعنه (ع) أنه قال: لا ينبغي للمرأة أن تصلي إلا وهي مختضبة، فإن لم تكن مختضبة فليمس موضع الحناء بالخلوق (6).
(1) حذ ى. (2) س - الرجل. (3) د، ط، ى، ع. س - خفيت. (4) س - البنفسج. (5) ع - وساوس. (6) حش ى، ع - الخلوق زعفران يضاف إليه شئ من الطيب ويعجن بماء الورد أو دهن تتطيب به النساء ه من نظام الغريب.
[ 167 ]
(599) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: لا ينبغي للمرأة
أن تدع يديها (1) من الخضاب ولو أن تمسحهما (2) بالحناء مسحا ولو كانت مسنة. (600) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: ليس لامرأة حاضت أن تتخذ قصة ولا جمة (3). وعن علي (ع) أنه نهى عن القصص والقنازع (4) ونقش الخضاب.
(1) س - يدها. (2) ط، ع - ولو يمسحها، س - ولو أن تمسحها. (3) حش س - الجمة ظفر الشعر من القرون إلى القفا، والقصة أن يقص شعر الرأس ويترك منه مقدار الربع من القدام، وأما القنزعة فهو أن يؤخذ الشعر ويترك منه مواضع، وهو أيضا منهى عنه، من جوابات مسائل الشيخ شمعون. (4) حش ى - القصة شعر الناصية، والجمة مجتمع شعر الرأس والقنازع شعر حوالى الرأس.
[ 168 ]
(7) كتاب الصيد فصل (1) ذكر ما يحل من الصيد وما يحرم منه (601) قال الله عز وجل (1): أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا (2) لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما، وقال (3): وإذا حللتم فاصطادوا. وروينا عن جعفر بن محمد (ع) أن رسول الله (صلع) قال: الطير في وكره آمن في أمان الله (4) فإذا طار فصيدوه إن شئتم. قال جعفر بن محمد (ع): ولا يصاد من الطير إلا ما أضاع التسبيح. (602) وعن علي (ع) أنه قال: الطير إذا ملك ثم طار ثم أخذ
فهو حلال لمن أخذه، قال جعفر بن محمد (ع): يعني البزاة ونحوها، لان أكلها مباح. (603) ونهى (ع) (5) عن صيد الحمام بالامصار ورخص في صيدها بالقرى. (604) وعن علي (ع) أنه قال: الصيد لمن سبق إلى أخذه.
(1) 5 / 96. (2) حش ى - متاعا نصب على المصدر لان قوله أحل لكم بمعنى أمتعكم متاعا. (3) 5 / 2. (4) س - أمن بأمان الله. (5) حش ى - ويكره صيد الحظان والصود والهدهد وقتلها، ويكره قتل الضفدع والنحلة والنملة، قال في مختصر الاثار ويكره الصيد يوم الجمعة قبل صلاة الجمعة.
[ 169 ]
فصل (2) ذكر ما أصابت الجوارح من الصيد (605) قال الله تعالى (1): وما علمتم من الجوارح مكلبين. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه سئل عن قول الله (ع ج): وما علمتم من الجوارح مكلبين (2)، قال: هي الكلاب، والجارح الكاسب (3)، ومنه قول الله تعالى (4): ويعلم ما جرحتم بالنهار يعني كسبتم. (606) وعنه (ع) أنه قال: ما أمسكت الكلاب المعلمة أكل، وإن قتلته، وما قتلته الكلاب غير المعلمة فلا يوكل، يعني يؤكل إذا سمى الله حين إرساله، ولا بأس بأكله إن نسيت التسمية (5). (607) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام أنهما رخصا في أكل
ما أمسكه الكلب المعلم وإن قتله وأكل منه، ولم يرخصا (6) فيما أكل منه الطير. وكان المهدي بالله (ع) يقول فيما أمسك الطير: يؤكل منه،
(1) 5 / 3. (2) حش ى - أي معلمين. (3) حش ى - الجارح الضاري من سباع البهائم والطير وسميت جوارح لانها تجرح عاليا والجوارح الكواسب، ومكلبين أي مضرين. (4) 6 / 60. (5) حش ي - وما قتله المعلم بصدمة بغير جراح فلا يؤكل، من مختصر المصنف. (6) ط - لم يرخص.
[ 170 ]
ويقول: الكلب ربما كلب (1) وليس في قوله (ع) هذا، خلاف لما ذكرناه عن آبائه (ص) لانهم لم يرخصوا فيما أمسك الكلب الكلب، إنما رخصوا فيما أمسك المعلم السالم، وأما ما ذكره مما أمسك الطير فهو من الجوارح التي أباح الله تعالى أكل ما أمسكت. (608) روينا عن جعفر بن محمد عن علي (ع) (2) أنه قال: الصقور والبزاة من الجوارح. (609) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الفهد المعلم كالكلب، ويؤكل ما أمسك، وهذا على الاصل الذي ذكرناه في الجوارح. (610) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن صيد الكلب الاسود وأمر بقتله، وهذا خصوصا إذا كان بهيما (3) كله. (611) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: الكلاب كلها بمنزلة واحدة إذا علمت، الكردى منها كالسلوقي (4).
(612) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في الصيد: من أرسل كلبا فلم يسم فلا يأكل، يعني ما قتل من الصيد إذا ترك التسمية عمدا، فإن نسى ذلك أو جهل فليأكل، وسنذكر في الذبائح ما يويد هذا إن شاء الله. (613) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: في الصيد يأخذه الكلب فيدركه الرجل حيا ثم يموت يعني في المكان من فعل الكلب، قال:
(1) حش س - أي قطع. (2) ى، ع، - وعن أبي جعفر ع. (3) حش ى - أي أسود تماما. (4) ى - فهو بمنزلة السلوقى.
[ 171 ]
كل (1) لقول الله عز وجل (2): فكلوا مما أمسكن عليكم، فأما إن أخذه الصائد حيا فتوانى في ذبحه أو ذهب به إلى منزله فمات، ولم يكن الكلب الذي قتله، لم يجز أكله. (614) وعن علي (ع) أنه قال: في كلب المجوسى: لا يوكل صيده إلا أن يأخذه المسلم فيقلده ويعلمه ويرسله فإن أرسله المسلم جاز أكل ما أمسك، وإن لم يكن علمه! فصل (3) ذكر ما يقتله الصيادون من الصيد (615) قال الله عز وجل (3): يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم.. الاية. وروينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا ضرب الرجل الصيد بالسيف، أو طعنه بالرمح، أو رماه
بالسهم فقتله، وقد سمى الله عز وجل حين فعل ذلك، فلا بأس بأكله، وقال (عم) في الرجل يرمى الصيد، فيقصر عنه فيبتدر القوم فيقطعونه بينهم، يعني يضربونه بسيوفهم من قبل أخذه، قال: حلال أكله. وسئل (ص) عن حمار (4) وحشي ابتدره القوم بأسيافهم وقد سموه (5) وقطعوه
بينهم، قال: ذكاة وحية (1) ولحم حلال (2). (616) وعنه أنه قال (عم) في الرجل يرمى الصيد فيتحامل والسهم فيه أو الرمح، أو يتحامل من شدة الضرب (3) ثم يغيب عنه ثم يجده من غد ميتا وفيه سهمه، أو يكون ضربه أو أصابه بسهم في مقتل علم أنه مات من فعله لا من فعل غيره، فحلال أكله. (617) وروينا عن رسول الله (صلع) أنه قال: ما أصميت فكل وما أنميت (4) فلا تأكل، فالاصماء أن يصيب الرمية فتموت مكانها، والانماء أن يصيبها ثم تتوارى عنه وقد أصابها ثم تموت (5)، هذا قول مجمل قد يكون نهى تأديب أو يكون في شك مما أنماه هل قتله (6) بضربته أم لا، والذي ذكرناه عن جعفر بن محمد (ع) هو مفسر وما لا شبهة فيه بأنه إذا علم قتله، فحلال أكله. (618) وعن علي وأبي عبد الله (ص) أنهما قالا في الصيد يضربه الصائد
فيتحامل، ويقع في ماء أو في نار أو في بئر أو يتردى من موضع عال فيموت، قالا: فلا يؤكل إلا أن تدرك ذكاته. (619) وعن أبي جعفر (7) محمد بن علي (ع) أنه قال: ما قتل
(1) س، ى حش - أي سريع، د - قال ذكي. (2) حش ى - قال في مختصر المصنف: وإذا ضرب الرجل الصيد بالسيف فقطعه اثنين أو أبان منه رأسه، أو ما لا بقى له بعده أكله كله، فإن أبان يده أو رجله أو شيئا يمكن أن يعيش بعد قطعه ساعة أو أكثر لم يؤكل الذي أبان منه، وما توحش من الاهليات، فهو بمنزلة الصيد في تذكيته. (3) د - الضربة. (4) د - أصميت وأنميت. (5) د، ي، ط، (صحح في الهامش)، ع. س، ثم يتوارى عنه ثم يموت. (6) د، ى، ط (صحح في الهامش)، ع. س، ط - في شك مما قتله بضربته. (7) د، ى، ط، ع. س، وعن جعفر بن محمد ع.
[ 173 ]
بالحجر والبندق (1) وأشباه ذلك لم يؤكل إلا أن تدرك (2) ذكاته من قبل أن يموت. (620) وعن أبي جعفر (3) محمد بن علي (ع) أنه كره (4) ما قتل من الصيد بالمعراض، فهو مكروه إلا أن يكون له سهم غيره، والمعراض سهم لا ريش (5) فيه يرمى به فيمضى بالعرض. (621) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن صيد المجوس (6) وعن ذبائحهم، يعني بصيدهم ما قتلوه من قبل أن تدرك ذكاته أو قتلته كلابهم التي أرسلوها.
(622) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه نهى عن أكل ما اصطاد (7) المجوس من الحوت والجراد لانه لا يؤكل منه إلا ما أخذ حيا (8). (623) وعن علي (ع) أنه قال: ما أخذت الحبالة فمات فيها فهو ميتة، وما أدرك حيا ذكى فأكل هو!
(1) ط - البندق. (2) د، ط، ى. س - تدركه. (3) س د، ط، ى - وعن جعفر بن محمد ع. (4) في س (كره) مشطوب كتب عليه بين السطور (قال). (5) س، ط، ع. ى، د - ريشة. (6) ط - المجوسي. (7) ط، ع - ما صاد المجوس. (8) س، ط - ما أخذ منه حيا.
[ 174 ]
(8) كتاب الذبائح فصل (1) ذكر أفعال الذابحين (624) قال الله عز وجل (1): فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين. وروينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: من ذبح ذبيحة فليحد شفرته وليرح ذبيحته. (625) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا أردت أن تذبح ذبيحة فلا تعذب البهيمة، أحد (2) الشفرة واستقبل القبلة ولا تنخعها حتى
تموت، يعني بقوله: لا تنخعها، قطع النخاع (3) وهو عظم في العنق. (626) وعن أبي جعفر محمد بن علي وعن أبي عبد الله (ع) أنهما قالا فيمن ذبح لغير القبلة: إن كان أخطأ أو نسى أو جهل، فلا شئ عليه وتؤكل ذبيحته، وإن كان تعمد ذلك فقد أساء، ولا يجب أن تؤكل ذبيحته تلك، إذا تعمد خلاف السنة. (627) عن علي (ع) أنه قال: إذا ذبح أحدكم فليقل: بسم الله
والله أكبر. قال أبو جعفر: يجزيه أن يذكر الله، وما ذكر الله به من تسبيح أو تهليل فهو مجز عنه، وإن ترك التسمية متعمدا لم توكل ذبيحته، فإن جهل ذلك أو نسى سمى إذا ذكر وأكل (1). (628) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن المثلة بالحيوان وعن صبر البهائم، والصبر الحبس، ومن حبس شيئا فقد صبره، ومنه قيل: قتل فلان صبرا (2) إذا أمسك على الموت، فالمصبورة من البهائم هي المحبوسة (3) كالدجاجة وغيرها من الحيوان، أن تربط وتوضع في مكان ثم ترمى (4) حتى تموت. (629) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: من قتل عصفورا عبثا، أتى الله به يوم القيامة وله صراخ ويقول: يا رب! سل هذا فيم قتلني
بغير ذبح، وليحذر أحدكم من المثلة وليحد الشفرة ولا يعذب البهيمة. (630) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن تسلخ البهيمة (5) أو يقطع رأسها حتى تموت وتهدأ. (631) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه قال: اذبح في المذبح. يعني دون الغلصمة (6) ولا تنخع الذبيحة ولا تكسر الرقبة حتى تموت. (632) وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عمن نخع
(1) زيد في ى - ومن ذكر اسم الله أجزاه. (2) حش ى - وصبر الانسان وغيره على القتل أن يحبس ويرمى حتى يموت. (3) ع - المجثمة. (4) ى، د، س (خه)، تترك. ط - تترك ترمى حتى تموت، س، ع - ترمى. (5) ع، د - الذبيحة. (6) حش ع، ى - الغلصمة بالفتح للاول، أصل اللسان وهي العقدة التي في الحلقوم، قال في الصحاح: الغلصمة رأس الحلقوم.
[ 176 ]
الذبيحة من قبل أن تموت، يعني يكسر عنقها، فقد أساء فلا بأس بأكلها. (633) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن قطع رأس الذبيحة في وقت الذبح. (634) وعن علي (ع) أنه كتب إلى رفاعة وهو (1) رفاعة بن شداد وكان قاضيا لعلي (ع) (2) بالاهواز، أن يأمر القصابين أن يحسنوا الذبح، فمن صمم (3) فليعاقبه وليلق ما ذبح إلى الكلاب. (635) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ص) أنه قال: ولا يتعمد الذابح قطع الرأس، فإن جهل ذلك فلا بأس (4).
وعن أبي عبد الله (ع) أنه قال فيمن لا يتعمد قطع رأس الذبيحة في وقت الذبح، ولكن سبقه السكين فأبان رأسها، قال: توكل إذا لم يتعمد ذلك. (636) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الذبح إلا في الحلق، يعني إذا كان ممكنا، وقال أبو جعفر (ع): ولا توكل ذبيحة ما لم تذبح من مذبحها. قال أبو عبد الله جعفر بن محمد (ص): ولو تردى ثور أو بعير في بئر أو حفرة، أو هاج فلم يقدر على منحره أو مذبحه، فإنه يسمى الله عليه ويطعن حيث (5) أمكن منه ويوكل. (637) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الذبح بغير الحديد، وعن
(1) ع، ى - كتب إلى رفاعة بن شداد. (2) ى - له. (3) حش ى - أي قطع. (4) ط - فإن كان ذلك جهل، ى، ع، فإن ذلك جهل، حش ى - فإن جهل ذلك فلا بأس بأكله، س (خه) فإن جهل ذلك فلا بأس. (5) س - حتى.
[ 177 ]
علي (ص) وأبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) أنهم قالوا: لا ذكاة إلا بحديدة (1). (638) وعن رسول الله (ص) أنه كره ذبح ذات الجنين وذوات الدر لغير علة. فصل (2) ذكر من تؤكل ذبيحته ومن لا تؤكل ذبيحته
(639) روينا عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي، وذبائح أهل الخلاف، فتلا قول الله (ع ج) (2): فكلوا مما ذكر اسم الله عليه، قال: إذا سمعتموهم يذكرون اسم الله عليه فكلوه، وما لم يذكر اسم الله عليه، فلا تأكلوه منهم، ومن كان متهما منهم بترك التسمية يرى استحلال ذلك، لم يجز (3) ذلك وأكل ذبيحته إلا أن يشاهد في حين ذبحها، فذبحها على السنة ويذكر اسم الله عليها، فإن ذبحها، بحيث لم يشاهد، لم تؤكل. (640) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن اللحم يباع في الاسواق ولا يدرى كيف ذبحه القصابون، فلم ير به بأسا إذا لم يطلع منهم
(1) حش ى - من مختصر الاثار: ولا يذبح بحجر ولا ظفر ولا عظم ولا غير ذلك إلا بالحديد. (2) 6 / 118. (3) ع - لم يجب.
[ 178 ]
على الذبح بخلاف السنة، ولم يشاهد ذلك من فعلهم (1). (641) وعن جعفر بن محمد أنه كره ذبائح نصارى الاعراب (2). (642) وعن أبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله (ع) أنهما رخصا في ذبيحة الغلام إذا قوى على الذبح وذبح على ما ينبغي، وكذلك الاعمى إذا سدد، وكذلك المرأة إذا أحسنت. (643) وعن علي (ع) أنه سئل عن الذبح على غير طهارة، فرخص فيه. (644) وعن جعفر (ع) أنه رخص في ذبيحة الاخرس إذا عقل التسمية وأشار بها (3).
فصل (3) ذكر معرفة الذكاة قال الله تعالى (4): أحلت لكم بهيمة الانعام. (645) روينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن قول الله عز وجل: أحلت لكم بهيمة الانعام، قال: الجنين في بطن أمه إذا
(1) في الحواشى ط، ع وفي المتن ى، د زيدت هذه الرواية - ولا يؤكل ذبيحة عبدة الاوثان وأشباههم، حش ى - ويكره ذبيحة عبدة الاوثان وأشباههم، وذكر في ذلك في مختصر المصنف ويكره ذبيحة السكران. (2) س، ط. ى، د، ع - العرب. (3) حش ى - ولا بأس بذبيحة الخصى، من مختصر المصنف ومن مختصر الاثار: عن علي ع أنه سئل عن أجنة الانعام تذبح أمهاتها وهي في بطونها، هل تذكى إذا خرجت؟ فقال: ذكاتها ذكاة أمهاتها وهي عضو من أعضائها، فإن خرجت حية تركت حتى تموت ثم تؤكل. (4) 5 / 1.
[ 179 ]
أشعر أو أوبر، فذكاتها ذكاة أمها، يعني عليه السلام ذكاة الام ذكاة الولد، وإن لم يشعر ولم يوبر فلا يوكل، ومن ذبح في الحلق دون الغلصمة ما يجوز ذبحه من الحيوان على ما يجب من سنة الذبح فقطع الحلقوم والمرئ (1) والودجين وأنهر الدم، وماتت الذبيحة من فعله ذلك، فهي ذكية، بإجماع فيما علمناه. (646) وعن علي وابي جعفر (ع) أنهما قالا: ما قطع من الحيوان فبان عنه قبل أن يذكى فهو ميتة لا يؤكل، ويذكى الحيوان ويؤكل باقيه إن أدرك ذكاته (2).
(647) وعن علي أنه قال: علامة الذكاة أن تطرف العين أو تركض الرجل أو يتحرك الذنب أو الاذن، فإن لم يكن من ذلك شئ وأهرق (3) منها دم عند الذبح وهي لا تتحرك، لم توكل. (648) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: يرفق (4) بالذبيحة ولا يعنف بها قبل الذبح ولا بعده، وكره أن يضرب عرقوب الشاة بالسكين. (649) وعنه (ع) أنه سئل عن الذبيحة تتردى بعد الذبح من مكان عال، أو تقع في ماء أو نار، قال: إن كنت قد أجدت الذبح وبلغت (5) الواجب فيه، فكل. (650) وعنه (ع): أنه نهى عن ذبيحة المرتد. (651) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن شاة تذبح قائمة قال: لا ينبغي ذلك، السنة أن تضجع وتستقبل بها القبلة.
(652) وعنه (ع): أنه سئل عن البعير يذبح أو ينحر، قال: السنة أن ينحر، قيل: كيف ينحر؟ قال يقام قائما حيال القبلة، فتعقل يده الواحدة، ويقوم الذي ينحره حيال القبلة، فيضرب في لبته بالشفرة حتى يقطع ويفرى. (653) وعنه (ع) أنه سئل عن البقرة ما يصنع بها؟ تنحر أو تذبح؟
قال: السنة أن تذبح وتضجع للذبح، ولا بأس إن نحرت. (654) وعنه (ع) أنه سئل عن الذبيحة إن ذبحت من القفا، قال: إن لم يتعمد ذلك فلا بأس، وإن يتعمده وهو يعرف سنة النبي (صلع) لم تؤكل ذبيحته ويحسن أدبه. (655) وعن علي (ع) أنه سئل عن شاتين إحداهما ذكية والاخرى غير ذكية، لم تعرف الذكية منهما، قال يرمى بهما جميعا!
[ 181 ]
(9) كتاب الضحايا والعقائق فصل (1) ذكر الضحايا (656) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) خطب يوم النحر فقال: أيها الناس من كان عنده سعة فليعظم شعائر الله، ومن لم تكن عنده سعة فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها (1). (657) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الاضحية (2)، فقال: هو واجب على كل مسلم إلا من لم يجد، قيل: فهل يجب ذلك على سائر العيال؟ قال: إلا على من شاء أن يفعل (3). (658) وعن رسول الله (صلع) أنه خطب الناس يوم النحر فقال: أيها الناس هذا يوم الثج والعج. فالثج ما تهريقون فيه من الدماء، فمن صدقت نيته كانت أول قطرة منه كفارة لكل ذنب. والعج الدعاء، فعجوا إلى الله. فوالذي نفس محمد بيده ألا ينصرف من هذا الموقف أحد إلا وقد غفر له. إلا صاحب كبيرة من الكبائر مصر عليها، لا يحدث نفسه
بالاقلاع عنها. (659) وعنه (صلع) أنه دخل على فاطمة (ع) في يوم الاضحى
(1) 2 / 286. (2) حش ى - (قال) الاصمعي الاضحا جمع أضحاة وهي الشاة التي يضحى بها، وبها سمى يوم الاضحى، وكذلك يجوز تأنيثه، فيقال: دنت الاضحى، ع - الاضحا. (3) حش ى - من مختصر المصنف، ولا يضحى الوصي عن اليتيم من مال اليتيم.
[ 182 ]
فقال لها: يا فاطمة! قومي فاشهدي نسكك، أما إنه أول قطرة منها تقطر كفارة لكل ذنب هو لك، أما إنه يؤتى بلحمها وفرثها وعظمها وصوفها وكل شئ منها حتى يوضع منها في ميزانك ويضعف الله ذلك لك (1) سبعين ضعفا. فسمع ذلك المقداد بن الاسود (2) فقال: بأبي أنت وأمي! هذا شئ يخص به آل محمد (صلع) أو عام؟ قال: بل للمسلمين عام. (660) وعنه (ع) أنه خطب يوم الاضحى. فلما نزل تلقاه رجل من الانصار (3) فقال: يا رسول الله! إني ذبحت أضحيتي قبل أن أخرج (4) وأمرتهم أن يصنعوها لك لعلك أن تكرمني اليوم بنفسك، فقال رسول الله: شاتك شاة لحم. فإن كان عندك غيرها فضح بها، فقال: ما عندي إلا عناق جذعة (5) قال: فضح بها، أما إنها لا تحل لاحد بعدك، وذكر باقي الحديث بطوله. (661) وعن ابي جعفر محمد بن علي وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: الاضحية (6) يوم النحر ويومين بعده في الامصار وفي منى إلى آخر أيام التشريق. (662) وعن رسول الله (صلع) أنه أشرك عليا في هديه. فنحر (صلعم)
بيده ثلاثا وستين بدنة. وأمر عليا (ع) فنحر باقي البدن وكانت مائة (7) نحرها كلها يوم النحر.
(1) س - لك - ى، د، - ذلك ع، ط - ذلك لك. (2) قاموس مج 2 / ص 369 س 7. (3) حش ى - اسمه أبو بردة بن نيار. (4) حش ى - من مختصر الاثار: وأفضل الذبح يوم النحر ولا يجوز ذبح الاضحية إلا بعد صلاة العيد على ما ذكر إلى وقت الزوال، فإذا زالت الشمس لم يجز ذبح الاضحية إلى طلوع الشمس من الغد وذلك في أيام التشريق جميعها من الامصار وفي منى. (5) حش ى - الجذع دون الثنى والعناق الانثى من أولاد المعز. (6) حش ى - الاضحية شاة يضحى بها ج أضاحى، والضحية ج ضحايا وأضحاة ج أضحى اسم البدنة يقع على الابل والبقر للذكر والانثى. (7) ى - مائة بدنة.
[ 183 ]
(663) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: يستحب للرجل أن يلي ذبح أضحيته بيده، فإن لم يستطع فليجعل يده مع يد الذابح، فإن لم يستطع فليقم قائما عليها يذكر اسم الله عليها حتى تذبح. (664) وعنه (ع) أنه قال: لا يذبح أضحية المسلم إلا مسلم، ويقول عند ذبحها: (بسم الله الله أكبر، وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين (1)، إن صلاتي ونسكي ومحياى ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت، وأنا من المسلمين) (2). (665) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن أفضل الضحايا فقال:
الاناث من الابل ثم الذكور منها، ثم الاناث من البقر ثم الذكور منها، ثم الفحول من الضأن ثم الموجأ منها، وهو المرضوض أو المربوط أنثياه حتى تفسدا (3)، ثم النعاج، ثم الذي يقطع أنثياه قطعا (4)، ثم الفحل من المعز، ثم الاناث منها. قال: وأفضل الكباش ما كان أقرن عظيما سمينا فحلا (5) يأكل في سواد ويشرب في سواد ويمشي في سواد وينظر في سواد ويبعر في سواد. وكان رسول الله (صلع) يضحى بما كانت هذه صفته، وهي صفة الكبش الذي نزل على إبراهيم. قيل: ومن أين نزل؟ قال: نزل من السماء
(1) انظر 6 / 79. (2) انظر 6 / 191 - 193، في القرآن - أول المسلمين، كما كتب في س وط. (وأنا من الممين) في سائر المخطوطات وفي كتاب صحيفة الصلاة. (3) زيد ى، د - وهو الخصى. (4) زيد ى، د - أو تنقطعا. (5) س - فحل، د، ط، ى، ع، فحلا.
[ 184 ]
على الجبل الذي عن يمين مسجد منى. قيل: فمن لم يجد هذه الصفة؟ قال: يضحي بما يجده. (666) وعنه (ع) أنه رخص في الاشتراك في الاضحية، لمن لم يجد، بقدر ما يمكنه. (667) وعنه (ع) أنه قال: لا يجزى من البقر والابل إلا مسنة. الثنى فما فوقها، وكذلك من الازواج الثمانية من الانعام، ما خلا الضأن فإنه يجزى منها الجذع. وذلك لانه يضرب فيلقح دون غيره من سائر الانعام.
(668) وعن علي (ع) أنه نهى عن الاضحية المكسورة القرن، والعرجاء البين عرجها، والمهزولة البين هزالها، والمقطوعة الاذن أو المصطلمة، ورخص في شق يكون في الاذن إذا كان علامة وسمة، وفي الهرمة إذا لم يكن بها عيب ولا عجف ويستحب السمينة (1). (669) وعنه (ع) أنه قال: إذا اشترى أحدكم أضحية مسلمة ثم مرضت وماتت قبل يوم النحر، فقد أجزت عنه. وإن أصاب ما يضحى به مكانها ففعل، فهو أفضل. (670) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن قول الله عز وجل (2):
(1) حش ى - البدنة تجزى عن عشرة والبقرة عن سبعة من الاقتصار، وقال في كتاب الزكاة أيضا: إن الجمل والثور يجزى كل واحد منهما عن واحد، وأفضل الذبح في يوم النحر، من مختصر الاثار. قال في مصنف الوزير: وإذا مات أحد الشركاء في البدنة أو الاضحية فرضى دار ثم ينحرها عن الميت معهم أجزأتهم، وإن كان أحد الشركاء في البدنة لا يريد هديا وإنما يريد اللحم دون الهدي لم يجزهم. ولا ينبغي إن اشترك في البدنة للهدى ان يشارك من يريد اللحم لنفسه، وأي الشركاء في الهدى ذبحه في يوم النحر أجزاهم، (من كتاب الحواشى). (2) 22 / 36.
[ 185 ]
فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر (1)، والبائس والفقير (2) فقال: القانع السائل الذي يقنع بما أعطى ولا يلوى شدقه ولا يكلح وجهه استصغارا واستقلالا لما يعطاه، والمعتر المعترض للسوأل، والفقير الذي لا يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس الفقير أشدهم حالا وأجهدهم. قال: وكان أبي (ع) ربما اختبر السؤل ليعلم القانع من غيره، فإذا وقف به السائل أعطاه الرأس، فإن قبله قال: دعه، وأعطاه اللحم، فإن لم يقبله تركه
ولم يعطه شيئا. (671) وعن علي (ع) أنه قال: أربع تعليم من الله (ع ج)، ليس بواجبات. قوله (3): فكاتبوهم إن علمتهم فيهم خيرا، فمن شاء كاتب رقيقه ومن شاء لم يكاتب. وقوله (4): وإذا حللتم فاصطادوا، فمن شاء (5) اصطاد، ومن شاء لم يصطد، وقوله (6): فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر، فمن شاء أكل (7) ومن شاء، لم يأكل، وقوله (8): فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض، فمن شاء انتشر ومن شاء جلس. (672) وقد روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه، أن رسول الله (صلع) أشرك عليا في هديه. فكانت مائة بدنة، فأمر بقطعة من كل بدنة
(1) 22 / 38. (2) 22 / 28. (3) 24 / 33. (4) 5 / 2. (5) زيد في - ى إذا حل من إحرامه. (6) 22 / 36. (7) ى - أحل منها ع - من أضحيته. (8) 62 / 10.
[ 186 ]
فطبخ (1) كله. ودعا عليا فأكلا من اللحم وحسوا من المرق. فيستحب الاكل من الضحايا والهدايا اقتداء برسول الله (صلع). (673) وعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن لحوم الاضاحي فقال: كان علي بن الحسين وأبوه جعفر (ع) يفرقان ثلثها على
الجيران، وثلثها على السؤال (2)، ويمسكان الثلث على أهل البيت، وليس في ذلك توقيت وما تصدق به منها فهو أفضل. قال رسول الله (صلع): إنما جعل الله عز وجل هذه الاضاحي ليشبع فيها مساكينكم من اللحم، فأطعموهم. (674) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: نهى (3) رسول الله (صلع) أن يطعم المشرك من الاضحية لانها قربة إلى الله عز وجل، وأنه نهى عن ادخار (4) لحوم الاضاحي فوق ثلاثة أيام من أجل حاجة الناس يومئذ، فأما اليوم فلا بأس به. (675) وعن جعفر بن محمد (ع) (5) أنه نهى أن يبيع الرجل شيئا من الاضاحي، ورخص في الانتفاع بالجلد والصوف، وفي أن يعطى من ذلك في حق سلخها.
(1) ى - فطبخ بذلك، ط، ع، د - طبخ ذلك، س كما في المتن. (2) س، ط، ى، د - ولعل الصحيح هو (سؤل) ج السائل. (3) ط - نهى رسول الله (صلع) ويكره أن يطعم إلخ. (4) س، ط، ع، ى - ادخار، د - اذخار. وقال في مجمع البحرين: أصله اذ تخار وأدغم فهو ادخار. (5) س، ط، ع. ى، د - وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى إلخ.
[ 187 ]
فصل (2) ذكر العقائق (676) أصل العقيقة الشعر الذي يولد به المولود. فسميت الشاة التي
تذبح عنه في حين حلق ذلك الشعر، عقيقة، وهذا لانهم يسمون الشئ باسم ما قاربه أو كان من سببه. (677) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) أمر بحلق الشعر (1) الذي يولد به المولود عن رأسه يوم سابعه (2) وقال كل مولود مرتهن بعقيقته، فكه والداه أو تركاه. (678) وعنه (ع) أنه عق عن الحسن شاة وعن الحسين شاة وحلق رأس كل واحد منهما يوم ذلك، وهو يوم سابعه، وقال: يا فاطمة! تصدقي بوزن شعره ذهبا أو فضة، فوزنت شعر الحسين (ع) وكان فيه وزن درهم ونصف (3). (679) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: من عق عن ولده فليعط القابلة (4) رجل العقيقة، يعني ربعها الموخر. (680) وعنه (ع) أنه ذكر العقيقة والمولود فقال: إذا كان يوم
(1) ى، د، ط، ع، د - بحلق شعر البطن، س - بحلق الشعر. (2) حش ى - فإن لم يعق عنه يوم سابعه فيوم الرابع عشر، فإن تأخر فيوم أحد عشرين، وينبغي أن لا يؤخر عن ذلك. (3) س، ط، ع، ى، د فكان فيه درهم ونصف درهم. (4) حش ط - داعرى (كجراتي)، قال في مختصر المصنف، وتدفع للقابلة رجلا العقيقة وهو ربعها إذا كانت مسلمة فإن كانت ذمية فقيمة ذلك ويجوز في العقيقة ما يجوز في الاضحية.
[ 188 ]
سابعه (1) فاذبح عنه كبشا وقطعه أعضاء واطبخه فأهد منه وتصدق وكل واحلق رأس المولود وتصدق بوزنه ذهبا أو فضة. (681) وعنه (ع) أنه قال: العقيقة شاة عن الغلام والجارية، سواء.
(682) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: يسمى المولود يوم سابعه، وقال: قال رسول الله (صلع): إذا كان اسم بعض أهل البيت اسم نبي لم تزل البركة فيهم. (683) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن أربع كنى: عن أبي عيسى، وأبي الحكم وابي مالك، وأبي القاسم، إذا كان الاسم محمدا. نهى عن ذلك سائر الناس، ورخص لعلي (ص) وقال: المهدي من ولدي، يضاهي اسمه اسمي وكنيته كنيتي.
(1) حش ى - فإن مات قبل السابع فلا عقيقة له، من مختصر المصنف.
[ 189 ]
(10) كتاب النكاح فصل (1) ذكر الرغائب في النكاح (684) قال الله تعالى (1): ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لايات لقوم يتفكرون، وقال عز وجل (2): وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم، وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله، وقال تقدست أسماؤه (3): وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: من أحب أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتعفف (4) بزوجة. (685) وعنه (ع) أنه قال: من أحب أن يكون على فطرتي فليستن
بسنتي. فإن من سنتي النكاح (5).
(1) 30 / 21. (2) 34 / 32 - 33. (3) 25 / 54. (4) ط، ع - فليستعفف. (5) حش ى - من مختصر المصنف: ولم يرد الامر بالنكاح على طريق الايجاب الذي من تركه كان عاصيا، وإنما هو سنة مؤكدة فمن لم يدعه إليه داع وصبر عنه ولم يتزوج فلا شئ عليه.
[ 190 ]
(686) وعنه (ع) أنه قال: ما من شاب تزوج في حداثة سنه إلا عج شيطانه يقول: يا ويلاه، عصم هذا مني ثلثي دينه. فليتق الله العبد في الثلث الباقي. (687) وعن علي (ص) أنه قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله يتزوج إلا قال رسول الله (صلع): كمل دينه. (688) وعنه (ع) أنه قال: جاء عثمان بن مظعون إلى رسول الله (صلع) فقال: يا رسول الله! قد غلبني حديث النفس ولم أحدث شيئا حتى أستأمرك، قال: بم حدثتك نفسك، يا عثمان؟ قال: هممت أن أسيح في الارض، قال: فلا تسح في الارض، فإن سياحة أمتي المساجد، قال: وهممت أن أحرم على نفسي اللحم، فقال رسول الله (صلع): لا تفعل، فإني أشتهيه وآكله، ولو سألت الله أن يطعمنيه كل يوم لفعل، فقال: وهممت أن أجب (1) نفسي قال: يا عثمان! ليس منا من فعل ذلك بنفسه ولا بأحد، إن وجأ أمتي الصيام، قال: وهممت أن أحرم خولة على نفسي، يعني امرأته، قال: لا تفعل يا عثمان! فإن العبد المؤمن إذا اتخذ بيد زوجته،
كتب الله له عز وجل عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات، فإن قبلها كتب الله له مائة حسنة ومحا عنه مائة سيئة، فإن ألم بها كتب الله له ألف حسنة ومحا عنه ألف سيئة وحضرتهما الملائكة، وإذا اغتسلا لم يمر الماء على شعرة من كل واحد منهما إلا كتب الله لهما حسنة ومحا عنهما سيئة، فإن كان ذلك في ليلة باردة قال الله تعالى للملائكة: انظروا إلى عبدي هذين (2) اغتسلا في هذه الليلة الباردة، علما منهما أني ربهما، أشهدكم أني قد
(1) حش ى - أي دكر. (2) س، د. ع، ط، ى - عبدى وأمتي هذين.
[ 191 ]
غفرت لهما، فإن كان لهما في وقعتهما تلك ولد كان لهما وصيفا في الجنة. ثم ضرب رسول الله (صلع) بيده على صدر عثمان. وقال: يا عثمان! لا ترغب عن سنتي، فإن من رغب عن سنتي (1) عرضت له الملائكة يوم القيامة فصرفت وجهه عن حوضي. (689) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: أيها الناس! تزوجوا، فإني مكاثر بكم الامم يوم القيامة، وخير النساء الودود الولود، ولا تنكحوا الحمقاء، فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع. (690) وعنه (ع) أنه قال: إذا أقبل الرجل المؤمن على امرأته المؤمنة، اكتنفه الملكان وكان كالشاهر سيفه في سبيل الله، فإذا فرغ منهما تحاتت عنه الذنوب كما يتحات ورق الشجر أوان سقوطه، فإذا هو اغتسل انسلخ من الذنوب. فقالت امرأة: بأبي أنت وأمي! يا رسول الله! هذا للرجال، فما للنساء؟ قال: هي إذا حملت كتب الله لها أجر الصائم القائم، فإذا
أخذها الطلق، لم يدر ما لها من الاجر إلا الله، فإذا وضعت كتب الله لها بكل مصة، يعني من الرضاع حسنة ومحا عنها سيئة. وقال: النفساء إذا ماتت من نفاسها، قامت يوم القيامة بغير حساب، لانها تموت بغمها. (691) وعنه (ع) أنه قال: من ترك النكاح مخافة العيلة فقد أساء الظن بربه، لقوله تبارك وتعالى (2): إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم. (692) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ما من مؤمنين يجتمعان بنكاح حلال حتى ينادي مناد من السماء: ألا إن الله قد زوج فلانا من
(1) زيد في ى - فليس منى. (2) 24 / 32 (انظر 715)
[ 192 ]
فلانة، وما يفترق زوجان مؤمنان عن نكاح حتى ينادي مناد من السماء: ألا إن الله قد أذن بفراق فلان من فلانة. (693) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: كلما ازداد العبد إيمانا ازداد حبا للنساء. (694) وعنه (ع) أنه قال: ثلاث أعطيهن النبيون: العطر والازواج والسواك. (695) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: أربعة من أخلاق الانبياء: التنظم والتطيب وحلق الجسد، يعني بالنورة، وكثرة الطروقة يعني النساء. ثم ذكر سليمان بن داود (ع) فقال: كان له ألف امرأة في قصر واحد سبعمائة سرية وثلثمائة مهيرة (1) قيل له: جعلت فداك! كيف يقوى على هؤلاء؟ قال: جعل الله فيه قوة بضعة وأربعين رجلا، ويجعل ذلك
للنبي (ع)، قيل له: لعلى (ع)؟ فإنه استحيا ذكر علي لابوته، ومكان فاطمة (ع)، فأمسك ولم يقل شيئا. (696) وعنه (ع) أنه قال: ترك على أربع نسوة وتسع عشر سرية. (697) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه اجتمع يوما مع أخيه زيدا فعدا ما تزوج الحسن بن علي (ع) فأثبتا ستا وخمسين وما استكملا آخرهن (2). (698) وعنه (ع) أنه قال: إن الله عز وجل نزع الشبق، وهي الغلمة (3) من نسائنا وجعلها في رجالنا، وكذلك فعل بشيعتنا، ونزع ذلك
(1) مشكلة مهرية في ط، ومهرية في كل المخطوطات، وخه في ى - مهيرة وهو الصحيح كما جاء في مجمع البحرين، انظر مهر. (2) ع، س، ط استكملا، و (آخوهن) كتب في الهامش بيد آخر. (3) حش ى - شهوة الضواب.
[ 193 ]
من رجال بني أمية وجعله في نسائهم، وكذلك فعل بشيعتهم. وإنما الفضل في الاستكثار من النساء لمن استطاع القيام بهن في معائشهن، وأعطى (1) من القوة على الباءة ما يحصنهن، وقدر على ترك الميل بينهن، وأن لا يدع (2) بعضهن معلقات كما نهى الله عزوجل عن ذلك، فإن لم يستطع ذلك فالفضل في الاقتصار على ما يقدر عليه. (699) وعن جعفر (3) بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يشبع الرجل نفسه ويجيع أهله، وقال: كفى بالمرء هلاكا أن يضيع من يعول. (700) وعنه (ع) أنه قال: من جمع من النساء ما لا ينكح فزنين
فالاثم عليه، وقد قال الله تعالى (4): فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم. (701) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الترهب (5) قال: لا رهبانية في الاسلام، تزوجوا فإني مكاثر بكم الامم. ونهى عن التبتل، ونهى النساء أن يتبتلن ويقطعن أنفسهن من الازواج. (702) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل دخله الخوف من الله حتى ترك النساء والطعام والطيب ولا يقدر على أن يرفع رأسه إلى السماء تعظيما لله، فقال (ع): أما قولك في ترك النساء، فقد علمت ما كان
(1) س، ط - أعطى هو إلخ. (2) خه ط - يذر. (3) س. ط، ع، د - وقد روينا عن. (4) 4 / 3. (5) حش ى - الترهب لعلماء النصارى وكانوا يقفون بصوامع ويقطعون أنفسهن من الدنيا وعن التزويج.
[ 194 ]
لرسول الله منهن، وأما قولك في ترك الطعام الطيب فقد كان رسول الله (صلع) يأكل اللحم والعسل، وأما قولك: دخله الخوف من الله حتى لا يستطيع أن يرفع رأسه إلى السماء، فإنما الخشوع في القلب، ومن ذا يكون أخشع وأخوف لله من رسول الله (صلع)؟ فما كان يفعل هذا، وقد قال الله عز وجل (1): لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر. فصل (12)
ذكر من يستحب أن ينكح ومن يرغب عن نكاحه (703) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: اختاروا لنطفكم فإن الخال أحد الضجيعين (2). (704) وعنه (صلع) أنه قال: أنكحوا الاكفاء وانكحوا فيهم، واختاروا لنطفكم، وإياكم ونكاح الزنج فإنه خلق مشوه. وقوله (صلع): اختاروا لنطفكم قول جامع، للاختيار أن لا ينكح المرء إلا من فيها (3) الطهارة، ومن ولدت لرشدة (4)، ويتقى ذوات الفجور والريب. (705) وعنه (ع) أنه قال: يقول الله عز وجل: إذا أردت أن أعطى العبد خيرا من الدنيا والاخرة، جعلت له لسانا ذاكرا وقلبا خاشعا وجسدا
(1) 33 / 21. (2) حش ى - يعني أن أخا زوجتك الذي هو خال ولدك مثل زوجتك التي هي ضجيعك فإن الاخ والاخت يكونان في غالب الامر على طبيعة واحدة. وقال في مختصر الاثار: يعني (صلع) لا تجعلوا نطفكم إلا في طهارة أي لا تكون أم الولد لغير رشدة أو تكون كذلك في نفسها. (3) س، ط. ع، ى، د - من كان فيها. (4) حش ى - وقال في كتاب الزينة، هو لرشدة بفتح الراء لانه بمعنى الفعلة ويقال: هو لرشدة إذا كان صحيح النسب وهو يفتض.
[ 195 ]
على البلاء صابرا وزوجة مؤمنة، تسره إذا نظر إليها، وتحفظه إذا غاب عنها، في نفسها وماله. (706) وعنه (ع) أنه قال: خمسة من السعادة: الزوجة الصالحة، والبنون الابرار، والخلطاء الصالحون، ورزق المرء في بلده، والحب لآل محمد (صلع).
(707) وعنه (ع) أنه قال: المرأة الصالحة كالغراب الاعصم. ولن يوجد إلا قليلا، والغراب الاعصم هو الابيض أحد الرجلين (1). (708) وعنه (ع) أنه قال: ليس لامرأة خطر لا لصالحتهن ولا لطالحتهن. أما صالحتهن فليس لها خطر الذهب ولا الفضة، أما طالحتهن فليس لها خطر (2) التراب، والتراب خير منها. (709) وعنه (ع) أنه قال: إنما الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا الزوجة الصالحة. وعنه (ع) أنه قال: من سعادة المرء المسلم الزوجة الصالحة، والمسكن الواسع، والمركب الهنئ، والولد الصالح. (710) وعنه (ع) أنه نهى أن تنكح المرأة لمالها وجمالها. وقال: مالها يطغيها وجمالها يرديها. فعليك بذات الدين. (711) وعنه (ع) أنه قال: لا خيل أنقى من الدهم، ولا امرأة كابنة العم. (712) وعنه (ع) أنه قال: خير نسائكم نساء قريش، أعطفهن على زوج وأحناهن على ولد.
(713) وعنه (ع) أنه قال: تزوجوا الابكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحاما وأسرعهن تعلما وأثبتهن للمودة. وتزوجوا أيامكم، فإن الله تبارك وتعالى يحسن لهن في أخلاقهن، ويوسع لهن في أرزاقهن. (714) وعنه (ع) أنه نهى أن يرد المسلم أخاه المسلم إذا خطب إليه، إذا رضى دينه، وقال: إلا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير (1).
وعنه (ع) أنه نهى عن نكاح يراد به غير وجه الله والعفة، ونهى عن النكاح بالرياء والسمعة. (715) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل المرأة لحسنها أو لمالها، وكل إلى ذلك (2)، وإن تزوجها لدينها وفضلها، رزقه الله المال والجمال، قال الله تعالى (3): وأنكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم. (716) وعنه (ع) أنه قال: ما من مرزئة أشد على عبد من أن يأتيه ابن أخيه فيقول: زوجني، فيقول: لا أفعل، أنا أغنى منك. (717) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: تزوجوا الزرق فإن فيهن يمنا. (718) وعنه (ع) أنه قال: إذا أراد أحدكم أن يتزوج امرأة، فليسأل عن شعرها كما يسأل عن وجهها، فإن الشعر أحد الجمالين. (719) وعنه (ع) أنه قال: عليكم بقصار الخدم، فإنه أقوى لكم فيما تريدون. (720) وعنه (ع) أنه قال: من يمن المرأة أن يكون بكرها جارية.
(1) 8 / 73. (2) حش ى - وكل أمره إلى غيره أي ولاه إياه. (3) 4 / 323 (684).
[ 197 ]
(721) وعنه (ع) أنه قال: تزوجها (1) سوداء ولودا، ولا تزوجها حسناء جملاء عاقرا (2) فإني أباهي بكم الامم يوم القيامة. (722) وعنه (ع) أنه قال: خير نسائكم العفيفة الغلمة، عفيفة في نفسها وفرجها، غلمة على زوجها.
(723) وعنه (صلع) أنه قال: إياكم وتزويج (3) الحمقاء، فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع. (724) وعنه (صلع) أنه قال: أفضل نساء أمتي أصبحهن (4) وجها وأقلهن مهرا. (725) وعنه (صلع) أنه قال: النساء أربع جامع مجمع (5) وربيع مربع (6) وحرب مقمع (7) وغل قمل (8).
(1) س، ط، ى، د، ع - تزوجها، ز - تزوجوا. (2) س. ط - حسناء عاقوا، ى - حسناء عقيما، د - حسناء حملا وعقيما. (3) س، (حاشية) ى. ع - تزوج. س أن يتزوجوا، ط - أن يتزوجوا وتزويج الحمقاء إلخ. (4) حش ى - الصباحة بالفتح وهو بياض يضرب إلى الحمرة كلون الورد، وهو أحسن من البياض، (من النجاح). (5) ى - مجمع، حش - أي صالحة تصلح أمرها وأمر زوجها وتجمع أهل بيتها بالالفة والمودة بينهم وتجمع زوجها إلى نفسها بالمودة والرحمة بينهما، ومعنى آخر وهو أنها جامع مجمع للمحاسن والشمائل الحسنة، (من النجاح). (6) حش ى - وربيع مربع أي ولود كثيرة الاولاد، حتى إنها تلد كل سنة مرة واحدة حتى تجعل بيت زوجها كالربيع في حسنه وبهجته وخضرته فلذلك سماها ربيعا، (من النجاح) (7) حش ى - أي عدوة قاهرة تقهر زوجها بكثرة النشوز، وتقهر أهل بيتها بالتفريق بينهم، (من النجاح). (8) حش ى - وغل قمل هو قد من جلد طرى، كانت الجاهلية يغلون به أسراهم ومن يريدون عذابه ويجعلون وبره مما يلي جلده ويشدونه كذلك عليه، فإذا جف اشتد عليه وتعمل على الجلد ولا يوصل إلى القمل لشدته فيتألم لذلك فضربه مثلا للمرأة السوء (من النجاح).
[ 198 ]
(726) وعنه (صلع) أنه قال: إنما المرأة قلادة فلينظر أحدكم بما يتقلده. (727) وعنه (صلع) أنه قال: إن كان الشؤم في الشئ ففي المرأة والدار والدابة. (728) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: نظر أبي إلى امرأة في بعض مشاعر مكة فرأى منها ما أعجب به من حسن خلق فسأل عنها، هل لها زوج؟ فقيل: لا، فخطبها إلى نفسها، فتزوجته فدخل بها ولم يسأل عن حسبها (1)، وكان رجل من الانصار يتصل به فلما سمع بذلك شق عليه كراهة أن تكون غير ذات حسب (2)، فيقول الناس في ذلك، فلم يزل يسأل عن حسبها حتى وقف على خبرها، فوجدها في بيت أهل قومها (3) شيبانية من بني ذي الجدين (4) فدخل على علي بن الحسين (ع) فذكر له ذلك، فقال: قد كنت أراك أحسن رأيا منك اليوم، أما علمت أن الله جاء بالاسلام فرفع به الخسيس، وأتم به الناقص وأكرم به اللوم، فلا لؤم على امرئ مسلم فإنما اللؤم لؤم الجاهلية. وقد أعتق رسول الله أمته وتزوجها وعنده نساء من قريش، وفي رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر (5). (729) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) (6) أنه قال: خطب رسول
(1) حش ى - الحسب ما يعد من المعاش وقال النبي عليه السلام الحسب المال، من الضياء. (2) ى - نسب. (3) ع. س، فوجدها من أهل بيت شيبانية. (4) حش ى - ذو الجدين من بني شيبان وهو مسعود بن بسطام من رهط أشراف، وذكروا
أن ولد لقيط بن ذرارة دخل على أبيه يوما يجر ذيله، فقال له: يا بني جئتني تجر ذيلك كأنك جئتني بابنة ذي الجدين. (5) حذ ع، ى - وقد أعتق... كان يرجو الله واليوم الاخر. (6) كما في س، د، ز، ط - وفي ع، ى وجدت الرواية الاخرى وهي مأخوذة من كتاب مختصر الاثار.
[ 199 ]
الله (صلع) يوم فتح مكة، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن الله قد أذهب نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها، ألا إنكم من ولد آدم، وآدم من طين، ألا إن خير عباد الله عند الله أتقاكم (1) إن العربية ليست بأب والد (2)، ولكنها لسان ناطق. فمن قصر به عمله لم يبلغ به حسبه، ألا إن كل دم في الجاهلية أو إحنة، فهي تحت قدمي إلى يوم القيامة. (730) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: زوج رسول الله (صلع) المقداد بن الاسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، ثم قال (ع): إنما زوجها المقداد ليتواضع النكاح وليتأسوا برسول الله (صلع) وليتعلموا أن أكرمكم عند الله أتقاكم (3)، وكان الزبير أخا عبد الله أبى النبي (صلع) لابيه وأمه. (731) وعنه (ع) أن رسول الله (صلع) زوج الموالى القريشيات ليتضع المناكح وليتأسوا فيها برسول الله (صلع)، وزوج النبي (صلع) المقداد بن الاسود ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وزوج تميما الدارى امرأة من بني هاشم بن عبد مناف. (732) وعن أبي جعفر محمد (ع) أنه سئل عن امرأة مؤمنة عارفة، وليس بالموضع أحد على دينها، هل تتزوج منهم إلا من هو على دينها، وأما
أنكم، فلا بأس أن يتزوج الرجل منكم المستضعفة البلهاء، وأما الناصبة ابنة الناصبة فلا، ولا كرامة لان المرأة تأخذ من أدب زوجها، ويردها إلى ما هو عليه، فتزوجوا إن شئتم في الشكاك ولا تزوجوهم، فأما أهل النصب
(1) د، ى، ع - أتقاهم، انظر القرآن الكريم 49 / 13. (2) س، د، ط، ع، ليست بأب والد، ى - بأب وولد. (3) 49 / 13.
[ 200 ]
لاهل بيت محمد والعداوة لهم المبائنين بذلك المعروفين به، الذين ينتحلونه دينا، فلا تخالطوهم ولا توادوهم ولا تناكحوهم (1). (733) وعنه (ع) أنه سئل عن المرأة الخبيثة الفاجرة، يتزوجها الرجل قال: لا ينبغي له ذلك، وأهل الستر والعفاف خير له، وإن كانت له أمة وطئها إن شاء ولم يتخذها أم ولد، لقول رسول الله (صلع): تخيروا لنطفكم. (734) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله عز وجل (2): الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين، قال: نزلت في نساء مشركات مشهورات بالزنا، كن في الجاهلية بمكة مؤاجرات مستعلنات بالزنا. منهن حبيبة والرباب وسارة التي أحل رسول الله (صلع) دمها يوم فتح مكة. من أجل أنها كانت تحرض المشركين على قتال رسول الله (صلع) فأما أن يتزوج الرجل امرأة قد علم منها الفجور فليحصن بابه، فقد سأل رسول الله (صلع) رجل، فقال: يا رسول الله! ما ترى في امرأة عندي لا ترد يد لامس؟ فقال: طلقها، قال: فإني أحبها، قال: فأمسكها إن شئت.
(1) حش ى - من مختصر الاثار عن أبي عبد الله ع لما قال له داود بن علي قد أتيت ذنبا لا يغفر الله لك، قال: وما هو، قال: زوجت ابنتك رجلا من بني أمية، قال أبو عبد الله، أسوتي في ذلك برسول الله (صلع) قد زوج ابنته زينب أبا العاص بن ربيعة وزوج عثمان بن عفان أم كلثوم فتوفيت، فزوجه رقية بناته (صلع)، وخطب عمر إلى علي (ع) ابنته أم كلثوم، فرده، فأما العباس فشكا عليه وتواعد بني عبد المطلب فأتى العباس عليا (صلع) فقال: يا ابن أخي، قد ترى ما نحن فيه، وقد تواعدك عمر لودك إياه، وتواعدنا، ولم يزل به حتى جعل أمرها إليه فزوجها العباس منه، فالافضل والاعلى تزويج أهل الموافقة من لا ينصب العداوة لال رسول الله (صلع) ونكاح المؤمن أفضل من نكاح غيره، ولا بأس عند الضرورة بنكاح أهل الخلاف من المسلمين وكذلك النكاح فيهم، وليس ذلك بمحرم كمناكحة المشركين، ولكن الفضل والاختيار في مناكحة أهل الموالفة وبعد ذلك المستضعفين. (وفي هذه الحاشية قد اختلطت الروايتان من كتاب مختصر الاثار). (2) 24 / 3.
[ 201 ]
فصل (3) ذكر اختطاب النساء (735) روينا عن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، يعني إذا وقع التراضي وأجابته المرأة، فأما إذا خطب هذا وهذا قبل ذلك، فلا بأس به. تتزوج المرأة من شاءت. وذلك مثل سوم الرجل على سوم أخيه، وقد ذكرنا في البيوع. (736) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إذا أراد أحدكم أن يتزوج المرأة فلا بأس أن يولج بصره فإنما هو مشتر، يعني (صلع) إذا وجد مكنة أن يختلس النظر إليها وأمكن من ذلك لغير مكروه يضمره. ولا تلذذ بالنظر
يقصده، وقد أمر الله عز وجل المؤمنين في كتابه بغض الابصار، فقال (1): قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم. (737) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل تمر به المرأة فينظر خلفها (2) قال: أيسر أحدكم أن ينظر أحد إلى أهله، ارضوا للناس ما ترضون لانفسكم. (738) وعنه (ع) أنه سئل عن قول الله عز وجل في قصة موسى (ع) من قول المرأة (3): يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي
الامين، فقال: أما القوة فما رأت منه عند سقي الغنم. وأما قولها الامين (1) فإنها لما أتته (2) عن أبيها أن يأتيه فمشت بين يديه، فتقدم وقال: كوني خلفي، وعرفيني الطريق، فإنا قوم لا ننظر إلى أدبار النساء. (739) وعن علي (ع) أنه قال: سئل عن الرجل تمر به المرأة فينظر إليها، قال: أول نظرة لك، والثانية عليك لا لك، والنظرة الثالثة سهم مسموم من سهام إبليس، من تركها لله لا لغيره، أعقبه الله إيمانا يجد طعمه. (740) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ما يأمن الذين ينظرون في أدبار النساء أن يبتلوا بذلك في نسائهم، فكل هذا يوجب غض البصر (3) عن النساء إلا ما استثناه رسول الله (صلع) من نظر الرجل إلى المرأة يريد
تزويجها (4)، وقد جاء أيضا في النظر إلى ذوات المحارم توقيف من رسول الله (صلع). (741) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) (5) أنه قال: أتى رجل إلى رسول الله (صلع) قال: يا رسول الله، هل أستأذن على أمي إذا أردت الدخول عليها؟ قال: نعم، أيسرك أن تراها عريانة؟ قال: لا، قال: فاستأذن عليها إذا، قال: فأختي، يا رسول الله تكشف شعرها بين يدي؟ قال، لا، قال: لم؟ قال: أخاف عليك إذا أبدت شيئا من محاسنها إليك أن يستفزك الشيطان.
(1) س - وأما الامانة. (2) س - لما آذنته عن. (3) د - الطرق. (4) ى ط (هامش) زد - فلا بأس به. (5) ى - وعن جعفر بن محمد (ع).
[ 203 ]
(742) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إذا قبل أحدكم ذات محرم (1) منه قد حاضت، فليقبل بين عينيها أو رأسها، وليكف عن خديها وفيها. (743) روينا عن أهل البيت (ع) في الدعاء عند التزويج والخطب عند عقد النكاح، كلاما يطول ذكره. ليس منه شئ موقت ولا واجب، ومن دعا الله بما قدر عليه واستخاره فقد أحسن، وإذا حمد الله الذي يلى عقدة النكاح، وصلى على النبي (صلع) وذكر من القول ما تيسر وعقد على ما يجب، فقد أجزى ذلك عنه. وقد روى عن رسول الله (صلع) أنه قال: كل نكاح لا خطبة فيه فهو كاليد الجذماء.
(744) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال، في قول الله عز وجل (2): ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء إلى قوله: إلا أن تقولوا قولا معروفا، فقال (ع): لا ينبغي للرجل أن يخطب المرأة في عدتها، والتعريض الذي أباح الله تعالى، أن يعرض بكلام خير. حتى تعلم المرأة مراده، ولا يخطبها حتى يبلغ الكتاب أجله (3). فقد دخل أبو جعفر محمد بن علي (ع) على سكينة بنت حنظلة، وقد مات عنها زوجها التي هي ابنة عم له. فسلم عليها، فقال: وكيف أنت يا ابنة حنظلة؟ فقالت: بخير، جعلت فداك، يا بن رسول الله! قال: إنك قد علمت قرابتي من رسول الله ومن علي (ع) وحقي وبيتي في العرب (4)، فقالت: غفر الله لك
(1) حش ى - المحرم والحرمة من القرابة يقال هو ذو محرم منها إذا لم يحل له نكاحها، وفي الحديث، لا تسافر المرأة الثلاثة أيام فما فوقها إلا مع ذي محرم ومحارم الليل مخاوفه كأنها حرمت على الجبان أن يسلكها. (2) 2 / 235. (3) ى - يعني أيام العدة، 2 / 235. (4) ى، ع - حق في الاسلام وبيتي في العرب.
[ 204 ]
يا أبا جعفر! تخطبني في عدتي؟ قال: ما فعلت. إنما أخبرتك بمنزلتي ومكاني، وقد دخل رسول الله (صلع) على أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، وقد تأيمت من أبي سلمة، وهو (1) ابن عمها، فلم يزل (صلع) يذكر لها منزلته ومكانته عند الله حتى أثر الحصير في كفه من شدة ما كان يعتمد على يده، فما كانت تلك خطبة.
(745) وعن رسول الله (صلع) أنه خطب (2) أم سلمة، وقد كان خطبها عثمان بن عفان وطلحة بن عبد الله. فأرسلت إلى رسول الله (صلع) تقول: يا رسول الله! إني امرأة مسنة. وإن لي عيالا. وإني شديدة الغيرة. فقال صلى الله عليه وآله: أما قولك إنك مسنة فأنا أسن منك، وأما قولك إن لك عيالا، فعيالك في عيال رسول الله، وأما الغيرة، فسوف أدعو الله أن يدفعها عنك. فلما تزوجها ودخلت إليه، قالت: يا رسول الله! ما كان مما قلت لك كثير شئ. ولكني كرهت أن يكون في أمر من الامور لم أخبرك به. فصل (4) ذكر الدخول بالنساء ومعاشرتهن (746) قال الله عز وجل (3): وعاشروهن بالمعروف، الاية. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) لما تزوج ميمونة بنت حارث أولم عليها واطعم الحيس (4).
(1) حش ى - اسم أبي سلمة عبد الله بن الاسد بن هلال بن عبد الله بن مخزوم، واسم أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم. (2) ى - لما خطب إلخ. (3) 4 / 19. (4) حش ى - الحيس طعام يتخذ من أقط وسمن (الخبز واللبن والتمر والسمن).
[ 205 ]
(747) وعنه (ع) أنه أمر بالوليمة وقال: هي في أربع: العرس (1) والخرس (2) والاعذار (3) والوكيرة، فالعرس ابتناء الرجل بأهله، والخرس هو العقيقة وقد مضى ذكرها، والاعذار ختان الغلام، والوكيرة قدوم الرجل من سفره.
(748) وعنه (ع) أنه قال: الوليمة أول يوم حق، والثاني معروف، وما كان بعد ذلك فهو رياء وسمعة. (749) وعنه (ع) أنه مر ببني زريق فسمع عزفا (4) فقال: ما هذا؟ قالوا: يا رسول الله، نكح فلان، فقال: كمل دينه، هذا النكاح لا السفاح. ولا يكون نكاح في السر حتى يرى دخان أو يسمع حس دف، وقال: الفرق ما بين النكاح والسفاح ضرب الدف. (750) وعنه (ع) أنه مر بقوم من الزنج وهم يضربون بطبول لهم ويغنون. فلما رأوه سكتوا، فقال: خذوا يا بني أرفدة (5) فيما كنتم فيه، ليعلم اليهود أن في ديننا فسحة. (751) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أن رجلا من شيعته أتاه فقال: يابن رسول الله! وردت المدينة فنزلت على رجل أعرفه، ولا أعرفه بشئ من اللهو، فإذا جميع الملاهي عنده وقد وقعت في أمر ما وقعت في مثله. فقال له: أحسن جوار (6) القوم حتى تخرج من عندهم، فقال:
(1) حش ى - العرس طعام الوليمة يذكر ويؤنث والجمع الاعراس. (2) أيضا - الخرس بضم الخاء طعام الولادة. (3) أيضا - الاعذار طعام الختان، وهو في الاصل مصدر والعذيرة مثله. (4) أيضا - المعازف الملاهي والعازف اللاعب بها والمغني. (5) أيضا - قال أبو عمرو: بنو أرفدة في الحديث جنس من الحبش يرقصون، وأرفدة بفتح الهمزة والفاء. (6) س - جوار (معا).
[ 206 ]
يابن رسول الله! فما ترى في هذا الشأن؟ قال: أما القينة التي تتخذ لهذا
فحرام، وأما ما كان في العرس وأشباهه فلا بأس به. (752) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لما كانت الليلة التي بنى فيها علي (ع) بفاطمة، سمع رسول الله (صلع) ضرب الدف فقال: ما هذا؟ قالت أم سلمة (1): يا رسول الله هذه أسماء بنت عميس تضرب بالدف أرادت فيه فرح فاطمة (ص) ترى أنه لما ماتت أمها لم تجد من يقوم لها، فرفع رسول الله يده إلى السماء ثم قال: اللهم أدخل على أسماء ابنة عميس السرور كما أفرحت ابنتي، ثم دعا بها، فقال: يا أسماء! ما تقولون إذا نقرتم (2) بالدف؟ فقالت: ما ندري ما نقول، يا رسول الله! في ذلك وإنما أردت فرحها. قال: فلا تقولوا هجرا (3). وهذا وما هو في معناه إنما جاءت الرخصة فيه كما ذكرناه في النكاح لاستحباب إشهاده وإبانته عن السفاح. (753) روينا عن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن اللهو في غير النكاح فأنكره وتلا عليه قول الله عز وجل (4): وما خلقنا السماء والارض وما بينهما لاعبين * لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين * بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.
(1) كذا في القاموس، وفي الصحاح بكسر اللام. (2) ى، د - ضربتم س، ط، ز، ع - نقرتم. (3) حش ى، س - الهجر الاسم من الاهجار وهو الافحاش في الكلام (4) 21 / 16 - 18.
[ 207 ]
(754) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: أنهى أمتي عن الزفن
والمزمار وعن الكوبات والكنارات (1). (755) وعن علي (ع) أنه رفع إليه رجل كسر بربطا (2) فأبطله، ولم يوجب على الرجل شيئا. (756) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: مجلس الغناء مجلس لا ينظر الله عز وجل إلى أهله، والغناء أخبث ما خلق الله تعالى، والغناء يورث النفاق ويعقب الفقر. (757) وعنه (ع) أنه سئل عن قول الله (ع ج) (3): ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله، الاية. قال أبو جعفر (ع): هو الغناء، لقد تواعد الله عز وجل عليه بالنار. (758) وعنه (ع) أنه سئل عن الغناء، فقال للسائل: ويحك، إذا فرق الله بين الحق والباطل اين ترى الغناء يكون؟ قال: مع الباطل والله، جعلت فداك. فقال: ففي هذا ما يكفيك. (759) وعنه (ع) أنه سأل رجلا ممن يتصل به عن حاله، فقال: جعلت فداك مر بي فلان أمس فأخذ بيدي فأدخلني منزله، وعنده جارية
(1) حش ى - قال في التكملة في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: إن الله (تع) أنزل الحق ليذهب به الباطل ويبطل به اللعب والزفن والمزادات والمزاهر والكنارات، واختلف في معنى الكنارات في هذا الحديث، فقال هي العيدان وقيل هي الطبول وقيل هي الدفوف وقيل هي الطنابير، والكنر بالتحريك الطبل والجمع كنار مثل جمل وجمال والكوبة النرد ويقال الشطرنج. (2) حش ى - البربط العود الذي يضرب به، وليس من العرب والكلمة في الاصل عجمية فعربت. (3) 31 / 6.
[ 208 ]
تضرب وتغنى فكنت عنده حتى أمسينا، فقال (ع): ويحك (1)، أما
خفت أمر الله أن يأتيك وأنت على تلك الحال؟ إنه مجلس لا ينظر الله إلى أهله، الغناء أخبث ما خلق الله عز وجل، والغناء أشر ما خلق الله، الغناء يورث الفقر والنفاق. (760) وعنه (ع) أنه قال: من ضرب في بيته بربطا أربعين صباحا سلط الله عليه شيطانا لا يبقى عضوا من أعضائه إلا قعد عليه، فإذا كان ذلك نزع الله منه الحياء فلم يبال (2) بما قال ولا ما قيل له. (761) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت النخل الطلع. (762) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: بيت الغناء لا تؤمن فيه الفجيعة ولا تجاب فيه الدعوة ولا تدخله الملائكة. (763) وعنه (ع) أنه سئل عن قول الله عز وجل (3): والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما:، قال: من ذلك الغناء والشطرنج. (764) وعنه (ع) أنه قال لرجل من أصحابه: أين كنت أمس؟ قال الرجل: فظننت أنه قد عرف الموضع الذي كنت فيه، قلت: جعلت فداك. مررت بفلان فتعلق بي وأدخلني داره وأخرج إلي جارية له، فغنت، فقال: أمنت (4) الله على أهلك ومالك؟ إن هذا (5) مجلس لا ينظر الله إلى أهله.
(1) حذ س، ط. (2) ز، ع، ى - فلا يبالي، س، ط، د - فلم يبال. (3) 25 / 27. (4) ز - أفأمنت على أهلك ومالك.
(5) س، د، ط. ع، ى - ذلك.
[ 209 ]
(765) وعنه (ع) أنه قال: مر بي أبي، رضوان الله عليه وأنا غلام صغير، وقد وقفت على زمارين وطبالين ولعابين أستمع. فأخذ بيدي وقال لي: مر لعلك ممن شمت بآدم، فقلت: وما ذاك؟ يا أبت! فقال: هذا الذي تراه كله من اللهو واللعب والغناء، إنما صنعه إبليس شماتة بآدم حين أخرج من الجنة. (766) وعنه (ع) أنه بلغه قدوم قوم قدموا من الكوفة، فنزولوا في دار مغن، فقال لهم: كيف فعلتم هذا؟ قالوا: ما وجدنا غيرها يابن رسول الله! وما علمنا إلا بعد أن نزلنا، فقال: أما إذا كان ذلك فكونوا كراما، فإن الله يقول (1): وإذا مروا باللغو مروا كراما. (767) وعنه (ع) أنه قال: لا يحل بيع الغناء ولا شراؤه، واستماعه نفاق وتعليمه كفر (2). (768) وعنه (ع) أنه ذكر عنده الغناء فقال: والله ما سمعته أذناي قط.
(1) 25 / 27. (2) حش ى - من مختصر الاثار: فكل هذا ينبئ عن تحريم اللهو وسماع الغناء والمزامير والطنابير وأشباه ذلك مما ينهى عنه، وأما ما كان يتخذ من العرب وعند تعبية العساكر وعروضها وأشباه ذلك من احتفال الناس بين يدي الائمة وأمراء الجيوش من ضرب الطبول والجفان وما يشاكل ذلك، والنفخ في الابواق والصفارات وما يشاكلها من المزامير مما لا يتلذذ به ولا يتلهى بمثله، فليس ذلك مما نهى عنه ولا من نحو ما تقدم تحريمه والنهي عنه، بل ذلك مما يستحب في مواضعه، وقد جاء عن رسول الله (صلع) أنه مر بقوم من الزنج وهم يضربون طبولهم فقال: إيها إيها بني أرفدة! لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة،
فإن قال قائل فما لنا نسمع ونرى في البلدان التي بها سلطان الائمة صلوات الله عليهم، من الملاهي ما نهى عنه؟ فقل له: ليس ذلك بأعظم من الفواحش التي نهى الله عز وجل عنها وحرمها فهم يفعلون ذلك في دورهم ودون أبوابهم وستورهم، وإنما أمر الله عز وجل بإقامة الحدود من الفواحش التي أمر بإقامة الحدود عليها فيما بدا منها وشهد الشهود عليه، وظهر، وتوحد سبحانه بعلم ما بطن منها واستتر وبالعقوبة عليها أو العفو عنها قدم من ذلك ما شاء أن يقدمه عز وجل وأخر ما أخر، وقد اتضح عند جميع الناس واشتهر إنكار الائمة صلوات الله عليهم على فاعليه وترك الرخصة لهم فيه على أن ذلك ليس مما تجب فيه الحدود، وإنما يجب إنكاره والنهي عنه.
[ 210 ]
(769) وعنه (ع) أنه سئل عن قول الله عز وجل (1): فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور، فقال: الرجس من الاوثان الشطرنج، وقول الزور الغناء. (770) وعنه (ع) أنه رجلا سأل عن سماع الغناء فنهاه عنه، وتلا قول الله عز وجل (2): إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا، ثم قال: يسأل السمع عما سمع والفؤاد عما عقد والبصر عما أبصر (3)، وإنما ذكرنا هذه الاثار لئلا يظن ظان أن فيما ذكرناه من الرخصة في العزف في الوليمة، رخصة في الغناء، وليعلم أن ذلك إنما جاء لاستحباب إشهار النكاح خاصة. (771) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: زفوا عرائسكم ليلا وأطعموا ضحى (4). وعنه (ع) أنه قال: لا سهر إلا في ثلاث: تهجد بالقرآن أو في طلب علم أو زفاف عروس. وعنه (ع) أنه قال: ليتهيأ أحدكم لزوجته كما يجب أن تتهيأ له. قال أبو جعفر (ع) يعني التنظف (5).
(772) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إذا زفت إلى الرجل زوجته وأدخلت إليه فليصل ركعتين وليمسح على ناصيتها ثم ليقل (6): اللهم
بارك في أهلي وبارك لها في، وما جمعت بيننا فاجمع بيننا في خير ويمن وبركة، وإذا جعلتها فرقة فاجعلها فرقة إلى كل خير، ثم ليقل: الحمد لله الذي هدى ضلالتي وأغنى فقري ونعش (1) خمولي وأعز ذلتي وآوى عيلتي وزوج عزبتي (2) وأخدم مهنتي وآنس وحشتي ورفع خسيستي، حمدا كثيرا طيبا مباركا، على ما أعطيت، يا رب، وعلى ما قسمت وعلى ما أكرمت. (773) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أن رجلا قال: يابن رسول الله! إني رجل كبير السن كما ترى. وقد تزوجت امرأة بكرا صغيرة، ولم أدخل بها وأنا أخاف أن دخلت علي فرأتني أن تكرهني لكبري، قال أبو جعفر (ع): إذا دخلت عليك فمرهم (3) أن تكون قبل ذلك على طهارة. وكن أنت كذلك، ثم لا تقربها حتى تصلي ركعتين، ومرهم أن يأمروها أيضا أن تصلي ركعتين، ثم احمد الله وصل على النبي (4) وادع وأمرهم أن يؤمنوا على دعائك وقل: اللهم ارزقني إلفها وودها ورضاها بي وارزقها ذلك مني واجمع بيننا بأحسن اجتماع وأيمن ائتلاف، فإنك تحب الحلال
وتكره الحرام والخلاف. (774) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا أراد الرجل أن يجامع أهله فليسم الله ويدعوه بما قدر عليه، وليقل: اللهم إن قضيت مني اليوم خلفا فاجعله لك خالصا ولا تجعل للشيطان فيه شركا ولا حظا ولا نصيبا واجعله زكيا ولا تجعله في خلقه نقصا ولا زيادة واجعله إلى خير عاقبة.
(1) س، ز. د، ى، ع، ط - أنعش. (2) صحيفة الصلاة (السليمانية) - روح غربتي. (3) حش ى - أي قرابة النساء. (4) ى - رسوله وأهل بيته.
[ 212 ]
(775) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: إذا أتى أحدكم إلى امرأته فلا يعجلها وإذا واقعها فليصدقها (1). (776) وعن علي (ع) أنه كره أن يجامع الرجل وهو مستقبل القبلة. (777) وعنه (ع) أنه قال: الوأد الخفي أن يجامع الرجل المرأة، فإذا أحس الماء نزعه منها فأنزله فيما سواها، فلا تفعلوا ذلك، فقد نهى رسول الله (صلع) أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها، وعن الامة إلا بإذن سيدها، يعني (ع) إذا كان لها زوج لان ولدها يكون مملوكا للسيد، فلا يجوز العزل عنها إلا بإذنه، وكذلك للحرة حق في الولد فلا يجوز العزل عنها إلا بإذنها. فأما المملوكة فلا بأس بالعزل عنها، ولا يلتفت إلى إذنها في ذلك. (778) روينا عن علي (ع) أنه كان يعزل عن جارية كانت له يقال لها جمانة (2). (779) وعن الحسين بن علي (ع) أنه كان يعزل عن سرية له.
وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن العزل فقال: أما الامة فلا بأس، وأما الحرة فإني أكره ذلك، إلا أن يشترط ذلك عليها حين يتزوجها. (880) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا بأس بالعزل عن الحرة بإذنها، وعن الامة بإذن مولاها. ولا بأس ان يشترط ذلك عند النكاح، ولا بأس بالعزل من المرضع مخافة أن تعلق فيضر ذلك بالولد. روى ذلك عن رسول الله (صلع).
(1) حش ى - قال في الايضاح يعني لا يعجلها بالماء إلى أن تقضى أمرها ويؤخر ماءه ما قدره وقوله فليصدقها والله أعلم، الشدة في المباضعة، أي في المجامعة. (2) س، ط - جمانة، ع ز، د - جمانة أو أم جمانة، س جمانة، والصحيح بتخفيف الميم، (كما في القاموس)..
[ 213 ]
(781) وعنه (ع) أنه نهى أن توطأ الحرة وفي البيت أخرى، وأن توطأ المرأة والصبي في المهد ينظر إليهما. (782) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: لا بأس أن ينام الرجل بين امرأتين أو جاريتين، ولكن لا يطأ واحدة منهما وأخرى تنظر إليه. (783) وعن علي (ع) أنه قال: النظر إلى المجامعة يورث العمى. (784) وعن أبي جعفر (ع) أنه كان ينهى عن الكلام عند الجماع ويقول: إن ذلك يورث الخرس. وكان يكره أن يجامع الرجل وفي البيت معه أحد. ورخص في ذلك في الاماء.
(785) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل هل يكره الجماع في وقت من الاوقات؟ قال: نعم. من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن غياب الشمس إلى غياب الشفق، وفي الليلة التي ينكسف فيها القمر، وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفي اليوم والليلة اللذين تزلزلت فيهما الارض، وعند الريح الصفراء والسوداء والحمراء. ولقد بات رسول الله (صلع) عند بعض نسائه في ليلة انكسف القمر فيها، فلم يكن منه إليها شئ، فلما أصبح خرج إلى مصلاه، فقالت: يا رسول الله، ما هذا الجفاء الذي كان منك في هذه الليلة؟ فقال: ما كان جفاء ولكن كانت هذه الاية، فكرهت أن ألذ فيها، فأكون ممن عنى الله في كتابه بقوله (1): وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم، ثم قال محمد ابن علي (ع): والذي بعث محمد بالرسالة واختصه بالنبوة واصطفاه
(1) 52 / 44.
[ 214 ]
بالكرامة، لا يجامع أحد منكم في وقت من هذه الاوقات، فيرزق ذرية، فيرى فيها قرة عين. (786) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من تزوج جارية صغيرة فلا يطأها حتى تبلغ تسع سنين، من يوم ولادتها. (787) وعن علي (ع) أنه كان يكره إتيان النساء في أدبارهن. (788) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن محادثة النساء، يعني غير ذوات المحارم، وقال: لا يخلون رجل بامرأة، فما من رجل خلا بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: حديث النساء من مصائد الشيطان.
(789) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: اتقوا الله في النساء فإنهن عى وعورة، وإنكم (1) استحللتموهن بأمانة الله، وهن عندكم عوان (2) فداووا عيهن بالسكوت، وواروا عوراتهن بالبيوت. (790) وعنه (ع) أنه قال: نعم الشغل للمرأة المؤمنة، المغزل. (791) وعنه (ع) أنه كان مما يأخذ (3) على النساء في البيعة أن لا يحدثن من الرجال إلا ذا محرم. (792) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: استأذن أعمى على فاطمة (ع) فحجبته. فقال لها النبي (ع): لم تحجبينه (4) وهو لا يراك؟ قالت: يا رسول الله: إن لم يكن يراني فإني أراه وهو يشم الريح. فقال رسول الله: أشهد أنك بضعة مني.
(1) ى - أنتم. (2) ى - أي بمهر. (3) ز - أنه كان يأخذ إلخ. (4) س - حجبته.
[ 215 ]
(793) وعن علي (ع) أنه قال: قال لنا رسول الله (صلع): أي شئ خير للمرأة؟ فلم يجبه أحد منا، فذكرت ذلك لفاطمة (ع) فقالت: ما من شئ خير للمرأة من أن لا ترى رجلا ولا يراها، فذكرت ذلك لرسول الله (صلع) فقال: صدقت، إنها بضعة مني. (794) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى النساء أن ينظرن إلى الرجال وأن يخرجن من بيوتهن إلا بإذن أزواجهن، ونهى أن يدخلن الحمامات إلا من عذر، قال: أيما امرأة وضعت خمارها (1) في غير بيت زوجها فقد هتكت (2)
حجابها. (795) وعنه (ع) أنه نهى أن تمشي المرأة عريانة بين يدي زوجها، وأن يتعرى الرجل مع أهله (3). (796) وعنه (ع) أنه نهى النساء أن يسلكن وسط الطريق، وقال: ليس للنساء في وسط الطريق نصيب. ونهى أن تلبس المرأة، إذا خرجت، ثوبا مشهورا أو تتحلى بما له صوت يسمع، ولعن المذكرات من النساء والمؤنثين من الرجال، ونهى النساء عن إظهار الصوت إلا من ضرورة، ونهاهن عن المبيت في غير بيوتهن. ونهى أن يسلم الرجل عليهن (4). (797) وعنه (ع) أن امرأة أرسلت إليه فسألته فقالت: يا رسول الله! إن زوجي خرج إلى سفر وأمرني أن لا أخرج من بيتي (5). وإن أبي في
(1) حش ى - كناية عن كشف البدن. (2) حش ى - كناية عن هتك الحرمة. (3) حش ى - نهى تأديب عن الجماع ونهى تأكيد في غير الجماع. (4) حش ى - يعني لا يسلم الرجل عليهن إذا لقيهن في الطريق والسوق، فإذا دخل بيته فلا بأس أن يسلم على أهلها، بل هو من الاداب الواجبة، كما قال الله (تع) (34 / 61): (فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم) (في المتن) وكذلك إذا دخل على امرأة غير ذات محرم في بيتها فلا بأس أن يسلم عليها من وراء حجاب، من النجاح. (5) ط، ز، ى - بيته.
[ 216 ]
السياق قد أشفى على الموت، فهل لي أن أخرج إليه؟ فقال (صلع) للرسول، قل لها: إجلسي في بيتك وأطيعي زوجك. ففعلت، ومات أبوها. فأرسل
إليها رسول الله (صلع) فقال (1): أما إن الله قد غفر لابيك بطاعتك لزوجك. (898) وعنه (ع) أن امرأة سألته فقالت: يا رسول الله! ما حق الزوج على زوجته؟ فقال: أن لا تتصدق من بيته إلا بإذنه، ولا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب، ولا تصوم يوما تطوعا إلا بإذنه، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه، فإن فعلت لعنتها ملائكة السماء وملائكة الارض وملائكة الغضب (2) وملائكة الرضى (3)، قالت: فمن أعظم الناس حقا على الرجل، قال: والداه؟ قالت: فمن أعظم الناس حقا على المرأة؟ قال: زوجها، قالت: يا رسول الله، فما لي من الحق مثل الذي له؟ قال: لا ولا من كل مائة واحدة ولو كنت أمرت أحدا أن يسجد لاحد، لامرت المرأة أن تسجد لزوجها. (799) وعنه (ع) أنه قال: إذا عرفت المرأة ربها وآمنت به وبرسوله، وعرفت فضل أهل بيت نبيها، وصلت خمسا وصامت شهر رمضان وأحصنت فرجها وأطاعت زوجها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت. (800) وعنه (ع) أنه ذكر النساء فقال: فكيف بهن إذا تحلين بالذهب ولبسن الحرير وكلفن الغنى وأتعبن الفقير! (801) وعنه (ع) (4) أنه قال: من أطاع امرأته في أربع خصال كبه الله على وجهه في النار. فقيل: وما تلك الطاعة؟ يا أمير المؤمنين!
(1) ط، ز، ى - يقول. (2) ع، ط - السخط. (3) زيد في ى - ط - حتى ترجع. (4) لعل الصحيح: وعن علي ع، الخطاب له (أمير المؤمنين).
[ 217 ]
فقال: تطلب إليه أن تذهب إلى العرسات (1) وإلى النياحات وإلى العيادات وإلى الحمامات. (802) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن ضرب النساء في غير واجب. (803) وعن علي (ع) أن رجلا من الانصار أتى إلى رسول الله (صلع) بإبنته فقال: يا رسول الله، إن زوجها ضربها فأثر في وجهها فأقدها (2) منه، فقال رسول الله (صلع): ذلك لك، فأنزل الله عز وجل (3) الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا. أي قوامون بالادب، فقال رسول الله: أردت أمرا وأراد الله غيره. (804) وعن رسول الله (صلع) أنه قال الغيرة من الايمان. وأيما رجل أحس بشئ من الفجور في أهله، ولم يغر، بعث الله بطائر يظل أربعين صباحا يقول له كلما دخل وخرج: غر، فإن لم يفعل مسح بجناحه على عينيه. فإن رأى حسنا لم يره، وإن رأى قبيحا لم ينكره. (805) وعن علي (ع) أنه قال: لا غيرة في الحلال. (806) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: كتب الجهاد على رجال أمتي والغيرة على نسائها، فمن صبرت منهن واحتسبت أعطاها الله أجر شهيد!
(1) كتب في كل المخطوطات (العروسات)، ولكن الصحيح بغير الواو. (2) حش ى - أقاد ولى المقتول من قاتله من القود، والقود القصاص. (3) 4 / 34.
[ 218 ]
فصل (5) ذكر نكاح الاولياء والاشهاد في النكاح (807) قال الله عزوجل (1): فانكحوهن بإذن أهلهن. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل. (808) وروينا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قضى أن يلى عقد النكاح الولي، فمن نكح امرأة بغير ولي فإن نكاحه باطل. (809) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن تنكح المرأة حتى تستأمر. (810) وعن علي (ع) أنه قال: لا ينكح أحدكم ابنته حتى يستأمرها في نفسها، فهي أعلم بنفسها، فإن سكتت أو بكت أو ضحكت، فقد أذنت، وإن أبت لم يزوجها (2). (811) وعن علي (ع) أنه قال: تزويج الاباء جائز على البنين والبنات إذا كانوا صغارا (3)، وليس لهم خيار إذا كبروا.
(1) 4 / 25. (2) حش ى - قال في الينبوع، ورضى البكر إذا استأمرها وليها أن تبكي أو تسكت أو تضحك، فإن أبت لم يزوجها، فأما الثيب فلا تزوج حتى تستأمر، ومنه إذا وكلت المرأة بعض أوليائها يزوجها من غير كفء لم يجز. (3) حش ى من مختصر الايضاح، وقال الصادق (ع) من زوج ابنه وهو صغير جاز نكاحه ولا يجوز طلاق الاب عليه وهو صغير، والصداق على الاب إذا زوج ابنه صغيرا إذا كان ضمن، فإن لم يضمن فهو على الابن.
[ 219 ]
(812) وعنه (ع) أنه قال: إذا زوج الوكيل على النكاح فهو جائز (1).
(813) وعنه (ع) أنه قال: إذا وكلت المرأة المسلمة أباها النصراني أو أخاها على تزويجها فزوجها فالنكاح جائز.. وإن زوجها وهي طفلة، لم يجز. لانه لا ولاية لكافر على مسلم (2). (814) وعنه (ع) أنه قال: إذا وكلت المرأة وكيلين وفوضت إليهما نكاحها (3) وأنكحها كل واحد منهما رجلا، فالنكاح للاول (4). (815) وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أنهما قالا: الجد أبو الاب يقوم مقام ابنه في تزويج ابنته الطفلة، والجد أولى بالعقد إلا أن يكون الاب قد عقده، وإن عقداه جميعا فالعقد عقد الاول منهما. (816) وعن جعفر بن محمد أنه قال: إذا غاب الاب فأنكح الاخ، يعني بوكالة المرأة، فهو جائز. (817) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن عقد النكاح بغير شهود، فقال: إنما ذكر الله الشهود في الطلاق، فإن لم يشهد في النكاح فليس عليه شئ فيما بينه وبين الله، ومن أشهد فقد توثق للمواريث وأمن من خوف عقوبة (5) السلطان، الشهادة في النكاح أوثق وأعدل وعليه العمل. (818) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: قد يجوز في
(1) حش س - وفي الينبوع، ولو وكلت امرأة رجلا أن يزوجها فقالت: ما صنعت في أمري فهو جائز، فحضرته الوفاة فوكل رجلا أن يزوجها، جائز. (2) حش ى - وكذلك العبد وابنته الحرة. (3) ط، ى، د، ع. س، ز - حذ (نكاحها). (4) حش ى - فإن لم يعلم الاول منهما أو كان العقد لهما معا في وقت واحد بطل النكاح واستؤنف بعد ذلك، من الاختصار. (5) ى - وأمن عقوبة السلطان.
[ 220 ]
النكاح من الشهود ما يجوز في الاموال، وتجوز فيه شهادة النساء والعبيد. (819) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا شهد شاهد في النكاح أن أباها زوجها وهي كارهة، وشهد آخر أنه زوجها برضاها، فالنكاح جائز، فإن شهد أحدهما أنه زوجها بألف وشهد الاخر أنه زوجها بألفين، فإن ادعت المرأة بالاكثر (1) حلفت مع شهادة شاهدها، وإن شهد أحدهما أن اباها زوجها وهي طفلة بكر، وشهد الاخر أنه زوجها وهي ثيب بغير رضاها، فالشهادة باطلة! فصل (6) ذكر المهور قال الله عز وجل (2): وآتوا النساء صدقاتهن نحلة... الاية. (820) وروينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن عليا (ص) قال في قوله تعالى: وآتوا النساء صدقاتهن نحلة قال: يقول عز وجل: أعطوهن الصداق الذي استحللتم به فروجهن. فمن ظلم المرأة صداقها فقد استباح فرجها زنا. (821) وعنه (ع) أنه قال: قال رسول الله (صلع): إن الله غافر كل ذنب، إلا رجل (3) اغتصب امرأة بمهرها، أو أجيرا اجرته، أو رجل (4) باع حرا.
(822) وعن علي (ع) أنه قال: ما نكح رسول الله (صلع) امرأة من نسائه إلا على اثنتي عشرة أوقية، ونصف الاوقية من فضة، وعلى ذلك أنكحني فاطمة (ع) والاوقية أربعون درهما. قال جعفر بن محمد (ع): وكانت الدراهم يومئذ وزن ستة قراريط (1). وليس هذا بتوقيت في المهور، ولكنه المهر الذي كان رسول الله (صلع) سنه لنسائه (2). كأنه أحب (صلع) التسوية بينهن فيه، وقد قال الله عز وجل (3): وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، لم يوقت في ذلك قليلا ولا كثيرا، وقال (ع ج) (4): وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا، أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا. (823) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن المهر فقال: هو ما تراضى عليه الناس. ولكن لا بد من صداق معلوم قل أو كثر، ولا بأس أن يكون عروضا. (824) وعن علي (ع) أنه قال: أتى رجل إلى رسول الله (صلع) فقال: يا رسول الله! أردت أن أتزوج هذه المرأة. قال: وكم تصدقها؟ قال: ما عندي شئ. فنظر إلى خاتم في يده فقال (صلع): هذا الخاتم لك؟ قال: نعم، قال: فتزوجها عليه. (825) وعن علي (ع) أنه قال: من يمن المرأة تيسير نكاحها وتيسير رحمها. (826) وعن علي (ع) أنه قال: لا تغالوا في مهور النساء فتكون عداوة.
(827) وعن ابي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: تزوج الحسين ابن علي (ع) امرأة فأرسل إليها بمائة جارية، مع كل جارية ألف درهم. (828) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: للرجل أن يتزوج المرأة على أن يعلمها سورة من القرآن، أو يعطيها شيئا ما كان. (829) وعن علي (ع) أنه قال: لا يكون تزويج بغير مهر. (830) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن قول الله (ع ج) (1): يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك، الاية، قال: أحل له من النساء ما شاء، وأحل له أن ينكح من المؤمنات بغير مهر. وذلك قول الله (ع ج) (1): وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها، ثم بين ذلك (3) عز وجل أن ذلك إنما هو خاص للنبي (صلع) فقال الله (4): خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج، ثم قال جعفر بن محمد (ص): فلا تحل الهبة إلا لرسول الله (صلع) أما غيره فلا يصلح أن ينكح إلا بمهر يفرضه قبل أن يدخل بها، ما كان ثوبا أو درهما أو شيئا قل أو كثر. (831) وعن علي (ع) أنه قضى في امرأة تزوجها رجل على حكمها فاشتطت على، فقضى أن لها صداق مثلها، لا وكس ولا شطط. (832) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن الرجل يفوض إليه صداق امرأته فيقصر بها، قال: تلحق بمهر مثلها.
(1) 33 / 50. (2) أيضا.
(3) حذ س. (4) 33 / 50.
[ 223 ]
(833) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن رجل تزوج امرأة على حكمها، قال: إن اشتطت لم يجاوز بها مهور نساء النبي (صلع)، وهو خمس مائة درهم. (834) وقد روينا أيضا عن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال في رجل تزوج امرأة على حكمه ورضيت. فقال ما حكم به من شئ فهو جائز، قيل له: فكيف يجوز حكمه عليها ولا يجوز حكمها عليه إذا جاوزت مهور نساء النبي (صلع)؟ قال: لانها لما حكمته على نفسها كان عليها أن لا تمنعه نفسها إذا أتاها بشئ ما، وليس لها إذا حكمها أن تجاوز السنة، فإن طلقها (1) أو مات قبل أن يدخل بها، فلها المتعة والميراث (2) ولا مهر لها، يعني إذا لم يكن سماه. (835) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن نكاح الشغار، وهو أن ينكح الرجل ابنته من رجل، على أن ينكحه الاخر ابنته، وليس بينهما صداق، وقال: لا شغار في الاسلام. (836) وقال علي (ع): هو نكاح كانت الجاهلية تعقده على هذا، ولا بأس بعقد النكاح على غير تسمية (3). ولكن لا يدخل بها حتى يعطيها شيئا، قال الله (ع ج) (4): لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة، الاية.
(1) ع، ى - أي ماتت أو مات. (2) س، ز، ع، زيادة في ى، ط، د والمتعة أن تعطى المرأة شيئا مثل المقنعة وأشباهها
على مقدار طاقة الرجل والمرأة. (3) حش ى - من النجاح: فأما إن عقداه كما يعقد النكاح بغير تسمية ولم يشترطا فيه ما ذكرنا، فالعقد جائز ولكل واحدة مثل مهر نسائها على ما وصفنا. (4) 3 / 236.
[ 224 ]
(837) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا، فمات عنها، أو طلقها قبل أن يدخل بها، قال: إن طلقها فليس لها صداق (1)، ولها المتعة ولا عدة عليها، وإن مات قبل أن يدخل بها فلا مهر لها. وهي ترثه ويرثها وعليها العدة، وإن كان قد فرض لها صداقا ثم طلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف الصداق، وإن مات عنها أو ماتت عنه، فلها الصداق كاملا. (838) وعن علي (ع) أنه قال في رجل تزوج امرأة على وصيف قال: لا وكس ولا شطط. (839) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من تزوج (2) على بيت وخادم. فللمرأة بيت وخادم، ولا وكس ولا شطط. (840) وعنه (ع) أنه قال: من تزوج امرأة على مهر مجهول لم يفسد النكاح. ولها مهر مثلها ما لم يجاوز مهر السنة، وهو خمس مائة درهم. (841) وعنه (ع) أنه قال: من تزوج امرأة على جارية له مدبرة وطلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف خدمتها. تخدم المولى يوما والمرأة يوما، فإن مات الرجل عتقت، وإن طلقها بعد أن دخل بها فلها خدمتها، فإن مات المولى عتقت. (842) وعنه (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) في قصة موسى (ع) (3):
قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج، فإن أتممت عشرا فمن عندك، وما أريد أن أشق عليك، الاية، فقال
(1) حش ى - المتعة أن يعطى المرأة شيئا مثل المقنعة وأشباهها على مقدار طاقة الرجل، (2) ى - تزوج امرأة. (3) 28 / 27.
[ 225 ]
علي (ع): عقد النكاح على أجرة سماها، ولا يحل النكاح في الاسلام بأجرة لولي المرأة. لان المرأة أحق بمهرها. (843) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من تزوج امرأة على ألف درهم فأعطاها بها عبدا آبقا، يعني في حال إباقه قد عرفته، وثوب حبرة دفعه إليها، ورضيت بذلك، قال: فلا بأس إذا (1) قبضت الثوب ورضيت العبد، فإن طلقها قبل أن يدخل بها، ردت عليه خمس مائة درهم، ويكون العبد لها، متى أصابته أخذته. (844) وعنه (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل المرأة بصداق إلى أجل، فالنكاح جائز. ولكن لابد أن يعطيها شيئا قبل أن يدخل بها، فيحل له نكاحها، ولو أن يعطيها ثوبا أو شيئا يسيرا. فإن لم يجد شيئا فلا شئ عليه، وله أن يدخل بها ويبقى الصداق دينا عليه. (845) وعن علي (ع) أنه قال: في رجل تزوج امرأة إلى أجل مسمى، على أنه إن جاء بصداقها إلى ذلك الاجل، وإلا فليس له عليها سبيل. فقضى بأن بضع (2) المرأة بيد الرجل، والصداق عليه، ولا يفسخ الشرط نكاحه. (846) وعن جعفر بن محمد (ع) انه قال: إذا تزوج الرجل امرأة (3)
على صداق، منه عاجل ومنه آجل، وتشاحا في الدخول، لم تجبر المرأة على الدخول حتى يدفع إليها العاجل. وليس لها قبض الاجل إلا بعد أن يدخل بها. وإن كان إلى أجل معلوم فهو إلى ذلك الاجل، وإن لم يجعل له حد
(1) س - إن. (2) حش ى - البضع شكر المرأة والشكر نكاحها وقيل الفرج، قال ابن السكيت يقال ملك فلان بضع فلانة. (3) س - حذ المرأة.
[ 226 ]
فالدخول يوجبه. وإن أنكرت المرأة قبض العاجل وقد دخل بها وادعاه الرجل، فالقول قوله مع يمينه، وإن ادعى دفع الاجل وأنكرته المرأة، فالقول قولها مع يمينها، وعلى الرجل البينة فيما يدعى من الدفع. (847) وعن علي (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل المرأة على صداق معلوم، وأشهدا عليه سرا وأشهدا في العلانية بأكثر منه، فالعقد الاول هو الصحيح، وبه يؤخذ. (848) وعنه (ع) أنه قال: إذا دخل الرجل بالمرأة وأغلق عليها بابه، أو أرخى عليها ستره، فقد وجب لها المهر كله، جامع أو لم يجامع، قال أبو جعفر (ع): تزوجت امرأة في حياة أبي علي بن الحسين (ع) فتاقت نفسي إليها نصف النهار، فقال أبي: يا بني، لا تدخل بها في هذه الساعة، ففعلت، فلما دخلت إليها كرهتها وقمت لاخرج. فقامت مولاة لها فأغلقت الباب وأرخت الستر فقلت: مه دعيه، فقد وجب لك الذي تريدين. (849) وعن علي وابي جعفر وابي عبد الله عليهم السلام أنهم قالوا في الرجل يعتق أمته على أن يتزوجها ويجعل عتقها صداقها، وترضى بذلك،
قالوا: ذلك جائز، قال أبو جعفر: وأحب إلي أن يعطيها شيئا، قال أبو عبد الله (ع): فإن طلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف قيمتها. (850) وعن علي (ع) أنه قال: من سرق مالا، فأصدقه امرأة أو اشترى جارية، كان الفرج له حلالا، وعليه تبعة (1) المال وإثمه!
(1) ع، س - تباعة، ط، ى، - تبعة.
[ 227 ]
فصل (7) ذكر الشروط في النكاح (851) وقد ذكرنا فيما تقدم ما ثبت عن أهل البيت (ص) في الشروط، أنه لا يثبت منها إلا ما وافق الكتاب والسنة، وما خالف ذلك فهو باطل. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه قضى في رجل تزوج امرأة فشرط لاهلها أنه إن تزوج عليها امرأة أو اتخذ عليها سرية، أن المرأة التي يتزوجها طالق، والسرية التي يتخذها حرة، قال: فشرط (1) الله قبل شروطهم، فإن شاء وفى بوعده، وإن شاء تزوج عليها واتخذ سرية، ولا تطلق عليه امرأة إن تزوجها، ولا تعتق عليه سرية إن اتخذها. (852) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال: من شرط لامرأته أنه إن تزوج (2) عليها، أو أضر بها أو أخرجها، أو اتخذ عليها سرية فهي طالق، قال: شرط الله قبل شروطهم، ولا ينبغي أن يضر بها أو يتعدى عليها. وينكح إن شاء ما يحل له ويتسرى. (853) وعن علي (ع) أنه قال في رجل تزوج امرأة وشرط لها أن الجماع بيدها والفرقة إليها، فقال له: خالفت السنة ووليت الحق غير
أهله. وقضى أن على الزوج الصداق. وبيده الجماع والطلاق. وأبطل الشرط.
(1) س - شروط. (2) س - أتزوج.
[ 228 ]
(854) وعن جعفر بن محمد أنه قال: من تزوج امرأة وشرط المقام بها في أهلها أو بلد معلوم، فذلك جائز لهما، والشرط جائز بين المسلمين ما لم يحل حراما أو يحرم حلالا. (855) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: من تزوج امرأة على أن يأتيها متى شاء كل شهر أو كل جمعة، وعلى أن لا ينفق عليها إلا شيئا معلوما اتفقا عليه، قال: الشرط باطل، ولها من النفقة والقسمة ما للنساء، والنكاح جائز، فإن شاء أمسكها على الواجب وإن شاء طلقها، وإن رضيت هي بعد ذلك ما شرط عليها، وكرهت الطلاق، فالامر إليها إذا صالحته، قال الله (1) (ع ج): وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، والصلح خير، وهذا إذا كره الرجل المرأة وأراد أن يطلقها (2) وكرهت هي الطلاق وصالحته على ترك حظها من القسمة لها أو من النفقة عليها أو على بعض ذلك، واتفقا على ما اصطلحا عليه من ذلك، فالصلح جائز. (856) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ صحفتها (3) إن الله رازقها. (857) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: ولا يتزوج الرجل المرأة على طلاق أخرى.
(858) وعن رسول الله (صلع) أنه حرم نكاح المتعة، وعن علي (ع)
(1) 4 / 128. (2) ط، ع، ى - وأراد طلاقها. (3) حش ى من - الغر؟ بين وفي الحديث: لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في إنائها، وإنما هو تفعل من (كفأت القدر)، إذا كفيتها لتفرغ ما فيها، وهذا مثل لامالة الغرة (؟) حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها، فقال الكسائي: يقال كفأت الاناء إذا كفيته وأكفأته وكفأته إذا أملته، وكفئ الاناء أي ألقاء على وجهه.
[ 229 ]
أنه قال: لا نكاح إلا بولي وشاهدين وليس بالدرهم والدرهمين، واليوم واليومين، ذلك (1) السفاح ولا شرط في النكاح. (859) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا سأله عن نكاح المتعة، قال: صفه لي، قال: يلقى الرجل المرأة، فيقول: أتزوجك بهذا الدرهم والدرهمين، وقعة أو يوما أو يومين. قال: هذا زنا، وما يفعل هذا إلا فاجر (2) وإبطال نكاح المتعة موجود في كتاب الله تعالى لانه يقول سبحانه (3): والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون، فلم يطلق النكاح إلا على زوجة أو ملك يمين. وذكر الطلاق الذي يجب به الفرقة بين الزوجين، وورث الزوجين بعضهما من بعض، وأوجب العدة على المطلقات، ونكاح المتعة على خلاف هذا، إنما هو عند من أباحه أن يتفق الرجل والمرأة على مدة معلومة، فإذا انقضت المدة بانت منه بلا طلاق، ولم تكن عليها عدة ولم يلحق به ولد إن كان منها، ولم يجب لها عليه نفقة، ولم يتوارثا، وهذا هو الزنا المتعارف الذي لا شك فيه (4).
(860) وعن علي (ع): أنه قضى في امرأة خطبها رجل إلى أبيها فأملكه إياها. ولها أخت. فلما كان عند البناء أولج عليه الاخت، فقضى عليه أن الصداق للتي دخل بها أو يرجع به الزوج على أبيها، والتي عقد عليها هي امرأته. ولكن لا يدخل بها حتى يخلو أجل أختها. (861) وعنه (ع) أنه قضى في امرأة حرة دلس عليها عبد بنفسه
(1) س، ى - ز، د، ط - شبه للسفاح، ع - سنة السفاح. (2) ز، ع، ط - الفواجر، ى، ى، د - الفاجر، س - فاجر. (3) 23 / 5 - 7. (4) حش ى - من مختصر الاثار: وقالوا إن الاستمتاع لا يجوز بالبكر، وزعم بعضهم أنه يجوز بذوات الازواج، وهذا هو الزنا المحض الذي لا شبهة فيه.
[ 230 ]
فنكحها، وهي ترى أنه حر (1) قال: إن شاءت أقامت معه، وإن شاءت فارقته. قال أبو جعفر محمد (ع): فإن كان دخل بها فلها الصداق، وإن لم يدخل بها فليس لها شئ، يعني إذا اختارت فراقه، قال: فإن دخل بها بعد ما علمت أنه مملوك فهو أملك بها. (862) وعن علي (ع) (2) أنه قال في رجل تزوج امرأة فولدت منه، ثم إن رجلا أقام البينة أنها أمته. فقضى بها لصاحبها، وقضى على الذي غر الرجل الذي زوجه بها، أن يفدى ولده منها بم اعز وهان، وأبطل ما أعطاها زوجها من الصداق (3) كما أصاب من فرجها، قال جعفر بن محمد (ع) (4): فإن لم يكن غره بها أحد، أو كان الذي غره بها لا يجد شيئا، لم يسترق ولده إذا كان لم يعلم أنها مملوكة، ولكن يقوم عليه بقيمته، فإن كان تزوجها وهو يعلم أنها مملوكة فولده منها رقيق.
(863) وعنه (ع) أنه قال: من اشترى جارية فأولدها، ثم استحقها رجل، أخذها وقيمة الولد. (864) وعنه (ع) أنه سئل عن مجبب (5) دلس بنفسه لامرأة فتزوجته، فلما دخل بها (6) اطلعت منه على ذلك، فقامت عليه. قال: يوجع ظهره، ويفرق بينهما، وعليه المهر كاملا إن كان دخل بها، وإن لم يدخل بها فعليه نصف المهر. قيل له: فما تقول في العنين؟ قال: هو مثل هذا سواء.
(1) س، ط، ع. ى، د، - وظنته كما قال حرا. (2) ى - وعنه (أبو جعفر). (3) ى، ع، ز، د - بما. س، ط، ط، - كما. (4) س - قال أبو جعفر ع. ط، ز، ع، ى، د - قال جعفر بن محمد ع. (5) حش ى - أي الذي قطع قضيبه، من النجاح. (6) حش ى - يعني إدخال الستر.
[ 231 ]
(865) وعن علي (ص) أنه قال: ترد (1) المرأة من القرن والجذام والجنون والبرص، فإن كان دخل بها فعليه المهر. وإن شاء أمسك وإن شاء فارق، ويرجع بالمهر على من غره بها. وإن كانت هي التي غرته، رجع به عليها، وترك لها أدنى شئ مما يستحل به الفرج (2) فإن لم يدخل بها فارقها إن شاء ولا شئ عليه. (866) وعنه أنه قال في الرجل يتزوج المرأة (3) فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء، قال: ترد على وليها. وإن كانت بها زمانة (4) لا يراها الرجال، أجيزت (5) شهادة النساء عليها.
(867) وعنه أنه قال: ترد البرصاء والمجذمة. قيل: فالعوراء؟ قال: لا ترد، إنما ترد (6) المرأة من الجذام والبرص والجنون أو علة في الفرج تمنع من الوطء. (868) وعن علي (ع) أن رجلا قال له: يا أمير المؤمنين! إني تزوجت امرأة عذراء، فدخلت بها فوجدتها غير عذراء، قال: ويحك إن العذرة تذهب من الوثبة والقفزة والحيض والوضوء وطول التعنيس (7). (869) وعنه (ع) أن امرأة رفعت إليه زوجها، فذكرت أنه تزوجها مذ سنين وأنه لم يصل إليها. وسأل زوجها عن ذلك فصدقها. فأجله حولا، ثم قال لها بعد الحول: إن رضيت أن يكسوك ويكفيك المؤنة، وإلا فأنت بنفسك أملك.
(1) حش ى - أي بلا طلاق. (2) ى - من الفرج. (3) س مذ المرأة. (4) حش ى - وهي ما تم لها سنة كاملة وزاد عليها. (5) ى - أجزئت، د - أجزت. (6) ى - أي طلاق فيه. (7) حش ى - وهو طول الاقامة بلا زوج.
[ 232 ]
(870) وعن جعفر بن محمد أنه قال: ما صبرت (1) امرأة العنين (2) فهو بها أملك، فإن رفعته أجل سنة. فإن لم يكن منه شئ، فرق بينهما. فإن كان قد دخل بها فلها المهر كاملا وعليها العدة، وتتزوج من شاءت. فصل (8)
ذكر النكاح المنهى عنه والنكاح المباح (87 1) قال الله (ع ج) (3): ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، وقال الله (ع ج) (4) حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم الاية، روينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنه كان يقول: إذا تزوج الرجل المرأة فدخل بها أو لم يدخل بها، حرمت عليه أمها. وذلك لقول الله تع (5): وأمهات نسائكم، فهي مبهمة محرمة في كتاب الله (تع). (872) وعنه (ص) أنه قال في قول الله (ع ج) (6): وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن، قال عليه السلام: هي ابنة امرأته عليه حرام إذا كان دخل بأمها، فإن لم يكن دخل بأمها فتزويجها
(1) حش ى - أي ما سترت أمرها ولم تخاصمه ولم ترفعه. (2) حش ى - من الينبوع: والعنين والخنثى، والخصى والمجبب، إذا غروا بأنفسهم فللمرأة الخيار إذا علمت، فإن لم تختر وأقامت فلم يصل إليها زوجها وخاصمته، أجل حولا، فإن انقضى ولم يصل فإن شاءت أقامت وإلا فهي أملك بنفسها ويفرق بينهما، ومن غشى زوجته مرة لم يكن لها فراقه، ومن تزوجت أحدا من هؤلاء وقد علمت بحاله لم يكن لها خيار. (3) 4 / 23. (4) 4 / 23. (5) أيضا. (6) أيضا.
[ 233 ]
له حلال (1)، وقال في قول الله (ج) (2): في حجوركم: الحجر الحرمة التي في حرمتكم، وذلك مثل قوله (تع) (3): أنعام وحرث حجر، يقول محرمة. (873) وعنه (ع) أنه قال: إذا كانت الامة لرجل فوطئها، لم تحل
له ابنتها بعدها. الحرة والمملوكة في هذا سواء، وكذلك الام إذا وطئ ابنتها، لم يطأها بعدها، حرة كانت أو مملوكة. (874) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن رجل تزوج امرأة فتنظر إلى رأسها وإلى بعض جسدها، هل يتزوج ابنتها؟ قال: إذا رأى منها ما يحرم على غيره، فليس له أن يتزوج ابنتها. (875) وعن علي (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (4): ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، قال: إذا نكح رجل امرأة ثم توفى عنها أو طلقها، لم تحل لاحد من ولده، إن دخل بها، أو لم يدخل بها. ولا يتزوج الرجل امرأة جده وهي محرمة على ولده ما تناسلوا (5). (876) وعن علي (ع) أنه كشف عن ساق جارية له ثم وهبها بعد ذلك للحسن (ع) وقال له: لا تدن منها فإنها لا تحل لك. وهذا إنما يكون إذا نظر الاب منها إلى ما يحرم على غيره لشهوة، فأما إن نظر إليها لغير شهوة، مثل أن يقبلها عند الشراء، أو ينظر إليها وهي في ملك غيره، فليس ذلك مما يحرمها على ابنه. قال أبو جعفر (ع): لا بأس للرجل
(1) حش ى - من مختصر الاثار إذا تزوج الرجل المرأة فطلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها، حل له نكاح ابنتها. (2) 4 / 23. (3) 6 / 138. (4) 4 / 22. (5) حش ى - قال في مختصر الاثار عن جعفر بن محمد أنه قال في الرجل يتزوج المرأة فيموت عنها أو يطلقها قبل أن يدخل بها، هي محرمة على بنيه ما تناسلوا، وآبائه ما ارتفعوا، وإذا نظر إلى أمته نظر شهوة أو باشرها أو وطئها أو نظر إلى عورتها، حرمت على بنيه وعلى آبائه.
[ 234 ]
ينظر إلى الجارية يريد شراءها أن يطأها ابنه إذا ملكها، إلا أن يكون نظر إلى عورتها. (877) وعن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إذا جرد الرجل جارية، ووضع يده عليها لم تحل لابيه ولا لولده. (878) وعن علي (ع) أنه قال في قول الله (ع ج) (1): وأن تجمعوا بين الاختين إلا ما قد سلف، يعني بالنكاح، قال: ولو أن رجلا نكح امرأة، ثم أتى أرضا أخرى فنكح أختها وهو لا يعلم، فعليه إذا علم أن ينزع (2) عنها. (879) وعن علي (ع) أنه نهى أن يجمع الرجل بين الاختين المملوكتين بالوطء، وفي حديث آخر: أنه سئل عن ذلك فقال: أحلتهما آية وحرمتهما أخرى (3) وأنا أنهى عنهما نفسي وولدي، قال جعفر بن محمد (ع): قد بين إذ نهى عن ذلك نفسه وولده، يجب على المؤمنين أن ينتهوا عما نهى نفسه وولده. (880) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا كان عند الرجل أختان مملوكتان، فنكح (4) إحداهما، ثم بدا له في الثانية، فليس ينبغي له أن ينكح (5) الاخرى حتى تخرج الاولى من ملكه يهبها أو يبيعها، ولا يجزيه أن يهبها لولده. فإن وطى الثانية حرمت عليه الاولى حتى تموت الاخرى، وقد أثم في فعله وتعدى حدود الله جل ذكره.
(881) وعن علي (ع) أنه قال: إذا طلق الرجل المرأة، لم يتزوج أختها حتى تنقضي عدتها. (882) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها (1). (883) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: لا بأس أن يتزوج الرجل بنت رجل وامرأته، يعني أن تكون البنت من غير المرأة، أو أم ولده غير أم المرأة، يجمع بينهما إن شاء. (884) وعنه (ع) أنه سئل عن الرجل يتزوج المرأة أو يتسرى السرية، هل لابنه أن يتزوج بابنتها من غيره، أو يطأها إن كانت مملوكة له بملك اليمين؟ قال: أما ما كان قبل النكاح، يعني نكاح الاب، فللولد أن يطأها ويتزوج، وأما ما ولدت المرأة بعد ذلك، فإني أكرهه. (885) وقد روينا عن وجه آخر (2) أنه قال (ع): أيما رجل طلق امرأته فتزوجها رجل فولدت له أولادا، فلا بأس أن يتزوج ولدها بنات زوجها الاول من غيرها، والوجه الذي كرهه في الرواية الاولى ما دخلته الشبهة، وكان الولد فيه قريبا من الفرقة، فأما إذا لم يكن في ذلك شبهة وتباعد الولد (3) من الفرقة أو الموت، فليس في ذلك ما يكرهه، والله أعلم. (886) وعن علي (ع) أنه قال في الرجل تكون له أربع نسوة فيطلق إحداهن، قال: ليس له أن يتزوج خامسة (4) حتى تنقضي (5) عدة التي طلق.
(1) حش ى - ويجمع بين بنى الاعمام والعمات وبين بنى الاخوال والخالات، من الينبوع.
(2) س. ط، د، ز، ع، ى. - وقد روينا عنه من وجه آخر. (3) ى، ع - المولود. (4) حش ى - قال سيدنا جعفر بن منصور اليمن في كتاب الرشد والهداية: إن الله أحل لمن أراد النكاح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أربع نسوة، فمن تعدى فنكح الخامسة حرمت عليه هي والاربع. (5) س تقضى.
[ 236 ]
(887) وعن علي (ع) وأبي جعفر وأبي عبد الله (ص) أنهم قالوا في الرجل يفجر بأم امرأته أو بأختها أو بابنتها، قالوا: لا يحرم عليه ذلك امرأته، ويلزمه ما يلزم الزاني، والحرام لا يحرم الحلال. قال أبو جعفر (ع): فإن فجر بامرأة لم يتزوج ابنتها ولا أمها من النسب، ولا من الرضاعة (1). (888) وعن علي (ع) أنه قال في الرجل يزني بالمرأة ثم يريد أن ينكحها نكاحا صحيحا، قال (2): فإن تابا فلا بأس بذلك. (889) وعنه (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل المرأة، فزنت قبل أن يدخل بها فرق بينهما، ولا صداق لها، لان الحدث جاء من قبلها، يعني بالفرقة إذا كان الزوج أراد ذلك، فأما إن أقام على نكاحها، فقد ذكرنا فيما تقدم ما جاء عن أهل البيت (ص) في نكاح الفواجر. (890) وعن أبي جعفر محمد بن علي (ع) أنه سئل عن المريض يشفى (3) على الموت فيتزوج المرأة يريد أن ترثه، قال: لا بأس بذلك، والنكاح جائز إذا عقد على ما يجب. (891) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن رجل تزوج أختين أو خمس نسوة في عقدة واحدة، قال: يثبت نكاح الاخت التي بدأ
باسمها عند العقد، والاربع من النسوة اللاتي بدأ بأسمائهن، ويبطل نكاح من سواهن فإن لم يعلم من بدئ بأسمائهن منهن، بطل النكاح كله. (892) وعن علي (ع) أنه قضى في امرأة توفى زوجها وهي حبلى، وتزوجت قبل أن تمضي الاربعة الاشهر والعشرة، قال: يفرق بينهما ولا
(1) حش ى - قال في مختصر المصنف ومن فجر بامرأة ثم ولدت بعد ذلك بنتا لم ينبع له أن يتزوج ابنتها لمكان الشبهة. س، ع، ى، ط - الرضاع. (2) س مذ (قال). (3) حش ى - أشفى المريض على الهلاك أي أشرف.
[ 237 ]
يخطبها حتى ينقضي آخر الاجلين، قال جعفر بن محمد (1) (ع): هذا إذا لم يكن دخل بها، فأما إذا تزوج الرجل المرأة في عدتها، وكان قد دخل بها، فرق بينهما ولم تحل له أبدا، ولها صداقها بما استحل من فرجها، فإن لمن يكن دخل بها، فرق بينهما، فإذا انقضت عدتها تزوجها إن شاء وشاءت، هذا إذا كانا عالمين بأن ذلك لا يحل، فإن جهلا ذلك وكان قد دخل بها فرق بينهما حتى تنقضي عدتها ثم يتزوجها إن شاءت وشاء. قيل له: فإن كان أحدهما تعمد ذلك والاخر جهله؟ قال: الذي تعمده لا يحل له أن يرجع إلى صاحبه وقد يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من هذا. (893) وعنه (ع) أنه قال: تزوج رجل من الانصار وهو محرم، فأبطل رسول الله (صلع) نكاحه. (894) وعن علي (ع) أنه قال: المحرم لا ينكح ولا ينكح. فإن نكح فنكاحه باطل، قال جعفر بن محمد (ع): إذا تزوج الرجل وهو محرم فرق بينهما، فإن كان دخل بها، فعليه المهر بما استحل من فرجها.
وعليه الكفارة لاحرامه، ولا يخطب (2) المحرم خطبة النكاح، فإن كان عالما بأن ذلك حرام لم تحل له أبدا، وإن جهل وأراد تزوجها بعد أن يخرج من إحرامه، فله ذلك. وأيهما كان عالما بالتحريم، لم يحل له أن يرجع إلى صاحبه. (895) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن يتزوج الرجل قابلته (3) ولا ابنتها!
(1) س - محمد ع. (2) حش ى - فيه وجهان، أحدهما أن الخطبة بالضم أي لا يلى عقدة النكاح، ولا يقرأ خطبة إن كان قاضيا وهو محرم، وثانيهما أن الخطبة بالكسر، أي لا يخطبها ولا يطلب نكاحها، وكلاهما صحيح، فإن فعل فقد أساء واستهان بحجه. من النجاح. (3) حش ى - القابلة التي تقبل الولد عند الولادة. من الضياء، ويقال قبلت القابلة المرأة تقبلها قبالة بالكسر، إذا قبلت الولد أي تلقته عند الولادة - حاشية، القابلة المولدة وهي التي يخرج الولد على يديها.
[ 238 ]
فصل (9) ذكر المفقود (896) روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه قال: إذا علم مكان المفقود لم تنكح امرأته، فهذا بيان أمر المفقود، لانه إذا علم مكانه لم يكن مفقودا، وإنما المفقود الرجل الذي يخرج من بيته فلا يعلم اين توجه، ولا ما صنع ويخفى خبره وأمره، وأما من خرج مسافرا فليس بمفقود، علم مكانه أو لم يعلم. وهذا لا تتزوج امرأته حتى يأتيها موته أو طلاقه، وتعتد. (897) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: يخلى عن امرأة المفقود
ما سكتت. فإن هي رفعت أمرها إلى الوالي أجل لها أربع سنين، وكتب إلى الموضع الذي فقد فيه يسأل عنه، فإن لم يخبر عنه بشئ حتى تنقضي الاربع السنون دعا ولى المفقود فقال: هل للمفقود مال؟ فإن كان للمفقود مال قيل للولي: أنفق عليها من ماله، فإن لم يكن للمفقود مال وأنفق عليها الولي من ماله، فلا سبيل لها إلى التزويج ما أنفق عليها، فإن أبى وليه أن ينفق عليها جبره (1) الوالي على أن يطلقها تطليقة في استقبال عدتها، وهي طاهر، فيصير طلاق الولي طلاقا للزوج. فإن جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها من يوم طلق الولي، فبدا له أن براجعها فهي امرأته. وهي عنده على تطليقتين باقيتين. وإن انقضت عدتها قبل أن يجئ أو يراجع حلت للازواج، ولا سبيل لاحد عليها. وإن قال الولي: أنا أنفق عليها لم يجبر على أن يطلقها، وإن لم يكن له ولي طلقها (2) السلطان. قيل له: يا بن
(1) ط - أجبره الوالي. (2) س - طلقه.
[ 239 ]
رسول الله، أرأيت إن قالت المرأة: أنا أريد ما تريد النساء، ولا أستطيع أن أصبر، قال: ليس لها ذلك، ولا كرامة إذا أنفق عليها وليه. (898) وعن أبي جعفر محمد بن علي صلى الله عليه وآله أنه قال: إذا جاء نعى الرجل إلى أهله، أو خبروها أنها طلقها، فاعتدت، ثم تزوجت، ثم جاء زوجها بعد، فهو أحق بها من الذي تزوجها، دخل بها أو لم يدخل، فإن كان دخل بها فلها الصداق بما استحق من فرجها! فصل (10) ذكر الرضاع
(899) قال الله جل ذكره وذكر تحريم ذوات الارحام فقال بعد ذلك (1): وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة، روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) قال يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، فالتنزيل في هذا أنه إذا أرضعت امرأة الرجل بلبنه جارية، حرمت عليه وعلى أبيه وعلى أجداده من قبل أبيه وأمه ما ارتفعوا. وعلى بنيه وبنى بنيه وبنى بناته ما تناسلوا، فإذا كان المرضع غلاما حرمت عليه المرأة التي أرضعته وأولادها وأولاد الرجل الذي رضع بلبنه، ولا يتزوج الرجل ابنته من الرضاعة ولا بنات ابنته ما تناسلوا، ولا أخته ولا بنات أخته ولا بنات أخيه من الرضاعة، ولا عمته ولا خالته من الرضاعة، ولا يجمع بين الاختين من الرضاعة ولا بين المرأة وعمتها من الرضاعة، ولا بين المرأة وخالتها من الرضاعة. وهكذا كل ما حرم من النسب حرم مثله من
(1) 4 / 23.
[ 240 ]
الرضاعة، لقول رسول الله (صلع): يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. ولا بأس أن يتزوج الرجل المرأة التي أرضعت ابنه، وكذلك يتزوجها من بنيه غير الذي أرضعته. فليست تحريم عليهم (1) لانها ليست بأمهم، إنما هي أم أخيهم الذي أرضعته وليست بحرام عليهم إذ ليست زوجة لابيهم، وإنما حرم الله عز وجل نساء الاباء وليست هذه من الاب بسبيل. وكذلك يتزوجون ابنتها التي هي رضيع أخيهم، وما أرادوا من ولدها وولد ولدها، وكذلك يتزوج الرجل (2) بنات المرأة التي أرضعت ولده وبناتهن لانهن لم يرضعن لبنه، ولا بينهن وبينه قرابة من رضاع ولا غيره. إنما يرحم نكاحهن على المرضع. وللرجل أن يتزوج ابنة عمه وابنة عمته وابنة خاله
وابنة خالته من الرضاعة لانهن مباحات من النسب، وكذلك من ذكرنا إباحته إذا نوظرن بالانساب كن مباحات من النسب، ألا ترى أن الرجل يتزوج المرأة ويتزوج ابنه ابنتها من غيره، ويتزوج الرجل المرأة ويتزوج أبوه ابنتها من غيره، ويتزوج الاب والابن الاختين، كل واحد منهما واحدة. (900) وعن علي (ص) أنه قال: قلت لرسول الله (صلع): يا رسول الله ما بالك (3) تتزوج من قريش وتدعنا، فقال: أو عندكم شئ؟ قلت: نعم، ابنة حمزة قال: إنها لا تحل لي، هي ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. (901) وعن علي (ع) أنه قال: يحرم من الرضاع قليله وكثيره. والمصة الواحدة تحرم، وهذا قول بين صوابه لمن تدبره ووفق لفهمه. لان الله (ع ج) قال: وأمهاتكم اللاتى أرضعنكم، فالرضاع يقع على القليل
(1) حذ س. (2) ى - من بنات المرأة. (3) ى - ما بالكم.
[ 241 ]
والكثير، ومن قال إنه لا يحرم منه إلا ما أنبت اللحم والدم وشد العظم، فالقليل منه يدخل في ذلك، لانه ينبت من اللحم والدم ويشد من العظم جزءا إذا اجتمع مع غيره بمقدار كميته (1). (902) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن الرضاع بعد الفطام (2). (903) وعن علي (ص) أنه قال: ما كان في الحولين فهو رضاع، ولا رضاع بعد الفطام، قال الله (ع ج) (3): والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة.
(904) وعنه (ع) أن رجلا سأله فقال: إن امرأتي أرضعت جارية لي كبيرة لتحرمها على، فقال: أوجع امرأتك، وعليك بجاريتك، ولا رضاع بعد فطام. (905) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن امرأة رجل أرضعت جارية، أتصلح لولده من غيرها؟ قال: لا. قد نزلت بمنزلة الاخت من الرضاعة من قبل الاب، لانها رضعت بلبنه. (906) وعنه (ع) أنه قال: لبن الفحل يحرم (4). ومعنى لبن الفحل أن يشترك في لبن الفحل الواحد صبيان غرباء. وكل من رضع من ذلك اللبن
(1) ط، ز - كيفيته. (2) ى حش - وها هنا وجهان من المعاني، أحدهما أنه لا ينبغي أن يرضع الطفل بعد الفطام، فمن أرضع بعده فقد تعدى الحد لان الله عز وجل قد حد في ذلك حولين كاملين حيث يقول: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين، ومن فطم قبل الفطام، فلا بأس بذلك لقوله عز وجل: لمن أراد أن يتم الرضاعة، وثانيهما أنه لا يعد الرضاع بعد الفطام رضاعا، أي لا يحرم الرضاع بعد الفطام، وذلك كجارية كبرت وفطمت، ثم أرضعتها المرأة لم يكن ذلك رضاعا ولم تحرم الجارية على زوج المرأة ولا لابنها، من النجاح. (3) 2 / 233. (4) هذه الرواية ناقصة في س.
[ 242 ]
فقد حرم بعضهم على بعض إذا كان للرجل نساء وأمهات أولاد فرضع صبي من لبن هذه، وصبية من لبن هذه فقد رضعا من لبن الفحل وحرم بعضهما (1) على بعض وإن لم يشتركا في لبن امرأة واحدة، إذا كان الفحل قد جمعهما. فهما جميعا والداه من الرضاعة.
(907) وعن علي (ص) أنه قال: الرضاعة من قبل الاب تحرم ما يحرم (2) من النسب. (908) وعن جعفر بن محمد (ع) أن رجلا سأله عن جارية له ولدت عنده فأراد أن يطأها، فقالت أم ولد له: إني قد أرضعتها، قال (ع): تجر إلى نفسها وتتهم ولا تصدق. (909) وعنه (ع) أنه سئل عن امرأة زعمت أنها أرضعت غلاما وجارية، ثم أنكرت، قال: تصدق إذا أنكرت، قيل: فإن عادت فقالت: قد أرضعتهما؟ قال: لا تصدق، فشهادة المرأة الواحدة الجائزة الشهادة (3) المأمونة غير المتهمة في الرضاع، جائزة، فإن لم تكن مأمونة أو كانت تتهم لم تجز شهادتها. (910) وعن علي (ع) أنه قال: إذا أوجر الصبي أو أسعط (4) باللبن يعني في الحولين، فهو رضاع. (911) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى عن مظاءرة (5) ولد الزنا.
(1) س - بعضهم. (2) س - ما تحرم. (3) ط - الشاهدة. (4) د - استعط. (5) حش ى - ظأرت المرأة إذا اتخذت ولدا ترضعه.
[ 243 ]
وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا ولدت الجارية من الزنا لم تتخذ ظئرا، أي مرضعة (1). (912) وعنه (ع) أنه سئل عن غلام لرجل وقع على جارية له فولدت،
فاحتاج المولى إلى لبنها، قال: إن أحل لهما ما صنعا فلا بأس. (913) وعن علي وأبي جعفر عليهما السلام أنهما رخصا في استرضاع لبن اليهود والنصارى والمجوس، قال أبو عبد الله (ع): إذا أرضعوا لكم فامنعوهم من شرب الخمر وأكل ما لا يحل أكله. (914) وعنه (ع) أنه قال: رضاع اليهودية والنصرانية أحب إلي من رضاع الناصبية، فاحذروا الناصبية (2) أن تظائروهم ولا تناكحوهم ولا توادوهم. (915) وعنه (ع) أنه سئل عن رجل أرضعته خادمته، أيحل له بيعها؟ قال: لها عليه حق. (916) وعنه (ع) أنه قال: لبن الحرام لا يحرم الحلال، ومثل ذلك امرأة أرضعت بلبن زوجها رجلا، ثم أرضعت بلبن فجور. قال: من أرضع من لبن فجور صبية لم يحرم نكاحها، لان لبن الحرام لا يحرم الحلال. (917) وعن أبي جعفر (ع) أنه سئل عن امرأة أرضعت مملوكها، قال: إذا أرضعته عتق. (918) وعن علي (ع) أنه قضى في رجل نكح امرأته فأعطاها صداقها ولم يدخل بها، ثم علم أن بينها وبينه رضاعا، قال: ترد إليه ما أخذت منه.
(1) حش ى - اختصار الاثار: ونهوا (ص) عن الاسترضاع بلبن الفجور كالتي تزني فتلد من الزنا، لا ينبغي ان تسترضع ولا أن تتخذ ظئرا هي ولا ابنتها المولودة من الزناة. (2) س، ى، د، ز، - ع، ط - النصاب.
[ 244 ]
(919) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى النساء أن يرضعن يمينا وشمالا. يعني كثيرا، وقال: إنهن ينسين.
فصل (11) ذكر نكاح الاماء (920) قال الله (ع ج) (1): ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، إلى قوله: ذلك لمن خشى العنت منكم وأن تصبروا خير لكم، فلم يبح عز وجل نكاح الاماء إلا بشرطين، بأن لا يجد الرجل طوالا إلى حرة، وأن يخشى العنت. روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) قال: لا يحل نكاح الاماء إلا لمن خشى العنت، يعني الزنا، ولا ينبغي للحر أن يتزوج أمة، فإن فعل فرق بينهما وعزر، يعني إذا كان يجد طولا إلى حرة، أو كانت عنده حرة، أو كان لم يضطر إلى النكاح. (921) وعن وأبي جعفر عبد الله (ص) أنهما قالا: لا بأس بنكاح الحر الامة إذا اضطر إلى ذلك. قال أبو جعفر (ع): ولا يتزوج الحر الامة حتى يجتمع فيه شرطان، العنت وعدم الطول، ولو لم يكن يكره نكاح الامة من غير ضرورة إلا لاسترقاق الولد، لكان ذلك مما ينبغي أن لا يفعله إلا من اضطر إليه ولم يجد غيره. (922) وعن رسول الله (صلع) أنه نهى أن تنكح الامة على الحرة ولا الكافرة على المسلمة.
(1) 4 / 25.
[ 245 ]
(923) وعن علي (ع) أنه قال في الرجل يتزوج الامة على الحرة قال: يفرق بينه وبينها، ويغرم لها الصداق بما استحل من فرجها إن كان دخل بها، وإن لم يدخل بها، فلا شئ عليه.
(924) وعنه (ع) أنه قضى في رجل نكح أمة، فوجد بعد ذلك طولا لحرة، فكره أن يطلق الامة ورغب فيها، فقضى له أن ينكح الحرة على الامة إذا كانت الامة أولاهما ويقسم بينهما، للحرة ليلتين وللامة ليلة (1). وكذلك يفضل الحرة في النفقة. من غير أن يضر بالامة ولا ينقصها من الكفاية. (925) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا نكح الرجل الامة وهو لا يجد طولا لحرة وكان يخشى العنت، ثم وجد بعد ذلك طولا لحرة فنكحها، ولم علم أن عنده أمة، فهي بالخيار إذا علمت، إن شاءت أقامت وإن شاءت فارقته إذا كان قد رغب في الامة. وإن فارقته قبل أن يدخل بها فلا شئ لها، وإن كان قد دخل بها فلها الصداق بما استحل من فرجها، فإن فارق الامة لم يكن للحرة خيار. (926) وعن علي (ع) أنه قال: لا ينكح الحر من الاماء إلا واحدة بعد أن يكون قد خشى العنت ولم يجد طولا للحرة، وليس له أن ينكح أمة على أمة، لانه لا يخشى العنت. (927) وعن علي (ع) أنه قال: إذا تزوج الرجل أمة لرجل، وشرط عليه أن ما ولدت منه من ولد فهم أحرار، فالشرط جائز. (928) وعن علي (ع) أنه قال: إذا تزوج الحر الامة ولم يشترط
(1) س، ط، ع، ز. د، ى - ليلة واحدة.
[ 246 ]
خدمتها، فخدمتها لمواليها نهارا، وعليهم أن يخلوا بينها وبينه ليلا، وعليه نفقتها إذا فعلوا ذلك، فإن حالوا بينه وبينها ليلا فلا نفقة لها عليه، ولا يجب لهم أن يمنعوه من وطئها إذا شاء ذلك، من ليل أو نهار (1).
(929) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن مملوكة بين رجلين زوجها أحدهما، والاخر غائب، هل يجوز النكاح؟ قال: إذا كره الغائب لم يجز النكاح، يعني إذا لم يكن أذن لصاحبه، ولا أطلق له في أن يزوج ولا أجاز فعله. (930) وعن علي (ع) أنه قال: لا يحل للمسلم تزوج الامة المشركة لان الله عز وجل إنما أباح المؤمنات لقوله تعالى (2): من فتياتكم المؤمنات، وقد كره ذلك رسول الله (صلع) لئلا يسترق اليهود والنصارى أبناء المسلمين. (931) عن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن رجل له ولد طفل، وللولد جارية مملوكة، هل للاب أن يطأها؟ قال: ليس له ذلك إلا أن يقومها على نفسه قيمة عدل، ثم يأخذها ويكون (3) لولده عليه ثمنها، وقال: لا يحل لرجل من مال ولده شئ إلا بطيب نفسه، إلا أن يضطر إليه، فيأكل بالمعروف قوته ولا يتلذذ فيه. (932) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه سئل عن امرأة أمرت ابنها (4) فوقع على جارية لابيه لتحرمها عليه قال: قد أثمت وأثم ابنها، وأكره للاب أن يطأها، وليس يفسد الحرام الحلال.
(1) حش ى - يصلح للزوج أن يدخل بها حتى يجيز نكاحها المولى الثاني فإن لم يجزه فسخ النكاح، من مختصر الاثار. (2) 4 / 25. (3) د، ز، ع، ط، ى - ويكون، س - ليكون. (4) حش ى - وعلى ابنها الحد في ذلك إن كان بالغا - من النجاح.
[ 247 ]
(933) وعن علي (ع) أنه كره أن يطأ الرجل الامة وفيها شركة (1)
لغيره. (934) وعنه (ع) أنه سئل عن نكاح المكاتبة، فقال: انكحها إن شئت، يعني بإذن السيد وإذنها، وإن كان العتق جرى فيها. وسنذكر كيف يجزى العتق في المكاتبين في موضعه إن شاء الله تعالى، وقال عليه السلام: واعلم ان ما ولدت من ولد في مكاتبتها، فإنما يعتق منه ما عتق منها، ويرق منه ما رق (2) منها. (935) وعنه أنه قال: أرادت عائشة أن تشترى بريرة. فاشترط عليها مواليها ولاءها فاشترتها منهم على ذ لك الشرط، فبلغ ذلك رسول الله (صلع). فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال القوم يشترطون شروطا ليست في كتاب الله؟ يبيع أحدهم الرقبة ويشترط الولاء، والولاء لمن أعتق، وشرط الله آكد. وكل شرط خالف كتاب الله فهو رد. فلما عتقت بريرة خيرها رسول الله (ص)، وكان لها زوج زوجته وهي مملوكة. فاختارت نفسها، فقال رسول الله (ص) لها: اعتدى ثلاث حيض، قال جعفر ابن محمد (ص): وكان زوج بريرة التي خيرها فيه رسول الله (صلع) مملوكا. وإنما تخير في المملوك، فأما الحر فقد صارت حرة بمنزلته. (936) وعن علي (ص) أنه قال: لا يحل لرجل أن يطأ مملوكة له فيها شريك. وعن جعفر بن محمد (ص) أنه نهى نهى عن عارية الفروج. كالرجل يبيح للرجل وطء أمته أو المرأة تبيح لزوجها أو لغيره وطء أمتها من غير نكاح ولا ملك يمين، وقال جعفر بن محمد (ص) عارية الفروج هو الزنا، وأنا
(1) س، ع - شرط. (2) س، ع، ط، ز. ى - ما يرق منها.
[ 248 ]
برئ إلى الله ممن يفعله، والقرآن ينطق بهذا، قال الله تعالى (1): والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هو العادون، فلم يبح الله تعالى وطء الفروج إلا بوجهين: بنكاح أو بملك يمين. فصل (12) ذكر نكاح العبيد (937) روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) نهى أن ينكح العبد بغير إذن مواليه، وقال: أيما امرأة حرة زوجت نفسها عبدا بغير إذن مواليه، فقد أباحت فرجها ولا صداق لها، وقال أبو محمد (ص) (2): المملوك لا يجوز نكاحه ولا طلاقه إلا بإذن سيده، فإن تزوج بغير إذن سيده، فإن شاء سيده أجاز وإن شاء فرق. (938) وعن علي (ص) أنه قال: لا يتزوج العبد فوق اثنتين، ولا يحل له غير ذلك. قال جعفر بن محمد (ص) (3): يعني من الحرائر، ليس للعبد أن يتزوج فوق حرتين وله أن يتزوج أربع إماء إذا كان ذلك بإذن مولاه، وله أن يشتري من الجواري ما يشاء، ويطأهن بملك اليمين إذا ملكه ذلك مولاه، وأذن له فيه. (939) وعن جعفر بن محمد (ص): إذا أراد الرجل أن ينكح أمته
(1) انظر 859، 23 / 5 - 7. (2) ى، ط، ع، د، ز - قال جعفر بن محمد، س - أبو محمد ص. (3) س - قال أبو محمد، ى - قال أبو جعفر.
[ 249 ]
عبده قال له: قد أنكحتك فلانة. ويعطيها من قبله شيئا ما كان، ولو كان
مدا من الطعام (1). (940) وعنه أنه قال: إذا زوج الرجل عبده أمته، نزعها منه إذا شاء بغير طلاق، فإن زوجها حرا أو عبدا لغيره، فليس له أن ينزعها منه إذا شاء بغير طلاق. فإن باعها كان للذي اشتراها أن ينزعها إن شاء من زوجها المملوك. وبيعها طلاقها منه، فإن أقرها المشترى على النكاح، كانت بحالها عند البائع (2). (941) وعن علي (ع) أنه قال: إذا ملكت المرأة زوجها المملوك بأمر يدور إليها ملكه أو شقصا منه فقد حرمت عليه وحرم عليها أن تبيح له نفسها، لان العبد لا يجوز له أن ينكح مولاته. فصل (13) ذكر نكاح المشركين (942) قال الله (ع ج) (3): ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن، وقال تبارك اسمه (4): اليوم أحل لكم الطيبات إلى قوله: والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب الاية. روينا عن جعفر بن محمد (ع) عن أبيه عن آبائه عن علي (ص) أنه قال: إنما أحل الله نساء أهل الكتاب للمسلمين،
(1) س - الطعام، ع - طعام، ى - طعامه. (2) حش ى - من مختصر الاثار قال جعفر بن محمد ع وإذا بيعت الامة ولها زوج حر فهي امرأته ولا يحل فرجها للمشترى حتى يطلقها زوجها أو يموت عنها وتعتد. (3) 2 / 221. (4) 5 / 5.
[ 250 ]
إذا كان في نساء الاسلام قلة، فلما كثر المسلمات قال الله (ع ج): ولا
تنكحوا المشركات حتى يؤمن، وقال (1): ولا تمسكوا بعصم الكوافر. (943) ونهى رسول الله (صلع) أن يتزوج المسلم غير المسلمة وهو يجد مسلمة. ولا تنكح المشرك مسلمة، وإذا أسلم المشرك وعنده امرأة مشركة فلا بأس أن يدعها عنده إن رغب فيها، لعل الله أن يهديها وله أن يتزوج عليها ثلاثا من المسلمات إن علمن بها. (944) فإن تزوج مسلمة وعنده مشركة، فقد جاء عن ابي جعفر محمد بن علي (ع) أنه قال في الرجل يتزوج الحرة المسلمة وعنده امرأة نصرانية أو يهودية ولم تعلم المرأة المسلمة بذلك، ثم دخل بها فعلمت، قال: لها ما أخذت من المهر فإن شاءت أن تقيم معها أقامت. وإن شاءت أن تذهب إلى أهلها ذهبت، فإذا حاضت ثلاث حيض أو مضت لها ثلاثة أشهر، يعني إن لم تكن تحيض، فقد حلت للازواج من غير طلاق. قيل له: فإن طلق عنها النصرانية أو اليهودية قبل أن تنقضي عدة المسلمة، هل له أن يردها إلى منزله؟ قال: نعم. (945) وعن علي (ص) أنه سئل عن امرأة مشركة أسلمت ولها زوج مشرك قال: إن أسلم قبل أن تنقضي عدتها فهما على النكاح، وإن انقضت عدتها، فلها أن تتزوج من أحبت من المسلمين، فإن أسلم بعد ما انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب، فإن أجابته نكحها نكاحا مستأنفا. وإذا أسلم الرجل، وامرأته مشركة، فإن أسلمت فهما على النكاح وإن لم تسلم واختار بقاءها عنده، أبقاها على النكاح أيضا. (946) وعنه (ع) أنه قال في المشرك يسلم وعنده أختان حرتان أو
(1) 60 / 10.
[ 251 ]
أكثر من أربع نسوة حرائر قال: تترك له التي نكح أولا من الاختين والاربع الحرائر (1) أولا، فأولا وتنزع عنه الاخت الثانية وما زاد على الاربع من الحرائر. (947) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال: إذا خرج الحربي إلى دار الاسلام فأسلم ثم لحقته امرأته، فهما على النكاح. (948) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: أقروا أهل الجاهلية على ما أسلموا عليه من نكاح أو طلاق أو ميراث، يعني (ع) إذا وافق ذلك حكم الاسلام. فأما إن أسلم المشرك وعنده ذات محرم منه، فرق بينهما. (949) وعن علي (ع) أنه قال في مجوسية أسلمت قبل يدخل بها زوجها وأبى أن يسلم، فقضى لها بنصف المهر، قال: لم يزدها الاسلام إلا عزا (2). (950) وعن علي (ص) أنه قال: إذا ارتد الرجل بانت منه امرأته، فإن استتيب فتاب قبل أن تنقضي عدتها، فهما على النكاح. وإن انقضت العدة ثم تاب، فهو خاطب من الخطاب. وإن لحق بدار الحرب انقطعت (3) عصمته عنها وإن ارتدا جميعا أو لحقا بدار الحرب ثم أسلما واستتيبا فتابا فهما على النكاح. (951) وعنه (ع) أنه قال: إن خرجت امرأة من أهل الحرب إلى دار الاسلام مستأمنة، ولها زوج تخلف في دار الحرب، فليس له عليها
(1) س، ط، ز، د،. ى د - أربع حرائر. (2) حشى ى - من مختصر الاثار - وإذا أسلمت الذمية قبل أن يدخل بها زوجها الذمي فقد ملكت نفسها ولا عدة عليها منه، ولها نصف المهر، وإن أسلم في حال إسلامها فهي على النكاح. وإن تأخر إسلامه عن إسلامها كان خاطبا إذا أسلم.
(3) ى، د، ع، ط. ز - انقصمت (صح). س - انقضت.
[ 252 ]
سبيل وتتزوج إن شاءت ولا عدة عليها. فإن أسلم زوجها فهو خاطب من الخطاب. (952) وعنه (ع) أنه قال: لا يحل لمسلم أن يتزوج حربية في دار الحرب. (953) وعنه (ع) أنه قال إذا سبى الرجل وامرأته من المشركين. فهما على النكاح. ما لم يكن أحدهما سبى (1) وأحرز في دار الاسلام دون الاخر. فإذا كان ذلك فلا عصمة بينهما! فصل (14) ذكر القسمة بين الضرائر (954) قال الله (ع ج) (2): ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، الاية، فأخبر الله (تع) أن العدل بين النساء لا يستطاع، لان المرء قد يستطيع العدل عليهن في النفقة والمبيت والعطية وغير ذلك مما يملكه، ولا يستطيع العدل بينهن في الهوى والشهوة والنشاط إلى الجماع، فواجب عليه أن يعدل فيما يستطيعه، لان الله عز وجل إنما رخص من ذلك فيما لا يستطاع (3) وأمر بالعدل في موضع آخر، وهو الذي يستطاع، وقال (4): لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. (955) روينا عن جعفر بن محمد (ص) عن أبيه عن آبائه أن عليا (ع) قال: للرجل أن يتزوج أربعا، فإن لم يتزوج غير واحدة، فعليه
أن يبيت عندها ليلة من أربع ليال، وله أن يفعل في الثلاث ما أحب مما أحله الله له (1)، قال جعفر بن محمد (ع): وإن كان للرجل امرأتان فله أن يخص إحداهما بالثلاث الليالي التي هي له، ويقسم للواحدة ليلتها، وكذلك إن كن ثلاثا قسم لكل واحدة منهن ليلتها من الثلاث. ويخص بالرابعة من شاء منهن، وإن كن أربعة لم يفضل واحدة منهن على الاخرى. (956) وعن علي (ص) أنه سئل عن قول الله (تع) (2): وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير، الاية، فقال: عن مثل هذا فاسألوا ذلك الرجل يكون له امرأتان فيعجز عن إحداهما، أو تكون دميمة (3) فيميل عنها ويريد طلاقها، وتكره هي ذلك، فتصالحه على أن يأتيها وقتا بعد وقت، أو على أن تضع له حظها من ذلك. (957) وعنه (ع) أنه قال في الرجل تكون عنده المرأة الواحدة أو الثلاث فيتزوج بكرا، قال: إذا تزوج بكرا أقام عندها سبع ليال، وإن تزوج ثيبا أقام عندها ثلاثا، ثم يقسم بعد ذلك بالسواء بين أزواجه. (958) وعن جعفر بن محمد (ص) أنه سئل عن الرجل تكون عنده النساء، يغشى (4) بعضهن دون بعض قال: إنما عليه أن يبيت عند كل واحدة في ليلتها ويقيل عندها في صحبتهم، وليس عليه أن يجامعها إن لم ينشط لذلك. (959) وعن علي (ص) أنه قال في الرجل تكون عنده النساء فيخرج
إلى السفر، قال: إذا انصرف، بدأ بمن لها الحق!
(1) حش ى - أي ما أحب من وطء سريته أو عبادة أو صنعة وغير ذلك. (2) 4 / 128. (3) حش ى - أي بلا حسن، حش س - قبيحة. (4) حش س - غشيها أي جامعها.
[ 254 ]
فصل (15) ذكر النفقات على الازواج (960) قال الله (ع ج) (1): قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم، الاية، وقال الله (ع ج) (2): وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا. روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه أن رسول الله (صلع) خطب في حجة الوداع فذكر النساء فقال: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. (961) وعنه (ع) أنه نهى أن يشبع الرجل ويجيع أهله وقال: كفى بالرجل هلاكا أن يضيع من يعول، وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول. (962) وعنه (ع) أنه قال: سبع من سوابق الاعمال، فعليكم بهن. فذكرهن، وقال فيهن: والنفقة على العيال. (963) وعن أبي جعفر بن محمد علي (ع) أنه قال: من أيقن بالخلف (3) سخت نفسه بالنفقة. (964) وعن جعفر بن محمد (ع) أنه قال في قول الله عز وجل (4): ولا تبذر تبذيرا، قال: ليس في طاعة الله تبذيرا. (965) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: الرفق نصف العيش وما عال
امرو في اقتصاد.
(966) وعنه (صلع) أنه قال: إذا أراد الله تبارك وتعالى بأهل بيت خيرا، فقههم في الدين، ورزقهم الرفق في معائشهم، والقصد في شانهم. (967) وعنه (صلع) أنه قال: من اقتصد في معيشته رزقه الله، ومن بذر حرمه الله. (968) وعن علي (ع) أنه قال: من اشترى ما لا يحتاج إليه، باع ما يحتاج إليه. (969) وعنه (ع) أنه قال: الكمال كل الكمال التفقه في الدين، والصبر على النائبة، والتقدير في المعيشة. (970) وعن رسول الله (صلع) أنه قال: جهد (1) البلاء كثرة العيال وقلة المال، وقلة العيال أحد اليسارين. (971) وعن علي (ع) أنه قال: إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته، استؤنى (2) فإن جاءها بشئ لم يفرق بينهما. وإن لم يجد شيئا أجل وفرق بينهما. (972) وعنه (ع) أن امرأة استعدته على زوجها أنه لا ينفق عليها إضرارا لها، فحبسه في نفقتها. (973) وعنه (ع) أنه قال: أيما امرأة خرجت من بيت زوجها بغير
إذنه، فلا نفقة لها حتى ترجع. (974) وعنه (ع) أنه قضى على رجل لامرأته، وكانت ترضع ولدا له، بربع مكوك (3) من طعام وجرة من ماء، وليس في هذا توقيت، وقد فرق