بحار الانوار الجزء 65
بسمه تعالى
- اسم موضوع: بحار65
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 1 سطر 1 إلى صفحه 4 سطر 14
[ 1 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
94 .
* ( باب ) *
* " ( فضل الفقر والفقراء وحبهم ومجالستهم والرضا بالفقر ) " *
* " ( وثواب اكرام الفقراء وعقاب من استهان بهم ) " *
الايات : الكهف : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي
يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه
عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا ( 1 ) .
الفرقان : تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من
تحتها الانهار ويجعل لك قصورا ( 2 ) .
الزخرف : ولولا ان يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن
لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون * ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها
يتكؤن * وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحيوة الدنيا والاخرة عند ربك
للمتقين ( 3 ) .
الفجر : فاما الانسان إذا ما ابتليه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن
وأما إذا ما ابتليه وقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن ( 4 ) .
هوامش صفحة 1 ( 1 ) الكهف : 28 .
( 2 ) الفرقان : 10 .
( 3 ) الزخرف : 33 35 .
( 4 ) الفجر : 15 16 .
[ 2 ]
تفسير : " واصبر نفسك " أي احبسها وثبتها قال الطبرسي رحمه الله ( 1 )
في نزولها : انها نزلت في سلمان ( 2 ) وأبي ذر وصهيب وعمار وخباب وغيرهم من
فقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وذلك أن المؤلفة قلوبهم جاؤا إلى رسول الله
صلى الله عليه وآله
عيينة بن حصن والاقرع بن حابس وذووهم فقالوا يا رسول الله إن جلست في صدر
المجلس ونحيت عنا هؤلاء وروائح صنانهم ( 3 ) وكانت عليهم جباب الصوف جلسنا
نحن اليك وأخذنا عنك ، فما يمنعنا من الدخول عليك الا هؤلاء ، فلما نزلت
الاية قام النبي صلى الله عليه وآله فأصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله فقال :
الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من امتي ، معكم المحيا
ومعكم الممات .
" مع الذين يدعون " الخ أي يدامون على الصلوات والدعاء عند الصباح والمساء
لاشغل لهم غيره ، فيستفتحون يومهم بالدعاء ، ويختمونه بالدعاء " يريدون وجهه "
أي رضوانه وقيل : يريدون تعظيمه والقربة اليه دون الرئاء والسمعة ، " ولاتعد
عيناك عنهم " أي لا تتجاوز عيناك عنهم بالنظر إلى غيرهم من أبناء الدنيا " تريد
زينة الحيوة الدنيا " تريد في موضع الحال أي مريدا مجالسة أهل الشرف والغنا
وكان النبي صلى الله عليه وآله حريصا على إيمان العظماء من المشركين طمعا في إيمان
أتباعهم
ولم يمل إلى الدنيا وزينتها قط ولا إلى أهلها ، وإنما كان يلين في بعض الاحايين
للرؤساء طعما في إيمانهم ، فعوتب بهذه الاية ، وامر بالاقبال على فقراء المؤمنين
هوامش صفحة 2 ( 1 ) مجمع البيان ج 6 ص 465 .
( 2 ) ذكر سلمان والمؤلفة قلوبهم مما يوهن ذلك فان الايات مكية وسلمان والمؤلفة
قلوبهم
انما اسلموا بالمدينة والظاهر اختلاط أسامي الاصحاب على الرواة .
( 3 ) الصنان : بالضم دفر الابط وهو رائحة الابط المنتن ، وفي الدر المنثور بدل
الصنان
جبابهم ، وهو الاصح فان الجباب جمع جبة وهو ثوب مقطوع الكم طويل يلبس فوق الثياب
ولذلك يقول بعده " وكانت عليهم جباب الصوف " ولكن صحفت الكلمة في الاصل
والمصدر بجبات .
[ 3 ]
وأن لا يرفع بصره عنهم إلى مجالسة الاشراف .
" ولا تطع من أغفلنا عن ذكرنا " قيل : فيه أقوال : أحدها أن معناه ولا
تطع من جعلنا قلبه غافلا عن ذكرنا بتعريضه للغفلة ، ولهذا قال : " واتبع هواه "
ومثله " فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم " وثانيها : نسبنا قلبه إلى الغفلة كما يقال :
أكفره
إذا نسبه إلى الكفر ، وثالثها صادفناه غافلا ، ورابعها جعلناه غفلا لم نسمه بسمة
قلوب المؤمنين ، ولم نعلم فيه علامة لتعرفه الملائكة بتلك السمة ، وخامسها تركنا
قلبه وخذلناه ، وخلينا بينه وبين الشيطان بتركه أمرنا " واتبع هواه " أي في
شهواته وأفعاله " وكان أمره فرطا " أي سرفا وإفراطا وتجاوزا عن الحد أو
ضياعا وهلاكا .
وأقول : فيها مدح عظيم للفقراء ، وحث على مصاحبتهم ومجالستهم ، إذا
كانوا زاهدين في الدنيا ، مواظبين على ذكر الله والصلوات ، ومنع عن مجالسة الاغنياء
المتكبرين اللاهين عن الله .
قوله تعالى : " تبارك " ( 1 ) أي تقدس " الذي إن شاء جعل لك " أي في الدنيا
" خيرا من ذلك " أي مما قالوا " ويجعل لك قصورا " في الدنيا أو في الاخرة على
القراءتين
ومعلوم من السياق أن الاخرة خير من الدنيا ، واختارها الله لاحب خلقه .
" ولولا أن يكون الناس " ( 2 ) قد مر تفسيره مرارا .
قوله سبحانه : " فأما الانسان إذا ما ابتليه ربه " ( 3 ) أي اختبره وامتحنه
بالنعمة " فأكرمه " بالمال " ونعمه " بما وسع عليه من أنواع الافضال " فيقول ربي
اكرمن " أي فيفرح بذلك ويسر .
1 المؤمن : باسناده عن الاصبغ قال : كنت عند اميرالمؤمنين عليه السلام قاعدا
فجاء رجل فقال : يا اميرالمؤمنين والله إني لاحبك في الله ، فقال : صدقت إن
هوامش صفحة - 3 - ( 1 ) الفرقان : 10 .
( 2 ) الزخرف : 33 .
( 3 ) الفجر : 15 .
[ 4 ]
طينتنا مخزونة أخذ الله ميثاقها من صلب آدم عليه السلام فاتخذ للفقر جلبابا فاني
سمعت
رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : والله ياعلي إن الفقر لاسرع إلى محبيك من
السيل إلى
بطن الوادي ( 1 ) .
2 كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن أبان بن
عبدالملك قال : حدثني بكر الارقط ، عن أبي عبدالله عليه السلام أو عن شعيب ، عن
أبي عبدالله عليه السلام أنه دخل عليه واحد ، فقال له ، أصلحك الله إني رجل منقطع
إليكم بمودتي وقد أصابتني حاجة شديدة ، وقد تقربت بذلك إلى أهل بيتي
وقومي ، فلم يزدني بذلك منهم إلا بعدا قال : فما آتاك الله خير مما أخذ منك
قال : جعلت فداك ادع الله أن يغنيني عن خلقه ، قال : ان الله قسم رزق من شاء
على يدي من شاء ، ولكن اسأل الله أن يغنيك عن الحاجة التي تضطرك إلى لئام
خلقه ( 2 ) .
بيان : " أصلحك الله " مشتمل على سوء أدب الا أن يكون المراد إصلاح
أحوالهم في الدنيا ، وتمكينهم في الارض ودفع أعدائهم ، أو أنه جرى ذلك على
لسانهم لالفهم به ، فيما يجري بينهم من غير تحقيق لمعناه ، ومورده " إني رجل منقطع
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 4 سطر 15 إلى صفحه 12 سطر 2
إليكم " كأنه ضمن الانقطاع معنى التوجه أي منقطع عن الخلق متوجها إليكم
بسبب مودتي لكم أو مودتي مختصة بكم " وقد تقربت بذلك " الاشارة إما إلى
مصدر أصابتني أو إلى الحاجة والمستتر في قوله : " فلم يزدني " راجع إلى مصدر
تقربت ، ومرجع الاشارة ما تقدم ، وقوله : " إلا بعدا " استثناء مفرغ ، وهو
مفعول لم يزدني أي لم يزدني التقرب منهم بسبب فقري شيئا إلا بعدا منهم .
هوامش صفحة 4 ( 1 ) المؤمن مخطوط وروى الصدوق في المعاني ص 182 عن أحمد بن المبارك
قال : قال رجل لابي عبدالله عليه السلام : حديث يروي أن رجلا قال لاميرالمؤمنين
عليه السلام
اني احبك ، فقال له : أعد للفقر جلبابا فقال : ليس هكذا قال ، انما قال له : أعددت
لفاقتك جلبابا ، يعني يوم القيامة .
( 2 ) الكافي ج 2 ص 266 .
[ 5 ]
" فما آتاك الله " قيل : الفاء للتفريع على قوله : " إني رجل منقطع إليكم "
فقوله : " ما آتاك الله " المودة ، وقيل : هو الفقر والاول أظهر " مما أخذ منك "
أي المال " إلى لئام خلقه " اللئام جمع اللئيم ، وفي المصباح لؤم بضم الهمزة لؤما
فهو لئيم يقال ذلك للشحيح والدني النفس والمهين ونحوهم ، لان اللؤم ضد الكرم
ويومي الحديث إلى أن الفقر المذموم ما يصير سببا لذلك ، وغيره ممدوح وذمه
لان اللئيم لا يقضي حاجة أحد وربما يلومه في رفع الحاجة إليه ، وإذا قضاه لا
يخلو من منة ، ويمكن أن يشمل الظالم والفاسق المعلن بفسقه ، وفي كثير من
الادعية اللهم لا تجعل لظالم ولا فاسق على يدا ولا منة ، وذلك لان القلب مجبول
على حب من أحسن اليه ، وفي حب الظالم معاصي كثيرة كما قال تعالى : " ولا
تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار " ( 1 ) .
3 كا : عن العدة ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط ، عمن ذكره
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الفقر الموت الاحمر ، فقلت لابي عبدالله عليه
السلام : الفقر
من الدينار والدرهم ؟ فقال : لا ، ولكن من الدين ( 2 ) .
بيان : قال في النهاية ، وفيه : تعلمون ما في هذه الامة من الموت الاحمر
يعنى القتل لما فيه من حمرة الدم أو لشدته يقال : موت أحمر أي شديد ، ومنه
حديث علي عليه السلام : كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وآله (
3 ) أي إذا اشتدت
الحرب استقبلنا العدو به وجعلناه لنا وقاية ، وقيل : أراد إذا اضطرمت نار الحرب
وتسعرت كما يقال في الشر بين القوم اضطرمت نارهم تشبيها بجمرة النار ، وكثيرا ما
يطلقون الحمرة على الشدة .
" ولكن من الدين " نظيره قول أميرالمؤمنين عليه السلام : الفقر والغنى بعد
العرض على الله ( 4 ) والمعنى أنهما يظهران بعد الحساب وهو ما أشار إليه رسول الله
صلى الله عليه وآله
هوامش صفحة - 5 - ( 1 ) هود : 13 .
( 2 ) الكافي ج 2 ص 266 .
( 3 ) نهج البلاغة ج 2 ص 206 .
( 4 ) نهج البلاغة ج 2 ص 250 .
[ 6 ]
بقوله : أتدرون ما المفلس ؟ فقيل : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع له ، فقال :
المفلس من امتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم وقذف هذا
وأكل مال هذا وسفك دم هذا ، وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته ، وهذا من
حسناته ، فان فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه
ثم طرح في النار ، بل قد يقال : إن المفلس حقيقة هو هذا
ويحتمل أن يراد بقوله عليه السلام : " ولكن من الدين " الفقر القلبي وضده الغنى
القلبي فالفقير على هذا من ليس له في الدين معرفة وعلم بأحكامه ولا تقوى ولا ورع
وغيرها
من الصفات الحسنة كذا قيل ، وأقول يحتمل أن يكون المعنى الذي يضر بالدين
ولا يصبر عليه ويتوسل بالظالمين والفاسقين كما مر .
4 كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن سنان
عن العلا ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن فقراء المؤمنين
يتقلبون
في رياض الجنة قبل أغنيائهم باربعين خريفا ثم قال : سأضرب لك مثل ذلك إنما مثل ذلك
مثل سفينتين مر بهما على عاشر فنظر في إحداهما فلم ير فيها شيئا فقال : أسربوها ،
ونظر
في الاخرى فإذا هي موقرة فقال : احبسوها ( 1 ) .
بيان : في القاموس : تقلب في الامور تصرف كيف شاء ، وقال في النهاية :
فيه : فقراء امتي يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا : الخريف الزمان
المعروف من فصول السنة ما بين الصيف والشتاء ، ويريد به أربعين سنة لان
الخريف لا يكون في السنة إلا مرة واحدة ، فإذا انقضى أربعون خريفا فقد مضت
أربعون سنة انتهى .
وروى في معاني الاخبار ( 2 ) بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن عبدا
مكث في النار سبعين خريفا والخريف سبعون سنة إلى آخر الخبر ، وفسره صاحب
المعالم بأكثر من ذلك وفي بعض الروايات أنه ألف عام ، والعام ألف سنة ، وقيل :
هوامش صفحة - 6 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 260 .
( 2 ) معاني الاخبار ص 227 .
[ 7 ]
إن التفاوت بهذه المدة إذا كان الاغنياء من أهل الصلاح والسداد وأدوا الحقوق
الواجبة ، ولم يكتسبوا من وجه الحرام ، فيكون حبسهم بمجرد خروجهم من عهدة
الحساب والسؤال عن مكسب المال ومخرجه ، وإلا فهم على خطر عظيم .
" مر بهما " على بناء المجهول والباء للتعدية والظرف نائب الفاعل ، والعاشر
من يأخذ العشر على الطريق ، في المصباح : عشرت المال عشرا من باب قتل
وعشورا أخذت عشره ، واسم الفاعل عاشر وعشار " فقال : أسربوها " على بناء
الافعال أي أرسلوها وخلوها تذهب ، والسارب الذاهب على وجهه في الارض " فإذا
هي موقرة " بفتح القاف أو كسرها ، في القاموس : الوقر بالكسر : الحمل الثقيل
أو أعم وأوقر الدابة إيقارا وقرة ودابة وقرى : موقرة ، ورجل موقر ذو وقر
ونخلة موقرة وموقرة وموقر وموقرة .
" فقال احبسوها " بالامر من باب ضرب والتشبيه في غاية الحسن والكمال
والحديث يدل على أن الفقر أفضل من الغنى ، ومن الكفاف للصابر وما وقع
في بعض الروايات من استعاذتهم عليهم السلام من الفقر يمكن حمله على الاستعاذة
من الفقر الذي لا يكون معه صبر ، ولا ورع يحجزه عما لا يليق بأهل الدين أو
على فقر القلب أو على فقر الاخرة ، وقد صرح به بعض العلماء ودل عليه بعض
الروايات .
وللعامة في تفضيل الفقر على الغنى والكفاف أو العكس أربعة أقوال : ثالثها
الكفاف أفضل ورابعها الوقف ، ومعنى الكفاف ان لا يحتاج ولا يفضل ، ولا ريب
أن الفقر أسلم وأحسن بالنسبة إلى أكثر الناس ، والغنى أحسن بالنسبة إلى بعضهم
فينبغي أن يكون المؤمن راضيا بكل ما أعطاه الله وعلم صلاحه فيه وسؤال الفقر
لم يرد في الادعية بل ورد في أكثرها الاستعاذة عن الفقر الذي يشقى به ، وعن
الغنى الذي يصير سببا لطغيانه .
5 كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن سعدان قال : قال
[ 8 ]
أبوعبدالله عليه السلام : المصائب منح من الله ، والفقر مخزون عند الله ( 1 ) .
بيان : " منح من الله " المنح بكسر الميم وفتح النون جمع منحة بالكسر
وهي العطية ، في القاموس : منحة كمنعه وضربه أعطاه ، والاسم المنحة بالكسر
وأقول : الخبر يحتمل وجهين .
أحدهما أن ثواب المصائب منح وعطايا يبذلها الله في الدنيا ، وثواب الفقر
مخزون عند الله لا يعطيه إلا في الاخرة لعظمه وشرافته والدنيا لا يصلح أن يكون
عوضا عنه .
وثانيهما أن المصائب عطايا من الله عزوجل يعطيها من يشاء من عباده
والفقر من جملتها مخزون عنده ، عزيز لايعطيه إلا من خصه بمزيد العناية ، ولا
يعترض أحد بكثرة الفقراء ، وذلك لان الفقير هنا من لا يجد الا القوت من التعفف
ولا يوجد من هذه صفته في ألف ألف واحد .
أقول : أو المراد به الفقر الذي يصير سببا لشدة الافتقار إلى الله ، ولا يتوسل
معه إلى المخلوقين ، ويكون معه أعلا مراتب الرضا ، وفيه تنبيه على أنه ينبغي
أن يفرح صاحب المصيبة بها كما يفرح صاحب العطية بها .
6 كا : عن العدة ، عن البرقي رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : ياعلي إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه ، فمن سره
أعطاه الله
مثل أجر الصائم القائم ، ومن أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد
قتله ، أما إنه ماقتله بسيف ولا رمح ولكنه قتله بما نكى من قلبه ( 2 ) .
بيان : " فقد قتله " أي قتل المسؤل السائل ، والعكس كما زعم بعيد جدا
في المصباح نكأت القرحة انكأها مهموز بفتحتين قشرتها ونكيت في العدو نكأ
من باب نفع أيضا لغة في نكيت فيه أنكى من باب رمى والاسم النكاية بالكسر أذا
قتلت وأثخنت .
7 كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن محمد بن علي ، عن داود الحذاء ( هامش ص 8 ) ( 1 -
2 ) الكافى ج 2 ص 260 .
[ 9 ]
عن محمد بن صغير ، عن جده شعيب ، عن مفضل قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : كلما
ازداد العبد إيمانا ازداد ضيقا في معيشته .
وبإسناده قال : قال أبوعبدالله عليه السلام لولا الحاح المؤمنين على الله في طلب
الرزق
لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى حال أضيق منها ( 1 ) .
بيان : الازدياد هنا لازم بمعنى الزيادة " وإيمانا وضيقا " تميزان وفي المصباح
ازداد الشئ زاد وازددت مالا زدته لنفسي زيادة على ما كان ، ويؤيده ما نسب إلى
أميرالمؤمنين عليه السلام :
وكم من أديب عالم فطن * مستكمل العقل مقل عديم
وكم من جهول يكثر ماله * ذاك تقدير العزيز العليم
والسر ما مر من فوائد الابتلاء من المثوبات التي ليس لها انتهاء وأيضا
الاكثار موجب للتكبر والخيلاء ، واحتقار الفقراء ، والخشونة والقسوة والجفاء
والغفلة عن الله سبحانه ، بسبب اشتغالهم بحفظ أموالهم وتنميتها ، مع كثرة ما يجب
عليهم من الحقوق التي قل من يؤديها ، وبذلك يتعرضون لسخط الله تعالى والفقراء
مبرؤن من ذلك ، مع توسلهم بربهم وتضرعهم إليه وتوكلهم عليه ، وقربهم عنده
بذلك مع سائر الخلال الحميدة التي لا تنفك عن الفقر إذا صبر على الشدائد التي
هي من قواصم الظهر .
8 كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن بعض أصحابه رفعه قال : قال
أبوعبدالله عليه السلام : ما اعطى عبد من الدنيا إلا اعتبارا ، ولا زوي عنه إلا
اختبارا ( 2 ) .
بيان : " إلا اعتبارا " مفعول له ، وكذا " اختبارا " وكأن المعنى لا يعطيه
إلا ليعتبر به غيره ، فيعلم أنه لا خير فيه ، لما يظهر للناس من مفاسده الدنيوية
والاخروية أو ليعتبر بحال الفقراء ، فيشكر الله على الغنا ، ويعين الفقراء كما مر
في حديث آدم عليه السلام حيث سأل عن سبب اختلاف ذريته فقال تعالى في سياق جوابه :
وينظر الغني إلى الفقير فيحمدني ويشكرني وينظر الفقير إلى الغني فيدعوني ويسألني
هوامش صفحة - 9 - ( 1 2 ) الكافي ج 2 ص 261 .
[ 10 ]
لكن الاول في هذا المقام أنسب .
وقوله " إلا اختبارا " في بعض النسخ بالياء المثناة التحتانية أي لانه اختاره
وفضله وأكرمه بذلك ، وفي بعضها بالموحدة أي امتحانا فإذا صبر كان خيرا له
والابتلاء والاختبار في حقه تعالى مجاز باعتبار أن فعل ذلك مع عباده ليترتب
عليه الجزاء شبيه بفعل المختبر منا مع صاحبه والا فهو سبحانه عالم بما يصدر عن
العباد قبل صدوره عنهم و " زوي " على بناء المجهول ، في القاموس : زواه زيا وزويا
نحاه
فانزوى ، وسيره عنه : طواه والشئ جمعه وقبضه وأقول نائب الفاعل ضمير الدنيا
وقيل : هذا مخصوص بزمان دولة الباطل ، لئلا ينافي ما سيأتي من الاخبار في
كتاب المعيشة .
9 كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الاشعري ، عن بعض
مشايخه ، عن إدريس بن عبدالله ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال النبي صلى
الله عليه وآله : يا علي
الحاجة أمانة الله عند خلقه ، فمن كتمها على نفسه أعطاه الله ثواب من صلى ، ومن
كشفها إلى من يقدر أن يفرج عنه ولم يفعل فقد قتله ، أما إنه لم يقتله بسيف ولا
سنان ولا سهم ولكن قتله بما نكا من قلبه ( 1 ) .
بيان : من صلى أي في الليل كله أو واظب عليها .
10 كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن نوح بن شعيب وأبي إسحاق الخفاف
عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ليس لمصاص شيعتنا في دولة الباطل إلا
القوت
شرقوا إن شئتم أو غربوا لم ترزقوا إلا القوت ( 2 ) .
بيان : قال الجوهري : المصاص خالص كل شئ يقال : فلان مصاص قومه
إذا كان أخلصهم نسبا يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمؤنث ، وفي النهاية
ومنه الحديث : اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا أي بقدر ما يمسك الرمق من المطعم
وفي المصباح : القوت ما يؤكل ليمسك الرمق ، قاله ابن فارس والازهري انتهى
وقيل : هو البلغة يعني قدر ما يتبلغ به من العيش ويسمى ذلك أيضا كفافا لانه
هوامش صفحة 10 ( 1 2 ) الكافي ج 2 ص 261 .
[ 11 ]
قدر يكفه عن الناس ويغنيه عن سؤالهم ثم بالغ عليه السلام في أن نصيبهم القوت بقوله
شرقوا الخ وهو كناية عن الجد في الطلب والسير في أطراف الارض .
11 كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أحمد ، عن علي بن الحكم ، عن
سعدان قال : قال أبوعبدالله عليه السلام إن الله عزوجل يلتفت يوم القيامة إلى فقراء
المؤمنين شبيها بالمعتذر إليهم ، فيقول : وعزتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا من
هوان بكم علي ولترون ما أصنع بكم اليوم فمن زود أحدا منكم في دار الدنيا معروفا
فخذوا بيده فادخلوه الجنة ، قال : فيقول رجل منهم : يا رب أهل الدنيا
تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء ، ولبسوا الثياب اللينة ، وأكلوا الطعام ، وسكنوا
الدور ، وركبوا المشهور من الدواب ، فأعطني مثل ما أعطيتهم فيقول تبارك وتعالى
لك ولكل عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت إلى أن انقضت
الدنيا سبعون ضعفا ( 1 ) .
بيان : " ولترون " بسكون الواو وتخفيف النون أو بضم الواو وتشديد
النون المؤكدة " ما أصنع " ما موصولة أو استفهامية " فمن زود " على بناء التفعيل
أي أعطى الزاد للسفر ، كما ذكره الاكثر أو مطلقا فيشمل الحضر في المصباح
زاد المسافر : طعامه المتخذ لسفره وتزود لسفره وزودته أعطيته زادا ، ونحوه قال
الجوهري وغيره لكن قال الراغب : الزاد المدخر الزائد على ما يحتاج اليه في
الوقت " منكم " أي أحدا منكم كما في بعض النسخ ، وقيل : " من " هنا اسم بمعنى
البعض ، وقيل : معروفا صفة للمفعول المطلق المحذوف أي تزويدا معروفا وفي
النهاية التنافس من المنافسة وهي الرغبة في الشئ والانفراد به وهو من الشئ
النفيس الجيد في نوعه ونافست في الشئ منافسة ونفاسا إذا رغبت فيه ، ونفس بالضم
نفاسة أي صار مرغوبا فيه ونفست به بالكسر أي بخلت ونفست عليه الشئ نفاسة إذا
لم تره له أهلا .
والمشهور من الدواب التي اشتهرت بالنفاسة والحسن ، في القاموس المشهور
هوامش صفحة 11 ( 1 ) الكافي ج 2 ص 261 .
[ 12 ]
المعروف المكان المذكور والنبيه وفي النهاية فيه : الضعف في المعاد أي مثلي الاجر
يقال
إن أعطيتني درهما فلك ضعفه أي درهمان ، وربما قالوا تلك ضعفاه ، وقيل : ضعف
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 12 سطر 3 إلى صفحه 20 سطر 3
الشئ مثله ، وضعفاه مثلاه وقال الازهري : الضعف في كلام العرب المثل فما زاد
وليس بمقصور على مثلين فاقل الضعف محصور في الواحد وأكثره غير محصور .
12 كا : عن العدة ، عن سهل ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن إسماعيل بن
سهل وإسماعيل بن عباد جميعا ، يرفعانه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : ما كان من
ولد
آدم مؤمن إلا فقيرا ولا كافر إلا غنيا حتى جاء إبراهيم عليه السلام فقال : " ربنا
لا
تجعلنا فتنة للذين كفروا " ( 1 ) فصير الله في هؤلاء أموالا وحاجة وفي هؤلاء
أموالا وحاجة ( 2 ) .
بيان : " ربنا لا تجعلنا " أقول هذا تتمة قول إبراهيم حيث قال في سورة
الممتحنة " قد كان لكم اسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا
براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء
أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لابيه لاستغفرن لك وما أملك لك
من الله من شئ ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير * ربنا لا تجعلنا
فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم " .
قال في مجمع البيان : معناه لا تعذبنا بأيديهم ولا ببلاء من عندك ، فيقولوا
لو كان هؤلاء على حق لما أصابهم هذا البلاء ، وقيل : معناه لا تسلطهم علينا
فيفتنونا
عن دينك ، وقيل : معناه الطف لنا حتى نصبر على أذاهم ولا نتبعهم فنصير فتنة
لهم ، وقيل : معناه اعصمنا من موالاة الكفار فانا إذا واليناهم ظنوا أنا صوبناهم
وقيل : معناه لاتخذلنا إذا حاربناهم ، فلو خذلتنا لقالوا لو كان هؤلاء على الحق
لما خذلوا ، انتهى ( 3 ) .
هوامش صفحة - 12 - ( 1 ) الممتحنة : 5 .
( 2 ) الكافي ج 2 ص 262 .
( 3 ) مجمع البيان ج 9 ص 271 .
[ 13 ]
وأقول : المعنى المستفاد من الخبر قريب من المعنى الاول لان الفقر أيضا
بلاء يصير سببا لافتتان الكفار إما بأن يقولوا لو كان هؤلاء على الحق لما ابتلوا
بعموم الفقر فيهم ، أو بأن يفروا من الاسلام خوفا من الفقر في هؤلاء .
" أموالا وحاجة " أي صار بعضهم ذوي مال وبعضهم محتاجين مفتاقين ، ولا
ينافي هذا كون الاموال في الكفار أو غير الخلص من المؤمنين أكثر ، والفاقة في
خلص المؤمنين أو كلهم أكثر وأشد .
13 كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عمن ذكره
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : جاء رجل موسر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله
نقي الثوب فجلس
إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء رجل معسر درن الثوب فجلس إلى جنب الموسر
فقبض
الموسر ثيابه من تحت فخذيه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله : أخفت أن يمسك
من فقره
شئ ؟ قال : لا ، قال : فخفت أن يصيبه من غناك شئ ؟ قال : لا ، قال : فخفت
أن يوسخ ثيابك ؟ قال : لا ؟ قال : فما حملك على ما صنعت ؟ فقال : يا رسول الله
إن لي قرينا يزين لي كل قبيح ويقبح لي كل حسن ، وقد جعلت له نصف
مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للمعسر : أتقبل ؟ قال : لا ، فقال له
الرجل : لم ؟ قال :
أخاف أن يدخلني ما دخلك ( 1 ) .
بيان : " فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله " قال الشيخ البهائي قدس سره :
" إلى " إما بمعنى " مع " كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى : " من أنصاري
إلى الله " ( 2 ) أو بمعنى عندكما في قول الشاعر : * أشهى إلي من الرحيق السلسل *
ويجوز أن يضمن جلس معنى توجه أو نحوه " درن الثوب " بفتح الدال وكسر الراء
صفة مشبهة من الدرن بفتحهما ، وهو الوسخ ، وأقول : في المصباح درن الثوب درنا
فهو درن ، مثل وسخ وسخا فهو وسخ وزنا ومعنى .
" فقبض الوسر ثيابه " قيل : أي أطراف ثوبه " من تحت فخذيه " كأن الظاهر
هوامش صفحة - 13 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 262 .
( 2 ) الصف : 14 .
[ 14 ]
إرجاع ضمير فخذيه إلى المعسر ، ولو كان راجعا إلى الموسر لما كان لجمع الطرف
الاخر وجه إلا أن يكون لموافقة الطرف الاخر وفيه تكلفات اخر .
وقال الشيخ المتقدم رحمه الله : ضمير " فخذيه " يعود إلى الموسر أي جمع
الموسر ثيابه وضمها تحت فخذي نفسه لئلا تلاصق ثياب المعسر ، ويحتمل عوده
إلى المعسر ، و " من " على الاول إما بمعنى " في " أو زائدة على القول بجواز
زيادتها في الاثبات ، وعلى الثاني لابتداء الغاية ، والعود إلى الموسر أولى كما
يرشد
إليه قوله عليه السلام " فخفت أن يوسخ ثيابك " لان قوله عليه السلام : فخفت أن يوسخ
ثيابك الغرض منه مجرد التقريع للموسر كما هو الغرض من التقريعين السابقين
أعني قوله : " خفت أن يمسك من فقره شئ " " خفت أن يصيبه من غناك شئ "
وهذه التفريعات الثلاث منخرطة في سلك واحد ، ولو كان ثياب الموسر تحت فخذي
المعسر ، لا يمكن أن يكون قبضها من تحت فخذيه خوفا من أن يوسخها .
أقول : ما ذكره قدس سره وان كان التقريع فيه أظهر وبالاولين أنسب
لكن لا يصير هذا مجوزا لارتكاب بعض التكلفات إذ يمكن أن يكون التقريع لان
سراية الوسخ في الملاصقة في المدة القليلة نادرة أو لان هذه مفسدة قليلة لا يحسن
لاجلها ارتكاب إيذاء مؤمن .
" إن لي قرينا يزين لي كل قبيح " قال رحمه الله : أي إن لي شيطانا
يغويني ويجعل القبيح حسنا والحسن قبيحا ، وهذا الفعل الشنيع الذي صدر مني
من جملة إغوائه لي .
أقول : ويمكن أيضا أن يراد بالقرين النفس الامارة التي طغت وبغت
بالمال ، أو المال أو الاعم كما قال تعالى : " إن الانسان ليطغى * أن رآه
استغنى " ( 1 ) وقال في النهاية ومنه الحديث ما من أحد إلا وكل به قرينه أي
مصاحبه من الملائكة أو الشياطين ، وكل إنسان فان معه قرينا منهما فقرينه من
الملائكة يأمره بالخير ويحثه عليه ، وقرينه من الشياطين يأمره بالشر ويحثه عليه .
هوامش صفحة - 14 - ( 1 ) العلق : 6 7 .
[ 15 ]
" وجعلت له نصف مالي " أي في مقابلة ما صدر مني إليه من كسر قلبه وزجرا
للنفس عن العود إلى مثل هذه الزلة " قال أخاف أن يدخلني ما دخلك " أي مما
ذكرت أو من الكبر والغرور والترفع على الناس واحتقارهم وسائر الاخلاق
الذميمة التي هي من لوازم التمول والغنى .
14 كا : عن علي بن إبراهيم ، عن علي بن محمد القاساني ، عن القاسم بن
محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال
في مناجاة موسى عليه السلام : يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار
الصالحين
وإذا رأيت الغنا مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته ( 1 ) .
بيان : الشعار بالكسر ما ولي الجسد من الثياب لانه يلى شعره ، ويستعار
للصفات المختصة ، وفي حديث الانصار : أنتم الشعار دون الدثار ، والشعار أيضا
علامة يتعارفون بها في الحرب ، والفقر من خصائص الصالحين ، ومرحبا أي لقيت
رحبا وسعة ، وقيل : معناه رحب الله بك مرحبا ، والقول كناية عن غاية الرضا
والتسليم .
" ذنب عجلت عقوبته " أي أذنبت ذنبا صار سببا لان أخرجني الله من أوليائه
واتصفت بصفات أعدائه أو ابتلاني بالمشقة التي ابتلا بها أصحاب الاموال كما قال
تعالى : " إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحيوة الدنيا " ( 2 ) وما قيل من أن
الذنب
من الغنا فهو بعيد جدا .
15 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن
أبي عبدالله عليه السلام ، قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : طوبى للمساكين
بالصبر ، وهم الذين
يرون ملكوت السماوات والارض ( 3 ) .
هوامش صفحة - 15 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 263 .
( 2 ) براءة : 55 .
( 3 ) الكافي ص 263 .
[ 16 ]
بيان : قد مر تفسير طوبى ( 1 ) وقوله : " بالصبر " إما للسببية أي طوبى
لهم بسبب الصبر أو للملابسة فيكون حالا عن المساكين ، ولا يبعد أن يقرء المساكين
بالتشديد للمبالغة أي المتمسكين كثيرا بالصبر .
ورؤية ملكوت السماوات والارض للكمل منهم ، وهم الانبياء والاوصياء
ومن يقرب منهم من الاولياء ، ويمكن أن يكون لرؤية ملكوت السماوات والارض
مراتب يحصل لكل منهم مرتبة يليق بهم ، فمنهم من يتفكر في خلق السماوات والارض ونظام
العالم ، فيعلم بذلك قدرته تعالى وحكمته ، وأنه لم يخلقها عبثا بل خلقها لامر
عظيم ، وهو عبادة الله سبحانه ومعرفته ، كما قال تعالى : " يتفكرون في خلق
السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا " ( 2 ) .
ومنهم من يتفكر في أن خالق السماوات والارض لا يكون عاجزا ولا
بخيلا فلم يفقرهم ويحوجهم الا لمصلحة عظيمة فيصبر على بلاء الله ويرضى بقضائه
هوامش صفحة - 16 - ( 1 ) روى الصدوق في المعاني ص 112 باسناده عن أبي بصير قال :
قال الصادق
عليه السلام : طوبى لمن تمسك بامرنا في غيبة قائمنا فلم يزغ قلبه بعد الهداية ،
فقلت له
جعلت فداك وما طوبى ؟ قال : شجرة في الجنة أصلها في دار علي بن أبي طالب عليه
السلام
وليس مؤمن إلا وفي داره غصن من أغصانها ، وذلك قول الله عزوجل " طوبى لهم وحسن
مآب " .
وروى العياشي في تفسيره ج 2 ص 213 عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام
في حديث : وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول الله فليس من مؤمن الا وفي داره
غصن من أغصانها لا ينوي في قلبه شيئا إلا آتاه ذلك الغصن ، ولو أن راكبا مجدا سار
في
ظلها مائة عام ما خرج منها ولو أن غرابا طار من أصلها ما بلغ أعلاها حتى يبياض هرما
.
وقال الشرتوني في الاقرب : الطوبى مصدر بمعنى الطيب أصله طيبي بضم الطاء
قلبت الياء واوا لسكونها بعد ضمه وجمع الطيبة ، هو من نوادر الجموع ، وتأنيث الاطيب
والغبطة والسعادة والحسنى والخير والخيرة وشجرة في الجنة أو الجنة بالهندية ، ويقال
لها طيبي بكسر الطاء أيضا .
( هامش ص 16 ) ( 2 ) آل عمران : 191 .
[ 17 ]
وكأن تفسير المساكين هنا بالانبياء والاوصياء عليهم السلام أظهر ، وقد ورد في بعض
الاخبار تفسيره بهم عليهم السلام فان المسكنة والخضوع والخشوع ، والتوسل بجناب الحق
سبحانه ، والاعراض عن غيره ، قال في النهاية : قد تكرر في الحديث ذكر المسكين
والمساكين والمسكنة والتمسكن وكلها يدور معناها على الخضوع والذلة وقلة المال
والحال السيئة ، واستكان إذا خضع ، والمسكنة فقر النفس وتمسكن إذا تشبه
بالمساكين ، وهو جمع المسكين ، وهو الذي لا شئ له ، وقيل : هو الذي له بعض
الشئ ، وقد تقع المسكنة على الضعف ، ومنه حديث قيلة صدقت المسكنة أراد الضعف
ولم يرد الفقر وفيه : اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة
المساكين : أراد به التواضع والاخبات وأن لا يكون من الجبارين المتكبرين
وفيه أنه قال للمصلي تبأس وتمسكن أي تذل وتخضع ، وهو تمفعل من السكون .
16 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا معشر
المساكين طيبوا نفسا ، وأعطوا
الله الرضا من قلوبكم ، يثبكم الله عزوجل على فقركم : فان لم تفعلوا فلا ثواب
لكم ( 1 ) .
بيان : " نفسا " تميز ، ويدل على أن الثواب إنما هو على الرضا بالفقر
لا على أصل الفقر ، وحمل على اصول المتكلمين وهي أن الثواب هو الجزاء الدائم
في الاخرة ، وهو لا يكون إلا على الفعل الاختياري ، وأما ما يعطيه الله على الالام
التي يوردها على العبد في الدنيا بغير اختياره ، فانما هو الجزاء المنقطع في
الدنيا أو في الاخرة أيضا ، على قول بعضهم ، حيث جوزوا أن يكون انقطاعها على
وجه لا يشعر به ، فلا يصير سببا لالمه ، ومنهم من جوز كون العوض دائما
في الاخرة .
قال العلامة قدس الله روحه في الباب الحادي عشر : السادسة في أنه تعالى
يجب عليه فعل عوض الالام الصادرة عنه ، ومعنى العوض هو النفع المستحق الخالي
هوامش صفحة - 17 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 263 .
[ 18 ]
عن التعظيم والاجلال ، وإلا لكان ظالما تعالى الله عن ذلك ، ويجب زيادته على
الالام ، والا لكان عبثا .
وقال بعض الافاضل في شرحه : الالم الحاصل للحيوان إما أن يعلم فيه
وجه من وجوه القبح ، فذلك يصدر عنا خاصة ، أو لا يعلم فيه ذلك فيكون حسنا وقد
ذكر لحسن الالم وجوه : الاول كونه مستحقا ، الثاني كونه مشتملا على النفع
الزائد ، الثالث كونه مشتملا على دفع الضرر الزائد عنه ، الرابع كونه بمجرى
العادة ، الخامس ، كونه متصلا على وجه الدفع ، وذلك الحسن قد يكون صادرا
عنه تعالى وقد يكون صادرا عنا .
فأما ما كان صادرا عنه تعالى على وجه النفع فيجب فيه أمران : أحدهما
العوض ، وإلا لكان ظالما تعالى الله عنه ، ويجب أن يكون زائدا على الالم إلى حد
يرضى عنه كل عاقل لانه يقبح في الشاهد إيلام شخص لتعويضه ألمه من غير زيادة
لاشتماله على العبث ، وثانيهما اشتماله على اللطف إما للمتألم أو لغيره ليخرج عن
العبث فاما ما كان صادرا عنا مما فيه وجه من وجوه القبح ، فيجب عليه تعالى
الانتصاف للمتألم من المؤلم لعدله ، ولدلالة الادلة السمعية عليه ويكون العوض
هنا مساويا للالم ، وإلا لكان ظلما .
وهنا فوائد : الاول العوض هو النفع المستحق الخالي عن تعظيم واجلال
فبقيد المستحق خرج التفضل ، وبقيد الخلو عن تعظيم خرج الثواب .
الثاني لا يجب دوام العوض لانه يحسن في الشاهد ركوب الاهوال العظيمة
لنفع منقطع قليل .
الثالث العوض لا يجب حصوله في الدنيا لجواز أن يعلم الله تعالى المصلحة
في تأخره ، بل قد يكون حاصلا في الدنيا ، وقد لا يكون .
الرابع الذي يصل اليه عوض ألمه في الاخرة إما أن يكون من أهل الثواب
أو من أهل العقاب ؟ فإن كان من أهل الثواب فكيفية إيصال أعواضه إليه بأن
[ 19 ]
يفرقها الله على الاوقات أو يتفضل الله عليه بمثلها ، وإن كان من أهل العقاب
أسقط بها جزءا من عقابه ، بحيث لا يظهر له التخفيف بأن يفرق القدر على
الاوقات .
الخامس الالم الصادر عنا بأمره أو إباحته والصادر عن غير العاقل كالعجماوات
وكذا ما يصدر عنه تعالى من تفويت المنفعة لمصلحة الغير وإنزال الغموم الحاصلة
من غير فعل العبد عوض ذلك كله على الله تعالى لعدله وكرمه .
وأقول : كون أعواض الالام الغير الاختيارية منقطعة مما لم يدل عليه
برهان قاطع ، وبعض الروايات تدل على خلافه كالروايات الدالة على أن حمى
ليلة تعدل عبادة سنة ، وأن من مات له ولد يدخله الله الجنة صبر أم لم يصبر
جزع أم لم يجزع ، وإن من سلب الله كريمته وجبت له الجنة ، وأمثال ذلك
كثيرة ، وإن أمكن تأويل بعضها مع الحاجة إليه .
وقيل : للفقير ثلاثة أحوال : أحدها الرضا بالفقر ، والفرح به ، وهو شأن
الاصفياء ، وثانيها الرضابه دون الفرح وله أيضا ثواب دون الاول ، وثالثها
عدم الرضا به والكراهة في القسمة ، وهذا مما لا ثواب له أصلا .
وهو كلام على التشهي لكن روي السيد الرضي رضي الله عنه في نهج البلاغة
أنه قال أمير المؤمنين عليه السلام لبعض أصحابه في علة اعتلها : جعل الله ما كان من
شكواك
حطا لسيئاتك ، فان المرض لا أجر فيه ولكنه يحط السيئات ويحتها حت الاوراق
وإنما الاجر في القول باللسان ، والعمل بالايدي والاقدام ، وإن الله سبحانه
يدخل بصدق النية والسريرة الصالحة من يشاء من عباده الجنة ( 1 ) .
ثم قال السيد رحمه الله : وأقول : صدق عليه السلام إن المرض لا أجر فيه لانه
من قبيل ما يستحق عليه العوض ، لان العوض يستحق على ما كان في مقابلة
فعل الله تعالى بالعبد من الالام والامراض ، وما يجري مجرى ذلك ، والاجر
والثواب يستحقان على ما كان في مقابلة فعل العبد فبينهما فرق قد بينه عليه السلام
كما
هوامش صفحة - 19 - ( 1 ) نهج البلاغة ج 2 ص 153 .
[ 20 ]
يقضيه علمه الثاقب ، ورأيه الصائب ، انتهى .
وقوله عليه السلام : اعتلها أي اعتل بها ، والشكوى المرض ، والحط الوضع
والحدر من علو إلى سفل ، وحت الورق كمد سقطت فانحتت وتحاتت ، وحت
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 20 سطر 4 إلى صفحه 28 سطر 4
فلان الشئ أي حطه يتعدى ولا يتعدى والسريرة ما يكتم كالسر ولو كانت
الرواية صحيحة يؤيد مذهب القوم في الجملة .
وقال قطب الدين الراوندي في شرحه على النهج : قول السيد : إن
المرض لا أجر له ليس ذلك على الاطلاق ، وذلك لان المريض إذا احتمل
المشقة التي حملها الله عليه ، احتسابا كان له أجر الثواب على ذلك ، والعوض
على المرض ، فعلى فعل العبد إذا كان مشروعا الثواب ، وعلى فعل الله إذا كان ألما
على سبيل الاختيار العوض .
وقال ابن أبي الحديد ( 1 ) ينبغي أن يحمل كلام أميرالمؤمنين عليه السلام في هذا
الفصل على تأويل يطابق ما يدل عليه العقول وأن لا يحمل على ظاهره ، وذلك
لان المرض إذا استحق عليه الانسان العوض لم يجز أن يقال العوض يحط السيئات
بنفسه لا على قول أصحابنا ، ولا على قول الامامية .
أما الامامية فانهم مرجئة لا يذهبون إلى التحابط ، وأما أصحابنا فانهم لا
تحابط عندهم إلا في الثواب والعقاب ، فأما العقاب والعوض فلا تحابط بينهما لان
التحابط بين الثواب والعقاب إنما كان باعتبار التنافي بينهما ، من حيث كان أحدهما
يتضمن الاجلال والاعظام ، والاخر يتضمن الاستخفاف والاهانة ، ومحال أن يكون
الانسان الواحد مهانا معظما في حال واحد ، ولما كان العوض لا يتضمن إجلالا
وإعظاما ، وإنما هو نفع خالص فقط ، لم يكن منافيا للعقاب ، وجاز أن يجتمع
للانسان الواحد في الوقت الواحد كونه مستحقا للعقاب والعوض إما بأن يوفر العوض
عليه في الدار الدنيا ، وإما بأن يخفف عنه بعض عقابه ، ويجعل ذلك بدلا من العوض
الذي كان سبيله أن يوصل إليه .
هوامش صفحة - 20 - ( 1 ) شرح النهج الحديدي ج 4 ص 262 .
[ 21 ]
وإذا ثبت ذلك وجب أن يحمل كلام أمير المؤمنين عليه السلام على تأويل صحيح
وهو الذي أراده عليه السلام لانه كان أعرف الناس بهذه المعاني ، ومنه تعلم
المتكلمون
علم الكلام ، وهو أن المرض والالم يحط الله تعالى عن الانسان المبتلي به
ما يستحقه من العقاب على معاصيه السالفة تفضلا منه سبحانه ، فلما كان إسقاطه
للعقاب متعقبا للمرض وواقعا بعده بلا فصل جاز أن يطلق اللفظ بأن المرض يحط
السيئات ويحتها حت الورق ، كما جاز أن يطلق اللفظ بأن الجماع يحبل المرأة
وبأن سقي البذر الماء ينبته وإن كان الولد والزرع عند المتكلمين واقعا من الله
تعالى
على سبيل الاختيار لا على سبيل الايجاب ، ولكنه أجرى العادة بأن يفعل ذلك
عقيب الجماع وعقيب سقي البذر الماء .
فان قلت : يجوز أن يقال : إن الله تعالى يمرض الانسان المستحق للعقاب
ويكون إنما أمرضه ليسقط عنه العقاب لا غير ؟
قلت : لا ، لانه قادر على أن يسقط عنه العقاب ابتداء ، ولا يجوز إنزال
الالم الا حيث لا يمكن اقتناص العوض المجزي به إليه ، إلا بطريق الالم
وإلا كان فعل الالم عبثا ألا ترى أنه لا يجوز أن يستحق زيد على عمرو ألف درهم
فيضربه ويقول : إنما أضربه لاجعل ما يناله من الم الضرب مسقطا لما أستحقه
من الدراهم عليه ، ويذمه العقلاء ويسفهونه ويقولون له فهلا وهبتها له وأسقطتها عنه
من غير حاجة إلى أن تضربه ؟ وأيضا فان الالام قد تنزل بالانبياء وليسوا ذوي
ذنوب ومعاص ليقال إنه يحطها عنهم .
فأما قوله عليه السلام : " وإنما الاجر في القول " إلى آخر الفصل فانه عليه السلام
قسم أسباب الثواب أقساما ، فقال : لما كان المرض لا يقتضي الثواب لانه ليس
من فعل المكلف ، إنما يستحق المكلف الثواب على ما كان من فعله ، وجب أن
نبين ما الذي يستحق به المكلف الثواب .
الذي يستحق المكلف به ذلك أن يفعل فعلا إما من أفعال الجوارح ، وإما
من أفعال القلوب ، فأفعال الجوارح إما قول باللسان أو عمل ببعض الجوارح وعبر
[ 22 ]
عن سائر الجوارح عدا اللسان بالايدي والاقدام ، لان أكثر ما يفعل بها ، وإن
كان قد يفعل بغيرها ، نحو مجامعة الرجل زوجته إذا قصد به تحصينها وتحصينه عن الزنا
ونحو أن ينحي حجرا ثقيلا برأسه عن صدر إنسان قد كاد يقتله ، وغير ذلك .
وأما أفعال القلوب فهي العزوم والارادات والنظر والعلوم والظنون والندم
فعبر عليه السلام عن جميع ذلك بصدق النية والسريرة الصالحة ، واكتفى بذلك عن
تعديد هذه الاجناس .
فان قلت : فان الانسان قد يستحق الثواب على أن لا يفعل القبيح ، وهذا
يخرم الحصر الذي حصره أميرالمؤمنين عليه السلام .
قلت : يجوز أن يكون يذهب مذهب أبي علي في أن القادر بقدره لا يخلو
عن الفعل والترك ، انتهى .
قال ابن ميثم ( 1 ) قدس سره : دعا عليه السلام لصاحبه بما هو ممكن وهو حط
السيئات بسبب المرض ، ولم يدع له بالاجر عليه معلالا ذلك بقوله " فان المرض
لا أجر فيه " والسر فيه أن الاجر والثواب إنما يستحق بالافعال المعدة له
كما اشار اليه بقوله : " وإنما الاجر في القول إلى قوله بالاقدام " وكنى
بالاقدام عن القيام بالعبادة ، وكذلك مايكون كالفعل من عدمات الملكات كالصوم
ونحوه ، فأما المرض فليس هو بفعل العبد ، ولا عدم فعل من شأنه أن يفعله .
فأما حطه للسيئات فباعتبار أمرين : أحدهما أن المريض تنكسر شهوته
وغضبه اللذين هما مبدء الذنوب والمعاصي ومادتهما ، الثاني أن من شأن المرض
أن يرجع الانسان فيه إلى ربه بالتوبة والندم على المعصية والعزم على ترك مثلها ،
كما
قال تعالى : " وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما " الآية ( 2 ) .
فما كان من السيئات حالات غير متمكنة من جوهر النفس فانه يسرع زوالها
منها ، وما صار ملكة فربما يزول على طول المرض ودوام الانابة إلى الله تعالى
هوامش صفحة - 22 - ( 1 ) شرح النهج لابن ميثم ص 584 .
( 2 ) يونس : 12 .
[ 23 ]
واستعار لزوالها لفظ الحت وشبهه في قوة الزوال والمفارقة بحت الاوراق .
ثم نبه عليه السلام بقوله : " وإن الله " إلى آخره على أن العبد إذا احتسب
المشقة في مرضه لله بصدق نيته مع صلاح سريرته ، فقد يكون ذلك معدا لافاضة
الاجر والثواب عليه ، ودخوله الجنة ، ويدخل ذلك في أعدام الملكات المقرونة بنية
القربة إلى الله ، وكلام السيد رحمه الله مقتضى مذهب المعتزلة . انتهى .
وقال الكيدري نور الله ضريحه : المرض لا أجر فيه للمريض بمجرد
الالم بل فيه العوض وإذا احتمل المريض ما حمل احتسابا اثيب على ذلك . انتهى .
وأقول : إذا اطلعت على ما ذكره المخالف والمؤالف في هذا الباب فاعلم
أنهم جروا في ذلك على ما نسجوه من قواعدهم الكلامية نسج العنكبوت ولا طائل
في الخوض فيها ، لكن لا بد من الخوض في الايات والاخبار الواردة في ذلك
والجمع بينهما .
والذي يظهر منها أن الله تعالى بلطفه ورحمته يبتليى المؤمنين في الدنيا
بأنواع البلايا على قدر إيمانهم ، وسبب ذلك إما إصلاح نفوسهم ، وردعها عن الشهوات
أو تعويضهم بالصبر عليها لاجزل المثوبات ، أو لحط ما صدر عنهم من السيئات إذا
علم أن صلاحهم في العفو بعد الابتلاء ، ليكون رادعا لهم عن ارتكاب مثلها ومع
ذلك يعوضهم أو يثيبهم بأنواع الاعواض والمثوبات .
ولو صح قولهم : إن العوض لا يكون دائما ، يمكن أن يقال : دخولهم الجنة
وتنعمهم بنعيمه الدائم إنما هو بالايمان والاعمال الصالحة ، لكن لما كانت معاصيهم
حائلة بينهم وبين دخولهم الجنة ابتداء ، قد يبتليهم في الدنيا ليطهرهم من لوثها
وقد يؤخرهم إلى سكرات الموت أو عذاب البرزخ أو في القيامة ليدخلوا الجنة
مطهرين من لوث المعاصي ، وكل ذلك بحسب ما علم من صلاحهم في ذلك .
ثم إن جميع ذلك في غير الانبياء والاوصياء والاولياء عليهم السلام وأما فيهم عليهم
السلام
فليس إلا لرفع الدرجات ، وتكثير المثوبات ، كما عرفت مما سبق من الروايات
[ 24 ]
فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ، ولا تصغ إلى شبهات المضلين ، وقد سبق منا
بعض القول فيه .
17 كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن عيسى
الفراء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة أمر
الله تبارك
وتعالى مناديا ينادي بين يديه : أين الفقراء ؟ فيقوم عنق من الناس كثير فيقول :
عبادي ! فيقولون : لبيك ربنا ، فيقول : إني لم افقركم لهوان بكم على ولكن إنما
اخترتكم لمثل هذا اليوم ، تصفحوا وجوه الناسن فمن صنع اليكم معروفا لم يصنعه
إلا في فكافوه عني بالجنة ( 1 ) .
بيان : كان تحتمل التامة والناقصة ، كما مر " بين يديه " أي قدام عرشه
وقيل : أي يصل نداؤه إلى كل أحد كما أنه حاضر عند كل أحد وفي النهاية فيه يخرج
عنق من النار أي طائفة ، وقال : عنق من الناس أي جماعة " لهوان بكم علي "
أي لمذلة وهوان على كان بكم " ولكن إنما اخترتكم " أي اصطفيتكم " لمثل هذا
اليوم " أي لهذا اليوم فكلمة " مثل " زائدة نحو قولهم مثلك لا يبخل أو لهذا اليوم
ومثله
لاثيبكم قال في المصباح المثل يستعمل على ثلاثة أوجه : بمعنى التشبيه ، وبمعنى نفس
الشئ
وزائدة ، وقال : صفحت الكتاب قلبت صفحاته ، وهي وجوه الاوراق وتصفحته كذلك
وصفحت القوم صفحا رأيت صفحات وجوههم " لم يصنعه إلا في " الجملة جزاء
الشرط أو صفة لقوله " معروفا " أي معروفا يكون خالصا والاول أظهر ، ويومئ
إليه قوله : " فكافوه عني " .
18 كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن إبراهيم
الحذاء ، عن محمد بن صغير ، عن جده شعيب ، عن المفضل قال : قال أبوعبدالله عليه
السلام :
لولا إلحاح هذه الشيعة على الله في طلب الرزق ، لنقلهم من الحال التي هم فيها إلى
ما هو أضيق ( 2 ) .
بيان : " هذه الشيعة " أي الامامية ، فان الشيعة أعم منهم ، أو إشارة
هوامش صفحة - 24 - ( 1 2 ) الكافي ج 2 ص 263 .
[ 25 ]
إلى غير الخلص منهم ، فانهم لا يلحون ، وكأن الاشارة على الاول لبيان
الاختصاص ، وعلى الثاني للتحقير .
19 كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن ابن فضال
عن محمد بن الحسين بن كثير الخزاز ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال لي : أما
تدخل
السوق ؟ أما ترى الفاكهة تباع والشئ مما تشتهيه ؟ فقلت : بلى ، فقال : أما إن
لك بكل ما تراه فلا تقدر على شراه حسنة ( 1 ) .
بيان : " والشئ مما تشتهيه " أي من غير الفاكهة أعم من المأكول والملبوس
وغيرهما ، والظاهر من الحسنة المثوبة الاخروية ، وحمل على العوض أو على أن
الحسنة للصبر والرضا بالقضاء على الاصل المتقدم .
20 كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان
عن علي بن عثمان ، عن مفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله جل
ثناؤه ليعتذر إلى عبده المؤمن المحوج في الدنيا كما يعتذر الاخ إلى أخيه ، فيقول :
وعزتي وجلالي ما أحوجتك في الدنيا من هوان كان بك علي فارفع هذا السجف
فانظر إلى ما عوضتك من الدنيا قال : فيرفع فيقول : ما ضرني ما منعتني مع ما
عوضتني ( 2 ) .
بيان : " ليعتذر " كأنه مجاز كما يومئ إليه ما مر في التاسع ( 3 ) " شبيها
بالمعتذر " والمحوج يحتمل كسر الواو وفتحها ، في المصباح : أحوج وزان أكرم
من الحاجة ، ويستعمل أيضا متعديا يقال : أحوجه الله إلى كذا ، وفي القاموس
السجف ويكسر وككتاب الستر " ما ضرني " ما نافية " ما منعتني " ما مصدرية
" مع ما عوضتني " ما موصولة ، وتحتمل المصدرية أيضا .
21 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة قام عنق من الناس حتى يأتوا باب
الجنة
هوامش صفحة - 25 - ( 1 2 ) الكافي ج 2 ص 264 .
( 3 ) يعني الخبر التاسع في كتاب الكافي وقد مر تحت الرقم 11 .
[ 26 ]
فيضربوا باب الجنة فيقال لهم : من أنتم ؟ فيقولون : نحن الفقراء ، فيقال لهم : أقبل
الحساب ؟ فيقولون : ما أعطيتمونا شيئا تحاسبونا عليه ، فيقول الله عزوجل : صدقوا
ادخلوا الجنة ( 1 ) .
بيان : " أقبل الحساب " أي أتدخلون الجنة قبل الحساب على التعجب أو
الانكار " ما أعطيتمونا " أي ما أعطانا الله شيئا وإضافته إلى الملائكة لانهم
مقربوا
جنابه بمنزلة وكلائه " تحاسبونا " قيل : يجوز فيه تشديد النون كما قرئ في سورة
الزمر " تأمروني " ( 2 ) بالتخفيف وبالتشديد وبالنونين والمخاطب في " صدقوا "
الملاكئة
وفي " ادخلوا " الفقراء إذا قرئ على بناء المجرد كما هو الظاهر ، وأمرهم
بالدخول يستلزم أمر الملائكة بفتح الباب ويمكن أن يقرأ على بناء الافعال
فالمخاطب الملا ئكة أيضا وقيل : هو من قبيل ذكر اللازم وارادة الملزوم ، أي
افتحوا الباب ولذا حذف المفعول بناء على أن فتح الباب سبب لدخول كل من
يستحقه ،
وان كان الباعث الفقراء ، وكان هذا مبني على ما سيأتي من أن الله تعالى
لا يحاسب المؤمنين على ما أكلوا ولبسوا ونكحوا وأمثال ذلك إذا كان من حلال .
22 كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى عن مبارك غلام
شعيب قال : سمعت أبا الحسن موسى عليه السلام يقول : أن الله عزوجل يقول : إني
لم اغن الغني لكرامة به علي ولم افقر الفقير لهوان به علي ، وهو مما ابتليت به
الاغنياء بالفقراء ولولا الفقراء لم يستوجب الاغنياء الجنة ( 3 ) .
بيان : " وهو مما ابتليت به الاغنياء " كأن ضمير هو راجع إلى التفاوت
المفهوم من الكلام السابق ، أقول : إذا كان من للتبعيض يدل على أن ابتلاء الناس
بعضهم ببعض يكون على وجوه شتى منها ابتلاؤهم بالفقر والغنا ، ويحتمل أن يكون
من للتعليل " ولولا الفقراء " كأن المعنى ، أن عمدة عبادة الاغنياء إعانة الفقراء
أو أنه يلزم الغنا أحوال لا يمكن تداركها إلا برعاية الفقراء فتأمل .
هوامش صفحة - 26 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 264 . ( 2 ) الزمر : 64 .
( 3 ) الكافي ج 2 ص 265 .
[ 27 ]
كا : عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إسحاق بن
عيسى ، عن إسحاق بن عمار والمفضل بن عمر قالا : قال أبوعبدالله عليه السلام :
مياسير
شيعتنا أمناؤنا على محاويجهم ، فاحفظونا فيهم يحفظكم الله ( 1 ) .
بيان : المياسير والمحاويج جمعا الموسر والمحوج ، لكن على غير القياس لان
القياس جمع مفعال على مفاعيل ، قال الفيروز آبادي : أيسر إيسارا ويسرا صار ذا
غنى فهو موسر ، والجمع مياسير ، وقال صاحب مصباح اللغة : أحوج وزان أكرم
من الحاجة فهو محوج ، وقياس جمعه ، بالواو والنون لانه صفة عاقل والناس يقولون
محاويج ، مثل مفاطير ومفاليس ، وبعضهم ينكره ويقول غير مسموع ، انتهى .
وأقول : وروده في الحديث يدل على مجيئه لكن قال بعضهم : إنهما جمعا
ميسار ومحواج اسمى آلة استعملا في الموسر والمحوج للمبالغة .
" امناؤنا على محاويجهم " كونهم امناءهم عليهم السلام إما مبنى على ما ذكره الكليني
رحمه الله ( 2 ) في آخر كتاب الحجة أن الاموال كلها للامام ، وإنما رخص لشيعتهم
التصرف فيها فتصرفهم مشروط برعاية فقراء الشيعة وضعفائهم أو على أنهم خلفاء الله
ويلزمهم أخذ حقوق الله من الاغنياء ، وصرفها في مصارفها ، ولما لم يمكنهم
في أزمنة التقية والغيبة أخذها منهم وصرفها في مصارفها وأمروا الاغنياء بذلك
فهم امناؤهم على ذلك ، أو على أنه لما كان الخمس وسائر أموالهم من الفئ والانفال
بايديهم ، ولم يمكنهم إيصالها إليهم عليهم السلام فهم امناؤهم في إيصال ذلك إلى
فقراء
الشيعة : فيدل على وجوب صرف حصة الامام من الخمس وميراث من لا وارث له
وغير ذلك من أموال الامام إلى فقراء الشيعة ، ولا يخلو من قوة والاحوط
صرفها إلى الفقيه المحدث العادل ، ليصرفها في مصارفها نيابة عنهم عليهم السلام
والله يعلم .
" فاحفظونا فيهم " أي ارعوا حقنا فيهم لكونهم شيعتنا وبمنزلة عيالنا " يحفظكم
الله " أي يحفظكم الله في أنفسكم وأموالكم في الدنيا ومن عذابه في الاخرة ، ويحتمل
هوامش صفحة - 27 - ( 1 ) الكافي ج " ص 265 .
( 2 ) راجع اصول الكافي ج 1 ص 407 باب أن الارض كلها للامام عليه السلام
وص 538 باب الفئ والانفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه .
[ 28 ]
أن تكون جملة دعائية ، وقيل : يدل على أن الاغنياء إذا لم يراعوا الفقراء سلبت
عنهم النعمة ، لانه إذا ظهرت الخيانة من الامين يؤخذ ما في يده ، كما قال
أمير المؤمنين عليه السلام : إن لله تعالى عبادا يخصهم بالنعم لمنافع العباد ،
فيقرها في
أيديهم ، ما بذلوها ، فإذا منعوها ، ثم حولها إلى غيرهم .
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 28 سطر 5 إلى صفحه 36 سطر 5
24 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام : الفقر أزين للمؤمنين
من العذار
على خد الفرس ( 1 ) .
بيان : " أزين للمؤمنين " اللام للتعدية ، وفي النهاية : فيه الفقر أزين
للمؤمن من عذار حسن على خد فرس ، العذاران من الفرس كالعارضين من وجه
الانسان ، ثم سمى به السير الذي يكون عليه من اللجام عذارا باسم موضعه ، انتهى .
وأقول : يمكن أن يقال لتكميل التشبيه أن الفقر يمنع الانسان من الطغيان
كما يمنع اللجام الفرس عن العصيان .
وقال بعض شراح العامة : لان صاحب الدنيا كلما اطمأن منها إلى سرور
أشخصته إلى مكروه ، فطلبها شين والقلة زين .
25 كا : عن العدة ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن
غالب ، عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب قال : سألت علي بن الحسين عليهما السلام عن
قول الله عزوجل : " ولولا أن يكون الناس امة واحدة " ( 2 ) قال : عنى بذلك
امة محمد صلى الله عليه وآله أن يكونوا على دين واحد كفارا كلهم " لجعلنا لمن يكفر
بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة " ولو فعل الله ذلك بامة محمد لحزن المؤمنون وغمهم
ذلك ، ولم يناكحوهم ولم يوارثوهم ( 3 ) .
بيان : قد مر تفسير الاية ، وأما تأويله عليه السلام فلعل المعنى أن المراد بالناس
هوامش صفحة - 28 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص " 265
( 2 ) الزخرف : 33 .
( 3 ) الكافي : ج 2 ص 265 .
[ 29 ]
امة محمد صلى الله عليه وآله بعد وفاته بقرينة المضارع في " يكون " و " يكفر " ،
والمراد بمن
يكفر بالرحمن : المخالفون المنكرون للامامة ، والنص على الامام ، ولذا
عبر بالرحمن إشعارا بأن رحمانية الله يقتضي عدم إهمالهم في امور دينهم ، أو
المراد أن المنكر للامام كافر برحمانية الملك العلام .
والحاصل أنه لولا أنه كان يصير سببا لكفر المؤمنين لحزنهم وغمهم وانكسار
قلبهم ، فيستولي عليهم الشيطان فيكفرون ويلحقون بالمخالفين إلا شاذ منهم لا
يكفي وجودهم لنصرة الامام ، أو يهلكون غما وحزنا ، وأيضا لو كان جميع المخالفين
بهذه الدرجة من الغنا والثروة ، وجميع المؤمنين في غاية الفقر والمهانة والمذلة لم
يناكحوهم أي المخالفون المؤمنين بأن يعطوهم بناتهم أو يأخذوا منهم بناتهم ، فلم
يكن يحصل فيهم نسب يصير سببا للتوارث فبذلك ينقطع نسل المؤمنين ، ويصير سببا
لانقراضهم ، أو لمزيد غمهم الموجب لارتدادهم ، وبتلك الاسباب يصير امة
محمد صلى الله عليه وآله كلهم كفرة ومخالفين ، فيكونوا امة واحدة كفرة إما مطلقا أو
إلا من
شذ منهم ، ممن محض الايمان محضا ، فعبر بالناس عن الاكثرين لقلة المؤمنين
فكأنهم ليسوا منهم .
فالمراد بالامة في قوله : " عنى بذلك امة محمد صلى الله عليه وآله " أعم من
امة الدعوة والاجابة قاطبة ، أو الاعم من المؤمنين والمنافقين والمخالفين
وذلك إشارة إلى الناس ، والمراد بالامة في قوله : " ولو فعل ذلك بامة محمد "
المنافقون والمخالفون أو الاعم منهم ومن سائر الكفار ، والاول أظهر بقرينة
" ولم يناكحوهم " فان غيرهم من الكفار لايناكحون الان أيضا ، والضمير
المرفوع راجع إلى المخالفين والمنصوب إلى المؤمنين ، وكذا " ولم يوارثوهم " .
26 لي : عن الفامي ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن محمد بن عبدالجبار
عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليه السلام قال : كاد الفقر أن
يكون
كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر ( 1 )
هوامش صفحة - 29 - ( 1 ) أمالي الصدوق : 177 .
[ 30 ]
ل : عن حمزة العلوي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن المغيرة ، عن السكوني
عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله مثله ( 1 ) .
كتاب الامامة والتبصرة : عن سهل بن أحمد ، عن محمد بن محمد بن الاشعث
عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام ، عن
النبي صلى الله عليه وآله مثله .
توضيح : هذه الرواية من المشهورات بين الخاصة والعامة ، وفيها ذم عظيم
للفقر ، ويعارضها الاخبار السابقة وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله : " الفقر
فخري وبه أفتخر "
وقوله صلى الله عليه وآله : " أللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة
المساكين "
ويؤيد هذه الرواية ما رواه العامة عنه صلى الله عليه وآله : " الفقر سواد الوجه في
الدارين " وقد
قيل في الجمع بينها وجوه .
قال الراغب في المفردات : الفقر يستعمل على أربعة أوجه : الاول وجود
الحاجة الضرورية ، وذلك عام للانسان مادام في دار الدنيا بل عام للموجودات
كلها ، وعلى هذا قوله عزوجل : " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو
الغني الحميد " ( 2 ) وإلى هذا الفقر أشار بقوله في وصف الانسان : " ما جعلناهم
جسدا لا يأكلون الطعام " ( 3 ) .
والثاني عدم المقتنيات وهو المذكور في قوله : " للفقراء الذين احصروا
في سبيل الله إلى قوله : يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف " ( 4 ) إنما الصدقات
للفقراء والمساكين ( 5 ) .
الثالث فقر النفس وهو الشره المعنى بقوله صلى الله عليه وآله : كاد الفقر أن يكون
كفرا
هوامش صفحة - 30 - ( 1 ) الخصال ج 1 ص 9 .
( 2 ) فاطر : 15 .
( 3 ) الانبياء : 8 .
( 4 ) البقرة : 273 .
( 5 ) براءة : 60 .
[ 31 ]
وهو المقابل بقوله : الغنا غنى النفس ، والمعنى بقولهم : من عدم القناعة لم يفده
المال غنى .
الرابع : الفقر إلى الله المشار إليه بقوله : اللهم أغنني بالافتقار إليك ، ولا
تفقرني بالاستغناء عنك ، وإياه عنى تعالى بقوله : " رب إني لما أنزلت إلي من
خير فقير " ( 1 ) وبهذا ألم الشاعر فقال :
ويعجبني فقري إليك ولم يكن * ليعجبني لولا محبتك الفقر
ويقال : افتقر فهو مفتقر وفقير ، ولا يكاد يقال فقر وإن كان القياس يقتضيه
وأصل الفقير هو المكسور الفقار . انتهى ( 2 ) .
وهذا أحسن ما قيل في هذا المقام ، ومنهم من حمل سواد الوجه على المدح
أي إنه كالخال الذي على وجه المحبوب فانه يزينه ولا يشينه ، وقيل : المراد بالوجه
ذات الممكن ، ومن الفقر احتياجه في وجوده وسائر كمالاته إلى الغير ، وكون
ذلك الاحتياج بسواد وجهه عبارة عن لزومه لذاته ، بحيث لا ينفك كما لا ينفك
السواد عن محله ، ولا يخفى بعدهما ، والاظهر حمله مع صحته على الفقر المذموم
كما مر .
وقال الغزالي في شرح هذا الخبر : إذ الفقر مع الاضطرار إلى ما لابد منه
قارب أن يوقع في الكفر ، لانه يحمل على حسد الاغنياء ، والحسد يأكل الحسنات
وعلى التذلل لهم بما يدنس به عرضه ، وينثلم به دينه ، وعلى عدم الرضا بالقضاء
وتسخط الرزق ، وذلك إن لم يكن كفرا فهو جار إليه ، ولذلك استعاذ المصطفى
من الفقر .
وقال بعضهم : لان أجمع عندي أربعين ألف دينار حتى أموت عنها أحب إلي
من فقر يوم وذل في سؤال الناس ووالله ما أدري ماذا يقع مني لو ابتليت ببلية
من فقر أو مرض ، فلعلي أكفر ولا أشعر ، فلذلك قال : كاد الفقر أن يكون كفرا
هوامش صفحة - 31 - ( 1 ) القصص : 24 .
( 2 ) مفردات غريب القرآن 383 .
[ 32 ]
لانه يحمل المرء على كل صعب وذلول . وربما يؤديه إلى الاعتراض على الله والتصرف
في ملكه ، والفقر نعمة من الله داع إلى الانابة والالتجاء إليه ، والطلب منه ، وهو
حلية
الانبياء وزينة الاولياء ، وزي الصلحاء ومن ثم ورد خبر : إذا رأيت الفقر مقبلا فقل
مرحبا بشعار الصالحين ، فهو نعمة جليلة بيد أنه مولم شديد التحمل .
قال الغزالي : هذا الحديث ثناء على المال ، ولا تقف على وجه الجمع بين
المدح والذم إلا بأن تعرف حكمة المال ، ومقصوده وفوائده وغوائله حتى
ينكشف لك أنه خير من وجه ، شر من وجه ، وليس بخير محض ، ولا بشر محض
بل هو سبب للامرين معا : يمدح مرة ويذم مرة ، والبصير المميز يدرك أن
الممدوح منه غير المذموم .
وقال بعض أصحابنا : في الدعاء : نعوذ بك من الفقر والقلة ، قيل : الفقر
المستعاذ منه إنما هو فقر النفس الذي يفضي بصاحبه إلى كفران نعم الله ونسيان
ذكره ، ويدعوه إلى سد الخلة بما يتدنس به عرضه ويثلم به دينه ، والقلة تحمل
على قلة الصبر أو قلة العدد .
وفي الخبر أنه صلى الله عليه وآله تعوذ من الفقر ، وقال : الفقر فخري وبه أفتخر على
سائر الانبياء ، وقد جمع بين القولين بأن الفقر الذي تعوذ منه صلى الله عليه وآله
الفقر إلى
الناس ، والذي دون الكفاف ، والذي افتخر به الفقر إلى الله تعالى وإنما كان
هذا فخرا له على سائر الانبياء مع مشاركتهم له فيه ، لان توحيده واتصاله
بالحضرة الالهية وانقطاعه إليه : كان في الدرجة التي لم يكن لاحد مثلها في العلو
ففقره إليه كان أتم وأكمل من فقر سائر الانبياء .
وقال الكرماني في شرح البخاري في قوله صلى الله عليه وآله : أعوذ بك من الفقر :
استدل به على تفضيل الغنا ، وبقوله تعالى : " إن ترك خيرا " أي مالا وبأنه صلى الله
عليه وآله
توفي على أكمل حالاته ، وهو موسر بما أفاء الله عليه وبأن الغنى وصف للحق
وحديث : أكثر أهل الجنة الفقراء ، إخبار عن الواقع كما يقال : أكثر أهل
الدنيا الفقراء ، وأما تركه الطيبات ، فلانه لم يرض أن يستعجل من الطيبات .
[ 33 ]
وأجاب الاخرون بأنه إيماء إلى أن علة الدخول الفقر ، وتركه الطيبات
يدل على فضل الفقر ، واستعاذته من الفقر معارض باستعاذته من الغنا ، ولا نزاع في
كون
المال خيرا بل من الافضل ، وكان عند وفاته صلى الله عليه وآله درعه مرهونا ، وغنى
الله تعالى
بمعنى آخر انتهى .
وذهب أكثرهم إلى أن الكفاف أفضل من الغنا والفقر فانه سالم من آفاتهما
وليس ببعيد وقال بعضهم : هذا كله صحيح لكن لا يدفع أصل السؤال في أيهما
أفضل الغنا أو الفقر ؟ لان النزاع إنما ورد في حق من اتصف بأحد الوصفين أيهما
في حقه أفضل وقيل : إن السؤال أيهما أفضل لا يستقيم لاحتمال أن يكون لاحدهما
من العمل ما ليس للاخر ، فيكون أفضل ، وإنما يقع السؤال عنهما إذا استويا بحيث يكون
لكل منهما من العمل ما يقاوم به عمل الاخر ، فتعلم أيهما أفضل
عند الله ، ولذا قيل صورة الاختلاف في فقير ليس بحريص ، وغنى ليس بممسك إذ لا يخفى
أن الفقير القانع أفضل من الغني البخيل وأن الغني المنفق أفضل من الفقير الحريص
قال وكل ما يراد لغيره ولا يراد لعينه ينبغي أن يضاف إلى مقصوده فيه ، ليظهر فضله
فالمال ليس محذورا لعينه ، بل لكونه قد يعوق عن الله ، وكذا العكس فكم من
غني لم يشغله غناه عن الله ، وكم من فقير شغله فقره عن الله .
إلى أن قال : وإن أخذت بالاكثر فالفقير عن الخطر أبعد لان فتنة الغني أشد
من فتنة الفقر ، وقال بعضهم : كلام الناس في أصل المسألة يختلف ، فمنهم من فضل
الفقر ، ومنهم من فضل الغنا ، ومنهم من فضل الكفاف وكل ذلك خارج عن محل
الخلاف أي الحالين أفضل عند الله للعبد حتى يتكسب ذلك ويتخلق به ، هل
التقلل من المال أفضل ليتفرغ قلبه عن الشواغل ، وينال لذة المناجاة ولا ينهمك
في الاكتساب ليستريح من طول الحساب ؟ أو التشاغل باكتساب المال أفضل
ليستكثر من القرب من البر والصلة لما في ذلك من النفع المتعدي .
قال : وإذا كان الامر كذلك فالافضل ما اختاره النبي صلى الله عليه وآله وجمهور
أصحابه
من التقلل في الدنيا والبعد عن زهرتها ويبقى النظر فيمن حصل له شئ من الدنيا
[ 34 ]
بغير تكسب منه كالميراث وسهم الغنيمة هل الافضل أن يبادر إلى إخراجه في وجوه
البر حتى لا يبقى منه شئ أو يتشاغل بتثميره ليستكثر من نفعه المتعدي .
قال : وهو على القسمين الاولين ، وقال ابن حجر : مقتضى ذلك أن يبذل إلى
أن يبقى في حالة الكفاف ، ولا يضر ما يتجدد من ذلك إذا سلك هذه الطريقة .
ودعوى أن جمهور الصحابة كانوا على التقلل والزهد ممنوعة ، فان المشهور
من أحوالهم أنهم كانوا على قسمين بعد أن فتحت عليهم الفتوح فمنهم من أبقى ما
بيده مع التقرب إلى ربه بالبر والصلة والمواساة مع الاتصاف بغني النفس ، ومنهم
من استمرعلى ما كان عليه قبل ذلك ، وكان لا يبقى شيئا مما فتح عليه ، وهم
قليل ، والاخبار في ذلك متعارضة ، ومن المواضع التي وقع فيها التردد من لا شئ
له ، فالاولى في حقه أن يستكسب للصون عن ذل السؤال ، أو يترك وينتظر ما
يفتح عليه بغير مسألة انتهى .
وأقول : مقتضى الجمع بين اخبارنا أن الفقر والغنا كل منهما نعمة من نعم
الله تعالى يعطي كلا منهما من شاء من عباده بحسب ما يعلم من مصالحه الكاملة
وعلى العبد أن يصبر على الفقر بل يشكره ويشكر الغنا إن أعطاه ، ويعمل بمقضتاه
فمع عمل كل منهما بما تقتضيه حاله ، فالغالب أن الفقير الصابر أكثر ثوابا من
الغني الشاكر ، لكن مراتب أحوالهما مختلفة غاية الاختلاف ، ولا يمكن الحكم
الكلي من أحد الطرفين ، والظاهر أن الكفاف أسلم وأقل خطرا من الجانبين
ولذا ورد في أكثر الادعية طلبه وسأله النبي صلى الله عليه وآله لاله وعترته ،
وسيأتي تمام
القول في ذلك في كتاب المكاسب ان شاء الله .
وأما قوله صلى الله عليه وآله : " كاد الحسد أن يغلب القدر " فقد شرحناه في كتاب
السماء والعالم ، وحمله أكثر المحققين على تأثير العين فانه ينشأ غالبا من حسد
العاين ، وهذا هو الظاهر وهو مبالغة في تأثير العين بأنه يقرب أن يغلب قضاء الله
وقدره .
وهذا الحديث مروي في شهاب الاخبار عن أنس بن مالك عنه صلى الله عليه وآله وقال
[ 35 ]
الراوندي في الضوء : المعنى أن للحسد تأثيرا قويا في النظر في إزالة النعمة من
المحسود ، أو التمني لذلك فانه ربما يحمله حسده على قتل المحسود ، وإهلاك
ماله وإبطال معاشه ، فكأنه سعى في غلبة المقدور ، لان الله تعالى قد قدر
للمحسود الخير والنعمة ، وهو يسعى في إزالة ذلك عنه ، وقيل : الحسد يأكل
الجسد انتهى .
وقال بعض المخالفين : أي كاد الحسد في قلب الحاسد أن يغلب على العلم
بالقدر ، فلا يرى أن النعمة التي حسد عليها إنما صارت إليه بقدر الله وقضائه ، فلا
تزول إلا بقضائه وقدره ، وغرض الحاسد زوال نعمة المحسود ، ولو تحقق القدر
لم يحسده ، واستسلم وعلم أن الكل مقدر .
27 لي : عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن ابن هاشم ، عن ابن محبوب
عن ابن رئاب ، عن موسى بن بكر ، عن أبي الحسن الاول : عن آبائه عليهم السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تستخفوا بفقراء شيعة علي وعترته من بعده ،
فان الرجل
منهم ليشفع في مثل ربيعة ومضر ( 1 ) .
بيان : ربيعة ومضر ( 2 ) قبيلتان عظيمتان يضرب المثل بهما في الكثرة .
28 لي : عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن
علي بن الحكم ، عن داود بن النعمان ، عن إسحاق بن عمار ، عن الصادق جعفر
ابن محمد عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب كلاهما
من أهل الجنة : فقير في الدنيا وغني في الدنيا ، فيقول الفقير : يا رب على ما
اوقف ؟ فوعزتك إنك لتعلم أنك لم تولني ولاية فأعدل فيها أو أجور ، ولم
هوامش صفحة - 35 - ( 1 ) أمالي الصدوق ص 185 .
( 2 ) ربيعة ومضر ابنا نزار قبيلتان عظيمتان وهو نزار بن معد بن عدنان ، قال ابن
عبدالبر في الانباء ص 69 أن العرب وجميع أهل العلم بالنسب أجمعوا على أن اللباب
والصريح من ولد اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام ربيعة ، ومضر ابنا نزار بن معد بن
عدنان ، لا خلاف في ذلك .
[ 36 ]
ترزقني مالا فاؤدي منه حقا أو أمنع ولا كان رزقي يأتيني منها إلا كفافا على ما
علمت وقدرت لي ، فيقول الله جل جلاله : صدق عبدي خلوا عنه يدخل الجنة
ويبقى الاخر حتى يسيل منه من العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها ، ثم
يدخل الجنة .
فيقول له الفقير : ما حبسك ؟ فيقول : طول الحساب ، ما زال الشئ يجيئني
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 36 سطر 6 إلى صفحه 44 سطر 6
بعد الشئ يغفر لي ثم اسأل عن شئ آخر حتى تغمدني الله عزوجل منه برحمة
وألحقني بالتائبين ، فمن أنت ؟ فيقول : أنا الفقير الذي كنت معك آنفا فيقول : لقد
غيرك النعيم بعدي ( 1 ) .
بيان : وقف على بناء المعلوم أو المجهول ، فانه جاء لازما ومتعديا والثاني
أظهر لما سيأتي ولعل تصديق الله تعالى العبد لسعة لطفه وكرمه ، وإلا فنعمة الله
على كل عبد أكثر من أن تحصى ، بل نعمة الفقر أيضا من أعظم النعم عليهم ، أو
التصديق معناه أنه صدق أني لا احاسب العبد على تلك النعم لسعة رحمتى ، وفي
القاموس " وقال آنفا " كصاحب وكتف وقرئ بهما أي مذ ساعة أي في أول وقت يقرب
منا انتهى ( 2 ) ولعل هذا نظرا إلى أيام الاخرة وساعاتها .
29 لي : عن الحسن بن عبدالله بن سعيد ، عن عبدالله بن محمد بن عبدالكريم
عن محمد بن عبدالرحمن ، عن عمرو بن أبي سلمة ، عن أبي عمر الصنعاني ، عن العلا
ابن عبدالرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : رب
أشعث
أغبر ذي طمرين مدقع بالابواب لو أقسم على الله لابره ( 3 ) .
توضيح : قال في النهاية : الشعث أي بالتحريك إنتشار الامر ، ومنه قولهم :
هوامش صفحة - 36 - ( 1 ) أمالي الصدوق ص 216 .
( 2 ) القاموس ج 3 ص 119 ، والاية : " ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا
من عندك قالوا للذين اوتوا العلم ماذا قال آنفا " القتال : 16 قال في المجمع ج 9 ص
101
روي في بعض الروايات عن ابن كثير آنفا بالقصر ، والقراءة المشهورة آنفا بالمد . ( 3
) أمالي الصدوق ص 232 .
[ 37 ]
لم الله شعثه ، ومنه حديث الدعاء أسئلك رحمة تلم بها شعثي أي تجمع بها ما تفرق
من أمري ، ومنه الحديث رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله
لابره ، وقال : الطمر أي بالكسر الثوب الخلق ، وقال : فيه قال للنساء : إنكن
إذا جعتن دقعتن ، الدقع الخضوع في طلب الحاجة ، مأخوذ من الدقعاء وهو
التراب أي لصقتن به ، ومنه الحديث لاتحل المسألة إلا لذي فقر مدقع أي شديد
يفضين بصاحبه إلى الدقعاء ، وقيل هو سوء احتمال الفقر ، وفي القاموس أبر
اليمين أمضاها على الصدق .
وأقول : يدل على جواز السؤال عند شدة الحاجة ، وكأن المراد بالشعث
تفرق الشعر وتداخله وعدم تسريحه واصلاحه ، وكذا المراد بالغبرة عدم تنظيف
الجسد وظهور آثار الفقر ، وذلك إما لشدة الفقر أو كثرة الاشغال بالعبادة ، وقد
مر الكلام فيه .
وأقول : روى هذا الحديث في المشكوة ( 1 ) عن أبي هريرة عنه صلى الله
عليه وآله رب اشعث مدفوع بالابواب لو أقسم على الله لابره ، وقال الطيبي في
شرحه : قال البيضاوي : الاشعث هو المغبر الرأس المتفرق الشعور والصواب
مدفوع بالدال اي يدفع عند الدخول على الاعيان والحضور في المحافل ، ولا يترك
أن يلج الباب فضلا عن أن يحضر معهم ويجلس فيما بينهم " لو أقسم على الله لابره "
أي لو سأل الله شيئا وأقسم عليه أن يفعله لفعله ، فشبه إجابة المبر المقسم على
غيره بوفاء الحالف يمينه وبره فيها ، وقيل : معناه لو حلف أن الله يفعله أو لا
يفعله صدقه في يمينه وبره فيها بما يوافقها .
ثم قال الطيبي : ومما يؤيد الاول لفظه على الله لانه أراد به المسمى
ولو اريد به اللفظ لقيل : بالله ، وأما معنى الابرار فعلى ما ذهب اليه القاضي من
باب الاستعارة ، ويجوز أن يكون من باب المشاكلة المعنوية .
30 لي : في مناهي النبي صلى الله عليه وآله قال صلى الله عليه وآله : ألا ومن استخف
هوامش صفحة - 37 - ( 1 ) مشكاة المصابيح ص 446 .
[ 38 ]
بفقير مسلم فقد استخف بحق الله ، والله يستخف به يوم القيامة ، إلا أن يتوب
وقال صلى الله عليه وآله : من أكرم فقيرا مسلما لقى الله يوم القيامة وهو عنه
راض ( 1 ) .
31 لي : عن ابن إدريس ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن محمد
ابن أحمد المدايني ، عن فضل بن كثير ، عن الرضا عليه السلام قال : من لقى فقيرا
مسلما فسلم عليه خلاف سلامه على الغني لقى الله عزوجل يوم القيامة وهو عليه
غضبان ( 2 ) .
32 فس : " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه
ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من
الظالمين " ( 3 ) فأنه كان سبب نزولها أنه كان بالمدينة قوم فقراء مؤمنون يسمون
أصحاب الصفة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أمرهم أن يكونوا في صفة يأوون
إليها . كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يتعاهدهم بنفسه وربما حمل اليهم ما يأكلون ، وكانوا
يختلفون
إلى رسول الله فيقربهم ويقعد معهم ويؤنسهم ، وكان إذا جاء الاغنياء والمترفون
من أصحابه ينكروا عليه ذلك ويقولوا له : اطردهم عنك .
فجاء يوما رجل من الانصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده رجل من أصحاب
رسول الله من أصحاب الصفة قد لزق برسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله يحدثه
فقعد
الانصاري بالبعد منهما ، فقا له رسول الله صلى الله عليه وآله : تقدم فلم يفعل ،
فقال له
رسول الله : لعلك خفت أن يلزق فقره بك ؟ فقال الانصاري : اطرد هؤلاء عنك
فأنزل الله " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي " الاية ثم قال :
" وكذلك فتنا بعضهم ببعض " أي اختبرنا الاغنياء بالغنى لننظر كيف مواساتهم
للفقراء ؟ وكيف يخرجون ما فرض الله عليهم في أموالهم لهم ؟ واختبرنا الفقراء
هوامش صفحة - 38 - ( 1 ) أمالي الصدوق ص 257 .
( 2 ) أمالي الصدوق : 265 .
( 3 ) الانعام : 52 53 .
[ 39 ]
لننظر كيف صبرهم على الفقر ؟ وعما في أيدي الاغنياء ؟ " ليقولوا " أي الفقراء
" أهؤلاء " الاغنياء " من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين " ( 1 ) .
33 ل : الخليل بن أحمد ، عن أبي العباس السراج ، عن قتيبة ، عن
عبدالعزيز ، عن عمرو بن أبي عمرو ، عن عاصم بن عمرو بن قتادة ، عن محمود بن
لبيد أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : شيئان يكرههما ابن آدم : يكره الموت
والموت راحة
للمؤمن من الفتنة ، ويكره قلة المال وقلة المال أقل للحساب ( 2 ) .
34 ل : محمد بن أحمد القضاعي ، عن إسحاق بن العباس بن إسحاق بن موسى
ابن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال : قال
أميرالمؤمنين
عليه السلام : أهلك الناس اثنان : خوف الفقر وطلب الفخر ( 3 ) .
35 ل : فيما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام : يا علي
أربعة من
قواصم الظهر : إمام يعصي الله ويطاع أمره ، وزوجة يحفظها زوجها ، وهي تخونه
وفقر لا يجد صاحبه له مداويا ، وجار سوء في دار مقام ( 4 ) .
36 مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن ابن فضال ، عن يونس بن
يعقوب ، عن العقرقوفي قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : شئ يروى عن أبي ذر
رحمه الله أنه كان يقول : ثلاثة يبغضها الناس وأنا احبها : احب الموت واحب
الفقر واحب البلاء ، فقال : إن هذا ليس على ما تروون إنما عني : الموت في
طاعة الله أحب إلي من الحياة في معصية الله ، والفقر في طاعة الله أحب إلي من
الغنا في معصية الله ، والبلاء في طاعة الله احب الي من الصحة في معصية الله ( 5 )
.
جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن ابن
هوامش صفحة - 39 - ( 1 ) تفسير القمي ص 189 .
( 2 ) الخصال ج 1 ص 37 .
( 3 ) الخصال ج 1 ص 36 .
( 4 ) الخصال ج 1 ص . 96 .
( 5 ) معاني الاخبار ص 165 .
[ 40 ]
مهزيار ، عن ابن فضال مثله ( 1 ) .
37 مع أبي ، عن أحمد بن إدريس ، ومحمد الصفار ، عن الاشعري ، عن
محمد بن الحسين ، عن منصور ، عن أحمد بن خالد ، عن أحمد بن المبارك قال : قال رجل
لابي عبدالله عليه السلام حديث يروى أن رجلا قال لاميرالمؤمنين عليه السلام : إني
احبك فقال
له : أعد للفقر جلبابا ، فقال : ليس هكذا قال إنما قال له : أعددت لفاقتك جلبابا
يعني يوم القيامة ( 2 ) .
38 مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن محمد بن علي ، عن حارث بن
الحسن الطحان ، عن إبراهيم بن عبدالله ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه السلام
قال : لا يبلغ أحدكم حقيقة الايمان حتى يكون فيه ثلاث خصال : يكون الموت
أحب إليه من الحياة ، والفقر أحب إليه من الغنى ، والمرض أحب اليه من الصحة
قلنا : ومن يكون كذلك ؟ قال : كلكم ، ثم قال : أيما أحب إلى أحدكم ؟ يموت في
حبنا أو يعيش في بغضنا ؟ فقلت : نموت والله في حبكم أحب إلينا ، قال : وكذلك
الفقر والغنى والمرض والصحة ، قلت : إي والله ( 3 ) .
39 مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن اليقطيني ، عن صفوان بن يحيى ،
عن ذريح المحاربي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الفقر الموت الاحمر ، فقيل
الفقر من الدنانير والدراهم ؟ قال : لا ، ولكن من الدين ( 4 ) .
40 مع : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن محمد بن عبد
الحميد ، عمن حدثه قال : مات رجل من آل أبي طالب لم يكن حضره أبوالحسن
عليه السلام فجاءه قوم فلما جلس أمسك القوم كأن على رؤوسهم الطير فكانوا في ذكر
الفقراء والموت ، فلما جلس عليه السلام قال ابتداء منه : قال رسول الله صلى الله
عليه وآله : ما بين
هوامش صفحة - 40 - ( 1 ) مجالس المفيد ص 120 .
( 2 ) معاني الاخبار ص 182 وفي ج 67 من 247 شرح مبسوط له فراجع .
( 3 ) معاني الاخبار ص 189 .
( 4 ) معاني الاخبار ص 259 .
[ 41 ]
الستين إلى السبعين معترك المنايا ، ثم قال : الفقراء محسن الاسلام ( 1 ) .
41 ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمد الحميري ، عن أبيه ، عن البرقي ،
عن التفليسي ، عن البقباق ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : يا فضيل لا تزهدوا في
فقراء شيعتنا فان الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر ( 2 ) .
أقول : سيأتي في وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله لابي ذر أنه قال : أوصاني رسول
الله
أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي ، وأوصاني بحب المساكين
والدنو منهم ( 2 ) وفي خبر آخر عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله :
أحبب المساكين
ومجالستهم ( 4 ) وفي خبر آخر عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : عليك
بحب
المساكين ومجالستهم .
42 فس : " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا
لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى " ( 5 ) قال أبوعبدالله صلوات الله عليه :
لمانزلت هذه الاية استوى رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا ثم قال : من لم يعز
بعزاء الله تقطعت
نفسه حسرات ، ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه ، ولم يشف غيظه
ومن لم يعرف لله عليه نعمة إلا في مطعم ومشرب قصر أجله ودنا عذابه ( 6 ) .
43 ما : فيما أوصى به أميرالمؤمنين عليه السلام عند وفاته ، اوصيك بحب المساكين
ومجالستهم ( 7 ) .
هوامش صفحة 41 ( 1 ) معاني الاخبار ص 402 وفيه : الفقر ( اء ) محن الاسلام .
( 2 ) أمالي الطوسي ج 1 ص 46 .
( 3 ) تراه في ج 77 ص 73 نقلا عن الخصال ج 2 ص 3 .
( 4 ) نقله في كتاب الروضة ج 77 من هذه الطبعة نقلا عن معاني الاخبار ص 332
الخصال ج 2 ص 103 أمالي الطوسي ج " ص 138 .
( 5 ) طه : 131 .
( 6 ) تفسير القمي : 424 .
( 7 ) أمالي الطوسي ج 1 ص 6 .
[ 42 ]
44 ع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن محمد بن عيسى ، عن ابن
محبوب ، عن هشام بن سالم قال : قال أبوعبدالله عليه السلام لحمران : يا حمران انظر
إلى من هو دونك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فان ذلك أقنع لك بما قسم
لك وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربك الخبر ( 1 ) .
45 ل : الاربعمائة قال أميرالمؤمنين : الفقر هو الموت الاكبر وقال
عليه السلام : لا تحقروا ضعفاء إخوانكم فانه من احتقر مؤمنا لم يجمع الله عزوجل
بينهما في الجنة إلا أن يتوب ( 2 ) .
46 ثو : ابن المتوكل ، عن محمد بن يحيى ، عن الاشعري رفعه إلى أبي
عبدالله عليه السلام أنه قال لبعض أصحابه ، أما تدخل السوق ؟ أما ترى الفاكهة تباع
والشئ مما تشتهيه ؟ فقلت : بلى والله فقال : أما إن لك بكل ما تراه ولا تقدر على
شرائه وتصبر عليه حسنة ( 3 ) .
47 ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عمن ذكره ، عن أبي
عبدالله عليه السلام قال : إذا كان يوم القيامة أمر الله عزوجل مناديا فينادي : أين
الفقراء ؟
فيقوم عنق من الناس فيؤمر بهم إلى الجنة فيأتون باب الجنة فيقول لهم خزنة الجنة :
قبل الحساب ؟ فيقولون : أعطيتمونا ( 4 ) شيئا فتحاسبونا عليه ؟ فيقول الله عزوجل :
صدقوا عبادي ما أفقرتكم هوانا بكم ، ولكن ادخرت هذا لكم لهذا اليوم ، ثم يقول
لهم : انظروا وتصفحوا وجوه الناس فمن آتى إليكم معروفا فخذوا بيده وأدخلوه
الجنة ( 5 ) .
هوامش صفحة - 42 - ( 1 ) علل الشرائع ج 2 ص 246 .
( 2 ) الخصال ج " ص 157 .
( 3 ) ثواب الاعمال ص 164 .
( 4 ) ما أعطونا خ ل .
( 5 ) ثواب الاعمال ص 166 .
[ 43 ]
جع : مثله ( 1 ) .
48 ثو : حمزة العلوي ، عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن
السكوني ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وآله : يا معشر
المساكين طيبوا نفسا وأعطوا الرضا من قلوبكم يثبكم الله على فقركم ، فان لم
تفعلوا فلا ثواب لكم ( 2 ) .
( أقول ) : قد أوردنا بعض الاخبار في باب من أذل مؤمنا في كتاب العشرة ( 3 ) .
49 ص : عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال الله تعالى لموسى : يا موسى لا
لاتستذل الفقير ولا تغبط الغني بالشئ اليسير .
50 ير : إبراهيم بن هاشم ، عن أبي عبدالله البرقي ، عن خلف بن حماد
عن ابن طريف ، عن ابن نباتة قال : جاء رجل إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال : إني
لادين الله بولايتك ، وإني لاحبك في السر كما احبك في العلانية ، فقال له :
صدقت طينتك من تلك الطينة ، وعلى ولايتنا اخذ ميثاقك ، وإن روحك من أرواح
المؤمنين ، فاتخذ للفقر جلبابا فوالذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه
وآله يقول :
ان الفقر إلى محبينا أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله ( 4 ) .
ير : أحمد بن محمد ، عن الاهوازي ، عن الحسين بن علوان ، عن سعد بن
طريف ، عن الاصبغ بن نباتة قال : كنت مع أميرالمؤمنين عليه السلام وذكر
مثله ( 5 ) .
51 ير : عباد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه سليمان الديلمي
عن هارون بن الجهم ، عن سعد الخفاف ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : بينا
أميرالمؤمنين
هوامش صفحة - 43 - ( 1 ) جامع الاخبار ص 131 .
( 2 ) ثواب الاعمال ص 167 .
( 3 ) راجع ج 5 ص 142 147 .
( 4 ) بصائر الدرجات ص 390 .
( 5 ) بصائر الدرجات ص 391 .
[ 44 ]
عليه السلام يوما جالس في المسجد وأصحابه حوله ، فأتاه رجل من شيعته فقال : يا
أميرالمؤمنين أن الله يعلم أني أدينه بحبك في السر كما أدينه بحبك في العلانية
وأتولاك في السر كما أتولاك في العلانية ، فقال أميرالمؤمنين : صدقت أما فاتخذ
للفقر جلبابا فان الفقر أسرع إلى شيعتنا من السيل إلى قرار الوادي ( 1 ) .
52 صح : عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله
: من
استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره أو قلة ذات يده شهره الله تعالى يوم القيامة
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 44 سطر 7 إلى صفحه 52 سطر 7
ثم يفضحه ( 2 ) .
وبإسناده : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما كان ولا يكون إلى يوم
القيامة
مؤمن إلا وله جار يؤذيه ( 3 ) .
53 يج : روى سعيد بن عبدالله ، عن محمد بن الحسن بن شمون قال :
كتبت إليه عليه السلام ( 4 ) أشكو الفقر ، ثم قلت في نفسي : أليس قال أبوعبدالله
عليه السلام : الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا ، والقتل معنا خير من الحياة مع
غيرنا ، فرجع الجواب أن الله محص أولياءه إذا تكاثفت ذنوبهم بالفقر ، وقد يعفو عن
كثير ، وهو كما حدثت نفسك : الفقر معنا خير من الغنى مع غيرنا ، ونحن
كهف لمن التجى ، ونور لمن استضاء بنا ، وعصمة لمن اعتصم ، من أحبنا كان معنا
في السنام الاعلى ، ومن انحرف عنا فإلى النار ، قال أبوعبدالله عليه السلام :
تشهدون
على عدوكم بالنار ، ولا تشهدون لوليكم بالجنة ، ما يمنعكم من ذلك إلا
هوامش صفحة - 44 - ( 1 ) بصائر الدرجات ص 391 في حديث .
( 2 ) صحيفة الرضا ص 32 ، وتراه في عيون أخبار الرضا ج 2 ص 33 وفي ط
الحجري ص 209 ، وسيأتي .
( 3 ) صحيفة الرضا عليه السلام ص 32 ، ولا يوجد في بعض نسخ الصحيفة ، عيون
الاخبار ج 2 ص 33 ، والحديث لا يناسب الباب وانما نقل ههنا لتوهم أن هذا الحديث
من تتمة الحديث السابق ففي الاصل وهكذا نسخة الكمباني هكذا : شهره الله يوم القيامة
ثم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يفضحه ما كان ولا يكون الخ .
( 4 ) يعني أبا محمد العسكري عليه السلام .
[ 45 ]
الضعف ؟ ( 1 ) .
كشف : من دلائل الحميري ، عن محمد بن الحسن بن شمون مثله ( 2 ) .
كش : أحمد بن علي بن كثلوم ، عن إسحاق بن محمد ، عن محمد بن الحسن بن
شمون مثله ( 3 ) .
54 شي : عمرو بن جميع رفعه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام قال : الفقر الموت
الاكبر ( 4 ) .
55 جا : أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن
محبوب ، عن العلا ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن فقراء
المؤمنين ينقلبون في رياض الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا ، ثم قال : سأضرب
لك مثال ذلك ، إنما مثل ذلك مثل سفينتين مر بهما على عاشر فنظر في احداهما
فلم يجد فيها شيئا ، فقال : أسربوها ، ونظر في الاخرى فاذا هي موقرة ، فقال :
احبسوها ( 5 ) .
56 كش : خلف بن حماد ، عن سهل ، عن أحمد بن عمر الحلبي قال :
دخلت على الرضا عليه السلام بمنى فقلت له : جعلت فداك كنا أهل بيت عطية وسرور
ونعمة ، وإن الله تعالى قد أذهب بذلك كله حتى احتجت إلى من كان يحتاج إلينا
فقال لي : يا أحمد ما أحسن حالك يا أحمد بن عمر ، فقلت له : جعلت فداك حالي
ما أخبرتك ! فقال لي : يا أحمد أيسرك أنك على بعض ما عليه هؤلاء الجبارون
ولك الدنيا مملوة ذهبا ؟ فقلت : لا والله ياابن رسول الله فضحك ثم قال : ترجع
من ههنا إلى خلف فمن أحسن حالا منك وبيدك صناعة لا تبيعها بملء الارض ذهبا
هوامش صفحة - 45 - ( 1 ) لا يوجد في مختار الخرائج المطبوع .
( 2 ) كشف الغمة ج 3 ص 300 .
( 3 ) رجال الكشي ص 448 .
( 4 ) تفسير العياشي ج 2 ص 120 .
( 5 ) مجالس المفيد ص 91 .
[ 46 ]
ألا ابشرك ؟ قلت : نعم ، فقد سرني الله بك وبآبائك .
فقال لي أبوجعفر عليه السلام في قول الله عزوجل : " وكان تحته كنز لهما " ( 1 ) لوح
من ذهب فيه مكتوب بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله محمد رسول الله عجبت
لمن أيقن بالموت كيف يفرح ؟ ومن يرى الدنيا وتغيرها بأهلها كيف يركن إليها
وينبغي لمن عقل عن الله أن لا يستبطي الله في رزقه ، ولا يتهمه في قضائه ، ثم
قال : رضيت يا أحمد ؟ قال : قلت : عن الله تعالى وعنكم أهل البيت ( 2 ) .
57 ضة : قال أبوالحسن موسى عليه السلام : إن الانبياء وأولاد الانبياء
وأتباع الانبياء خصوا بثلاث خصال : السقم في الابدان ، وخوف السلطان ، والفقر .
وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : الفقر يخرس الفطن عن حجته ، والمقل غريب
في بلده ، طوبى لمن ذكر المعاد ، وعمل للحساب ، وقنع بالكفاف .
الغني في القربة وطن ، والفقر في الوطن غربة ، القناعة مال لا ينفد ، الفقر
الموت الاكبر ، ما أحسن تواضع الاغنياء للفقراء طلبا لما عند الله ، وأحسن
منه تيه الفقراء على الاغنياء اتكالا على الله .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره وقلة
ذات يده شهره الله يوم القيامة ثم يفضحه .
وقال صلى الله عليه وآله : اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني
في زمرة المساكين .
وقال صلى الله عليه وآله : إذا أحب الله عبدا في دار الدنيا يرجعه ، قالوا :
يا رسول الله وكيف يرجعه ؟ قال : في موضع الطعام الرخيص ، والخير الكثير
ولي الله لا يجد الطعام ما يملا به بطنه .
وقال صلى الله عليه وآله : أبواب الجنة مفتحة على الفقراء ، والرحمة
نازلة على الرحماء ، والله راض عن الاسخياء .
هوامش صفحة 46 ( 1 ) الكهف : 82 .
( 2 ) رجال الكشي ص 498 .
[ 47 ]
وقال صلى الله عليه وآله : الفقر فقران : فقر الدنيا وفقر الاخرة ، ففقر
الدنيا غنى الاخرة ، وغنى الدنيا فقر الاخرة وذلك الهلاك .
وقال صلى الله عليه وآله : ما اوحى إلي أن أجمع المال وكن من التاجرين
ولكن اوحى إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى
يأتيك اليقين .
وقال لقمان لابنه : يا بني لا تحقرن أحدا بخلقان ثيابه ، فان ربك وربه
واحد .
58 جع : سئل عن النبي صلى الله عليه وآله ما الفقر ؟ فقال : خزانة من خزائن الله
قيل ثانيا يا رسول الله ما الفقر ؟ فقال : كرامة من الله ، قيل : ثالثا :
ما الفقر ؟ فقال عليه السلام : شئ لا يعطيه الله الا نبيا مرسلا أو مؤمنا كريما
على الله تعالى .
وقال النبي صلى الله عليه وآله : الفقر أشد من القتل .
قال النبي صلى الله عليه وآله : أوحى الله تعالى إلى إبراهيم عليه السلام فقال : يا
إبراهيم
خلقتك وابتليتك بنار نمرود فلو ابتليتك بالفقر ، ورفعت عنك الصبر فما تصنع ؟
قال إبراهيم : يارب الفقر إلي أشد من نار نمرود ، قال الله ، فبعزتي وجلالي
ما خلقت في السماء والارض أشد من الفقر ، قال : يا رب من أطعم جايعا فما
جزاؤه ؟ قال : جزاؤه الغفران وإن كان ذنوبه يملا ما بين السماء والارض .
وقال عليه السلام : لولا رحمة ربي على فقراء امتي كاد الفقر يكون كفرا
فقام رجل من الصحابة فقال : يا رسول الله فما جزاء مؤمن فقير يصبر على فقره ؟
قال : إن في الجنة غرفة من ياقوتة حمراء ينظر أهل الجنة إليها كما ينظر أهل
الارض إلى نجوم السماء لا يدخل فيها إلا نبي فقير ، أو شهيد فقير ، أو مؤمن فقير .
قال أمير المؤمنين عليه السلام للحسن عليه السلام : لا تلم إنسانا يطلب قوته ، فمن
عدم
قوته كثر خطاياه ، يا بني الفقير حقير لا يسمع كلامه ، ولا يعرف مقامه ، لو كان
الفقير صادقا يسمونه كاذبا ، ولو كان زاهدا يسمونه جاهلا ، يا بني من ابتلى بالفقر
[ 48 ]
ابتلي بأربع خصال : بالضعف في يقينه ، والنقصان في عقله ، والرقة في دينه ، وقلة
الحياء في وجهه ، فنعوذ بالله من الفقر .
وقال عليه السلام : الفقر مخزون عند الله بمنزلة الشهادة يؤتيه الله من يشاء .
عن النبي صلى الله عليه وآله : من توفر حظه في الدنيا انتقص حظه في الاخرة ، وإن
كان كريما .
وقال الفقراء لرسول الله : إن الاغنياء ذهبوا بالجنة يحجون ، ويعتمرون
ويتصدقون ، ولا نقدر عليه ، فقال عليه السلام : إن من صبر واحتسب منكم
تكن له ثلاث خصال ليس للاغنياء أحدها أن في الجنة غرفا ينظر إليها أهل الجنة
كما ينظر أهل الارض إلى نجوم السماء لا يدخلها إلا نبي فقير أو شهيد فقير
أو مؤمن فقير ، وثانيها يدخل الفقراء الجنة قبل الاغنياء بخمسمائة عام ، وثالثها
إذا قال الغني : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ، وقال الفقير
مثل ذلك لم يلحق الغني الفقير ، وإن أنفق فيها عشرة آلاف درهم ، وكذلك أعمال
البر كلها فقالوا : رضينا .
عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وآله : يقوم فقراء امتي يوم القيامة
وثيابهم
خضر ، وشعروهم منسوجة بالدر والياقوت ، وبأيديهم قضبان من نور ، يخطبون
على المنابر فيمر عليهم الانبياء فيقولون : هؤلاء من الملائكة ، وتقول الملائكة :
هؤلاء من الانبياء ، فيقولون : نحن لا ملائكة ولا أنبياء ، بل نفر من فقراء امة
محمد صلى الله عليه وآله ، فيقولون : بما نلتم هذه الكرامة ؟ فيقولون : لم يكن
أعمالنا شديدا
ولم نصم الدهر ، ولم نقم الليل ، ولكن أقمنا على الصلوات الخمس ، وإذا سمعنا
ذكر محمد صلى الله عليه وآله فاضت دموعنا على خدودنا .
عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله : كلمني ربي فقال : يا محمد إذا
أحببت
عبدا أجعل معه ثلاثة أشياء : قلبه حزينا ، وبدنه سقيما ، ويده خالية عن حطام الدنيا
(
وإذا أبغضت عبدا أجعل معه ثلاثة أشياء : قلبه مسرورا ، وبدنه صحيحا ، ويده مملؤة .
من حطام الدنيا .
[ 49 ]
قال النبي صلى الله عليه وآله : من جاع أو احتاج فكتمه الناس وأفشاه إلى الله كان
حقا على الله أن يرزقه سنة من الحلال .
وقال صلى الله عليه وآله : اللهم أحيني مسكينا ، وأمتني مسكينا ، واحشرني في زمرة
المساكين .
وقال عليه السلام : الفقراء ملوك أهل الجنة ، والناس كلهم مشتاقون إلى الجنة
والجنة مشتاقة إلى الفقراء .
وقال صلى الله عليه وآله : الفقر فخري ( 1 ) .
قال النبي صلى الله عليه وآله : من استذل مؤمنا أو مؤمنة أو حقره لفقره وقلة ذات
يده ، شهره الله يوم القيامة ثم يفضحه .
قال أبوالحسن موسى عليه السلام : إن الانبياء وأولاد الانبياء وأتباع الانبياء
خصوا بثلاث خصال : السقم في الابدان ، وخوف السلطان ، والفقر .
روي أن أحدا من الصحابة شكى إلى النبي صلى الله عليه وآله عن الفقر والسقم ، قال
النبي صلى الله عليه وآله : فاذا أصبحت وأمسيت فقل : لا حول ولا قوة إلا بالله
توكلت على الحي الذي لا يموت ، والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في
الملك
قال : فوالله ما قلته إلا أياما حتى أذهب عني الفقر والسقم .
وقال عليه السلام : الفقر شين عند الناس وزين عند الله يوم القيامة .
عن عبيد البصري يرفعه إلي أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وآله :
يا علي إن الله جعل الفقر أمانة عند خلقه فمن ستره كان كالصائم القائم ، ومن
أفشاه إلى من يقدر على قضاء حاجته فلم يفعل فقد قتله ، أما إنه ما قتله بسيف ولا
رمح ولكن بما أنكا من قلبه ( 2 ) .
59 محص : عن المفضل قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : كلما ازداد العبد إيمانا
ازداد ضيقا في معيشته .
60 محص : عن عبدالله بن سنان قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : أكرم ما يكون
هوامش صفحة - 49 - ( 1 ) في المصدر هنا تقديم وتأخير .
( 2 ) جامع الاخبار ص 128 130 .
[ 50 ]
العبد إلى الله أن يطلب درهما فلا يقدر عليه ، قال عبدالله بن سنان : قال
أبوعبدالله
عليه السلام هذا الكلام وعندي مائة ألف وأنا اليوم ما أملك درهما .
61 محص : عن عباد بن صهيب قال : سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول : قال
الله تعالى : لولا أنني أستحيي من عبدي المؤمن ما تركت له خرقة يتوارى بها إلا
أن العبد إذا تكامل فيه الايمان ابتليته في قوته ، فان جزع رددت عليه قوته ، وإن
صبر باهيت به ملائكتي فذاك الذي تشير إليه الملائكة بالاصابع .
62 محص : عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : وكل الرزق بالحمق ، ووكل
الحرمان بالعقل ، ووكل البلاء بالصبر .
63 محص عن محمد بن سليمان قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : من استذل
مؤمنا لقلة ذات يده شهره الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق لا محالة .
64 محص : عن ابن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : المصائب منح من
الله ، والفقر عند الله مثل الشهادة ، ولا يعطيه من عباده إلا من أحب .
65 محص : عن علي بن عفان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله ليعتذر
إلى عبده المؤمن المحتاج كان في الدنيا كما يعتذر الاخر إلى أخيه ، فيقول : لا
وعزتي ما أفقرتك لهوان بك علي ، فارفع هذا الغطاء فانظر ( ما عوضتك من الدنيا
فيكشف فينظر ) ما عوضه الله من الدنيا ، ما يضرني ما منعتني مع ما عوضتني .
66 محص : عن محمد بن خالد البرقي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : والله ما
اعتذر إلى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا إلى فقراء شيعتنا ، قيل له : وكيف يعتذر
إليهم ؟ قال : ينادي مناد أين فقراء المؤمنين ؟ فيقوم عنق من الناس فيتجلى لهم الرب
فيقول : وعزتي وجلالي وعلوي وآلائي وارتفاع مكاني ما حبست عنكم شهواتكم في
دار الدنيا ( هوانا بكم علي ولكن ذخرته لكم لهذا اليوم أما ترى قوله : " ما حبست
عنكم شهواتكم في دار الدنيا " ) اعتذارا ؟ قوموا اليوم وتصفحوا وجوه خلائقي
فمن وجدتم له عليكم منة بشربة من ماء فكافوه عني بالجنة .
وعن أبي عبدالله عليه السلام قال : قل لمصاص شيعتنا غربوا أو شرقوا لن ترزقوا
[ 51 ]
الا القوت ( 1 ) .
67 محص : عن مبارك ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال الله : إني لم اغني
الغني لكرامة به علي ولم افقر الفقير لهوان به علي ، وهو مما ابتليت به الاغنياء
بالفقراء ، ولولا الفقراء لم يستوجب الاغنياء الجنة .
68 محص : عن أبي عمير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن العبد المؤمن
الفقير ليقول : يارب ارزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير ، فاذا
علم الله ذلك منه كتب له من الاجر مثل ما يكتبه لو عمله ، إن الله واسع كريم .
69 محص : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
يقول الله
عزوجل : لولا عبدي المؤمن لعصبت رأس الكافر بعصابة من جوهر .
70 محص : عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : من ضيق عليه في ذات يده فلم يظن
أن ذلك حسن نظر من الله له ، فقد ضيع مأمولا ، ومن وسع عليه في ذات يده
فلم يظن أن ذلك استدراج من الله فقد آمن مخوفا .
71 محص : عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنا نحب المال وأن
لا نؤتي منه خير لنا ، إن عليا أميرالمؤمنين عليه السلام كان يقول : أنا يعسوب (
المؤمنين )
وأميرالمؤمنين ، وإن أكثر المال عدو للمؤمنين ويعسوب المنافقين .
72 محص : عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رجلا
من الانصار أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله صاعا من رطب ، فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله
للخادم التي جاءت به : ادخلي فانظري هل تجدين في البيت قصعة أو طبقا فتأتيني به ؟
فدخلت ثم خرجت اليه فقالت : ما أصبت قصعة ولا طبقا ، فكنس رسول الله صلى الله عليه
وآله
بثوبه مكانا من الارض ، ثم قال لها : ضعيه ههنا على الحضيض ، ثم قال : والذي
نفسي بيده لوكانت الدنيا تعدل عند الله مثقال جناح بعوضة ما أعطى كافرا ولا منافقا
منها شيئا .
هوامش صفحة - 51 - ( 1 ) المصاص : خالص كل شئ ، يقال فلان مصاص قومه : إذا كان
أخلصهم نسبا ،
يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمؤنث والمذكر ، ويقال : غرب فلان إذا امعن في
سيره حتى بلغ المغرب كما يقال شرق إذا بلغ المشرق كذلك .
[ 52 ]
73 محص : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وآله :
يقول الله عزوجل : يا دنيا تمرري على عبدي المؤمن بأنواع البلاء ، وضيقي
عليه في المعيشة ، ولا تحلولي فيركن إليك ( 1 ) .
74 محص : عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لولا كثرة
الحاح المؤمن في الرزق لضيق عليه من الرزق أكثر مما هو فيه .
75 محص : عن المفضل قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : لولا الحاح هذه
الشيعة على الله في طلب الرزق لنقلهم من الحال التي هم عليها إلى ما هو أضيق .
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 52 سطر 8 إلى صفحه 60 سطر 8
76 محص : عن عبدالله بن سنان قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : الفقر أزين
على المؤمن من العذار على خد الفرس ، وإن آخر الانبياء دخولا إلى الجنة
سليمان ، وذلك لما اعطى من الدنيا .
77 محص : عن ابن دراج ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ما سد الله على
مؤمن باب رزق إلا فتح الله له خيرا منه ، قال ابن أبي عمير ، ليس يعني بخير منه
أكثر منه ، ولكن يعني إن كان أقل فهو خير له .
78 محص : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من حقر مؤمنا مسكينا لم يزل
الله له حاقرا ماقتا حتى يرجع عن محقرته إياه .
79 محص : عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله ليعطي
الدنيا من يحب ويبغض ، ولا يعطي الاخرة إلا من يحب ، وإن المؤمن
ليسأل ربه موضع سوط في الدنيا فلا يعطيه ، ويسأله الاخرة فيعطيه ما شاء
ويعطي الكافر في الدنيا قبل أن يسأله ما شاء ، ويسأله موضع سوط في الاخرة
فلا يعطيه شيئا .
80 محص : عن حمران ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن هذه الدنيا
يعطاها البر والفاجر ، وإن هذا الدين دين لا يعطيه الله إلا خاصته .
81 محص : عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الفقر
مخزون عند الله لا يبتلى به إلا من أحب من المؤمنين ، ثم قال : إن الله يعطى
هوامش صفحة - 52 - ( 1 ) تمرري أي صيري مرة ، ولا تحلولي : أي لا تصيري حلوة ، من
الاحليلاء .
[ 53 ]
الدنيا من أحب ومن أبغض ولا يعطى دينه إلا من أحب .
82 دعوات الراوندي : قال النبي صلى الله عليه وآله : لولا ثلاثة في ابن آدم ما
طأطأ رأسه شئ : المرض ، والموت ، والفقر ، وكلهن فيه وإنه لمعهن لوثاب .
83 نهج : قال عليه السلام : الغنى في الغربة وطن ، والفقر في الوطن
غربة ( 1 ) .
وقال عليه السلام : الفقر يخرس الفطن عن حجته ، والمقل غريب في
بلدته ( 2 ) .
وقال عليه السلام : الفقر الموت الاكبر ( 3 ) .
وقال عليه السلام لابنه محمد ، يا بني إني أخاف عليك الفقر فاستعذ بالله منه
فان الفقر منقصة للدين ، ومدهشة للعقل ، داعية للمقت ( 4 ) .
وقال عليه السلام : العفاف زينة الفقر والشكر زينة الغنا ( 5 ) .
وقال عليه السلام : ألا وإن من البلاء الفاقة ، وأشد من الفاقة مرض البدن
وأشد من مرض البدن مرض القلب ، ألا وإن من النعم سعة المال ، وأفضل من
سعة المال صحة البدن ، وأفضل من صحة البدن تقوى القلب ( 6 ) .
وقال عليه السلام : الغنا والفقر بعد العرض على الله سبحانه ( 7 ) .
84 كنز الكراجكي : قال لقمان لابنه ، اعلم أي بني إني قد ذقت الصبر
وأنواع المر فلم ار أمر من الفقر ، فان افتقرت يوما فاجعل فقرك بينك وبين الله
هوامش صفحة - 53 - ( 1 ) نهج البلاغة ج 2 ص 156 .
( 2 ) نهج البلاغة ج 2 ص 144 .
( 3 ) نهج البلاغة ج 2 ص 184 .
( 4 ) نهج البلاغة ج 2 ص 221 .
( 5 ) نهج البلاغة ج 2 ص 156 .
( 6 ) نهج البلاغة ج 2 ص 238 .
( 7 ) نهج البلاغة ج 2 ص 250 .
[ 54 ]
ولا تحدث الناس بفقرك ، فتهون عليهم ، ثم سل في الناس هل من أحد دعا الله فلم
يجبه ؟ أو سأله فلم يعطه ( 1 ) .
85 عدة الداعي : قال أمير المؤمنين عليه السلام : الفقر خير للمؤمن من حسد
الجيران ، وجور السلطان ، وتملق الاخوان .
وروى حسان بن يحيى ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رجلا فقيرا أتى
رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده رجل غني فكف ثيابه وتباعد عنه ، فقال له رسول
الله :
ما حملك على ما صنعت ؟ أخشيت أن يلتصق فقره بك ؟ أو يلصق غناك به ؟ فقال
يارسول الله أما إذا قلت هذا فله نصف مالي ، قال النبي صلى الله عليه وآله للفقير :
أتقبل
منه ، قال : لا ، قال : ولم ؟ قال : أخاف أن يدخلني ما دخله .
وعنه عليه السلام قال : في الانجيل إن عيسى عليه السلام قال : اللهم ارزقني
غدوة رغيفا من شعير ، وعشية رغيفا من شعير ، ولا ترزقني فوق ذلك فأطغى ( 2 ) .
وعن الصادقين عليهم السلام : من كثر اشتباكه بالدنيا ، كان أشد لحسرته عند
فراقها .
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : تخففوا تلحقوا ، فانما ينتظر بأولكم آخركم .
وتحسر سلمان الفارسي رضي الله عنه عند موته فقيل له : علام تأسفك
يا أبا عبدالله ؟ قال : ليس تأسفي على الدنيا ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله
عهد الينا
وقال : ليكن بلغة أحدكم كزاد الراكب ، وأخاف أن نكون قد جاوزنا أمره
وحولي هذه الاوساد وأشار إلى ما في بيته ، وقال : هو دست وسيف وجفنة .
وقال أبوذر رحمة الله عليه : يا رسول الله الخائفون الخاشعون المتواضعون
الذاكرون الله كثيرا يسبقون الناس إلى الجنة ؟ قال : لا ، ولكن فقراء المؤمنين
يأتون فيتخطون رقاب الناس ، فيقول لهم خزنة الجنة ، كما أنتم حتى تحاسبوا
فيقولون : بم نحاسب ؟ فوالله ما ملكنا فنجور ونعدل ، ولا افيض علينا فنقبض
هوامش صفحة 54 ( 1 ) كنز الكراجكي ص 214 .
( 2 ) عدة الداعي ص 83 .
[ 55 ]
ونبسط ، ولكن عبدنا ربنا حتى أتانا اليقين ( 1 ) .
وفيما أوحى الله إلى موسى عليه السلام : إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار
الصالحين ، وإذا رأيت الغنا مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته ( 2 ) .
وقال عيسى عليه السلام : خادمي يداي ، ودابتي رجلاي ، وفراشي الارض
ووسادي الحجر ، ودفئي في الشتاء مشارق الارض ( 3 ) وسراجي بالليل القمر
وإدامي الجوع ، وشعاري الخوف ، ولباسي الصوف ، وفاكهتي وريحاني ما أنبتت
الارض للوحوش والانعام ، أبيت وليس لي شئ ، وأصبح وليس لي شئ ، وليس
على وجه الارض أحد أغنى مني .
وقال الصادق عليه السلام : إن الله عزوجل ليعتذر إلى عبده المحوج كان في
الدنيا ، كما يعتذر الاخ إلى أخيه ، فيقول : وعزتي ما أفقرتك لهوان كان بك
على فارفع هذا الغطاء فانظر ما عوضتك من الدنيا ، فيكشف فينظر ما عوضه الله
عزوجل من الدنيا ، فيقول ما ضرني يارب ما زويت عني ، مع ما عوضتني ( 4 ) .
وقال الله عزوجل لعيسى عليه السلام : إني وهبت لك المساكين ورحمتهم :
تحبهم ويحبونك ، يرضون بك إماما وقائدا وترضى بهم صحابة وتبعا ، وهما
خلقان ، من لقيني بهما لقيني بازكى الاعمال واحبها إلي .
وقال النبي صلى الله عليه وآله : الفقر فخري وبه أفتخر . وقال عيسى عليه السلام :
بحق أقول لكم إن أكناف السماء لخالية من الاغنياء
ولدخول جمل في سم الخياط أيسر من دخول غني الجنة .
وعن النبي صلى الله عليه وآله : اطلعت على الجنة فوجدت أكثر أهلها الفقراء
والمساكين
هوامش صفحة - 55 - ( 1 ) عدة الداعي ص 84 .
( 2 ) عدة الداعي ص 85 .
( 3 ) يعني ما يدفع ويدفأ به سورة الشتاء وبرودته الرواح إلى مشارق الارض التي
يكون شروق الارض عليها اكثر يعني البلاد الحارة .
( 4 ) عدة الداعي ص 68 .
[ 56 ]
وإذا ليس فيها أحد أقل من الاغنياء والنساء ( 1 ) .
86 كتاب الامامة والتبصرة : عن أحمد بن علي ، عن محمد بن الحسن ، عن
محمد بن الحسن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن
جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وآله : سائلوا العلماء
وخاطبوا الحكماء ، وجالسوا الفقراء .
ومنه : عن القاسم بن علي العلوي ، عن محمد بن أبي عبدالله ، عن سهل بن زياد
عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال
:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : طوبى للمساكين بالصبر ، هم الذين يرون ملكوت
السماوات .
ومنه : عن محمد بن عبدالله ، عن محمد بن محمد ، عن موسى بن إسماعيل ، عن أبيه
عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الفقر خير من
الغنى ، إلا من حمل
في مغرم وأعطى في نائبه .
وقال صلى الله عليه وآله : الفقر فقر القلب ، وقال صلى الله عليه وآله :
الفقر راحة .
95 .
( باب )
* " ( الغنا والكفاف ) " *
الايات : المؤمنون : أيحسبون أنما نمدهم من مال وبنين نسارع لهم في
الخيرات بل لا يشعرون ( 2 ) .
العلق : إن الانسان ليطغى * أن رآه استغنى * إن إلى ربك الرجعى ( 3 )
التكاثر : ألهيكم التكاثر إلى قوله : ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم .
هوامش صفحة 56 ( 1 ) عدة الداعي ص 91 .
( 2 ) المؤمنون : 55 و 56 .
( 3 ) العلق : 6 8 .
[ 57 ]
تفسير : " أيحسبون " في المجمع معناه أيظن هؤلاء الكفار أن ما نعطيهم
ونزيدهم في الاموال والاولاد إنما نعطيهم ثوابا مجازاة لهم على أعمالهم أو
لرضانا عنهم ولكرامتهم علينا ؟ ليس الامر كما يظنون بل ذلك إملاء لهم واستدراج
لهوانهم علينا ، وللابتلاء في التعذيب لهم .
وروى السكوني ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله تعالى يقول : يحزن عبدي المؤمن إذا قترت
عليه شيئا
من هذه الدنيا وذلك أقرب له مني ، ويفرح إذا بسطت له في الدنيا ، وذلك
أبعد له مني ، ثم تلا هذه الاية إلى قوله : " بل لا يشعرون " ثم قال : إن ذلك
فتنة لهم .
ومعنى " نسارع " نسرع ونتعجل وتقديره نسارع لهم به في الخيرات
والخيرات المنافع التي يعظم شأنها ونقيضها الشرور ، وهي المضار التي يشتد أمرها
والشعور والعلم الذي يدق معلومه وفهمه على صاحبه كدقة الشعر ، وقيل : هو
العلم من جهة المشاعر وهي الحواس ولهذا لا يوصف القديم سبحانه ( 1 ) .
وقال البيضاوي : أي بل هم كالبهائم لا فطنة بهم ولا شعور لهم ليتأملوا فيعلموا
ان ذلك الامداد استدراج لا مسارعة في الخير ( 2 ) .
1 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن غير واحد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي
عبيدة الحذاء قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : قال رسول الله صلى الله عليه
وآله : قال الله
عزوجل : إن من أغبط أوليائي عندي رجل خفيف الحال ، ذا حظ من صلاة
أحسن عبادة ربه بالغيب ، وكان غامضا في الناس ، جعل رزقه كفافا فصبر عليه
عجلت منيته فقل تراثه وقلت بواكيه ( 3 ) .
بيان : الاغبط مأخوذ من الغبطة بالكسر وهي حسن الحال والمسرة " خفيف
هوامش صفحة 57 ( 1 ) مجمع البيان ج 1 ص 109 .
( 2 ) انوار التنزيل : 288 .
( 3 ) الكافي ج 7 ص 140 .
[ 58 ]
الحال في بعض النسخ بالحاء المهملة وفي بعضها بالمعجمة ( 1 ) فعلى الثاني أي قليل
المال والحظ من الدنيا والاول أيضا قريب منه ، قال في النهاية : فيه إنه صلى الله
عليه وآله لم يشبع من طعام إلا على حفف ، الحفف الضيق وقلة المعيشة ، يقال : أصابه
حفف وحفوف وحفت الارض إذا يبس نباتها أي لم يشبع إلا والحال عنده خلاف
الرخاء والخصب ومنه حديث قال له وفد العراق : إن أميرالمؤمنين بلغ منا وهو
حاف المطعم أي يابسه وقحله ومنه رأيت أبا عبيدة حفوقا أي ضيق عيش ، ومنه
إن عبدالله بن جعفر حفف وجهد أي قل ماله انتهى .
" ذا حظ من صلاة " أي صاحب نصيب حسن وافر من الصلاة فرضا ونقلا كما
وكيفا ، ويحتمل أن يكون " من " للتعليل أي ذا حظ عظيم من القرب أو الثواب
أو العفة وترك المحرمات أو الاعم بسبب الصلاة لانها تنهى عن الفحشاء والمنكر
وهي قربان كل تقي .
" أحسن عبادة ربه بالغيب " أي غائبا عن الناس والتخصيص لانه أخلص
وأبعد من الرئاء أو بسبب إيمانه بموعود غائب عن حواسه ، كما قال تعالى :
" يؤمنون بالغيب " أو الباء للالة إي إحسان عبادتهم بالقلب لا بالجوارح الظاهرة
فقط والاول أظهر .
" وكان غامضا في الناس " في النهاية أي مغمورا غير مشهور وأقول : إما للتقية
أو المعنى أنه ليس طالبا للشهرة ورفعه الذكر بين الناس " جعل " على بناء المفعول
" رزقه كفافا " أي بقدر الحاجة ، وبقدر ما يكفه عن السؤال ، قال في النهاية :
الكفاف
هو الذي لا يفضل عن الشئ ويكون بقدر الحاجة إليه ، ومنه لا تلام على كفاف
أي إذا لم يكن عندك كفاف لم تلم على أن لا تعطي أحدا وفي المصباح : قوته كفاف
هوامش صفحة - 58 - ولعل الصواب " خفيف الحاذ " وان كان الحاذ والحال بمعنى ، قال
الفيروز
آبادي : هما بحاذة واحدة ، أي بحالة واحدة ، وقال في التاج : الحاذ والحاذة : الحال
والحالة ، واللام أعلى من الذال ، وقال الجوهري : وفي الحديث : مؤمن خفيف الحاذ "
أي خفيف الظهر .
[ 59 ]
بالفتح أي مقدار حاجته من غير زيادة ولا نقص ، سمي بذلك لانه يكف عن
سؤال الناس ويغني عنهم .
" عجلت منيته " كأن ذكر تعجيل المنية لانه من المصائب التي ترد عليه
وعلم الله صلاحه في ذلك لخلاصه من أيدي الظلمة ، أو بذله نفسه لله بالشهادة
وقيل : كأن المراد بعجلة منيته زهده في مشتهيات الدنيا وعدم افتقاره إلى شئ
منها كأنه ميت ، وقد ورد في الحديث المشهور موتوا قبل أن تموتوا ، أو المراد
أنه مهما قرب موته قل تراثه وقلت بواكيه ، لانسلاله متدرجا عن أمواله وأولاده .
وأقول : سيأتي نقلا عن مشكوة الانوار : مات فقل تراثه ( 1 ) .
وقال في الصحاح : التراث أصل التاء فيه واو ، وقلة البواكي لقلة عياله وأولاده
وغموضه وعدم اشتهاره ، ولانه ليس له مال ينفق في تعزيته فيجتمع عليه الناس .
2 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : طوبى لمن أسلم وكان عيشه
كفافا ( 2 ) .
بيان : قال في النهاية : فيه فطوبى للغرباء ، طوبى إسم الجنة ، وقيل : هي
شجرة فيها وأصلها فعلى من الطيب فلما ضمت التاء انقلبت الياء واوا ( 3 ) وفي
القاموس
العيش الحياة عاش يعيش عيشا ومعاشا ومعيشا ومعيشة وعيشة بالكسر ، والطعام وما يعاش
به والخبز .
3 كا : بالاسناد ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : اللهم ارزق محمدا وآل محمد ومن أحب محمدا وآل محمد العفاف
والكفاف ، وارزق من أبغض محمدا وآل محمد المال والولد ( 4 ) .
تبيان : العفاف بالفتح عفة البطن والفرج ، أو التعفف عن السؤال من
الخلق أو الاعم ، ثم إن هذه الاخبار تدل على ذم كثرة الاموال والاولاد
هوامش صفحة - 59 - ( 1 ) مشكاة الانوار : 22 ، ولم يخرجه . ( 2 ) الكافي ج 2 ص 140
.
( 3 ) راجع ص 16 فيما سبق ففي الذيل شرح لذلك .
( 4 ) الكافي ج 2 ص 140 .
[ 60 ]
والاخبار في ذلك مختلفة ، وورد في كثير من الادعية طلب الغنا وكثرة الاموال
والاولاد ، وورد في كثير منها ذم الفقر والاستعاذة منه ، والجمع بينها لا يخلو من
إشكال .
ويمكن الجمع بينها بأن الغنا الممدوح ما يكون وسيلة إلى تحصيل
الاخرة ولا يكون مانعا من الاشتغال بالطاعات ، كما ورد نعم المال الصالح للعبد
الصالح ، وهو نادر ، والفقر المذموم هو ما لايصبر عليه ويكون سببا للمذلة والافتقار
إلى الناس ، وربما يحمل الفقر والغنا الممدوحان على الكفاف فانه غني بحسب
الواقع ويعده أكثر الناس فقرا ، ولا ريب في أن كثرة الاموال والاولاد والخدم
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 60 سطر 9 إلى صفحه 68 سطر 9
ملهية غالبا عن ذكر الله والاخرة كما قال سبحانه : " إنما أموالكم وأولادكم
فتنة " ( 1 ) وقال : " إن الانسان ليطغى ، إن رآه استغنى " ( 2 ) .
وأما إذا لم تكن حصول هذه الاشياء مانعة عن تحصيل الاخرة ، وكان
الغرض فيها طاعة الله وكثرة العابدين لله ، فهي من نعم الله على من علم الله صلاحه
فيه ، وكأن هذه الاخبار محمولة على الغالب ، ومضمون هذا الحديث مروي
في طرق العامة أيضا ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : اللهم
اجعل رزق
محمد قوتا ، وعنه أيضا اللهم اجعل رزق محمد كفافا ، وفي رواية اخرى اللهم اجعل
رزق آل محمد قوتا .
قال عياض : لا خلاف في فضيلة ذلك لقلة الحساب عليه ، وإنما اختلف أيهما
أفضل الفقر أو الغنا ؟ واحتج من فضل الفقر بدخول الفقراء الجنة قبل الاغنياء
قال القرطبي : القوت ما يقوت الابدان ويكف عن الحاجة ، وهذا الحديث
حجة لمن قال : إن الكفاف أفضل ، لانه صلى الله عليه وآله إنما يدعو بالارجح
وأيضا فان الكفاف حالة متوسطة بين الفقر والغنا ، وخير الامور أوسطها ، وأيضا
فانه حالة يسلم معها من آفات الفقر وآفات الغنا .
هوامش صفحة - 60 - ( 1 ) التغابن : 15 .
( 2 ) العلق : 6 و 7 .
[ 61 ]
وقال الابي : في إكمال الاكمال : في المسألة خلاف والمتحصل فيها أربعة
أقوال ، قيل : الغنا أفضل ، وقيل : الفقر أفضل ، وقيل : الكفاف أفضل ، وقيل :
بالوقف ، وقال : المراد بالرزق المذكور ما ينتفع به صلى الله عليه وآله في نفسه وفي
أهل بيته
وليس المراد به الكسب لانه كسب من خيبر وغيرها فوق القوت انتهى .
4 كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن يعقوب بن يزيد ، عن إبراهيم بن
محمد النوفلي رفعه إلى علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال : مر رسول الله صلى
الله عليه وآله
براعي إبل فبعث يستسقيه فقال : أما ما في ضروعها فصبوح الحي ، وأما ما في
آنيتها فغبوقهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم أكثر ماله وولده . ثم
مر براعي
غنم فبعث إليه يستسقيه فحلب له ما في ضروعها وأكفأ ما في إنائه في إناء رسول الله
صلى الله عليه وآله وبعث إليه بشاة وقال : هذا ما عندنا ، وإن أحببت أن نزيدك
زدناك قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم ارزقه الكفاف .
فقال له بعض أصحابه : يا رسول الله دعوت للذي ردك بدعاء عامتنا نحبه
ودعوت للذي أسعفك بحاجتك بدعاء كلنا نكرهه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله :
إن ما
قل وكفى خير مما كثر وألهى ، اللهم ارزق محمدا وآل محمد الكفاف ( 1 ) .
توضيح : الصبوح بالفتح شرب الغداة أو ما حلب أول النهار ، والغبوق بالفتح
أيضا الشرب بالعشي أو ما حلب آخر النهار ، وفي القاموس كفأه كمنعه صرفه وكبه
وقلبه كأكفأه وقال الجوهري : كفأت الاناء كببته وقلبته فهو مكفوء ، وزعم ابن
الاعرابي أن أكفأته لغة ، وقال الكسائي : كفأت الاناء كببتة وأكفأته أملته
وقال : أسعفت الرجل بحاجته إذا قضيتها له .
5 كا : عن العدة ( 2 ) عن أبيه ، عن أبي البختري ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : إن الله عزوجل يقول : يحزن عبدي المؤمن إن قترت عليه ، وذلك أقرب
له مني ، ويفرح عبدي المؤمن أن وسعت عليه وذلك أبعد له مني ( 3 ) .
بيان : الحزن بالضم الهم وحزن كفرح لازم ، وحزن كنصر متعد ، يقال :
هوامش صفحة - 61 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 140 و 141 . ( 2 ) في المصدر : عنه عن أبيه .
( 3 ) الكافي ج 2 ص 141 .
[ 62 ]
حزنه الامر حزنا وأحزنه ، وهنا يحتمل الوجهين بأن يكون " يحزن " بفتح
الزاي و " عبدي " فاعله ، و " إن " بالكسر حرف شرط أو " يحزن " بالضم
و " عبدي " مفعوله و " أن " بالفتح مصدرية في محل الفاعل ، والتقتير التضييق
وكذا قوله : " يفرح " يحتمل بناء المجرد ورفع " عبدي " وكسر " إن " أو بناء
التفعيل ونصب " عبدي " وفتح " أن " واللام في " له " في الموضعين للتعدية .
6 كا : عن الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد الازدي
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال الله عزوجل : إن من أغبط أولياء عندي عبدا
مؤمنا ذا حظ من صلاح ، أحسن عبادة ربه ، وعبدالله في السريرة ، وكان غامضا
في الناس ، فلم يشر إليه بالاصابع ، وكان رزقه كفافا ، فصبر عليه ، فعجلت به المنية
فقل تراثه وقلت بواكيه ( 1 ) .
بيان : السر والسريرة ما يكتم أي عبدالله خفية ، فهو يؤيد الغيب ( 2 ) بالمعنى
الاول أو في القلب عند حضور المخالفين فيؤيد الاخير ، والاول أظهر " فلم يشر "
على بناء المجهول كناية عن عدم الشهرة تأكيدا وتفريعا على الفقرة السابقة وقد مر
مضمونه في الحديث الاول ، ولله در من نظم الحديثين فقال :
أخص الناس بالايمان عبد * خفيف الحال ( 3 ) مسكنه القفار
له في الليل حظ من صلاة * ومن صوم إذا طلع النهار
وقوت النفس يأتي من كفاف * وكان له على ذاك اصطبار
وفيه عفة وبه خمول * إليه بالاصابع لا يشار
وقل الباكيات عليه لما * قضى نحبا وليس له يسار
فذاك قد نجى من كل شر * ولم تمسه يوم البعث نار
7 ل : عن علي بن عبدالله الاسواري ، عن أحمد بن محمد بن قيس ، عن
أبي يعقوب ، عن علي بن خشرم ، عن عيسى ، عن ابن عبيدة ، عن محمد بن كعب
هوامش صفحة - 62 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 141 . ( 2 ) يعني في الحديث الاول .
( 3 ) وقد يروى " خفيف الحاذ " .
[ 63 ]
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إنما أتخوف على امتي من بعدي ثلاث خلال :
أن يتأولوا
القرآن على غير تأويله ، أو يبتغوا زلة العالم ، أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا
ويبطروا ، وسأنبئكم المخرج من ذلك أما القرآن فاعملوا بمحكمه ، وآمنوا
بمتشابهه ، وأما العالم فانتظروا فيئته ولا تبتغوا زلته ، وأما المال فان المخرج
منه
شكر النعمة وأداء حقه ( 1 ) .
8 فس : " من كان يريد حرث الاخرة نزد له في حرثه " يعني ثواب الاخرة
" ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الاخرة من نصيب " ( 2 ) قال :
حدثني أبي ، عن بكر بن محمد الازدي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : المال
والبنون
( حرث الدنيا ، والعمل الصالح ) حرث الاخرة وقد يجمعهما الله لاقوام ( 3 ) .
9 ع : أبي ، عن محمد العطار ، عن المقرئ الخراساني ، عن علي بن جعفر
عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه عليهم السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى موسى عليه
السلام
يا موسى لا تفرح بكثرة المال ، ولا تدع ذكري على كل حال ، فان كثرة المال
تنسى الذنوب ، وإن ترك ذكري يقسي القلوب ( 4 ) .
10 ع : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم
الجازي ، عن أبي بصير قال : ذكرنا عند أبي جعفر عليه السلام من الاغنياء من الشيعة
فكأنه كره ما سمع منا فيهم ، قال : يا با محمد إذا كان المؤمن غنيا رحيما وصولا له
معروف إلى أصحابه ، أعطاه الله أجر ما ينفق في البر أجره مرتين ضعفين ، لان
الله عزوجل يقول في كتابه : " وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا
زلفى ، إلا من آمن وعمل صالحا فاولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في
هوامش صفحة - 63 - ( 1 ) الخصال ج 1 ص 78 .
( 2 ) الشورى : 20 .
( 3 ) تفسير القمي ص 601 .
( 4 ) علل الشرائع ج 1 ص 77 وفيه : عن العمركي الخراساني ظ .
[ 64 ]
الغرفات آمنون " ( 1 ) .
11 ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن القاسم بن إسماعيل ، عن إبراهيم بن
العباس قال : حدثني علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد أنه قال :
إذا أقبلت الدنيا على إنسان أعطته محاسن غيره ، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن
نفسه ( 2 ) .
12 لي : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن ابن هاشم ، عن ابن مرار ، عن يونس
عن عبدالله بن سنان ، عن الصادق عليه السلام قال : خمس من لم تكن فيه لم يتهن
بالعيش :
الصحة والامن والغنا والقناعة والانيس الموافق ( 3 ) .
13 ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وآله : أتاني ملك فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول :
إن شئت
جعلت لك بطحاء مكة ذهبا قال : فرفع رأسه إلى السماء فقال : يا رب أشبع يوما
فأحمدك وأجوع يوما فأسألك ( 4 ) .
14 ما : الفيد ، عن محمد بن المظفر ، عن محمد بن عبد ربه ، عن عصام بن
يوسف ، عن أبي بكر بن عياش ، عن عبدالله بن سعيد ، عن أبيه ، عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم من أحبني فارزقه الكفاف والعفا ،
ومن
أبغضني فأكثر ماله وولده ( 5 ) .
15 ما : حموية ، عن أبي خليفة ، عن ابن مقبل ، عن عبدالله بن شبيب ، عن
إسحاق بن محمد القروي ، عن سعيد بن مسلم ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن
علي عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من رضى من الله بالقليل
من الرزق رضي
هوامش صفحة - 64 - ( 1 ) علل الشرائع ج 2 ص 291 والاية في سورة سبأ : 37 .
( 2 ) عيون الاخبار ج 2 ص 130 .
( 3 ) أمالي الصدوق ص 175 .
( 4 ) عيون الاخبار ج 2 ص 30 .
( 5 ) أمالي الصدوق ج 1 ص 132 .
[ 65 ]
الله منه بالقليل من العمل ( 1 ) .
16 مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن عمر ، عن أبيه
عن النضر بن قابوس قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام ، عن معنى الحديث : من رضي
من
الله باليسير من الرزق رضي الله منه باليسير من العمل ، قال : يطيعه في بعض ويعصيه
في بعض ( 2 ) .
17 ما : الغضايري ، عن الصدوق ، عن محمد بن أحمد بن علي الاسدي ، عن
عبدالله بن سليمان وعبدالله بن محمد الدهني وأحمد بن عمير ، ومحمد بن أبي أيوب
جميعا ، عن عبدالله بن هاني بن عبدالرحمان ، عن أبيه ، عن عمه إبراهيم بن ام
الدرداء
عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أصبح معافا في جسده ،
آمنا في سربه
عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا .
يا ابن جعشم يكفيك منها ما سد جوعتك ، ووارى عورتك ، وان يكن
بيت يكنك فذاك ، وان يكن دابة تركبها فبخ بخ ، وإلا فالخبز ، وما بعد ذلك
حساب عليك أو عذاب ( 3 ) .
18 ب : ابن سعد ، عن الازدي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أن من أغبط
أوليائي عندي عبدا مؤمنا ذا حظ من صلاح أحسن عبادة ربه وعبدالله في السريرة
وكان غامضا في الناس ، فلم يشر اليه بالاصابع ، وكان رزقه كفافا فصبر عليه
تعجلت به المنية ، فقل تراثه وقلت بواكيه ثلاثا ( 4 ) .
19 ل : حمزة العلوي ، عن علي بن إبراهيم ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي
عمير ، عن الحسين بن عثمان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله عزوجل يبغض
الغني الظلوم ، والشيخ الفاجر ، والصعلوك المختال . ثم قال : أتدري ما الصعلوك
هوامش صفحة - 65 - ( 1 ) أمالي الطوسي ج 2 ص 19 .
( 2 ) معاني الاخبار ص 260 .
( 3 ) أمالي الطوسي ج 2 ص 42 .
( 4 ) قرب الاسناد ص 20 .
[ 66 ]
المختال ؟ قال : فقلنا : القليل المال ؟ قال : لا هو الذي لا يتقرب إلى الله عزوجل
بشئ من ماله ( 1 ) .
20 ضا : أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : يقول الله عزوجل : إن أغبط
عبادي يوم القيامة عبد رزق حظا من صلاحه ، قترت في رزقه فصبر حتى إذا حضرت
وفاته قل تراثه وقل بواكيه .
ونروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اللهم ارزق محمدا وآل محمدا ومن أحبهم
العفاف والكفاف ، وارزق من أبغض محمدا وآل محمدا المال والولد .
وروي أن قيما كان لابي ذر الغفاري في غنمه فقال : قد كثر الغنم وولدت
فقال : تبشرني بكثرتها ما قل وكفى منها أحب إلي مما كثر وألهى .
وروي طوبى لمن آمن وكان عيشه كفافا .
21 سر : من كتاب ابن تغلب ، عن ابن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن
عطية أخي أبي العرام ( 2 ) قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول : إنا لنحب الدنيا
ولا
نؤتاها وهو خير لنا وما اوتي عبد منها شيئا إلا كان أنقص لحظه في الاخرة ، وليس
من شيعتنا من له مائة ألف ولا خمسون ألفا ولا أربعون ألفا ولو شئت أن أقول ثلاثون
ألفا لقلت ، وما جمع رجل قط عشرة آلاف من حلها .
22 محص : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
الفقر خير للمؤمن
من الغنا إلا من حمل كلا وأعطى في نائبة ، قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وآله
: ما أحد
يوم القيامة غني ولا فقير إلا يود أنه لم يؤت منها إلا القوت .
23 محص : عن إبراهيم بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ماأعطى الله
عبدا ثلاثين ألفا وهو يريد به خيرا . وقال ما جمع رجل قط عشرة آلاف من حل
وقد جمعهما الله لاقوام إذا أعطوا القريب ، ورزقوا العمل الصالح ، وقد جمع الله
لقوم
هوامش صفحة - 66 - ( 1 ) الخصال ج 1 ص 43 .
( 2 ) كذا في الاصل ، ولعله أخو أبي العوام ، كمافي التهذيب باب الذبائح والاطمعة
وفي الكافي ج 6 ص 314 باب القديد من أبواب الاطعمة أخو أبي المغرا .
[ 67 ]
الدنيا والاخرة .
24 محص : عن المفضل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : المال أربعة آلاف
واثنا عشر ألف كنز ، ولم يجتمع عشرون ألفا من حلال ، وصاحب الثلاثين ألفا
هالك ، وليس من شيعتنا من يملك مائة ألف .
25 محص : عن إسحاق بن عمار قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : من
أعطى في هذه الدنيا شيئا كثيرا ثم دخل الجنة كان أقل لحظه فيها .
26 محص : عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله يعطي
المال البار والفاجر ، ولايعطي الايمان إلا من أحب .
27 نوادر الراوندى : بإسناده عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ماقرب عبد من سلطان إلا تباعد من الله تعالى ،
ولاكثر ماله
إلا اشتد حسابه ، ولا كثر تبعه إلا كثر شياطينه ( 1 ) .
وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : طوبى لمن أسلم وكان عيشه
كفافا
وقوله سدادا ( 2 ) .
وبهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم ارزق محمدا وآل محمد
ومن أحب
محمدا وآل محمد العفاف والكفاف ، وارزق من أبغض محمدا وآل محمد كثرة المال
والولد ( 3 ) .
28 نهج : قال عليه السلام : المال مادة الشهوات ( 4 ) .
وقال عليه السلام : العفاف زينة الفقر ، والشكر زينة الغنا ( 5 ) .
هوامش الصفحة 67 - نوادر الراوندي ص 4 .
( 2 ) المصدر نفسه ، وفيه " وقواه سدادا " وفي أصل المؤلف " وقواه شدادا " والتصحيح
من نسخة الامامة والتبصرة كما سيأتي .
( 3 ) نوادر الراوندي ص 16 .
( 4 ) نهج البلاغة ج 2 ص 156 ، والمعنى أن المال يمد في الشهوات ويدعو اليها .
( 5 ) نهج البلاغة ج 2 ص 225 .
[ 68 ]
وقال عليه السلام : إذا كثرت المقدرة قلت الشهوة ( 1 ) .
وقال عليه السلام : لاينبغي للعبد أن يثق بخصلتين : العافية والغنا ، بينا تراه
معافا
إذ سقم ، وبينا تراه غنيا إذ افتقر ( 2 ) .
وقال عليه السلام : الدنيا دار مني لها الفناء ولاهلها منها الجلاء وهي حلوة خضرة
قد عجلت للطالب ، والتبست بقلب الناظر ، فارتحلوا عنها بأحسن مابحضرتكم من
الزاد ، ولاتسألوا فيها فوق الكفاف ، ولاتطلبوا منها أكثر من البلاغ ( 3 ) .
29 كتاب الامامة والتبصرة : عن القاسم بن علي العلوي ، عن محمد بن أبي
عبدالله ، عن سهل بن زياد ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن
أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : طوبى لمن
أسلم وكان عيشه كفافا
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 68 سطر 10 إلى صفحه 76 سطر 10
وقوله سدادا .
ومنه بهذا الاسناد قال : طوبى لمن رزق الكفاف ثم صبر عليه .
ومنه عن أحمد بن علي ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن
إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه
عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الغنى في القلب والفقر في
القلب .
وقال عليه السلام : الغنى عقوبة .
هوامش صفحة - 68 - ( 1 ) نهج البلاغة ج 2 ص 198 .
( 2 ) نهج البلاغة ج 2 ص 245 .
( 3 ) نهج البلاغة ج 1 ص 104 .
[ 69 ]
96 .
* ( باب ) *
* " ( ترك الراحة ) " * .
1 مص : قال الصادق عليه السلام : لا راحة لمؤمن على الحقيقة إلا عند لقاء الله
وماسوى ذلك ففي أربعة أشياء : صمت تعرف به حال قلبك ونفسك فيما يكون بينك
وبين باريك ، وخلوة تنجو بها من آفات الزمان ظاهرا وباطنا ، وجوع تميت
به الشهوات والوسواس والوساوس ، وسهر تنور به قلبك ، وتنقي ( 1 ) به طبعك
وتزكي به روحك .
قال النبي صلى الله عليه وآله : من أصبح آمنا في سربه ، معافا في بدنه ، وعنده قوت
يومه ، فانما حيزت له الدنيا بحذافيرها .
وقال وهب بن منبه : في كتب الاولين مكتوب ياقناعة العز والغنا معك
قرب من قاربك .
وقال أبودرداء : ماقسم الله لي لايفوتني ، ولو كان في جناح ريح .
وقال أبوذر : هتك ستر من لايثق بربه ، ولو كان محبوسا في الصم ( 2 )
الصلاخيد ( 3 ) فليس أحد أخسر وأخذل وأنزل ممن لايصدق ربه فيما ضمن له وتكفل
به ، من قبل أن خلقه له ، وهو مع ذلك يعتمد على قوته وتدبيره وسعيه وجهده
ويتعدى حدود ربه بأسباب قد أغناه الله عنها ( 4 ) .
هوامش صفحة - 68 - ( 1 ) في المصدر المطبوع : وتصفى ، وكلاهما بمعنى .
( 2 ) الصم جمع الاصم وحجر اصم صلب مصمت .
( 3 ) كذا في الاصل ، والصلاخيد كأنه جمع صلخد كجعفر وهو القوي الشديد
والصحيح كما في المصدر الصياخيد ، وهو جمع صيخود وصخرة صيخود وصيخاد : شديدة
الصلابة . ( 4 ) مصباح الشريعة ص 21 .
[ 70 ]
97 .
* ( باب الحزن ) *
1 مص : قال الصادق عليه السلام : الحزن من شعار العارفين ، لكثرة واردات
الغيب على سرائرهم ، وطول مباهاتهم تحت ستر الكبرياء ، والمحزون ظاهره قبض
وباطنه بسط ، يعيش مع الخلق عيش المرضاء ( 1 ) ومع الله عيش القرباء .
والمحزون غير المتفكر لان المتفكر متكلف ، والمحزون مطبوع ، والحزن
يبدو من الباطن والتفكر يبدو من رؤية المحدثات ، وبينهما فرق قال الله عزوجل
في قصة يعقوب عليه السلام " إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله مالا
تعلمون " ( 2 )
فبسبب ماتحت الحزن علم خص به من الله دون العالمين .
وقيل لربيع بن خثيم : مالك مهتم ؟ قال : لاني مطلوب . ويمين الحزن
الابتلاء ( 3 ) ، وشماله الصمت ، والحزن يختص به العارفون لله ، والتفكر يشترك
فيه الخاص والعام ، ولو حجب الحزن عن قلوب العارفين ساعة لاستغاثوا ، ولو
وضع في قلوب غيرهم لاستنكروه .
فالحزن أول ثانيه الامن والبشارة ، والتفكر ثان أوله تصحيح الايمان بالله
وثالثه الافتقار إلى الله عزوجل بطلب النجاة ، والحزين متفكر ، والمتفكر ، معتبر
هوامش صفحة - 70 - ( 1 ) أراد جمع المريض وليس بصحيح وجمع المريض مرضى ، وفي المصدر
المطبوع
صححت الكلمة هكذا : " وعيش المرضى ، ومع الله عيش القربى " .
( 3 ) يوسف : 86 .
( 4 ) في المصدر : الانكسار .
[ 71 ]
ولكل واحد منهما حال وعلم وطريق وعلم يشرق ( 1 ) .
2 جا : الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن أبي الخطاب ، عن
ابن أسباط ، عن ابن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
أوحى الله إلى عيسى بن مريم عليه السلام : ياعيسى هب لي من عينيك الدموع ، ومن
قلبك الخشوع ، واكحل عينك بميل الحزن ، إذا ضحك البطالون ، وقم على
قبور الاموات فنادهم بالصوت الرفيع لعلك تأخذ موعظتك منهم ، وقل إني لاحق بهم في
اللاحقين ( 2 ) .
( 3 ) محص : عن رفاعة ، عن جعفر عليه السلام قال : قرأت في كتاب علي عليه السلام
إن المؤمن يمسي ويصبح حزينا ولايصلح له إلا ذلك ( 3 ) .
هوامش صفحة - 71 - ( 1 ) مصباح الشريعة ص 62 ، وفيه " وحلم وشرف " .
( 2 ) مجالس المفيد ص 147 .
( 3 ) مشكوة الانوار نقلا من كتاب روضة الواعظين ، قال النبي صلى الله عليه وآله
اذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له من العمل مايكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها .
وقال الصادق عليه السلام : من كثرت ذنوبه ولم يجد مايكفرها به ابتلاه الله عزوجل
بالحزن في الدنيا ليكفرها به فان فعل ذلك به ، وإلا عذبه في قبره فيلقى الله عزوجل
يوم يلقاه وليس شئ يشهد عليه لشئ من ذنوبه .
ومن كتاب السيد ناصح الدين : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ان الله يحب
كل قلب حزين .
[ 73 ]
الجزء الثالث
من كتاب الايمان والكفر
( أبواب )
الكفر ومساوى الاخلاق
[ 74 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
( أبواب )
الكفر ومساوى الاخلاق
أقول : سيجئ في أبواب كتاب العشرة ، وكتاب الاداب والسنن ، والاوامر
والنواهي ، مايتعلق بهذه الابواب من الاخبار فانتظره .
98 .
* ( باب ) *
* " ( الكفر ولوازمه وآثاره وأنواعه وأصناف الشرك ) " *
الايات : البقرة : إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم
لايؤمنون * ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب
عظيم ( 1 ) .
وقال تعالى : والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النار هم فيها
خالدون ( 2 ) .
وقال تعالى : فلما جائهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين *
هوامش صفحة - 74 - ( 1 ) البقرة : 6 7 . ( 2 ) البقرة : 39 .
[ 75 ]
بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على
من يشاء من عباده فباؤا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين * وإذا قيل لهم
آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما انزل علينا ويكفرون بما ورائه وهو الحق
مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ( 1 ) .
وقال تعالى : وماكفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ( 2 ) .
وقال تعالى : إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار اولئك عليهم لعنة الله
والملائكة والناس أجمعين * خالدين فيها لايخفف عنهم العذاب ولاهم ينظرون ( 3 ) .
وقال تعالى : ومن يبدل نعمة الله من بعد ماجاءته فان الله شديد العقاب ( 4 ) .
وقال تعالى : والكافرون هم الظالمون ( 5 ) .
وقال تعالى : والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى
الظلمات اولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ( 6 ) .
وقال تعالى : والله لايهدي القوم الكافرين ( 7 ) .
آل عمران : إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد ( 8 ) .
وقال تعالى : إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله
شيئا واولئك وقود النار * كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا
فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب ( 9 ) .
وقال تعالى : إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق
ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم * اولئك الذين
هوامش صفحة - 75 - ( 1 ) البقرة : 89 91 . ( 2 ) البقرة : 102 .
( 3 ) البقرة : 161 162 . ( 4 ) البقرة : 211 .
( 5 ) البقرة : 254 . ( 6 ) البقرة : 257 .
( 7 ) البقرة : 264 . ( 8 ) آل عمران : 4 .
( 9 ) آل عمران : 10 11 .
[ 76 ]
حبطت أعمالهم في الدنيا والاخرة وما لهم من ناصرين ( 1 ) .
وقال تعالى : فأما الذين كفروا فاعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والاخرة
ومالهم من ناصرين ( 2 ) .
وقال تعالى : ماكان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول
للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب
وبما كنتم تدرسون * ولا يأمركم أن تتخذوا الملئكة والنبيين أربابا أيأمركم
بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ( 3 ) .
وقال تعالى : إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم
واولئك هم الضالون * إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم
ملا الارض ذهبا ولو افتدى به اولئك لهم عذاب أليم ومالهم من ناصرين ( 4 ) .
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 76 سطر 11 إلى صفحه 84 سطر 11
وقال سبحانه : ولاتكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجائهم
البينات واولئك لهم عذاب عظيم ( 5 ) .
وقال سبحانه : إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله
شيئا واولئك أصحاب النار هم فيها خالدون * مثل ماينفقون في هذه الحياة الدنيا
كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن
أنفسهم يظلمون ( 6 ) .
وقال تعالى : وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ( 7 ) .
وقال تعالى : سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله مالم
ينزل به سلطانا ومأويهم النار وبئس مثوى الظالمين ( 8 ) .
هوامش صفحة - 76 - ( 1 ) آل عمران : 21 22 .
( 2 ) آل عمران : 56 . ( 3 ) آل عمران : 79 80 .
( 4 ) آل عمران : 90 91 . ( 5 ) آل عمران : 105 .
( 6 ) آل عمران : 116 117 . ( 7 ) آل عمران : 141 .
( 8 ) آل عمران : 151 .
[ 77 ]
وقال تعالى : ولايحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا
يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الاخرة ولهم عذاب عظيم * إن الذين اشتروا
الكفر بالايمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم ( 1 ) .
النساء : إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن
يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما ( 2 ) .
وقال تعالى : إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت
جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما ( 3 ) .
وقال تعالى : إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا ( 4 ) .
وقال تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير
سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وساءت مصيرا * إن الله لايغفر أن يشرك
به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ( 5 ) .
وقال تعالى : ومن يكفر بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا
( 6 ) .
وقال تعالى : إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله
ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك
سبيلا * اولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ( 7 ) .
وقال تعالى : إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا *
إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق
جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا ( 8 ) .
هوامش صفحة - 77 - ( 1 ) آل عمران : 176 177 .
( 2 ) النساء : 48 . ( 3 ) النساء : 56 .
( 4 ) النساء : 102 . ( 5 ) النساء : 115 116 .
( 6 ) النساء : 136 . ( 7 ) النساء : 150 151 .
( 8 ) النساء : 168 169 .
[ 78 ]
المائدة : والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم ( 1 ) .
وقال تعالى : إن الذين كفروا لو أن لهم مافي الارض جميعا ومثله معه
ليفتدوا به من عذاب يوم القيمة ماتقبل منهم ولهم عذاب أليم * يريدون أن
يخرجوا من النار وماهم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم ( 2 ) .
وقال تعالى : إن الله لايهدي القوم الكافرين ( 3 ) .
وقال تعالى : فلا تأس على القوم الكافرين ( 4 ) .
وقال تعالى : وقال المسيح يابني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه
من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأويه النار وما للظالمين من أنصار ( 5 ) .
وقال تعالى : ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم ( 6 ) .
وقال تعالى : والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم ( 7 ) .
وقال تعالى : قل لايستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث ( 8 ) .
الانعام : ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ( 9 ) .
وقال تعالى : ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ماكانوا به يستهزؤن
( 10 ) .
وقال تعالى : الذين خسروا أنفسهم فهو لا يؤمنون ( 11 ) .
وقال تعالى : وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون * ولو ترى إذ وقفوا
على النار فقالوا ياليتنا نرد ولانكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين *
بل بد لهم ماكانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه وإنهم لكاذبون
هوامش صفحة - 78 - ( 1 ) المائدة : 10 .
( 2 ) المائدة : 36 37 . ( 3 ) المائدة : 67 .
( 4 ) المائدة : 68 . ( 5 ) المائدة : 72 .
( 6 ) المائدة : 73 . ( 7 ) المائدة : 86 .
( 8 ) المائدة : 100 . ( 9 ) الانعام : 1 .
( 10 ) الانعام : 10 . ( 11 ) الانعام : 12 .
[ 79 ]
إلى قوله تعالى : قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون * قد خسر الذين كذبوا
بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على مافرطنا فيها وهم
يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء مايزرون ( 1 ) .
وقال تعالى : والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشاء الله
يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ( 2 ) .
وقال تعالى : قل أرأيتكم إن أتيكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا
القوم الظالمون إلى قوله تعالى : والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا
يفسقون ( 3 ) .
وقال تعالى : وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا
وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولاشفيع ( 4 ) .
وقال تعالى : ولو أشركوا لحبط عنهم ماكانوا يعملون ( 5 ) .
وقال تعالى : وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا
لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلايصل إلى الله وما كان لله فهو يصل
إلى شركائهم ساء مايحكمون * وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم
شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله مافعلوه فذرهم ومايفترون *
وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لايطعمها إلا من نشاء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها
وأنعام لايذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون * وقالوا ما
في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا وإن يكن ميتة فهم
فيه شركاء سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم ( 6 ) .
وقال تعالى : قل تعالوا أتل ماحرم ربكم عليكم أن لاتشركوا به
شيئا ( 7 ) .
هوامش صفحه - 79 - ( 1 ) الانعام : 26 31 . ( 2 ) الانعام : 39 .
( 3 ) الانعام : 47 49 . ( 4 ) الانعام : 70 .
( 5 ) الانعام : 88 . ( 6 ) الانعام : 136 139 .
( 7 ) الانعام : 151 .
[ 80 ]
وقال تعالى : إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما
أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون ( 1 ) .
الاعراف : إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لاتفتح لهم
أبواب السماء ولايدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي
المجرمين * لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين إلى
قوله تعالى : فأذن موذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون
عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالاخرة كافرون ( 2 ) .
وقال تعالى : وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وماكانوا مؤمنين ( 3 ) .
وقال سبحانه : سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الارض بغير الحق
وإن يروا كل آية لايؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لايتخذوه سبيلا وإن يروا
سبيل الغي يتخذوه سبيلا * ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين * والذين
كذبوا بآياتنا ولقاء الاخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ماكانوا يعملون ( 4 ) .
وقال تعالى : ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون ( 5 ) .
وقال تعالى : والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لايعلمون *
واملي لهم إن كيدي متين ( 6 ) .
الانفال : ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فان الله
شديد العقاب * فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار ( 7 ) .
وقال سبحانه : ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين ( 8 ) .
هوامش صفحة - 80 - ( 1 ) الانعام : 159 .
( 2 ) الاعراف : 40 45 . ( 3 ) الاعراف : 72 .
( 4 ) الاعراف : 146 147 . ( 5 ) الاعراف : 177 .
( 6 ) الاعراف : 182 183 . ( 7 ) الانفال : 13 14 .
( 8 ) الانفال : 18 .
[ 81 ]
وقال سبحانه : ولاتكونوا كالذين قالوا سمعنا وهم لايسمعون * إن
شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لايعقلون * ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم
ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ( 1 ) .
وقال سبحانه : كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم
فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين * ان شر الدواب
عند الله الذين كفروا فهم لايؤمنون * الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في
كل مرة وهم لايتقون ( 2 ) .
التوبة : وأن الله مخزي الكافرين ( 3 ) .
وقال تعالى : وبشر الذين كفروا بعذاب أليم ( 4 ) .
وقال تعالى : والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم إلى قوله تعالى : ألم
يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فان له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ( 5
) .
وقال تعالى : استغفر لهم أو لاتستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن
يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لايهدي القوم الفاسقين ( 6 ) .
يونس : والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا
يكفرون ( 7 ) .
وقال تعالى : ولاتكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من
الخاسرين ( 8 ) .
هود : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين * أن لاتعبدوا
إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم ( 9 ) .
هوامش صفحه - 81 - ( 1 ) الانفال : 21 23 . ( 2 ) الانفال : 54 56 .
( 3 ) براءة : 2 . ( 4 ) براءة : 3 .
( 5 ) براءة : 61 63 . ( 6 ) براءة : 80 .
( 7 ) يونس : 4 . ( 8 ) يونس : 95 .
( 9 ) هود : 25 26 .
[ 82 ]
وقال تعالى حاكيا عن هود : ياقوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره إن أنتم
إلا مفترون إلى قوله تعالى : وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا
أمر كل جبار عنيد * واتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيمة ألا إن عادا
كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود ( 1 ) .
الرعد : وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لايعلم في الارض
أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن
يضلل الله فماله من هاد * لهم عذاب في الحيوة الدنيا ولعذاب الاخرة أشق ومالهم
من الله من واق ( 2 ) .
وقال تعالى : وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ماتكسب
كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ( 3 ) .
ابراهيم : وويل للكافرين من عذاب شديد ( 4 ) .
وقال تعالى : وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الارض جميعا فان الله
لغني حميد ( 5 ) .
وقال تعالى : مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في
يوم عاصف لايقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد ( 6 ) .
الحجر : ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ( 7 ) .
النحل : للذين لايؤمنون بالاخرة مثل السوء ولله المثل الاعلى وهو
العزيز الحكيم ( 8 ) .
وقال تعالى : الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب
هوامش صفحة 82 ( 1 ) هود : 50 60 .
( 2 ) الرعد : 33 34 . ( 3 ) الرعد : 42 .
( 4 ) ابراهيم : 2 . ( 5 ) ابراهيم : 8 .
( 6 ) ابراهيم : 18 . ( 7 ) الحجر : 2 .
( 8 ) النحل : 60 .
[ 83 ]
بما كانوا يفسدون ( 1 ) .
وقال تعالى : إن الذين لايؤمنون بآيات الله لايهديهم الله ولهم عذاب
أليم * إنما يفتري الكذب الذين لايؤمنون بآيات الله واولئك هم الكاذبون ( 2 ) .
وقال تعالى : وإن الله لايهدي القوم الكافرين ( 3 ) .
أسرى : وأن الذين لايؤمنون بالاخرة أعتدنا لهم عذابا أليما ( 4 ) .
الكهف : أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء إنا
أعتدنا جهنم للكافرين نزلا * قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا * الذين ضل
سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا * اولئك الذين كفروا
بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلانقيم لهم يوم القيامة وزنا * ذلك جزاؤهم
جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا ( 5 ) .
مريم : فاختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم ( 6 ) .
طه : إنه من يأت ربه مجرما فان له نار جهنم لايموت فيها ولايحيى ( 7 ) .
وقال تعالى : وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب
الاخرة أشد وأبقى ( 8 ) .
الانبياء : ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك
نجزي الظالمين ( 9 ) .
الحج : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس
هوامش صفحة - 83 - ( 1 ) النحل : 88 .
( 2 ) النحل : 104 105 . ( 3 ) النحل : 107 .
( 4 ) أسرى : 10 . ( 5 ) الكهف : 102 106 .
( 6 ) مريم : 37 . ( 7 ) طه : 74 .
( 8 ) طه : 127 .
( 9 ) الانبياء : 29 .
[ 84 ]
والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شئ شهيد ( 1 ) .
وقال تعالى : ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو
تهوي به الريح من مكان سحيق ( 2 ) .
وقال تعالى : والذين سعوا في آياتنا معاجزين اولئك أصحاب الجحيم ( 3 ) .
وقال تعالى : ولايزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة
بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ( 4 ) .
وقال تعالى : والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فاولئك لهم عذاب مهين ( 5 ) .
المؤمنون : فبعدا لقوم لايؤمنون ( 6 ) .
وقال تعالى : ومن يدع مع الله إلها آخر لابرهان له به فانما حسابه عند
ربه إنه لايفلح الكافرون ( 7 ) .
النور : والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 84 سطر 12 إلى صفحه 92 سطر 12
جائه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب * أو كظلمات
في بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق
بعض إذا أخرج يده لم يكد يريها ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور ( 8 ) .
وقال تعالى : لاتحسبن الذين كفروا معجزين في الارض ومأويهم النار
ولبئس المصير ( 9 ) .
الفرقان : وقدمنا إلى ماعملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ( 10 ) .
وقال تعالى : ويعبدون من دون الله مالا ينفعهم ولايضرهم وكان الكافر
هوامش صفحة - 84 - ( 1 ) الحج : 17 . ( 2 ) الحج : 31 .
( 3 ) الحج : 51 . ( 4 ) الحج : 55 .
( 5 ) الحج : 57 . ( 6 ) المؤمنون : 44 .
( 7 ) المؤمنون : 117 . ( 8 ) النور : 39 40 .
( 9 ) النور : 57 .
( 10 ) الفرقان : 23 .
[ 85 ]
على ربه ظهيرا ( 1 ) .
وقال تعالى : والذين لايدعون مع الله إلها آخر ( 2 ) .
النمل : إن الذين لايؤمنون بالاخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون *
اولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الاخرة هم الاخسرون ( 3 ) .
القصص : ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين * فعميت عليهم الانباء
يومئذ فهم لا يتسائلون ( 4 ) .
العنكبوت : والذين كفروا بآيات الله ولقائه اولئك يئسوا من رحمتي
واولئك لهم عذاب أليم ( 5 ) .
وقال تعالى : ومايجحد بآياتنا إلا الكافرون ( 6 ) .
وقال تعالى : ومايجحد بآياتنا إلا الظالمون ( 7 ) .
وقال تعالى : والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله اولئك هم الخاسرون
إلى قوله تعالى : يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين ( 8 ) .
الروم : وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الاخرة فاولئك
في العذاب محضرون ( 9 ) .
لقمان : ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله
عليم بذات الصدور ( 10 ) .
التنزيل : أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لايستوون إلى قوله تعالى : وأما
الذين فسقوا فمأويهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها اعيدوا فيها وقيل لهم
هوامش صفحة - 85 - ( 1 ) الفرقان : 55 . ( 2 ) الفرقان : 68 .
( 3 ) النمل : 4 5 . ( 4 ) القصص : 65 66 .
( 5 ) العنكبوت : 23 . ( 6 ) العنكبوت : 47 .
( 7 ) العنكبوت : 49 . ( 8 ) العنكبوت : 52 54 .
( 9 ) الروم : 16 .
( 10 ) لقمان : 23 .
[ 86 ]
ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ( 1 ) .
الاحزاب : ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله
على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما ( 2 ) .
سبا : والذين سعوا في آياتنا معاجزين اولئك لهم عذاب من رجز أليم إلى
قوله تعالى : بل الذين لايؤمنون بالاخرة في العذاب والضلال البعيد ( 3 ) .
وقال تعالى : وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الاغلال في أعناق
الذين كفروا هل يجزون إلا ماكانوا يعملون ( 4 ) .
فاطر : الذين كفروا لهم عذاب شديد ( 5 ) .
وقال تعالى : والذين كفروا لهم نار جهنم لايقضى عليهم فيموتوا ولا
يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور إلى قوله تعالى : هو الذي جعلكم
خلائف في الارض فمن كفر فعليه كفره ولايزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا
مقتا ولايزيد الكافرين إلا خسارا ( 6 ) .
ص : بل الذين كفروا في عزة وشقاق ( 7 ) .
وقال تعالى : فويل للذين كفروا من النار ( 8 ) .
الزمر : إن تكفروا فان الله غني عنكم ولايرضى لعباده الكفر ( 9 ) .
وقال تعالى : والذين كفروا بآيات الله اولئك هم الخاسرون ( 10 ) .
وقال تعالى : وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا ( 11 ) .
هوامش صفحة - 86 - ( 1 ) التنزيل : 18 20 . ( 2 ) الاحزاب : 73 .
( 3 ) سبأ : 5 8 . ( 4 ) سبأ : 33 .
( 5 ) فاطر : 2 . ( 6 ) فاطر : 36 39 .
( 7 ) ص : 2 . ( 8 ) ص : 27 .
( 9 ) الزمر : 7 .
( 10 ) الزمر : 63 .
( 11 ) الزمر : 71 .
[ 87 ]
المؤمن : وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب
النار ( 1 ) .
وقال تعالى : إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم
إذ تدعون إلى الايمان فتكفرون ( 2 ) .
السجدة : إن الذين يلحدون في آياتنا لايخفون علينا أفمن يلقى في النار
خير أم من يأتي آمنا يوم القيمة اعملوا ماشئتم إنه بما تعملون بصير ( 3 ) .
حمعسق : والذين يحاجون في الله من بعدما استجيب له حجتهم داحضة
عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد إلى قوله تعالى : أم لهم شركاء شرعوا
لهم من الدين مالم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين
لهم عذاب أليم ( 4 ) .
وقال تعالى : والكافرون لهم عذاب شديد ( 5 ) .
الزخرف : إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون * لايفتر عنهم وهم
فيه مبلسون ( 6 ) .
الجاثية : هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز
أليم ( 7 ) .
وقال تعالى : وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم
وكنتم قوما مجرمين * وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لاريب فيها قلتم ما
ندري ماالساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين * وبدا لهم سيئات ماعملوا
وحاق بهم ماكانوا بهم يستهزؤن * وقيل اليوم ننسيكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا
هوامش صفحة - 87 - ( 1 ) المؤمن : 6 .
( 2 ) المؤمن : 10 . ( 3 ) السجدة : 40 .
( 4 ) الشورى : 16 21 . ( 5 ) الشورى : 26 .
( 6 ) الزخرف : 74 75 .
( 7 ) الجاثية : 11 .
[ 88 ]
ومأويكم النار ومالكم من ناصرين ( 1 ) .
محمد : الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم إلى قوله تعالى :
ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ( 2 ) .
وقال تعالى : والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم * ذلك بأنهم كرهوا
ماأنزل الله فأحبط أعمالهم ( 3 ) .
وقال تعالى : والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الانعام والنار
مثوى لهم ( 4 ) .
وقال تعالى : إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من
بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم ( 5 ) .
وقال تعالى : إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار
فلن يغفر الله لهم ( 6 ) .
الفتح : ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله
ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت
مصيرا ( 7 ) .
[ وقال تعالى ] : ومن لم يؤمن بالله ورسوله فانا أعتدنا للكافرين سعيرا ( 8 ) .
الذاريات : فان للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون ( 9 ) .
الحديد : والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب الجحيم ( 10 ) .
التغابن : والذين كفروا وكذبوا بآياتنا اولئك أصحاب النار خالدين
هوامش صفحة - 88 - ( 1 ) الجاثية : 31 34 . ( 2 ) القتال : 1 3 .
( 3 ) القتال : 8 9 . ( 4 ) القتال : 12 .
( 5 ) القتال : 32 . ( 6 ) القتال : 34 .
( 7 ) الفتح : 6 . ( 8 ) الفتح : 13 .
( 9 ) الذاريات : 59 .
( 10 ) الحديد : 19 .
[ 89 ]
فيها وبئس المصير ( 1 ) .
الملك : وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير ( 2 ) .
المزمل : فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا ( 3 ) .
المدثر : فاذا نقر في الناقور * فذلك يومئذ يوم عسير * على الكافرين غير
يسير ( 4 ) .
الانشقاق : فمالهم لايؤمنون * وإذا قرئ عليهم القرآن لايسجدون *
بل الذين كفروا يكذبون * والله أعلم بما يوعون * فبشرهم بعذاب أليم ( 5 ) .
البروج : بل الذين كفروا في تكذيب ( 6 ) .
الغاشية : إلا من تولى وكفر * فيعذبه الله العذاب الاكبر ( 7 ) .
البينة : إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين
فيها اولئك هم شر البرية ( 8 ) .
1 ل : عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن
فضال معا ، عن علي بن أسباط ، عن الحسن بن زيد ، عن محمد بن سالم ، عن ابن
طريف ، عن ابن نباته قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : الايمان على أربع دعائم
( 9 )
على الصبر واليقين والعدل والجهاد .
والصبر على أربع شعب : على الشوق والاشفاق والزهد والترقب ، فمن
اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ، ومن
زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات ، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات .
هوامش صفحة - 89 - ( 1 ) التغابن : 10 . ( 2 ) الملك : 6 .
( 3 ) المزمل : 17 . ( 4 ) المدثر : 8 10 .
( 5 ) الاشتقاق : 20 24 . ( 6 ) البروج : 19 .
( 7 ) الغاشية : 23 24 . ( 8 ) البينة : 6 .
( 9 ) مر هذا الخبر بأسانيد مختلفة في الجزء 68 من هذه الطبعة باب دعائم الايمان
والاسلام ، وهناك شرح مستوفي لمعضلات الحديث فراجع وسيأتي في الباب الآتي .
[ 90 ]
واليقين على أربع شعب : على تبصرة الفطنة ، وتأول الحكمة ، وموعظة
العبرة ، وسنة الاولين ، فمن تبصر في الفطنة تأول الحكمة ، ومن تأول الحكمة
عرف العبرة ، ومن عرف العبرة فكأنما عاش في الاولين .
والعدل على أربع شعب : على غائص الفهم ، وغمرة العلم ، وزهرة الحكمة
وروضة الحلم ، فمن فهم فسر جمل العلم ، ومن علم شرع غرائب الحكم ، ومن
كان حكيما لم يفرط في أمر يليه في الناس ( 1 ) .
والجهاد على أربع شعب : على الامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والصدق
في المواطن ، وشنآن الفاسقين ، فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ، ومن نهى عن
المنكر أرغم أنف المنافق ، ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه ، ومن شنأ
الفاسقين وغضب الله عزوجل غضب الله له ، وذلك الايمان ودعائمه وشعبه .
والكفر على أربع دعائم : على الفسق والعتو والشك والشبهة .
والفسق على أربع شعب : على الجفاء والعمى والغفلة والعتو فمن جفا حقر الحق
ومقت الفقهاء ، وأصر على الحنث العظيم ، ومن عمي نسي الذكر ، واتبع الظن
وألح عليه الشيطان ، ومن غفل غرته الاماني وأخذته الحسرة إذا انكشف الغطاء
وبدا له من الله مالم يكن يحتسب ، ومن عتا عن أمر الله تعالى الله عليه ، ثم أذله
بسلطانه ، وصغره لجلاله ، كما فرط في جنبه وعتا عن أمر ربه الكريم .
والعتو على أربع شعب : على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق ، فمن تعمق
لم ينب إلى الحق ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات فلم تحتبس عنه فتنة إلا غشيته
أخرى وانخرق دينه فهو يهيم في أمر مريج ، ومن نازع وخاصم قطع بينهم الفشل
وذاق وبال أمره ، وساءت عنده الحسنة ، وحسنت عنده السيئة ، ومن ساءت عليه
الحسنة اعتورت عليه طرقه ، واعترض عليه أمره ، وضاق عليه مخرجه ، وحري
أن يرجع من دينه ، ويتبع غير سبيل المؤمنين .
هوامش صفحه - 90 - ( 1 ) في النهج ج 2 ص 150 ، والكافي ج 2 ص 49 ، تحف العقول ص 158
أمالى الطوسي ج 1 ص 36 ، هكذا : " لم يفرط في امره وعاش في الناس حميدا " .
[ 91 ]
والشك على أربع شعب على الهول والريب والتردد والاستسلام ، فبأي آلاء
ربك يتمارى المتمارون ، فمن هاله مابين يديه نكص على عقبيه ، ومن تردد في
الريب سبقه الاولون ، وأدركه الاخرون ، وقطعته سنابك الشياطين ، ومن استسلم
لهلكة الدنيا والاخرة هلك فيما بينهما ، ومن نجا فباليقين .
والشبهة على أربع شعب : على الاعجاب بالزينة وتسويل النفس ، وتأول العوج
وتلبيس الحق بالباطل ، ذلك بأن الزينة تزيد على الشبهة وأن تسويل النفس
يقحم على الشهوة وأن العوج يميل ميلا عظيما وأن التلبيس ظلمات بعضها فوق
بعض ، فذلك الكفر ودعائمه وشعبه .
والنفاق على أربع دعائم : على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع .
فالهوى على أربع شعب : على البغي والعدوان والشهوة والطغيان ، فمن بغى
كثرت غوائله وغلاته ، ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه ، ولم يسلم قلبه ، ومن لم
يعزل نفسه عن الشهوات خاض في الخبيثات ومن طغى ضل على غير يقين ولا
حجة له .
وشعب الهوينا الهيبة والغرة والمماطلة والامل ، وذلك لان الهيبة ترد على
دين الحق وتفرط المماطلة في العمل حين يقدم الاجل ، ولولا الامل علم الانسان
حسب ماهو فيه ، ولو علم حسب ماهو فيه مات من الهول والوجل .
وشعب الحفيظة : الكبر والفخر والحمية والعصبية فمن استكبر أدبر ، ومن
فخر فجر ، ومن حمي أصر ، ومن أخذته العصبية جار ، فبئس الامر أمر بين الاستكبار
والادبار وفجور وجور .
وشعب الطمع أربع : الفرح والمرح واللجاجة والتكاثر ، والفرح مكروه عند الله
عزوجل ، والمرح خيلاء ، واللجاجة بلاء اضطرته إلى حبائل الاثام ، والتكاثر
لهو وشغل ، واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ، فذلك النفاق ودعائمه
وشعبه ( 1 ) .
هوامش صفحة - 91 - ( 1 ) الخصال ج 1 ص 110 111 .
[ 92 ]
2 فس : أبي ، عن بكر بن صالح ، عن أبي عمر الزبيري ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : الكفر في كتاب الله على خمسة وجوه فمنه كفر الجحود وهو على
وجهين جحود بعلم وجحود بغير علم ، فأما الذين جحدوا بغير علم فهم الذين حكا الله
عنهم في قوله : ( وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا ومايهلكنا إلا
الدهر ومالهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون ) ( 1 ) وقوله : ( إن الذين كفروا
سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ) ( 2 ) فهؤلاء كفروا وجحدوا
بغير علم .
وأما الذين كفروا وجحدوا بعلم فهم الذين قال الله تبارك وتعالى :
( وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ماعرفوا كفروا به " ( 3 )
فهؤلاء كفروا وجحدوا بعلم .
وقال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن حرير ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : نزلت هذه الاية في اليهود والنصارى يقول الله تبارك
وتعالى :
" الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه " ( 4 ) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله " كما
يعرفون
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 92 سطر 13 إلى صفحه 100 سطر 13
أبنائهم " لان الله عزوجل قد أنزل عليهم في التوراة والانجيل والزبور صفة
محمد صلى الله عليه وآله وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجره وهو قوله : " محمد رسول الله
والذين معه
أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا
سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التورية ومثلهم في الانجيل " ( 5 )
فهذه
صفة رسول الله صلى الله عليه وآله في التوراة والانجيل وصفة أصحابه ، فلما بعثه
الله عزوجل
عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله : " فلما جائهم ماعرفوا كفروا به " .
هوامش صفحة - 92 - ( 1 ) الجاثية : 24 .
( 2 ) البقرة : 6 .
( 3 ) البقرة : 89 .
( 4 ) البقرة : 146 .
( 5 ) الفتح : 29 .
[ 93 ]
وكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبي : أيها العرب هذا أوان نبي
يخرج بمكة ويكون مهاجره بالمدينة ، وهو آخر الانبياء وأفضلهم ، في عينيه
حمرة ، وبين كتفيه خاتم النبوة ، يلبس الشملة ، يجتزئ بالكسرة والتميرات
ويركب الحمار العرية وهو الضحوك ، القتال يضع سيفه على عاتقه لايبالي
من لاقى ، يبلغ سلطانه منقطع الحف والحافر ، لنقتلنكم به يامعشر العرب قتل عاد .
فلما بعث الله نبيه بهذه الصفة ، حسدوه وكفروا به كما قال الله : " وكانوا
من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به " .
ومنه كفر البراءة وهو قوله : " ثم يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض " ( 1 ) أي
يتبرأ بعضكم من بعض ، ومنه كفر الترك لما أمرهم الله وهو قوله : " ولله على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر " ( 2 ) أي ترك الحج وهو مستطيع
فقد كفر ، ومنه كفر النعم وهو قوله : " ليبلونئ أشكر أم أكفر ومن شكر فانما
يشكر لنفسه ومن كفر " ( 3 ) أي ولم من يشكرنعمة الله فقد كفر ، فهذه وجوه الكفر
في كتاب الله ( 4 ) .
3 فس : أبي ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سئل
عن قول النبي صلى الله عليه وآله : إن الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء ،
في
ليلة ظلماء ، قال : كان المؤمنون يسبون مايعبد المشركون من دون الله ، فكان
المشركون يسبون مايعبد المؤمنون ، فنهى الله المؤمنين عن سب آلهتهم لكيلا يسب
الكفار إله المؤمنين ، فيكون المؤمنون قد أشركوا بالله من حيث لايعلمون
فقال : " ولاتسبوا الذين يدعون من دون الله " ( 5 ) الاية ( 6 ) .
هوامش صفحة - 93 - ( 1 ) العنكبوت : 25 . ( 2 ) آل عمران : 97 .
( 3 ) النمل : 40 .
( 4 ) تفسير القمي ص 28 .
( 5 ) الانعام : 108 .
( 6 ) تفسير القمي ص 200 .
[ 94 ]
4 فس : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : ( اتخذوا
أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم ) ( 1 ) أما المسيح فعصوه
وعظموه في أنفسهم حين زعموا أنه إله ، وأنه ابن الله ، وطائفة منهم قالوا :
ثالث ثلاثة ، وطائفة منهم قالوا : هو الله ، وأما أحبارهم ورهبانهم فانهم أطاعوا
وأخذوا بقولهم واتبعوا ما أمروهم به ، ودانوا بما دعوهم إليه فاتخذوهم أربابا
بطاعتهم لهم ، وتركهم أمر الله وكتبه ورسله ، فنبذوه وراء ظهورهم وماأمرهم به
الاحبار والرهبان اتبعوه وأطاعوهم وعصوا الله ( 2 ) .
5 فس : أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن
موسى بن بكر ، عن الفضيل ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى :
" ومايؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " ( 3 ) قال : شرك طاعة ليس شرك
عبادة ، والمعاصي التي يرتكبون فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا بالله
في الطاعة لغيره ، وليس باشراك عبادة أن يعبدوا غير الله ( 4 ) .
6 فس : جعفر بن أحمد ، عن عبيد الله بن موسى ، عن ابن البطائني ، عن
أبيه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله : " واتخذوا من دون الله
آلهة
ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " ( 5 ) يوم
القيامة أي يكون هؤلاء الذين اتخذوهم آلهة من دون الله عليهم ضدا يوم القيامة
ويتبرؤون منهم ومن عبادتهم إلى يوم القيامة ، ثم قال : ليس العبادة هي السجود
ولا الركوع إنما هي طاعة الرجال ، ومن أطاع المخلوق في معصية الخالق فقد
عبده ( 6 ) .
هوامش صفحة - 94 - ( 1 ) براءة : 32 . ( 2 ) تفسير القمي ص 264 .
( 3 ) يوسف : 106 .
( 4 ) تفسير القمي ص 334 .
( 5 ) مريم : 81 .
( 6 ) تفسير القمي ص 415 .
[ 95 ]
7 فس : " ومن الناس من يعبد الله على حرف " قال : على شك " فان
أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة " ( 1 )
فانه حدثني أبي ، عن يحيى بن أبي عمران ، عن يونس ، عن حماد ، عن ابن
الطيار ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : نزلت هذه الاية في قوم وحدوا الله
وخلعوا
عبادة من دون الله ، وخرجوا من الشرك ، ولم يعرفوا أن محمدا رسول الله صلى الله
عليه وآله
فهم يعبدون الله على شك في محمد ، وما جاء به ، فأتوا رسول الله فقالوا : ننظر فان
كثرت أموالنا وعوفينا في أنفسنا وأولادنا علمنا أنه صادق وأنه رسول الله صلى الله
عليه وآله
وإن كان غير ذلك نظرنا ( 2 ) .
فأنزل الله " فان أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه
خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين * يدعو من دون الله مالايضره
وما لاينفعه " انقلب مشركا يدعو غير الله ويعبد غيره .
فمنهم من يعرف ويدخل الايمان قلبه ، فهو مؤمن ويصدق ويزول عن
منزلته من الشك إلى الايمان ، ومنهم من يلبث على شكه ، ومنهم من ينقلب إلى
الشرك ( 3 ) .
هوامش صفحة - 95 - ( 1 ) الحج : 11 . ( 2 ) قال البيضاوي في أنوار التنزيل ص 278 :
روى أنها نزلت في اعاريب قدموا
إلى المدينة وكان أحدهم اذا صح بدنه ونتجت فرسه مهرا سريا وولدت امرأته غلاما سويا
وكثر ماله وماشيته قال : ماأصبت منذ دخلت في ديني هذا الا خيرا واطمأن ، وان كان
الامر
بخلافه قال : ماأصبت الا شرا وانقلب .
قال : وعن أبي سعيد أن يهوديا أسلم فأصابته مصائب فتشأم بالاسلام فأتى النبي صلى
الله عليه وآله
فقال : أقلني ! فقال : ان الاسلام لايقال ، فنزلت .
وروى مثله الطبرسي في المجمع ج 7 ص 75 عن ابن عباس فراجع .
( 3 ) تفسير القمي ص 436 ، وروى مثله الكليني في الكافي ج 2 ص 413 عن علي
ابن ابراهيم بسندين آخرين فراجع .
[ 96 ]
8 ل : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن الخشاب ، عن يزيد بن إسحاق ، عن
العباس بن زيد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت : إن هؤلاء العوام يزعمون
أن الشرك أخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء على المسح الاسود ( 1 ) فقال :
لايكون العبد مشركا حتى يصلي لغير الله ، أو يذبح لغير الله ، أو يدعوا لغير الله
عزوجل ( 2 ) .
9 مع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن
عبدالحميد بن أبي العلا قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن الشرك أخفى من دبيب
النمل ، وقال : منه تحويل الخاتم ليذكر الحاجة وشبه هذا ( 3 ) .
10 مع : أبي وابن الوليد معا ، عن الحميري ، عن ابن أبي الخطاب
عن النضر بن شعيب ، عن عبدالغفار الجازي قال : حدثني من سأله يعني الصادق
عليه السلام هل يكون كفر لايبلغ الشرك ؟ قال عليه السلام : إن الكفر هو الشرك
ثم قام فدخل المسجد ، فالتفت إلي وقال : نعم الرجل يحمل الحديث إلى صاحبه
فلا يعرفه فيرده عليه فهي نعمة كفرها ولم يبلغ الشرك ( 4 ) .
11 ب : هارون ، عن ابن صدقة قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام وسئل عن
الكفر والشرك أيهما أقدم ؟ قال : الكفر أقدم ، وذلك أن إبليس أول من كفر
وكان كفره غير شرك ، لانه لم يدع إلى عبادة غير الله ، وإنما دعا إلى ذلك بعد
فأشرك ( 5 ) .
هوامش صفحة - 96 - ( 1 ) المسح بالكسر البلاس يقعد عليه ، والكساء من شعر كثوب
الرهبان ، وفي
نسخة الكمباني : " المسيح " والمناسب من معانيه هنا : المنديل الاخشن كما في أقرب
الموارد . ( 2 ) الخصال ج 1 ص 67 .
( 3 ) معاني الاخبار ص 379 .
( 4 ) معاني الاخبار ص 137 .
( 5 ) قرب الاسناد ص 23 .
[ 97 ]
12 مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن معروف ، عن صفوان
عن ابن مسكان ، عن محمد بن مسلم قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : " عتل بعد
ذلك
زنيم " ( 1 ) قال : العتل العظيم الكفر ، والزنيم المستهتر بكفره ( 2 ) .
13 ير : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن آدم بن إسحاق ، عن هشام ، عن الهيثم
التميمي قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : ياهيثم التميمي إن قوما آمنوا بالظاهر
وكفروا بالباطن ، فلم ينفعهم شي ء ، وجاء قوم من بعدهم فآمنوا بالباطن وكفروا
بالظاهر ، فلم ينفعهم ذلك شيئا ، ولا إيمان بظاهر إلا بباطن ، ولا بباطن إلا
بظاهر ( 3 ) .
14 شى : عن موسى بن بكر الواسطي قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام
عن الكفر والشرك أيهما أقدم ؟ فقال : ماعهدي بك تخاصم الناس ؟ قلت : أمرني
هشام بن الحكم أن أسألك عن ذلك ، فقال لي : الكفر أقدم ، وهو الجحود ، قال
لابليس : " أبى واستكبر وكان من الكافرين " ( 4 ) .
15 شى : عن عبيد بن زرارة قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام " ومن يكفر
بالايمان فقد حبط عمله " ( 5 ) قال : ترك العمل الذي أقر به ، من ذلك أن يترك
الصلاة من غير سقم ولاشغل ، قال : قلت له : الكبائر أعظم الذنوب ؟ قال : فقال :
نعم ، قلت : هي أعظم من ترك الصلاة ؟ قال : إذا ترك الصلاة تركا ليس من أمره
كان داخلا في واحدة من السبعة ( 6 ) . هوامش صفحة - 97 - ( 1 ) القلم : 13 .
( 2 ) معاني الاخبارص 149 ، والمستهتر بالفتح على بناء المفعول يقال : استهتر
الرجل بكذا على مالم يسم فاعله صار مستهترا به أي مولعا به لايتحدث بغيره ولا يفعل
غيره ، وفي اللسان : يقال " استهتر فلان فهو مستهتر : اذا كان كثير الاباطيل ، وفي
نسخة
الكمباني " المستهزى ء بكفره " . ( 3 ) بصائر الدرجات ص 536 . ( 4 ) تفسير العياشي
ج 1 ص 34 ، والاية في سورة البقرة : 34 .
( 5 ) المائدة : 5 .
( 6 ) تفسير العياشي ج 1 ص 296 .
[ 98 ]
16 شى : عن أبان بن عبدالرحمن قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :
أدنى مايخرج به الرجل من الاسلام أن يرى الرأي بخلاف الحق فيقيم عليه ، قال :
" ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله " وقال : الذي يكفر بالايمان : الذي لايعمل
بما أمر الله به ولايرضى به ( 1 ) .
17 شى : عن محمد بن مسلم ، عن أحد هما في قول الله : " ومن يكفر
بالايمان فقد حبط عمله " قال : هو ترك العمل حتى يدعه أجمع قال : منه الذي
يدع الصلاة متعمدا لامن شغل ولامن سكر يعني النوم ( 2 ) .
18 شى : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سألته عن تفسير هذه الاية
" ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله " [ فقال : ] يعني بولاية علي عليه السلام " وهو
في الاخرة من الخاسرين " ( 3 ) .
19 شى : عن هارون بن خارجة قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله :
" ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله " قال : فقال : من ذلك مااشتق فيه ( 4 ) .
20 شى : عن زرارة قال : كتبت إلى أبي عبدالله عليه السلام مع بعض أصحابنا
فيما يروي الناس عن النبي عليه وآله السلام : إنه من أشرك بالله فقد وجبت له
النار ، ومن لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنة ، قال : أما من أشرك بالله فهذا
الشرك المبين ، وهو قول الله : " ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة " ( 5 )
وأما قوله : من لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنة قال أبوعبدالله عليه السلام : ههنا
النظر ، هو من لم يعص الله ( 6 ) .
21 شى : عن زرارة قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله : " وما يؤمن أكثرهم
بالله إلا وهم مشركون " ( 7 ) قال : من ذلك قول الرجل : لا وحياتك ( 8 ) .
هوامش صفحة - 98 - ( 1 4 ) تفسير العياشي ج 1 ص 297 .
( 5 ) المائدة : 72 .
( 6 ) تفسير العياشي ج 1 ص 335 .
( 7 ) يوسف : 106 .
( 8 ) تفسير العياشي ج 2 ص 199 .
[ 99 ]
22 شى : عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام " وما يؤمن
أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " قال : كانوا يقولون : نمطر بنوء كذا وبنوء كذا ( 1 )
ومنها أنهم كانوا يأتون الكهان فيصدقونهم فيما يقولون ( 2 ) .
23 شى : عن محمد بن الفضيل ، عن الرضا عليه السلام قال : شرك لايبلغ به
الكفر ( 3 ) .
24 شى : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : شرك طاعة قول الرجل لا والله
وفلان ، ولولا الله وفلان ، والمعصية منه ( 4 ) .
25 شى : عن أبي بصير ، عن أبي إسحاق قال : هو قول الرجل : لولا الله
وأنت ماصرف عني كذا وكذا وأشباه ذلك ( 5 ) .
26 شى : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : شرك طاعة وليس بشرك
عبادة ، والمعاصي التي يركبون مما أوجب الله عليها النار شرك طاعة أطاعوا الشيطان
وأشركوا بالله في طاعته ، ولم يكن بشرك عبادة فيعبدون مع الله غيره ( 6 ) .
27 شى : عن مالك بن عطية ، عن أبي عبدالله في قوله : " وما يؤمن
أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " قال : هو قول الرجل لولا فلان لهلكت ، ولولا
هوامش صفحة - 99 - ( 1 ) النوء بالفتح : النجم اذا مال للغروب وأصل النوء سقوط نجم
بالغد في المغرب
وطلوع نجم بحياله من ساعته في المشرق في كل ليلة إلى ثلاثة عشر يوما وهكذا كل نجم
منها إلى انقضاء السنة ماخلا الجبهة ، فان لها أربعة عشر يوما .
وانما يكون ذلك لنجوم الاخذ وهي منازل القمر وهي ثمانية وعشرون نجما ، فلكل
نجم رقيب ، هذا هو الاصل ، ثم سموا كل نجم منها باسم فعله ، فقالوا : استقينا بنوء
كذا
واستمطرنا به قال أبوعبيد : ولم نسمع في النوء أنه السقوط الا في هذه المواضع ،
وكانت
العرب تضيف الامطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها ، وقال الاصمعي : إلى
الطالع
منها في سلطانه فيقولون مطرنا بنوء كذا . راجع الصحاح ص 79 ، وسيأتي في ج 58 من
البحار من هذه الطبعة ص 312 346 بحث في ذلك .
( 2 6 ) تفسير العياشي ج 2 ص 199 .
[100]
فلان لاصبت كذا وكذا ، ولولا فلان لضاع عيالي ، ألا ترى أنه قد جعل لله
شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه ؟ قال : فيقول : لولا أن الله من علي
بفلان لهلكت ، قال : نعم لابأس بهذا ( 1 ) .
28 شى : عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله
عليهما السلام قالوا : سألناهما فقالا : شرك النعم ( 2 ) .
29 شى : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : شرك طاعة ليس شرك
عبادة في المعاصي التي يرتكبون ، فهي شرك طاعة أطاعوا فيها الشيطان فأشركوا
بالله في الطاعة غيره ، وليس باشراك عبادة أن يعبدوا غير الله ( 3 ) .
30 تفسير النعماني : بالاسناد الاتي في كتاب فضل القرآن عن أمير المؤمنين
عليه السلام قال : وأما الكفر المذكور في كتاب الله تعالى فخمسة وجوه منها كفر
الجحود ، ومنها كفر فقط ، والجحود ينقسم على وجهين ، ومنها كفر الترك لما
أمر الله تعالى به ، ومنها كفر البراءة ، ومنها كفر النعم .
فأما كفر الجحود فأحد الوجهين من جحود الواحدانية ، وهو قول
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 100 سطر 14 إلى صفحه 108 سطر 14
من يقول : لارب ولاجنة ولا نار ولا بعث ولا نشور وهؤلاء صنف من الزنادقة
وصنف من الدهرية الذين يقولون : " مايهلكنا إلا الدهر " وذلك رأي وضعوه
لانفسهم استحسنوه بغير حجة فقال الله تعالى : " إن هم إلا يظنون " ( 4 ) وقال :
" إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لايؤمنون ) ( 5 ) أي لايؤمنون
بتوحيد الله .
والوجه الاخر من الجحود هو الجحود مع المعرفة بحقيقته قال تعالى :
" وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " ( 6 ) وقال سبحانه : " وكانوا من
هوامش صفحة - 100 - ( 1 3 ) تفسير العياشي ج 2 ص 200 .
( 4 ) البقرة : 78 .
( 5 ) البقرة : 6 .
( 6 ) النمل : 14 .
[101]
قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به فلعنة الله على
الكافرين " ( 1 ) أي جحدوه بعد أن عرفوه .
وأما الوجه الثالث من الكفر فهو كفر الترك لما أمر الله به وهو من المعاصي
قال الله سبحانه : " وإذ أخذنا ميثاقكم لاتسفكون دمائكم ولاتخرجون أنفسكم
من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون إلى قوله : أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون
ببعض " ( 2 ) فكانوا كفارا لتركهم ما أمر الله تعالى به ، فنسبهم إلى الايمان
باقرارهم
بألسنتهم على الظاهر دون الباطن ، فلم ينفعهم ذلك لقوله تعالى : " فما جزاء من
يفعل ذلك منهم إلا خزي في الحيوة الدنيا " إلى آخر الاية .
وأما الوجه الرابع من الكفر فهو ماحكاه تعالى عن قول إبراهيم عليه السلام :
" كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده " ( 3
) فقوله : " كفرنا بكم " : أي تبرأنا منكم ، وقال سبحانه في قصة إبليس وتبريه
من أوليائه من الانس إلى يوم القيامة : " إني كفرت بما أشركتمون من قبل " ( 4 ) أي
تبرأت منكم وقوله تعالى : " إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في
الحيوة الدنيا " إلى قوله : " ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم
بعضا " ( 5 ) الاية .
وأما الوجه الخامس من الكفر وهو كفر النعم قال الله تعالى عن قول
سليمان عليه السلام : ( هذا من فضل ربي ليبلوني أءشكر أم أكفر ) ( 6 ) الاية وقوله
عزوجل :
" لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ) ( 7 ) وقال تعالى :
" فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولاتكفرون " ( 8 ) .
هوامش صفحة - 101 - ( 1 ) البقرة : 89 . ( 2 ) البقرة : 85 84 .
( 3 ) الممتحنة : 4 . ( 4 ) ابراهيم : 22 .
( 5 ) العنكبوت : 25 . ( 6 ) النمل : 40 .
( 7 ) ابراهيم : 7 .
( 8 ) البقرة : 152 .
[102]
فأما ماجاء من ذكر الشرك في كتاب الله تعالى فمن أربعة أوجه قوله تعالى :
" لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يابني إسرائيل
اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأويه النار
وما للظالمين من أنصار " ( 1 ) فهذا شرك القول والوصف .
وأما الوجه الثاني من الشرك فهو شرك الاعمال قال الله تعالى : " وما
يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " ( 2 ) وقوله سبحانه : " اتخذوا أحبارهم
ورهبانهم أربابا من دون الله " ( 3 ) ألا إنهم لم يصوموا لهم ولم يصلوا ولكنهم
أمروهم ونهوهم فأطاعوهم ، وقد حرموا عليهم حلالا وأحلوا لهم حراما فعبدوهم
من حيث لايعلمون ، فهذا شرك الاعمال والطاعات .
وأما الوجه الثالث من الشرك فهو شرك الزنا قال الله تعالى : " وشاركهم في
الاموال والاولاد " ( 4 ) فمن أطاع ناطقا فقد عبده ، فان كان الناطق ينطق عن الله
تعالى ، فقد عبدالله ، وإن كان ينطق عن غير الله تعالى فقد عبد غير الله .
وأما الوجه الرابع من الشرك فهو شرك الريا قال الله تعالى : " فمن كان
يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولايشرك بعبادة ربه أحدا " ( 5 ) فهؤلاء
صاموا وصلوا واستعملوا أنفسهم بأعمال أهل الخير إلا أنهم يريدون به رئاء الناس
فأشركوا لما أتوه من الرياء ، فهذه جملة وجوه الشرك في كتاب الله تعالى .
وأما ماذكر من الظلم في كتابه فوجوه شتى فمنها ماحكاه الله تعالى عن قول
لقمان لابنه : " يابني لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم " ( 6 ) ومن الظلم مظالم
الناس فيما بينهم من معاملات الدنيا وهو شتى قال الله تعالى : " ولو ترى إذ
الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون
هوامش صفحة - 102 - ( 1 ) المائدة : 72 . ( 2 ) يوسف : 106 .
( 3 ) براءة : 31 . ( 4 ) أسرى : 64 .
( 5 ) الكهف : 110 .
( 6 ) لقمان : 13 .
[103]
عذاب الهون بما كنتم تقولون ) ( 1 ) الاية .
فأما الرد على من أنكر زيادة الكفر فمن ذلك قول الله عزوجل في كتابه :
" إنما النسئ زيادة في الكفر " ( 2 ) وقوله تعالى : " وأما الذين في قلوبهم مرض
فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون " ( 3 ) وقوله : " إن الذين آمنوا
ثم كفروا [ ثم آمنوا ثم كفروا ] ثم ازدادوا كفرا " ( 4 ) الاية وغير ذلك في كتاب
الله .
31 مشكوة الانوار : نقلا من المحاسن عن أبي عبدالله عليه السلام قال في
قول الله تبارك وتعالى : " ومايؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " ( 5 ) قال :
يطيع الشيطان من حيث يشرك .
32 كتاب الامامة والتبصرة : عن سهل بن أحمد ، عن محمد بن محمد بن
الاشعث ، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الريب كفر .
هوامش صفحة - 103 - ( 1 ) الانعام : 93 .
( 2 ) براءة : 37 .
( 3 ) براءة : 125 .
( 4 ) النساء : 137 .
( 5 ) يوسف : 106 .
[104]
99 .
* ( باب ) *
* " اصول الكفر وأركانه " *
1 كا : الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن أبي
بصير قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : اصول الكفر ثلاثة : الحرص والاستكبار
والحسد
فأما الحرص فان آدم عليه السلام حين نهي عن الشجرة حمله الحرص على أن أكل منها
وأما الاستكبار فابليس حين امر بالسجود لادم استكبر ، وأما الحسد فابنا آدم حيث
قتل أحدهما صاحبه ( 1 ) .
بيان : كأن المراد باصول الكفر مايصير سببا للكفر أحيانا لادائما
وللكفر أيضا معان كثيرة منها مايتحقق بانكار الرب سبحانه والالحاد في صفاته
ومنها مايتضمن إنكار أنبيائه وحججه ، أو ما أتوا به من امور المعاد وأمثالها
ومنها مايتحقق بمعصية الله ورسوله ، ومنها مايكون بكفران نعم الله تعالى إلى
أن ينتهي إلى ترك الاولى .
فالحرص يمكن أن يصير داعيا إلى ترك الاولى أو ارتكاب صغيرة أو كبيرة
حتى ينتهي إلى جحود يوجب الشرك والخلود ، فما في آدم عليه السلام كان من الاول
ثم تكامل في أولاده حتى انتهى إلى الاخير ، فصح أنه أصل الكفر وكذا ساير
الصفات .
وقيل : قد كان إباء إبليس من السجود عن حسد واستكبار ، وإنما خص
الاستكبار بالذكر لانه تمسك به حيث قال : " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من
طين " ( 2 ) أو لان الاستكبار أقبح من الحسد انتهى .
وقوله : " فأما الحرص " فهو مبتدأ وقوله : " فان " إلى قوله " أكل منها "
هوامش صفحة - 104 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 289 .
( 2 ) الاعراف : 12 ، ص 76 .
[105]
خبر والعائد تكرار المبتدأ وضعا للظاهر موضع المضمر ، مثل " الحاقة ماالحاقة "
وقوله : " فابليس " بتقدير فمعصية إبليس ، وكذا قوله : " فابنا آدم " بتقدير
فمعصية ابني آدم أي معصية أحدهما كما قيل .
2 عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أركان الكفر
أربعة : الرغبة والرهبة
والسخط والغضب ( 1 ) .
بيان : أركان الكفر قريب من اصوله ، ولعل المراد بالرغبة الرغبة في الدنيا
والحرص عليها أو اتباع الشهوات النفسانية ، وبالرهبة الخوف من فوات الدنيا
واعتباراتها بمتابعة الحق ، أو الخوف من القتل عند الجهاد ، ومن الفقر عند أداء
الزكاة ، ومن لوم اللائمين عند ارتكاب الطاعات ، وإجراء الاحكام .
وقيل : الخوف من فوات الدنيا والهم من زوالها ، وهو يوجب صرف العمر
في حفظها والمنع من أداء حقوقها ، وبالسخط عدم الرضا بقضاء الله وانقباض النفس
في أحكامه وعدم الرضا بقسمه ، وبالغضب ثوران النفس نحو الانتقام عند مشاهدة
ما لايلائمها من المكاره والالام .
3 كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن نوح بن شعيب
عن عبيدالله الدهقان ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أول ماعصي الله عزوجل به ست : حب الدنيا ، وحب
الرياسة ، وحب الطعام ، وحب النوم ، وحب الراحة ، وحب النساء ( 2 ) .
بيان : حب الدنيا أي مال الدنيا ، والبقاء للذاتها وما لوفاتها لا
للطاعة ، وحب الرياسة بالجور والظلم والباطل أو في نفسها لا لاجراء أوامر الله
وهداية عباده والامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وحب الطعام لمحض اللذة لا
لقوة الطاعة ، أو الافراط في حبه بحيث لايبالي من حلال حصل أو من حرام وكذا
حب النوم أي الافراط فيه بحيث يصير مانعا عن الطاعات الواجبة أو المندوبة ، أو
هوامش صفحة - 105 - ( 1 2 ) الكافي ج 2 ص 289 .
[106]
في نفسه لا للتقوي على الطاعة ، وكذا حب الاستراحة على الوجهين ، وكذا
حب النساء أي الافراط فيه بحيث ينتهي إلى ارتكاب الحرام أو ترك السنن والاشتغال
عن ذكر الله بسبب كثرة معاشرتهن أو مايوجب اطاعتهن في الباطل وإلا فقد قال
رسول الله صلى الله عليه وآله : اخترت من دنياكم الطيب والنساء .
4 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد
عن أبي عبدالله عليه السلام أن رجلا من خثعم ( 1 ) جاء إلى النبي صلى الله عليه
وآله فقال : أي
الاعمال أبغض إلى الله عزوجل ؟ فقال : الشرك بالله ، قال : ثم ماذا ؟ قال : قطيعة
الرحم قال : ثم ماذا ؟ قال : الامر بالمنكر والنهي عن المعروف ( 2 ) .
بيان : المنكر ماحرمه الله أو ماعلم بالشرع أو العقل قبحه ، ويحتمل
شموله للمكروه أيضا .
وقال الشهيد الثاني قدس سره : المنكر المعصية قولا أو فعلا ، وقال
أيضا : هو الفعل القبيح الذي عرف فاعله قبحه أو دل عليه ، والمعروف ماعرف حسنه
عقلا أو شرعا ، وقال الشهيد الثاني رحمه الله : هو الطاعة قولا أو فعلا وقال
رحمه الله : يمكن بتكلف دخول المندوب في المعروف .
5 كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حسن بن عطية
عن يزيد الصائغ قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : رجل على هذا الامر إن حدث
كذب ، وإن وعد أخلف ، وإن ائتمن خان ، ما منزلته ؟ قال : هي أدنى المنازل
من الكفر وليس بكافر ( 3 ) .
هوامش صفحة - 106 - ( 1 ) خثعم بن أنمار : قبيلة من القحطانية تنتسب إلى خثعم بن
أنمار بن أراش بن
عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان ، وقال الجوهري في الصحاح ج 5
ص 1909 خثعم أبوقبيلة وهو خثعم بن أنمار ويقال لهم : من معد ، وصاروا باليمن وقال
النووي في تهذيب الاسماء واللغات ص 289 ، قيل : خثعم جبل سميت به لنزولها اياه
وتعاقدها عليه ، وقيل غير ذلك . راجع معجم قبائل العرب ج 1 ص 331 .
( 2 ) الكافي ج 2 ص 289 و 290 .
( 3 ) الكافي ج 2 ص 290 .
[107]
بيان : " على هذا الامر " صفة رجل ، وجملة " إن حدث " خبر " أدنى المنازل "
أي أقربها من الكفر أي الذي يوجب الخلود في النار " وليس بكافر " بهذا المعنى
وان كان كافرا ببعض المعاني ، ويشعر بكون خلف الوعد معصية بل كبيرة ، والمشهور
استحباب الوفاء به .
6 كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من علامة الشقا
جمود العين ، وقسوة
القلب ، وشدة الحرص في طلب الدنيا ، والاصرار على الذنب ( 1 ) .
بيان : الشقا والشقوة والشقاوة سوء العاقبة بالعقاب في الاخرة ضد السعادة
وهي حسن العاقبة باستحقاق دخول الجنة ، وجمود العين كناية عن بخلها بالدموع
وهو من توابع قسوة القلب ، وهي غلظته وشدته وعدم تأثره من الوعيد بالعقاب
والمواعظ ، قال الله تعالى : " فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله " ( 2 ) وكون تلك
الامور من علامة الشقا ظاهر . وفيه تحريص على ترك تلك الخصال ، وطلب أضدادها
بكثرة ذكر الله ، وذكر عقوباته على المعاصي ، والتفكر في فناء الدنيا وعدم بقاء
لذاتها ، وفي عظمة الامور الاخروية ومثوباتها وعقوباتها وأمثال ذلك .
7 كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط ، عن داود بن النعمان
عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وآله
الناس فقال : ألا
أخبركم بشراركم ؟ قالوا : بلى يارسول الله ، فقال صلى الله عليه وآله : الذي
يمنع رفده ، ويضرب عبده ، ويتزود وحده ، فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر
من هذا ثم قال : ألا أخبركم بمن هو شر من ذلك ؟ قالوا : بلى يارسول الله
قال : الذي لايرجى خيره ولايؤمن شره . فظنوا أن الله لم يخلق خلقا هو شر
من هذا ثم قال : ألا أخبركم بمن هو شر من ذلك ؟ قالوا : بلى يارسول الله
قال : المتفحش اللعان الذي اذا ذكر عنده المؤمنون لعنهم واذا ذكروه
هوامش صفحة - 107 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 290 .
( 2 ) الزمر : 22 .
[108]
لعنوه ( 1 ) .
بيان : ( الذي يمنع رفده ) الرفد بالكسر العطاء والصلة وهو اسم من
رفده رفدا من باب ضرب : أعطاه وأعانه ، والظاهر أنه أعم من منع الحقوق
الواجبة والمستحبة ( ويضرب عبده ) أي دائما أو في أكثر الاوقات أو من غير ذنب
أو زائدا على القدر المقرر أو مطلقا ، فان العفو من أحسن الخصال " ويتزود
وحده " أي يأكل زاده وحده ، من غير رفيق مع الامكان ، أو أنه لايعطي من زاده
غيره شيئا من عياله وغيرهم ، وقيل : أي لا يأخذ نصيب غيره عند أخذ العطا وهو
بعيد .
ثم اعلم أنه لايلزم حمل هذه الخصال على الامور المحرمة ، فانه يمكن
أن يكون الغرض عند مساوي الاخلاق لا المعاصي .
والتفحش المبالغة في الفحش وسوء القول ، واللعان المبالغة في اللعن
وهو من الله الطرد والابعاد من الرحمة ، ومن الخلق السب والدعاء على الغير
وقريب منه ما في النهاية .
8 كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابنا ، عن عبدالله ابن سنان ،
عن أبي عبدالله
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 108 سطر 15 إلى صفحه 116 سطر 15
عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ثلاث من كن فيه
كان منافقا وان صام وصلى وزعم أنه مسلم ، من إذا ائتمن خان ، وإذا حدث
كذب ، وإذا وعد أخلف ، إن الله عزوجل قال في كتابه : " ان الله لايحب
الخائنين " ( 2 ) وقال : " أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين " ( 3 ) وفي قوله
عزوجل : " واذكر في الكتاب إسمعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا " ( 4 ) .
بيان : اعلم أنه كما يطلق المؤمن والمسلم على معان كما عرفت ، فكذلك
هوامش صفحة - 108 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 290 .
( 2 ) الانفال : 58 .
( 3 ) النور : 7 .
( 4 ) الكافي ج 2 ص 290 ، والاية في مريم : 54 .
[109]
يطلق المنافق على معان منها أن يظهر الاسلام ويبطن الكفر ، وهو المعنى المشهور
ومنها الرياء ، ومنها أن يظهر الحب ويكون في الباطن عدوا ، أو يظهر الصلاح
ويكون في الباطن فاسقا ، وقد يطلق على من يدعي الايمان ولم يعمل بمقتضاه
ولم يتصف بالصفات التي ينبغي أن يكون المؤمن عليها فكان باطنه مخالفا لظاهره
وكأنه المراد هنا وسيأتي معاني النفاق في بابه إنشاء الله تعالى والمراد بالمسلم
هنا المؤمن الكامل المسلم لاوامر الله ونواهيه ، ولذا عبر بلفظ الزعم المشعر
بأنه غير صادق في دعوى الاسلام .
" من إذا ائتمن " أي على مال أو عرض أو سر " خان " صاحبه وقيل :
المراد به من أصر على الخيانة كما يدل عليه قوله تعالى : " ان الله لايحب
الخائنين " حيث لم يقل إن الله لايحب الخيانة ويدل على أنه كبيرة لايقبل
معها عمل ، والا كان محبوبا في الجملة .
وأما الاستدلال بآية اللعان فلانه علق اللعنة بمطلق الكذب وان كان
مورده الكذب في القذف ، ولو لم يكن مستحقا للعن لم يأمره الله بهذا القول
وأماقوله عليه السلام : " وفي قوله عزوجل " فلعله عليه السلام إنما غير
الاسلوب لعدم صراحة الاية في ذمه ، بل إنما يدل على مدح ضده وبتوسطه
يشعر بقبحه ، وإنما لم يذكر عليه السلام الاية التي هي أدل على ذلك حيث قال :
" يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالاتفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا
تفعلون " ( 1 ) وسيأتي الاستدلال به في خبر آخر ، إما لظهوره واشتهاره أو لاحتمال
معنى آخر كما سيأتي وقيل : كلمة " في " في " في قوله " بمعنى " مع " أي قال في
سورة الصف ماهو مشهور في ذلك مع قوله في سورة مريم : " واذكر " لدلالته
على مدح ضده .
9 كا : علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن بعض أصحابه ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا اخبركم
بأبعدكم مني شبها ؟
هوامش صفحة - 109 - ( 1 ) الصف : 2 و 3 .
[110]
قالوا : بلى يارسول الله قال : الفاحش المتفحش البذي البخيل المختال الحقود الحسود
القاسي القلب البعيد من كل خير يرجى غير المأمون من كل شر يتقى ( 1 ) .
بيان : الفحش القول السيئ والكلام الردي وكل شئ جاوز الحد فهو
فاحش ومنه غبن فاحش والتفحش كذلك مع زيادة تكلف وتصنع ، وقيل : المراد
بالمتفحش الذي يقبل الفحش من غيره ، فالفاحش المتفحش الذي لايبالي ماقال ولا ما
قيل له ، والاول أظهر وبعد من كان كذلك من مشابهة الرسول صلى الله عليه وآله ظاهر
لانه
صلى الله عليه وآله كان في غاية الحياء ، وكان يحترز عن الفحش في القول حتى أنه كان
يعبر عن الوقاع والبول والتغوط بالكنايات ، بل بأبعدها ، تأسيا بالرب سبحانه
في القرآن .
قال في النهاية فيه إن الله يبغض الفاحش المتفحش : الفاحش ذو الفحش في
كلامه وفعاله والمتفحش الذي يتكلف ذلك ويتعمده ، وقد تكرر ذكر الفاحش
والفاحشة والفواحش في الحديث وهو كل مايشتد قبحه من الذنوب والمعاصي
وكثيرا ماترد الفاحشة بمعنى الزنا وكل خصلة قبيحة فهي فاحشة من الاقوال
والافعال وقال : البذاء بالمد الفحش في القول . وفلان بذي اللسان .
وفي المصباح بذا على القوم يبذ وبذاء بالفتح والمد سفه وأفحش في
منطقه وإن كان كلامه صدقا فهو بذي على فعيل ، وفي النهاية فيه من جر ثوبه
خيلاء لم ينظر الله إليه : الخيلاء بالضم والكسر الكبر والعجب ، يقال اختال فهو
مختال ، وفيه خيلاء ومخيلة ، أي كبر وتقييد الخبر والشر بكونه مرجوا أو
يتقى منه إما للتوضيح أو للاحتراز والاول كأنه أظهر .
10 كا : الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن منصور بن العباس ، عن
علي بن أسباط رفعه إلى سلمان قال : اذا أراد الله عزوجل هلاك عبد نزع منه
الحياء ، فاذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا خائنا مخونا ، فان كان خائنا مخونا نزع
منه الامانة ، فاذا نزعت منه الامانة لم تلقه إلا فظا غليظا ، فاذا كان فظا غليظا
هوامش صفحة - 110 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 291 .
[111]
نزعت منه ربقة الايمان ، فاذا نزعت منه ربقة الايمان ، لم تلقه إلا شيطانا
ملعونا ( 1 ) .
بيان : " اذا أراد الله هلاك عبد " لعله كناية عن علمه سبحانه بسوء سريرته وعدم
استحقاق اللطف " نزع منه الحياء " أي سلب التوفيق منه حتى يخلع لباس
الحياء وهو خلق يمنع من القبايح والتقصير في حقوق الخلق والخالق ، " فاذا
نزع منه الحياء " المانع من ارتكاب القبايح " لم تلقه إلا خائنا مخونا " وقد مر
معنى الخائن وذمه .
وأما المخون فيحتمل أن يكون بفتح الميم وضم الخاء أي يخونه الناس
فذمه باعتبار أنه السبب فيه ، أو المراد أنه يخون نفسه أيضا ويجعله مستحقا
للعقاب فهو خائن لغيره ولنفسه ، وبهذا الاعتبار مخون ، ففي كل خيانة خيانتان
أو يكون بضم الميم وفتح الخاء وفتح الواو المشددة منسوبا إلى الخيانة مشهورا
به ، أو بكسر الواو المشددة أي ينسب الناس إلى الخيانة مع كونه خائنا . في
القاموس : الخون أن يؤتمن الانسان فلاينصح ، خانه خونا وخيانة واختانه فهو خائن
وقد خانه العهد والامانة وخونه تخوينا نسبه إلى الخيانة ونقضه " نزعت منه
الامانة " لانها ضد الخيانة .
فان قيل : كان هذا معلوما لايحتاج إلى البيان ، قلت : يحتمل أن يكون
المراد أنه إذا لم يبال من الخيانة يصير بالاخرة إلى أنه يسلب منه الامانة
بالكلية أو المعنى أنه يصير بحيث لا يأتمنه الناس على شئ .
" لم تلقه إلا فظا غليظا " في القاموس الفظ الغليظ السيئ الخلق القاسي
الخشن الكلام انتهى . والغلظة ضد الرقة ، والمراد هنا قساوة القلب وغلظته ، كما قال
تعالى : " ولو كنت فظا غليظ القلب " ( 2 ) وتفرع هذا على نزع الامانة ظاهر لان
الخائن لاسيما من يعلمه الناس كذلك لابد من أن يعارض الناس ويجادلهم فيصير
هوامش صفحة 111 ( 1 ) الكافي ج 2 ص 291 .
( 2 ) آل عمران : 159 .
[112]
سيئ الخلق الخشن ولايرحم الناس لذهابه بحقهم فيقسو قلبه وأيضا إصراره على
ذلك دليل على عدم تأثير المواعظ في قلبه ، فاذا كان كذلك نزع منه ربقة الايمان
لسلب أكثر لوازمه وصفاته عنه كما مر في صفات المؤمن ، والمراد كمال الايمان
أو أحد المعاني التي مضت منه ، ولا أقل أنه ينزع منه الحياء ، وهو رأس الايمان
" لم تلقه إلا شيطانا " أي شبيها به في الصفات أو بعيدا من الله وهدايته وتوفيقه
" ملعونا " يلعنه الله والملائكة والناس أو بعيدا من رحمة الله تعالى .
11 كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن
زياد الكرخي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله
: ثلاث ملعونات :
ملعون من فعلهن : المتغوط في ظل النزال ، والمانع الماء المنتاب ، والساد
الطريق المقربة ( 1 ) .
بيان : " ثلاث " مبتدأ وقد يجوز كون المبتدء نكرة محضة لاسيما في العدد
" وملعون من فعلهن " استيناف بياني والمعنى أن اللعن لايتعلق بالعمل حقيقة بل
بفاعله وقرء بعض الافاضل باضافة ثلاث إلى ملعونات ، فالجملة خبر ، وقوله
" المتغوط " خبر مبتدأ محذوف بتقدير مضاف أيضا والتقدير : هن صفة المتغوط
والضمير لثلاث ، ويمكن عدم تقدير المضاف فالتقدير : هو المتغوط ، والضمير
لمن فعلهن .
وفي المصباح الغائط : المطمئن الواسع من الارض ثم اطلق الغائط على
الخارج المستقذر من الانسان كراهة لتسميته باسمه الخاص لانهم كانوا يقضون
حوائجهم في المواضع المطمئنة فهو من مجاز المجاورة ثم توسعوا فيه حتى اشتقوا
منه وقالوا تغوط الانسان انتهى . وكأن نسبة اللعن إلى الفعل مجاز في الاسناد
أو كناية عن قبحه ونهي الشارع عنه .
والمراد بظل النزال تحت سقف أو شجرة ينزلها المسافرون ، وقد يعم بحيث
يشمل المواضع المعدة لنزولهم وإن لم يكن فيه ظل لاشتراك العلة أو بحمله على
هوامش صفحة - 112 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 292 ، وفيه " الطريق المعربة " ) .
[113]
الاعم والتعبير بالظل لكونه غالبا كذلك ، والظاهر اختصاص الحكم بالغائط
لكونه أشد ضررا وربما يعم ليشمل البول والمشهور بين الاصحاب كراهة ذلك
وظاهر الخبر التحريم ، إذ فاعل المكروه لايتسحق اللعن ، وقد يقال : اللعن البعد من
رحمة الله وهو يحصل بفعل المكروه أيضا في الجملة .
ولايبعد القول بالحرمة إن لم يكن إجماع على خلافه للضرر العظيم فيه
على المسلمين ، لاسيما إذا كان وقفا فانه تصرف مناف لغرض الواقف ومصلحة
الوقف ، ولايبعد القول بهذا التفصيل أيضا ، ويمكن حمل الخبر على أن الناس يلعنونه
ويشتمونه ، لكن يقل فائدة الخبر إلا أن يقال : الغرض بيان علة النهي
عن الفعل .
قال في النهاية : فيه اتقوا الملاعن الثلاث هي جمع ملعنة ، وهي الفعلة التي
يلعن بها فاعلها كأنها مظنة للعن ومحصل له ، وهو أن يتغوط الانسان على قارعة
الطريق أو ظل الشجرة أو جانب النهر فاذا مر بها الناس لعنوا فاعلها ومنه الحديث
اتقوا اللاعنين أي الامرين الجالبين للعن الباعثين للناس عليه ، فانه سبب للعن
من فعله في هذه المواضع ، وليس كل ظل ، وإنما هو الظل الذي يستظل به
الناس ويتخذونه مقيلا ومناخا وأصل اللعن الطرد والابعاد من الله تعالى ، ومن
الخلق السب والدعاء انتهى .
" والمانع الماء المنتاب " الماء مفعول أول لمانع إما مجرور بالاضافة من
باب الضارب الرجل أو منصوب على المفعولية ، والمنتاب اسم فاعل بمعنى صاحب
النوبة ، فهو مفعول ثان ، وهو من الانتياب افتعال من النوبة ويحتمل أن يكون
اسم مفعول صفة للماء من انتاب فلان القوم أي أتاهم مرة بعد أخرى .
والماء المنتاب هو الماء الذي يرد عليه الناس متناوبة ومتبادلة لعدم اختصاصه
بأحدهم كالماء المملوك المشترك بين جماعة ، فلعن المانع لاحدهم في نوبته والماء
المباح الذي
ليس ملكا لاحدهم كالغدران والابار في البوادي فاذا ورد عليه الواردون كانوا فيه
سواء
فيحرم لاحدهم منع الغير من التصرف فيه ، على قدر الحاجة ، لان في المنع
[114]
تعريض مسلم للتلف فلو منع حل قتاله قال الجوهري : انتابه انتيابا أتاه مرة بعد
اخرى ، وفي النهاية نابه ينوبه نوبا وانتابه اذا قصده مرة بعد أخرى ، ومنه حديث
الدعا : ياأرحم من انتابه المسترحمون ، وفي حديث صلاة الجمعة كان الناس ينتابون
الجمعة من منازلهم .
" والساد الطريق المعربة " بالعين المهملة على بناء المفعول أي الواضحة
التي ظهر فيها أثر الاستطراق ، في النهاية : الاعراب الابانة والافصاح ، وفي أكثر
النسخ المقربة بالقاف ، فيمكن أن يكون بكسر الراء المشددة أي الطريق المقربة
إلى المطلوب : بأن يكون هناك طريق آخر أبعد منه ، فان لم يكن طريق آخر فبطريق أولي
.
وهذه النسخة موافقة لروايات العامة لكنهم فسروه على وجه آخر قال في
النهاية : فيه من غير المطربة والمقربة فعليه لعنة الله المطربة واحدة المطارب
وهي طرق صغار تنفذ إلى الطرق الكبار ، وقيل : هي الطرق الضيقة المتفرقة يقال :
طربت عن الطريق أي عدلت عنه ، والمقربة طريق صغير ينفذ إلى طريق كبير وجمعها
المقارب وقيل : هو من القرب وهو السير [ بالليل وقيل : السير ] إلى الماء ، ومنه
الحديث
ثلاث لعينات : رجل عور طريق المقربة ، وقال في القاموس : المقرب والمقربة الطريق
المختصر وقال : القرب بالتحريك سير الليل لورد الغد ، والبئر القريبة الماء وطلب
الماء
ليلا وفي الفائق : المقربة المنزل أصلها من القرب وهو السير إلى الماء .
12 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم
الكرخي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
ثلاث ملعونات
من فعلهن : المتغوط في ظل النزال ، والمانع للماء المنتاب ، والساد الطريق المسلوك
( 1 ) .
بيان : تذكير ضمير الطريق هنا وتأنيثه في ماتقدم باعتبار أن الطريق
يذكر ويؤنث .
13 كا : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه
هوامش صفحة - 114 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 292 .
[115]
جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي حمزة ، عن جابر بن عبدالله
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ألا اخبركم بشرار رجالكم ؟ قلنا : بلى يا
رسول الله
قال : إن من شرار رجالكم البهات الجرئ الفحاش ، الاكل وحده ، والمانع
رفده ، والضارب عبده ، والملجئ عياله إلى غيره ( 1 ) .
بيان : البهات مبالغة من البهتان ، وهو أن يقول في الناس ماليس فيهم
قال الجوهري : بهته بهتا أخذه بغتة ، قال الله تعالى : " بل تأتيهم بغتة فتبهتهم "
( 2 ) .
وتقول أيضا : بهته بهتا وبهتا وبهتانا فهو بهات أي قال عليه مالم يفعله فهو
مبهوت انتهى ( 3 ) والجري بالياء المشددة وبالهمزة أيضا على فعيل ، وهو المقدام
على القبيح من غير توقف والاسم الجرأة والفحاش ذوا الفحش وهو كلما يشتد قبحه
من الاقوال والافعال وكثيرا مايراد به الزنا ، وقد مر الكلام فيه .
" الاكل وحده " أقول : لعل النكتة في ايراد العاطف في الاخيرات وتركها
في الاول الاشعار بأن البهت والجرأة والفحش صارت لازمة له كالذاتيات ، فصرن
كالذات التي اجريت عليها الصفات فناسب إيراد العاطف بين الصفات لتغايرها
ويحتمل أن تكون العلة الفصل بالمعمول أي وحده ورفده وعبده بين الفقرات
الاخيرة وعدمها في الاول فتأمل ، " والمانع رفده " قد مر الكلام فيه وعدم
حرمة هذه الخصلة لاينافي كون المتصف بجميع تلك الصفات من شرار الناس ، فانه
الظاهر من الخبر ، لاكون المتصف بكل منها من شرار الناس ، وقيل : يفهم منه
ومما سبقه أن ترك المندوبات وماهو خلاف المروة شر ، فالمراد بشرار الرجال
فاقد الكمال سواء كان فقده موجبا للعقوبة أم لا انتهى " والملجئ عياله إلى غيره "
أي لاينفق عليهم ولايقوم بحوائجهم .
14 كا : علي بن إيراهيم ، عن ابن أبي عمير ، عن ميسر ، عن
هوامش صفحة - 115 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 292 .
( 2 ) الانبياء : 40
( 3 ) الصحاح ج 20 ص 244 .
[116]
أبيه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : خمسة
لعنتهم وكل نبي
مجاب الزائد في كتاب الله ، والتارك لسنتي ، والمكذب بقدر الله ، والمستحل
من عترتي ماحرم الله ، والمستأثر بالفئ المستحل له ( 1 ) .
بيان : ( كل نبي مجاب ) أقول : يحتمل أن يكون عطفا على فاعل لعنتهم
وترك التأكيد بالمنفصل للفصل بالضمير المنصوب ، مع أنه قد جوزه الكوفيون
مطلقا وقيل : ( كل ) منصوب على أنه مفعول معه ، فقوله : مجاب صفة للنبي
أي لعنهم كل نبي أجابه قومه أو لابد من أن يجيبه قومه ، أو أجاب الله دعوته
فالصفة موضحة ، ويحتمل أن يكون ( كل ) مبتدأ ( ومجاب ) خبرا والجملة
حالية أي والحال أن كل نبي مستجاب الدعوة ، فلعني يؤثر فيهم لامحالة ويحتمل
العطف أيضا .
ويؤيد الاول مافي مجالس الصدوق وغيره من الكتب ولعنهم كل نبي .
" والتارك لسنتي " أي مغير طريقته والمبتدع في دينه " والمكذب بقدر الله " أي
المفوضة الذين يقولون : ليس لله في أعمال العباد مدخل أصلا كالمعتزلة
وقد مر تحقيقه " والمستحل من عترتي ماحرم الله " المراد بعترته أهل بيته
والائمة من ذريته باستحلال قتلهم أو ضربهم أو شتمهم أو إهانتهم أو ترك مودتهم
أو غصب حقهم أو عدم القول بامامتهم أو ترك تعظيمهم .
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 116 سطر 16 إلى صفحه 124 سطر 16
" والمستأثر بالفئ المستحل له " في النهاية : الاستيثار الانفراد بالشئ وقال :
الفئ ماحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولاجهاد انتهى .
وأقول : الفئ يطلق على الغنيمة والخمس والانفال وكل ذلك يتعلق بالامام
كلا أو بعضا كما حقق في محله .
15 كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر
اليماني ، عن عمر بن اذينة ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي
هوامش صفحة - 116 - ( 1 ) الكافي ج 2 ص 293 .
[117]
عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال : بني الكفر ( 1 ) على أربع دعائم : الفسق ،
والغلو
هوامش صفحة - 117 - ( 1 ) هذا الحديث جزء من خطبة خطبها علي عليه الصلاة والسلام في
داره أو في القصر
وأصحابه مجتمعون حوله ، ثم أمر عليه السلام فكتب في كتاب وقرئ على الناس ، وقد
يقال أن عبدالله بن الكواء سأله صلوات الله عليه عن صفة الاسلام والايمان والكفر
والنفاق
فخطبها ، والخطبة مروية بطرق مختلفة رواها أرباب الجوامع الحديثية صدرها في بيان
شرف الاسلام والايمان وخصائصهما وبعده بيان دعائم الايمان والكفر والنفاق وشرح شعب
كل
واحد منها .
فعبضهم رواها مفصلا من أوله إلى آخره في فصل واحد كما تراه في تحف العقول
ص 158 163 ( ط اسلامية ) وهكذا رواها بأجمعها إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب
الغارات على ماأخرجه المؤلف العلامة في ج 68 ص 385 من طبعتنا هذه ، كما مر
فصوله الاخيرة عن خصال الصدوق ص 89 من هذا المجلد .
وبعضهم جزءها في فصول متعددة وروى في كل فصل مايناسب عنوانه كما فعله ثقة
الاسلام الكليني في الكافي فروى صدرها في باب صفة الاسلام ج 2 ص 49 ، وبعده في باب
صفة
الايمان ص 50 ( وقد نقلهما المؤلف العلامة مشروحا في ج 68 في باب واحد الباب 27 باب
دعائم الايمان والاسلام ) .
ثم مابعده في باب دعائم الكفر وشعبه ج 2 ص 391 وآخره في باب صفة النفاق
والمنافق ص 393 وقد جمع المؤلف العلامة بينهما في هذا الباب كما تراه وقد
أراد أن يشرح فقراتها نقلا عن شرحه على الكافي ( مرآت العقول ) فعاقه عن ذلك الاجل
رضوان الله عليه .
قال في ج 68 ص 374 : أقول : فرق الكليني قدس الله روحه الخبر على أربعة أبواب
فجمعنا ماأورده في بابي الاسلام والايمان هنا ، وسنورد ماأورده في بابي الكفر
والنفاق
في بابيهما مع شرح تتمة ما أورده السيد ( يعني الرضي في نهج البلاغة ) وصاحب التحف
وغيرهما ( كمجالس المفيد ص 170 ومجالس الشيخ ج 1 ص 35 ) .
ولكن كما ترى القارئ الكريم ما يتعلق بباب الكفر والنفاق منقول في هذا الباب
تماما من دون شرح فمن أراد شرح ذلك فليراجع مرآت العقول ج 2 ص 379 387
ولما كان الشرح طويلا لم ننقله ههنا حذرا من التطويل ، وانما ننقل منه مالابد منه
في
فهم المراد والله المستعان .
[118]
والشك والشبهة ( 1 ) .
والفسق على أربع شعب : على الجفاء والعمى والغفلة والعتو ، فمن جفا احتقر
الحق ، ومقت الفقهاء وأصر على الحنث العظيم ، ومن عمى نسي الذكر واتبع
الظن وبارز خالقه ، وألح عليه الشيطان ، وطلب المغفرة بلا توبة ولا استكانة
ولا غفلة ( 2 ) .
ومن غفل جنى على نفسه وانقلب على ظهره وحسب غيه رشدا وغرته
الاماني وأخذته الحسرة والندامة إذا قضي الامر وانكشف عنه الغطاء ، وبدا له
مالم يكن يحتسب ، ومن عتا عن أمر الله شك ومن شك تعالى الله عليه فأذله بسلطانه
وصغره بجلاله كما اغتر بربه الكريم وفرط في أمره .
والغلو على أربع شعب : على التعمق بالرأي ( 3 ) والتنازع فيه والزيغ
والشقاق ، فمن تعمق لم ينب إلى الحق ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات ، ولم
هوامش صفحة - 118 - ( 1 ) قال الراغب في المفردات ص 433 : الكفر ستر الشئ ووصف
الليل بالكافر
لسترة الاشخاص ، والزراع لستره البذر في الارض ، وليس ذلك باسم لهما وكفر النعمة
وكفرانها سترها بترك أداء شكرها ، قال تعالى : " فلا كفران لسعيه " وأعظم الكفر
جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالا ،
والكفر
في الدين أكثر والكفور فيهما جميعا .
وقال ابن ميثم في شرح النهج 538 : وأما الكفر : فرسمه أنه جحد الصانع أو
انكار أحد رسله عليهم السلام أو ماعلم مجيئهم به بالضرورة ، وله أصل ، وهو ماذكرناه
وكمالات ومتممات هي الرذائل الاربع التي جعلها دعائم له .
( 2 ) قوله : " ولاغفلة " أي غفلة عن الذنوب وشبهة عرضت له فيها ، ويحتمل أن
يكون تصحيف : " نقلة " أي انتقال عن الذنوب وتركها .
( 3 ) أي التعمق والغور في الامور بالاراء والمقاييس الباطلة يقال تعمق في الامر :
اي بالغ في النظر فيه ، والمراد به المبالغة المقضية إلى حد الافراط وبعد ظهور الحق
كمن وصل في البئر إلى الماء وقضى الوطر ، ثم غاص في البئر فغرق منه ره .
[119]
تنحسر عنه فتنة إلا غشيته اخرى وانخرق دينه فهو يهوي في أمر مريج ( 1 ) ومن
نازع في الرأي وخاصم شهر بالعثل ( 2 ) من طول اللجاج ، ومن زاغ قبحت عنده
الحسنة ، وحسنت عنده السيئة ، ومن شاق أعورت عليه طرقه ، واعترض عليه أمره ، فضاق
مخرجه إذا لم يتبع سبيل المؤمنين .
والشك على أربع شعب : على المرية والهوى والتردد والاستسلام ، وهو
قول الله عزوجل : " فبأي آلاء ربك تتمارى " ( 3 ) .
وفي رواية أخرى : على المرية والهول من الحق والتردد والاستسلام للجهل
وأهله فمن هاله مابين يديه نكص على عقبيه ، ومن امترى في الدين تردد في الريب
وسبقه الاولون من المؤمنين ، وأدركه الاخرون ، ووطئته سنابك الشيطان ( 4 ) ومن
استسلم لهلكة الدنيا والاخرة ، هلك فيما بينهما ، ومن نجا من ذلك فمن فضل
اليقين ، ولم يخلق الله خلقا أقل من اليقين .
والشبهة على أربع شعب : إعجاب بالزينة وتسويل النفس وتأول العوج ( 5 )
هوامش صفحة 119 ( 1 ) أي أمر مختلط بالاباطيل المختلفة أو بالحق والباطل .
( 2 ) في بعض النسخ بالعين المهملة والثاء المثلثة أي الحمق وقد يقرء بالتاء
المثناة
ومعناه الاسراع إلى الباطل ، وفي أكثر النسخ " بالفشل " وهو الضعف والجبن ، قيل :
وإنما شهر بالفشل لان خصمه المبطل لاينقاد للحق ، بل لايزال يجادل بالباطل ليدحض به
الحق فيظهر ضعف هذا الحق فيشهر به ، منه ره .
( 3 ) النجم : 55 ، والتمارى : المجادلة لاظهار قوة الجدل ، وقد يكون الممارى
شاكا في نفسه أو يعتقد خلافه ، ومعذلك يتمارى مع الخصم ليغلب عليه .
( 4 ) السنابك جمع سنبك كقنفذ ، وهو طرف الحافر ، كناية عن استيلاء الشيطان وجنوده
عليه ، عنه ره .
( 5 ) أي تأول الامر المعوج والباطل بما يظن أنه حق ومستقيم ، وقيل يعني التأويل
الغير المستقيم ، منه ره .
[120]
ولبس الحق بالباطل ، وذلك بأن الزينة تصدف عن البينة ( 1 ) وأن تسويل
النفس تقحم على الشهوة وأن العوج يميل بصاحبه ميلا عظيما وأن اللبس ظلمات
بعضها فوق بعض ، فذلك الكفر ودعائمه وشعبه .
وقال : والنفاق على أربع دعائم : على الهوى والهوينا والحفيظة والطمع .
فالهوى على أربع شعب : على البغي والعدوان والشهوة والطغيان ، فمن
بغى كثرت غوائله ، ونخلي منه نصر عليه ، ومن اعتدى لم يؤمن بوائقه ولم
يسلم قلبه ، ولم يملك نفسه عن الشهوات ، ومن لم يعذل نفسه في الشهوات خاض
في الخبيثات ، ومن طغى ظل على العمل بلا حجة ( 2 ) .
والهوينا ( 3 ) على أربع شعب : على الغرة والامل والهيبة والمماطلة ، وذلك
لان الهيبة ترد عن الحق ، والمماطلة تفرط في العمل ، حتى يقدم عليه الاجل
ولولا الامل علم الانسان حسب ماهو فيه ولو علم حسب ماهو فيه مات خفاتا ( 4 )
من الهول والوجل ، والغرة تقصر بالمرء عن العمل .
والحفيظة على أربع شعب : على الكبر والفخر والحمية والعصبية ، فمن
استكبر أدبر عن الحق ومن فخر فجر ، ومن حمي أصر على الذنوب ، ومن أخذته
العصبية جار ، فبئس الامر أمر بين إدبار وفجور ، وإصرار وجور على الصراط .
والطمع على أربع شعب : الفرح والمرح واللجاجة والتكاثر ، فالفرح
مكروه عند الله والمرح خيلاء ، واللجاجة بلاء لمن اضطرته إلى حمل الاثام
هوامش صفحة - 120 - ( 1 ) يعني أن زينة الباطل يمنع النظر ويصدفه عن العمل الذي
يبين الحق من الباطل
وهذا هو المراد بقوله " اعجاب بالزينة " .
( 2 ) في بعض النسخ " على عمد بلا حجة " كما في المصدر المطبوع . ( 3 ) الهوينا :
التؤدة والرفق ، وهي تصغير الهونى والهونى تأنيث الاهون ويجوز أن
تكون الهونى فعلى اسما من الهينة أي السكينة والوقار ، ولعل المراد هنا السكينة
والهوينا
التي تراها على الفراعنة والجبارين ، وهي المناسبة للغرة والامل والهيبة والمماطلة
.
( 4 ) اي مات فجاءة .
[121]
والتكاثر لهو ولعب وشغل واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير ، فذلك النفاق
ودعائمه وشعبه .
والله قاهر فوق عباده ، تعالى ذكره وجل وجهه وأحسن كل شئ خلقه
وانبسطت يداه ، ووسعت كل شئ رحمته ، فظهر أمره وأشرق نوره ، وفاضت
بركته ، واستضاءت حكمته ، وهيمن كتابه ، وفلجت حجته ، وخلص دينه ، و
استظهر سلطانه ، وحقت كلمته ، وأقسطت موازينه ، وبلغت رسله ، فجعل السيئة ذنبا
والذنب فتنة ، والفتنة دنسا ، وجعل الحسنى عتبى ، والعتبى توبة ، والتوبة طهورا .
فمن تاب اهتدى ، ومن افتتن غوى ، مالم يتب إلى الله ويعترف بذنبه ، ولا
يهلك على الله إلا هالك .
الله الله فما أوسع مالديه من التوبة والرحمة والبشرى والحلم العظيم ، وما
أنكل ماعنده من الانكال والجحيم والبطش الشديد ، فمن ظفر بطاعته اجتلب كرامته
ومن دخل في معصيته ذاق وبال نقمته ، وعما قليل ليصبحن نادمين .
16 ل ( 1 ) لى : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن بكر بن
محمد الازدي ، عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : اصول الكفر ثلاثة :
الحرص
والاستكبار والحسد ، فأما الحرص فان آدم عليه السلام حين نهي عن الشجرة حمله الحرص
على أن أكل منها ، وأما الاستكبار فابليس حين امر بالسجود لادم استكبر وأما
الحسد فابنا آدم حين قتل أحدهما صاحبه حسدا ( 2 ) .
17 لى : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن الصادق
عن آبائه عليهم السلام ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : أركان الكفر أربعة :
الرغبة والرهبة والسخط والغضب ( 3 ) .
18 ل : في ما أوصى به النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام : ياعلي كفر بالله
العظيم
هوامش صفحة - 121 - ( 1 ) الخصال ج 1 ص 45 .
( 2 ) أمالي الصدوق ص 251 .
( 3 ) المصدر نفسه ، وألفاظ هذه الاحاديث هي التي مرت عن الكافي مشروحا فراجع .
[122]
من هذه الامة عشرة : القتات ، والساحر ، والديوث ، وناكح المرأة حراما في دبرها
وناكح البهيمة ، ومن نكح ذات محرم منه ، والساعي في الفتنة ، وبايع السلاح من
أهل الحرب ، ومانع الزكاة ، ومن وجد سعة فمات ولم يحج ( 1 ) .
19 ل : عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن فضال
معا ، عن ابن أسباط ، عن الحسن بن يزيد ، عن محمد بن سالم ، عن ابن طريف ، عن ابن
نباته قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : الكفر على أربع دعائم : على الفسق
والعتو ( 2 )
والشك والشبهة .
والفسق على أربع شعب : على الجفاء والعمى والغفلة والعتو ، فمن جفا حقر
الحق ومقت الفقهاء وأصر على الحنث العظيم ، ومن عمي نسي الذكر واتبع
الظن وألح عليه الشيطان ، ومن غفل غرته الاماني وأخذته الحسرة إذاانكشف
الغطاء وبدا له من الله مالم يكن يحتسب ، ومن عتا عن أمر الله تعالى الله عليه ثم
أذله
بسلطانه وصغره بجلاله كما فرط في جنبه وعتا عن أمر ربه الكريم .
والعتو ( 3 ) على أربع شعب : على التعمق والتنازع والزيغ والشقاق ، فمن تعمق
لم ينب إلى الحق ، ولم يزدد إلا غرقا في الغمرات ، فلم تحتبس منه فتنة إلا غشيته
اخرى وانخرق دينه فهو يهيم في أمر مريج ، ومن نازع وخاصم قطع بينهم الفشل ، وذاقوا
وبال أمرهم وسائت عنده الحسنة ، وحسنت عنده السيئة ، ومن سائت عليه الحسنة
اعتورت عليه طرقه ، واعترض عليه أمره ، وضاق عليه مخرجه ، وحري أن يرجع
من دينه ، ويتبع غير سبيل المؤمنين .
والشك على أربع شعب : على الهول والريب والتردد والاستسلام " فبأي
آلاء ربك تتمارى " : المتمارون ، فمن هاله مابين يديه نكص على عقبيه ومن
تردد في الريب سبقه الاولون وأدركه الاخرون ، وقطعته سنابك الشياطين
ومن استسلم لهلكة الدنيا والاخرة هلك فيما بينهما ، ومن نجا فباليقين .
والشبهة على أربع شعب : على الاعجاب بالزينة ، وتسويل النفس وتأول العوج
هوامش صفحة - 122 - ( 1 ) الخصال ج 2 ص 61 . - ( 2 و 3 ) الغلوظ .
[123]
وتلبس الحق بالباطل . وذلك بأن الزينة تزيد على الشبهة وأن تسويل النفس
يقحم على الشهوة وأن العوج يميل ميلا عظيما ، وأن التلبس ظلمات بعضها فوق
بعض فذلك الكفر ودعائمه وشعبه ( 1 ) .
20 سر : عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول : لا دين لمن دان بطاعة من يعصي الله ، ولا دين لمن دان
بفرية
باطل على الله ، ولا دين لمن دان بجحود شئ من آيات الله .
100 .
* ( باب ) *
* " الشك في الدين ، والوسوسة ، وحديث النفس ، وانتحال الايمان " *
الايات : البقرة : وان تبدوا مافي أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر
لمن يشآء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير ( 2 ) .
الانعام : ثم أنتم تمترون ( 3 ) .
الحج : ومن الناس من يعبد الله على حرف فان أصابه خير اطمأن به وإن
أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين ( 4 ) .
سبا : إنهم كانوا في شك مريب ( 5 ) .
المؤمن : ولقد جائكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم
به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف
مرتاب ( 6 ) .
السجدة : وإنهم لفي شك منه مريب ( 7 ) .
هوامش صفحة - 123 - ( 1 ) الخصال ج 1 ص 111 ، وقد مر في ص 90 و 91 فيما سبق .
( 2 ) البقرة : 284 . ( 3 ) الانعام : 2 .
( 4 ) الحج : 11 . ( 5 ) سبأ : 54 .
( 6 ) المؤمن : 34 .
( 7 ) السجدة : 45 .
[124]
حمعسق : وإن الذين اورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب ( 1 ) .
الدخان : بل هم في شك يلعبون ( 2 ) .
الحجرات : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ( 3 ) .
النجم : فبأي آلاء ربك تتمارى ( 4 ) .
1 ضا : نروي من شك في الله بعد ما ولد على الفطرة لم يتب أبدا .
وأروي أن أمير المؤمنين عليه السلام قال في كلام له : إن من البلاء الفاقة ، وأشد
من الفاقة مرض البدن ، وأشد من مرض البدن مرض القلب .
وأروي لاينفع من الشك والجحود عمل .
وأروي من شك أو ظن فأقام على إحداهما أحبط عمله .
وأروي في قول الله عزوجل : ( وما وجدنا لاكثرهم من عهد وإن وجدنا
أكثرهم لفاسقين ) ( 5 ) قال : نزلت في الشكاك .
وأروي في قوله : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " ( 6 ) قال :
الشك ، الشاك في الاخرة مثل الشاك في الاولى . نسأل الثبات وحسن اليقين .
وأروي أنه سئل عن رجل يقول بالحق ويسرف على نفسه بشرب الخمر ويأتي
الكبائر ، وعن رجل دونه في اليقين وهو لا يأتي مايأتيه فقال صلى الله عليه وآله :
أحسنهما
يقينا كنائم على المحجة اذا انبته ركبها والادون الذي يدخله الشك كالنائم على
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 124 سطر 17 إلى صفحه 132 سطر 17
غير طريق لايدري إذا انبته أيهما المحجة .
2 مص : قال الصادق عليه السلام : لايتمكن الشيطان بالوسوسة من العبد إلا
وقد أعرض عن ذكر الله ، واستهان بأمره ، وسكن إلى نهيه ، ونسي اطلاعه على
سره . فالوسوسة مايكون من خارج البدن باشارة معرفة العقل ، ومجاورة الطبع
هوامش صفحة 124 ( 1 ) الشورى : 14 . ( 2 ) الدخان : 9 .
( 3 ) الحجرات : 15 . ( 4 ) النجم : 55 .
( 5 ) الاعراف : 102 .
( 6 ) الانعام : 82 .
[125]
وأما إذا تمكن في القلب فذلك غي وضلالة وكفر ، والله عزوجل دعا عباده
باللطف دعوة ، وعرفهم عداوته ، فقال عز من قائل " إن الشيطان لكم عدو
مبين " ( 1 ) وقال : " إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا " ( 2 ) الاية .
فكن معه كالغريب مع كلب الراعي يفزع إلى صاحبه في صرفه عنه ، وكذلك
إذا أتاك الشيطان موسوسا ليصدك عن سبيل الحق ، وينسك ذكر الله فاستعذ
بربك وربه منه ، فانه يؤيد الحق على الباطل ، وينصر المظلوم لقوله عزوجل
" إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " ( 3 ) ولن تقدر على هذا
ومعرفة إتيانه ومذهب وسوسته إلا بدوام المراقبة ، والاستقامة على بساط الخدمة
وهيبة المطلع ، وكثرة الذكر ، وأما المهمل لاوقاته فهو صيد الشيطان
لامحالة .
واعتبر بما فعل بنفسه من الاغراء والاستكبار من حيث غره وأعجبه عمله
وعبادته وبصيرته ورأيه ، قد أورثه عمله ومعرفته واستلاله بمعقوله عليه اللعنة
إلى الابد ، فما ظنك بنصيحته ودعوته غيره ، فاعتصم بحبل الله الاوثق ، وهو
الالتجاء والاضطرار بصحة الافتقار إلى الله في كل نفس ، ولايغرنك تزيينه
الطاعات عليك ، فانه يفتح لك تسعة وتسعين بابا من الخير ليظفر بك عند تمام المائة
فقابله بالخلاف والصد عن سبيله ، والمضادة باستهزائه ( 4 ) .
3 شى : قال الحسين بن الحكم الواسطي : كتبت إلى بعض الصالحين أشكو
الشك فقال : إنما الشك فيما لايعرف ، فاذا جاء اليقين فلا شك يقول الله " وما
وجدنا لاكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ) ( 5 ) نزلت في
الشكاك ( 6 ) . هوامش صفحة - 125 - ( 1 ) لفظ الايات " انه لكم عدو مبين " .
( 2 ) فاطر : 6 .
( 3 ) النحل : 99 . - ( 4 ) مصباح الشريعة ص 26 .
( 5 ) الاعراف : 102 .
( 6 ) تفسير العياشي ج 2 ص 23 .
[126]
شى : عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه السلام " وأما الذين في قلوبهم مرض
فزادتهم رجسا إلى رجسهم ) ( 1 ) يقول : شكا إلى شكهم ( 2 ) .
5 جا : علي بن أحمد الكاتب ، عن محمد بن همام ، عن الحميري ، عن البرقي
عن القاسم ، عن جده ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : اعلموا
أن الله
يبغض من خلقه المتلون ، فلا تزولوا عن الحق وأهله ، فان من استبد بالباطل
وأهله هلك ، وفاتته الدنيا ، وخرج منها [ صاغرا ] ظ ( 3 ) .
6 ب : ابن سعد ، عن الازدي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين
عليه السلام : إن الشك والمعصية في النار ، ليسا منا ولا الينا ، وإن قلوب المؤمنين
لمطوية بالايمان طيا فاذا أراد الله اثارة ما فيها فتحها بالوحي فزرع فيها الحكمة
زارعها وحاصدها ( 4 ) .
7 ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن موسى بن جعفر
البغدادي ، عن علي بن معبد ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن سنان ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتعوذ في كل يوم
من ست : من الشك
والشرك والحمية والغضب والبغي والحسد ( 5 ) .
8 ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أفضل الاعمال عند الله عزوجل إيمان
لاشك فيه ، وغزو لاغلول فيه ، وحج مبرور ، وأول من يدخل الجنة
شهيد ، وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده ، ورجل عفيف متعفف ذو عبادة
وأول من يدخل النار أمير متسلط لم يعدل ، وذو ثروة من المال لم يعط المال حقه هوامش
صفحة - 126 - ( 1 ) براءة : 125 .
( 2 ) تفسير العياشي ج 2 ص 118 .
( 3 ) مجالس المفيد ص 88 .
( 4 ) قرب الاسناد ص 17 .
( 5 ) الخصال ج 1 ص 160 .
[127]
وفقير فخور ( 1 ) .
9 لى : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الكناني ، عن الصادق
عليه السلام قال : قال النبي صلى الله عليه وآله : الريب كفر ( 2 ) .
10 ثو : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن بكر بن محمد الازدي
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إن الشك
والمعصية في النار ليسا منا ولا إلينا ( 3 ) .
سن : أبي ، عن بكر بن محمد مثله ( 4 ) .
11 سن : ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : من شك في الله وفي رسوله فهو كافر ( 5 ) .
12 سن : علي بن عبدالله ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم ، عن
المفضل ، عن الصادق ، عن أبيه عليهما السلام قال : إن الله عزوجل جعل عليا علما
بينه وبين خلقه ، ليس بينه وبينهم علم غيره فمن تبعه كان مؤمنا ، ومن جحده كان
كافرا ، ومن شك فيه كان مشركا ( 6 ) .
13 ضا : أروي أنه سئل العالم عليه السلام عن حديث النفس فقال : من يطيق
ألا تحدث نفسه ، وسألت العالم عليه السلام عن الوسوسة إن كثرت ، قال : لاشئ فيها
يقول : لا إله إلا الله .
وأروي أن رجلا قال للعالم : يقع في نفسي أمر عظيم ، فقال : قل : لا إله
إلا الله ، وفي خبر آخر : لاحول ولاقوة إلا بالله .
هوامش صفحة - 127 - ( 1 ) عيون الاخبار ج 2 ص 28 .
( 2 ) أمالي الصدوق ص 292 .
( 3 ) ثواب الاعمال ص 231 .
( 4 ) المحاسن ص 249 .
( 5 ) المحاسن ص 89 .
( 6 ) المصدر نفسه .
[128]
ونروي أن الله تبارك وتعالى عفا لامتي عن وساوس الصدر ونروي عنه أن
الله تجاوز لامتي عماتحدث به أنفسها الا ماكان يعقد عليه .
وأروي إذا خطر ببالك في عظمته وجبروته أو بعض صفاته شئ من الاشياء
فقل : لا إله إلا الله محمد رسول الله وعلي أمير المؤمنين ، اذا قلت ذلك عدت إلى
محض الايمان .
وأروي أن الله تبارك وتعالى أسقط عن المؤمن مالايعلم ، ومالايعتمد
والنسيان ، والسهو ، والغلط وما استكره عليه ، ومااتقي فيه ، وما لايطيق .
14 شى : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله : " كذلك يجعل الله
الرجس على الذين لايؤمنون " ( 1 ) قال : هو الشك ( 2 ) .
15 كا : عن علي بن إابراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة قال :
سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : وسئل عن إيمان من يلزمنا حقه واخوته كيف هو
وبما يثبت وبما يبطل ؟ فقال : إن الايمان قد يتخذ على وجهين أما أحدهما فهو
الذي يظهر لك من صاحبك ، فاذا ظهر لك منه مثل الذي تقول به أنت ، حقت
ولايته واخوته ، إالا أن يجئ منه نقض للذي وصف من نفسه وأظهره لك .
فان جاء منه ماتستدل به على نقض الذي ظهر لك ، خرج عندك مما
وصف لك وظهر ، وكان لما أظهر لك ناقضا ، إلا أن يدعي أنه إنما عمل ذلك
تقية ، ومع ذلك ينظر فيه ، فان كانت ليس مما يمكن أن يكون التقية في مثله
لم يقبل منه ذلك ، لان للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له .
وتفسير مايتقي مثل [ أن يكون ] قوم سوء ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم
الحق وفعله ، فكل شئ يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لايؤدي إلى الفساد في
الدين فانه جائز ( 3 ) .
هوامش صفحة - 128 - ( 1 ) الانعام : 128 .
( 2 ) تفسير العياشي ج 1 ص 377 .
( 3 ) الكافي ج 2 ص 168 .
[129]
بيان : ( وسئل ) الواو للحال بتقدير " قد " واثبات الالف في قوله :
" بم " في الموضعين مع دخول حرف الجر شاذ وقوله : " فقال " تكرير وتأكيد
لقوله : " يقول " قوله : " قد يتخذ " " قد " هنا للتحقيق .
وإنما اكتفى بذكر أحد وجهي الايمان مع التصريح بالوجهين وكلمة
" أما " التفصيلية المقتضية للتكرار لظهور القسم الاخر من ذكر هذا القسم ، والقسم
الاخر هو مايعرف بالصحبة المتأكدة والمعاشرة المتكررة الموجبة للظن القوي
بل اليقين ، وإن كان نادرا ، فان الايمان أمر قلبي لايظهر للغير إلا بآثاره من
القول والعمل المخبرين عنه كما مر تحقيقه ، أو القسم الاخر ماكان معلوما بالبرهان
القطعي كالحجج عليهم السلام وخواص أصحابهم الذين أخبروا بصحة إيمانهم
وكماله كسلمان وأبي ذر والمقداد وأضرابهم رضي الله عنهم .
ونظير هذا في ترك معادل " أما " قوله تعالى : " وأنزلنا اليكم نورا مبينا *
فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل " ( 1 ) إذ ظاهر
أن معادله : وأما الذين كفروا بالله ولم يعتصموا به فسيدخلهم جهنم .
" حقت " بفتح الحاء وضمها ، لانه لازم ومتعد " ولايته " أي محبته
" واخوته " أي في الدين " ومع ذلك ينظر فيه " أي فيه تفصيل " فان كان " اسمه
الضمير الراجع إلى ( ماتستدل به ) وجملة " ليس " الخ خبره ، و " ذلك " إشارة
إلى الدعوى المذكور في ضمن " الا أن يدعي " و " تفسير " مبتدأ و " يتقى " على
بناء المجهول بتقدير " يتقى فيه " و " مثل " خبره .
و " قوم " مضاف إلى السوء بالفتح و " ظاهر " صفة السوء ، وجملة " حكمهم "
الخ صفة للقوم ، أو ظاهر صفة القوم لكونه بحسب اللفظ مفردا ، أي قوم غالبين
" وحكمهم " الخ جملة اخرى كما مر ، أو " حكمهم " فاعل " ظاهر " أي قوم
سوء كون حكمهم وفعلهم على غير الحق ظاهر ، أو " ظاهر " مرفوع مضاف إلى
" حكمهم " وهو مبتدأ و " على غير " خبره ، والجملة صفة القوم .
هوامش صفحة - 129 - ( 1 ) النساء : 174 و 175 .
[130]
وبالجملة يظهر منه أن التقية إنما تكون لدفع ضرر لا لجلب نفع بأن يكون
السوء بمعنى الضرر ، أو الظاهر بمعنى الغالب ، ويشترط فيه عدم التأدي إلى الفساد
في الدين ، كقتل نبي أو إمام أو اضمحلال الدين بالكلية ، كما أن الحسين عليه السلام
لم
يتق للعلم بأن تقيته يؤدي إلى بطلان الدين بالكلية .
فالتقية إنما تكون فيما لم يصر تقيته سببا لفساد الدين وبطلانه ، كما أن
تقيتنا في غسل الرجلين أو بعض أحكام الصلاة وغيرها لاتصير سببا لخفاء هذا
الحكم وذهابه من بين المسلمين ، لكن لم أر أحدا صرح بهذا التفصيل ، وربما
يدخل في هذا التقية في الدماء وفيه خفاء . ويمكن أن يراد بالاداء إلى الفساد
في الدين أن يسري إلى العقائد القلبية ، أو يعمل التقية في غير موضع التقية .
ثم اعلم أنه يستفاد من ظاهر هذا الخبر وجوب المواخاة وأداء الحقوق
بمجرد ثبوت التشيع ، قيل : وهو على إطلاقه مشكل كيف ولو كان ذلك كذلك
للزم الحرج وصعوبة المخرج ، إلا أن يخصص التشيع بما ورد من الشروط في
أخبار صفات المؤمن وعلاماته .
وأقول : يمكن أن يكون الاستثناء الوارد في الخبر بقوله : " إلا أن يجئ
منه نقض " شاملا لكبائر المعاصي بل الاعم .
[131]
101 .
( باب )
* " ( كفر المخالفين والنصاب ومايناسب ذلك ) " *
أقول : قد مضى الاخبار في كتاب الامامة باب أن مبغضهم كافر حلال
الدم ( 1 ) .
1 فس : أبي ، عن النضر ، عن يحيى الحلبي ، عن المعلى بن خنيس ، عن
أبي عبدالله عليه السلام في قوله : " ان الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا " ( 2 )
قال : فارق القوم والله دينهم ( 3 ) .
2 ل : أبي ، عن سعد ، عن علي بن إسماعيل الاشعري ، عن محمد بن
سنان ، عن أبي مالك الجهني قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ثلاثة
لايكلمهم
الله يوم القيامة ، ولاينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : من ادعى إماما
ليست إمامته من الله ، ومن جحد إماما إمامته من عند الله عزوجل ، ومن زعم أن لهما
في الاسلام نصيبا ( 4 ) .
3 ع : ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن إبراهيم بن
إسحاق ، عن عبدالله بن حماد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال
:
ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لانك لاتجد رجلا يقول : أنا ابغض محمدا
وآل محمد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وأنكم من شيعتنا ( 5 ) .
هوامش صفحة - 131 - ( 1 ) راجع كتاب الامامة الباب 130 باب ذم مبغضيهم وأنه كافر
حلال الدم وثواب
اللعن على أعدائهم .
( 2 ) الانعام : 159 .
( 3 ) تفسير القمي ص 210 .
( 4 ) الخصال ج 1 ص 52 .
( 5 ) علل الشرائع ج 2 ص 289 .
[132]
ثو : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري مثله ( 1 ) .
4 ع : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن أبي عبدالله الرازي
عن علي بن سليمان بن رشيد باسناده رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال : يحشر
المرجئة
عميانا إمامهم أعمى ، فيقول بعض من يراهم من غير امتنا : ماتكون امة محمد إلا
عميانا ، فأقول لهم : ليسوا من امة محمد ، لانهم بدلوا فبدل مابهم وغيروا فغير
مابهم ( 2 ) .
ثو : ابن الوليد ، عن محمد العطار ، عن الاشعري مثله ( 3 ) .
5 ع : عن محمد بن عيسى ، عن الفضل بن كثير المدايني ، عن سعيد بن سعيد
البلخي قال : سمعت أبا الحسن عليه السلام يقول : إن لله عزوجل في وقت كل صلاة
يصليها هذا الخلق لعنة . قال : قلت : جعلت فداك ولم ذاك ؟ قال : بجحودهم حقنا
وتكذيبهم إيانا ( 4 ) .
ثو : أبي ، عن سعد ، عن محمد بن عيسى مثله ( 5 ) .
6 مع : أبي ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن محمد بن سنان ، عن
حمزة ومحمد ابني حمران قالا : قال أبوعبدالله عليه السلام لحمران : التر تر حمران
مد المطمر بينك وبين العالم ( 6 ) قلت : ياسيدي وما المطمر ؟ فقال : أنتم تسمونه
خيط البناء ، فمن خالفك على هذا الامر فهو زنديق ، فقال حمران : وإن كان علويا
هوامش صفحة - 132 - ( 1 ) ثواب الاعمال ص 187 .
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 65 من صفحة 132 سطر 18 إلى صفحه 140 سطر 18
( 2 ) علل الشرائع ج 2 ص 289 .
( 3 ) ثواب الاعمال ص 188 .
( 4 ) علل الشرائع ج 2 ص 289 .
( 5 ) ثواب الاعمال ص 188 .
( 6 ) إنما قال عليه السلام ذلك لحمران بعد ماأقر بالعقائد الحقة وشهده عنده عليه
السلام
بالامامة والرسالة .
[133]
فاط