بحار الانوار الجزء 64
بسمه تعالى
-اسم الموضوع: بحار64
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 1 سطر 1 الى ص 6 سطر 16
[ 1 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
( 60 )
( باب )
* ( الصدق والمواضع التى يجوز تركه ) *
* ( فيها ، ولزوم أداء الامانة ) *
الايات : المائدة : قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجرى
من تحتها الانهار خالدين فيها أبدارضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ( 1 )
الانعام : قال هذا ربي ( 2 )
التوبة : ياأيها الذين آمنوا اتقواالله وكونوامع الصادقين ( 3 )
يوسف : ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون ( 4 )
الانبياء : قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون ( 5 )
الاحزاب : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه
ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا * ليجزي الله الصادقين بصدقهم ( 6 )
الزمر : الذي جاء بالصدق وصدق به اولئك هم المتقون * لهم مايشاؤن
عند ربهم ذلك جزاء المحسنين * ليكفرالله عنهم أسوء الذي عملوا ويجزيهم أجرهم
* ( الهامش ) * ( 1 ) المائدة : 119
( 2 ) الانعام : 76
( 3 ) براءة : 119 ( 4 ) يوسف : 70
( 5 ) الانبياء : 63 ( 6 ) الاحزاب : 24 - 23
[ 2 ]
بأحسن الذي كانوا يعملون ( 1 )
الحشر : اولئك هم الصادقون ( 2 )
1 - كا ، عن محمدبن يحيى عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين
ابن أبي العلا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله عزوجل لم يبعث نبيا إلا
بصدق
الحديث وأداء الامانة إلى البر والفاجر ( 3 )
تبيين : " إلا بصدق الحديث " أي متصفا بهما أو كان الامر بهما في شريعته
وقدمر أنه يحتمل شمول الامانة لجميع حقوق الله ، وحقوق الخلق ، لكن
الظاهر منه أداء كل حق ائتمنك عليه إنسان برا كان أو فاجرا ، والظاهر أن
الفاجر يشمل الكافر أيضا فيدل على عدم جواز الخيانة بل التقاص أيضا في ودائع
الكفار وأماناتهم
واختلف الاصحاب في التقاص مع تحقق شرايطه في الوديعة ، فذهب الشيخ
في الاستبصار وأكثر المتأخرين إلى الجواز على كراهة وذهب الشيخ في النهاية وجماعة
إلى التحريم ، والاخبار مختلفة ، وسيأتي تحقيقه في محله إنشاء الله وستأتي الاخبار
في وجوب أداء الامانة والوديعة إلى الكافر وإلى قاتل علي صلوات الله عليه ( 4 )
2 - كا ، عن محمدبن يحيى ، عن عثمان بن عيسى ، عن إسحاق بن عمار و
غيره ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لاتغتروا بصلاتهم ولابصيامهم ، فان الرجل
ربما
لهج بالصلاة والصوم ، حتى لوتر كه استوحش ، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث
وأداء الامانة ( 5 )
بيان : قال الجوهري اغتر بالشي ء خدع به ، وقال : اللهج بالشئ الولوع
وقد لهج به بالكسر يلهج لهجا إذا اغري به ، فثابر عليه انتهى ، وحاصل
الحديث أن كثرة الصلاة والصوم ليست مما يختبر به صلاح المرء وخوفه من الله
* ( الهامش ) * ( 1 ) الزمر : 33 - 35
( 2 ) الحشر : 8 ( 3 ) راجع ج 75 ص 113 - 117
( 4 و 5 ) الكافى ج 2 ص 104
[ 3 ]
تعالى ، فانها من الافعال الظاهرة التي لابد للمرء من الاتيان بها خوفا أو طمعا
ورياء لاسيما للمتسمين بالصلاح ، فيأتون بها من غير إخلاص حتى يعتادونها ، ولا
غرض لهم في تركها غالبا ، والدواعي الدنيوية في فعلها لهم كثيرة ، بخلاف الصدق
وأداء الامانة فانهما من الامور الخفية وظهور خلافهما على الناس نادر ، و
الدواعي الدنيوية على تركهما كثيرة ، فاختبروهم بهما ، لان الاتي بهما غالبا
من أهل الصلاح والخوف من الله ، مع أنهما من الصفات الحسنة التي تدعو إلى
كثير من الخيرات ، وبهما تحصل كمال النفس ، وإن لم تكونا لله ، وأيضا الصدق
يمنع كون العمل لغير الله ، فان الرياء حقيقة من أقبح أنواع الكذب ، كمايومئ
إليه الخبر الاتي
3 - كا : عن العدة ، عن سهل ، عن ابن أبي نجران ، عن مثنى الحناط ، عن
محمدبن مسلم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من صدق لسانه زكا عمله ( 1 )
بيان : " زكاعمله " أي يصير عمله بسببه زاكيا أي ناميا في الثواب ، لانه
إنما يتقبل الله من المتقين ، وهومن أعظم أركان التقوى ، أو كثيرا لان الصدق
مع الله يوجب الاتيان بما أمر الله ، والصدق مع الخلق أيضا يوجب ذلك ، لانه إذا
سئل عن عمل هل يفعله ؟ - ولم يفعله - لايمكنه ادعاء فعله ، فيأتي بذلك ، ولعله بعد
ذلك يصير خالصا لله
أويقال : لماكان الصدق لازما للخوف ، والخوف ملزوما لكثرة الاعمال
فالصدق ملزوم لها أو المعنى طهر عمله من الرياء ، فانها نوع من الكذب ، كماأشرنا
إليه في الخبر السابق ، وفي بعض النسخ زكي على المجهول من بناء التفعيل ، بمعنى
القبول أي يمدح الله عمله ويقبله ، فيرجع إلى المعنى الاول ويؤيد ه
4 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن محمدبن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن
عبدالله بن القاسم ، عن عمروبن أبي المقدام قال : قال لي أبوجعفر عليه السلام في
أول
دخلة دخلت عليه : تعلموا الصدق قبل الحديث ( 2 )
* ( الهامش ) * ( 1 و 2 ) الكافى 2 ص 104
[ 4 ]
بيان : " الدخلة " مصدر كالجلسة وإن لم يذكر بخصوصه في اللغة " تعلموا
الصدق " أي قواعده كجواز النقل بالمعنى ، ونسبة الحديث المأخوذ عن واحد من
الائمة إلى آبائه أو إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أو تبعيض الحديث وأمثال ذلك
، أو
يكون تعلمه كناية عن العمل به ، والتمرن عليه على المشاكلة ، أو المراد تعلم
وجوبه ولزومه وحرمة تركه
" قبل الحديث " أي قبل سماع الحديث منا وروايته وضبطه ونقله ، وهذا
يناسب أول دخوله فانه كان مريدا لسماع الحديث منه عليه السلام ولم يسمع بعد ، هذا
ماأفهمه ، وقيل فيه وجوه مبنية على أن المراد بالحديث التكلم لا ، الحديث
بالمعنى المصطلح
الاول أن المراد التفكر في الكلام ليعرف الصدق فيما يتكلم به ، ومثله
قول أمير المؤمنين عليه السلام لسان العاقل وراء قلبه ، وقلب الاحمق وراء لسانه ( 1
)
يعني أن العاقل يعلم الصدق والكذب أولا ويتفكر فيما يقول ثم يقول ماهو الحق
والصدق ، والاحمق يتكلم ويقول من غير تأمل وتفكر ، فيتكلم بالكذب
والباطل كثيرا
الثاني : أن لايكون قبل متعلقا بتعلموا بل يكون بدلا من قوله : في أول
دخلة
الثالث : أن يكون قبل متعلقا بقال ، أي قال عليه السلام : ابتداء قبل التكلم
بكلام آخر : تعلموا
الرابع : أن يكون المعنى تعلموا الصدق قبل تعلم آداب التكلم من القواعد
العربية والفصاحة والبلاغة وأمثالها ، ولايخفى بعد الجميع لاسيما الثاني والثالث
وكون ماذكرنا أظهر وأنسب
5 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبي كهمش
قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : عبدالله بن أبي يعفور يقرئك السلام قال :
عليك
* ( الهامش ) * ( 1 ) نهج البلاغة ج 2 ص 153
[ 5 ]
وعليه السلام إذاأتيت عبدالله فأقرئه السلام وقل له : إن جعفر ابن محمد
يقول لك : انظر مابلغ به علي عليه السلام عند رسول الله صلى الله عليه وآله فالزمه
، فان عليا
عليه السلام إنما بلغ مابلغ ( به ) عند رسول الله صلى الله عليه وآله بصدق الحديث
وأداء
الامانة ( 1 )
بيان : " مابلغ به علي عليه السلام " كأن مفعول البلوغ محذوف أي انظر الشئ
الذي بسببه بلغ علي عليه السلام عند رسول الله صلى الله عليه وآله المبلغ الذي بلغه
من القرب
والمنزلة ، وقوله : بعد ذلك " مابلغ به " كأنه زيدت كلمة به من النساخ ، وليست
في بعض النسخ ، وعلى تقديرها كان الباء زائدة فانه يقال : بلغت المنزل أوالدار
وقد يقال : بلغت إليه بتضمين فيمكن أن يكون الباء بمعنى إلى ويحتمل على بعد
أن يكون قوله : " فان عليا " تعليلا للزوم ، وضمير به راجعا إلى الموصول فيما
بلغ به أولا ، وقوله : " بصدق الحديث " كلاما مستأنفا متعلقا بفعل مقد رأي بلغ
ذلك بصدق الحديث
6 - كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي إسماعيل البصري
عن الفضيل بن يسار قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يافضيل إن الصادق أول من
يصدقه الله عزوجل ، يعلم أنه صادق ، وتصدقه نفسه تعلم أنه صادق ( 2 )
7 - كا : بالاسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن منصوربن حازم ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : إنما سمي إسماعيل صادق الوعد لانه وعد رجلا في مكان
فانتظره في ذلك المكان سنة ، فسماه الله عزوجل صادق الوعد ثم إن الرجل أتاه
بعد ذلك فقال له إسماعيل : مازلت منتظرا لك ( 3 )
بيان : اختلف المفسرون في إسماعيل المذكور في هذه الاية ، قال الطبرسي
رحمه الله : هوإسماعيل بن إبراهيم و " إنه كان صادق الوعد " ( 4 ) إذاوعد بشئ
* ( آلهامش ) * ( 1 و 2 ) الكافى ج 2 ص 104
( 2 ) الكافى ج 2 ص 105
( 3 ) مريم : 54
[ 6 ]
وفابه ولم يخلف " وكان " مع ذلك " رسولا " إلى جرهم " نبيا " رفيع الشأن
عالي القدر ، وقال ابن عباس : إنه واعد رجلا أن ينتظره في مكان ونسي الرجل
فانتظره سنة حتى أتاه الرجل ، وروي ذلك عن أبي عبدالله عليه السلام وقيل : أقام
ينتظره ثلاثة أيام عن مقاتل ، وقيل : إن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام مات قبل
أبيه
إبراهيم وإن هذا هوإسماعيل بن حزقيل بعثه الله إلى قوم فسلخوا جلدة وجهه
وفروة رأسه ، فخيره الله فيما شاء من عذابهم فاستعفاه ، ورضي بثوابه ، وفوض
أمره إلى الله في عفوه وعقابه ، ورواه أصحابنا عن أبي عبدالله عليه السلام ثم قال
في
آخره : أتاه ملك من ربه يقرئه السلام ويقول : قد رأيت ماصنع بك ، وقد أمرني
بطاعتك فمرني بماشئت ، فقال : يكون لي بالحسين اسوة ( 1 )
8 - كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمدبن سالم ، عن أحمد بن النضر الخزاز
عن جده الربيع بن سعد قال : قال لي أبوجعفر عليه السلام : ياربيع إن الرجل ليصدق
حتى يكتبه الله صديقا ( 2 )
بيان : " الصديق " مبالغة في الصدق أو التصديق والايمان بالرسول قولا و
فعلا قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى " إنه كان صديقا " ( 3 ) أي كثير التصديق
في
امور الدين عن الجبائي ، وقيل : صادقا مبالغا في الصدق فيما يخبر عن الله ( 4 ) و
قال الراغب : الصدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا وعدا كان أوغيره
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 6 سطر 17 الى ص 14 سطر 2
ولايكونان بالقصد الاول إلافي القول ولايكونان من القول إلافي الخبر دون
غيره من أصناف الكلام ، وقديكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام : الاستفهام
والامر والدعاء وذلك نحو قول القائل أزيد في الدار فان في ضمنه إخبارا بكونه
جاهلا بحال زيد ، وكذا إذا قال : واسني ، في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة
* ( الهامش ) * ( 1 ) مجمع البيان ج 6 ص 518
( 2 ) الكافى ج 2 ص 105
( 3 ) مريم : 41
( 4 ) مجمع البيان ج 6 ص 516
[ 7 ]
وإذا قال : لاتؤذني ففي ضمنه أنه يؤذيه ، والصديق من كثرمنه الصدق ، وقيل
بل يقال ذلك لمن لم يكذب قط وقيل : بل لمن لايتأتى منه الكذب لتعوده الصدق
وقيل بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله ، فالصديقون هم قوم دوين
الانبياء في الفضيلة ، وقد يستعمل الصدق والكذب في كل مايحق ويحصل في
الاعتقاد نحو صدق ظني وكذب ، ويستعملان في أفعال الجوارح فيقال صدق
في القتال إذاوفى حقه ، وفعل على مايجب وكمايجب ، وكذب في القتال إذا
كان بخلاف ذلك ، قال الله تعالى " رجل صدقوا ماعاهدوا الله عليه " ( 1 ) أي
حققوا العهد بماأظهروه من أفعالهم وقوله " ليسئل الصادقين عن صدقهم ( 2 ) أي
يسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله تنبيها على أنه لايكفي الاعتراف بالحق
دون تحريه بالفعل ( 3 )
7 - كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن علي بن أبي حمزة
عن أبي بصير قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : إن العبد ليصدق حتى يكتب
عندالله
الصادقين ويكذب حتى يكتب عندالله من الكاذبين ، فاذا صدق قال الله عزو جل صدق
وبر ، وإذاكذب قال الله عزوجل كذب وفجر ( 4 )
توضيح : يدل على رفعة درجة الصادقين عندالله ، وقال الراغب : البر التوسع
في فعل الخير ، ويستعمل في الصدق لكونه بعض الخيرات المتوسع فيه ، وبر
العبدربه توسع في طاعته ( 5 ) وقال سمي الكاذب فاجرا لكون الكذب بعض الفجور ( 6 )
8 - كا : عن العدة ، عن ابن محبوب ، عن العلا بن رزين ، عن ابن أبي
يعفور ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كونوا دعاة للناس بالخير بغير ألسنتكم ،
: ليروا
* ( الهامش ) * ( 1 ) الاحزاب : 23
( 2 ) الاحزاب : 8
( 3 ) مفردات غريب القرآن 277
( 4 ) الكافى ج 2 ص 105
( 5 و 6 ) المفردات ص 40 و 373
[ 8 ]
منكم الاجتهاد والصدق والورع ( 1 )
بيان : " بغير ألسنتكم " أي بجوار حكم وأعمالكم الصادرة عنها ، وإن
كان اللسان أيضا داخلا فيها من جهة الاعمال ، لامن جهة الدعوة الصريحة ، و
الاجتهاد المبالغة في الطاعات ، والورع اجتناب المنهيات والشبهات كمامر
9 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم قال : قال
أبوالوليد حسن بن زياد الصيقل قال أبوعبدالله عليه السلام : من صدق لسانه زكا عمله
ومن حسنت نيته زيد في رزقه ، ومن حسن بره بأهل بيته مدله في عمره ( 2 )
ايضاح : " من حسنت نيته " أي عزمه على الطاعات أو على إيصال النفع
إلى العباد أوسريرته في معاملة الخلق بأن يكون ناصحا لهم غير مبطن لهم غشا
وعداوة وخديعة ، أوفي معاملة الله أيضا بأن يكون مخلصا ولايكون مرائيا ولا
يكون عازما على المعاصي ومبطنا خلاف مايظهر من مخافة الله عزوجل
والمراد بأهل بيته عياله أو الاعم منهم ومن أقاربه بالتوسعة عليهم وحسن
المعاشرة معهم
10 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن أبي طالب رفعه قال : قال أبوعبدالله عليه السلام :
لاتنظروا إلى طول ركوع الرجل وسجوده ، فان ذلك شئ قد اعتاده ، فلوتر كه
استوحش لذلك ، ولكن انظروا إلى صدق حديثه وأداء أمانته ( 3 )
بيان : المراد بطول الركوع والسجود حقيقته أوكناية عن كثرة الصلاة والاول
أظهر
أقول : قد مضى أخبار الباب في باب جوامع المكارم ( 4 ) وباب صفات المؤمن
11 - ل : أبي ، عن سعد ، عن أحمدبن الحسين بن سعيد ، عن أبي الحسين
ابن الحضرمي ، عن موسى بن القاسم البجلي ، عن جميل بن دراج ، عن محمدبن
سعيد ، عن المحاربي ، عن جعفربن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام
قال :
قال النبي صلى الله عليه وآله : ثلاث يحسن فيهن الكذب : المكيدة في الحرب ، وعدتك
زوجتك
* ( الهامش ) * ( 1 - 3 ) الكافى ج 2 سص 105 ( 4 ) راجع ج 69 ص 332
[ 9 ]
والاصلاح بين الناس ، وقال : ثلاث يقبح فيهن الصدق : النميمة وإخبارك الرجل
عن أهله بمايكرهه ، وتكذيبك الرجل عن الخبر ، وقال : ثلاثة مجالستهم تميت
القلب : مجالسة الانذال ، والحديث مع النساء ، ومجالسة الاغنياء ( 1 )
12 - لى : سئل أمير المؤمنين عليه السلام : أي الناس أكرم ؟ قال : من صدق في
المواطن ( 2 )
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : زينة الحديث الصدق ( 3 )
13 - ن ( 4 ) لى : أبي ، عن أحمدبن علي التفليسي ، عن أحمدبن محمد
الهمداني ، عن أبي جعفر الثاني ، عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه
وآله قال : لاتنظروا
إلى كثرة صلاتهم وصومهم وكثرة الحج والمعروف وطنطنتهم بالليل ولكن انظروا
إلى صدق الحديث وأداء الامانة ( 5 )
14 - ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن يعقوب بن زياد ، عن
إسماعيل بن محمدبن إسحاق ، عن أبيه ، عن جده إسحاق بن جعفر ، عن أخيه موسى
عن أبيه جعفربن محمد عليهم السلام قال : أحسن من الصدق قائله ، وخير من الخير
فاعله ( 6 )
15 - ل : الاربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام : الزموا الصدق فانه
منجاة ( 7 )
16 - فس : هارون ، عن ابن صدقة ، عن رجل من ولد عدي بن حاتم ، عن
* ( الهامش ) * ( 1 ) الخصال ج 2 ص 43
( 2 ) أمالى الصدوق ص 238
( 3 ) أمالى الصدوق ص 292
( 4 ) عيون الاخبار ج 2 ص 51 )
( 5 ) أمالى الصدوق ص 182
( 6 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 226
( 7 ) الخصال ج 2 ص 157
[ 10 ]
أبيه ، عن جده عدي بن حاتم وكان مع علي صلوات الله عليه في حروبه أن عليا
عليه السلام قال ليلة الهرير بصفين حين التقى مع معاوية رافعا صوته يسمع أصحابه :
لاقتلن معاوية وأصحابه ، ثم قال : في آخر قوله : إنشاء الله يخفض به صوته
وكنت منه قريبا فقلت : ياأمير المؤمنين إنك حلفت على ماقلت ، ثم استثنيت فما
أردت بذلك ؟ فقال عليه السلام : إن الحرب خدعة وأنا عند أصحابي صدوق
فأردت أن اطمع أصحابي في قولي كيلا يفشلوا ولايفروا ، فافهم فانك تنتفع بها
بعد إنشاء الله ( 1 )
17 - ثو : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن اليقطيني ، عن
عثمان بن عيسى ، عن عبدالله بن عجلان قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : إن
العبد إذا صدق كان أول من يصدقه الله ونفسه تعلم إنه صادق ، وإذا كذب كان
أول من يكذبه الله ونفسه تعلم أنه كاذب ( 2 )
18 - مص : قال الصادق عليه السلام : الصدق نورغير متشعشع إلافي عالمه
كالشمس يستضئ بها كل شئ يغشاه من غير نقصان يقع على معناها ، والصادق
حقا هوالذي يصدق كل كاذب بحقيقة صدق مالديه ، وهوالمعنى الذي لايسمع
معه سواه أو ضده مثل آدم عليه السلام صدق إبليس في كذبه حين أقسم له كاذبا لعدم
ماهية الكذب في آدم عليه السلام قال الله عزوجل : " ولم نجدله عزما " ( 3 ) ولان
إبليس أبدع شيئا كان أول من أبدعه وهوغير معهود ظاهرا وباطنا فخسر هوبكذبه
على معنى لم ينتفع به من صدق آدم عليه السلام على بقاء الابد وأفاد آدم عليه السلام
بتصديقه
كذبه بشهادة الله عزوجل بنفي عزمه عمايضاد عهده على الحقيقة ، على معنى
لم ينقص من اصطفائه بكذبه شيئا
فالصدق صفة الصادقين وحقيقة الصدق مايقتضي تزكية الله عزوجل لعبده
* ( الهامش ) * ( 1 ) تفسير القمى ص 419 ( 2 ) ثواب الاعمال 162
( 3 ) طه : 115
[ 11 ]
كماذكر عن صدق عيسى بن مريم في القيامة بسبب ماأشار إليه من صدقه مرآة
الصادقين ( 1 ) من رجال امة محمد صلى الله عليه واله فقال عزوجل : " هذا يوم ينفع
الصادقين
صدقهم " الآية ( 2 ) وقال أمير المؤمنين عليه السلام : الصدق سيف الله في أرضه
وسمائه أينما
هوى به يقد ( 3 )
فاذا أردت أن تعلم أصادق أنت أم كاذب ؟ فانظر في قصد معناك ، وغور دعواك
وعيرها بقسطاس من الله عزوجل في القيامة قال الله عزوجل : " والوزن يومئذ
الحق " ( 4 ) فاذا اعتدل معناك بدعواك ، ثبت لك الصدق ، وأدنى حد الصدق أن
لايخالف اللسان القلب ، ولااللقلب اللسان ، ومثل الصادق الموصوف بماذكرنا
كمثل النازع روحه إن لم ينزع فماذا يصنع ( 5 )
19 - ختص : الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن
ابن محبوب ، عن صالح بن سهل الهمداني قال : قال الصادق عليه السلام : أيما مسلم
سئل عن مسلم فصدق وأدخل على ذلك المسلم مضرة كتب من الكاذبين ، ومن سئل
عن مسلم فكذب فأدخل على ذلك المسلم منفعة كتب عندالله من الصادقين ( 6 )
20 - ج : بالاسناد إلى أبى محمد العسكري عليه السلام أنه قال : قال بعض المخالفين
بحضرة الصادق عليه السلام لرجل ؟ ؟ الشيعة : ماتقول في العشرة من الصحابة ؟ قال :
أقول فيهم الخير الجميل ، الذي يحط الله به سيئاتي ، ويرفع لي درجاتي ، قال
السائل : الحمدلله على ماأنقذني من بغضك كنت أظنك رافضيا تبغض الصحابة فقال
الرجل : ألا من أبغض واحدا من الصحابة فعليه لعنة الله قال : لعلك تتأول
* ( آلهامش ) * ( 1 ) براءة للصادقين خ ل
( 2 ) المائدة : 119
( 3 ) أى يقطع وينفذ
( 4 ) الاعراف : 8
( 5 ) مصباح الشريعة ص 51 و 50
( 6 ) الاختصاص : 224
[ 12 ]
ماتقول فيمن أبغض العشرة ؟ فقال : من أبغض العشرة فعليه لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين ، فوثب فقبل رأسه وقال : اجعلني في حل مما قذفتك به من الرفض
قبل اليوم ، قال : أنت في حل وأنت أحي ثم انصرف السائل
فقال له الصادق عليه السلام : جودت لله درك لقد أعجبت الملائكة من حسن
توريتك ، ولتفظك بماخلصك ، ولم تثلم دينك ، زاد الله في مخالفينا غما إلى غم
وحجب عنهم مراد منتحلي مودتنا في بقيتهم
فقال بعض أصحاب الصادق عليه السلام : ياابن رسول الله ماعقلنا من كلام هذا
إلا موافقته لهذا المتعنت الناصب ، فقال الصادق عليه السلام : لئن كنتم لم تفهموا
ماعنى
فقد فهمناه نحن ، وقد شكره الله له ، إن ولينا الموالي لاوليائنا المعادي لاعدائنا
إذا ابتلاه الله بمن يمتحنه من مخالفيه ، وفقه لجواب يسلم معه دينه وعرضه ، ويعظم
الله بالتقية ثوابه ، إن صاحبكم هذا قال : من عاب واحدا منهم فعليه لعنة الله أي من
عاب واحدا منهم هم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقال في الثانية : من
عابهم وشتمهم فعليه لعنة الله ، وقد صدق لان من عابهم فقد عاب عليا عليه السلام
لانه
أحدهم فاذا لم يعب عليا ولم يذمه فلم يعبهم ، وإنما عاب بعضهم
ولقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون الذين وشوا به إلى فرعون مثل
هذه التورية كان حزقيل يدعوهم إلى توحيد الله ونبوة موسى وتفضيل محمد صلى الله عليه
وآله على
جميع رسل الله وخلقه ، وتفضيل علي بن أبي طالب عليه السلام والخيار من الائمة على
سائر أوصياء النبيين وإلى البراءة من ربوبية فرعون ، فوشى به واشون إلى فرعون
وقالوا : إن حزقيل يدعو إلى مخالفتك ، ويعين أعداك على مضادتك فقال لهم
فرعون : ابن عمي وخليفتي على ملكي وولي عهدي إن فعل ماقلتم فقد استحق
العذاب على كفره نعمتي ، فان كنتم عليه كاذبين فقد استحققتم أشد العقاب لايثاركم
الدخول في مساءته
فجاء بحزقيل وجاءبهم فكاشفوه وقالوا : أنت تجحد ربوبية فرعون الملك
وتكفر نعماه ؟ فقال حزقيل : أيها الملك هل جربت على كذبا قط ؟ قال لا :
[ 13 ]
قال : فسلهم من ربهم ؟ فقالوا : فرعون ، قال : ومن خالقكم ؟ قالوا : فرعون
هذا ، قال : ومن رازقكم الكافل لمعايشكم والدافع عنكم مكارهكم ؟ قالوا : فرعون
هذا ، قال حزقيل : أيها الملك فاشهدك وكل من حضرك أن ربهم هوربي
وخالقهم هوخالقي ورازقهم هورازقي ، ومصلح معايشهم هومصلح معايشي ، لا
رب لي ولاخالق ولارازق غير ربهم وخالقهم ورازقهم ، واشهدك ومن حضرك
أن كل رب وخالق ورازق سوى ربهم وخالقهم ورازقهم فأنا برئ منه ومن
ربوبيته وكافر بالهيته
يقول حزقيل هذا وهو يعني أن ربهم هوالله ربي ، ولم يقل أن الذي
قالوا : إن ربهم هوربي ، وخفي هذا المعنى على فرعون ومن حضره ، وتوهموا
أنه يقول : فرعون ربي وخالقي ورازقي ، فقال لهم فرعون : يارجال الشر
وياطلاب الفساد في ملكي ، ومريدي الفتنة بيني وبين ابن عمي ، وهوعضدي
أنتم المستحقون لعذابي لارادتكم فساد أمري وهلاك ابن عمي ، والفت في عضدي
ثم أمر بالاوتاد فجعل في ساق كل واحد منهم وتد ، وفي صدره وتد ، وأمر
أصحاب أمشاط الحديد فشقوا بها لحومهم من أبدانهم فذلك ماقال الله تعالى :
" فوقاه الله سيئات مامكروا " ( 1 ) لماوشوا به إلى فرعون ليهلكوه " وحاق بآل
فرعون سوء العذاب " وهم الذين وشوا بحزقيل إليه لما أوتد فيهم الاوتاد ، ومشط
عن أبدانهم لحومها بالامشاط ( 2 )
21 - ج : معاوية بن وهب ، عن سعيدبن السمان قال : كنت عند أبي عبدالله
عليه السلام إذدخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له : أفيكم إمام مفترض طاعنه ؟
قال : فقال : لا ، فقالاله : قد أخبرنا عنك الثقاة أنك تقول به - وسموا قوما
وقالوا : هم أصحاب ورع وتشمير ، وهم ممن لايكذب - فغضب أبوعبدالله عليه السلام
وقال : ماأمرتهم بهذا ، فلما رأيا الغضب بوجهه خرجا الخبر ( 3 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) المؤمن : 45
( 2 ) الاحتجاج ص 200 ، وتراه في تفسير الامام ص 162
( 3 ) الاحتجاج ص . .
[ 14 ]
22 - ع : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن إبراهيم بن
علي ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن يونس ، عن البطائني ، عن أبي بصير قال :
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 14 سطر 3 الى ص 22 سطر 3
سمعت أباجعفر عليه السلام يقول : لاخير فيمن لاتقية له ولقد قال يوسف : " أيتها
العير إنكم لسارقون " ( 1 ) وماسرقوا ( 2 )
23 - ع : بالاسناد ، عن العياشي ، عن محمدبن نصير ، عن ابن عيسى ، عن
الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير قال : قال
أبوعبدالله عليه السلام : التقية ( من ) دين الله عزوجل قلت : من دين الله ؟ قال :
فقال : إي
والله من دين الله ، لقد قال يوسف : " أيتها العير إنكم لسارقون " والله ماكانوا
سرقوا شيئا ( 3 )
24 - ع : ، أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم
عن أبي عبدالله عليه السلام في قول يوسف : " أيتها العير إنكم لسارقون " قال :
ماسرقوا
وماكذب ( 4 )
25 - ع : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن محمدبن أحمد
عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي ، عن صالح بن سعيد ، عن رجل من أصحابنا
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سألت عن قول الله عزوجل في يوسف : " أيتها العير
إنكم لسارقون " قال : إنهم سرقوا يوسف عن أبيه ، ألاترى أنه قال لهم حين
قالوا : " ماذا تفقدون " ؟ قالوا : " نفقد صواع الملك " ولم يقولوا : سرقتم صواع
الملك إنما عنى أنكم سرقتم يوسف عن أبيه ( 5 )
26 - ج : بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عليه السلام قال : قال رجل من خواص
الشيعة لموسى بن جعفر عليهما السلام وهويرتعد بعدماخلى به : ياابن رسول الله صلى
الله عليه وآله
* ( الهامش ) * ( 1 ) يوسف : 70
( 2 ) علل الشرايع ج 1 ص 48
( 3 - 5 ) علل الشرايع ج 1 ص 49
[ 15 ]
ماأخوفني أن يكون فلان بن فلان ينافقك في إظهاره واعتقاد وصيتك وإمامتك
فقال موسى عليه السلام : وكيف ذاك ؟ قال : لاني حضرت معه اليوم في مجلس فلان رجل
من كبار أهل بغداد فقال له صاحب المجلس : أنت تزعم أن موسى بن جعفر إمام
دون هذا الخليفة القاعد على سريره ، قال له صاحبك هذا : ماأقول هذا بل
أزعم أن موسى بن جعفر غير إمام وإن لم أكن أعتقد أنه غير إمام فعلي وعلى من
لم يعتقد ذلك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، قال له صاحب المجلس : جزاك الله
خيرا ولعن من وشى بك
فقال له موسى بن جعفر : ليس كما ظننت ولكن صاحبك أفقه منك ، إنما
قال : موسى غير إمام ، أي أن الذي هوغير إمام فموسى غيره ( 1 ) فهوإذا إمام ، فانما
أثبت بقوله : هذا إمامتي ونفى إمامة غيري ، ياعبدالله متى يزول عنك هذا الذي
ظننته بأخيك هذا من النفاق ، تب إلى الله
ففهم الرجل ماقاله واغتم وقال : ياابن رسول الله مالي مال فارضيه به
ولكن قد وهبت له شطر عملي كله من تعبدي وصلاتي عليكم أهل البيت ، ومن
لعنتي لاعدائكم ، قال موسى عليه السلام : الان خرجت من النار ( 2 )
27 - ج : بهذا الاسناد قال : دخل على أبي الحسن الرضا عليه السلام رجل فقال
له : ياابن رسول الله لقد رأيت اليوم شيئا عجبت منه قال : وماهو ؟ قال : رجل
كان معنا يظهر لنا أنه من الموالين لال محمد المتبرين من أعدائهم ، فرأيته اليوم
وعليه
ثياب قد خلعت عليه وهوذا يطاف به ببغداد وينادي المنادي بين يديه : معاشر الناس
اسمعوا توبة هذا الرافضي ثم يقولون له : قل ! فيقول : خير الناس بعد رسول الله
صلى الله عليه وآله أبابكر ، فاذاقال ذلك ضجوا وقالوا : قد تاب وفضل
أبابكر على علي بن أبي طالب عليه السلام فقال الرضا عليه السلام : إذا خلوت فأعد
علي
هذا الحديث
* ( الهامش ) * ( 1 ) في تفسير الامام : أى الذى هوعندك امام فموسى غيره فهو اذا
امام الخ
( 2 ) الاحتجاج ص 214
[ 16 ]
فلما خلاأعاد عليه فقال له : إنما لم افسر لك معنى كلام الرجل بحضرة هذا
الخلق المنكوس ، كراهة أن ينقل إليهم فيعرفوه ويؤذوه ، لم يقل الرجل : خير الناس
بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ( أبوبكر ، فيكون قد فضل أبابكر على علي بن أبي
طالب
عليه السلام ، ولكن قال : خير الناس بعد رسول الله ) ( 1 ) أبابكر فجعله نداء
لابي بكر ليرضي من يمشي بين يديه من بعض هؤلاء الجهلة ، ليتوارى من شرورهم إن
الله تعالى جعل هذه التورية ممارحم بها شيعتنا ومحبينا ( 2 )
28 - ج : بهذا الاسناد قال الراويان ( 3 ) : حضرنا عند الحسن بن علي أبي
القايم عليهما السلام فقال له بعض أصحابه : جاءني رجل من إخواننا الشيعة قد امتحن
بجهال العامة يمتحنونه في الامامة ويحلفونه ، فكيف يصنع حتى يتخلص منهم
فقلت : كيف يقولون ؟ قال : يقولون لي : أتقول : إن فلانا هوالامام بعد رسول الله ؟
فلابد لي أن أقول : نعم ، وإلا أثخنوني ضربا ، فاذا قلت : نعم ، قالوا لي : قل :
والله ، قلت : فاذا قلت لهم : نعم ، تريد به نعما من الانعام : الابل والبقر والغنم
وقلت : فاذا قالوا : ( قل والله فقل ) والله أي وليي تريد في أمر كذا ؟ فانهم لا
يميزون ، وقد سلمت
فقال لي : فان حققوا علي وقالوا : ، قل : والله وبين الهاء ؟ فقلت : قل :
والله برفع الهاء فانه لايكون يمينا إذا لم تخفض ، فذهب ثم رجع إلي فقال :
عرضوا علي وحلفوني فقلت كما لقنتني ، فقال له الحسن عليه السلام : أنت كما قال
رسول الله : الدال على الخير كفاعله ، لقد كتب الله لصاحبك بتقيته بعددكل من
استعمل التقية من شيعتنا وموالينا ومحبينا حسنة ، وبعدد كل من ترك التقية منهم
* ( الهامش ) * ( 1 ) مابين العلامتين أضفناه من المصدر وتراه في تفسير الامام ص
164
( 2 ) الاحتجاج ص 243
( 3 ) هما أبويعقوب يوسف بن محمدبن زياد ، وأبوالحسن على بن محمدبن
سيار ، اللذان يروى عنهما محمدبن القاسم المفسر تفسير الامام العسكرى عليه السلام
[ 17 ]
حسنة أدناها حسنة لو قوبل بها ذنوب مائة سنة لغفرت ، ولك بارشادك إياه مثل
ماله ( 1 )
29 - سر : عن عبدالله بن بكير ، عن أبي عبدالله عليه السلام في الرجل يستأذن عليه
فيقول لجاريته : قولي : ليس هو ههنا ، قال : لابأس ليس بكذب
30 - قب : قال كهمش : قال لي جابر الجعفي : دخلت على أبي جعفر عليه السلام
فقال لي : من أين أنت ؟ فقلت : من أهل الكوفة قال : ممن ؟ قلت : من جعفي
قال : ماأقدمك إلى هاهنا ؟ قلت : طلب العلم ، قال : ممن ؟ قلت : منك ، قال :
فاذا سألك أحد من أين أنت فقل : من أهل المدينة ، قلت : أيحل لي أن أكذب ؟
قال : ليس هذا كذبا ، من كان في مدينة فهومن أهلها حتى يخرج ( 2 )
31 - كش : جبرئيل بن أحمد ، عن الشجاعي ، عن محمدبن الحسين ، عن أحمد
ابن النضر ، عن عمروبن شمر ، عن جابر مثله ( 3 )
32 - كتاب الامامة والتبصرة : عن محمدبن عبدالله ، عن محمدبن جعفر الرزاز
عن خاله علي بن محمد ، عن عمروبن عثمان الخزاز ، عن النوفلي ، عن السكوني
عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وآله : زينة
الحديث الصدق
* ( الهامش ) * ( 1 ) الاحتجاج ص 256
( 2 ) مناقب آل أبى طالب ج 4 ص 200
( 3 ) رجال الكشي ص 170
[ 18 ]
( 61 )
* ( باب الشكر ) *
الايات : البقرة : يابني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم
في مواضع ( 1 )
وقال تعالى : لعلكم تشكرون . وقال تعالى : واشكروا لي ولاتكفرون
وقال : ولعلكم تشكرون . وقال تعالى : ولكن أكثر الناس لايشكرون ( 2 )
آل عمران : وسيجزي الله الشاكرين ، وقال : وسنجزي الشاكرين ( 3 )
النساء : مايفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ( 4 )
المائدة : وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون . وقال : واذكروا نعمة الله
عليكم وقال تعالى : ياأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم ( 5 )
وقال سبحانه : وإذ قال موسى لقومه ياقوم اذكر نعمة الله عليكم ( 6 )
وقال تعالى : إذقال الله ياعيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلي
والدتك ( 7 )
الانعام : أوليس الله بأعلم بالشاكرين ( 8 ) وقال تعالى : قل من ينجيكم من
ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين *
* ( الهامش ) * ( 1 ) البقرة : 40 - 47 - 122
( 2 ) البقرة : 52 - 158 - 158 - 243
( 3 ) آل عمران : 144 و 145
( 4 ) النساء : 147
( 5 ) المائدة : 6 ، 7 ، 11
( 6 ) المائدة : 20
( 7 ) المائدة : 110
( 8 ) الانعام : 53
[ 19 ]
قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون ( 1 )
الاعراف : ولقد مكناكم في الارض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا
ماتشكرون ( 2 )
وقال : كذلك نصرف الايات لقوم يشكرون ، وقال : فاذكروا آلاء الله لعلكم
تفلحون ، وقال : فاذكروا آلاء الله ولاتعثوا في الارض مفسدين ، وقال : فخذ
ماآتيتك وكن من الشاكرين ( 3 )
الانفال : واذكروا إذاأنتم قليل مستضعفون في الارض إلى قوله تعالى : لعلكم
تشكرون ( 4 )
يونس : إن الله لذوفضل على الناس ولكن أكثرهم لايشكرون ( 5 )
ابراهيم : وإن في ذلك لايات لكل صبار شكور * وإذقال موسى لقومه
اذكروا نعمة الله عليكم إلى قوله تعالى وإذتأذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم
ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ( 6 )
وقال تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها وقال : وارزقهم من الثمرات
لعلهم يشكرون ( 7 )
النحل : وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون ( 8 )
وقال تعالى : كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون ( 9 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) الانعام : 63 و 64 ( 2 ) الاعراف : 10
( 3 ) الاعراف : 58 ، 69 ، 74 ، 144
( 4 ) الانفال : 26
( 5 ) يونس : 60
( 6 ) ابراهيم : 5 - 7
( 7 ) ابراهيم : 34 ، 37
( 8 ) النحل : 78 ( 9 ) النحل : 81
[ 20 ]
وقال : واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون ( 1 )
وقال تعالى في إبراهيم عليه السلام : شاكرا لانعمه اجتباه وهداه إلى صراط
مستقيم ( 2 )
الاسراء : إنه كان عبدا شكورا ( 3 )
الانبياء : فهل أنتم شاكرون ( 4 )
الحج : كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون ( 5 )
المؤمنون : وهوالذي أنشأ لكم السمع والابصار والافئدة قليلا
ماتشكرون ( 6 )
النمل : فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكرأم
أكفرومن شكرفانما يشكر لنفسه ومن كفر فان ربي غني كريم وقال تعالى : ولكن
أكثرهم لايشكرون ( 7 )
القصص : ولعلكم تشكرون ( 8 )
الروم : ولعلكم تشكرون ( 9 )
لقمان : ولقد آتينالقمن الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فانما يشكر
لنفسه ومن كفر فان الله غني حميد إلى قوله تعالى : أن اشكر لي ولوالديك
إلى المصير ( 10 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) النحل : 114 ( 2 ) النحل : 121
( 3 ) أسرى : 3 ( 4 ) الانبياء : 80
( 5 ) الحج : 36
( 6 ) المؤمنون : 78
( 7 ) النمل : 40 ، 73
( 8 ) القصص : 73
( 9 ) الروم : 46
( 10 ) لقمان : 12 ، 14
[ 21 ]
وقال تعالى : ألم تروا أن الله سخرلكم مافي السموات ومافي الارض
وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ( 1 )
وقال تعالى : إن في ذلك لايات لكل صبار شكور ( 2 )
التنزيل : قليلا ماتشكرون ( 3 )
سبا : اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور ( 4 )
وقال تعالى : كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور
إلى قوله تعالى : إن في ذلك لايات لكل صبار شكور ( 5 )
فاطر : ياأيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم
وقال تعالى : ولعلكم تشكرون ( 6 )
يس : أفلا يشكرون ( 7 )
الزمر : وإن تشكروا يرضه لكم . وقال تعالى : بل الله فاعبدوكن من
الشاكرين ( 8 )
المؤمن : إن الله لذوفضل على الناس ولكن أكثر الناس لايشكرون ( 9 )
حمعسق : إن في ذلك لايات لكل صبار شكور ( 10 )
الجاثية : ولعلكم تشكرون ( 11 )
القمر : كذلك نجزي من شكر ( 12 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) لقمان : 20 ( 2 ) لقمان : 31
( 3 ) التنزيل : 9 ( 4 ) سبأ : 13
( 5 ) سبأ : 15 - 19 ( 6 ) فاطر : 3 - 12
( 7 ) يس : 35 ( 8 ) الزمر : 7 - 66
( 9 ) المؤمن : 61
( 10 ) الشورى : 33
( 11 ) الجاثية : 12
( 12 ) القمر : 35
[ 22 ]
1 - كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الطاعم الشاكر له من الاجر
كأجر الصائم
المحتسب ، والمعافى الشاكر له من الاجر كأجر المبتلى الصابر ، والمعطى الشاكر له
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 22 سطر 4 الى ص 30 سطر 4
من الاجر كأجر المحروم القانع ( 1 )
تبيين : قال الراغب : الشكر تصور النعمة وإظهارها قيل : وهومقلوب
عن الكشر أي الكشف ويضاده الكفر ، وهونسيان النعمة وسترها ، ودابة شكور
مظهر بسمنه إسداء صاحبه إليه ، وقيل : أصله من عين شكرى : أي ممتلئة فالشكر
على هذاهو الامتلاء من ذكر المنعم عليه ، والشكر ثلاثة أضرب : شكر بالقلب ، وهو
تصور النعمة ، وشكر باللسان وهوالثناء على المنعم ، وشكر بسائر الجوارح وهو
مكافاة النعمة بقدر استحقاقها انتهى ( 2 )
وقال المحقق الطوسي قدس سره : الشكر أشرف الاعمال وأفضلها واعلم
أن الشكر مقابلة النعمة بالقول والفعل والنية وله أركان ثلاثة :
الاول معرفة المنعم وصفاته اللائقة به ، ومعرفة النعمة من حيث إنها نعمة
ولاتتم تلك المعرفة إلابأن يعرف أن النعم كلها جليها وخفيها من الله سبحانه
وأنه المنعم الحقيقي وأن الاوساط كلها منقادون لحكمه مسخرون لامره
الثاني الحال التي هي ثمرة تلك المعرفة ، وهي الخضوع والتواضع والسرور
بالنعم ، من حيث إنها هدية دالة على عناية المنعم بك وعلامة ذلك أن لاتفرح
من الدنيا إلابما يوجب القرب منه
الثالث العمل الذي هوثمرة تلك الحال فان تلك الحال إذاحصلت في القلب
حصل فيه نشاط للعمل الموجب للقرب منه ، وهذا العمل يتعلق بالقلب واللسان
والجوارح :
أماعمل القلب فالقصد إلى تعظيمه وتحميده وتمجيده ، والتفكر في صنائعه
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 94
( 2 ) المفردات للراغب ص 265
[ 23 ]
وأفعاله وآثار لطفه ، والعزم على إيصال الخير والاحسان إلى كافة خلقه ، وأما
عمل اللسان فاظهار ذلك المقصود بالتحميد والتمجيد والتسبيح والتهليل ، والامر
بالمعروف والنهي عن المنكر إلى غير ذلك ، وأما عمل الجوارح فاستعمال نعمه
الظاهرة والباطنة في طاعته وعبادته ، والتوقي من الاستعانة بها في معصيته ومخالفته
كاستعمال العين في مطالعة مصنوعاته ، وتلاوة كتابه ، وتذكر العلوم المأثورة من
الانبياء والاوصياء عليهم السلام وكذا سائر الجوارح
فظهر أن الشكر من امهات صفات الكمال ، وتحقق الكامل منه نادر كما
قال سبحانه : " وقليل من عبادي الشكور " ( 1 )
ولماكان الشكر بالجوارح التي هي من نعمه تعالى ولايتأتى إلا بتوفيقه
سبحانه ، فالشكر أيضا نعمة من نعمه ، ويوجب شكرا آخر ، فينتهي إلى الاعتراف
بالعجز عن الشكر ، فآخر مراتب الشكر الاعتراف بالعجز عنه ، كما أن آخر مراتب
المعرفة والثناء الاعتراف بالعجز عنهما ، وكذا العبادة كما قال سيد العابدين
والعارفين والشاكرين صلى الله عليه وآله : لااحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على
نفسك ، وقال صلى الله عليه وآله : ماعبدناك حق عبادتك ، وما عرفناك حق معرفتك
قوله عليه السلام : " الطاعم الشاكر : الطاعم يطلق على الاكل والشارب ، كما
قال تعالى : " ومن لم يطعمه " ( 2 ) ويقال : فلان احتسب عمله وبعمله ، إذانوى
به وجه الله ، والمعطى اسم مفعول والمحروم من حرم العطاء من الله أو من الخلق
والقانع الراضي بما أعطاه الله
2 - كا : بالاسناد المتقدم عنه عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله
: ما
فتح الله على عبدباب شكر فخزن عنه باب الزيادة ( 3 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) سبأ : 13
( 2 ) البقرة : 249
( 3 ) الكافى ج 2 ص 94
[ 24 ]
بيان : فخزن أي أحرز ومنع ومثله في النهج عن أمير المؤمنين عليه السلام ماكان
الله ليفتح على عبدباب الشكر ويغلق عليه باب الزيادة ( 1 ) وهما إشارتان إلى قوله
تعالى : " لئن شكرتم لازيدنكم " ( 2 )
3 - كا : عن حميدبن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن وهيب بن
حفص ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان رسول الله صلى الله عليه
واله عند عائشة
ليلتها ، فقالت : يارسول الله صلى الله عليه وآله لم تتعب نفسك وقد غفر الله لك
ماتقدم من
ذنبك وماتأخر ؟ فقال : ياعائشة ألاأكون عبدا شكورا ؟ قال : وكان رسول الله
صلى الله عليه وآله يقوم على أطراف أصابع رجليه فأنزل الله سبحانه " طه ماأنزلنا
عليك القرآن لتشقى " ( 3 )
ايضاح : " قد غفر الله لك " إشارة إلى قوله تعالى " إنا فتحنا لك فتحا
مبينا ليغفر لك الله ماتقدم من ذنبك وماتأخر " وللشيعة في تأويله أقوال :
أحدها أن المراد : ليغفر لك الله ماتقدم من ذنب امتك وماتأخر
بشفاعتك ، وإضافة ذنوب امته إليه للاتصال والسبب بينه وبين امته ، ويؤيده
مارواه المفضل بن عمرعن الصادق عليه السلام قال سأله رجل عن هذه الاية فقال :
والله ماكان له ذنب ولكن الله سبحانه ضمن له أن يغفر ذنوب شيعة علي عليه السلام ما
تقدم من ذنبهم وماتأخر
وروى عمربن يزيد عنه عليه السلام قال : ماكان له ذنب ولاهم بذنب ، ولكن الله
حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له
والثاني ماذكره السيد المرتضى رضي الله عنه : أن الذنب مصدر والمصدر
يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معا ، فيكون هنا مضافا إلى المفعول ، والمراد ما
تقدم من ذنبهم إليك في منعهم إياك عن مكة وصدهم لك عن المسجد الحرام ، و
* ( الهامش ) * ( 1 ) نهج البلاغة ج 2 ص 247
( 2 ) ابراهيم : 7
( 3 ) الكافى ج 2 ص 95
[ 25 ]
يكون معنى المغفرة على هذا التأويل الازالة والنسخ لاحكام أعدائه من المشركين
عليه أي يزيل الله ذلك عنده ، ويستر عليك تلك الوصمة بما يفتح الله لك من مكة
فستدخلها فيما بعد ، ولذلك جعله جزاء على جهاده وغرضا في الفتح ووجها له
قال ولو أنه أراد مغفرة ذنوبه لم يكن لقوله " إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفرلك الله
"
معنى معقول ، لان المغفرة للذنوب لاتعلق لها بالفتح ، فلايكون غرضا فيه ، و
أما قوله " ماتقدم وماتأخر " فلايمتنع أن يريد به ماتقدم زمانه من فعلهم
القبيح بك وبقومك
الثالث : أن معناه لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه لك
الرابع : أن المراد بالذنب هناك ترك المندوب ، وحسن ذلك ، لان من
المعلوم أنه صلى الله عليه وآله ممن لايخالف الاوامر الواجبة ، فجاز أن يسمى ذنبا
منه ما
لووقع من غيره لم يسم ذنبا لعلو قدره ورفعة شأنه
الخامس أن القول خرج مخرج التعظيم وحسن الخطاب كماقيل في قوله
" عفى الله عنك " ( 1 )
أقول : وقدروى الصدوق في العيون ( 2 ) باسناده ، عن علي بن محمد بن الجهم
قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه السلام فقال له المأمون : ياابن رسول
الله
صلى الله عليه وآله أليس من قولك أن الانبياء معصومون ؟ قال : بلى ، قال : فما
معنى قول الله " ليغفر لك الله ماتقدم من ذنبك وماتأخر " قال للرضا عليه السلام :
لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من رسول الله صلى الله عليه وآله لانهم كانوا
يعبدون
من دون الله ثلاثمائة وستين صنما ، فلما جاءهم صلى الله عليه وآله بالدعوة إلى كلمة
الاخلاص
كبر ذلك عليهم وعظم قالوا " أجعل الالهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب "
إلى قوله " إن هذا إلا اختلاق " ( 3 ) فلما فتح الله تعالى على نبيه مكة قال له
يا " محمد إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفرلك الله ماتقدم من ذنبك وماتأخر " عند
* ( الهامش ) * ( 1 ) براءة : 43
( 2 ) عيون الاخبار ج 1 ص 202 ( 3 ) ص : 50
[ 26 ]
مشركي أهل مكة ، بدعائك إلى توحيد الله فيما تقدم وماتأخر لان مشركي
مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ، ومن بقي منهم لم يقدر على إنكار التوحيد
عليه ، إذا دعاالناس إليه فصار ذنبه عندهم في ذلك ، مغفورا بظهوره عليهم ، فقال
المأمون : لله درك ياأبا الحسن
وكأن هذا الحديث بالوجه الرابع أنسب لتقريره صلى الله عليه وآله كلام عائشة وإن
أمكن توجيهه على بعض الوجوه الاخر
والحاصل أن عائشة توهمت أن ارتكاب المشقة في الطاعات إنما يكون لمحو
السيئات ، فأجاب صلى الله عليه وآله بأنه ليس منحصرا في ذلك بل يكون لشكر
النعم الغير المتناهية ، ورفع الدرجات الصورية والمعنوية ، بل الطاعات عند المحبين
من أعظم اللذات كما عرفت
طه قيل : معنى طه يارجل ، عن ابن عباس وجماعة ، وقددلت الاخبار
الكثيرة على أنه من أسماء النبي صلى الله عليه وآله ، وروى علي بن إبراهيم في
تفسيره ( 1 )
باسناده عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام قالا : كان رسول الله صلى الله
عليه وآله إذاصلى قام
على أصابع رجليه حتى تورم فأنزل الله تبارك وتعالى طه بلغة طيئ يامحمد ماأنزلنا
الاية
وروى الصدوق رحمه الله في معاني الاخبار ( 2 ) باسناده عن سفيان الثوري
عن الصادق عليه السلام في حديث طويل قال فيه : فأما طه فاسم من أسماء النبي صلى
الله عليه وآله ومعناه
ياطالب الحق الهادي إليه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى بل لتسعد
وروى الطبرسي في الاحتجاج عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عليهم السلام قال :
قال أمير المؤمنين عليه السلام : ولقد قام رسول الله صلى الله عليه وآله عشر سنين
على أطراف أصابعه
حتى تورمت قدماه ، واصفر وجهه ، يقوم الليل أجمع حتى عوتب في ذلك فقال
الله عزوجل : " طه ما أنزلنا عليك القران لتشقى " بل لتسعد به ، الخبر
* ( الهامش ) * ( 1 ) تفسير القمى ص 417
( 2 ) معانى الاخبار ص 22
[ 27 ]
وقال النسفي من العامة : قال القشيري : الطاء إشارة إلى طهارة قلبه عن غير الله
والهاء إلى اهتداء قلبه إلى الله ، وقيل : الطاء طرب أهل الجنة ، والهاء هوان أهل
النار
وقال الطبرسي رحمه الله : روي عن الحسن أنه قرأ طه بفتح الطاء وسكون
الهاء ، فان صح ذلك عنه فأصله طأ فابدل من الهمزة هاء أو معناه طأ الارض
بقدميك جميعا ، فقد روي أن النبي صلى الله عليه وآله كان يرفع إحدى رجليه في الصلاة
ليزيد
تعبه ، فأنزل الله " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " فوضعها وروي ذلك عن أبي -
عبدالله عليه السلام وقال الحسن : هو جواب للمشركين حين قالوا : إنه شقي فقال
سبحانه : يارجل ماأنزلنا عليك القرآن لتشقى ، لكن لتسعد به : تنال الكرامة به
في الدنيا والاخرة ، قال قتادة : وكان يصلي الليل كله ويعلق صدره بحبل حتى
لايغلبه النوم فأمره الله سبحانه أن يخفف عن نفسه وذكر أنه ماأنزل عليه الوحي
ليتعب كل هذا التعب ( 1 )
وقال البيضاوي : المعنى ماأنزلنا عليك القرآن لتتعب بفرط تأسفك على
كفر قريش إذماعليك إلاأن تبلغ ، أو بكثرة الرياضة وكثرة التهجد والقيام على
ساق ، والشقاء شايع بمعنى التعب ، ولعله عدل إليه للاشعار بأنه أنزل عليه ليسعد
وقيل : رد وتكذيب للكفرة ، فانهم لمارأوا كثرة عبادته قالوا : إنك لتشقى
بترك الدنيا وإن القرآن انزل إليك لتشقى به انتهى ( 2 )
وأقول : القيام على رجل واحد على أطراف الاصابع وأمثالهما لعلها كانت
ابتداء في شريعته صلى الله عليه وآله ثم نسخت بناء على ماهو الاظهر من أنه
صلى الله عليه وآله كان عاملا بشريعة نفسه ، أو في شريعة من كان يعمل بشريعته على
الاقوال الاخر
4 - كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمدبن عيسى ، عن جعفربن محمد
* ( الهامش ) * ( 1 ) مجمع البيان ج 7 ص 2
( 2 ) أنوار التنزيل ص 261
[ 28 ]
البغدادي ، عن عبدالله بن إسحاق الجعفري ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : مكتوب
في التوراة اشكر من أنعم عليك وانعم على من شكرك ، فانه لازوال للنعماء إذا
شكرت ، ولابقاء لها إذاكفرت ، والشكر زيادة في النعم وأمان من الغير ( 1 )
بيان : " من أنعم عليك " يشمل المنعم الحقيقي وغيره " زيادة في النعم " أي
سبب لزيادتها " وأمان من الغير " أي من تغير النعمة بالنقمة ، والغير بكسر الغين
وفتح الياء : اسم للتغير ويظهر من القاموس أنه بفتح الغين وسكون الياء ، قال
في النهاية : في حديث الاستسقاء من يكفر بالله يلق الغير أي تغير الحال وانتقالها
من
الصلاح إلى الفساد ، والغير الاسم من قولك غيرت الشي ء فتغير وفي بعض النسخ
بالباء الموحدة وهو محركة داهية لايهتدى لمثلها ، والظاهر أنه تصحيف
5 - كا : عن العدة ، عن أحمدبن أبي عبدالله ، عن محمدبن علي ، عن علي
ابن أسباط ، عن يعقوب بن سالم ، عن رجل ، عن أبي جعفر عليه السلام أوأبي عبدالله
عليه السلام
قال : المعافى الشاكر له من الاجر ماللمبتلى الصابر ، والمعطى الشاكر له من
الاجر كالمحروم القانع ( 2 )
6 - كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن البزنطي ، عن داود بن الحصين ، عن
فضل البقباق قال : سألت أباعبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل : " وأما بنعمة
ربك فحدث " ( 3 ) قال : الذي أنعم عليك بمافضلك وأعطاك وأحسن إليك ، ثم
قال : فحدث بدينه وماأعطاه الله ، وماأنعم به عليه ( 4 )
بيان : " وأما بنعمة ربك فحدث " قال في مجمع البيان : معناه اذكر نعم
الله تعالى وأظهرها وحدث بها ، وفي الحديث التحدث بنعمة الله شكر وتركه
كفر ، وقال الكلبي : يريد بالنعمة القرآن وكان أعظم ماأنعم الله به ، فأمره أن
يقرأه ، وقال مجاهد والزجاج : يريد : بالنبوة التي أعطاك ربك أي بلغ ماارسلت
* ( الهامش ) * ( 1 و 2 ) الكافى ج 2 ص 94
( 3 ) الضحى : 11
( 4 ) الكافى ج 2 ص 94
[ 29 ]
به وحدث بالنبوة التي آتاكها الله ، وهي أجل النعم ، وقيل : معناه اشكر لما
ذكر من النعمة عليك ، في هذه السورة ، وقال الصادق عليه السلام ، : معناه فحدث بما
أعطاك الله وفضلك ورزقك وأحسن إليك وهداك انتهى ( 1 )
قوله : " بما فضلك " بيان للنعمة أي بتفضيلك على سائر الخلق أو بما فضلك
به من النبوة الخاصة " وأعطاك " من العلم والمعرفة والمحبة وسائر الكمالات
النفانية ، والشفاعة واللواء والحوض ، وسائر النعم الاخروية " وأحسن إليك "
من النعم الدنيوية أو الاعم " ثم قال " أي الامام عليه السلام " فحدث " بصيغة
الماضي
أي النبي صلى الله عليه وآله عملا بما امربه " بدينه " أي العقائد الايمانية
والعبادات القلبية
والبدنية " وماأعطاه " من النبوة والفضل والكرامة في الدنيا والاخرة " وما
أنعم به عليه " من النعم الدنيوية والاخروية والجسمانية والروحانية
7 - كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة
عن أبي بصير قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : هل للشكر حد إذا فعله العبد كان
شاكرا ؟ قال : نعم ، قلت : ماهو ؟ قال : يحمدالله على كل نعمة عليه في أهل
ومال ، وإن كان فيما أنعم عليه في ماله حق أداه ، ومنه قول الله عزوجل
" سبحان الذي سخر لنا هذا وما كناله مقرنين " ( 2 ) ( ومنه قوله تعالى " رب
إني لماأنزلت إلي من خير فقير " ( 3 ) ) ومنه قوله تعالى : " رب أنزلني منزلا
مباركا وأنت خير المنزلين " ( 4 ) وقوله " رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني
مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " ( 5 )
ايضاح : قوله " حق " أي واجب أو الاعم " ومنه " أي من الشكر أو من الحق
* ( الهامش ) * ( 1 ) مجمع البيان ج 10 ص 507
( 2 ) الزخرف : 13
( 3 ) القصص : 24
( 4 ) المؤ منون : 29
( 5 ) الكافى ج 2 ص 95 و 96 والاية في أسرى : 80
[ 30 ]
الذي يجب أداؤه فيما أنعم الله عليه أن يقول عند ركوب الفلك أو الدابة اللتين
أنعم الله بهما عليه ماقاله سبحانه تعليما لعباده وإرشادا لهم حيث قال عزوجل " و
جعل لكم من الفلك والانعام ماتركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة
ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي إلى قوله وماكنا له مقرنين " أي
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 30 سطر 5 الى ص 38 سطر 5
مطيقين من أقرنت الشئ إقرانا أطقته وقويت عليه قال الطبرسي في تفسير هذه
الاية : ثم تذكروا نعمة ربكم ، فتشكروه على تلك النعمة التي هي تسخر ذلك
المركب ، وتقولوا معترفين بنعمه منزهين له عن شبه المخلوقين " سبحان الذي
سخرلناهذا " أي ذلله لناحتى ركبناه ، قال قتادة " قد علمكم كيف تقولون إذا
ركبتم ، وروى العياشي باسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ذكر النعمة أن تقول
الحمد
لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا القرآن ، ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله وتقول
بعده
سبحان الذي سخرلنا هذا إلى قوله " وإنا إلى ربنا لمنقلبون ( 1 )
ومنه قوله تعالى : " رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير " ليس هذا في
بعض النسخ ( 2 ) وعلى تقديره المعنى أنه من موسى عليه السلام كان متضمنا للشكر على
نعمة الفقر وغيره ، لاشتماله على الاعتراف بالمنعم الحقيقي والتوسل إليه في جميع
الامور ، وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : والله ماسأله إلا خبزا يأكله
لانه كان يأكل بقلة الارض ، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه
لهزاله وتشذب لحمه ( 3 )
وكذاعلم سبحانه نوحا عليه السلام الشكر حيث أمره أن يقول عند دخول السفينة
أوعند الخروج منها " رب أنزلني " وصدر الاية هكذا " فاذا استويت أنت ومن
معك على الفلك فقل الحمدلله الذي نجانا من القوم الظالمين * وقل رب أنزلني
منزلا " قرأ أبوبكر منزلا بفتح الميم وكسر الزاي أي موضع النزول ، وقيل :
* ( الهامش ) * ( 1 ) مجمع البيان ج 9 ص 41
( 2 ) كمالايوجد في الكافى المطبوع
( 3 ) نهج البلاغة ج 1 ص 309
[ 31 ]
هوالسفينة بعد الركوب ، وقيل : هوالارض بعد النزول ، وقرأ الباقون منزلا بضم
الميم وفتح الزاي أي إنزالا مباركا فالبركة في السفينة النجاة ، وفي النزول بعد
الخروج كثرة النسل من أولاده ، وقيل : مباركا بالماء والشجر " وأنت خير
المنزلين " لانه لايقدر أحد على أن يصون غيره من الافات إذانزل منزلا
ويكفيه جميع مايحتاج إليه إلا أنت ، فظهر أن هذا شكرأمر الله به ، وتوسل إلى
جنابه سبحانه وكذا كل من قرأ هذه الاية عند نزول منزل أودار فقد شكر الله
وكذا ماعلمه الله الرسول صلى الله عليه وآله أن يقول عند دخول مكة أو في جميع
الامور " رب أدخلني " في جميع ماأرسلتني به إدخال صدق وأخرجني منه سالما
إخراج صدق ، أي أعني على الوحي والرسالة ، وقيل : معناه أدخلني المدينة
وأخرجني منها إلى مكة للفتح ، وقيل : إنه امر بهذا الدعاء إذا دخل في أمر أو
خرج من أمر ، وقيل : أي أدخلني القبر عند الموت مدخل صدق ، وأخرجني منه
عند البعث مخرج صدق ، ومدخل الصدق ماتحمد عاقبته في الدنيا والدين
" واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا " أي عزا أمتنع به ممن يحاول صدي
عن إقامة فرائضك ، وقوة تنصرني بها على من عاداني ، وقيل : اجعل لي ملكا
عزيزا أقهر به العصاة ، فنصر بالرعب ، وقد ورد قراءتها عند الدخول على سلطان
والتقريب في كونه شكرا مامر
8 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن أحمد بن محمدبن عيسى ، عن معمربن خلاد
قال : سمعت أباالحسن صلوات الله عليه يقول : من حمدالله على النعمة فقد شكره
وكان الحمد أفضل من تلك النعمة ( 1 )
بيان : " وكان الحمد ! أي توفيق الحمد نعمة اخرى أفضل من النعمة
الاولى ، ويستحق بذلك شكر آخر ، فلايمكن الخروج عن عهدة الشكر ، فمنتهى
الشكر الاعتراف بالعجز أوالمعنى أن أصل الحمد أفضل من تلك النعمة ، لان
ثمراته الدنيوية والاخروية له أعظم
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 96
[ 32 ]
9 - كا : عن محمدبن أحمد ، عن علي بن الحكم ، عن صفوان الجمال ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال لي : ماأنعم الله على عبد بنعمة صغرت أوكبرت
فقال :
الحمدلله ، إلا أدى شكرها ( 1 )
10 - كا : عن أبي علي الاشعري ، عن عيسى بن أيوب ، عن علي بن مهزيار
عن القاسم بن محمد ، عن إسماعيل بن أبي الحسن ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه
السلام
قال : من أنعم الله عليه بنعمة فعرفها بقلبه فقد أدى شكرها ( 2 )
بيان : " فعرفها بقلبه " أي عرف قدر تلك النعمة وأن الله هوالمنعم بها
11 - كا : ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن منصور بن يونس
عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إن الرجل منكم ليشرب الشربة من
الماء
فيوجب الله له بها الجنة ، ثم قال : إنه ليأخذ الاناء فيضعه على فيه فيسمي ثم
يشرب فينحيه وهو يشتهيه فيحمد ، ثم يعود فيشرب ثم ينحيه فيحمدالله ، ثم يعود
فيشرب ثم ينحيه فيحمدالله ، فيوجب الله عزوجل له بها الجنة ( 3 )
بيان : يدل على استحباب تثليث الشرب ، واستحباب الافتتاح بالتسمية
مرة ، والاختتام بالتحميد ثلاثا ، وسيأتي في أبواب الشرب في صحيحة ابن سنان ( 4 )
تثليث التحميد من غير تسمية وفي رواية اخرى عن عمربن يزيد ( 5 ) الافتتاح
والاختتام بالتسمية والتحميد في كل مرة ، وهوأفضل قوله عليه السلام : فيضعه
أي يريد وضعه أويقرب وضعه على مجاز المشارفة إذ لاتسمية بعد الوضع
12 - كا : بالاسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن عطية ، عن عمربن
يزيد قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إني سألت الله عزوجل أن يرزقني مالا
فرزقني ، وإني سألت الله أن يرزقني ولدا وفرزقني ، وسألته أن يرزقني دارا فرزقني
وقدخفت أن يكون ذلك استدراجا ، فقال : أما والله مع الحمد فلا ( 6 )
بيان : قال في القاموس : استدرجه خدعه وأدناه كدرجه ، واستدراجه تعالى
* ( الهامش ) * ( 1 - 3 ) الكافى ج 2 ص 96
( 4 - 5 ) الكافى ج 6 ص 384 ( 6 ) الكافى ج 2 ص 97
[ 33 ]
العبد أنه كلما جدد خطيئة جددله نعمة وأنساه الاستغفار أوأن يأخذه قليلا قليلا
ولايباغته
13 - كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن حمادبن عثمان قال
خرج أبوعبدالله عليه السلام من المسجد وقد ضاعت دابته فقال : لئن ردها الله علي
لاشكرن
الله حق شكره ، قال : فمالبث أن اتي بها ، فقال : الحمدلله ، فقال قائل له : جعلت
فداك
قلت لاشكرن الله حق شكره ، فقال أبوعبدالله ألم تسمعني قلت : ، الحمدلله ( 1 )
بيان : يدل على أن قول " الحمدلله " أفضل أفراد الحمد اللساني ، وكفى
به فضلا افتتاحه سبحانه به ، مع أنه على الوجه الذي قاله عليه السلام مقرونا بغاية
الاخلاص
والمعرفة كان حق الشكر له تعالى
14 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن
جده الحسن ، عن المثنى الحناط ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : كان رسول الله
صلى الله عليه وآله
إذا ورد عليه أمر يسره قال الحمدلله على هذه النعمة ، وإذا ورد عليه أمر يغتم به
قال : الحمدلله على كل حال ( 2 )
توضيح : " يغتم به " على بناء المعلوم وقد يقرأ على المجهول " الحمدلله
على كل حال " أي هو المستحق للحمد على النعمة والبلاء ، لان كل مايفعله الله
بعبده ففيه لامحالة صلاحه
قيل : في كل بلاء خمسة أنواع من الشكر : الاول يمكن أن يكون دافعا أشد
منه كما أن موت دابته دافع لموت نفسه ، فينبغي الشكر على عدم ابتلائه بالاشد
الثاني أن البلاء إما كفارة للذنوب أو سبب لرفع الدرجة فينبغي الشكر
على كل منهما
الثالث أن البلاء مصيبة دنيوية فينبغي الشكر على أنه ليس مصيبته دينية
وقد نقل أن عيسى عليه السلام مر على رجل أعمى مجذوم مبروص مفلوج
فسمع منه يشكر ، ويقول : الحمدلله الذي عافاني من بلاء ابتلى به أكثر الخلق
* ( الهامش ) * ( 1 - 2 ) الكافى ج 2 ص 97
[ 34 ]
فقال عليه السلام : مابقي من بلاء لم يصبك ، قال : عافاني من بلاء هو أعظم البلايا
وهو
الكفر فمسه عليه السلام فشفاه الله من تلك الامراض ، وحسن وجهه فصاحبه وهويعبد معه
الرابع أن البلاء كان مكتوبا في اللوح المحفوظ ، وكان في طريقه لامحالة
فينبغي الشكر على أنه مضى ووقع خلف ظهره ، الخامس أن بلاء الدنيا سبب لثواب
الاخرة وزوال حب الدنيا من القلب فينبغي الشكر عليها
15 - كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز
عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال تقول ثلاث مرات إذا نظرت إلى المبتلى
من غير أن تسمعه : الحمدلله الذي عافاني مما ابتلاك به ، ولوشاء فعل ، قال : من
قال ذلك لم يصبه ذلك البلاء أبدا ( 1 )
بيان : " إلى المبتلى " قديقال يعم المبتلى بالمعصية أيضا إلا أن عدم الاسماع
لايناسبه " من غير أن تسمعه " لئلا ينكسر قلبه ويكون موهنا للشماتة
16 - كا : عن حميدبن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن
أبان بن عثمان ، عن حفص الكناسي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : مامن عبد رأى
مبتلى
فيقول : الحمدلله الذي عدل عني ماابتلاك به ، وفضلني عليك بالعافية ، اللهم عافني
مما ابتليته به إلا لم يبتل بذلك البلاء أبدا ( 2 )
17 - كا : عن العدة ، عن أحمدبن أبي عبدالله ، عن عثمان بن عيسى ، عن
خالدبن نجيح ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا رأيت الرجل قد ابتلي وأنعم
الله عليك
فقل : اللهم إني لاأسخر ولاأفخر ، ولكن أحمدك على عظيم نعمائك على ( 3 )
بيان : " لاأسخر " أي لاأستهزى ء ، يقال سخر منه وبه كفرح هزا ، والمعنى
لاأسخر من هذا المبتلى بابتلائه بذلك ، ولاأفخر عليه ببرائتي منه
18 - كا : عن العدة ، عن أحمد ، عن أبيه ، عن هارون بن الجهم ، عن حفص
ابن عمر ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
إذا رأيتم أهل البلاء
* ( الهامش ) * ( 1 و 2 ) الكافى ج 2 ص 97
( 3 ) الكافى ج 2 ص 98
[ 35 ]
فاحمدوا الله ولاتسمعوهم فان ذلك يحزنهم ( 1 )
19 - كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن عبدالله بن
مسكان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في
سفر يسير على ناقة
له إذنزل فسجد خمس سجدات ، فلماركب قالوا : يارسول الله إنا رأيناك صنعت
شيئا لم تصنعه ؟ فقال : نعم استقبلني جبرئيل فبشرني ببشارات من الله عزوجل
فسجدت لله شكرا لكل بشرى سجدة ( 2 )
بيان : يدل على استجاب سجدة الشكر عند تجدد كل نعمة ، والبشارة بها
ولاخلاف فيه بين أصحابنا ، وإن أنكره المخالفون خلافا للشيعة مع ورودها
في رواياتهم كثيرا وسيأتي في كتاب الصلاة إنشاء الله
20 - كا : بالاسناد عن البرقي ، عن عثمان بن عيسى ، عن يونس بن عمار ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا ذكر أحدكم نعمة الله عزوجل فليضع خده على التراب
شكرا لله ، فان كان راكبا فلينزل فليضع خده على التراب ، وإن لم يكن يقدر
على النزول للشهرة فليضع خده على قربوسه ، فان لم يكن يقدر فليضع خده على
كفه ثم ليحمدالله على ماأنعم عليه ( 3 )
بيان : يدل على استحباب وضع الخد في سجدة الشكر وعلى استحبابها
عند تذكر النعم أيضا ، ولوكان بعد حدوثها بمدة وعلى استحباب حمدالله فيها
21 - كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عطية ، عن
هشام بن أحمر قال : كنت أسير مع أبي الحسن عليه السلام في بعض أطراف المدينة إذثنى
رجله عن دابته فخر ساجدا فأطال وأطال ثم رفع رأسه وركب دابته ، فقلت :
جعلت فداك قد أطلت السجود قال : إنني ذكرت نعمة أنعم الله بها علي فأحببت
أن أشكر ربي ( 4 )
بيان : يدل على فورية سجدة الشكر وعلى أنهم عليهم السلام يذهلون عن
بعض الامور في بعض الاحيان وكان هذا ليس من السهو المتنازع فيه
* ( الهامش ) * ( 1 - 4 ) الكافى ج 2 ص 98
[ 36 ]
22 - كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي عبدالله صاحب
السابري فيما أعلم أو غيره عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى
موسى عليه السلام ياموسى اشكرني حق شكري فقال : يارب فكيف أشكرك حق شكرك
وليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي ؟ قال : ياموسى الان شكرتني
حين علمت أن ذلك مني ( 1 )
بيان : تقول : أديت حق فلان إذا قابلت إحسانه باحسان مثله ، والمراد
هنا طلب أداء شكر نعمته على وجه التفصيل ، وهولايمكن من وجوه :
الاول أن نعمه غير متناهية لايمكن إحصاؤها تفصيلا فلا يمكن مقابلتها
بالشكر
الثاني أن كل ما نتعاطاه مستند إلى جوارحنا وقدرتنا من الافعال فهي في
الحقيقة نعمة وموهبة من الله تعالى ، وكذلك الطاعات وغيرها نعمة من ه فتقابل
نعمته بنعمته
الثالث أن الشكر أيضا نعمة منه حصل بتوفيقه فمقابلة كل نعمة بالشكر
يوجب التسلسل والعجز ، وقول موسى عليه السلام : يحتمل كلا من الوجهين الاخيرين
وقدروي هذا عن داود عليه السلام أيضا حيث قال : يارب كيف أشكرك وأنا لا أستطيع
أن أشكرك إلا بنعمة ثانية من نعمك ، فأوحى الله تعالى إليه إذا عرفت هذا فقد
شكرتني
23 - كا : بالاسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن رئاب ، عن إسماعيل بن الفضل
قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : إذا أصبحت وأمسيت فقل عشر مرات : اللهم ما
أصبحت بي من نعمة أوعافية في دين أودنيا فمنك وحدك لاشريك لك ، لك الحمد
ولك الشكر بها على يارب حتى ترضى وبعد الرضا ، فانك إذا قلت ذلك
كنت قد أديت شكر ماأنعم الله عليك في ذلك اليوم وفي تلك الليلة ( 2 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 98 ( 2 ) المصدر ج 2 ص 99
[ 37 ]
ايضاح : " ماأصبحت بي " الاصباح الدخول في الصباح ، وقد يراد به
الدخول في الاوقات مطلقا ، وعلى الاول ذكره على المثال ، فيقول في السماء :
ماأمسيت ، و " ما " موصولة مبتدأ ، والظرف مستقر والباء للملابسة أي متلبسا
بي ، فهو حال عن الموصول " ومن نعمة " بيان له ، ولذا انث الضمير العايد إلى
الموصول في أصبحت رعاية للمعنى ، وفي بعض الروايات أصبح رعاية للفظ ، وقوله :
" فمنك " خبر الموصول والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط ، وربما يقرأ منك
بفتح الميم وتشديد النون وهو تصحيف
" حتى ترضى " المراد به أول مراتب الرضا " وبعد الرضا " أي سائر مراتبه
فان كان المراد بقوله : " لك الحمد ولك الشكر " أنك تستحقهما يكون أول
مراتب الرضا دون الاستحقاق ، فان الله سبحانه يرضى بقليل مما يستحقه من الحمد
والشكر والطاعة ، وإن كان المراد لك مني الحمد والشكر أي أحمدك وأشكرك
فلايحتاج إلى ذلك " كنت قد أديت " أي يرضى الله منك بذلك لاأنك أديت ما
يستحقه
24 - كا : بالاسناد ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : كان نوح عليه السلام يقول ذلك إذا أصبح فسمي بذلك عبدا شكورا
قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وآله : من صدق الله نجا ( 1 )
بيان : " يقول ذلك " أي الدعاء المذكور في الحديث السابق ، وفي رواية
اخرى أن نوحا عليه السلام كان يقول ذلك عند الصباح وعند السماء ( 2 ) ، والاخبار في
ذلك كثيرة بأدنى اختلاف ( 3 ) وقوله صلى الله عليه وآله : " من صدق الله نجا "
معناه
أنه إذا أظهر العبد حالة عندالله وكان صادقا في ذلك بحيث لايعتقد ولايعمل ما
يخالفه يصير سبب نجاته من مهالك الدنيا والاخرة ، ولعل ذكره في هذا المقام
لبيان أن نوحا عليه السلام كان صادقا فيما ادعى في هذا الدعاء من أن جميع النعم
الواصلة إلى العبد من الله تعالى وأنه متوحد بالانعام والربوبية واستحقاق الحمد
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 99
( 2 و 3 ) الكافى ج 2 ص 522 - 535
[ 38 ]
والشكر والطاعة ، فكان موقنا بجميع ذلك ، ولم يأت بما ينافيه من التوسل إلى
المخلوقين ورعاية رضاهم دون رضا رب العالمين أو معه ، فلذلك صار سببا لنجاته
وتسمية الله له شكورا
وربما يقرأ صدق على بناء التفعيل ، كماقال بعض الافاضل : لعله عليه السلام
أشار بآخر الحديث إلى تسمية نوح بنجي الله ويستفاد منه أن هذه الكلمات تصديق
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 38 سطر 6 الى ص 46 سطر 6
لله سبحانه فيما وصف الله به نفسه ، وشهد به من التوحيد ، وقال آخر : تصديقه
في تكاليفه عبارة عن الاقرار بها ، والاتيان بمقتضاها وفي نعمائه عبارة عن معرفتها
بالقلب ومقابلتها بالشكر والثناء انتهى ولايخفى أن ماذكرنا أظهر
25 - كا : عن علي ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان
ابن عيينة ، عن عمار الدهني قا ل : سمعت علي بن الحسين عليهما السلام يقول : إن
الله
يحب كل قلب حزين ، ويحب كل عبدشكور ، يقول الله تبارك وتعالى لعبد
من عبيده يوم القيامة : أشكرت فلانا ؟ فيقول : بل شكرتك يارب ، فيقول : لم
تشكرني إذلم تشكره ، ثم قال : أشكر كم لله أشكر كم للناس ( 1 )
بيان : " كل قلب حزين " أي لامور الاخرة متفكر فيها وفيما ينجي من
عقوباتها غير غافل عمايراد بالمرء ومنه لامحزون بامور الدنيا وإن احتمل
أن يكون المعنى إذا أحب الله عبدا ابتلاه بالبلايا فيصير محزونا لكنه بعيد " كل
عبدشكور " أي كثير الشكر بحيث يشكر الله ويشكر وسائط نعم الله كالنبي صلى الله عليه
وآله
والائمة عليهم السلام والوالدين وأرباب الاحسان من المخلوقين
وفي الاخبار ظاهرا تناف في هذا المطلب لورود هذا الخبر وأمثاله ، وقد
روي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه : ولايحمد حامد إلا ربه ( 2 ) ومثله كثير
ويمكن الجمع بينها بأنه إذا حمد المخلوق وشكره لان مولى النعم أمر بشكره
فقدشكر ربه ، ويحتمل أن يكون هذا هو المراد بقوله : " لم تشكرني إذلم
تشكره " أوتكون أخبار الشكر محمولة على أن يشكرهم باعتقاد أنهم وسائط
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 99 ( 2 ) نهج البلاغة ج 1 ص 52
[ 39 ]
نعم الله ، ولهم مدخلية قليلة في ذلك ، ولايسلب عليتهم رأسا فينتهي إلى الجبر
وأخبار الترك محمولة على أنه لايجوز شكرهم بقصد أنهم مستقلون في إيصال
النعمة ، فان هذا في معنى الشرك كماعرفت أن النعم كلها اصولها ووجود المنعم
المجازي وآلات العطاء وتوفيق الاعطاء كلها من الله تعالى
وهذا أحد معاني الامر بين الامرين كما عرفت ، وإليه يرجع ماقيل :
إن الغير يتحمل المشقة بحمل رزق الله إليك ، فالنهي عن الحمد لغيرا لله ، على
أصل الرزق لان الرازق هوالله ، والترغيب في الحمد له على تكلف من حمل الرزق
وكلفة إيصاله باذن الله ليعطيه أجر مشقة الحمل والايصال ، وبالجملة هناك شكر ان
شكر للرزق وهولله ، وشكر للحمل وهوللغير ، وايد بماروي لاتحمدن أحدا
على رزق الله ، وقيل : النهي مختص بالخواص من أهل اليقين الذين شاهدوه رازقا
وشغلوا عن رؤية الوسائط ، فنهاهم عن الاقبال عليها ، لانه تعالى يتولى جزاء
الوسائط عنهم بنفسه ، والامر بالشكر مختص بغيرهم ممن لاحظ الاسباب والوسائط
كأكثر الناس ، لان فيه قضاء حق السبب أيضا
والوجه الثاني الذي ذكرناكأنه أظهر الوجوه ، لان الله تعالى مع أنه مولى
النعم على الحقيقة ، وإليه يرجع كل الطاعات ، ونفعها يصل إلى العباد ، يشكرهم
على أعمالهم قولا وفعلا في الدنيا والاخرة ، فكيف لايحسن شكر العباد بعضهم
بعضا لمدخليتهم في ذلك
ويمكن أن يكون قوله تعالى : " لم تشكرني إذلم تشكره " إشارة إلى ذلك
أي إذا لم تشكر المنعم الظاهري بتوهم أنه لم يكن له مدخل في النعمة ، فكيف تنسب
شكري إلى نفسك ، لان نسبة الفعلين إلى الفاعلين واحدة فأنت أيضا لم تشكرني
فلم نسبت الشكر إلى نفسك ، ونفيت الفعل عن غيرك ، وهذا معنى لطيف لم أرمن
تفطن به ، وإن كان بعيدا في الجملة ، والوجه الاول أيضا وجه ظاهر ، وكأن آخر
الخبر يؤيده ، وإن احتمل وجوها كما لايخفى
36 - كا : عن العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن حسن بن جهم
[ 40 ]
عن أبي اليقظان ، عن عبيدالله بن الوليد قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول :
ثلاث
لايضر معهن شئ : الدعاء عند الكرب ، والاستغفار عن الذنب ، والشكر عند النعمة ( 1 )
بيان : " لايضر معهن " لان الدعاء يدفع الكرب والاستغفار يمحو الذنوب
والشكر يوجب عدم زوال النعمة ، ويؤمن من كونها استدراجا وبالا في الاخرة
27 - كا : عن العدة ، عن سهل ، عن يحيى بن المبارك ، عن ابن جبلة ، عن
معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من اعطي الشكر اعطي الزيادة ،
يقول :
الله عزوجل : " لئن شكرتم لازيد نكم " ( 2 )
28 - كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان ، عن
إسحاق بن عمار ، عن رجلين من أصحابنا سمعاه عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ما
أنعم الله على عبد من نعمة فعرفها بقلبه وحمدالله ظاهرا بلسانه فتم كلامه حتى يؤمر
له بالمزيد ( 3 )
بيان : " فعرفها بقلبه " أي عرف قدر النعمة وعظمتها وأنها من الله تعالى
لانه مسبب الاسباب ، وفيه إشعار بأن الشكر الموجب للمزيد هوالقلبي مع اللساني
29 - كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن بعض أصحابنا ، عن محمدبن هشام ، عن
ميسر ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : شكر النعمة اجتناب المحارم ، وتمام الشكر
قول
الرجل : الحمدلله رب العالمين ( 4 )
بيان : يدل على أن اجتناب المحارم من أعظم الشكر الاركاني وأن الحمد
لله رب العالمين فرد كامل من الشكر لانه يستفاد منه اختصاص جميع المحامد بالله
سبحانه ، فيدل على أنه المولى بجميع النعم الظاهرة والباطنة ، وأنه رب لجميع
ماسواه ، وخالق ومرب لها ، وأنه لاشريك له في الخالقية والمعبودية والرازقية
وقوله : " تمام الشكر " المراد به الشكر التام الكامل ، وهومتمم لاجتناب المحارم
ومكمل له
30 - كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن علي بن عقبة ، عن
* ( الهامش ) * ( 1 - 4 ) الكافى ج 2 ص 95
[ 41 ]
عمربن يزيد قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : شكر كل نعمة وإن عظمت أن
تحمدالله عزوجل عليها ( 1 )
بيان : يدل على أن الشكر يتحقق بالحمد اللساني ولاينافي كون كماله
بانضمام شكر الجنان والاركان
31 - لى : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن ابن أبي الخطاب عن محمدبن سنان
عن عماربن مرو ان ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال : إن الله
عزوجل
أنعم على قوم بالمواهب فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا ، وابتلى قوما بالمصائب
فصبروا فصارت عليهم نعمة ( 2 )
32 - لى : قال النبي صلى الله عليه وآله : من يشكر الله يزده الله ( 3 )
33 - لى : ابن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن
محمدبن علي بن أبي عمير ، عن منصور بن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله
الصادق عليه السلام قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يسير مع بعض أصحابه في
بعض طرق المدينة
إذثنى رجله عن دابته ثم خرسا ساجدا فأطال في سجوده ثم رفع رأسه فعاد ثم ركب
فقال له أصحابه : يارسول الله رأيناك ثنيت رجلك عن دابتك ثم سجدت فأطلت السجود
فقال : إن جبرئيل عليه السلام أتاني فأقرأني السلام من ربى وبشرني أنه لن يخزيني في
امتي ، فلم يكن لي مال فأتصدق به ، ولامملوك فاعتقه ، فأحببت أن أشكر ربي
عزوجل ( 4 )
34 - ب : هارون ، عن ابن صدقة ، عن الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : الطاعم
الشاكرله من الاجر مثل أجر الصائم المحتسب ، والمعافى الشاكر له من الاجر كأجر
المبتلى الصابر ، والغني الشاكر له من الاجر كأجر المحروم القانع ( 5 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 95
( 2 ) أمالى الصادق ص 182
( 3 ) أمالى الصدوق ص 293
( 4 ) أمالى الصدوق ص 304
( 5 ) قرب الاسناد ص 50
[ 42 ]
مشكوة الانوار : من المحاسن مرسلا مثله ( 1 )
كتاب الامامة والتبصرة : عن القاسم بن علي العلوي عن محمدبن أبي عبدالله
عن سهل بن زياد ، عن النوفلي ، عن السكوني عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن
آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله مثله إلاأن فيه مكان
الغني المعطي
35 - ب : ابن أبي الخطاب ، عن البزنطي ، عن أبي جميلة قال : قال أبو -
عبدالله عليه السلام : من لم ينكر الجفوة لم يشكر النعمة
36 - فس : قال أبوعبدالله عليه السلام : أيما عبد أنعم الله عليه بنعمة فعرفها
بقلبه
وحمدالله عليها بلسانه لم تنفد حتى يأمر الله له بالزيادة ، وهوقوله " لئن شكرتم
لازيدنكم " ( 2 )
مشكوة الانوار : من المحاسن مرسلا مثله ( 3 )
37 - ل : ماجيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن علي بن حسان ، عمن
ذكره عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من احتمل الجفاء لم يشكر النعمة ( 4 )
38 - ل : العطار ، عن أبيه ، عن الاشعري ، عن السياري ، عن ابن أسباط
رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : من لم تغضبه الجفوة لم يشكر النعمة ( 5 )
39 - ل : عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : شكر كل نعمة الورع عماحرم
الله ( 6 )
40 - ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن عطية
عن عمربن يزيد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول : شكر كل نعمة وإن
* ( الهامش ) * ( 1 ) مشكاة الانوار ص 27
( 2 ) تفسير القمى ص 344 ، والاية في سورة ابراهيم : 7
( 3 ) مشكاة الانوار ص 29
( 4 - 5 ) الخصال ج 1 ص 9
( 6 ) الخصال ج 1 ص 11
[ 43 ]
عظمت أن تحمدالله عزوجل ( 1 )
41 - ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن عبدالرحمن بن حماد ، عن عمر
ابن مصعب ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : العبد بين ثلاثة : بلاء
وقضاء
ونعمة : فعليه في البلاء من الله الصبر فريضة ، وعليه في القضاء من الله التسليم
فريضة
وعليه في النعمة من الله عزوجل الشكر فريضة ( 2 )
سن : عبدالرحمن بن حماد مثله ( 3 )
42 - يد ، ل : الفامي وابن مسرور ، عن ابن بطة ، عن البرقي ، عن أبيه
عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رجل
لامير المؤمنين عليه السلام : بماذا شكرت نعماءربك ؟ قال : نظرت إلى بلاء قد صرفه
عني وأبلا به غيري ، فعلمت أنه قد أنعم علي فشكرته الخبر ( 4 )
43 - ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية
ابن عمار ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : يامعاوية من اعطي ثلاثة لم يحرم
ثلاثة
من اعطي الدعاء اعطي الاجابة ، ومن اعطي الشكر اعطي الزيادة ، ومن اعطي
التوكل اعطي الكفاية ، فان الله عزوجل يقول في كتابه : " ومن يتوكل على
الله فهو حسبه " ( 5 ) ويقول : لئن شكرتم لازيدنكم " ( 6 ) ويقول : " ادعوني
أستجب لكم " ( 7 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) الخصال ج 1 ص 13
( 2 ) الخصال ج 1 ص 43
( 3 ) المحاسن ص 6
( 4 ) الخصال ج 1 ص 18
( 5 ) الطلاق : 3
( 6 ) ابراهيم : 7
( 7 ) الخصال ج 1 ص 5 ، والاية الاخيرة في المؤمن 60
[ 44 ]
سن : معاوية بن وهب عنه عليه السلام مثله ( 1 )
44 - مع ( 2 ) ل : الحسن بن عبدالله العسكري ، عن بدر بن الهيثم ، عن
علي بن منذر ، عن محمدبن الفضل ، عن أبي الصباح قال : قال جعفربن محمد عليهما
السلام :
من اعطي أربعا لم يحرم أربعا : ، من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة ، ومن اعطي
الاستغفار لم يحرم التوبة ، ومن اعطي الشكر لم يحرم الزيادة ، ومن اعطي الصبر
لم يحرم الاجر ( 3 )
أقول : قد مضى في باب جوامع المكارم وفي باب صفات خيار العباد
45 - ل : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن السياري رفعه
إلى الثمالي ، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : من قال : الحمدلله فقد أدى شكر
كل نعمة لله عزوجل عليه الخبر ( 4 )
46 - ل : عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : شكر المنعم يزيد في الرزق ( 5 )
47 - ن : الدقاق والسناني والمكتب جميعا ، عن الاسدي ، عن سهل ، عن
عبدالعظيم الحسني ، عن محمود بن أبي البلاد ، عن الرضا عليه السلام قال : من لم
يشكر
المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عزوجل ( 6 )
48 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين
عليهم السلام قال : أخذ الناس ثلاثة من ثلاثة : أخذوا الصبر عن أيوب ، والشكر عن
نوح ، والحسد عن بني يعقوب ( 7 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) المحاسن ص 3
( 2 ) معانى الاخبار ص 323
( 3 ) الخصال ج 1 ص 94
( 4 ) الخصال ج 1 ص 144
( 5 ) الخصال ج 2 ص 94
( 6 ) عيون أخبار الرضا " ع " ج 2 ص 24
( 7 ) عيون أخبار الرضا " ع " ج 2 ص 45
[ 45 ]
49 - ن : بهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أنعم الله
عزوجل
عليه نعمة فليحمد الله ومن استبطأ الرزق فليستغفر الله ، ومن حزبه ( 1 ) أمر فليقل
لاحول ولاقوة إلا بالله ( 2 )
50 - ن : بهذا الاسناد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قال الله تبارك
وتعالى :
ياابن آدم لايغرنك ذنب الناس عن نفسك ، ولانعمة الناس عن نعمة الله عليك
ولاتقنط الناس من رحمة الله وأنت ترجوها لنفسك ( 3 )
51 - ن : الدقاق ، عن الصوفي ، عن الروياني ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن
أبي جعفر الثاني ، عن آبائه عليهم السلام قال : دعا سلمان أباذر رحمة الله عليهما
إلى منزله
فقدم إليه رغيفين فأخذ أبوذر الرغيفين فقلبهما فقال سلمان : ياأباذر لاي شئ
تقلب هذين الرغيفين ؟ قال : خفت ألا يكونا نضيجين ، فغضب سلمان من ذلك
غضبا شديدا ثم قال : ماأجرأك حيث تقلب الرغيفين ، فوالله لقد عمل في هذا الخبز
الماء الذي تحت العرش ، وعملت فيه الملائكة حتى ألقوه إلى الريح ، وعملت
فيه الريح حتى ألقاه إلى السحاب ، وعمل فيه السحاب حتى أمطره إلى الارض
وعمل فيه الرعد والملائكة حتى وضعوه مواضعه ، وعملت فيه الارض والخشب
والحديد والبهائم والنار والحطب والملح ومالااحصيه أكثر ، فكيف لك أن تقوم
بهذا الشكر ؟ فقال أبوذر : إلى الله أتوب وأستغفر الله مماأحدثت ، وإليك أعتذر
مماكرهت
قال : ودعا سلمان أباذر رحمة الله عليهما ذات يوم إلى ضيافة فقدم إليه
من جرابه كسرا يابسة وبلها من ركوته ، فقال أبوذر : ماأطيب هذا الخبز لو
* ( الهامش ) * ( 1 ) يقال : حزبه الامر حزبا : أصابه واشتد عليه أو ضغطه فجاءة وفى
الحديث :
كان اذا حزبه أمر صلى أى اذا نزل به مهم وأصابه غم ، ومنه في حديث الدعاء اللهم أنت
عدتى ان حزبت ، وكثيرا تصحف الكلمة كمافى المصدر بلفظ حزنه ، فلاتغفل
( 2 ) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 46
( 3 ) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 29
[ 46 ]
كان معه ملح ، فقام سلمان وخرج فرهن ركوته بملح وحمله إليه فجعل أبوذر
يأكل ذلك الخبز ويذر عليه ذلك الملح ، ويقول : الحمدلله الذي رزقنا هذه القناعة
فقال سلمان : لوكانت قناعة لم تكن ركوتي مرهونة ( 1 )
52 - ن : البيهقي ، عن الصولي ، عن أبي ذكوان ، عن إبراهيم بن العباس
قال : كان الرضا عليه السلام ينشد كثيرا :
إذاكنت في خير فلا تغترر به ولكن قل اللهم سلم وتمم ( 2 )
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 46 سطر 7 الى ص 54 سطر 7
53 - ما : المفيد ، عن الحسن بن حمزة العلوي ، عن ابن البرقي ، عن أبيه
عن جده ، عن الحسن بن فضال ، عن الحسن بن الجهم ، عن أبي اليقظان ، عن
عبيد الله بن الوليد الرصافي قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام جعفربن محمد عليهما
السلام يقول :
ثلاث لايضر معهن شئ : الدعاء عند الكربات ، والاستغفار عند الذنب ، والشكر
عند النعمة ( 3 )
54 - ما : المفيد ، عن أحمد بن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن
عيسى ، عن محمدبن مروان ، عن محمدبن عجلان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : طوبى
لمن لم يبدل نعمة الله كفرا ، طوبى للمتحابين في الله ( 4 )
55 - ما : بهذا الاسناد ، عن الصفار ، عن القاشاني ، عن الاصبهاني ، عن
المنقري ، عن ابن عيينة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : مامن عبد إلا ولله عليه
حجة
إما في ذنب اقترفه وإما في نعمة قصر عن شكرها ( 5 )
56 - ما : المفيد ، عن عمربن محمد الصيرفي ، عن علي بن مهرويه ، عن داود
ابن سليمان ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال :
* ( الهامش ) * ( 1 ) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 52
( 2 ) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 2 ص 178
( 3 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 207
( 4 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 21
( 5 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 215
[ 47 ]
كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أتاه أمر يسره قال : الحمدلله الذي بنعمته
تتم الصالحات
وإذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمدلله على كل حال ( 1 )
57 - ما : المفيد ، عن ابن قولويه ، عن محمدبن همام ، عن حميدبن زياد
عن إبراهيم بن عبيدالله ، عن الربيع بن سليمان ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من رد عن عرض أخيه المسلم
كتب له الجنة
البتة ، ومن اتي إليه معروف فليكافئ ، فان عجز فليثن به ، فان لم يفعل فقد كفر
النعمة ( 2 )
58 - ما : المفيد ، عن أحمدبن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن
عيسى ، عن ابن محبوب ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أحسنوا
جوارالنعم ، واحذروا أن ينتقل عنكم إلى غيركم ، أما إنها لم ينتقل عن أحد قط
فكادت أن ترجع إليه ، قا ل : وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : قل ماأدبرشي ء
فأقبل ( 3 )
59 - ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، عن أبي الحسن الثالث
عن آبائه ، عن أمير المؤمنين صلوات الله عليهم قال : خمس تذهب ضياعا : سراج تعده
في شمس : الدهن يذهب والضوء لاينتفع به ، ومطرجود على أرض سبخة : المطر
يضيع والارض لاينتفع بها ، وطعام يحكمه طابخه يقدم إلى شبعان فلا ينتفع به
وامرأة حسناء تزف إلى عنين فلا ينتفع بها ، ومعروف تصطنعه إلى من لايشكره ( 4 )
60 - ما : بالاسناد إلى أبي قتادة ، عن داود بن سرحان قال : كنا عند
أبي عبدالله عليه السلام إذدخل عليه سديد الصيرفي فسلم وجلس فقال له : ياسدير ماكثر
مال رجل قط إلا عظمت الحجة لله عليه ، فان قدرتم تدفعونها على أنفسكم فافعلوا
* ( الهامش ) * ( 1 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 49
( 2 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 238
( 3 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 251
( 4 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 291
[ 48 ]
فقال له : ياابن رسول الله بماذا ؟ قال : بقضاء حوائج إخوانكم من أموالكم ثم قال :
تلقوا النعم ياسدير بحسن مجاورتها ، واشكروا من أنعم عليكم وأنعموا على من
شكركم ، فانكم إذا كنتم كذلك استوجبتم من الله الزيادة ، ومن إخوانكم المناصحة
ثم تلا " لئن شكرتم لازيدنكم " ( 1 )
61 - ما : بالاسناد إلى أبي قتادة ، عن صفوان الجمال قال : دخل معلى
ابن خنيس على أبي عبدالله عليه السلام ليودعه وقد أراد سفرا فلما ودعه قال : يامعلى
اعتزز بالله يعززك قال : بماذا ياابن رسول الله ؟ قال : يامعلى خف الله يخف منك
كل شئ يامعلى تحبب إلى إخوانك بصلتهم فان الله جعل العطاء محبة والمنع
مبغضة فأنتم والله إن تسألوني اعطكم أحب إلى من أن لاتسألوني فلا اعطيكم
فتبغضوني ، ومهما أجرى الله عزوجل لكم من شئ على يدي فالمحمود الله تعالى
ولاتبعدون من شكر ماأجرى الله لكم على يدي ( 2 )
62 - ما : ابن حمويه ، عن محمدبن محمد بن بكر ، عن الفضل بن حباب ، عن
سلام ، عن أبي هلال ، عن بكربن عبدالله قال : إن عمربن الخطاب دخل على
النبي صلى الله عليه وآله وهوموقود أوقال محموم ، فقال له عمر : يارسول الله ماأشد
وعكك
أوحماك ؟ فقال : مامنعني ذلك أن قرأت الليلة ثلاثين سورة فيهن السبع الطول
فقال عمر : يارسول الله غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وماتأخر ، وأنت تجتهد هذا
الاجتهاد ؟ فقال : ياعمر أفلاأكون عبدا شكورا ( 3 )
63 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن محمدبن جعفر بن هشام ، عن محمدبن
إسماعيل بن علية ، عن وهب بن حريز ، عن أبيه ، عن الفضيل بن يسار ، عن
أبي جعفر محمدبن علي عليه السلام قال : من اعطي الدعاء لم يحرم الاجابة ، ومن اعطي
الشكر لم يمنع الزيادة ، وتلا أبوجعفر عليه السلام " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم
* ( الهامش ) * ( 1 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 309 1 ( 2 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 310
( 3 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 18
[ 49 ]
لازيدنكم " ( 1 )
64 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن علي بن إسماعيل بن يونس ، عن
إبراهيم بن جابر ، عن عبدالرحيم الكرخي ، عن هشام بن حسان ، عن همام بن
عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من لم يعلم
فضل نعم الله
عزوجل عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قصر علمه ودنا عذابه ( 2 )
65 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عبدالله بن أبي داود ، عن إبراهيم
ابن الحسن ، عن ابن زادان ، عن عمربن صبيح ، عن جعفربن محمد عليهما السلام عن آبائه
عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال : أربع للمرء لاعليه : الايمان والشكر فان الله
تعالى
يقول : " مايفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم " ( 3 ) والاستغفار فانه قال : " وما
كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وماكان الله معذبهم وهم يستغفرون " ( 4 ) والدعاء فانه
قال تعالى ( 5 ) : " قل مايعبؤا بكم ربي لو لادعائكم " ( 6 )
66 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أبي بشر حنان بن بشير ، عن خال
أبيه عكرمة بن عامر ، عن محمدبن المفضل ، عن أبيه المفضل بن محمد ، عن مالك بن أعين
الجهني قال : أوصى علي بن الحسين عليهما السلام بعض ولده فقال : يابني اشكر الله
لمن
أنعم عليك ، وانعم على من شكرك ، فانه لازوال للنعمة إذاشكرت ، ولابقاء
لها إذا كفرت ، والشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه الشكربها ، وتلا
يعني علي بن الحسين عليهما السلام قول الله تعالى : " وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم
* ( الهامش ) * ( 1 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 67
( 2 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 105
( 3 ) النساء : 14 7
( 4 ) الانفال : 33
( 5 ) الفرقان : 77
( 6 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 108
[ 50 ]
لازيدنكم " ( 1 ) إلى آخر الاية ( 2 )
67 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن أبي شيبة ، عن إبراهيم بن سليمان
عن أبي حفص الاعشى ، عن زياد بن المنذر ، عن محمدبن علي عليهما السلام عن أبيه ، عن
جده قال : قال علي عليه السلام : حق على من أنعم عليه أن يحسن مكافاة المنعم ، فان
قصر عن ذلك وسعه فعليه أن يحسن الثناء ، فان كل عن ذلك لسانه فعليه معرفة
النعمة ، ومحبة المنعم بها ، فان قصر عن ذلك فليس للنعمة بأهل ( 3 )
68 - ع : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن
الصادق ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ضغطة
القبر للمؤمن كفارة
لماكان منه من تضييع النعم ( 4 )
69 - مع : أبي ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن الدهقان ، عن درست ، عن
ابن اذينة ، عن زرارة قال : سمعت أباجعفر عليه السلام يقول : من صنع مثل ما صنع
إليه ، فانما كافى ، ومن أضعف كان شاكرا ، ومن شكر كان كريما ، ومن علم
أن ماصنع إليه إنما يصنع إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم ، ولم يستزدهم
في مودتهم ، واعلم أن الطالب إليك الحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك ، فأكرم
وجهك عن رده ( 5 )
70 - مع : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن السياري ، عن ابن
بقاح ، عن عبدالسلام رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : كفر بالنعم أن يقول
الرجل :
أكلت كذا وكذا فضرني ( 6 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) ابراهيم : 7
( 2 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 115
( 3 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 115
( 4 ) علل الشرايع ج 1 ص 292
( 5 ) معانى الاخبار ص 141
( 6 ) معانى الاخبار ص 385
[ 51 ]
71 - ع : أبي ، عن سعد ، عن اليقطيني ، عن القاسم ، عن جده ، عن أبي
بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين
عليه السلام : أحسنوا
صحبة النعم قبل فراقها ، فانها تزول وتشهد على صاحبها بما عمل فيها ( 1 )
72 - ثو : أبي ، عن سعد ، عن الفضل بن عامر ، عن موسى بن القاسم ، عن
صفوان بن يحيى ، عن الهيثم بن واقد قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول :
ماأنعم
الله على عبد بنعمة بالغة مابلغت فحمدالله عليها إلا كان حمدالله أفضل من تلك
النعمة
وأعظم وأوزن ( 2 )
73 - ثو : ابن المتوكل ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن ابن معروف
عن موسى بن القاسم ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : الطاعم الشاكر له أجر الصائم المحتسب ، والمعافى الشاكر له مثل أجر المبتلى
الصابر ( 3 )
74 - ثو : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن أحمد بن إسحاق ، عن بكربن
محمد ، عن إسحاق بن عمار قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : ياإسحاق ماأنعم الله
على
عبد نعمة فعرفها بقلبه وجهر بحمدالله عليها ففرغ منها حتى يؤمر له بالمزيد ( 4 )
75 - ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي
بصير ، عن أبي عبدالله صاحب السابري ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أوحى الله
تعالى إلى موسى : ياموسى اشكرني حق شكري فقال : يارب كيف أشكرك حق
شكرك ؟ ليس من شكر أشكرك به إلا وأنت أنعمت به علي ، فقال : ياموسى
شكرتني حق شكري حين علمت أن ذلك مني
76 - ف : روي أن جمالا حمل أباجعفر الثاني عليه السلام من المدينة إلى الكوفة
فكلمه في صلته وقدكان عليه السلام وصله بأربعمائة دينار ، فقال أبوجعفر : سبحان
* ( الهامش ) * ( 1 ) علل الشرايع ج 1 ص 149
( 2 و 3 ) ثواب الاعمال ص 165
( 4 ) ثواب الاعمال ص 171
[ 52 ]
الله أما علمت أنه لاينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العباد ( 1 )
77 - مص : قال الصادق عليه السلام : في كل نفس من أنفاسك شكر لازم لك ، بل
ألف وأكثر ، وأدنى الشكر رؤية النعمة من الله من غير علة يتعلق القلب بها دون
الله ، والرضا بما أعطاه ، وأن لاتعصيه بنعمته ، وتخالفه بشئ من أمره ونهيه
بسبب نعمته ، وكن لله عبدا شاكرا على كل حال تجدالله ربا كريما على كل حال
ولوكان عندالله عبادة تعبد بها عبادة المخلصين أفضل من الشكر على كل حال
لاطلق لفظه فيهم من جميع الخلق بها ، فلما لم يكن أفضل منها خصها من بين
العبادات وخص أربابها فقال : " وقليل من عبادي الشكور " ( 2 )
وتمام الشكر اعتراف لسان السر خاضعا لله تعالى بالعجز عن بلوغ أدنى
شكره ، لان التوفيق للشكر نعمة حادثة يجب الشكر عليها ، وهي أعظم قدرا
وأعز وجودا من النعمة التي من أجلها وفقت له ، فيلزمك على كل شكر شكر
أعظم منه إلى ما لانهاية له ، مستغرقا في نعمته قاصرا عاجزا عن درك غاية شكره
وأنى يلحق العبد شكر نعمة الله ، ومتى يحلق صنيعه بصنيعه ، والعبد ضعيف لا
قوة له أبدا إلا بالله ، والله غني عن طاعة العبد ، قوي على مزيد النعم على الابد
فكن لله عبدا شاكرا على هذا الاصل ترى العجب ( 3 )
78 - شى : عن أبي عمر والزبيري ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الكفر في
كتاب الله على خمسة أوجه : فمنها كفر النعم ، وذلك قول الله يحكي قول سليمان :
" هذا من فضل ربي ليبلونئ أشكرأم أكفر " ( 4 ) الاية وقال الله : " لئن شكرتم
لازيدنكم " ( 5 ) وقال : " فاذكروني أذكركم واشكروالي ولاتكفرون " ( 6 )
* ( آلهامش ) * ( 1 ) تحف العقول 457 في ط
( 2 ) سبأ : 13
( 3 ) مصباح الشريعة ص 6
( 4 ) النمل : 40
( 5 ) ابراهيم : 7
( 6 ) تفسير العياشى ج 1 ص 67 ، والاية الاخيرة في البقرة 152
[ 53 ]
79 - شى : عن إبراهيم بن عمر ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه السلام
في قول الله : " وذكرهم بأيام الله " ( 1 ) قال : بآلاء الله يعني نعمه ( 2 )
80 - شى : عن أبي عمر المديني قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : أيما
عبد أنعم الله عليه فعرفها بقلبه - وفي رواية اخرى فأقر بها بقلبه - وحمدالله عليها
بلسانه ، لم ينفد كلامه حتى يأمر الله له بالزيادة وفي رواية أبي إسحاق المدائني
حتى يأذن الله له بالزيادة وهوقوله : " لئن شكرتم لازيدنكم " ( 3 )
81 - شى : عن أبي ولاد قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : أرأيت هذه النعمة
الظاهرة علينا من الله أليس إن شكرناه عليها وحمدناه زادنا ، كما قال الله في كتابه
:
" لئن شكرتم لازيدنكم " ؟ فقال : نعم من حمدالله على نعمه وشكره وعلم أن
ذلك منه لامن غيره ( 4 )
82 - محص : عن أبي عبدالله عليه السلام قيل له : من أكرم الخلق على الله ؟ قال :
من إذا اعطي شكر ، وإذا ابتلي صبر
83 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن عبدالله بن محمد بن عبيدبن ياسين ، عن
أبي الحسن الثالث ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام :
ماأنعم الله على
عبد نعمة فشكرها بقلبه إلا استوجب المزيد فيها قبل أن يظهر شكرها على
لسانه ( 5 )
84 - الدرة الباهرة : قال الجواد عليه السلام : نعمة لاتشكر كسيئة لاتغفر
85 - نهج : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إذا وصلت إليكم أطراف النعم ، فلا
تنفروا أقصاها بقلة الشكر ، وقال عليه السلام : إن لله تبارك وتعالى في كل نعمة
حقا فمن أداه زاده منها ، ومن قصر عنه خاطربزوال نعمته ( 6 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) ابراهيم : 5
( 2 - 4 ) تفسير العياشى ج 2 ص 222
( 5 ) أمالى الطوسى ج 2 ص 192
( 6 ) نهج البلاغة ج 2 ص 145
[ 54 ]
وقال عليه السلام : احذروا نفار النعم فماكل شارد بمردود ( 1 )
وقال عليه السلام : ماكان الله ليفتح على عبد باب الشكر ويغلق عنه باب
الزيادة ، ولاليفتح على عبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الاجابة ، ولاليفتح على
عبدباب التوبة ويغلق عنه باب المغفرة ( 2 )
86 - مشكوة الانوار : عن علابن الكامل قال : قلت لابي الحسن عليه السلام :
أتاني الله بامور لاأحتسبها لاأدري كيف وجوهها ؟ قال : أولاتعلم أن هذا من
الشكر
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 54 سطر 8 الى ص 62 سطر 8
وفي رواية قال لي : لاتستصغر الحمد ( 3 )
وعن سعدان بن يزيد قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إني أرى من هو شديد
الحال مضيقا عليه العيش ، وأرى نفسي في سعة من هذه الدنيا لاأمد يدي إلى
شئ إلا رأيت فيه مااحب وقد أرى من هو أفضل مني قد صرف ذلك عنه ، فقد
خشيت أن يكون ذلك استدراجا من الله لي بخطيئتي ؟ فقال : أما مع الحمد فلا
والله ( 4 )
وعن الباقر عليه السلام قال : لاينقطع ( المزيد من الله حتى ينقطع ) الشكر من
العباد
وعن أبي عبدالله عليه السلام قال : أحسنوا جوارالنعم ، قيل : وماجوار النعم ؟
قال : الشكر لمن أنعم بها وأداء حقوقها
وعنه عليه السلام قال : أحسنوا جوار نعم الله واحذروا أن تنتقل عنكم إلى
غيركم أما إنها لم تنتقل عن أحد قط وكادت أن ترجع إليه ، وكان علي عليه السلام
قال : قل ماأدبر شئ فأقبل
وعن معمربن خلاد قال الرضا عليه السلام : اتقوا الله وعليكم بالتواضع والشكر
* ( آلهامش ) * ( 1 ) نهج البلاغة ج 2 ص 198
( 2 ) نهج البلاغة ج 2 ص 247
( 3 ) مشكاة الانوار ص 27
( 4 ) مشكاة الانوار ص 28
[ 55 ]
والحمد ، إنه كان في بني إسرائيل رجل فأتاه في منامه من قال له : إن لك نصف
عمرك سعة ، فاختر أي النصفين شئت ، فقال : إن لي شريكا فلما أصبح الرجل
قال لزوجته : قد أتاني في هذه الليلة رجل فأخبرني أن نصف عمري لي سعة
فاختر أي النصفين شئت ؟ فقالت له زوجته : اختر النصف الاول فقال : لك ذاك
فأقبلت عليه الدنيا فكان كلما كانت نعمة قالت زوجته : جارك فلان محتاج
فصله ، وتقول : قرابتك فلان فتعطيه ، وكانوا كذلك كلما جاءتهم نعمة أعطوا
وتصدقوا وشكروا ، فلما كان ليلة من الليالي أتاه الرجل فقال : ياهذا إن النصف
قد انقضى فمارأيك ؟ قال : ، لي شريك فلما أصبح قال لزوجته : أتاني الرجل فأعلمني
أن النصف قد انقضى ، فقالت له زوجته : قد أنعم الله علينا فشكرنا ، والله أولى
بالوفاء ، قال : فان لك تمام عمرك ( 1 )
عنه رحمه الله قال أبوعبدالله عليه السلام : ثلاثة لايضر معهن شئ الدعاء عند الكرب
والاستغفار عند الذنب ، والشكر عند النعمة
وعن أبي عبدالله عليه السلام قال : مكتوب في التوراة اشكر من أنعم عليك ، وأنعم
على من شكرك ، فانه لازوال للنعماء إذاشكرت ، ولابقاء لها إذاكفرت ، والشكر
زيادة في النعم ، وأمان من الغير
وعنه عليه السلام قال : من شكر الله على ماافيد فقد استوجب على الله المزيد
ومن أضاع الشكر فقد خاطر بالنعم ، ولم يأمن التغير والنقم
وعنه عليه السلام قال : إني سألت الله عزوجل أن يرزقني مالا فرزقني
وقد خفت أن يكون ذلك من استدراج ؟ فقال : أما - بالله - مع الحمد فلا ( 2 )
وعن الباقر عليه السلام قال : قال الله عزوجل لموسى بن عمران : ياموسى
اشكرني حق شكري ، قال : يارب كيف أشكرك حق شكرك والنعمة منك ، والشكر
* ( الهامش ) * ( 1 ) مشكاة الانوار ص 30
( 2 ) مشكاة الانوار ص 31
[ 56 ]
عليها نعمة منك ؟ فقال الله تبارك وتعالى : إذا عرفت أن ذلك مني فقد شكرتني
حق شكري
وعن الباقري عليه السلام قال : لاينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من
العباد
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال : شكر كل نعمة الورع عن محارم الله ( 1 )
87 - كتاب الامامة والتبصرة : عن هارون بن موسى ، عن محمدبن علي ، عن
محمدبن الحسين ، عن علي بن أسباط ، عن ابن فضال ، عن الصادق عليه السلام عن أبيه
عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال : الشاكر له من الاجر كأجر
المبتلى الصابر
والمعطى الشاكر له من الاجر كأجر المحترف القانع
( 62 )
* ( باب ) *
* ( الصبر واليسر بعد العسر ) *
الايات : البقرة : واستعينوا بالصبر والصلوة ( 2 )
وقال تعالى : ياأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلوة إن الله مع
الصابرين ( 3 )
وقال تعالى : ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الاموال
والانفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله
وإنا إليه راجعون * اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم
المهتدون ( 4 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) مشكاة الانوار : 32
( 2 ) البقرة : 45
( 3 ) البقرة : 153
( 4 ) البقرة : 155 - 157
[ 57 ]
وقال تعالى : والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس ( 1 )
آل عمران : والله يحب الصابرين ( 2 )
وقال : ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ( 3 )
الاعراف : وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بماصبروا ( 4 )
الانفال : واصبروا إن الله مع الصابرين ( 5 )
يونس : واصبر حتى يحكم الله وهوخير الحاكمين ( 6 )
هود : فاصبر إن العاقبة للمتقين ( 7 )
وقال تعالى : واصبر فان الله لايضيع أجر المحسنين ( 8 )
يوسف : فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون ( 9 )
وقال : فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا ( 10 )
وقال : إنه من يتق ويصبر فان الله لايضيع أجر المحسنين ( 11 )
الرعد : والذين صبروا ابتغاء وجه بهم إلى قوله تعالى : سلام عليكم بما
صبرتم فنعم عقبى الدار ( 12 )
ابراهيم : إن في ذلك لايات لكل صبار شكور ( 13 )
وقال : ولنصبرن على ما آذيتمونا ( 14 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) البقرة : 177 ( 2 ) آل عمران : 146
( 3 ) آل عمران : 200 ( 4 ) الاعراف : 137
( 5 ) الانفال : 46 ( 6 ) يونس : 109
( 7 ) هود : 49 ( 8 ) هود : 115
( 9 ) يوسف : 18 ( 10 ) يوسف : 83
( 11 ) يوسف : 90 ( 12 ) الرعد : 22
( 13 ) ابراهيم : 5
( 14 ) ابراهيم : 12
[ 58 ]
النحل : الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ( 1 )
وقال تعالى : ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون ( 2 )
وقال تعالى : وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ولئن صبرتم لهوخير
للصابرين * واصبر وماصبرك إلا بالله ولاتحزن عليهم ولاتك في ضيق مما
يمكرون ( 3 )
الكهف : ستجدني إنشاء الله صابرا ( 4 )
طه : فاصبر على مايقولون ( 5 )
الانبياء : وإسماعيل وإدريس وذاالكفل كل من الصابرين ( 6 )
الحج : والصابرين على ماأصابهم ( 7 )
المؤمنون : إني جزيتهم اليوم بما صبروا إنهم هم الفائزون ( 8 )
الفرقان : أتصبرون وكان ربك بصيرا ( 9 )
وقال تعالى : اولئك يجزون الغرفة بماصبروا ويلقون فيها تحية
وسلاما ( 10 )
القصص : اولئك يؤتون أجرهم مرتين بماصبروا ( 11 )
وقال تعالى : ومايلقاها إلا الصابرون ( 12 )
العنكبوت : نعم أجر العاملين * الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ( 13 )
( 1 ) النحل : 42 ( 2 ) النحل : 96
( 3 ) النحل : 126 و 127 ( 4 ) الكهف : 69
( 5 ) طه : 130 ( 6 ) الانبياء : 85
( 7 ) الحج : 35 ( 8 ) المؤمنون : 111
( 9 ) الفرقان : 20 ( 10 ) الفرقان : 75
( 11 ) القصص : 54
( 12 ) القصص : 80
( 13 ) العنكبوت : 58 و 59
[ 59 ]
الروم : فاصبر إن وعدالله حق ولا يستخفنك الذين لايوقنون ( 1 )
لقمان : واصبر على ماأصابك إن ذلك من عزم الامور ( 2 )
وقال تعالى : إن في ذلك لايات لكل صبار شكور ( 3 )
التنزيل : وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا
يوقنون ( 4 )
سبا : إن في ذلك لايات لكل صبار شكور ( 5 )
يس : فلايحزنك قولهم إنا نعلم مايسرون ومايعلنون ( 6 )
الصافات : ستجدني إنشاء الله من الصابرين ( 7 )
ص : اصبر على مايقولون ( 8 )
وقال تعالى : إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب ( 9 )
الزمر : إنمايوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ( 10 )
المؤمن : فاصبر إن وعدالله حق ( 11 )
الطلاق : سيجعل الله بعد عسر يسرا ( 12 )
المعارج : فاصبر صبرا جميلا ( 13 )
وقال تعالى : إن الانسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا
مسه الخير منوعا ( 14 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) الروم : 60 ( 2 ) لقمان : 17
( 3 ) لقمان : 31
( 4 ) التنزيل : 24 ( 5 ) سبأ : 19
( 6 ) يس : 56 ( 7 ) الصافات : 102
( 8 ) ص : 17 ( 9 ) ص : 44
( 10 ) الزمر : 10 ( 11 ) المؤمن : 77
( 12 ) الطلاق : 7 ( 13 ) المعارج : 5
( 14 ) المعارج : 19 - 21
[ 60 ]
المدثر : ولربك فاصبر ( 1 )
الدهر : وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ( 2 )
وقال : فاصبر لحكم ربك ( 3 )
البلد : وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة ( 4 )
الم نشرح : فان مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا ( 5 )
العصر : وتواصوا بالصبر ( 6 )
1 - كا : عن علي ، عن أبيه ، وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن
محمد الاصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث قال : قال
أبوعبدالله عليه السلام : ياحفص إن من صبر صبر قليلا ، وإن من جزع جزع قليلا
ثم قال : عليك بالصبر في جميع امورك ، فان الله عزوجل بعث محمدا صلى الله عليه وآله
فأمره
بالصبر والرفق ، فقال : " واصبرعلى مايقولون واهجرهم هجرا جميلا * وذرني
والمكذبين اولي النعمة " ( 7 ) وقال تبارك . وتعالى : " ادفع بالتي هي أحسن
( السيئة ) فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * ومايلقاها إلا الذين
صبروا ومايلقاها إلا ذوحظ عظيم " ( 8 )
فصبر صلى الله عليه وآله حتى نالوه بالعظائم ، ورموه بها ، فضاق صدره
فأنزل الله عزوجل عليه " ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد
ربك وكن من الساجدين " ( 9 ) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله عزوجل
* ( الهامش ) * ( 1 ) المدثر : 7 ( 2 ) الدهر : 12
( 3 ) الدهر : 24 ( 4 ) البلد : 17
( 5 ) الانشراح : 5 - 6
( 6 ) العصر : 3
( 7 ) المزمل : 10
( 8 ) فصلت : 35 و 36
( 9 ) الحجر : 97 - 98
[ 61 ]
" قد نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فانهم لايكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله
يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ماكذبوا واوذوا حتى
أتاهم نصرنا " ( 1 )
فألزم النبي صلى الله عليه واله نفسه الصبر فتعدوا فذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه
فقال : قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولاصبر لي على ذكر إلهي فأنزل الله
عزوجل " ولقد خلقنا السموات والارض ومابينهما في ستة أيام ومامسنا من
لغوت * فاصبر على مايقولون " ( 2 ) فصبر في جميع أحواله ثم بشر في عترته
بالائمة ، ووصفوا بالصبر فقال جل ثناؤه : " وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما
صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " ( 3 )
فعند ذلك قال صلى الله عليه وآله : الصبر من الايمان كالرأس من الجسد
فشكر الله عزوجل ذلك له ، فأنزل الله عزوجل " وتمت كلمة ربك الحسنى بما
صبروا ودمرنا ماكان يصنع فرعون وقومه وماكانوا يعرشون " ( 4 ) فقال صلى الله
عليه وآله : إنه بشرى وانتقام ، فأباح الله عزوجل له قتال المشركين فأنزل الله
" اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل
مرصد " ( 5 ) " واقتلوهم حيث ثقفتموهم " ( 6 ) فقتلهم الله على أيدي رسول الله صلى
الله عليه وآله
وأحبائه ، وجعل له ( 7 ) ثواب صبره مع ما ادخر له في الاخرة ، فمن صبر
واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله عينه في أعدائه ، مع مايدخر له في
* ( الهامش ) * ( 1 ) الانعام : 33 و 34
( 2 ) ق : 38
( 3 ) التنزيل : 24
( 4 ) الاعراف : 137
( 5 ) براءة : 5
( 6 ) البقرة : 191
( 7 ) وعجل له خ ل
[ 62 ]
الاخرة : ( 1 )
بيان : " صبر قليلا " نصب " قليلا " إما على المصدرية أو الظرفية أي
صبر صبرا قليلا أوزمانا قليلا وهوزمان العمر أوزمان البلية " في جميع امورك "
فان كل مايصدر عنه من الفعل والترك والعقد ، وكل مايردعليه من المصائب والنوائب
من قبله تعالى أو من قبل غيره ، يحتاج إلى الصبر ، إذلايمكنه تحمل ذلك بدون
جهاده مع النفس والشيطان ، وحبس النفس عليه " واصبر على مايقولون " أي من الخرافات
والشتم والايذاء " واهجرهم هجرا جميلا " بأن تجانبهم وتداريهم ولاتكافيهم ، وتكل
أمرهم إلى الله كماقال : " وذرني والمكذبين " أي دعني وإياهم ، وكل إلي
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 62 سطر 9 الى ص 70 سطر 9
أمرهم فاني اجازيهم في الدنيا والاخرة " اولي النعمة " النعمة بالفتح لين الملمس
أي المتنعمين ذوي الثروة في الدنيا ، وهم صناديد قريش وغيرهم " ادفع " أول
الاية هكذا " ولاتستوي الحسنة ولاالسيئة " أي في الجزاء وحسن العاقبة " ولا "
الثانية مزيدة لتأكيد النفي " ادفع بالتي هي أحسن السيئة " كذا في أكثر نسخ
الكتاب وتفسير علي بن إبراهيم ( 2 ) والسيئة غير مذكورة في المصاحف ، وكأنه
عليه السلام زادها تفسيرا وليست في بعض النسخ وهوأظهر ، وقيل المعنى ادفع السيئة
حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها ، وهي الحسنة على أن المراد بالاحسن
الزائد مطلقا أو بأحسن مايمكن دفعها به من الحسنات ، وإنما اخرج مخرج
الاستيناف ، على أنه جواب من قال كيف أصنع للمبالغة ولذلك وضع أحسن موضع
الحسنة كذا ذكره البيضاوي
وقيل : اسم التفضيل مجرد عن معناه أو أصل الفعل معتبر في المفضل عليه
على سبيل الفرض أو المعنى ادفع السيئة بالحسنة التي هي أحسن من العفو أو
المكافات ، وتلك الحسنة هي الاحسان في مقابل الاساءة ومعنى التفضيل حينئذ بحاله
لان كلا من العفو والمكافات أيضا حسنة إلا أن الاحسان أحسن منهما ، وهذا قريب
* ( آلهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 88
( 2 ) تفسير القمى ص 184
[ 63 ]
مماذكره الزمخشري من أن " لا " غير مزيدة ، والمعنى أن الحسنة والسيئة
متفاوتتان في أنفسهما ، فخذ بالحسنة التي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته
" فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " أي إذا فعلت ذلك صار عدوك
المشاق مثل الولي الشفيق " ومايلقيها " أي مايلقى هذه السجية وهي مقابلة
الاساءة بالاحسان " إلا الذين صبروا " فانها تحبس النفس عن الانتقام " ومايلقيها
إلا ذوحظ عظيم " من الخير وكمال النفس ، وقيل : الحظ العظيم الجنة ، يقال :
لقاه الشئ أي ألقاه إليه
" حتى نالوه بالعظائم " يعني نسبوه إلى الكذب والجنون والسحر وغير
ذلك وافتروا عليه " أنك يضيق صدرك " كناية عن الغم " بمايقولون " من الشرك
أو الطعن فيك وفي القرآن والاستهزاء بك وبه " فسبح بحمد ربك " أي فنزه
ربك عما يقولون ممالايليق به متلبسأ بحمده في توفيقك له ، أو فانزع إلى الله
فيما نالك من الغم بالتسبيح والتحميد ، فانهما يكشفان الغم عنك " وكن من
الساجدين " للشكر في توفيقك أورفع غمك أوكن من المصلين ، فان في الصلاة
قطع العلايق عن الغير
" إنه ليحزنك الذي يقولون " الضمير للشأن أي ما يقولون إنك شاعر أو
مجنون أو أشباه ذلك " فانهم لايكذبونك " قال الطبرسي رحمه الله : اختلف في
معناه على وجوه :
أحدها أن معناه لايكذبونك بقلوبهم اعتقادا ، وإن كانوا يظهرون بأفواههم
التكذيب عنادا ، وهوقول أكثر المفسرين ، ويؤيده ماروي أن رسول الله
صلى الله عليه وآله لقي أبا جهل فصافحه أبوجهل فقيل له في ذلك فقال : والله إني
لاعلم أنه صادق ، ولكنا متى كنا تبعا لعبد مناف ؟ فأنزل الله هذه الآية
وثانيها أن المعنى لايكذبونك بحجة ولايتمكنون من إبطال ماجئت به
ببرهان ، ويدل عليه ماروي عن علي عليه السلام أنه كان يقرء " لايكذبونك " ويقول :
إن المراد بها أنهم لايأتون بحق هو أحق من حقك
[ 64 ]
وثالثها أن المراد لا يصادفونك كاذبا ، تقول العرب : قاتلناكم فما أجبناكم
أي ما أصبناكم جبناء ، ولايختص هذا الوجه بالقراءة بالتخفيف لان أفعلت
وفعلت يجوزان في هذا الموضع إلا أن التخفيف أشبه بهذا الوجه
ورابعها أن المراد لاينسبونك إلى الكذب فيما أتيت به ، لانك كنت عندهم
أمينا صادقا وإنما يدفعون ماأتيت به ويقصدون التكذيب بآيات الله ، ويقوي
هذا الوجه قوله : " ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون " وقوله : " وكذب به
قومك وهوالحق " ( 1 ) ولم يقل وكذبك قومك ، وماروي أن أباجهل قال
للنبي صلى الله عليه وآله ما نتهمك ولانكذبك ، ولكنا نتهم الذي جئت به ونكذبه
وخامسها أن المراد أنهم لايكذبونك بل يكذبونني فان تكذيبك راجع
إلي ولست مختصا به ، لانك رسولي فمن رد عليك فقد رد علي وذلك تسلية
منه تعالى للنبي صلى الله عليه وآله ( 2 )
" ولكن الظالمين بآيات الله " أي بالقرآن والمعجزات " يجحدون " بغير
حجة سفها وجهلا وعنادا ، ودخلت الباء لتضمين معنى التكذيب ، قال أبوعلي :
الباء تتعلق بالظالمين
ثم زاد في تسلية النبي صلى الله عليه وآله بقوله : " ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا
ماكذبوا واوذوا " أي صبروا على مانالهم منهم من التكذيب والازى في أداء
الرسالة " حتى أتاهم نصرنا " إياهم على المكذبين وهذا أمر منه تعالى لنبيه بالصبر
على أذى كفار قومه إلى أن يأتيه النصر كما صبرت الانبياء ، وبعده " ولامبدل
لكلمات الله " أي لايقدر أحد على تكذيب خبر الله على الحقيقة ، ولاعلى إخلاف
وعده " ولقد جاءك من نبأ المرسلين " أي خبرهم في القرآن كيف أنجيناهم
ونصرناهم على قومهم
قوله عليه السلام : " فذكروا الله " أي نسبوا إليه ما لايليق بجنابه " ولقد
* ( الهامش ) * ( 1 ) الانعام : 66
( 2 ) مجمع البيان ج 4 ص 294
[ 65 ]
خلقنا السموات " قيل : هذه إشارة إلى حسن التأني ، وترك التعجيل في الامور
وتمهيد للامر بالصبر
وأقول : يحتمل أن يكون توطئة للصبر على وجه آخر ، وهوبيان عظم
قدره ، وأنه قادر على الانتقام منهم " ومامسنا من لغوب " أي من تعب وإعياء
وهو رد لما زعمت اليهود من أنه تعالى بدأ خلق العالم يوم الاحد ، وفرغ منه
يوم الجمعة ، واستراح يوم السبت ، واستلقى على العرش " فاصبر على مايقولون "
أي مايقول المشركون من إنكارهم البعث ، فان من قدر على خلق العالم بلاإعياء
قدر على بعثهم والانتقام منهم ، أوما يقول اليهود من الكفر والتشبيه
قوله عليه السلام : " ثم بشر " على بناء المجهول ، وقبل الاية في سورة
التنزيل هكذا " ولقد آتينا موسى الكتاب فلاتكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى
لنبي إسرائيل * وجعلنا منهم أئمة " وفي أكثر نسخ الكتاب " وجعلناهم " وكأنه
تصحيف ، وفي بعضها " وجعلنا منهم " كمافي المصاحف
ثم إنه يرد أن الظاهر من سياق الآية رجوع ضمير منهم إلى بني إسرائيل
فكيف تكون بشارة للنبي صلى الله عليه وآله وإيتائه القرآن في عترته ؟ وكيف وصفوا
بالصبر ؟
والجواب ماعرفت أن ذكر القصص في القرآن لانذار هذه الامة وتبشيرهم ، مع
أنه قد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إنه يقع في هذه الامة ماوقع في بني
إسرائيل
حذوالنعل بالنعل ، فذكر قصة موسى وإيتائه الكتاب وجعل الائمة من بني إسرائيل
أي هارون وأولاده ذكر نظير لبعثة النبي صلى الله عليه وآله وإيتائه القرآن ، وجعل
الائمة
من أخيه ، وابن عمه وأولاده ، كما قال صلى الله عليه وآله : أنت مني بمنزلة
هارون من موسى
وقد يقال : إن قوله : " فلاتكن في مرية من لقائه " المراد به لاتكن في
تعجب من سقوط الكتاب بعدك ، وعدم عمل الامة به فانا نجعل بعدك امة يهدون
بالكتاب كما جعلنا في بني إسرائيل امة يهدون بالتوراة والمفسرون ذكروا فيه
وجوها : الاول أن المعني لاتكن في شك من لقائك موسى ليلة الاسرى ، الثاني
[ 66 ]
من لقاء موسى الكتاب ، الثالث من لقائك الكتاب ، الرابع من لقائك الاذى كما
لقي موسى الاذى
" وجعلناه " أي موسى عليه السلام أو المنزل عليه " يهدون " أي الناس إلى مافيه
من الحكم والاحكام " بأمرنا " إياهم أو بتوفيقنا لهم " لماصبروا " أي لصبرهم
على الطاعة أو على أذى القوم أوعن الدنيا وملاذها كما قيل : " وكانوا بآياتنا
يوقنون " لايشكون في شئ منها ، ويعرفونها حق المعرفة " فشكر الله ذلك له " إشارة
إلى الصبر على جميع الاحوال أو ذلك القول الدال على الرضا بالصبر ، وشكر الله
تعالى لعباده عبارة عن قبول العمل ، ومقابلته بالاحسان ، والجزاء في الدنيا والاخرة
" وتمت كلمت ربك " صدر الاية " وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون "
يعني بني إسرائيل في ظهر الاية ، فان القبط كانوا يستضعفونهم ، فأورثهم الله بأن
مكنهم ، وحكم لهم بالتصرف ، وأباح لهم بعد إهلاك فرعون وقومه " مشارق
الارض ومغاربها " أي أرض الشام شرقها وغربها أو أرض الشام ومصر ، وقيل :
كل الارض ، لان داود وسليمان كانا منهم وملكا الارض " التي باركنا فيها "
باخراج الزرع والثمار وضروب المنافع " وتمت كلمة ربك الحسنى على
بنى إسرائيل "
قال الطبرسي - ره - معناه صح كلام ربك بانجاز الوعد باهلاك عدوهم و
استخلافهم في الارض ، وإنما كان الانجاز تماما للكلام لتمام النعمة به ، وقيل :
إن كلمة الحسنى قوله سبحانه " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الارض "
إلى قوله " يحذرون " ( 1 ) وقال : " الحسنى " وإن كانت كلمات الله كلها حسنة لانها
وعد بما يحبون ، وقال الحسن أراد وعد الله لهم بالجنة " بماصبروا " على أذى فرعون
وقومه " ودمرنا ماكان يصنع فرعون وقومه " أي أهلكنا ماكانوا يبنون من الابنية
والقصور والديار " وماكانوا يعرشون " من الاشجار والاعناب والثمار ، وقيل
* ( الهامش ) * ( 1 ) القصص : 5 و 6
[ 67 ]
يعرشون يسقفون من القصور والبيوت ( 1 )
" فقال صلى الله عليه وآله إنه بشرى " أي لي ولاصحابي " وانتقام " من أعدائي ووجه
البشارة مامر أن ذكرهذه القصة تسلية للنبي صلى الله عليه وآله بأني أنصرك على
أعدائك
وأهلكهم وأنصر الائمة من أهل بيتك ، على الفراعنة الذين غلبوا عليهم وظلموهم
في زمن القائم عليه السلام واملكهم جميع الارض فظهر الاية لموسى وبني إسرائيل و
بطنها لمحمد وآل محمد صلى الله عليهم
" اقتلوا المشركين " الاية هكذا " فاذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين
حيث وجدتموهم " قيل أي من حل وحرم " وخذوهم " أي وأسروهم والاخيذ
الاسير " واحصروهم " أي واحبسوهم ، أو حيلوا بينهم وبين المسجد الحرام
" واقعدوا لهم كل مرصد " أي كل ممر لئلا ينتشروا في البلاد ، وانتصابه على الظرف
وقال تعالى في سورة البقرة " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا
إن الله لايحب المعتدين * واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم "
يقال : ثقفه أي صادفه أو أخذه أوظفر به أو أدركه
" فقتلهم الله " أي في غزوة بدر وغيرها " وعجل له الثواب : ثواب صبره "
وفي بعض النسخ " وجعل له ثواب صبره " والاول أظهر وموافق للتفسير ، و
الحاصل أن هذه النصرة وقتل الاعداء كان ثوابا عاجلا على صبره منضما مع
ماادخر له في الاخرة من مزيد الزلفى والكرامة " واحتسب " أي كان غرضه
القربة إلى الله ليكون محسوبا من أعماله الصالحة " حتى يقر الله عينه " أي يسره
في أعدائه بنصره عليهم " مع مايدخر له في الاخرة " من الاجر الجميل والثواب
الجزيل
2 - كا : عن العدة ، عن سهل ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ابن
أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه السلام : قال : الصبر رأس الايمان ( 2 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) مجمع البيان ج 4 ص 470
( 2 ) الكافى ج 2 يص 87
[ 68 ]
بيان : قال المحقق الطوسي قدس سره : الصبر حبس النفس عن الجزع
عند المكروه ، وهويمنع الباطن عن الاضطراب ، واللسان عن الشكاية ، والاعضاء
عن الحركات غير المعتادة انتهى ، وقد مر وسيأتي أن الصبر يكون على البلاء
وعلى فعل الطاعة ، وعلى ترك المعصية ، وعلى سوء أخلاق الخلق ، قال الراغب :
الصبر الامساك في ضيق يقال : صبرت الدابة حبستها بلاعلف ، وصبرت فلانا حلفته
حلفة لاخروج له منها ، والصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل أو الشرع أوعما
يقتضيان حبسها عنه فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه
فان كان حبس النفس لمصيبة سمي صبرا لاغير ويضاده الجزع ، وإن كان في محاربة
سمي شجاعة ويضاده الجبن ، وإن كان في نائبة مضجرة سمي رحب الصدر ويضاده
الضجر ، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتمانا ويضاده الاذاعة ( 1 ) وقدسمى
الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله : " والصابرين في البأساء والضراء
وحين البأس - والصابرين على ما أصابهم - والصابرين والصابرات " ( 2 ) وسمي
الصوم صبرا لكونه كالنوع له ، وقوله : " اصبروا وصابروا " ( 3 ) أي احبسوا
أنفسكم على العبادة ، وجاهدوا أهواءكم ، وقوله عزوجل : " واصطبر لعبادته " ( 4 )
أي تحمل الصبر بجهدك ، وقوله : " اولئك يجزون الغرفة بما صبروا " ( 5 ) أي
بما تحملوه من الصبر في الوصول إلى مرضاة الله ( 6 )
قوله : " رأس الايمان " هو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، ووجه الشبه
ماسيأتي في ر واية علاء بن الفضيل ، ووجهه أن الانسان مادام في تلك النشأة هومورد
* ( الهامش ) * ( 1 ) في المصدر : المذل
( 2 ) البقرة : 177 ، الحج : 35 ، الاحزاب : 35
( 3 ) آل عمران : 200
( 4 ) مريم : 65
( 5 ) الفرقان : 75
( 6 ) المفردات ص 273 و 274
[ 69 ]
للمصائب والافات ، ومحل للحوادث والنوائب والعاهات ، ومبتلى بتحمل الاذى
من بني نوعه في المعاملات ، ومكلف بفعل الطاعات ، وترك المنهيات والمشتهيات
وكل ذلك ثقيل على النفس لاتشتهيها بطبعها ، فلابد من أن تكون فيه قوة ثابتة
وملكة راسخة بها يقتدر على حبس النفس على هذه الامور الشاقة ، ورعاية ما
يوافق الشرع والعقل فيها ، وترك الجزع والانتقام ، وسائر ماينافي الاداب
المستحسنة المرضية عقلا وشرعا ، وهي المسماة بالصبر ، ومن البين أن الايمان
الكامل بل نفس التصديق أيضا يبقى ببقائه ، ويفنى بفنائه ، فلذلك هومن الايمان
بمنزلة الرأس من الجسد
3 - كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن علي بن النعمان ، عن عبدالله
ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سمعت أباعبدالله عليه السلام يقول : إن الحر حر
على جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها ، وإن تداكت عليه المصائب لم تكسره
وإن اسر وقهر واستبدل باليسر عسرا كماكان يوسف الصديق الامين لم يضرر
حريته أن استعبد وقهر واسر ، ولم يضرره ظلمة الجب ووحشته وماناله ، أن
من الله عليه فجعل الجبار العاتي له عبدا بعد إذكان مالكا فأرسله ورحم به امة
وكذلك الصبر يعقب خيرا فاصبروا ووطنوا أنفسكم على الصبر توجروا ( 1 )
ايضاح : الحر ضد العبد ، والمراد هنا من نجا في الدنيا من رق الشهوات
النفسانية واعتق في الاخرة من أغلال العقوبات الربانية ، فهو كالاحرار عزير غني
في جميع الاحوال ، قال الراغب : الحر خلاف العبد ، والحرية ضربان الاول
من لم يجر عليه حكم السبي ، نحو " الحر بالحر " ( 2 ) والثاني من لم يتملكه قواه
الذميمة من الحرص والشره على القنيات الدنيوية ، وإلى العبودية التي تضاد ذلك
أشار النبي صلى الله عليه وآله بقوله : تعسر عبد الدرهم تعسر عبد الدينار ، وقول
الشاعر :
ورق ذوي الاطماع رق مخلد ، وقيل : عبدالشهوة أذل من عبدالرق ( 3 ) انتهى
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 89
( 2 ) البقرة : 178
( 3 ) المفردات ص 111 وفيه تعس بدل تعسر
[ 70 ]
وفي القاموس الحر بالضم خلاف العبد ، وخيار كل شئ والفرس العتيق ومن
الطين والرمل الطيب
" إن نابته نائبة صبرلها " أي إن عرض له حادثة أو نازلة أو مصيبة صبر عليها
أوحمل عليه مال يؤخذ منه أداه ولايذل نفسه بالبخل فيه ، قال في النهاية : في حديث
خيبر قسمها نصفين نصفا لنوائبه ونصفا بين المسلمين ، النوائب جمع النائبة وهي
ماينوب
الانسان أي ينزل به من المهمات والحوادث وقدنابه ينوبه نوبا ومنه الحديث
احتاطوا لاهل الاموال في النائبة والواطئة أي الاضياف الذين ينوبونهم
" وإن تداكت عليه المصائب " أي اجتمعت وازدحمت قال في النهاية : في
حديث علي عليه السلام ثم تداككتم علي تداكك الابل الهيم على حياضها أي ازدحمتم
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 70 سطر 10 الى ص 78 سطر 10
وأصل الدك بالكسر انتهى " لم تكسره " أي لم تعجزه عن الصبر ، ولم تحمله على
الجزع وترك الرضا بقضاء الله تعالى ، " وإن اسر " إن وصلية " واستبدل باليسر
عسرا " عطف على اسر وفي بعض النسخ واستبدل بالعسر يسرا فهو عطف على قوله
" لم تكسره " فيكون غاية للصبر " أن استعبد " على بناء المجهول ، فاعل " لم يضرر "
والمراد بحريته عزه ورفعته وصبره على تلك المصائب ورضاه بقضاء الله ، واختياره
طاعة الله وعدم تذلله للمخلوقين " وماناله " أي من ظلم الاخوان ، وسائر الاحزان
" أن من الله " أي في أن من الله أو بدل اشتمال للمضير في " لم يضرره " أو بتقدير
إلى فالظرف متعلق بلم يضرر في الموضعين على سبيل التنازع
وأقول : يحتمل أن يكون ماناله عطفا على الضمير في " لم يضرره " وأن من
الله بيانا لما بتقدير من أوبدلا منه ، فيحتمل أن يكون فاعل نال يوسف ، وقيل :
اللام
فيه مقدار أي لان من الله فيكون تعليلا لقوله لم يضرر في الموضعين ، أو " ماناله "
مبتدأ و " أن من الله " خبره ، والجملة معطوفة على " لم يضرره " أو يكون الواو
بمعنى " مع " أي لم يضرره ذلك مع ماناله ، وأن من بيان لما ، والعاتي من العتو
بمعنى التجبر والتكبر والتجاوز عن الحد والجبار بائعه في مصر أو العزيز ، فالمراد
بصيرورته عبدا له أنه صار مطيعا له
[ 71 ]
مع أنه قد روى الثعلبي وغيره أن ملك مصر كان ريان بن الوليد ، والعزيز
الذي اشترى يوسف عليه السلام كان وزيره وكان اسمه قطفير ، فلما عبر يوسف رؤيا الملك
عزل قطفير عماكان عليه ، وفوض إلى يوسف أمرمصر وألبسه التاج وأجلسه على
سرير الملك ، وأعطاه خاتمه ، وهلك قطفير في تلك الليالي فزوج الملك يوسف
زليخا امرأة قطفير ، وكان اسمها راعيل ، فولدت له ابنين افرائيم وميشا ، فلما
دخلت السنة الاولى من سني الجدب هلك فيها كل شئ أعدوه في السنين المخصبة ، فجعل
أهل مصر يبتاعون من يوسف الطعام
فباعهم أول سنة بالنقود حتى لم يبق بمصر دينار ولادرهم إلا قبضه ، وباعهم
السنة الثانية بالحلي والجواهر حتى لم يبق في أيدي الناس منها شئ ، وباعهم
السنة الثالثة بالمواشي والدواب ، حتى احتوى عليها أجمع ، وباعهم السنة الرابعة
بالعبيد والاماء حتى لم يبق عند ولاأمة في يد أحد وباعهم السنة الخامسة بالضياع
والعقار والدور حتى احتوى عليها ، وباعهم السنة السادسة بأولادهم حتى استرقهم
وباعهم السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق بمصر حر ولاحرة إلا صار عبدا له ،
ثم استأذن الملك وأعتقهم كلهم ورد أموالهم إليهم ، فظهر أن الله ملكه جميع أهل
مصر وأموالهم عوضا من مملوكيته صلوات الله عليه لهم ، فهذه ثمرة الصبر والطاعة
والمراد بارساله إرساله إلى الخلق بالنبوة وبرحم الامة به نجاتهم عن
العقوبة الابدية بايمانهم به ، أو عن القحط والجوع أوالاعم
" وكذلك الصبر يعقب خيرا " يعقب على بناء الافعال ، قال الراغب : أعقبه
كذا أورثه ذلك قال تعالى " فأعقبهم نفاقا في قلوبهم " ( 1 ) وفلان لم يعقب أي لم
يترك
ولدا انتهى أي كما أن صبر يوسف عليه السلام أعقب خيرا عظيما له كذلك صبر كل أحد
يعقب خيرا له ومن ثم قيل اصبر تظفر ، وقيل :
إني رأيت للايام تجربة ( 2 ) للصبر عاقبة محمودة الاثر
وقل من جد في أمر يطالبه فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
* ( الهامش ) * ( 1 ) براءة : 77 ( 2 ) من الايام ، أحسن وأوفق بالوزن
[ 72 ]
4 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن ابن
بكير ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : الجنة محفوفة بالمكاره و
الصبر ، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنة ، وجهنم محفوفة باللذات و
الشهوات ، فمن أعطى نفسه لذتها وشهواتها دخل النار ( 1 )
بيان : مضمونه متفق عليه بين الخاصة والعامة فقد روى مسلم عن أنس قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حفت الجنة بالمكاره ، وحفت النار بالشهوات ،
وهذا من
بديع الكلام ، وقال الراوندى في ضوء الشهاب يقال حف القوم حول زيد إذا أطافوا
به واستداروا ، وحففته بشئ أي أدرته عليه ، يقال حففت الهودج بالثياب و
يقال إنه مشتق من حفافي الشئ أي جانبيه يقول صلى الله عليه وآله : المكاره مطيفة
محدقة
بالجنة وهي الطاعات ، والشهوات محدقة مستديرة بالنار ، وهي المعاصي ، وهذا مثل
يعني أنك لايمكنك نيل الجنة إلا باحتمال مشاق ومكاره ، وهي فعل الطاعات
والامتناع عن المقبحات ، ولاالتفصي عن النار إلا بترك الشهوات وهي المعاصي
التي تتعلق الشهوة بها ، فكأن الجنة محفوفة بمكاره تحتاج أن تقتطعها بتكلفها
والنار محفوفة بملاذ وشهوات تحتاج أن تتركها
وروي أن الله تعالى لما خلق الجنة قال لجبرئيل عليه السلام انظر إليها فلما
نظر إليها قال : يارب لايتركها أحد إلا دخلها ، فلما حفها بالمكاره قال انظر
إليها فلما نظر إليها قال : يارب أخشى أن لايدخلها أحد ، ولما خلق النار ، قال :
له : انظر إليها فلما نظر إليها قال : يارب لايدخلها أحد ، فلما حفها بالشهوات قال
انظر إليها فلما نظر إليها قال : يارب أخشى أن يدخلها كل أحد
وفائدة الحديث إعلام أن الاعمال المفضية إلى الجنة مكروهة ، قرن الله بها
الكراهة ، وبالعكس منها الاعمال الموصلة إلى النار ، قرن بها الشهوة ليجاهد
الانسان نفسه فيتحمل تلك ويجتنب هذه
5 - كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن مرحوم ، عن
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 89
[ 73 ]
أبي سيار ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن
يمينه
والزكاة عن يساره ، والبر مطل عليه ويتنحى الصبر ناحية فاذادخل عليه
الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبر : دونكم صاحبكم
فان عجزتم عنه فأنادونه ( 1 )
توضيح : البر يطلق على مطلق أعمال الخير ، وعلى مطلق الاحسان إلى
الغير ، وعلى الاحسان إلى الوالدين أوإليهما وإلى ذوي الارحام ، والمراد هنا أحد
المعاني سوى المعنى الاول ، قال الراغب : البر خلاف البحر ، وتصور منه
التوسع فاشتق منه البر أي التوسع في فعل الخير ، وينسب ذلك إلى الله تارة
نحو إنه هوالبر الرحيم ، وإلى العبد تارة فيقال بر العبد ربه أي توسع في
طاعته ، فمن الله تعالى الثواب ومن العبد الطاعة ، وبر الواين التوسع في الاحسان
إليهما ، وضده العقوق
" مطل " بالطاء المهملة من قولهم أطل عليه أي أشرف ، وفي بعض النسخ
بالمعجمة ، وهوقريب المعنى من الاول لكن التعدية بعلى بالاول أنسب " دونكم "
اسم فعل بمعنى خذوا ويدل ظاهرا على تجسم الاعمال والاخلاق في الاخرة
ومن أنكره يأوله وأمثاله بأن الله تعالى يخلق صورا مناسبة للاعمال يريه أياها
لتفريحه أو تحزينه ، أوالكلام مبنى على الاستعارة التمثيلية ، وتنحي الصبر وتمكثه
في إعانته يناسب ذاته فتفطن
6 - كا : علي ، عن أبيه ، عن جعفربن محمد الاشعري ، عن عبدالله بن ميمون
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : دخل أمير المؤمنين عليه السلام المسجد فاذ اهو
برجل على
باب المسجد كئيب حزين ، فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه : مالك ؟ قال :
ياأمير المؤمنين اصبت بأبي وأخي ، وأخشى أن أكون قد وجلت ، فقال له
أمير المؤمنين : عليك بتقوى الله ، والصبر تقدم عليه غدا ، والصبر في الامور بمنزلة
الرأس من الجسد ، فاذا فارق الرأس الجسد فسد الجسد ، وإذا فارق الصبر الامور
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 90
[ 74 ]
فسدت الامور ( 1 )
بيان : " اصبت " على بناء المجهول " بأبي وأخي " أي ماتا " وأخشى أن
أكون قد وجلت " الوجل استشعار الخوف ، وكأن المعنى أخشى أن يكون حزني
بلغ حدا مذموما شرعا فعبر عنه بالوجل أو أخشى أن تنشق مرارتي من شدة الالم
أو أخشى الوجل الذي يوجب الجنون " عليك " اسم فعل بمعنى الزم ، والباء للتقوية
" بتقوى الله " أي في الشكاية والجزع وغيرهما مما يوجب نقص الايمان وكأنه
إشارة إلى قوله تعالى : " وأن تصبروا وتتقوا فان ذلك من عزم الامور " ( 2 )
" تقدم " على بناء المعلوم من باب علم بالجزم جزاء للامر في " عليك " أو بالرفع
استينافا بيانيا وضمير عليه راجع إلى الصبر بتقدير مضاف أي جزائه أو إلى الله أي
ثوابه ، وقيل : إلى كل من الاب والاخ أو إلى الاخ فان فوته جزء أخير للعلة
أو إلى الاب لانه الاصل ، والكل بعيد " غدا " أي في القيامة أو عند الموت أو
سريعا
7 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سماعة
ابن مهران ، عن أبي الحسن عليه السلام قال : قال لي : ما حبسك عن الحج ؟ قال : قلت
:
جعلت فداك وقع على دين كثير ، وذهب مالي وديني الذي قد لزمني هو أعظم
من ذهاب مالي فلولا أن رجلا من أصحابنا أخرجني ماقدرت أن أخرج ، فقال
لي : إن تصبر تغتبط ، وإن لاتصبر ينفذ الله مقاديره راضيا كنت أم كارها ( 3 )
بيان : الاغتباط مطاوع غبطه ، تقول : غبطته أغبطه غبطا وغبطة فاغتبط هو
كمنعته فامتنع ، والغبطة أن تتمنى حال المغبوط لكونها في غاية الحسن من غير أن
تريد زوالها عنه ، وهذا هو الفرق بينها وبين الحسد ، وفي القاموس الغبطة بالكسر
حسن الحال والمسرة ، وقد اغتبط ، وقال : الاغتباط التبجح بالحال الحسنة انتهى
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 90
( 2 ) آل عمران : 186
( 3 ) الكافى ج 2 ص 90
[ 75 ]
والاغتباط إما في الاخرة بجزيل الاجر وحسن الجزاء ، أو في الدنيا أيضا
بتبديل الضراء بالسراء ، فان الصبر مفتاح الفرج وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام
:
أضيق مايكون الحرج أقرب مايكون الفرج ، مع أن الكاره تزداد مصيبته ، فان
فوات الاجر مصيبة اخرى ، والكراهة الموجبة لحزن القلب مصيبة عظيمة ، ومن
ثم قيل : المصيبة للصابر واحدة ، وللجازع اثنتان ، بل له أربع مصيبات الثلاثة
المذكورة ، وشماتة الاعداء ، من ثم قيل : الصبر عند المصيبة مصيبة على الشامت
8 - كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن الاصبغ
قا ل : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : الصبر صبران صبر عند المصيبة حسن جميل
وأحسن من ذلك الصبر عند ماحرم الله عليك ، والذكر ذكران ذكر الله عزوجل
عند المصيبة ، وأفضل من ذلك ذكر الله عند ماحرم عليك فيكون حاجزا ( 1 )
توضيح : صبر خبر مبتدأ محذوف أي أحدهما صبر ، وحسن أيضا خبر مبتدأ
محذوف أي هو حسن ، ويحتمل أن يكون صبر مبتدأ وحسن خبره فتكون الجملة
استينافا بيانيا ، وقوله : " ذكر الله " خبر مبتدأ محذوف ليس إلا " فيكون " أي
الذكر والفاء بيانية " حاجزا " أي مانعا عن فعل الحرام
9 - كا : عن أبي علي ؟ ؟ ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن العباس
ابن عامر ، عن العرزمي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله
عليه وآله : سيأتي
على الناس زمان لاينال الملك فيه إلا بالقتل والتجبر ولاالغنى إلا بالغصب
والبخل ، ولاالمحبة إلا باستخراج الدين واتباع الهوى فمن أدرك ذلك الزمان
فصبر على الفقر وهويقدر على الغنى ، وصبر على البغضة وهويقدر على المحبة
وصبر على الذل وهويقدر على العز ، آتاه الله ثواب خمسين صديقا ممن صدق بي
تبيين : " لاينال الملك فيه " أي السلطنة " إلا بالقتل " لعدم إطاعتهم إمام
الحق فيتسلط عليهم الملوك الجورة ، فيقتلونهم ويتجبرون عليهم ، وذلك من
فساد الزمان وإلا لم يتسلط عليهم هؤلاء " ولاالغنا إلا بالغصب والبخل " وذلك
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 90
[ 76 ]
من فساد الزمان وأهله لانهم لسوء عقائدهم يظنون أن الغنا إنما يحصل بغصب
أموال الناس والبخل في حقوق الله والخلق ، مع أنه لايتوقف على ذلك ، بل الامانة
وأداء الحقوق أدعى إلى الغنا لانه بيدالله أو لانه لفسق أهل الزمان منع الله عنهم
البركات فلايحصل الغنا إلا بهما
" ولاالمحبة " أي جلب محبة الناس " إلا باستخراج الدين " أي طلب
خروج الدين من القلب أو بطلب خروجهم من الدين " واتباع الهوى " أي الاهواء
النفسانية أو أهوائهم الباطلة ، وذلك لان أهل تلك الازمنة لفسادهم لايحبون
أهل الدين والعبادة ، فمن طلب مودتهم لابد من خروجه من الدين ، ومتابعتهم
في الفسوق " وصبر على البغضة " أي بغضة الناس له لعد اتباعه أهواءهم " وصبر
على الذل " كأنه ناظر إلى نيل الملك فالنشر ليس على ترتيب اللف فالمراد بالعز
هنا الملك والاستيلاء ، أو المراد بالملك هناك مطلق العز والرفعة ، ويحتمل أن
تكون الفقرتان الاخيرتان ناظرتين إلى الفقرة الاخيرة ، ولم يتعرض للاولى
لكون الملك عزيز المنال لايتيسر لكل أحد ، والاول أظهر
وفي جامع الاخبار الرواية هكذا وقال أمير المؤمنين عليه السلام : إنه سيكون
زمان لايستقيم لهم الملك إلا بالقتل والجور ، ولايستقيم لهم الغنا إلا بالبخل
ولايستقيم لهم الصحبة في الناس إلا باتباع أهوائهم والاستخراج من الدين ، فمن
أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر وهويقدر على الغنا ، وصبر على الذل وهو
يقدر على العز ، وصبر على بغضة الناس وهو يقدر على المحبة أعطاه الله ثواب
خمسين صديقا
10 - كا : عن العدة ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن إسماعيل بن مهران
عن درست بن أبي منصور ، عن عيسى بن بشير ، عن أبي حمزة قال : قال أبوجعفر
عليه السلام : لما حضرت أبي علي بن الحسين عليهما السلام الوفاة ضمني إلى صدره
وقال : يابنى اوصيك بماأوصاني به أبي حين حضرته الوفاة وبماذكر أن أباه
[ 77 ]
أوصاه يابني اصبر على الحق وإن كان مرا ( 1 )
بيان : " اصبر على الحق " أي على فعل الحق من ارتكاب الطاعات وترك
المنهيات " وإن كان مرا " ثقيلا على الطبع ، لكونه مخالفا للمشتهيات النفسانية
غالبا أوعلى قول الحق وإن كان مرا على الناس ، فالصبر على مايترتب على هذا
القول من بغض الناس وأذيتهم ، أو على سماع الحق الذي القي إليك وإن كان
مرا عليك مكروها لك ، كم واجهك بعيب من عيوبك ، فتصدقه وتقبله أو أطلعك
على خطاء في الاجتهاد أو الرأي فتقبله ويمكن التعميم ليشتمل الجميع
11 - كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه رفعه ، عن أبي جعفر عليه السلام قال
الصبر صبران : صبر على البلاء حسن جميل ، وأفضل الصبرين الورع عن المحارم ( 2 )
12 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال : أخبرني يحيى
ابن سليم الطائفي قال : أخبرني عمروبن شمر اليماني يرفع الحديث إلى علي عليه السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : الصبر ثلاثة : صبر على المصيبة ، وصبر
على الطاعة
وصبر على المعصية ، فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له
ثلاثمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كمابين السماء إلى الارض ، ومن
صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم
الارض إلى العرش ، ومن صبر على المعصية كتب الله له تسعمائة درجة مابين
الدرجة إلى الدرجة كما بين تخوم الارض إلى منتهى العرش ( 3 )
بيان : " حتى يردها " أي المصيبة وشدتها " بحسن عزائها " أي بحسن
الصبر اللائق لتلك المصيبة " ثلاثمائة درجة " أي من درجات الجنة أو درجات
الكمال ، فالتشبيه من تشبيه المعقول بالمحسوس ، وفي الصحاح التخم منتهى كل
قرية أو أرض ، والجمع تخوم كفلس وفلوس انتهى ، ويدل على أن ارتفاع الجنة
أكثر من تخوم الارض إلى العرش ، ولاينافي ذلك كون عرضها كعرض السماء
والارض ، مع أنه قد قيل في الاية وجوه مع بعضها رفع التنافي أظهر
* ( الهامش ) * ( 1 - 3 ) الكافى ج 2 ص 91
[ 78 ]
13 - كا : عن محمد ، عن أحمد ، عن علي بن الحكم ، عن يونس بن يعقوب قال :
أمرني أبوعبدالله عليه السلام أن آتي المفضل واعزيه باسماعيل ، وقال : اقرأ المفضل
السلام وقل له : إنا قد اصبنا باسماعيل فصبرنا ، فاصبر كما صبرنا ، إنا أردنا
أمرا وأراد الله أمرا ، فسلمنا لامر الله عزوجل ( 1 )
توضيح : الظاهر أنه المفضل بن عمر ، ويدل على مدح عظيم له ، وأنه كان
من خواص أصحابه وأحبائه ، وإسماعيل ولده الاكبر الذي كان يظن الناس أنه
الامام بعده عليه السلام فلما مات في حياته علم أنه لم يكن إماما ، وهذا هو المراد
بقوله عليه السلام : " أردنا أمرا " أي إمامته بظاهر الحال أو بشهوة الطبع أو
المراد
إرادة الشيعة كالمفضل وأضرابه ، وأدخل عليه السلام نفسه تغليبا ومماشاة ، ويدل
على لزوم الرضا بقضاء الله والتسليم له ، وقيل : المعنى أردنا طول عمر إسماعيل
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 78 سطر 11 الى ص 86 سطر 11
وأراد الله موته ، وأغرب من ذلك أنه قال : عزى المفضل بابن له مات في ذلك الوقت
بذكر فوت إسماعيل
14 - كا : عن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن
أبي حمزة الثمالي قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : من ابتلى من المؤمنين ببلاء
فصبر
عليه كان له مثل أجر ألف شهيد ( 2 )
بيان : قوله عليه السلام : " مثل أجر ألف شهيد " فان قيل : كيف يستقيم هذا
مع أن الشهيد أيضا من الصابرين ؟ حيث صبر حتى استشهد ، قلت : يحتمل أن
يكون المراد بهم شهداء سائر الامم ، أو المعنى مثل ما يستحق ألف شهيد ، وإن
كان ثوابهم التفضلي أضعاف ذلك ، وقيل : المراد بهم الشهداء الذين لم تكن
لهم نية خالصة ، فلم يستحقوا ثوابا عظيما والاوسط كأنه أظهر
15 - كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمدبن عبدالجبار ، عن صفوان ، عن
إسحاق بن عمار وعبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وآله : قال الله عزوجل : إني جعلت الدنيا بين عبادي قرضا فمن
* ( الهامش ) * ( 1 - 2 ) الكافى ج 2 ص 92
[ 79 ]
أقرضني منها قرضا أعطيته بكل واحدة عشرا إلى سبعمائة ضعف ، وماشئت من
ذلك ، ومن لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه شيئا قسرا أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت
واحدة منهن ملائكتي لرضوا بها مني قال : ثم تلا أبوعبدالله عليه السلام قول الله
تعالى
" الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا : إنا لله وإنا إليه راجعون * اولئك عليهم
صلوات من ربهم " فهذه واحدة من ثلاث خصال " ورحمة " اثنتان " واولئك هم
المهتدون " ( 1 ) ثلاث ثم قال أبوعبدالله عليه السلام : هذا لمن أخذالله منه شيئا
قسرا ( 2 )
بيان : " بين عبادي قرضا " القرض القطع ، وماسلفت من إساءة أوإحسان
وماتعطيه لتقضاه ، والمعنى أعطيتهم مقسوما بينهم ليقرضوني فاعوضهم أضعافها
لاليمسكوا عليها وقيل : أي جعلتها قطعة قطعة وأعطيت كلا منهم نصيبا فمن أقرضني
منها قرضا أي نوعا من القرض كصلة الامام والصدقة والهدية إلى الاخوان ونحوها
" وماشئت من ذلك " أي من عدد العطية والزيادة زائدا على السبعمائة كما قال
تعالى " والله يضاعف لمن يشاء " ( 3 ) وقيل : إشارة إلى كيفية الثواب المذكور ،
والتفاوت
باعتبار تفاوت مراتب الاخلاص وطيب المال واستحقاق الاخذ وصلاحه وقرابته
وأشباه ذلك ، والقسر القهر " لرضوابها مني " أي رضا كاملا " الذين " صدر الاية
" ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات
وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة "
قال الطبرسي قدس الله روحه : أي نالتهم نكبة في النفس والمال ، فوطنوا أنفسهم
على ذلك احتسابا للاجر ، والمصيبة المشقة الداخلة على النفس لما يلحقها من المضرة
وهومن الاصابة كأنها يصيبها بالنكبة " قالوا إنا لله " إقرارا بالعبودية أي نحن
عبيدالله وملكه " وإنا إليه راجعون " هذا إقرار بالبعث والنشور أي نحن إلى حكمه
نصير ، ولهذا قال أمير المؤمنين عليه السلام : إن قولنا " إنا لله " إقرار على
أنفسنا بالملك
* ( الهامش ) * ( 1 ) البقرة : 156
( 2 ) الكافى ج 2 ص 92
( 3 ) البقرة : 261
[ 80 ]
وقولنا " وإنا إليه راجعون " إقرار على أنفسنا بالهلك ، وإنما كانت هذه اللفظة
تعزية عن المصيبة ، لما فيها من الدلالة على أن الله تعالى يجبرها إن كانت عدلا
وينصف من فاعلها إن كانت ظلما ، وتقديره إنا لله تسليما لامره ، ورضا بتدبيره
وإنا إليه راجعون ، ثقة بأنا نصير إلى عدله وانفراده بالحكم في اموره " صلوات
من ربهم " ثناء جميل من ربهم وتزكية ، وهوبمعنى الدعاء لان الثناء يستحق
دائما ، ففيه معنى اللزوم كما أن الدعاء يدعى به مرة بعد مرة ، ففيه ، معنى اللزوم
وقيل : بركات من ربهم ، عن ابن عباس وقيل : مغفرة من ربهم " ورحمة " أي نعمة
أي عاجلا وآجلا ، فالرحمة النعمة على المحتاج ، وكل أحد يحتاج إلى نعمة الله
في دنياه وعقباه " واولئك هم المهتدون " أي المصيبون طريق الحق في الاسترجاع
وقيل : إلى الجنة والثواب ( 1 ) انتهى قوله " هذا لمن أخذ الله منه شيئا قسرا " أي
فكيف من أنفق بطيب نفسه
16 - كا : عن أبي علي الاشعري ، عن معلي بن محمد ، عن الوشاء ، عن
بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إنا صبر وشيعتنا أصبر منا ، قلت :
جعلت فداك كيف صار شيعتكم أصبر منكم ؟ قال : لانا نصبر على مانعلم ، وشيعتنا
يصبرون على مالايعلمون ( 2 )
تبيين : الصبر بضم الصاد وتشديد الباء المفتوحة جمع الصابر " أصبر منا "
أي الصبر عليهم أشق وأشد " لانا نصبر على مانعلم " أقول يحتمل وجوها :
الاول وهوالاظهر أن المعنى إنا نصبر على مانعلم نزوله قيل وقوعه
وهذا مما يهين المصيبة ويسهلها ، وشيعتنا تنزل عليهم المصائب فجاءة مع عدم
علمهم بها قبل وقوعها ، فهي عليهم أشد ويؤيده مامر في مجلد الامامة أن قوله
تعالى : " ماأصاب من مصيبة في الارض ولافى أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن
نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على مافاتكم ولاتفرحوا بما
* ( الهامش ) * ( 1 ) مجمع البيان ج 1 ص 238
( 2 ) الكافى ج 2 ص 93
[ 81 ]
آتيكم " ( 1 ) نزل فيهم عليهم السلام فتدبر
الثاني أن المعنى إنا نصبر على مانعلم كنه ثوابه ، والحكمة في وقوعه
ورفعة الدرجات بسببه ، وشيعتنا ليس علمهم بجميع ذلك كعلمنا ، وهذه كلها مما
يسكن النفس عند المصيبة ويعزيها
الثالث أنا نصبر على مانعلم عواقبه وكيفية زواله ، وتبدل الاحوال بعده
كعلم يوسف عليه السلام في الجب بعاقبة أمره ، واحتياج الاخوة إليه ، وكذا علم
الائمة
عليهم السلام برجوع الدولة إليهم والانتقام من أعدائهم وابتلاء أعدائهم بأنواع
العقوبات في الدنيا والاخرة ، وهذا قريب من الوجه الثاني
17 - كا : عن أبي علي الاشعري ، عن ابن عيسى ، عن محمدبن سنان ، عن
العلا بن الفضيل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الصبر من الايمان بمنزلة الرأس
من
الجسد ، فاذا ذهب الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان ( 2 )
كا : عن علي ، عن أبيه ، عن حماد ، عن ربعي ، عن الفضيل عنه عليه السلام
مثله ( 3 )
كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي محمد
عبدالله السراج رفعه إلى علي بن الحسين عليهما السلام قال : الصبر من الايمان
بمنزلة
الرأس من الجسد ، ولاإيمان لمن لاصبر له ( 4 )
18 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن سنان ، عن عماربن
مروان ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله عزوجل أنعم على قوم
فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا ، وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم
نعمة ( 5 )
( 1 ) الحديد : 22 - 23
( 2 ) الكافى ج 2 ص 87
( 3 - 4 ) الكافى ج 2 ص 89
( 5 ) الكافى ج 2 ص 92
[ 82 ]
بيان : الوبال الشدة والثقل والعذاب أي صارت النعمة مع عدم الشكر نكالا
وعذابا عليهم في الدنيا والاخرة ، وصار البلاء على الصابر نعمة في الدنيا والاخرة :
19 - كا : عن علي ، عن أبيه ومحمدبن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا
عن ابن أبي عمير ، عن إبراهيم بن عبدالحميد ، عن أبان بن أبي مسافر ، عن
أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل : " يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا
" ( 1 )
قال : اصبروا على المصائب ، وفي رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبدالله عليه السلام
قال :
صابروا على المصائب ( 2 )
20 - كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن محمدبن عيسى ، عن علي بن محمد بن
أبي جميلة ، عن جدة أبي جميلة ، عن بعض أصحابه قال : لولاأن الصبر خلق قبل
البلاء لتفطر المؤمن كما تتفطر البيضة على الصفا ( 3 )
بيان : التفطر التشقق من الفطر ، وهوالشق ، والصفا جمع الصفاة ، وهي
الحجر الصلد الضخم لاتنبت ، وفيه إيماء إلى أن الصبر من لوازم الايمان ، ومن لم
يصبر عند البلاء لايستحق اسمه كمامر أنه من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد
ويشعر بكثرة ورود البلايا على المؤمن
21 - كا : عن علي ، عن أبيه والقاساني ، عن الاصبهاني ، عن سليمان بن داود
عن يحيى بن آدم ، عن شريك ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : مروة
الصبر في حال الحاجة والفاقة والتعفف والغناء أكثر من مروة الاعطاء ( 4 )
بيان : المروة هي الصفات التي بها تكمل إنسانية الانسان ، والفاقة الفقر
والحاجة ، والتعفف ترك السؤال عن الناس وهو عطف على الصبر ، والغنا بالغين
المعجمة أيضا الاستغناء عن الناس وإظهار الغنى لهم ، وفي بعض النسخ بالمهملة بمعنى
التعب فعطفه على الحاجة حينئذ أنسب ، وتخلل العطف في البين مما يبعده ، فالاظهر
* ( الهامش ) * ( 1 ) آل عمران : 200
( 2 و 3 ) الكافى ج 2 ص 92
( 4 ) الكافى ج 2 ص 93
[ 83 ]
على تقديره عطفه على الصبر أيضا
22 - كا : عن أبي علي الاشعري ، عن محمدبن عبدالجبار ، عن أحمدبن
النضر ، عن عمروبن شمر ، عن جابر قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : يرحمك الله
ماالصبر الجميل ؟ قال : ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس ( 1 )
بيان : " إلى الناس " ظاهره عموم الناس وربما يخص بغير المؤمن ، لقول
أمير المؤمنين عليه السلام : من شكى الحاجة إلى مؤمن فكأنما شكاها إلى الله ، ومن
شكاها إلى كافر فكأنما شكى الله
23 - كا : عن حميدبن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن بعض أصحابه
عن أبان ، عن عبدالرحمن بن سيابة ، عن أبي النعمان ، عن أبي عبدالله عليه السلام
أوأبي جعفر عليه السلام قال : من لايعد الصبر لنوائب الدهر يعجز ( 2 )
بيان : " من لايعد " أي لم يجعل الصبر ملكة راسخة في نفسه يدفع صولة
نزول النوائب والمصائب به ، يعجز طبعه ونفسه عن مقاومتها وتحملها ، فيهلك
بالهلاك الصوري والمعنوي أيضا بالجزع وتفويت الاجر ، وربما انتهى به إلى
الفسق بل الكفر
أقول : قدمضى الاخبار في باب جوامع المكارم ، وباب صفات خيار العباد
وفي باب الشكر وسيأتي في أبواب المواعظ
24 - لى : قال النبي صلى الله عليه وآله : من يعرف البلاء بيصبر عليه ومن لايعرفه
ينكره ( 3 )
25 - فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : اصبروا على المصائب ، وقال : إذاكان يوم القيامة نادى مناد أين الصابرون ؟
فيقوم فئام من الناس ثم ينادي أين المتصبرون ؟ فيقوم فئام من الناس ، قلت : جعلت
فداك وما الصابرون ( وما المتصبرون ؟ قال : الصابرون ) على أداء الفرائض والمتصبرون
* ( الهامش ) * ( 1 و 2 ) الكافى ج 2 ص 93
( 3 ) أمالي الصدوق ص 292
[ 84 ]
على اجتناب المحارم ( 1 )
26 - فس : " جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم
وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب * سلام عليكم بما صبرتم فنعم
عقبى الدار " ( 2 ) قال : نزلت في الائمة عليهم السلام وشيعتهم الذين صبروا
وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
نحن صبر ، وشيعتنا أصبر منا ، لانا صبرنا بعلم وصبروا بما لا يعلمون ( 3 )
27 - فس : " اولئك يؤتون أجرهم مرتين بماصبروا " ( 4 ) قال : الائمة
عليهم السلام ، وقال الصادق عليه السلام : نحن صبر وشيعتنا أصبرمنا ، وذلك أنا
صبرنا على مانعلم ، وصبروا هم على مالايعلمون ( 5 )
28 - ب : ابن سعد ، عن الازدي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته يقول :
ألا إن الامر ينزل من السماء إلى الارض ، كل يوم كقطر المطر ، إلى كل نفس
بماقدر الله لها من زيادة أو نقصان ، في أهل أو مال أو نفس ، فاذا أصاب أحدكم
مصيبة في أهل أو مال أو نفس ، أو رأى عند آخر غفيرة فلاتكون له فتنة فان المرء
المسلم مالم يغش دناءة تظهر تخشعا لها إذ ذكرت ويغرى بها لئام الناس كان كالياسر
الفالج الذي ينتظر أول فوزة من قداحه ، توجب له المغنم وتدفع عنه المغرم
فذلك المرء المسلم البرئ من الخيانة والكذب ، ينتظر إحدى الحسنيين إما داعي
الله فما عندالله خيرله ، وإما رزق الله فاذا هوذ وأهل ومال ، ومعه دينه وحسبه
المال والبنون حرث الدنيا ، والعمل الصالح حرث الاخرة ، وقد يجمعهما الله
* ( الهامش ) * ( 1 ) تفسير القمى ص 118 في آية آل عمران 200
( 2 ) الرعد : 24
( 3 ) تفسير القمى ص 341
( 4 ) القصص : 54
( 5 ) تفسير القمى ص 489
[ 85 ]
عزوجل لاقوام ( 1 )
29 - ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي عليهم السلام
قال : لايذوق المرء من حقيقة الايمان حتى يكون فيه ثلاث خصال : الفقه في الدين
والصبر على المصائب ، وحسن التقدير في المعاش
أقول : قد مضى بسند آخر في باب صفات المؤمن
30 - ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن عبدالرحمن بن حماد ، عن عمربن
مصعب ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : العبد بين ثلاثة : بلاء وقضاء
ونعمة
فعليه في البلاء من الله الصبر فريضة ، وعليه في القضاء من الله التسليم فريضة ،
وعليه
في النعمة من الله عزوجل الشكر فريضة ( 2 )
سن : عبدالرحمن بن حماد مثله ( 3 )
31 - ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن المعلي ، عن محمدبن جمهور ، عن
جعفربن بشير ، عن أبي بحر ، عن شريح الهمداني ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن
الحارث بن الاعور قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام : ثلاث بهن يكمل المسلم :
التفقه
في الدين ، والتقدير في المعيشة ، والصبر على النوائب ( 4 )
32 - ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن
عمار ، عن عبدالله بن سنان قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : قال رسول
الله
صلى الله عليه وآله : قال الله جل جلاله : إني أعطيت الدنيا بين عبادي فيضا فمن
أقرضني منها قرضا أعطيته بكل واحدة منهن عشرا إلى سبعمائة ضعف ، وما شئت
ومن لم يقرضني منها قرضا فأخذت منه قسرا أعطيته ثلاث خصال لو أعطيت واحدة
منهن ملائكتي لرضوا مني : الصلاة والهداية والرحمة ، إن الله عزوجل يقول :
* ( الهامش ) * ( 1 ) قرب الاسناد ص 27 وصححناه على نسخة النهج الرقم 23 من الخطب
( 2 ) الخصال ج 1 ص 43
( 3 ) المحاسن ص 6
( 4 ) الخصال ج 1 ص 61
[ 86 ]
" الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * اولئك عليهم صلوات
من ربهم " واحدة من الثلاث " ورحمة " اثنتين " واولئك هم المهتدون " ثلاثة
ثم قال أبوعبدالله عليه السلام : هذا لمن أخذ منه شيئا قسرا ( 1 )
33 - ل : أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عمن ذكره ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه السلام في وصيته لابنه محمد
ابن الحنفية :
إياك والعجب ، وسوء الخلق ، وقلة الصبر ، فانه لايستقيم لك على هذه الخصال
الثلاثة صاحب ، ولايزال لك عليها من الناس مجانب الخبر ( 2 )
34 - ن : بالاسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : قال علي بن
الحسين عليهما السلام : أخذوا الناس ثلاثة من ثلاثة : أخذوا الصبر عن أيوب عليه
السلام
والشكر عن نوح عليه السلام ، والحسد عن بني يعقوب عليه السلام ( 3 )
35 - ع : أحمدبن محمد بن عيسى العلوي ، عن محمدبن إبراهيم بن أسباط ، عن
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 86 سطر 12 الى ص 94 سطر 12
أحمدبن محمدبن زياد ، عن أحمدبن محمدبن عبدالله ، عن عيسى بن جعفر العلوي
عن آبائه ، عن عمربن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام أن النبي صلى الله
عليه وآله
قال : علامة الصابر في ثلاث أولها أن لايكسل ، والثانية أن لايضجر ، والثالثة أن
لايشكو من ربه عزوجل ، لانه إذا كسل فقد ضيع الحق ، وإذا ضجر لم يؤد
الشكر ، وإذا شكا من ربه عزوجل فقد عصاه ( 4 )
36 - ما : المفيد ، عن أحمدبن الوليد ، عن أبيه ، عن الصفار ، عن ابن عيسى
عن ابن أبي عمير ، عن صباح الحذاء ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر ، عن آبائه
عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذاكان يوم القيامة جمع
الله عزوجل
الخلائق في صعيد واحد ، ونادى مناد من عندالله يسمع آخر هم كما يسمع أولهم
* ( الهامش ) * ( 1 ) الخصال 1 ص 64
( 2 ) الخصال ج 1 ص 72
( 3 ) عيون الاخبار ج 2 ص 45
( 4 ) علل الشرائع ج 2 ص 184
[ 87 ]
يقول : أين أهل الصبر ؟ قال : فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة
فيقولون لهم : ماكان صبركم هذا الذي صبرتم ؟ فيقولون : صبرنا أنفسنا على طاعة
الله ، وصبرناها عن معصيته ، قال : فينادي مناد من عندالله : صدق عبادي خلوا سبيلهم
ليدخلوا الجنة بغير حساب الخبر ( 1 )
37 - ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، عن أبي الحسن الثالث ، عن
آبائه عليهم السلام قال : قال الصادق عليه السلام في قول الله عزوجل : في قول يعقوب
:
" فصبر جميل " ( 2 ) قال : بلاشكوى ( 3 )
38 - مع : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه رفعه قال : سأل النبي صلى الله عليه
وآله
جبرئيل عليه السلام ماتفسير الصبر ؟ قال : تصبر في الضراء كما تصبر في السراء ، وفي
الفاقة كماتصبر في الغنى ، وفي البلاء كما تصبر في العافية ، فلايشكو حاله ( 4 )
عند
المخلوق بما يصيبه من البلاء ( 5 )
39 - فس : أبي ، عن الاصبهاني ، عن المنقري ، عن حفص قال : قال
أبوعبدالله عليه السلام : ياحفص إن من صبر صبر قليلا وإن من جزع جزع قليلا ثم
قال : عليك بالصبر في جميع امورك ، فان الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله وأمره
بالصبر والرفق
فقال : " واصبر على مايقولون واهجرهم هجرا جميلا " ( 6 ) وقال : " ادفع بالتي
هي أحسن السيئة فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم " ( 7 ) فصبر رسول
الله حتى قابلوه بالعظام ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله تعالى " ولقد نعلم أنك
يضيق صدرك بما يقولون " ( 8 ) كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله " قد
* ( الهامش ) * ( 1 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 100
( 2 ) يوسف : 18
( 3 ) أمالى الطوسى ج 1 ص 300
( 4 ) معانى الاخبار ص 261 ( 5 ) خالقه خ ل
( 6 ) المزمل : 10
( 7 ) فصلت : 34
( 8 ) الحجر : 97
[ 88 ]
نعلم أنه ليحزنك الذي يقولون فانهم لايكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله
يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ماكذبوا واوذوا حتى أتاهم
نصرنا " ( 1 ) فألزم نفسه الصبر صلى الله عليه وآله
فتعدوا وذكروا الله تبارك وتعالى وكذبوه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لقد
صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولاصبر لي على ذكرهم إلهي ، فأنزل الله " ولقد
خلقنا السموات والارض ومابينهما في ستة أيام ومامسنا من لغوب * فاصبر على
مايقولون " ( 2 ) فصبر صلى الله عليه وآله في جميع أحواله
ثم بشر في الائمة عليهم السلام من عترته ووصفوا بالصبر فقال : " وجعلنا منهم
أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون " ( 3 ) فعند ذلك قال صلى الله
عليه وآله : الصبر من الايمان كالرأس من البدن ، فشكر الله له ذلك فأنزل الله عليه
" وتمت كلمت ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ماكان يصنع
فرعون وقومه وماكانوا يعرشون " ( 4 ) فقال صلى الله عليه وآله : آية بشرى
وانتقام ، فأباح الله قتل المشركين حيث وجدوا فقتلهم على يدي رسول الله صلى الله
عليه وآله
وأحبائه وعجل له ثواب صبره مع ماادخر له في الاخرة ( 5 )
40 - ثو : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن
مرحوم ، عن ابن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قا ل : إذا دخل المؤمن قبره كانت
الصلاة عن يمينه ، والزكاة عن يساره ، والبر مطل عليه ويتنحى الصبر ناحية
قال : فاذا دخل الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة والبر :
* ( الهامش ) * ( 1 ) الانعام : 33 - 34
( 2 )
ق : 38
( 3 ) فصلت : 24
( 4 ) الاعراف : 137
( 5 ) تفسير القمى ص 184 وقد مرمثله ص 60 من الكافى مشروحا
[ 89 ]
دونكم صاحبكم ، فان عجزتم عنه فأنا دونه ( 1 )
41 - سن : أبي ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
قال أمير المؤمنين عليه السلام : ثلاث من أبواب البر : سخاء النفس ، وطيب الكلام ،
و
الصبر على الاذى ( 2 )
42 - ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن
ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال :
أوحى الله تعالى إلى داود صلوات الله عليه أن خلادة بنت أوس بشرها بالجنة و
أعلمها أنها قرينتك في الجنة ، فانطلق إليها فقرع الباب عليها فخرجت وقالت :
هل نزل في شئ ؟ قال : نعم ، قالت : ماهو ؟ قال : إن الله تعالى أوحى إلى وأخبرني
أنك قريني في الجنة ، وأن ابشرك بالجنة ، قالت : أويكون اسم وافق اسمي ؟
قال : إنك لانت هي ، قالت : يانبي الله ما اكذبك ، ولاوالله ماأعرف من نفسي
ماوصفتني به
قال د اود عليه السلام : أخبريني عن ضميرك وسريرتك ماهو ؟ قالت : أماهذا
فساخبرك به ، اخبرك أنه لم يصبني وجع قط نزل بي كائنا ماكان ، ولانزل ضربي
وحاجة وجوع كائنا ماكان إلا صبرت عليه ، ولم أسأل الله كشفه عني حتى يحوله الله
عني إلى العافية والسعة ، ولم أطلب بها بدلا ، وشكرت الله عليها وحمدته ، فقال داود
صلوات الله عليه : فبهذا بلغت مابلغت
ثم قال أبوعبدالله عليه السلام : وهذا دين الله الذي ارتضاه للصالحين ( 3 )
43 - ضا : أروي أن الصبر على البلاء حسن جميل ، وأفضل منه الصبر عن المحارم
* ( آلهامش ) * ( 1 ) ثواب الاعمال ص 155
( 2 ) المحاسن : 6
( 3 ) أخرجه المؤلف العلامة هكذا في باب ماأوحى إلى داود ( ع ) ج 14 ص 39 ( من هذه
الطبعة الحديثة ) ولكن وجدنا ه في مشكاة الانوار ص 23 باختلاف في اللفظ وفيه بدل
قوله " ولانزل
ضربى وحاجة وجوع " ولانزل بى مرض وجوع " الخ
[ 90 ]
وروي : إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصابرون ؟ فيقوم عنق من الناس
فيقال لهم : اذهبوا إلى الجنه بغير حساب ، قال : فتلقاهم الملائكة فيقولون لهم : أي
شئ كانت أعمالكم ؟ فيقولون : كنا نصبر على طاعة الله ، ونصبر عن معصية الله ،
فيقولون
نعم أجر العاملين
ونروي سأن في وصايا الانبياء صلوات الله عليهم : اصبروا على الحق وإن
كان مرا
وأروي أن اليقين فوق الايمان بدرجة واحدة ، والصبر فوق اليقين
ونروي أنه من صبر للحق عوضه الله خيرا مما صبر عليه
ونروي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أني آخذك
بمداراة الناس كما آخذك بافرائض
ونروي أن المؤمن أخذ عن الله عزوجل الكتمان ، وعن نبيه عليه السلام مداراة
الناس وعن العالم عليه السلام الصبر في البأساء والضراء
وروي في قول الله عزوجل " اصبروا وصابروا ورابطوا لعلكم تفلحون " ( 1 )
قال " اصبروا " على طاعة الله وامتحانه ، " وصابروا " قال الزموا طاعة الرسول
ومن يقوم مقامه " ورابطوا " قال لاتفارقوا ذلك يعني الامرين و " لعل " في
كتاب الله موجبة ومعناها أنكم تفلحون
وأروي عن العالم عليه السلام الصبر على العافية أعظم من الصبر على البلاء ، يريد
بذلك أن يصبر على محارم الله ، مع بسط الله عليه في الرزق وتحويله النعم ، وأن
يعمل بما أمره به فيها
ونروي لايصلح المؤمن إلا بثلاث خصال : الفقه في الدين ، والتقدير في
المعيشة ، والصبر على النائبة
44 - مص : قال الصادق عليه السلام : الصبر يظهر ما في بواطن العباد من النور
والصفاء ، والجزع يظهر مافي بواطنهم من الظلمة والوحشة ، والصبر يدعيه كل
* ( الهامش ) * ( 1 ) آل عمران : 200
[ 91 ]
أحد ، ولايثبت عنده إلا المخبتون ، والجزع ينكره كل أحد وهو أبين على
المنافقين ، لان نزول المحنة والمصيبة يخبر عن الصادق والكاذب ، وتفسير الصبر
ماء يستمر مذاقه ، وماكان عن اضطراب لايسمى صبرا ، وتفسير الجزع اضطراب
القلب وتحزن الشخص ، وتغير السكون ، وتغير الحال ، وكل نازلة خلت أوائلها
من الاخبات والانابة والتضرع إلى الله تعالى فصاحبها جزوع غير صابر
والصبر ماء أوله مر وآخره حلو ، من دخله من أواخره فقد دخل ومن
دخله من أوائله فقد خرج ، ومن عرف قدر الصبر لايصبر عما منه الصبر ، قال الله عز
وجل في قصة موسى وخضر : " وكيف تصبرعلى مالم تحط به خبرا " ( 1 ) فمن صبر
كرها ولم يشك إلى الخلق ، ولم يجزع بهتك ستره ، فهومن العام ، ونصيبه ماقال
الله عزوجل : " وبشر الصابرين " ( 2 ) أي بالجنة والمغفرة ، ومن استقبل البلاء
بالرحب ، وصبر على سكينة ووقار ( فهو ) من الخاص ونصيبه ماقال الله عزوجل :
" إن الله مع الصابرين " ( 3 )
45 - جا : محمدبن محمد بن طاهر ، عن ابن عقدة ، عن أحمد بن يوسف ، عن
الحسين بن محمد ، عن أبيه ، عن آدم بن عيينة بن أبي عمران الهلالي قال : سمعت
أباعبدالله عليه السلام يقول : كم من صبر ساعة قد أورثت فرحا طويلا ، وكم من لذة
ساعة قد أورثت حزنا طويلا ( 4 )
46 - جع : ( 5 ) علي بن موسى الرضا عليه السلام باسناده ، عن علي بن الحسين قال :
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكهف : 68
( 2 ) البقرة : 155
( 3 ) مصباح الشريعة ص 62 ، والاية الاخيرة في الانفال 46
( 4 ) مجالس المفيد ص 33
( 5 ) سقط رمز الحديث هذا ، عن نسخة الكمباني ، وفى نسخة الاصل محلها بياض
وقدأومأنا إلى وجه ذلك في مقدمة الجزء المتمم للسبعين وهو أن الكاتب كان يخلى محل
الرموز ويكتبها تذكرة في الهامش ، ثم كان يكتبها بعد ذلك بالحمرة ، فسقط عنه كتابة
هذا
[ 92 ]
خمسة لو رحلتم فيهن لاصبتموهن : لايخاف عبد إلا ذنبه ، ولايرجو إلا ربه
ولايستحي الجاهل إذا سئل عما لايعلم أن يقول : لاأعلم ، والصبر من الايمان
بمنزلة الرأس من الجسدولا إيمان لمن لاصبر له
قال على عليه السلام : عن النبي صلى الله عليه وآله قال : الصبر ثلاثة : صبر على
المصيبة وصبر
على الطاعة ، وصبر عن المعصية ، فمن صبر على المصيبة أعطاه الله تعالى ثلاثمائة
درجة
مابين الدرجة إلى الدرجة مابين السماء والارض ، ومن صبر على الطاعة كان له ستمائة
درجة مابين الدرجة إلى الدرجة مابين الثرى إلى العرش ، ومن صبر عن المعصية أعطاه
الله سبعمائة درجة ما بين الدرجة إلى الدرجة مابين منتهى العرش إلى الثرى مرتين
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : أيها الناس عليكم بالصبر فانه لادين لمن لاصبر له
وقال عليه السلام : إنك إن صبرت جرت عليك المقادير ، وأنت مأجور ، وإنك
إن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الصبر رأس الايمان
عنه قال عليه السلام : الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فاذا ذهب
الرأس ذهب الجسد كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الايمان
قال رسول الله صلى الله عليه وآله ( حاكيا ) عن الله تعالى : إذا وجهت إلى عبد من
عبيدي مصيبة
في بدنه أو ماله أو ولده ، ثم استقبل ذلك بصبر جميل استحييت منه أن أنصب له
ميزانا أو أنشرله ديوانا
سئل محمدبن علي عليهما السلام عن الصبر الجميل فقال : شئ لاشكوى فيه ، ثم
قال : ومافي الشكوى من الفرج ؟ فانما هو يحزن صديقك ، ويفرح عدوك
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : إن الصبرو حسن الخلق والبر والحلم من أخلاق
الانبياء
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : إنه سيكون زمان لايستقيم لهم الملك إلا بالقتل
والجور ، ولايستقيم لهم الغنا إلا بالبخل ، ولايستقيم لهم الصحبة في الناس إلا
* ( الهامش ) * الرمز فانه كان في آخر السطر . والان لايوجد في نسخة الاصل رمز
الحديث في الهامش
أيضا فانه قدذهب عند الصحافة
[ 93 ]
باتباع أهوائهم والاستخراج من الدين ، فمن أدرك ذلك الزمان فصبر على الفقر
وهويقدر على الغنا ، وصبر على الذل وهويقدر على العز ، وصبر على بغضة
والناس وهويقدر على المحبة ، أعطاه الله ثواب خمسين صديقا
قال النبي صلى الله عليه وآله : من ابتلي من المؤمنين ببلاء فصبر عليه كان له مثل
أجر
ألف شهيد
وقال عليه السلام : الجزع عند البلاء تمام المحنة
وقال عليه السلام : كل نعيم دون الجنة حقير ، وكل بلاءدون النار يسير ( 1 )
47 - أقول : روى السيد ابن طاووس في كتاب سعد السعود من تفسير أبي العباس
ابن عقدة ، عن عثمان بن عيسى ، عن الفضل ، عن جابر قال : قلت لابي عبدالله
عليه السلام : ماالصبر الجميل ؟ قال : ذاك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس إن
إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان ( إلى عابد من العباد ) في حاجة ، فلما
رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب إليه فاعتنقه وقال : مرحبا بك ياخليل الرحمن
فقال يعقوب : لست بإبراهيم ولكني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فقال له الراهب :
فمابلغ بك ماأرى من الكبر ؟ قال : الهم والحزن والسقم فماجاوز صغير الباب
حتى أوحى الله إليه يايعقوب شكوتني إلى البعاد ؟ فخر ساجدا على عتبة الباب
يقول : رب لاأعود فأوحى الله إليه إني قد غفرتها لك ، فلاتعودن لمثلها ، فما
شكى مما أصاب من نوائب الدنيا إلا أنه قال : إنما أشكوبثي وحزني إلى الله
وأعلم من الله مالاتعلمون
محص : عن جابر مثله
48 - ختص : قال أمير المؤمنين عليه السلام : الصبر صبران : فالصبر عند المصيبة
حسن جميل ، وأحسن من ذلك الصبر عند ماحرم الله عليك ، والذكر ذكران
ذكر الله عزوجل عند المصيبة ، وأكبر من ذلك ذكر الله عند ماحرم الله فيكون
ذلك حاجزا ( 2 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) جامع الاخبار ص 135 و 136
( 2 ) الاختصاص : 218 وفيه سقط
[ 94 ]
49 - محص : عن داودبن فرقد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أوحى الله تعالى
إلى موسى بن عمران : ، ماخلقت خلقا هو أحب إلي من عبدي المؤمن إني إنما
أبتليه لماهوخير له ، وأزوي عنه لماهوخير له ، واعطيه لماهو خير له ، وأنا
أعلم بمايصلح عليه حال عبدي المؤمن ، فليرض بقضائي ، وليشكر نعمائي ، وليصبر
على بلائي ، أكتبه ، في الصديقين إذاعمل برضاي وأطاع لامري
50 محص : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن العبد ليكون له عندالله الدرجة
لايبلغها بعمله ، فيبتليه الله في جسده أو يصاب بماله أويصاب في ولده فان هو
صبر بلغه الله إياها
51 - محص : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : مامن مؤمن إلا
وهومبتلى ببلاء ، منتظر به ماهو أشد منه ، فان صبر على البلية التي هو فيها
عافاه الله من البلاء الذي ينتظر به ، وإن لم يصبر وجزع نزل به من البلاء المنتظر
أبدا حتى يحسن صبره وعزاؤه
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 94 سطر 13 الى ص 102 سطر 13
52 - محص : عن الثمالي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : من ابتلي من شيعتنا
فصبر عليه كان له أجر ألف شهيد
53 - محص : عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : ياإسحاق
لاتعدن مصيبة اعطيت عليها الصبر واستوجبت عليها من الله ثوابا بمصيبة ، إنما
المصيبة التي يحرم صاحبها أجرها وثوابها إذالم يصبر عند نزولها
54 - محص : ، روى أحمدبن محمد البرقي في كتابه الكبير ، عن أبي عبدالله
عليه السلام قال : قد عجز من لم يعد لكل بلاء صبرا ، ولكل نعمة شكرا ، ولكل
عسر يسرا ، أصبر نفسك عند كل بلية ورزية في ولد أو في مال ، فان الله إنما
يقبض عاريته وهبته ، ليبلو شكرك وصبرك
55 - محص : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الله أنعم على قوم
فلم يشكروا فصارت عليهم وبالا ، وابتلى قوما بالمصائب فصبروا فصارت عليهم نعمة
وعنه عليه السلام أنه قال : لم يستزد في محبوب بمثل الشكر ولم يستنقص
[ 95 ]
من مكروه بمثل الصبر
56 - محص : عن ربعي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الصبر والبلاء
يستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء ، وهو صبور ، وإن الجزع والبلاء يستبقان إلى
الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع
57 - محص : قال أمير المؤمنين عليه السلام : إن للنكبات غايات لابد أن ينتهي
إليها ، فاذا حكم على أحدكم بها فليتطأطألها ، ويصبر حتى يجوز ، فان إعمال
الحيلة فيها عند إقبالها زائد في مكروهها
وكان يقول : الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فمن لاصبر له
لاإيمان له ، وكان يقول : الصبر ثلاثة : الصبر على المصيبة ، والصبر على الطاعة
والصبر عن المعصية
وقال أبوعبدالله عليه السلام : الصبر صبران : الصبر على البلاء حسن جميل ، وأفضل
منه الصبر على المحارم
58 - محص : عن ابن عميرة قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : اتقواالله واصبروا
فانه من لم يصبر أهلكه الجزع ، وإنما هلاكه في الجزع أنه إذا جزع لم يؤجر
59 - محص : جابربن عبدالله أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : من كنوز الجنة
البر وإخفاء العمل ، والصبر على الرزايا ، وكتمان المصائب
60 - دعوات الراوندى : قال أمير المؤمنين عليه السلام : صبرك على محارم الله
أيسر من صبرك على عذاب القبر ، من صبر على الله وصل إليه
نهج : قال عليه السلام : الصبر صبران : صبر على ماتكره ، وصبر مما
تحب ( 1 )
وقال عليه السلام : لايعدم الصبور الظفر ، وإن طال به الزمان ( 2 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) نهج البلاغة ج 2 ص 156
( 2 ) نهج البلاغة ج 2 ص 183
[ 96 ]
وقال عليه السلام : من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع ( 1 )
وقال عليه السلام : عند تناهي الشدة تكون الفرجة ، وعند تضايق حلق
البلاء يكون الرخاء ( 2 )
61 - كنز الكراجكى : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : بالصبر يتوقع الفرج ، ومن
يدمن قرع الباب يلج
وقال أمير المؤمنين عليه السلام : الصبر مطية لاتكبو ، والقناعة سيف لاينبو
وقال عليه السلام : أفضل العبادة الصبر والصمت وانتظار الفرج
وقال عليه السلام : الصبر جنة من الفاقة
وقال عليه السلام : من ركب مركب الصبر اهتدى إلى ميدان النصر
62 - مشكوة الانوار : قال الصادق عليه السلام : إن الحر حر على جميع أحواله
إن نابته نائبة صبر لها ، وإن تداكت عليه المصائب لم تكسره ، وإن اسروقهر
واستبدل بالعسر يسرا كما كان يوسف الصديق الامين عليه السلام لم يضره حزنه أن
استعبد وقهر واسر ، ولم تضرره ظلمة الجب ووحشته وماناله أن من الله عليه
فجعل الجبار العاتي له عبدا ، بعد أن كان مالكا له ، فأرسله فرحم به امة ، وكذلك
الصبر يعقب خيرا فاصبروا تظفروا ، وواظبوا على الصبر تؤجروا ( 3 )
أقول : ورواه الكليني في الكافي أيضا بأدنى تغيير ( 4 )
63 - ومنه : عن الباقر عليه السلام قال : من صبر واسترجع وحمدالله عند المصيبة
فقد رضي بما صنع الله ، ووقع أجره على الله ، ومن لم يفعل ذلك جرى عليه
القضاء وهوذميم وأحبط الله أجره ( 5 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) نهج البلاغة 2 ص 187
( 2 ) نهج البلاغة ج 2 ص 227
( 3 ) مشكاة الانوار 21 و 22
( 4 ) راجع الكافى ج 2 ص 89
( 5 ) مشكاة الانوارص 22 و 23
[ 97 ]
وعن أبي عبدالله عليه السلام قال : المؤمن يطبع على الصبر على النوائب ( 1 )
64 - ومنه : عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أوحى الله عزوجل
إلى داود عليه السلام أن قرينك في الجنة خلادة بنت أوس فأتها وأخبرها وبشرها بالجنة
وأعلمها أنها قرينك في الاخرة
فانطلق داود عليه السلام إليها فقرع الباب عليها ، فخرجت إليه ، فقال : أنت خلادة
بنت أوس ؟ قالت : يانبي الله لست بصاحبتك التي تطلب ، قال لها داود : ألست خلادة
بنت أوس من سبط كذا ( وكذا ) ؟ قالت : بلى قال : فأنت هي إذا ، فقالت : يانبي الله
لعل اسما وافق اسما ؟ فقال لها داود : ماكذبت ولاكذبت ، وإنك لانت هي ، فقالت
يانبي الله مااكذبك ولاوالله ماأعرف من نفسي ما وصفتني به
قال لها داود : خبريني عن سريرتك ماهي ؟ قالت : أما هذا فساخبرك به
إنه لم يصبني وجع قط نزل بي من الله تبارك وتعالى كائنا ماكان ولانزل بي
مرض أوجوع إلا صبرت عليه ولم أسأل الله كشفه حتى هو يكون الذي يحوله
عني إلى العافية والسعة لم أطلب بها بدلا وشكرت الله عليها وحمدته ، قال لها
داود عليه السلام : فبهذا النعت بلغت مابلغت
ثم قال أبوعبدالله عليه السلام : هذا والله دين الله الذي ارتضاه للصالحين ( 2 )
65 - المؤمن : باسناده ، عن أحدهما عليهما السلام قال : مامن عبد مسلم ابتلاه الله
بمكروه وصبر إلا كتب له أجر ألف شهيد
وعن أبي الحسن عليه السلام قال : مامن أحد يبليه الله عزوجل ببلية فصبر عليها
إلا كان له أجر ألف شهيد
* ( الهامش ) * ( 1 ) مشكاة الانوار ص 23
( 2 ) مشكاة الانوار 23 و 24
[ 98 ]
( 63 )
* ( باب ) *
* ( التوكل ، التفويض ، والرضا ، والتسليم ، وذم الاعتماد ) *
على غيره تعالى ولزوم الاستثناء بمشية الله في كل أمر
الايات ، البقرة : كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا
شيئا وهوخير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهوشرلكم والله يعلم وأنتم
لاتعلمون ( 1 )
آل عمران : ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم ( 2 )
وقال سبحانه : وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( 3 )
وقال تعالى : فاذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين * إن ينصركم الله
فلاغالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل
المؤمنون ( 4 )
وقال : الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا
وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء
واتبعوا
رضوان الله والله ذوفضل عظيم ( 5 )
النساء ، : وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا ( 6 )
وقال : فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ( 7 )
* ( آلهامش ) * ( 1 ) البقرة : 216 ( 2 ) آل عمران : 101
( 3 ) آل عمران : 122
( 4 ) آل عمران : 159 - 160
( 5 ) آل عمران 172 - 173
( 6 ) النساء : 45
( 7 ) النساء : 81
[ 99 ]
المائدة : وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( 1 )
وقال : وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين ( 2 )
وقال : رضي الله عنهم ورضوا عنه ( 3 )
الانعام : قل أغير الله أتخذوليا فاطر السماوات والارض وهويطعم ولا
يطعم - إلى قوله تعالى : وإن يمسسك الله بضر فلاكاشف له إلا هووإن يمسك بخير فهو
على كل شئ قدير ( 4 )
وقال تعالى حاكيا عن إبراهيم عليه السلام : ولاأخاف ماتشركون به إلا أن يشاء
ربي شيئا ( 5 )
الاعراف : قال تعالى حاكيا عن شعيب عليه السلام : على الله توكلنا ( 6 )
وقال سبحانه : إن وليي لله الذي نزل الكتاب وهويتولى الصالحين *
والذين تدعون من دونه لايستطيعون نصركم ولاأنفسهم ينصرون ( 7 )
الانفال : وعلى ربهم يتوكلون ( 8 )
وقال : ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم ( 9 )
وقال : وتوكل على الله إنه هوالسميع العليم ( 10 )
وقال : وإن يريدوا أن يخدعوك فان حسبك الله هوالذي أيدك بنصره و
بالمؤمنين * وألف بين قلوبهم لو أنفقت مافي الارض جميعا ماألفت بين قلوبهم
ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم * ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من
* ( الهامش ) * ( 1 ) المائدة : 11 ( 2 ) المائدة : 23
( 3 ) المائدة : 119 ( 4 ) الانعام : 17
( 5 ) الانعام : 80 ( 6 ) الاعراف : 89
( 7 ) الاعراف : 196
( 8 ) الانفال : 2 ( 9 ) الانفال : 49
( 10 ) الانفال : 61
[100]
المؤمنين ( 1 )
التوبة : قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا هو مولينا وعلى الله فليتوكل
المؤمنون ( 2 )
وقال تعالى : ومنهم من يلمزك في الصدقات فان اعطوا منها رضوا وإن لم
يعطوا منها إذاهم يسخطون * ولو أنهم رضوا ما آتيهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله
سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون ( 3 )
وقال تعالى : فان تولوا فقل حسبي الله لاإله إلا هوعليه توكلت وهورب
العرش العظيم ( 4 )
يونس : حاكيا عن نوح عليه السلام : ياقوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري
بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركائكم ثم لايكن أمركم عليكم
غمة ثم اقضوا إلى ولاتنظرون ( 5 )
وقال تعالى : وقال موسى ياقوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم
مسلمين * فقالوا على الله توكلنا ربنا لاتجعلنا فتنة للقوم الظالمين ( 6 )
وقال تعالى : ولاتدع من دون الله مالاينفعك ولايضرك فان فعلت فانك
إذا من الظالمين * وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا
راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهوالغفور الرحيم ( 7 )
هود : والله على كل شئ وكيل ( 8 )
وقال تعالى حاكيا عن هود عليه السلام : قال إني اشهد الله واشهدوا أني برئ مما
* ( الهامش ) * ( 1 ) الانفال : 62 - 64 ( 2 ) براءة : 52
( 3 ) براءة 58 - 59 ( 4 ) براءة : 129
( 5 ) يونس : 71
( 6 ) يونس : 84 و 85
( 7 ) يونس : 106 - 107
( 8 ) هود : 12
[101]
تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لاتنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم
مامن دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ( 1 )
وقال تعالى حاكيا عن شعيب عليه السلام : وماتوفيقي إلا بالله عليه توكلت و
إليه انيب ( 2 )
وقال تعالى : ولله غيب السموات والارض وإليه يرجع الامر كله
فاعبده وتوكل عليه وماربك بغافل عما يعملون ( 3 )
يوسف : وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين ( 4 )
وقال تعالى : وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه
الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين ( 5 )
وقال تعالى : فالله خير حافظا وهوأرحم الراحمين ( 6 )
وقال تعالى : وقال لاتدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة
ومااغني عنكم من الله من شئ إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل
المتوكلون * ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم ماكان يغني عنهم من الله من شئ
إلا حاجة في نفس يعقوب قضيها وإنه لذوعلم لما علمناه ولكن اكثر الناس
لايعلمون
( 7 )
وقال : عسى الله أن يأيتني بهم جميعا أنه هو العليم الحكيم ( 8 )
وقال تعالى : قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله مالاتعلمون ( 9 )
الرعد : له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لايستجيبون بشئ إلا
* ( الهامش ) * ( 1 ) هود : 54 - 56 ( 2 ) هود : 88
( 3 ) هود : 123 ( 4 ) يوسف : 33
( 5 ) يوسف : 42 ( 6 ) يوسف : 64
( 7 ) يوسف : 67 - 68
( 8 ) يوسف : 83
( 9 ) يوسف : 86
[102]
كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وماهو ببالغه ومادعاء الكافرين إلا في ضلال إلى
قوله تعالى : قل أفأتخذتم من دونه أولياء لايملكون لانفسهم نفعا ولاضرا ( 1 )
وقال تعالى : قل هوربي لاإله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب ( 2 )
ابراهيم : وعلى الله فليتوكل المؤمنون * ومالنا أن لانتوكل على الله وقد
هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون ( 3 )
النحل الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ( 4 )
وقال تعالى : ويعبدون من دون الله مالايملك لهم رزقا من السماوات و
الارض شيئا ولا يستطيعون ( 5 )
الاسراء : ألا تتخذوا من دوني وكيلا ( 6 )
وقال تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلايملكون كشف الضر عنكم
ولاتحويلا ( 7 )
وقال سبحانه : وكفى بربك وكيلا ( 8 )
وقال : ثم لاتجد لك به علينا وكيلا ( 9 )
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 102 سطر 14 الى ص 110 سطر 14
وقال تعالى : قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا
بصيرا ( 10 )
الكهف : مالهم من دونه من ولي ولايشرك في حكمه أحدا ( 11 )
مريم : واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون
بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ( 12 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) الرعد : 14 - 16 ( 2 ) الرعد : 30
( 3 ) ابراهيم : 11 - 12 ( 4 ) النحل : 42
( 5 ) النحل : 73 ( 6 ) أسرى 2
( 7 ) أسرى : 56 ( 8 ) أسرى : 65
( 9 ) أسرى : 86 ( 10 ) أسرى 96
( 11 ) الكهف : 26 ( 12 ) مريم : 81 و 82
[103]
طه : فأوجس في نفسه خيفة موسى * قلنا لاتخف إنك أنت الاعلى ( 1 )
الحج : يدعو من دون الله مالايضره ومالاينفعه ذلك هو الضلال البعيد *
يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير إلى قوله تعالى : من
كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والاخرة فليمدد بسبب من السماء ثم ليقطع
فلينظر هل يذهبن كيده مايغيظ ( 2 )
وقال تعالى : ومن يهن الله فماله من مكرم إن الله يفعل مايشاء ( 3 )
وقال تعالى : إن الله يدافع عن الذين آمنوا ( 4 )
وقال تعالى : واعتصموا بالله هوموليكم فنعم المولى ونعم النصير ( 5 )
المؤمنون : قل من بيده ملكوت كل شئ وهويجير ولايجار عليه إن
كنتم تعلمون * سيقولون لله قل فأنى تسحرون ( 6 )
النور : ولولافضل الله عليكم ورحمته مازكى منكم من أحد أبدا ولكن
الله يزكي من يشاء والله سميع عليم ( 7 )
وقال تعالى : ومن لم يجعل الله له نورا فماله من نور ( 8 )
الفرقان : وتوكل على الحى الذي لايموت ( 9 )
الشعراء : ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون * قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا
معكم مستمعون ( 10 )
وقال تعالى : قال أصحاب موسى إنا لمدركون * قال كلا إن معي ربي
سيهدين ( 11 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) طه : 67 و 68 ( 2 ) الحج : 12 - 15
( 3 ) الحج : 18 ( 4 ) الحج : 38
( 5 ) الحج : 87 ( 6 ) المؤمنون : 88 - 89
( 7 ) النور : 21 ( 8 ) النور : 40
( 9 ) الفرقان : 58 ( 10 ) الشعراء : 14 و 15
( 11 ) الشعراء : 61 و 62
[104]
وقال تعالى : وتوكل على العزيز الرحيم * الذي يراك حين تقوم *
وتقلبك في الساجدين * إنه هوالسميع العليم ( 1 )
النمل : أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض
ءإله مع الله قليلا ماتذكرون ( 2 )
وقال تعالى : فتوكل على الله إنك على الحق المبين ( 3 )
القصص : قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ( 4 )
العنكبوت : نعم أجر العاملين * الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ( 5 )
الروم : فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين ( 6 )
لقمان : ذلك بأن الله هوالحق وأن مايدعون من دونه الباطل وأن الله
هوالعلي الكبير ( 7 )
التنزيل : مالكم من دونه من ولي ولاشفيع أفلا تتذكرون ( 8 )
الاحزاب : وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ( 9 )
وقال تعالى : وتظنون بالله الظنونا ( 10 )
وقال تعالى : قل من ذاالذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوء أو أراد
بكم رحمة ولايجدون من دون الله وليا ولانصيرا ( 11 )
وقال تعالى : وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا ( 12 )
فاطر : مايفتح الله للناس من رحمة فلاممسك لها ومايمسك فلامرسل له
* ( الهامش ) * ( 1 ) الشعراء : 217 - 220 ( 2 ) النمل : 62
( 3 ) النمل : 79 ( 4 ) القصص : 22
( 5 ) العنكبوت : 58 - 59 ( 6 ) الروم : 47
( 7 ) لقمان : 30 ( 8 ) التنزيل ص 40
( 9 ) الاحزاب : 3 ( 10 ) الاحزاب : 10
( 11 ) الاحزاب : 17
( 12 ) الاحزاب : 48
[105]
من بعده وهوالعزيز الحكيم ( 1 )
وقال تعالى : ، من كان يريد العزة فلله العزة جميعا ( 2 )
الزمر : أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله
فماله من هاد ومن يهدالله فماله من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام * ولئن
سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله قل أفرأيتم ماتدعون من دون الله
إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات
رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون ( 3 )
وقال سبحانه : الله خالق كل شئ وهوعلى كل شئ وكيل * له مقاليد
السموات والارض ( 4 )
المؤمن : وافوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد * فوقاه الله سيئات
مامكروا ( 5 )
حمعسق : والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وماأنت عليهم
بوكيل إلى قوله تعالى : أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هوالولي وهويحيي
الموتى وهوعلى كل شئ قدير إلى قوله : ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه
انيب ( 6 )
وقال تعالى : وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ( 7 )
وقال تعالى : ألا إلى الله تصير الامور ( 8 )
الزخرف : أم أبرموا أمرا فانا مبرمون ( 9 )
* ( آلهامش ) * ( 1 ) فاطر : 2 ( 2 ) فاطر : 10
( 3 ) الزمر : 37 - 38 ( 4 ) الزمر : 62 - 63
( 5 ) المؤمن : 44 و 45 ( 6 ) الشورى : 6 - 10
( 7 ) الشورى : 36
( 8 ) الشورى : 53
( 9 ) الزخرف : 79
[106]
الفتح : قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أوأراد بكم
نفعا ( 1 )
الحديد : لكيلا تأسوا على مافاتكم ولاتفرحوا بماآتاكم ( 2 )
الممتحنة : ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ( 3 )
التغابن : ما أصاب من مصيبة إلا باذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله
بكل شئ عليم إلى قوله تعالى : الله لاإله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون ( 4 )
الطلاق : ومن يتوكل على الله فهوحسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله
لكل شئ قدرا ( 5 )
الملك : قل هوالرحمن آمنا به وعليه توكلنا ( 6 )
الجن : قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا ( 7 )
المزمل : وتبتل إليه تبتيلا * رب المشرق والمغرب لاإله إلا هو فاتخذه
وكيلا ( 8 )
الدهر : وماتشاؤن إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما ( 9 )
تفسير : " وهو كره لكم " ( 10 ) أي شاق عليكم مكروه طبعا " أن تكرهو شيئا "
أي في الحال " وهوخير لكم " في العاقبة وهكذا أكثر ماكلفوا به ، فان الطبع
يكرهه وهومناط صلاحهم وسبب فلاحهم " وعسى أن تحبوا شيئا " في الحال " و
هوشرلكم " في العاقبة ، وهكذا أكثر مانهواعنه ، فان النفس تحبه وتهواه
وهويفضي بها إلى الردى ، وإنما ذكر " عسى " لان النفس إذا ارتاضت
ينعكس الامر عليها " والله يعلم " ما هو خير لكم " وأنتم لاتعلمون " ذلك ، فظهر
* ( آلهامش ) * ( 1 ) الفتح : 11 ( 2 ) الحديد : : 23
( 3 ) الممتحنة : 4 ( 4 ) التغابن : 11 - 13
( 5 ) الطلاق : 3 ( 6 ) الملك : 29
( 7 ) الجن : 22 ( 8 ) المزمل : 8 . 9
( 9 ) الدهر : 30 ( 10 ) البقرة : 216
[107]
أنه لابد من تسليم الامر إلى الله واتباع أوامره وترك اتباع الاهواء المخالفة
لما يحبه الله ويرضاه
" ومن يعتصم بالله " ( 1 ) قيل أي ومن يستمسك بدينه أو يلتجي إليه في مجامع
اموره ، فقد اهتدى لامحالة
" وعلى الله فليتوكل المؤمنون " ( 2 ) أي فليعتمدوا عليه في الكفاية
" فاذا عزمت " ( 3 ) أي وطنت نفسك على شئ بعد الشورى " فتوكل على الله "
في إمضاء أمرك على ماهو أصلح لك ، فانه لايعلمه سواه ، وروت العامة عن الصادق
عليه السلام فاذا عزمت بضم التاء أي فاذا عزمت لك ، ووفقتك وأرشدتك " إن الله
يحب المتوكلين " فينصرهم ويهديهم إلى الصلاح " إن ينصركم الله " كما نصركم
يوم بدر " فلاغالب لكم " أي فلا أحد يغلبكم " وإن يخذلكم " كما خذلكم
يوم احد " فمن ذا الذي ينصركم من بعده " أي لاناصر لكم من بعد الله ، إذا
جاوزتموه ، أو من بعد خذلانه " وعلى الله فليتوكل المؤمنون " أي فليخصوه
بالتوكل لما آمنوا به ، وعلموا أن لاناصر سواه
" الذين قال لهم الناس " ( 4 ) عن الباقر عليه السلام أنها نزلت في غزوة بدر الصغرى
حين بعث أبوسفيان نعيم بن ؟ ؟ ليخوف المؤمنين ويثبطهم ، وقد مرت تلك
القضية في المجلد السادس فقال المؤمنون سيما أميرهم عليه السلام : " حسبنا الله
ونعم
الوكيل " أي هو محسبنا وكافينا ، من أحسبه إذاكفاه ونعم الموكول إليه
" قانقلبوا " أي فرجعوا من بدر " بنعمة من الله " أي عافية وثبات على الايمان
وزيادة فيه " وفضل " أي ربح في التجارة " لم يمسسهم سوء " من جراحة وكيد
عدو " واتبعوا رضوان الله " بجرأتهم وخروجهم " والله ذوفضل عظيم " قد تفضل
* ( الهامش ) * ( 1 ) آل عمران : 101
( 2 ) آل عمران : 122
( 3 ) آل عمران : 159 160
( 4 ) آل عمران : 172 - 173
[108]
عليهم بما ذكر وغيره ، وفي الخصال ( 1 ) عجبت لمن يفزع من أربع كيف لايفزع
إلى أربع : عجبت لمن خاف كيف لايفزع إلى قوله تعالى : حسبنا الله ونعم الوكيل
فاني سمعت قول الله بعقبها : " فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء " الخبر
ومثله كثير سيأتي في محله
" وكفى بالله وليا " ( 2 ) يلي أمركم " وكفى بالله نصيرا " يعينكم فثقوا به
واكتفوا به عن غيره
" وكفى بالله وكيلا " ( 3 ) يكفيك شرهم " وعلى الله فتوكلوا " ( 4 ) أي
في نصرته على الجبارين " إن كنتم مؤمنين " به ومصدقين لوعده
" رضي الله عنهم ورضوا عنه " ( 5 ) فيها إشعار بمدح الرضا بقضاء الله
" أغير الله أتخذوليا " إنكار لاتخاذغير الله وليا ، لالاتخاذ الولي ، ولذلك
قدم غير واولي الهمزة ، وقيل : المراد بالولي هنا المعبود ، وأقول : يحتمل
مطلق المتولي للامور ، والانبياء والاوصياء لماكانوا منصوبين من قبل الله فاتخاذهم
اتخاذ الله " فاطر السموات والارض " أي منشئهما ومبدعهما ابتداء بقدرته وحكمته
من غير احتذاء مثال ، فمن كان بيده الاسباب السماوية والارضية يصلح لان يتخذ
وليا " وهويطعم ولايطعم " أي يرزق ولايرزق ، يعني أن المنافع كلها من عنده
ولايجوز عليه الانتفاع
" بضر " ( 6 ) أي ببلية كمرض وفقر " فلاكاشف له " أي فلاقادر على
كشفه " إلاهو ، وإن يمسسك بخير " أي بنعمة كصحة وغنى " فهو على كل شئ
* ( آلهامش ) * ( 1 ) الخصال ج 1 ص 103
( 2 ) النساء : 45
( 3 ) النساء : 81
( 4 ) المائدة : 23
( 5 ) المائدة : 119
( 6 ) الانعام : 17
[109]
قدير " يقدر على إدامته وإزالته
" ماتشركون به " ( 1 ) قيل : أي لاأخاف معبوداتكم قط لانها لاقدرة
لها على ضر أونفع " إلا أن يشاء ربي شيئا " أن يصيبني بمكروه أقول : ويحتمل
شمولها لمن يتوسلون إليهم من الالهة المجازية فانه أيضا نوع من الشرك كما
يستفاد من كثير من الاخبار
" إن وليي " ( 2 ) أي ناصري وحافظي " الله الذي نزل الكتاب أي القرآن
" وهويتولى الصالحين " أي ينصرهم ويحفظهم
" وعلى ربهم يتوكلون " ( 3 ) أي إليه يفوضون امورهم فيما يخافون
ويرجون
" فان الله عزيز " ( 4 ) قيل : أي غالب بنصر الضعيف على القوي والقليل على
الكثير " حكيم " يفعل بحكمته البالغة مايستبعده العقل ويعجز عن إدراكه
" وتوكل على الله " ( 5 ) ولاتخف من خديعتهم ومكرهم فان الله عاصمك
وكافيك منهم " إنه هوالسميع " لاقوالهم " العليم " بنياتهم
" وإن يريدوا أن يخدعوك " في الصلح " فان حسبك الله " أي محسبك الله
وروى علي بن إبراهيم ( 6 ) عن الباقر عليه السلام أن هؤلاء قوم كانوا معه من قريش
" هوالذي أيدك " أي قواك " وألف بين قلوبهم " حتى صاروا متحابين متوادين
" ولكن الله ألف بينهم " بالاسلام بقدرته البالغة " إنه عزيز " تام القدرة والغلبة
لايعصي عليه مايريده " حكيم " يعلم أنه كيف ينبغي أن يفعل مايريد
* ( الهامش ) * ( 1 ) الانعام : 80
( 2 ) الاعراف : 196
( 3 ) الانفال : 2
( 4 ) الانفال : 49
( 5 ) الانفال : 61 - 64
( 6 ) تفسير القمى ص 255
[110]
" هو مولانا " ( 1 ) أي ناصرنا ومتولي أمرنا " وعلى الله فليتوكل المؤمنون "
لان حق المؤمن أن لايتوكل إلا على الله
" من يلمزك " ( 2 ) أي يعيبك " في الصدقات أي في قسمتها " فان اعطوا "
الخ يعني أن رضاهم وسخطهم لانفسهم لاللدين ، وفي الكافي ( 3 ) والمجمع ( 4 )
والعياشي ( 5 ) عن الصادق عليه السلام أن أهل هذه الاية أكثر من ثلثي الناس "
ماآتيهم
الله ورسوله " أي ماأعطاهم الرسول من الغنيمة أو الصدقة ، وذكر الله للتعظيم
والتنبيه على أن مافعله الرسول كان بأمره كذا قيل : " وقالوا حسبنا الله " أي
كفانا فضله " سيؤتينا الله من فضله " صدقة أو غنيمة اخرى " إنا إلى الله راغبون "
في أن يوسع علينا من فضله وجواب الشرط محذوف تقديره لكان خيرا لهم
" فان تولوا " ( 6 ) عن الايمان بك فقل حسبي الله " أي استعن بالله فانه
يكفيك أمرهم وينصرك عليهم ( 7 ) " عليه توكلت " فلا أرجو ولاأخاف إلا منه
" مقامي " ( 8 ) أي مكاني أو إقامتي بينكم مدة مديدة أوقيامي على الدعوة
" وتذكيري " إياكم " بآيات الله فعلى الله توكلت " أي به وثقت " فأجمعوا
أمركم " أي فاعزموا على ماتريدون " وشركائكم " أي مع شركائكم واجتمعوا
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 110 سطر 15 الى ص 118 سطر 15
على السعي في إهلاكي " ثم لايكن أمركم عليكم غمة " أي مستورا واجعلوه ظاهرا
مكشوفا من غمه إذا ستره ، وقال علي بن إبراهيم : أي لاتغتموا " ثم اقضوا
إلي " أي أدوا إلي ذلك الامر الذي تريدون بي ، وقال علي بن إبراهيم ( 9 ) :
* ( الهامش ) * ( 1 ) براءة : 52 ( 2 ) براءة : 58
( 3 ) الكافى ج 2 ص 412
( 4 ) مجمع البيان ج 5 ص 41
( 5 ) تفسير العياشى ج 2 ص 89
( 6 ) براءة : 129
( 7 ) في النسخ وينصرهم عليك ، وهومن طغيان القلم
( 8 ) يونس : 71
( 9 ) تفسير القمى ص 291
[111]
أي ثم ادعوا علي " ولاتنظرون " أي لاتمهلوني
" وقال موسى " ( 1 ) لما رأى تخوف المؤمنين به " ياقوم إن كنتم آمنتم بالله
فعليه توكلوا " أي فثقوا به ، وأسندوا أمركم إليه واعتمدوا عليه " إن كنتم
مسلمين " أي مستسلمين لقضاء الله مخلصين له ، وليس هذا تعليق الحكم بشرطين
فان المعلق بالايمان وجوب التوكل فانه المقتضي له ، والمشروط بالاسلام حصوله
فانه لايوجد مع التخليط ، ونظيره : إن دعاك زيد فأجبه إن قدرت " فقالوا على
الله توكلنا " لانهم كانوا مؤمنين مخلصين ، ولذلك اجيبت دعوتهم " ربنا لاتجعلنا
فتنة أي موضع فتنة " للقوم الظالمين " أي لاتسلطهم علينا فيفتنونا عن ديننا أو
يعذبونا وفي المجمع ( 2 ) عنهما عليهما السلام والعياشي ( 3 ) مقطوعا لاتسلطهم
علينا
فتفتنهم بنا
" مالاينفعك " ( 4 ) إن دعوته " ولايضرك " إن خذلته " فان فعلت " أي
فان دعوته " فانك إذا من الظالمين " فان الشرك لظلم عظيم ، قال علي بن إبراهيم :
مخاطبة للنبي والمعنى للناس " وإن يمسسك الله بضر " أي إن يصبك " فلاكاشف
له " يدفعه " إلا هو " أي إلا الله " فلا راد " أي فلادافع " لفضله " الذي أرادك
به ، قيل : ذكر الارادة مع الخير والمس مع الضر مع تلازم الامرين للتنبيه على
أن الخير مراد بالذات ، وأن الضر إنما مسهم لابالقصد الاول ووضع الفضل
موضع الضمير للدلالة على أنه متفضل بما يريد بهم من الخير ، لااستحقاق لهم
عليه ، ولم يستثن لان مراد الله لايمكن رده " يصيب به " أي بالخير " وهوالغفور
الرحيم " فتعرضوا لرحمته بالطاعة ولاتيأسوا من غفرانه بالمعصية
* ( الهامش ) * ( 1 ) يونس : 84
( 2 ) مجمع البيان ج 5 ص 128
( 3 ) تفسير العياشى ج 2 ص 127
( 4 ) يونس : 106 و 107
[112]
والله على كل شئ وكيل " ( 1 ) فتوكل عليه ، فانه عالم بحالهم ، وفاعل
بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم
" مما تشركون من دونه " ( 2 ) أي من إشراككم آلهة من دونه " فكيدوني
جميعا ثم لاتنظرون " واجههم بهذا الكلام مع قوتهم وشدتهم وكثرتهم وتعطشهم
إلى إراقة دمه ، ثقة بالله واعتمادا على عصمته إياه واستهانة بهم وبكيدهم ، وإن
اجتمعوا عليه وتواطؤا على إهلاكه " إني توكلت على الله ربي وربكم " تقرير
له والمعنى وإن بذلتم غاية وسعكم لم تضروني فاني متوكل على الله ، واثق
بكلاءته ، وهومالكي ومالككم ، ولايحيق بي مالم يرده ولاتقدرون على ما
لم يقدره " إلا هو آخذ بناصيتها " أي إلا وهو مالك لها ، قاهر عليها ، يصرفها
على مايريد بها ، والاخذ بالناصية تمثيل لذلك " إن ربي صراط مستقيم "
أي إنه على الحق والعدل لايضيع عنده معتصم ، ولايفوته ظالم
وفي تفسير العياشي ( 3 ) عن ابن معمر قال : قال علي بن أبي طالب عليه السلام :
في قوله : " إن ربي على صراط مستقيم " يعني أنه على حق يجزي بالاحسان
إحسانا وبالسيئ سيئا ، ويعفو عمن يشاء ويغفر ، سبحانه وتعالى
" وماتوفيقي " ( 4 ) أي لاصابة الحق والثواب " إلا بالله " أي بهدايته ومعونته
" عليه توكلت " فانه القادر المتمكن من كل شئ دون غيره ، قيل : وفيه إشارة
إلى محض التوحيد الذي هوأقصى مراتب العلم بالمبدء " وإليه انيب " إشارة
إلى معرفة المعاد ، نبه بهذه الكلمات على إقباله على الله بشراشره فيما يأتي ويذر
وحسم إطماع الكفار وعدم المبالاة بعداوتهم وتهديدهم بالرجوع إلى الله للجزاء
" ولله غيب السموات والارض " ( 5 ) لالغيره " وإليه يرجع الامر كله " لاإلى
* ( الهامش ) * ( 1 ) هود : 12 ( 2 ) هود : 54 - 56
( 3 ) تفسير العياشى ج 2 ص 151
( 4 ) هود : 88
( 5 ) هود : 123
[113]
غيره " فاعبده وتوكل عليه " فانه كافيك " وماربك بغافل عما تعملون " أنت
وهم ، فيجازي كلا مايستحقه
" وإلا تصرف عني " ( 1 ) أي وإن لم تصرف عني " كيدهن " في تحبيب
ذلك إلى وتحسينه عندي بالتثبيت على العصمة " أصب إليهن " أي أمل إلى إجابتهن
أو إلى أنفسهن بطبعي ومقتضى شهوتي والصبو الميل إلى الهوى " وأكن من
الجاهلين " أي من السفهاء بارتكاب مايدعونني إليه
" للذي ظن " ( 2 ) أي علم " اذكرني عند ربك " أي اذكرحالي عند الملك
وأني حبست ظلما لكي يخلصني من السجن " فأنساه الشيطان ذكرربه " أي فأنسى
الشيطان صاحب الشراب أن يذكره لربه ، وقيل : أنسى يوسف ذكر الله حتى
استعان بغيره " فلبث في السجن بضع سنين "
روى العياشي عن الصادق عليه السلام أنه قال : سبع سنين ، وعنه عليه السلام لم
يفزع يوسف في حاله إلى الله فيدعوه فلذلك قال الله : فأنساه الشيطان ذكر ربه
فلبث في السجن بضع سنين قال : فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك : يايوسف من
أراك الرؤيا التي رأيتها ؟ فقال : أنت ياربي ، قال : فمن حببك إلى أبيك ؟ قال :
أنت ياربي قال : فمن وجه السيارة إليك ؟ فقال : أنت ياربي قال : فمن علمك
الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا ؟ قال : أنت ياربي قال :
فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا ؟ قال : أنت ياربي قال : فمن أنطق لسان
الصبي بعذرك ؟ قال : أنت ياربي ، قال : فمن صرف كيد امرأة العزيز والنسوة
قال : أنت ياربي ، قال : فمن ألهمك تأويل الرؤيا ؟ قال : أنت ياربي ، قال :
فكيف استعنت بغيري ولم تستعن بي ؟ وتسألني أن اخرجك من السجن واستعنت
وأملت عبدا من عبادي ليذكر إلى مخلوق من خلقي في قبضتي ولم تفزع إلي ، البث
في السجن بذنبك بضع سنين بارسالك عبدا إلى عبد ( 3 )
* ( آلهامش ) * ( 1 ) يوسف : 33
( 2 ) يوسف : 42
( 3 ) تفسير العياشى ج 2 ص 176
[114]
وفي رواية اخرى عنه ( 1 ) عليه السلام اقتصر إلى بعضها وزاد في كل مرة : فصاح
ووضع خده على الارض ثم قال : أنت ياربي
أقول : قد مضت الاخبار في ذلك في أبواب أحوال يوسف عليه السلام ( 2 )
" فالله خير حافظا " ( 3 ) فأتوكل على الله وافوض أمري إليه " وهوأرحم
الراحمين " يرحم ضعفي وكبر سني فيحفظه ويرده علي ولايجمع علي مصيبتين
وفي المجمع ( 4 ) وعن الخبر أن الله سبحانه قال : فبعزتي لاردنهما إليك
بعدما توكلت علي
" وادخلوا من أبواب متفرقة " ( 5 ) لانهم كانوا ذوي بهاءوجمال وهيئة
حسنة ، وقد شهروا في مصر بالقربة من الملك ، والتكرمة الخاصة التي لم يكن
لغيرهم ، فخاف عليهم العين " ومااغني عنكم من الله من شئ " يعني وإن أراد الله
بكم لم ينفعكم ولم يدفع عنكم ماأشرت به عليكم من التفرق وهومصيبكم لامحالة
فان الحذر لايمنع القدر " من حيث أمرهم أبوهم " أي من أبواب متفرقة " ماكان
يغني عنهم " رأي يعقوب واتباعه " من الله من شئ " مما قضا عليهم كماقاله
يعقوب فسرقوا واخذ بنيامين وتضاعفت المصيبة على يعقوب " إلا حاجة في نفس
يعقوب " استثناء منقطع أي ولكن حاجة في نفسه يعني شفقته عليهم واحترازه من
أن يعانوا " قضيها " أظهرها ووصى بها " وإنه لذوعلم لما علمناه " أي لذو يقين
ومعرفة بالله من أجل تعليمنا إياه ، ولذلك قال : " مااغني " هوولم يغتر بتدبيره
" ولكن أكثر الناس لايعلمون " سر القدر ، وأنه لايغني عنه الحذر
* ( هامش ) * ( 1 ) تفسير القمى ص 321
( 2 ) راجع ج 12 ص 246
( 3 ) يوسف 64
( 4 ) مجمع البيان ج 5 ص 248
( 5 ) يوسف : 67 - 68
[115]
" له دعوة الحق " ( 1 ) فانه يدعى فيستجيب " والذين يدعون " أي يدعوهم
المشركون " بشئ " من الطلبات " إلا كباسط كفيه " أي إلا استجابة كاستجابة
من بسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه يطلب منه أن يبلغه من بعيد أو يغترف مع بسط
كفيه ليشربه " وماهو ببالغه " لان الماء جماد لايشعر بدعائه ولايقدر على إجابته
ولايستقر في الكف المبسوطة ، وكذلك آلهتهم ، وروى علي بن إبراهيم عن الباقر
عليه السلام أنه قال : هذا مثل ضربه الله للذين يعبدون الاصنام ، والذين يعبدون
الالهة من دون الله فلا يستجيبون لهم بشئ ، ولاينفعهم إلا كباسط كفيه إلى الماء
ليتناوله من بعيد ، ولايناله " إلافي ضلال " وبطلان
أقول : هذا المثل جار في الاصنام والالهة المجازية فانهم لايقدرون على
إيصال المنافع إلى غيرهم إلا بتيسير الله وتسبيبه وهومالك الرقاب ومقلب القلوب
ومسبب الاسباب وكذا قوله : " أفأتخذتم من دونه أولياء " ( 2 ) ظاهره في الاصنام
ويجري في غيرها
" قل هوربي " ( 3 ) أي الرحمن خالقي ومتولي أمري " لاإله إلا هو " أي
لايستحق العبادة إلا هوتعالى عن الشركاء " عليه توكلت " في نصرتي عليكم
" وإليه متاب " أي مرجعي فيثيبني على مصابرتكم ومجاهدتكم
" ومالنا أن لانتوكل على الله " ( 4 ) أي أي عذرلنا في أن لانتوكل " وقد
هدينا سبلنا " التي بها نعرفه ونعلم أن الامور كلها بيده
" الذين صبروا " ( 5 ) أي على أذى الكفار ومفارقة الوطن " وعلى ربهم
يتوكلون " أي يفوضون إليه الامر كله
* ( الهامش ) * ( 1 ) الرعد : 14
( 2 ) الرعد : 16
( 3 ) الرعد : 30
( 4 ) ابراهيم : 11
( 5 ) النحل : 42
[116]
" مالايملك لهم رزقا " ( 1 ) يعني لايملك أن يرزق شيئا من مطر ونبات
" ولا يستطيعون " أن يملكوه أولا استطاعة لهم ، قيل : ويجوز أن يكون الضمير
للكفار أي ولا يستطيعون هم مع أنهم أحياء شيئا من ذلك فكيف بالجماد " من دوني
وكيلا " ( 2 ) أي ربا تكلون إليه اموركم
" قل ادعوا الذين زعمتم " ( 3 ) أنهم آلهة " من دونه " كالملائكة والمسيح
وعزيز بل الاعم منهم أيضا كمامر " فلايملكون " أي لايستطيعون " كشف الضر
عنكم " كالمرض والفقر والقحط " ولاتحويلا " أي ولاتحويل ذلك منكم إلى
غيركم
" مالهم " ( 4 ) أي مالاهل السماوات والارض " من ولي " يتولى امورهم
" ولايشرك في حكمه " أي في قضائه " أحدا " منهم
" ليكونوا لهم عزا " ( 5 ) أي ليتعززوا بهم من حيث يكونون لهم وصلة إلى
الله وشفعاء عنده " كلا " ردع وإنكار لتعززهم بها " ويكونون عليهم ضدا " روى
علي بن إبراهيم ( 6 ) عن الصادق عليه السلام في هذه الاية أي يكونون هؤلاء الذين
اتخذوهم آلهة من دون الله ضدا يوم القيامة ، ويتبرؤن منهم ومن عبادتهم ، ثم
قال : ليست العبادة هي السجود ولاالركوع وإنماهي طاعة الرجال من أطاع
مخلوقا في معصية الخالق فقد عبده
" فأوجس في نفسه خيفة " ( 7 ) أي فأضمر فيها خوفا
" هوالضلال البعيد " ( 8 ) عن القصد " لبئس المولى " أي الناصر " ولبئس
* ( الهامش ) * ( 1 ) النحل : 73 ( 2 ) أسرى : 2
( 3 ) أسرى : 56 ( 4 ) الكهف : 26
( 5 ) مريم : 81
( 6 ) تفسير القمى : 415
( 7 ) طه : 67 - 68
( 8 ) الحج : 12
[117]
العشير " أي الصاحب " من كان يظن " قيل : معناه أن الله ناصر رسوله في الدنيا
والاخرة ، فمن كان يظن خلاف ذلك ويتوقعه من غيظه أو جزعه ، فليستقص في
إزالة غيظه بأن يفعل كل مايفعله الممتلي غضبا أو المبالغ جزعا حتى يمد حبلا
إلى سماء بيته فيختنق من قطع إذا اختنق ، فان المختنق يقطع نفسه بحبس مجاريه
أو فليمدد حبلا إلى سماء الدنيا ثم ليقطع به المسافة حتى يبلغ عنانه فيجتهد في
دفع نصره ، وقيل : المراد بالنصر الرزق والضمير لمن
" إن الله يدافع " ( 1 ) أي غائلة المشركين " واعتصموا بالله " أي وثقوا به في
مجامع اموركم ولاتطلبوا الاعانة والنصرة إلا منه
" هو موليكم " ( 2 ) أي ناصركم ومتولي اموركم " فنعم المولى ونعم النصير "
هو ، إذلامثل له في الولاية والنصرة ، بل لامولى ولانصير سواه في الحقيقة
" ملكوت كل شئ ( 3 ) قيل : أي ملكه غاية مايمكن وقيل : خزائنه
" وهو يجير " أي يغيث من يشاء ويحرسه " ولايجار عليه " أي ولايغاث أحد أو
لايمنع منه ، وتعديته بعلى لتضمين معنى النصرة " فأنى تسحرون " أي فمن أين
تخدعون فتصرفون عن الرشد مع ظهور الامر وتظاهر الادلة
" ولولا فضل الله عليكم ورحمته " ( 4 ) بتوفيق التوبة الماحية للذنوب وشرع
الحدود المكفرة لها " مازكى " أي ماطهر من دنسها " أبدا " أي آخر الدهر
" ولكن الله يزكي من يشاء " بحمله على التوبة وقبولها " والله سميع " لمقالتهم
" عليم " بنياتهم
" ومن لم يجعل الله له نورا " ( 5 ) أي لم يقدر له الهداية ولم يوفقه لاسبابها
* ( آلهامش ) * ( 1 ) الحج : 38
( 2 ) الحج : 87
( 3 ) المؤمنون : 88
( 4 ) النور : 21
( 5 ) النور : 40
[118]
" وتوكل على الحي الذي لايموت " ( 1 ) في استكفاء شرورهم والاغناء عن
اجورهم فانه الحقيق بأن يتوكل عليه دون الاحياء الذين يموتون فانهم إذا
ماتوا ضاع من توكل عليهم
" إن معي ربي " ( 2 ) بالحفظ والنصرة " سيهدين " طريق النجاة منهم
" وتوكل على العزيز الرحيم " ( 3 ) الذي يقدر على قهر أعدائه ونصر
أوليائه يكفك شر من يعصيك " الذي يراك حين تقوم " قيل : إلى التهجد " وتقلبك
في الساجدين " قيل : وترددك في تصفح أحوال المتهجدين أو تصرفك فيما بين
المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود إذا أممتهم وروى علي بن إبراهيم ( 4 )
عن الباقر عليه السلام قال : الذي يراك حين تقوم في النبوة وتقلبك في الساجدين قال
:
في أصلاب النبيين وفي المجمع ( 5 ) عنهما عليهما السلام قالا : في أصلاب النبيين
نبي
بعد نبي حتى أخرجه من صلب أبيه عن نكاح غير سفاح من لدن آدم
" أم من يجيب المضطر " ( 6 ) الذي أخرجه شدة مابه إلى اللجاء إلى الله " إذا دعاه
ويكشف السوء " أي ويدفع عن الانسان مايسوؤه " ويجعلكم خلفاء
الارض " أي خلفاء فيها بأن ورثكم سكناها والتصرف فيها ممن كان قبلكم " ءإله
مع الله " الذي حفكم بهذه النعم " قليلا ماتذكرون " أي تذكرون آلاءه تذكرا
قليلا " وما " مزيدة
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 118 سطر 16 الى ص 126 سطر 16
" فتوكل على الله " ( 7 ) ولا تبال بمعاداتهم " إنك على الحق المبين "
* ( الهامش ) * ( 1 ) الفرقان : 58 ( 2 ) الشعراء : 62
( 3 ) الشعراء : 217
( 4 ) تفسير القمى ص 474
( 5 ) مجمع البيان ج 7 ص 207
( 6 ) النمل : 62
( 7 ) النمل : 79
[119]
وصاحب الحق حقيق بالوثوق بحفظ الله ونصره
" الذين صبروا " ( 1 ) على المحن والمشاق " وعلى ربهم يتوكلون " أي
لايتوكلون إلا على الله
" وكان حقا علينا نصر المؤمنين " ( 2 ) فيه إشعار بأن الانتقام لهم وإظهار
لكرامتهم حيث جعلهم مستحقين على الله أن ينصرهم وفي المجمع ( 3 ) عن النبي
صلى الله عليه وآله : ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله
أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ثم قرأ " وكان حقا علينا نصر المؤمنين "
" وإن الله هو العلي الكبير " ( 4 ) أي المرتفع على كل شئ والمتسلط عليه
" مالكم من دونه من ولي ولاشفيع " ( 5 ) أي مالكم إذا جاوزتم رضى الله
أحد ينصركم ويشفع لكم ، أو مالكم سواه ولي ولاشفيع بل هوالذي يتولى
مصالحكم وينصركم في مواطن نصركم ، على أن الشفيع متجوز به للناصر ، فاذا
خذلكم لم يبق لكم ولي ولاناصر " أفلا تتذكرون " بمواعظ الله
" وتوكل على الله " ( 6 ) فانه يكفيكم " وكفى بالله وكيلا " موكولا إليه
الامر في الاحوال كلها
" مايفتح الله للناس " ( 7 ) أي مايطلق لهم " من رحمة " كنعمة وأمن وصحة
وعلم ونبوة وولاية وروى علي بن إبراهيم ( 8 ) عن الصادق عليه السلام قال : والمتعة
من ذلك " فلاممسك لها " يحبسها " ومايمسك فلامرسل له " يطلقه " من بعد ه "
* ( الهامش ) * ( 1 ) العنكبوت : 59 ( 2 ) الروم : 47
( 3 ) مجمع البيان ج 8 ص 309
( 4 ) لقمان : 30
( 5 ) التنزيل : 4
( 6 ) الاحزاب : 3
( 7 ) فاطر : 2
( 8 ) تفسير القمى : 544
[120]
أي من بعد إمساكه " وهوالعزيز " الغالب على مايشاء ليس لاحد أن ينازعه فيه
" الحكيم " لايفعل إلا بعلم وإتقان
" من كان يريد العزة " ( 1 ) أي الشرف والمنعة " فلله العزة جميعا " أي
فليطلبها من عنده فان كلها له ، وفي المجمع ( 2 ) عن النبي صلى الله عليه وآله قال
: إن ربكم
يقول كل يوم : أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز
" أليس الله بكاف عبده ، ويخوفونك بالذين من دونه " ( 3 ) قيل : قالت
قريش إنا نخاف أن تخبلك آلهتنا لعيبك إياها ، وقال علي بن إبراهيم ( 4 ) يعني
يقولون لك يامحمد اعفنا من علي ويخوفونك بأنهم يلحقون بالكفار " أليس الله
بعزيز " غالب منيع " ذي انتقام " ينتقم من أعدائه " ليقولن الله " لوضوح البرهان
على تفرده بالخالقية " قل أفرأيتم " أي أرأيتم بعد ماتحققتم أن خالق العالم
هوالله أن آلهتكم إن أراد الله أن يصيبني بضر هل هن يكشفنه أو أرادني برحمة
أي بنفع " هل هن ممسكات رحمته " فيمسكنها عني ؟ " قل حسبي الله " في إصابة الخير
ودفع الضر " عليه يتوكل المتوكلون " لعلمهم بأن الكل منه
" وهوعلى كل شئ وكيل " ( 5 ) يتولى التصرف فيه " له مقاليد السموات
والارض " أي مفاتيحها لايملك ولايتمكن من التصرف فيها غيره ، وهوكناية
عن قدرته وحفظه لها
" وافوض أمري إلى الله " ( 6 ) ليعصمني من كل سوء " إن الله بصير بالعباد "
* ( الهامش ) * ( 1 ) فاطر : 10
( 2 ) مجمع البيان ج 8 ص 402
( 3 ) الزمر : 37
( 4 ) تفسير القمى : 578
( 5 ) الزمر : 62
( 6 ) المؤمن : 44
[121]
فيحرسهم " فوقاه الله سيئات مامكروا " أي شدائد مكرهم ، وفي الخصال ( 1 )
عن الصادق عليه السلام قال : عجبت لمن يفزع من أربع كيف لايفزع إلى أربع إلى قوله
عليه السلام : وعجبت لمن مكر به كيف لايفزع إلى قوله تعالى : " وافوض أمري
إلى الله إن الله بصير بالعباد " فاني سمعت الله بعقبها " فوقاه الله سيئات مامكروا
"
" الله حفيظ عليم " ( 2 ) أي رقيب على أحوالهم وأعمالهم فيجازيهم بها " فالله هو
الولى " قيل جواب شرط محذوف مثل إن أرادوا وليا بحق فالله هو الولى بالحق
" وهو يحيي الموتى " هو كالتقرير لكونه حقيقا بالولاية " عليه توكلت " أي في
مجامع الامور " وإليه انيب " قيل أي أرجع في المعضلات
" وما عند الله " ( 3 ) أي من ثواب الاخرة " خير وأبقى " لخلوص نفعه ودوامه
" ألا إلى الله تصير الامور " ( 4 ) بارتفاع الوسائط والتعلقيات ، وفيه وعد
ووعيد للمطيعين والمجرمين ، وفي الكافي عن الباقر عليه السلام قال : وقع مصحف في
البحر
فوجدوه وقد ذهب مافيه إلا هذه الاية " ألا إلى الله تصير الامور "
" فمن يملك لكم من الله شيئا " ( 5 ) أي فمن يمنعكم من مشيته وقضائه " إن
أرادبكم ضرا " أي مايضركم كقتل أو هزيمة وخلل في المال والاهل أو عقوبة
على التخلف " أوأراد بكم نفعا " أي مايضاد ذلك
" لكيلا تأسوا " ( 6 ) أي أثبت وكتب ما أصابكم لئلا تحزنوا " على ما
فاتكم " من نعم الدنيا " ولاتفرحوا بماآتيكم " أي أعطاكم الله منها فان من علم
أن الكل مقدرهان عليه الامر
* ( الهامش ) * ( 1 ) الخصال ج 1 ص 103
( 2 ) الشورى : 6 - 10
( 3 ) الشورى : 36
( 4 ) الشورى : 53
( 5 ) الفتح : 11
( 6 ) الحديد : 23
[122]
" إلا باذن الله " ( 1 ) أي إلا بتقديره ومشيته " ومن يؤمن بالله يهد قلبه "
فال علي بن إبراهيم : أي يصدق الله في قلبه فاذا بين الله له اختار الهدى " ويزيد
الله الذين اهتدوا هدى والله بكل شئ عليم " حتى القلوب وأحوالها " وعلى الله
فليتوكل المؤمنون " لان الايمان بالتوحيد يقتضي ذلك
" فهو حسبه " ( 2 ) أي كافيه " إن الله بالغ أمره " أي يبلغ مايريده ولايفوته
مراد " لكل شئ قدرا " أي تقديرا أو مقدارا لايتغير ، وهوبيان لوجوب التوكل
" قل هوالرحمن " ( 3 ) أدعوكم إليه مولى النعم كلها
" لن يجيرني من الله أحد " ( 4 ) أي إن عصيته " ملتحدا " أي منحرفا وملتجئا
" وتبتل إليه تبتيلا " ( 5 ) قيل أي انقطع إليه بالعبادة وجرد نفسك عما
سواه ، وقال علي بن إبراهيم أخلص إليه إخلاصا " وماتشاؤن إلا أن يشاء الله " ( 6 )
في بعض الاخبار أنها في الائمة عليهم السلام
1 - كا : عن أبي علي الاشعرى ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن ابن محبوب
عن أبي حفص الاعشى ، عن عمر بن خالد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن على بن
الحسين صلوات الله عليهما قال : خرجت حتى انتهيت إلى هذا الحائط فاتكأت عليه
فاذا رجل عليه ثوبان أبيضان ينظر في تجاه وجهي ثم قال : ياعلي بن الحسين مالي
أراك كئيبا حزينا ؟ أعلى الدنيا فرزق الله حاضر للبر والفاجر ، قلت : ماعلى هذا
أحزن وإنه لكما تقول ، قال : فعلى الاخرة ؟ فوعد صادق يحكم فيه ملك قاهر
أوقال قادر ، قلت : ماعلى هذا أحزن وإنه لكما تقول ، فقال : مما حزنك ؟ قلت :
مما يتخوف من فتنة ابن الزبير ، ومافيه الناس ، قال : فضحك ثم قال : ياعلي بن
* ( الهامش ) * ( 1 ) التغابن : 11 - 13 ( 2 ) الطلاق : 3
( 3 ) الملك : 29
( 4 ) الجن : 22
( 5 ) المزمل : 8 و 9
( 6 ) الدهر : 30
[123]
الحسين هل رأيت أحدا دعا الله فلم يجبه ؟ قلت : لاقال : فهل رأيت أحدا توكل على
الله
فلم يكفه ؟ قلت : لا ، قال : فهل رأيت أحدا سأل الله فلم يعطه ؟ قلت : لا ثم غاب
عني ( 1 )
بيان : في القاموس : وجاهك وتجاهك مثلثتين تلقاء وجهك ، وفي النهاية
وطائفة تجاه العدو أي مقابلهم وحذاهم ، والتاء فيه بدل من واو وجاه أي مما
يلي وجوههم " فرزق الله حاضر " جزاء للشرط المحذوف واقيم الدليل مقام المدلول
والتقدير إن كان على الدنيا فلاتحزن لان رزق الله . . وكذا قوله " فوعد صادق "
وقوله " أوقال قادر " ترديد من الثمالي أو أحد الرواة عنه
وفي هذا التعليل خفاء ويحتمل وجوها الاول أن يكون المعنى أن الله لما
وعد على الطاعات المثوبات العظيمة ، وقد أتيت بها ولايخلف الله وعده فلاينبغي
الحزن عليها مع أنك من أهل العصمة ، وقد ضمن الله عصمتك فلاي شئ حزنك ؟
فيكون مختصابه عليه السلام فلاينافي مطلوبية الحزن للاخرة لغيرهم عليهم السلام
الثاني أن الحزن إنما يكون لامر لم يكن منه مخرج والمخرج موجود لان
وعدالله صادق ، وقد وعد على الطاعة الثواب وعلى المعصية العقاب فينبغي فعل الطاعة
وترك المعصية لنيل الثواب والحذر عن العقوبات ، ولافائدة للحزن ، الثالث ما
قيل : إن المراد بالحزين من به غاية الحزن لضم الكئيب معه ، فلاينافي استحباب
قدر من الحزن للاخرة ، والاول أظهر وأنسب بالمقام
" ومافيه الناس " أي من الاضطراب والشدة لفتنته أو المراد بالناس الشيعة
لانه كان ينتقم منهم
وابن الزبير هوعبدالله ، وكان أعدى عدو أهل البيت عليهم السلام ، وهوصار سببا
لعدول الزبير عن ناحية أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال عليه السلام : لازال
الزبير معنا
حتى أدرك فرخه ، والمشهور أنه بويع له بالخلافة بعد شهادة الحسين صلوات الله
عليه لسبع بقين من رجب سنة أربع وستين في أيام يزيد وقيل : لما استشهد
الحسين عليه السلام في سنة ستين من الهجرة دعا ابن الزبير بمكة إلى نفسه وعاب يزيد
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 63
[124]
بالفسوق والمعاصي وشرب الخمور ، فبايعه أهل تهامة والحجاز فلما بلغ يزيد ذلك
ندب له الحصين بن نمير وروح بن زنباع وضم إلى كل واحد جيشا واستعمل على
الجميع مسلم بن عقبة وجعله أمير الامراء ، ولما ودعهم قال : يامسلم لاترد أهل
الشام عن شئ يريدونه لعدوهم ، واجعل طريقك على المدينة ، فان حاربوك فحاربهم
فان ظفرت بهم فأبحهم ثلاثا
فسار مسلم حتى نزل الحرة فخرج أهل المدينة فعسكروا بها ، وأميرهم
عبدالله بن حنظلة الراهب غسيل الملائكة فدعاهم مسلم ثلاثا فلم يجيبوا فقاتلهم فغلب
أهل الشام وقتل عبدالله وسبعمائة من المهاجرين والانصار ، ودخل مسلم المدينة
وأباحها ثلاثة أيام ثم شخص بالجيش إلى مكة ، وكتب إلى يزيد بماصنع بالمدينة
ومات مسلم لعنه الله في الطريق
فتولى أمر الجيش الحصين بن نمير حتى وافا مكة فتحصن منه ابن الزبير في
المسجد الحرام في جميع من كان معه ، ونصب الحصين المنجنيق على أبي قبيس ورمى
به الكعبة ، فبينماهم كذلك إذ ورد في الخبر على الحصين بموت يزيد لعنة الله عليهما
فأرسل إلى ابن الزبير يسأله الموادعة فأجابه إلى ذلك ، وفتح الابواب واختلط
العسكران يطوفون بالبيت
فبينما الحصين يطوف ليلة بعد العشاء إذا استقبله ابن الزبير فأخذ الحصين بيده
وقال له سرا : هل لك في الخروج معي إلى الشام فأدعو الناس إلى بيعتك ؟ فان
أمرهم قد مرج ولاأدري أحدا أحق بها اليوم منك ، ولست اعصى هناك فاجتذب
ابن الزبير يده من يده ، وهو يجهر : دون أن أقتل بكل واحد من أهل الحجاز
عشرة من الشام ، فقال الحصين : لقد كذب الذي زعم أنك من دهاة العرب اكلمك
سر او تكلمني علانية ، وأدعوك إلى الخلافة وتدعوني إلى الحرب ، ثم انصر ف
بمن معه إلى الشام
وقالوا : بايعه أهل العراق وأهل مصر وبعض أهل الشام إلى أن بايعوا
لمروان بعد حروب ، واستمر له العراق إلى سنة إحدى وسبعين ، وهي التي قتل
[125]
فيها عبدالملك بن مروان أخاه مصعب بن الزبير وهدم قصر الامارة بالكوفة
ولما قتل مصعب انهزم أصحابه فاستدعى بهم عبدالملك ، فبايعوه وسار إلى
الكوفة ودخلها واستقر له الامر بالعراق والشام ومصر ، ثم جهز الحجاج في سنة
ثلاث وسبعين إلى عبدالله بن الزبير فحصره بمكة ورمى البيت بالمنجنيق ثم ظفر
به وقتله واجتز الحجاج رأسه وصلبه منكسا ثم أنزله ودفنه في مقابر اليهود
وكانت خلافته بالحجاز والعراق تسع سنين واثنين وعشرين يوما ، وله من العمر
ثلاث وسبعون سنة ، وقيل : اثنان وسبعون سنة ، وكانت امه أسماء بنت أبي بكر
وأقول : الظاهر أن خوفه عليه السلام كان من ابن الزبير عليه وعلى شيعته
ويحتمل أن يكون من الحجاج وغيره ممن حاربه وكأن الفرق بين الدعاء
والسؤال أن الدعاء لدفع الضرر ، والسؤال لجلب النفع " فهل رأيت أحدا " أي
من الائمة عليهم السلام فانهم لايدعون إلا لامر علموا أن الله لم يتعلق إرادته
الحتمية
بخلافه أو هو مقيد بشرائط الاجابة التي منها ماذكر كما فصلناه في كتاب الدعاء
ثم الظاهر أن هذا الرجل إماكان ملكا تمثل بشرا بأمر الله تعالى أوكان بشرا
كخضر أو إلياس عليهما السلام ، وكونه عليه السلام أفضل وأعلم منهم لاينافي
إرسال الله تعالى بعضهم إليه لتذكيره وتنبيهه وتسكينه كإرسال بعض الملائكة إلى
النبي صلى الله عليه وآله مع كونه أفضل منهم ، وكإرسال خضر إلى موسى عليهما السلام
وكونه عليه السلام
عالما بما ألقى إليه ، لاينافي التذكير والتنبيه فان أكثر أرباب المصائب عالمون بما
يلقى إليهم على سبيل التسلية والتعزية ، ومع ذلك ينفعهم لاسيما إذا علم أن ذلك
من قبل الله تعالى
وقيل : إنه عليه السلام كان مترددا في أن يدعو على ابن الزبير ، وهل
هومقرون برضاه سبحانه ؟ فلما أذن بتوسط هذا الرجل أو الملك في الدعاء عليه
دعا فاستجيب له فلذا لم يمنع الله من ألقى المنجنيق إلى الكعبة لقتله كمامنع الفيل
لان حرمة الامام عليه السلام أعظم من الكعبة انتهى
2 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن أحمدبن محمد ، عن محمدبن سنان ، عن المفضل
[126]
عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أوحى الله عزوجل إلى داود : مااعتصم بي عبدمن
عبادي
دون أحد من خلقي عرفت ذلك من نيته ، ثم تكيده السماوات والارض ومن
فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن ، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي
عرفت ذلك من نيته إلا قطعت أسباب السماوات من يديه وأسخت الارض من تحته
ولم ابال بأي واد هلك ( 1 )
بيان : " عبد من عبادي " أي مؤمن " عرفت " نعت للعبد والكيد والمكر
والحيلة والحرب ، والظاهر أن تكيد كتبيع وربما يقرأ على بناء التفعل وأسخت
بالخاء المعجمة وتشديد التاء من السخت وهوالشديد ، وهومن اللغات المشتركة
بين العرب والعجم ، أي لاينبت له زرع ولايخرج له خير من الارض أومن
السوخ وهو الانخساف ، على بناء الافعال أي خسفت الارض به ، وربما يقرأ
بالحاء المهملة من السياحة كناية عن الزلزلة " ولم ابال " كناية عن سلب اللطف
والتوفيق عنه ، وعدم علمه سبحانه الخير فيه ، وعدم استحقاقه اللطف
3 - كا : عن العدة ، عن سهل ، عن علي بن حسان ، عن عمه عبدالرحمن بن
كثير ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إن الغناء والعز يجولان ، فاذا ظفرا بموضع
التوكل أوطنا ( 2 )
كا : عن العدة ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمدبن علي ، عن علي بن
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 126 سطر 17 الى ص 134 سطر 17
حسان مثله ( 3 )
بيان : " يجولان " من الجولان أي يسيران ويتحركان لطلب موطن ومنزل
يقيمان فيه ، فاذا وجدا موضع التوكل أي المتوكل أوطنا عنده ولزماه ، وكأنه
استعارة تمثيلية لبيان أن الغنا والعز يلزمان التوكل فان المتوكل يعتمد على الله
ولايلتجئ إلى المخلوقين فينجو من ذل الطلب ويستغني عنهم ، فان الغنا غنا
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 63
( 2 ) الكافى ج 2 ص 64
( 3 ) الكافى ج 2 ص 65
[127]
النفس ، لاالغنا بالمال ، مع أنه سبحانه يغنيه عن التوسل إليهم على كل حال
ثم إن التوكل ليس معناه ترك السعي في الامور الضرورية ، وعدم الحذر
عن الامور المحذورة بالكلية ، بل لابد من التوسل بالوسايل والاسباب على ما
ورد في الشريعة من غير حرص ومبالغة فيه ومع ذلك لايعتمد على سعيه ومايحصله
من الاسباب بل يعتمد على مسبب الاسباب
قال المحقق الطوسي قدس سره في أوصاف الاشراف : المراد بالتوكل
أن يكل العبد جميع مايصدر عنه ويرد عليه إلى الله تعالى ، لعلمه بأنه أقوى وأقدر
ويضع ماقدر عليه على وجه أحسن وأكمل ثم يرضى بمافعل ، وهومع ذلك
يسعى ويجتهد فيما وكله إليه ، ويعد نفسه وعمله وقدرته وإرادته من الاسباب
والشروط المخصصة ، لتعلق قدرته تعالى ، وإرادته بما صنعه بالنسبة إليه ، ومن
ذلك يظهر معنى لاجبر ولاتفويض بل أمر بين أمرين
4 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن
سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : أيما عبد أقبل قبل مايحب الله عزوجل
أقبل الله قبل مايحب ، ومن اعتصم بالله عصمه الله ، ومن أقبل الله قبله وعصمه
لم يبال لو سقطت السماء على الارض ، أو كانت نازلة نزلت على أهل الارض فشملتهم
بلية كان في حزب الله بالتقوى من كل بلية ، أليس الله عزوجل يقول : " إن
المتقين في مقام أمين " ( 1 )
بيان : في القاموس وإذا أقبل قبلك بالضم أقصد قصدك ، وقبالته
بالضم تجاهه ، والقبل محركة المحجة الواضحة ، ولي قبله بكسر القاف أي
عنده انتهى ، والمراد إقبال العبد نحوما يحبه الله ، وكون ذلك مقصوده دائما
وإقبال الله نحو مايحبه العبد توجيه أسباب مايحبه العبد من مطلوبات الدنيا
والاخرة ، والاعتصام بالله الاعتماد والتوكل عليه
ومن أقبل الله الخ هذه الجمل تحتمل وجهين : الاول أن يكون لم يبال
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 65
[128]
خبرا للموصول ، وقوله : " لوسقطت " جملة اخرى استينافية وقوله : " كان في
حزب الله " جزاء الشرط ، الثاني أن يكون لم يبال جزاء الشرط ، ومجموع الشرط
والجزاء خبر الموصول ، وقوله : " كان في حزب الله " استينافا " فشملتهم بلية "
بالنصب على التميز أو بالرفع أي شملتهم بلية بسبب النازلة أو يكون من قبيل
وضع الظاهر موضع المضمر " بالتقوى " أي بسببه كماهو ظاهر الاية فقوله : " من
كل بلية " متعلق بمحذوف أي محفوظا من كل بلية أو الباء للملابسة " ومن
كل " متعلق بالتقوى أي يقيه من كل بلية والاول أظهر ، وقوله : في حزب الله
كناية عن الغلبة والظفر أي الحزب الذين وعدالله نصرهم وتيسير امورهم كماقال
تعالى : " ألا إن حزب الله هم الغالبون " ( 1 )
" إن المتقين في مقام " ( 2 ) قرأ ابن عامر ونافع بضم الميم والباقون بالفتح
أي في موضع إقامة " أمين " أي أمنوا فيه الغير من الموت والحوادث أو أمنوا فيه
من الشيطان والاحزان ، قال البيضاوي : يأمن صاحبه عن الافة والانتقال انتهى
وأقول : ظاهرأكثر المفسرين أن المراد وصف مقامهم في الاخرة بالامن
وظاهر الرواية الدنيا ، ويمكن حمله على الاعم ولايأبي عنه الخبر ، ولعل
المراد أمنهم من الضلال والحيرة ، ومضلات الفتن في الدنيا ، ومن جميع الافات
والعقوبات في الاخرة ، وعليه يحمل قوله سبحانه : " ألا إن أولياء الله لاخوف عليهم
ولاهم يحزنون " ( 3 ) فانه لايتخوف عليهم الضلالة بعد الهداية ، ولايحزنون
من مصائب الدنيا لعلمهم بحسن عواقبها ويحتمل أن يكون المعنى هنا أن الله تعالى
يحفظ المطيعين والمتقين المتوكلين عليه من أكثر النوازل والمصائب ، وينصرهم
على أعدائهم غالبا كما نصر كثيرا من الانبياء والاولياء على كثير من الفراعنة ولا
ينافي مغلوبيتهم في بعض الاحيان لبعض المصالح
* ( الهامش ) * ( 1 ) المائدة : 56
( 2 ) الدخان : 51
( 2 ) يونس : 62
[129]
5 - كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن غير واحد ، عن علي بن أسباط ، عن
أحمدبن عمرالحلال ، عن علي بن سويد ، عن أبي الحسن الاول عليه السلام
قال : سألته عن قول الله عزوجل : " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " ( 1 )
فقال : التوكل على الله درجات منها أن تتوكل على الله في امورك كلها فما فعل
بك كنت عنه راضيا تعلم أنه لايألوك خيرا وفضلا ، وتعلم أن الحكم في ذلك له
فتوكل على الله بتفويض ذلك إليه وثق به فيها وفي غيرها ( 2 )
بيان : " الحلال " بالتشديد بياع الحل بالفتح ، وهود هن السمسم " ومن
يتوكل على الله فهو حسبه " أي ومن يفوض اموره إلى الله ووثق بحسن تدبيره
وتقديره ، فهو كافيه يكفيه أمر دنياه ، ويعطيه ثواب الجنة ، ويجعله بحيث لا
يحتاج إلى غيره " منها أن تتوكل " الظاهر أن هذا آخر أفراد التوكل ، وسائر
درجات التوكل أن يتوكل على الله في بعض اموره دون بعض ، وتعددها بحسب
كثرة الامور المتوكل فيها وقلتها " فمافعل بك " الخ بيان للوازم التوكل وآثاره
وأسبابه والالو التقصير وإذا عدي إلى مفعولين ضمن معنى المنع ، قال في النهاية :
ألوت قصرت يقال : إلى الرجل وألى إذا قصر وترك الجهد ، قوله : " فيها " أي
في امورك كلها " وفي غيرها " أي في امور غيرك من عشائرك وأتباعك وغيرهم
6 - كا : عن العدة ، عن سهل وعلي ، عن أبيه جميعا ، عن يحيى بن المبارك
عن عبدالله بن جبلة ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال من اعطي :
ثلاثا لم يمنع ثلاثا من اعطي الدعاء اعطي الاجابة ، ومن اعطي الشكر اعطي
الزيادة ، ومن اعطي التوكل اعطي الكفاية ، ثم قال : أتلوت كتاب الله عزوجل
" ومن يتوكل على الله فهوحسبه " وقال : " ولئن شكرتم لازيدنكم " ( 3 ) وقال :
* ( الهامش ) * ( 1 ) الطلاق : 3
( 2 ) الكافى ج 2 ص 65
( 3 ) ابراهيم : 7
[130]
" ادعوني أستجب لكم " ( 1 )
بيان : النشر في الايات على عكس ترتيب اللف والمراد بالاعطاء توفيق
الاتيان به في الكل ، والتخلف المتوهم في بعض الموارد لعدم تحقق بعض الشرايط
فان كلا منها مشروط بعدم كون المصلحة في خلافها ، وعدم صدور مايمنع
الاستحقاق عن فاعله ، وقد قال تعالى : " أوفوا بعهدي اوف بعهدكم " ( 2 )
وسيأتي مزيد تحقيق لذلك إنشاء الله
7 - كا : عن الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أبي علي ، عن محمدبن الحسن
عن الحسين بن راشد ، عن الحسين بن علوان قال : كنا في مجلس يطلب فيه العلم
وقد نفدت نفقتي في بعض الاسفار ، فقال لي بعض أصحابنا : من تؤمل لماقد نزل
بك ؟ فقلت : فلانا ، فقال : إذا والله لاتسعف حاجتك ، ولايبلغك أملك ، ولا
تنجح طلبتك ، قلت : وماعلمك رحمك الله ؟
قال : إن أبا عبدالله عليه السلام حدثني أنه قرأفي بعض الكتب أن الله تبارك
وتعالى يقول : وعزتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي لاقطعن أمل
كل مؤمل من الناس أمل غيري باليأس ، ولاكسونه ثوب المذلة عند الناس
ولانحينه من قربي ، ولابعدنه من وصلي أيؤمل غيري في الشدائد والشدائد
بيدي ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري ، وبيدي مفاتيح الابواب وهي
مغلقة ، وبابي مفتوح لمن دعاني
فمن ذا الذي أملني لنوائبة فقطعته دونها ، ومن ذا الذي رجاني لعظيمة
فقطعت رجاه مني ؟ جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي وملات
سماواتي ممن لايمل من تسبيحي وأمرتهم أن لايغلقوا الابواب بيني وبين عبادي
فلم يثقوا بقولي ، ألم يعلم من طرقته نائبة من نوائبي أنه لايملك كشفها أحد غيري
إلا من بعد إذني ، فمالي أراه لاهيا عني ؟ أعطيته بجودي مالم يسألني ثم انتزعته
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 65 ، والاية في المؤمن : 60
( 2 ) البقرة : 40
[131]
عنه فلم يسألني رده وسأل غيري
أفيراني أبدأ بالعطايا قبل المسألة ؟ ثم اسأل فلا اجيب سائلي أبخيل أنا
فيبخلني عبدي أو ليس الجود والكرم لي أوليس العفو والرحمة بيدي ، أوليس أنا
محل الامال فمن يقطعها دوني ؟ أفلا يخشى المؤملون أن يؤملوا غيري ؟ فلو أن
أهل سماواتي وأهل أرضي أملوا جميعا ثم أعطيت كل واحد منهم مثل ما أمل الجميع
ماانتقص من ملكي مثل عضو ذرة ، وكيف ينقص ملك أنا قيمه ، فيابؤسا للقانطين
من رحمتي ، ويابؤسا لمن عصاني ولم يراقبني ( 1 )
بيان : " أسعف حاجته " قضاها له ، وفي أكثر النسخ : لاتسعف ، ولاتنجح
بالتاء فيهما على بناء المفعول وفي بعضها بالياء فهما على بناء الفاعل وحينئذ " لا
يبلغك " على التفعيل أو الافعال والضمائر المستترة لفلان " وماعلمك " أي ماسبب
علمك ، والعزة الشدة والقوة والغلبة والسلطنة والملك ، قال الراغب : العزة حالة
مانعة للانسان من أن يقهر من قولهم أرض عزاز أي صلبة والعزيز الذي يقهر ولا
يقهر ، والجلال العظمة والتنزه عن النقائص ، قال الراغب : الجلالة عظم القدر
والجلال بغير الهاء التناهي في ذلك وخص بوصف الله فقيل : ذوالجلال ، ولم يستعمل
في غيره ، والجليل العظيم القدر ، ووصفه تعالى بذلك إما لخلقه الاشياء العظيمة
المستدل بها عليه ، أو لانه يجل عن الاحاطة به ، أو لانه يجل عن أن يدرك
بالحواس وقال : المجد السعة في الكرم والجلالة انتهى
وارتفاعه إما على عرش العظمة والجلال ، أو هو كناية عن استيلائه على العرش
فهو يتضمن الاستيلاء على كل شئ لان تقدير جميع الامور فيه ، أو لكونه محيطا
بالجميع ، أو المراد بالعرش جميع الاشياء وهوأحد إطلاقاته كما مر وقوله :
" باليأس " متعلق بقوله : " لاقطعن " أي ييئس غالبا أو إلا باذنه تعالى وإضافة
الثوب إلى المذلة من إضافة المشبه به إلى المشبه والكسوة ترشيح التشبيه " ولانحينه
"
أي لابعدنه وازيلنه " والشدائد بيدي " أي تحت قدرتي
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 66
[132]
" ويقرع بالفكر " تشبيه الفكر باليد مكنية وإثبات القرع له تخييلية
وذكر الباب ترشيح " وهي مغلقة " أي أبواب الحاجات مغلقة ومفاتيحها بيده سبحانه
وهو استعارة على التمثيل للتنبيه على أن قضاء الحاجة المرفوعة إلى الخلق لايتحقق
إلا باذنه ، والنائبة المصيبة واحدة نوائب الدهر أي أمل رحمتي لدفع نوائبه " فقطعته
دونها " أي فجعلته منقطعا عاجزا قبل الوصول إلى دفعها ، من قولهم قطع بفلان
فهو مقطوع به ، إذا عجز عن سفره ، من نفقة ذهبت أو قامت عليه راحلته ، ونحوه
فالدفع أو نحوه مقدر في الموضعين ، أو التقدير فقطعته أي تجاوزت عنه عند تلك
المصيبة ، فلم اخلصه عنها ، من قطع النهر إذا تجاوزه ، وقيل : المعنى قطعته عن نفسي
قبل تلك المصيبة ، فلم ارافقه لدفعها ، وقيل : أي قطعته عند النوائب وهجرته أو
منعته من أمله ورجائه ، ولم أدفع نوائبه ، تقول : قطت الصديق قطيعة إذا هجرته
وقطعته من حقه إذا منعته " لعظيمة " أي لمطالب عظيمة أو لنازلة عظيمة " عندي
محفوظة " أي لم اعطهم إياها لعدم مصلحتهم وحفظت عوضها من المثوبات العظيمة
" فلم يرضوا " بهذا الحفظ بل حملوه على التقصير أو العجز أو قلة اللطف ، وعجلوا
طلبها ، وطلبوا من غيري " ممن لايمل " أي من الملائكة
" وأمرتهم أن لايغلقوا الابواب " كناية عن السعي في قضاء حوائجهم ، أو
دفع وساوس الشيطان عنهم ، وتوفيقهم للدعاء والمسألة ، بل الدعاء وسؤال المغفرة و
الرحمة لهم ، أو رفع حاجاتهم إلى الله وعرضها عليه سبحانه ، وإن كان تعالى
عالما بها ، فانه من أسباب الاجابة وكل ذلك ورد في الايات والاخبار ، مع أنه
لااستبعاد في أن يكون للسماوات أبواب تفتح عند دعاء المؤمنين علامة لاجابتهم
" فلم يثقوا بقولي " أي وعدي الاجابة لهم وأني اعطيهم مع عدم الاجابة
أفضل من ذلك ، وأن مفاتيح الامور بيدي " من طرقته " أي نزلت به وأتته مطلقا
وإن كان إطلاقه على مانزل بالليل أكثر " إلا من بعد إذني " أي تيسير الاسباب
ورفع الموانع " أعطيته " الضمير راجع إلى " من طرقته نائبة " أوإلى الانسان مطلقا
" أفيراني " الاستفهام للانكار والتعجب ويقال بخله بالتشديد أي نسبه إلى البخل
[133]
" أو ليس " عطف على بخيل أو الهمزة للاستفهام ، والواو للعطف على الجمل السابقة
وكذا الفقرة ، الاتية تحتمل الوجهين
" فمن يقطعها دوني " أي فمن يقدر أن يقطع آمال العباد عني قبل وصولها
إلي أو من يقدر أن يقطع الامال عن العباد غيري ، وعلى الاول أيضا يشعر بأنه
سبحانه قادر على قطع آمال العباد بعضهم عن بعض " أفلا يخشى المؤملون " الخشية
إما من العقوبة أو من قطع الامال ، أو من الابعاد عن مقام القرب ، أو من إزالة
النعماء عنه " أنا قيمه " أي قائم بسياسة اموره ، وفيه إشارة إلى أن مقدوراته
سبحانه غير متناهية والزيادة والنقصان من خواص المتناهي
" فيابؤسا " البؤس والبأساء الشدة والفقر والحزن ، ونصب بؤسا بالنداء لكونه
نكرة ، فالنداء مجاز لبيان أن القانط والعاصي هو محل ذلك ومستحقه ، وقيل
تقديره ياقوم أبصروا بؤسا ، وأقول يحتمل أن يكون " يا " للتنبيه وقوله بؤسا
كقوله تعالى : " فسحقا لاصحاب السعير " فان التقدير أسحقهم الله سحقا فكذا ههنا
" ولم يراقبني " أي لم يخف عذابي أولم يحفظ حقوقي
8 - كا : عن محمدبن يحيى ، عن محمدبن الحسين ، عن بعض أصحابنا ، عن
عباد بن يعقوب الرواجني ، عن سعيد بن عبدالرحمان قال : كنت مع موسى بن
عبدالله بينبع وقد نفدت نفقتي في بعض الاسفار فقال لي بعض ولد الحسين : من تؤمل
لماقد نزل بك ؟ فقلت : موسى بن عبدالله ، فقال : إذا لاتقضى حاجتك ثم لاتنجح
طلبتك ، قلت : ولم ذاك ؟ قال لاني : وجدت في بعض كتب آبائي أن الله عزوجل يقول
ثم ذكر مثل الحديث السابق ، فقلت : ياابن رسول الله أمل علي فأملاه علي فقلت :
لاوالله ماأسأله حاجة بعدها ( 1 )
بيان : في القاموس ينبع كينصر حصن له عيون ونخيل وزروع بطريق حاج
مصر ( 2 )
* ( الهامش ) * ( 1 ) الكافى ج 2 ص 67
( 2 ) وأما موسى بن عبدالله ، فهو موسى بن عبدالله بن الحسن المثنى
[134]
9 - لى : ابن مسرور ، عن ابن عامر ، عن عمه ، عن ابن أبي عمير ، عن
عبدالله بن القاسم ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن علي عليهم السلام قال : كن لما
لاترجو
أرجى منك لما ترجو ، فان موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس لاهله نارا فكلمه
الله عزوجل فرجع نبيا ، وخرج ملكة سبا فأسلمت مع سليمان عليه السلام ، وخرج
سحرة فرعون يطلبون العزة لفرعون فرجعوا مؤمنين ( 1 )
10 - لى : ابن إدريس ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن الفضل
ابن صالح ، عن جابر الجعفي ، عن الباقر عليه السلام قال : إن موسى بن عمران عليه
السلام
قال : يارب رضيت بماقضيت : تميت الكبير ، وتبقي الطفل الصغير ، فقال الله جل
جلاله : ياموسى أما ترضاني لهم رازقا وكفيلا ؟ قال : بلى يارب فنعم الوكيل
أنت ونعم الكفيل ( 2 )
11 - ن ( 3 ) لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن سهل ، عن الحسن بن علي بن
النعمان ، عن ابن أسباط ، عن الحسن بن الجهم قال : سألت الرضا عليه السلام فقلت له
:
جعلت فداك ماحد التوكل ؟ فقال لي : أن لاتخاف مع الله أحدا قال : قلت :
* ( الهامش ( ) * وكنيته أبوعبدالله ولقبه الجون ، وله خبر في كتاب الكافى ج 1 ص
358 - 366 ، وقال
أبونصر البخارى : أمه أم هند أم أخويه - يعنى محمد النفس الزكية وابراهيم ابنى
عبدالله
ابن الحسن - هرب إلى مكة بعد قتل أخويه وحج المهدى بالناس في تلك السنة فقال في
الطواف قائل : أيها الامير لى الامان وأدلك على موسى الجون ابن عبدالله ؟ فقال
المهدى
............................................................................
-بحار الانوار مجلد: 64 من ص 134 سطر 18 ا