بحار الانوار الجزء 51
بسمه تعالى
موضوع : بحار51
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 1 سطر 1 إلى صفحه 7 سطر 2
[ 1 ]
1 .
( باب )
* ( العرش والكرسى وحملتهما ) *
الآيات : البقرة : وسع كرسيه السماوات والارض . ( 1 )
الاعراف : ثم استوى على العرش . ( 2 )
يونس : ثم استوى على العرش يدبر الامر ما من شفيع إلا من بعد إذنه . ( 3 )
هود : وكان عرشه على الماء . ( 4 )
الرعد : ثم استوى على العرش . ( 5 )
طه : الرحمن على العرش استوى . ( 6 )
المؤمنون : قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم . ( 7 )
الفرقان : ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا . ( 8 )
النمل : رب العرش العظيم . ( 9 )
* ( هامش ) * ( 1 ) البقرة : 255 .
( 2 ) الاعراف : 54 .
( 3 ) يونس : 3 .
( 4 ) هود : 7 .
( 5 ) الرعد : 2 .
( 6 ) طه : 5 .
( 7 ) المؤمنون : 86 .
( 8 ) الفرقان : 59 .
( 9 ) النمل : 26 .
[ 2 ]
التنزيل : ثم استوى على العرش . ( 1 )
المؤمن : الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون
به ويستغفرون للذين آمنوا . ( 2 )
الحديد : ثم استوى على العرش . ( 3 )
الحاقة : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية . ( 4 )
تفسير : ( وسع كرسيه السماوات والارض ) قال الطبرسي ره : اختلف
فيه على أقوال : أحدها وسع علمه السماوات والارض عن ابن عباس ومجاهد ، و
هو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام ويقال للعلماء ( كراسي ) كما
يقال لهم
( أوتاد الارض ) لان بهم قوام الدين والدنيا وثانيها أن الكرسي ههنا هو العرش
عن الحسن ، وإنما سمي كرسيا لتركب بعضه على بعض وثالثها أن المراد
بالكرسي ههنا الملك والسلطان والقدرة كما يقال ( اجعل لهذا الحائط كرسيا )
أي عمادا يعمد به حتى لا يقع ولا يميل ، فيكون معناه : أحاطت قدرته بالسماوات
والارض وما فيهما ورابعها أن الكرسي سرير دون العرش وقد روي ذلك عن
أبي عبدالله عليه السلام وقريب منه ما روي عن عطاء ( 5 ) أنه قال : ما السماوات
والارض
عند الكرسي إلا كحلقة خاتم في فلاة ، وما الكرسي عند العرش إلا كحلقة في
الفلاة ( 6 ) ، ومنهم من قال : إن السماوات والارض جميعا على ( 7 ) الكرسي ، و
الكرسي تحت العرش ( 8 ) فالعرش فوق السماوات . وروى الاصبغ بن نباته أن
* ( هامش ) * ( 1 ) السجدة : 4 .
( 2 ) المؤمن : 7 .
( 3 ) الحديد : 4 .
( 4 ) الحاقة : 17 .
( 5 ) بالمد وقد يقصر .
( 6 ) في المصدر : في فلاة .
( 7 ) في بعض النسخ : في الكرسى .
( 8 ) في المصدر ( تحت الارض كالعرش فوق السماء ) والظاهر انه تصحيف .
[ 3 ]
عليا عليه السلام قال : السماوات والارض وما فيهما من مخلوق في جوف الكرسي ( 1 ) .
وساق الحديث إلى آخره كما سيأتي في رواية علي بن إبراهيم .
( ثم استوى على العرش ) منهم من فسر العرش هنا بمعنى الملك ، قال القفال :
العرش في كلامهم هو السرير الذي يجلس عليه الملوك ، ثم جعل العرش كناية عن
نفس الملك يقال ( ثل عرشه ) أي انتقص ملكه وقالوا : استوى على عرشه واستقر
على سرير ملكه . ومنهم من فسر العرش بالجسم الاعظم . والاستواء بمعنى الاستيلاء
كما مر . قال الرازي في تفسير : اتفق المسلمون على أن فوق السماوات جسما
عظيما هو العرش ، واختلف في المراد بالعرش هنا ، فقال أبومسلم : المراد أنه لما
خلق الله السماوات والارض سطحها ورفع سمكها ، فإن كل بناء يسمى عرشا
وبانيه يسمى عارشا ، قال تعالى ( ومما يعرشون ) ( 2 ) والاستواء على العرش هو
الاستعلاء
عليه بالقهر ، والمشهور بين المفسرين أن المراد بالعرش فيها الجسم العظيم الذي
في السماء ، وقيل : المراد من العرش الملك ، وملك الله تعالى عبارة عن مخلوقاته
ووجود مخلوقاته إنما حصل بعد خلق السماوات والارض ، فلا جرم صح إدخال
حرف ( ثم ) عليه ، والحاصل أن المراد استواؤه على عالم الاجسام بالقهر والقدرة
والتدبير والحفظ ، يعني أن من فوق العرش إلى ما تحت الثرى في حفظه وتدبيره
وفي الاحتياج إليه ( 3 ) .
( فاسأل به خبيرا ) قال الطبرسي ره : قيل أي فاسأل عنه خبيرا والباء
بمعنى عن والخبير ههنا هو الله تعالى أو محمد صلى الله عليه وآله وقيل : إن الباء
على أصلها ، و
المعنى : فاسأل سؤالك ( 4 ) أيها الانسان خبيرا يخبرك بالحق في صفته . وقيل : إن
الباء فيه مثل الباء في قولك ( لقيت بفلان ليثا ) إذا وصفت شجاعته ، والمعنى : إذا
* ( هامش ) * ( 1 ) مجمع البيان ، ج 4 ، ص 362 .
( 2 ) النحل : 68 .
( 3 ) مفاتيح الغيب : ج 4 ، 782 .
( 4 ) بسؤالك ( خ ) .
[ 4 ]
رأيته رأيت الشئ المشبه بأنه الخبير به ( 1 ) .
( الذين يحملون العرش ) قال الطبرسي ره : عبادة لله وامتثالا لامره
( ومن حوله ) يعني الملائكة المطيفين بالعرش وهم الكروبيون وسادة الملائكة
( يسبحون بحمد ربهم ) أي ينزهون ربهم عما يصفه به هؤلاء المجادلون ، وقيل :
يسبحونه بالتسبيح المعهود ويحمدونه على إنعامه ( ويؤمنون به ) ) أي ويصدقونه ( 2 )
ويعترفون بوحدانيته ( ويستغفرون ) أي ويسألون الله المغفرة ( للذين آمنوا ) من
أهل الارض أي صدقوا بوحدانية الله واعترفوا بالهيته وبما يجب الاعتراف به ( 3 )
وقال في قوله تعالى ( ويحمل عرش ربك فوقهم ) : يعني فوق الخلائق ( يومئذ )
يعني يوم القيامة ( ثمانية ) من الملائكة عن ابن زيد ، وروي ذلك عن النبي صلى الله
عليه وآله
أنهم اليوم أربعة ، فإذا كان يوم القيامة أيدهم بأربعة اخرى ( 4 ) فيكونون ثمانية .
وقيل : ثمانية صفوف من الملائكة لايعلم عددهم إلا الله تعالى عن ابن عباس ( 5 ) .
وقال الرازي : نقل عن الحسن أنه قال : لا أدري أنهم ثمانية أشخاص أو ثمانية
آلاف يصفون ، وحمله على ثمانية أشخاص أولى لما روي أنهم ثمانية أملاك أرجلهم
في تخوم الارض السابعة ، والعرش فوق رؤوسهم ، وهم يطوفون يسبحون . وقيل :
بعضهم على صورة الانسان ، وبعضهم على صورة الاسد ، وبعضهم على صورة الثور ، و
بعضهم على صورة النسر . وروي : ثمانية أملاك على صورة الاوعال ما بين أظلافها
إلى ركبها مسيرة سبعين عاما . وعن شهر بن حوشب ( 6 ) : أربعة منهم يقولون :
* ( هامش ) * ( 1 ) في مجمع البيان : والمعنى أنك إذا رأيته رأيت الشئ المشبه به
والمعنى فاسأله
عنه فانه الخبيرج 7 ص 176 .
( 2 ) ويصدقون به ( خ ) .
( 3 ) مجمع البيان ، ج 8 ، ص 515 .
( 4 ) في المصدر : آخرين .
( 5 ) مجمع البيان ، ج 10 ، ص 346 .
( 6 ) شهر بن حوشب مولى اسماء بنت يزيد بن السكين ابوسعيد الشامى ، يروى عن امير
[ 5 ]
( سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك ) وأربعة تقول ( سبحانك
اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك ) ( 1 ) .
1 الخصال والمعانى والعياشى والدر المنثور : في حديث أبي ذر عن
النبي صلى الله عليه وآله قال : يا باذر ، ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة
ملقاة في
أرض فلاة ، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة ( 2 ) .
2 الفقيه والعلل والمجالس للصدوق : روي عن الصادق عليه السلام أنه سئل :
لم سمي ( 3 ) الكعبة كعبة ؟ قال : لانها مربعة ، فقيل له : ولم صارت مربعة ؟ قال :
لانها بحذاء بيت المعمور وهو مربع ، فقيل له : ولم صار البيت المعمور مربعا ؟
قال : لانه بحذاء العرش وهو مربع ، فقيل له : ولم صار العرش مربعا ؟ قال :
لان الكلمات التي بني عليها الاسلام أربع : سبحان الله ، والحمدلله ، ولا إله إلا
الله
والله أكبر ( 4 ) .
بيان وتأويل عليل : قال السيد الداماد ره في بعض تعليقاته على الفقيه :
العرش هو فلك الافلاك ، وإنما حكم عليه السلام بكونه مربعا لان الفلك يتعين له
بالحركة المنطقة والقطبان ، وكل دائرة عظيمة منصفة للكرة ، والفلك يتربع
بمنطقة الحركة والدائرة المارة بقطبيها ، والعرش وهو الفلك الاقصى والكرسي
وهو فلك الثوابت يتربعان بمعدل النهار ومنطقة البروج والدائرة المارة بالاقطاب
* ( هامش ) * المؤمنين عليه السلام وابن عباس وجابر وام سلمة ، وعائشة . قال
الخزرجى ( خلاصة تذهيب
الكمال : 143 ) وثقه ابن معين واحمد ، وقال النسائى : ليس بالقوى ، وقال البخارى
وجماعة :
مات سنة مائة ، وقيل سنة احدى عشرة . ( انتهى ) اقول : المراد بقوله ( احدى عشرة )
مائة
واحدى عشرة ، ويؤيد القول الاخير في تاريخ وفاته ما رواه في الكافى عنه عن ابى حمزة
الثمالى
عن الصادق عليه السلام في باب قسمة الغنيمة من كتاب الجهاد والله العالم .
( 2 ) مفاتيح الغيب : ج 8 ، ص 284 .
( 2 ) معانى الاخبار : 333 الدر المنثور : ج ، 1 ص 328 وسيأتى تحت الرقم 10
من هذا الباب .
( 3 ) في العلل ، لم سميت .
( 4 ) الفقيه : ج 2 ص 201 ، العلل ، ج 2 ص 88 .
[ 6 ]
الاربعة ، وأيضا دائرة الافق على سطح الفلك الاعلى يتربع بدائرة نصف النهار
ودائرة المشرق والمغرب ، فيقع منها بينها أرباعها ، ويتعين عليها النقاط الاربع :
الجنوب ، والشمال ، والمشرق والمغرب . والحكماء نزلوا الفلك منزلة إنسان
مستلق على ظهره ، رأسه إلى الشمال ، ورجلاه إلى الجنوب ، ويمينه إلى المغرب
وشماله إلى المشرق . و أيضا التربيع والتسديس أول الاشكال في الدائرة على ماقد
استبان في مظانه ، إذا لتربيع يحصل بقطرين متقاطعين على قوائم ، والتسديس بنصف
قطر ، فإن وترسدس الدوريساوي نصف القطر ، وربع الدور قوس تامة ، وما نقصت
عن الربع فمتممها إلى الربع تمامها ، وأيضا الفلك الاقصى له مادة ، وصورة ، و
عقل هو العقل الاول ويقال له عقل الكل ، ونفس هي النفس الاولى ويقال لها
نفس الكل ، فيكون مربعا وأول المربعات في نظام الوجود ، وهنالك وجوه
اخرى يضيق ذرع المقام عن بسطها فليتعرف ( انتهى ) ولا يخفى عدم موافقتها
لقوانين الشرع ومصطلحات أهله ، وسيأتي القول فيها ، وقد مر بعض ما يزيفها .
3 المتهجد والفقيه والتهذيب : في خطبة الاستسقاء : الذي جعل
السماوات لكرسية عمادا ، والجبال ( 1 ) أوتادا ، والارض للعباد مهادا ، وملائكته
على أرجائها وحملة عرشه على أمطائها ، وأقام يعزته أركان العرش وأشرق بضوئه
شعاع الشمس ، وأطفأ ( 2 ) بشعائه ظلمة الغطش ، وفجر الارض عيونا ، والقمر نورا
والنجوم بهورا ( 3 ) .
4 الاقبال : عن التلعكبري ، بإسناده عن أبي عبدالله عليه السلام في دعاء يوم
عرفة : ( ( وأسألك بكل اسم هولك ، وكل مسألة حتى ينتهي إلى اسمك الاعظم
الاعظم الاكبر ألاكبر العلي الاعلى ، الذي استويت به على عرشك ، واستقللت
به على كرسيك ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في الفقيه : والجبال للارض .
( 2 ) في الفقيه : وأحيى .
( 3 ) الفقيه : ص 139 ، ح 16 .
( 4 ) الاقبال : 374 .
[ 7 ]
5 العقائد للصدوق : اعتقادنا في العرش أنه جملة جميع الخلق ، والعرش
في وجه آخر هو العلم . وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل ( الرحمن على
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 7 سطر 3 إلى صفحه 15 سطر 4
العرش استوى ) فقال : استوى من كل شئ ، فليس شئ أقرب منه من شئ ، وأما
العرش الذي هو جملة جميع الخلق فحملته ثمانية من الملائكة ، لكل واحد ثماني
أعين ، كل عين طباق الدنيا ، واحد منهم على صورة بني آدم يسترزق الله تعالى لبني
آدم ، وواحد منهم على صورة الثور يسترزق الله تعالى للبهائم كلها وواحد منهم على
صورة الاسد يسترزق الله تعالى للسباع ، وواحد منهم على صورة الديك يسترزق الله
تعالى للطيور ، فهم اليوم هؤلاء الاربعة فإذا كان يوم القيامة صاروا ثمانية وأما
العرش الذي هو العلم فحملته أربعة من الاولين وأربعة من الآخرين ، فأما الاربعة
من الاولين فنوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى عليهم السلام ، وأما الاربعة من
الآخرين
فمحمد ، وعلي ، والحسن ، والحسين عليهم السلام ، هكذا روي بالاسانيد الصحيحة عن
الائمة عليهم السلام في العرش وحملته ، وإنما صار هؤلاء حملة العرش الذي هو العلم ،
لان
الانبياء الذين كانوا قبل نبينا محمد صلى الله عليه وآله على شرائع الاربعة من
الاولين : نوح ، و
إبراهيم ، وموسى ، وعيسى عليهم السلام ، ومن قبل هؤلاء الاربعة صارت العلوم إليهم ،
و
كذلك صار العلم بعد محمد صلى الله عليه وآله وعلي والحسن والحسين إلى من بعد الحسين
من
الائمة عليهم السلام .
اقول : قال الشيخ المفيد ره : العرش في اللغة هو الملك ، قال :
إذا ما بنوا مروان ثلث ( 1 ) عروشهم * وأودت كما أودت أياد وحميره
يزيد : إذا ما بنوا مروان هلك ملكهم وبادوا .
وقال آخر : أظننت عرشك لا يزول ولايغير ؟
يعني أظننت ملكك لا يزول ولا يغير ؟ وقال الله تعالى مخبرا عن واصف ملك
* ( هامش ) * ( 1 ) قال الجوهرى ، ( ثل الله عرشهم ) أى هدم ملكهم ، ويقال للقوم
إذا ذهب عزهم :
قد ثل عرشهم وقال : أودى فلان أى هلك ( منه طاب ثراه ) .
[ 8 ]
ملكة سبأ ( وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم ( 1 ) يريد : ولها ملك عظيم
فعرش الله تعالى هو ملكه ، واستواؤه على العرش هو استيلاؤه على الملك والعرب
تصف الاستيلاء بالاستواء ، قال :
قد استوى بشر على العراق * من غير سيف ودم مهراق
يريد به : قد استولى على العراق ، فأما العرش الذى تحمله الملائكة فهو بعض
الملك ، وهو عرش خلقه الله تعالى في السماء السابعة ، وتعبد الملائكة بحمله و
تعظيمه ، كما خلق سبحانه بيتا في الارض وأمر البشر بقصده وزيارته والحج إليه
وتعظيمه ، وقد جاء الحديث : إن الله تعالى خلق بيتا تحت العرش سماه ( البيت
المعمور ) تحجه الملائكة في كل عام ، وخلق في السماء الرابعة بيتا سماه ( الضراح )
وتعبد الملائكة بحجه والتعظيم له والطواف حوله ، وخلق البيت الحرام في الارض
فجعله تحت الضراح وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال : لو القي حجر من العرش
لوقع على ظهر بيت المعمور ولو القي من البيت المعمور لسقط على ظهر البيت الحرام
ولم يخلق الله عرشا لنفسه يستوطنه ، تعالى الله عن ذلك ، لكنه خلق عرشا أضافه
إلى نفسه تكرمة له وإعظاما ، وتعبد الملائكة بحمله كما خلق بيتا في الارض ولم
يخلقه لنفسه ولا يسكنه ، تعالى الله عن ذلك ، لكنه خلقه لخلقه ، وأضافه إلى نفسه
إكراما له وإعظاما ، وتعبد الخلق بزيارته والحج إليه ، فأما الوصف للعلم بالعرش
فهو في مجاز اللغة دون حقيقتها ، ولا وجه لتأول قوله تعالى ( الرحمن على العرش
استوى ) بمعنى أنه احتوى على العلم ، وإنما الوجه في ذلك ما قدمناه ، والاحاديث
التي رويت في صفة الملائكة الحاملين للعرش أحاديث آحاد ، وروايات أفراد ، لا
يجوز القطع بها ولا العمل عليها ، والوجه الوقوف عندها ، والقطع على أن العرش
في الاصل هو الملك ، والعرش المحمول جزء من الملك تعبدالله بحمله الملائكة
على ما قدمناه .
* ( هامش ) * ( 1 ) النمل : 23 .
[ 9 ]
6 العقائد : اعتقادنا في الكرسي أنه وعاء جميع الخلق من العرش و
السماوات والارض وكل شئ خلق الله تعالى في الكرسي ، وفي وجه آخر الكرسى
هو العلم ، وقد سئل الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل ( وسع كرسيه السماوات
والارض ) قال : علمه .
7 التوحيد : عن محمد بن إبراهيم بن إسحاق ، عن أحمد بن محمد بن أبي سعيد
عن أحمد بن محمد بن عبدالله الصغدي ، عن محمد بن يعقوب العسكري وأخيه معاذ
عن محمد بن سنان الحنظلي ، عن عبدالله بن عاصم ، عن عبدالرحمن بن قيس ، عن أبي
هاشم الرماني ( 1 ) عن زاذان ، عن سلمان الفارسي ، قال : سأل الجاثليق أميرالمؤمنين
عليه السلام : أخبرني عن ربك أيحمل أو يحمل ؟ فقال : إن ربنا جل جلاله
يحمل ولا يحمل . قال النصراني : كيف ذلك ( 2 ) ونحن نجد في الانجيل ( ويحمل
عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) ؟ فقال علي عليه السلام إن الملائكة تحمل العرش و
ليس العرش كما تظن كهيئة السرير ، ولكنه شئ محدود مخلوق مدبر وربك
عزوجل مالكه ، لاأنه عليه ككون الشئ على الشئ ، وأمر الملائكة بحمله
فهم يحملون العرش بما أقدرهم عليه . قال النصراني : صدقت رحمك الله ( 3 ) .
8 الكافى : عن عدة من أصحابه ، عن أحمد بن محمد البرقي ، رفعه قال :
سأل الجاثليق أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له : أخبرني عن الله عزوجل
يحمل العرش أو ( 4 ) العرش يحمله ؟ فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : الله عزوجل
حامل
العرش والسماوات والارض وما فيهما وما بينهما وذلك قول الله عزوجل :
( إن الله يمسك السماوات والارض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من
* ( هامش ) * ( 1 ) الرمانى بضم الراء المهملة وتشديد الميم ، قال في خلاصة تذهيب
الكمال ( ص :
398 ) : اسمه يحيى بن دينار الواسطى ، كان نزل قصر الرمان ، وثقه ابن معين والنسائى
و
أبوزرعة ، مات سنة اثنتين وعشرين ومائة .
( 2 ) في المصدر : فكيف ذاك ؟
( 3 ) التوحيد : 232 .
( 4 ) في المصدر : أم .
[ 10 ]
بعده إنه كان حليما غفورا ) قال : فأخبرني عن قوله ( ويحمل عرش ربك فوقهم
يومئذ ثمانية ) فكيف ذاك وقلت إنه يحمل العرش والسماوات والارض ؟ فقال
أميرالمؤمنين عليه السلام : إن العرش خلقه الله تبارك وتعالى من أنوار أربعة : نور
أحمر
منه احمرت الحمرة ، ونور أخضر منه أخضرت الخضرة ، ونور أصفر منه اصفرت
الصفرة ، ونور أبيض منه ابيض البياض ، وهو العلم الذي حمله الله الحملة ، و
ذلك نور من نور عظمته ، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين ، وبعظمته ونوره عاداه
الجاهلون ، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والارض من جميع خلائقه إليه
الوسيلة بالاعمال المختلفة ، والاديان المشتبهة ( 1 ) فكل [ شئ ] محمول يحمله الله
بنوره وعظمته وقدرته لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا
فكل شئ محمول والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا ، والميحط بهما من شئ
وهو حياة كل شئ ، ونور كل شئ ، سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا .
قال له : فأخبرني عن الله عزوجل أين هو ؟ فقال أميرالمؤمنين عليه السلام : هو
ههنا وههنا وفوق وتحت ومحيط بنا ومعنا ، وهو قوله ( ما يكون من نجودى
ثلاثة إلا هو رابعهم ولاخمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولاأكثر إلا هو معهم
أينما كانوا ) فالكرسي محيط بالسماوات والارض وما بينهما وما تحت الثرى
وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى ، وذلك قوله تعالى ( وسع كرسيه
السماوات والارض ولايؤده حفظهما وهو العلي العظيم ) فالذين يحملون العرش
هم العلماء الذين حملهم الله علمه ، وليس يخرج من ( 2 ) هذه الاربعة شئ خلق الله
في ملكوته ، وهو الملكوت الذي أراه الله أصفياءه ، وأره خليله عليه السلام فقال : (
و
كذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين ) وكيف
يحمل حملة العرش الله وبحياته حييت قلوبهم وبنوره اهتدوا إلى معرفته ( 3 ) ؟ !
* ( هامش ) * ( 1 ) المتشتته ( ح ) .
( 2 ) عن ( خ ) .
( 3 ) الكافى : ج 1 ، 129 .
[ 11 ]
توضيح : الجاثليق بفتح الثاء رئيس للنصارى في بلاد الاسلام بمدينة
السلام ، ذكره الفيروزى آبادي . ( أن تزولا ) أي يمسكهما كراهة أن تزولا بالعدم
والبطلان ، أو يمنعهما ويحفظهما أن تزولا ، فإن الامساك ، متضمن للمنع والحفظ
وفيه دلالة على أن الباقي يحتاج في بقائه إلى المؤثر ( إن أمسكهما ) أي ما أمسكهما
من أحد ( من بعده ) أي من بعد الله ، أو من بعد الزوال ، و ( من ) الاولى زائدة
للمبالغة في الاستغراق ، والثانية للابتلاء ( ( فأخبرني عن قوله ) لعله توهم
المنافاة
من جهتين : الاولى أن حملة العرش ثمانية وقلت هو سبحانه حامله والثانية أن
الثمانية إذا حملوا عرشه فقد حملوه أيضا لانه على العرش وقلت إنه حامل جميع
ما سواه خلقه الله من أنوار أربعة .
اقول : قد تحيرت الافهام في معني تلك الانوار التي هي من غوامض الاسرار
فمنهم من قال هي الجواهر القدسية العقلية التي هي وسائط جوده تعالى ، وألوانها
كناية عن اختلاف أنواعها الذي هو سبب اختلاف الانواع الرباعية في هذا العالم
الحسي ، كالعناصر والاخلاط وأجناس الحيوانات أعني الانسان والبهائم والسباع
والطيور ، ومراتب الانسان أعني الطبع والنفس الحساسة والنفس المتخيلة و
العقل ، وأجناس المولدات كالمعدن والنبات والحيوان والانسان . وقيل : إنه
تمثيل لبيان تفاوت تلك الانوار بحسب القرب والبعد من نور الانوار ، فالنور
الابيض هو الاقرب ، والاخضر هو الابعد ، فكأنه ممتزج بضرب من الظلمة ، و
الاحمر هو المتوسط بينهما ، ثم ما بين كل اثنين ألوان اخرى كألوان الصبح و
الشفق المختلفة في الالوان لقربها وبعدها من نور الشمس . وقيل : المراد بها
صفاته تعالى فالاخضر قدرته على إيجاد الممكنات وإفاضة الارواح التي هي عيون
الحياة ومنابع الخضرة ، والاحمر غضبه وقهره على الجميع بالاعدام والتعذيب
والابيض رحمته ولطفه على عباده ، قال تعالى ( أما الذين ابيضت وجوههم ففي
رحمة الله ) .
وأحسن ما سمعته في هذا المقام ما استفدته من والدي العلامة رفع الله
[ 12 ]
في الجنان مقامه وملخصه أن لكل شئ شبها ومثالا في عالم الرؤيا والعوالم
التي تطلع عليها الارواح سوى عالم الحس ، وتظهر تلك الصور والمثل على
النفوس مختلفة بحسب اختلاف مراتبها في الكمال ، فبعض النفوس تظهر لها صورة
أقرب إلى ذي الصورة وبعضها أبدع ، وشأن المعبر الكامل أن ينتقل من تلك الصور
إلى ما هي صور لها بحسب أحوال ذلك الشخص ، ولذا لا يطلع عليها كما ينبغي
إلا الانبياء والاوصياء عليهم السلام المطلعون على مراتب استعدادات الاشخاص
واختلافهم
في النفقص والكمال ، فالنور الاصفر كناية عن العبادة وصورة لها كما هو المجرب
في الرؤيا أنه إذا رأى العارف في المنام صفرة يوفق بعده لعبادة ، كما هو المشاهد
في وجوه المتهجدين ، وقد ورد في الخبر أنه ألبسهم الله من نوره لما خلوا به ، و
النور الابيض العلم ، كما جرب أن من رأى في المنام لبنا أو ماء صافيا يفاض عليه
علم خالص عن الشكوك والشبهات ، والنور الاحمر المحبة كما هو المشاهد في وجوه
المحبين عند طغيانها ، وجرب أيضا في الرؤيا ، والنور الاخضر المعرفة وهو العلم
المتعلق بذاته وصفاته سبحانه كما هو مجرب في الرؤيا ، ويومئ إليه ما روي
عن الرضا عليه السلام أنه سئل عما يروى أن محمدا صلى الله عليه وآله رأى ربه في
صورة الشاب الموفق
في صورة أبناء ثلثين سنة رجلاه في خضرة ، فقال عليه السلام : إن رسول الله عليه
السلام حين
نظر إلى عظمة ربه كان في هيئة الشاب الموفق وسن أبناء ثلثين سنة . فقال الراوي :
جعلت فداك من كانت رجلاه في خضرة ؟ قال : ذاك محمد صلى الله عليه وآله كان إذا نظر
إلى ربه
بقلبه جعله في نور مثل نور الحجب حتى يستبين له ما في الحجب ، إن نور الله منه
أخضر ، ومنه أحمر ، ومنه أبيض ، ومنه غير ذلك ( تمام الخبر ) لانه صلى الله عليه
وآله كان
حينئذ في مقام كمال العرفان ، وخائضا في بحار معرفة الحريم المنان ، وكانت
رجلاه في النور الاخضر وقائما في مقام بين المعرفة لا يطيقها أحد من الملائكة
والبشر
وإنما عبروا بهذه العبارات والكنايات لقصور أفهامنا عن إذراك صرف الحق
كما تعرض على النفوس الناقصة في المنام هذه الصور ، ونحن في منام طويل من
الغفلة عن المعارف الربانية ، والناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا ، والاحوط في أمثال
[ 13 ]
هذه الاخبار الايمان بها مجملا ، ورد علمها إليهم عليهم السلام .
ثم اعلم أنه على الوجه الاخير الضمير في قوله ( وهو العلم ) راجع إلى النور
الابيض ، وعلى سائر الوجوه راجع إلى العرش ، أي وقد يطلق العرش على العلم
أيضا ، أو العرش المركب من الانوار الاربعة هو العلم .
( أبصر قلوب المؤمنين ) ) أي ما أبصروا وعلموا .
( عاداه الجاهلون ) لان الجهل مساوق الظلمة التي هي ضد النور ، والمعاداة
إنما تكون بين الضدين كذا قيل ، والاظهر أن المراد به أن غاية ظهوره صارت
سببا لخفائه كما قيل ( يا خفيا من فرط الظهور ) فإنه لو لم يكن للشمس غروب
وافول كان يشتبه على الناس أن ضوء النهار منها ، ولما كان شمس عالم الوجود في
نهاية الاستواء والكمال أبدا وفيضه جار على المواد القابلة دائما يتوهم الملحد
الجاهل أنها بأنفسها موجودة غنية عن العلة أو منسوبة إلى الدهر أو الطبيعة .
( ابتغى ) أي طلب ، ولعل المعنى أن نوره سبحانه لما طلع على عالم الوجود
وآثاره سبحانه ظهر في كل موجود طلبه جميع الخلق ، لكن بعضهم أخطؤوا طريق
الطلب وتعيين المطلوب ، فصاروا حيارى ، فمنهم من يعبد الصمن لتوهمه أن مطلوبه
هناك ، ومنهم من يعتقد الدهر أو الطبيعة لزعمه أن أحدهما إلهه ومدبره ، فكل
منهم يعلمون اضطرارهم إلى خالق ورازق وحافظ ومدبر ، ويطلبونه ويبتغون إليه
الوسيلة ، لكنهم لضلالهم ( 1 ) وعماهم خاطؤون وعن الحق معرضون ، وهذا المعنى
الذي خطر بالبال من غوامض الاسرار ، وله شواهد من الاخبار ، وإنما أؤ مأنا
إليه على الاجمال ، إذ بسط المقال فيه يؤدي إلى إبداء ما تأبى عنه الاذهان السقيمة
لكن تستعذبه العقول المستقيمة .
( الممسك لهما ) ) أي للسماوات والارض ( والمحيط ) بالجر عطفا على ضمير
لهما و ( من ) بيان له أي الممسك للشئ المحيط بهما ، أو متعلق بقوله ( أن تزولا )
وقوله ( من شئ ) للتعميم ويجوز رفعه بالعطف على الممسك ، و ( من ) بيان لضمير
* ( هامش ) * ( 1 ) لضلالتهم ( خ ) .
[ 14 ]
( بهما ) لقصد زيادة التعميم ، أو بيان لمحذوف يعني المحيط بهما مع ما حوتاه من
شئ ( وهو حياة كل شئ ) أي من الحيوانات أو الحياة بمعنى الوجود والبقاء
مجازا ( ونور كل شئ ) أي سبب وجوده وظهوره ، فالكرسي يمكن أن يكون
المراد تفسير الكرسي أيضا بالعلم ( ولايؤده ) أي لا يثقل عليه ( هم العلماء ) إذا
كان المراد بالعرش عرش العلم كان المراد بالانوار الاربعة صنوف العلم وأنواعه
ولا يخرج عن تلك الانواع أحد ، وإذا كان المراد بالانوار نور العلم والمحبة و
المعرفة والعبادة كما مر فهو أيضا صحيح ، إذ لا يخرج شئ منها أيضا ، إذ مامن
شئ إلا وله عبادة ومحبة ومعرفة وهو يسبح بحمده ، وقال الوالد ره : الظاهر
أن المراد بالاربعة العرش والكرسي والسماوات والارض ، ويحتمل أن يكون
المراد بها الانوار الاربعة التي هي عبارة عن العرش ، لانه محيط على ما هو المشهور
.
9 الكافى : عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان بن
يحيى ، قال : سألني أبوقرة المحدث أن ادخله على أبي الحسن الرضا عليه السلام
فاستأذنته فأذن لي فدخل ، فسأله عن الحلال والحرام ، ثم قال له : أفتقر أن
الله محمول ؟ فقال أبوالحسن عليه السلام : كل محمول مفعول به مضاف إلى غيره محتاج
والمحمول اسم نقص في اللفظ ، والحامل فاعل ، وهو في اللفظ مدحة ، وكذلك
قول القائل فوق ، وتحت ، وأعلى ، وأسفل ، وقد قال الله ( ( وله الاسماء الحسنى
فادعوه بها ) ولم يقل في كتبه إنه المحمول ، بل قال : إنه الحامل في البر والبحر
والممسك السماوات والارض أن تزولا ، والمحمول ما سوى الله ، ولم يسمع أحد
آمن بالله وعظمته قط قال في دعائه ( يا محمول ) . قال أبوقرة : فإنه قال ( ويحمل
عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية ) وقال ( الذين يحملون العرش ) فقال أبوالحسن
عليه السلام : العرش ليس هوالله ، والعرش اسم علم وقدرة وعرش فيه كل شئ
ثم أضاف الحمل إلى غيره خلق من خلقه لانه استعبد خلقه بحمل عرشه ، وهم حملة
علمه ، وخلقا يسبحون حول عرشه وهم يعملون ( 1 ) بعلمه ، وملائكة يكتبون أعمال
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : يعلمون .
[ 15 ]
عباده ، واستعبد أهل الارض بالطواف حوله بيته ، والله على العرش استوى ، كما
قال ، والعرش ومن يحمله ومن حول العرش والله الحامل لهم الحافظ لهم الممسك
القائم على كل نفس ، وفوق كل شئ ، وعلى كل شئ ، ولا يقال محمول ولا
أسفل قولا مفردا لا يوصل بشئ فيفسد اللفظ والمعنى . قال أبوقرة : فتكذب
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 15 سطر 5 إلى صفحه 23 سطر 5
بالرواية التي جاءت : أن الله تعالى إذا غضب إنما يعرف غضبه أن الملائكة الذين
يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم ، فيخرون سجدا ، فإذا ( 1 ) ذهب الغضب
خف ورجعوا إلى مواقفهم ؟ فقال أبوالحسن عليه السلام : أخبرني عن الله تبارك وتعالى
منذ لعن إبليس إلى يومك هذا هو غضبان عليه فمتى رضي وهو في صفتك لم يزل
غضبانا عليه وعلى أوليائه وعلى أتباعه ؟ كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغير من
حال إلى حال ، وأنه ( 2 ) يجري عليه ما يجري على المخلوقين ؟ سبحانه وتعالى !
لم يزل مع الزائلين ، ولم يتغير مع المتغيرين ، ولم يتبدل مع المتبدلين ، ومن
دونه في يده وتدبيره ، وكلهم إليه محتاج ، وهو غني عمن سواه ( 3 ) .
بيان : ( والمحمول اسم نقص ) أي كل اسم مفعول دل على تأثر وتغير
من غيره وفاقة إليه فهو اسم نقص كالمحفوظ والمربوب والمحمول وأمثالها ، لاكل
ما هو على هذه الصيغة ، إذا يجوز إطلاق الموجود والمعبود والمحمود وأمثالها عليه
تعالى ( وكذلك قول القائل فوق وتحت ) يعني أن مثل ذينك اللفظين في كون
أحدهما اسم مدح والآخر اسم نقص قول القائل فوق وتحت ، فإن فوق اسم مدح
وتحت اسم نقص ، وكذلك أعلى اسم مدح وأسفل اسم نقص ، وقوله عليه السلام ( خلق )
بالجر بدل ( غيره ) وأشاره بذلك إلى أن الحامل لماكان من خلقه فيرجع الحمل
إليه تعالى ( وهم حملة علمه ) أي وقد يطلق حملة العرش على حملة العلم أيضا ، أو
حملة
العرش في القيامة هم حملة العلم في الدنيا وقوله عليه السلام ( خلقا ) و ( ملائكة )
معطوفان
* ( هامش ) * ( 1 ) وإذا ( خ ) .
( 2 ) وأن ( خ ) .
( 3 ) الكافى : ج 1 ، ص 130 .
[ 16 ]
على خلقه ، أي استعبد خلقا وملائكة ، والحاصل أنه تعالى لايحتاج في حمل العرش
إلى غيره ، بل استعبد أصناف خلقه بأنواع الطاعات ، وحملة العرش عبادتهم حمل
العرش من غير حاجة إليهم ( وهم يعملون بعلمه ) أي بما أعطاهم من العلم ، ويحتمل
أن يكون هذا مبنيا على كون العرش بمعنى العلم ، فحملة العرش الانبياء والاوصياء
ومن حول العرش الذين يأخذون العلم عنهم ويعملون بالعلم الذي حمله الحملة
فهم مطيفون بهذا العرش ومقتبسون من أنواره ( كما قال ) أي استواؤه سبحانه على
العرش على النحو الذي قال ، وأراد من الاستواء النسبة أو الاستيلاء كما مر لا
كما تزعمه المشبهة . وقوله ( والعرش ) وما عطف عليه مبتدأ خبره محذوف أي
محمول كلهم أو سواء في نسبتهم إليه سبحانه .
( قولا مفردا لايوصل بشئ ) أي لايقرن بقرينة صارفة عن ظاهره ، أو ينسب
إلى شئ آخر على طريقة الوصف بحال المتعلق بأن يقال : عرشه محمول ، أو أرضه
تحت كذا ، أو جحيمه أسفل ونحو ذلك ، وإلا ( فيفسد اللفظ ) لعدم الاذن الشرعي
وأسماؤه توقيفية ، وأيضا هذا اسم نقض كما مر ( والمعنى ) لانه يوجب نقصه
وعجزه تعالى عن ذلك علوا كبيرا ( وهو في صفتك ) أي في وصفك إياه أنه لم
يزل غضبانا على الشيطان وعلى أوليائه ، والحاصل أنه لما فهم من كلامه أن
الملائكة الحاملين للعرش قد يكونون قائمين وقد يكونون ساجدين بطريان الغضب
وضده وحمل الحديث على ظاهره نبه عليه السلام على خطائه إلزاما عليه بقدر فهمه بأنه
لايصح ما ذكرت ، إذ من غضبه تعالى ما علم أنه لم يزل كغضبه على إبليس ، فيلزم
أن يكون حملة العرش منذ غضب على إبليس إلى الآن سجدا غير واقفين إلى مواقفهم
فعلم أن ما ذكرته وفهمته خطاء ، والحديث على تقدير صحته محمول على أن المراد
بغضبه سبحانه إنزال العذاب ، وبوجدان الحملة ثقل العرش اطلاعهم عليه بظهور
مقدماته وأسبانه ، وبسجودهم خضوعهم وخشوعهم له سبحانه خشة وخوفا من
عذابه ، فإذا انتهى نزول العذاب وظهرت مقدمات رحمته اطمأنوا ورغبوا في طلب
رحمته . ثم بعد إلزامه عليه السلام بذلك شرع في الاستدلال على تنزيهه سبحانه مما
فهمه
[ 17 ]
فقال ( كيف تجترئ أن تصف ربك بالتغير من حال إلى حال ) وهو من صفات
المخلوقات والممكنات ( لم يزل ) بضم الزاي من زال يزول وليس من الافعال
الناقصة ، ووجه الاستدلال بما ذكره عليه السلام قد مر مفصلا في كتاب التوحيد .
10 الدر المنثور : عن أبي ذر قال : سئل النبي صلى الله عليه وآله عن الكرسي ، فقال
يا أباذر ما السماوات السبع والارضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة
بأرض فلاة ، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة ( 1 ) .
11 عن ابن عباس وابن مسعود قالا : السماوات والارض في جوف الكرسي
والكرسي بين يدي العرش ( 2 ) .
12 وعن ابن عباس قال : إنما سمي العرش عرشا لارتفاعه ( 3 ) .
13 وعن وهب قال : إن الله تعالى خلق العرش والكرسي من نوره ، و
العرش ملتصق بالكرسي . والملائكة في جوف الكرسي ، وحول العرش أربعة
أنهار : نهر من نور يتلالا ، ونهر من نار تتلظى ، ونهر من ثلج أبيض تلتمع منه
الابصار ، ونهر من ماء ، والملائكة قيام في تلك الانهار يسبحون الله ، وللعرش
ألسنة بعدد السنة الخلق كلهم ، فهو يسبح الله ويذكره بتلك الالسنة ( 4 ) .
14 وعن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : العرش من ياقوتة حمراء
وإن ملكا من الملائكة نظر إليه وإلى عظمته ( 5 ) فأوحى الله إليه أني قد جعلت
فيك قوة سبعين ألف ملك لكل ملك سبعون ألف [ ألف ] جناح فطر ، فطار الملك
بما فيه من القوة والاجنحة ما شاء الله أن يطير ، فوقف فنظر فكأنه لم يرم ( 6 ) .
15 وعن حماد قال : خلق الله العرش من زمردة خضراء ، وخلق له أربع
قوائم من ياقوتة حمراء ، وخلق له ألف لسان ، وخلق في الارض ألف امة ، كل
* ( هامش ) * ( 1 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 328 ، وقد مر تحت الرقم ( 1 ) من هذا
الباب .
( 2 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 328 .
( 3 و 4 ) الدر المنثور : ج 3 ، ص 297 .
( 5 ) في المصدر : عظمه .
( 6 ) الدر المنثور : ج 3 ، ص 297 .
[ 18 ]
امة تسبح الله بلسان من ألسن العرش ( 1 ) .
16 وعن ابن عباس قال : ما يقدر قدر العرش إلا الذي خلقه ، وإن
السماوات في خلق الرحمن ( 2 ) مثل قبة في صحراء ( 3 ) .
17 وعن مجاهد قال : ما أخذت السماوات والارض من العرش إلا كما
تأخذ الحلقة من أرض الفلاة ( 4 ) .
18 وعن كعب قال : إن السماوات في العرش كالقنديل معلق بين السماء
والارض ( 5 ) .
19 وعن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله قال : ما الكرسي في العرش إلا كحلقة
من حديد القيت بين ظهري فلاة من الارض ( 6 ) .
20 وعن وهب قال : خلق الله العرش وللعرش سبعون ألف ساق كل ساق
كاستدارة السماء والارض ( 7 ) .
21 وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وآله قال : اذن لي أن احدث عن ملك من
ملائكة الله من حملة العرش ما بين شحمة اذنه إلى عاتقه مسيرة سبمعمائة عام ( 8 ) .
22 وعن حسان بن عطية قال : حملة العرش ثمانية ، أقدامهم مثبتة ( 9 ) في
الارض السابعة ، ورؤوسهم قد جاوزت السماء السابعة ، وقرونهم مثل طولهم عليها
العرش ( 10 ) .
23 وعن زاذان قال : حملة العرش أرجلهم في التخوم ، لا يستطعيون أن
* ( هامش ) * ( 1 ) الدر المنثور : ج 3 ، ص 297 .
( 2 ) في المصدر : في خلق العرش .
( 3 و 4 و 5 ) الدر المنثور : ج 3 ، ص 297 .
( 6 ) الدر المنثور : ج 3 ، ص 298 .
( 7 ) الدر المنثور : ج 3 ، ص 298 .
( 8 ) الدر المنثور : ج ، ص 346 ، وفيه ( سبعمائة سنة ) .
( 9 ) في المصدر : ( مثقبة ) والصواب ما في المتن .
( 10 ) الدر المنثور : ج 5 ، ص 346 .
[ 19 ]
يرفعوا أبصارهم من شعاع النور ( 1 ) .
24 وعن هارون بن رئاب قال : حملة العرش ثمانية يتجاوبون بصوت رخيم ( 2 )
يقول أربعة منهم ( سبحانك وبحمدك على حلمك بعد علمك ) وأربعة منهم يقولون :
( سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك ( 3 ) )
25 وعن وهب قال : حملة العرش الذين يحملونه لكل ملك منهم أربعة وجوه
وأربعة أجنحة : جناحان على وجهه من أن ( 4 ) ينظر إلى العرش فيصعق ، وجناحان
يطير بهما ، أقدامهم في الثرى ، والعرش على أكتافهم ، لكل واحد منهم وجه ثور ، و
وجه أسد ، ووجه إنسان ، ووجه نسر ، وليس لهم كلام إلا أن يقولوا ( قدوس
الله القوي ، ملات عظمته السماوات والارض ) ( 5 ) .
26 وعن وهب قال : حملة العرش اليوم أربعة ، فإذا كان يوم القيامة أيدوا
بأربعة آخرين ، ملك منهم في صورة إنسان يشفع لبني آدم في أرزاقهم ، وملك ( 6 )
في صورة نسر يشفع للطير ( 7 ) في أرزاقهم ، وملك ( 8 ) في صورة ثور يشفع للبهائم في
أرزاقها ، وملك في صورة أسد يشفع للسباع في أرزاقها ، فلما حملوا العرش وقعوا
على ركبهم من عظمة الله فلقنوا ( لاحول ولا قوة إلا بالله ) فاستووا قياما على
أرجلهم ( 9 ) .
27 وعن ميسرة قال : لا تستطيع الملائكة الذين يحملون العرش أن ينظروا
إلى ما فوقهم من شعاع النور ( 10 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الدر المنثور : ج 5 ، ص 346 .
( 2 ) أى رقيق لين .
( 3 ) الدر المنثور : ج 5 ، ص 346 وقد ذكر التسبيحان في المصدر بالتقديم والتأخير .
( 4 ) في المصدر : على وجهه ينظر .
( 5 ) الدر المنثور : ج ، 5 ص 346 .
( 6 و 8 ) في المصدر : وملك منهم .
( 7 ) للطيور ( خ ) .
( 9 ) الدر المنثور : ج 5 ، ص 346 .
( 10 ) الدر المنثور : ج 5 ، ص 347 .
[ 20 ]
28 وعن ابن عباس قال : حملة العرش ما بين كعب ( 1 ) أحدهم إلى أسفل
قدميه مسيرة خمسمائة عام ، وذكر أن خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب ( 2 ) .
29 وعن ميسرة قال : حملة العرش أرجلهم في الارض السفلى ورؤوسهم قد
خرقت العرش ، وهم خشوع لا يرفعون طرفهم ، وهم أشد خوفا من أهل السماء
السابعة ، وأهل السماء السابعة أشد خوفا من أهل السماء التي تليها ، والتي تليها
أشد خوفا من التي تليها ( 3 ) .
30 وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج على أصحابه فقال : ما جمعكم
فقالوا : اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في عظمته . فقال : لن تدركوا التفكر في
عظمته ! ألا أخبركم ببعض عظمة ربكم ؟ قيل : بلى يا رسول الله قال : إن ملكا
من حملة العرش يقال له ( إسرافيل ) زاوية من زوايا العرش على كاهله ، قد ماه ( 4 )
في الارض السابعة السفلى ، ورأسه ( 5 ) في السماء السابعة العليا ، في مثله من
خليقة
ربكم تبارك وتعالى ( 6 ) .
31 وعن ابن عباس في قوله ( ويحمل عرش ربك فوقهم يوئمذ ثمانية )
قال : يقال ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله ، ويقال ثمانية أملاك
رؤوسهم تحت العرش في السماء السابعة ، وأقدامهم في الارض السفلى ، ولهم قرون
كقرون الوعلة ما بين أصل قرن أحدهم إلى منتهاه ( 7 ) خمسمائة عام ( 8 ) .
32 وعن الربيع قال : ثمانية من الملائكة ( 9 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : منكب .
( 2 ) الدر المنثور : ج 5 ، ص 347 .
( 3 ) الدر المنثور : ج 5 ، ص 347 .
( 4 ) في المصدر : ( قد مرقت قدماه ) ومرق أى نفذ وخرج .
( 5 ) في المصدر : ومرق رأسه .
( 6 ) الدر المنثور : ج 5 ، ص 347 .
( 7 ) في المصدر : مسيرة خمسمائة عام .
( 8 و 9 ) الدر المنثور : ج 6 ص 261 .
[ 21 ]
33 وعن ابن زيد قال : لم يسم من حملة العرش إلا إسرافيل ، وميكائيل
ليس من حملة العرش ( 1 ) .
34 وعن كعب قال : لبنان أحد الثمانية تحمل العرش يوم القيامة ( 2 ) .
وعن ميسرة قال : ثمانية أرجلهم في التخوم ، ورؤوسهم عند العرش ، لا
يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور ( 3 ) .
36 المهج : في دعاء مروي عن موسى بن جعفر عليهما السلام : يا من خافت الملائكة
من نوره المتوقد حول كرسيه وعرشه ، صافون مسبحون طائفون خاضعون مذعنون
( الدعاء ) .
37 الاحتجاج : عن هشام بن الحكم قال : سأل الزنديق أبا عبدالله عليه السلام
عن الكرسي أهو أعظم ( 4 ) أم العرش ؟ فقال عليه السلام : كل شئ خلق ( 5 ) الله في
جوف
الكرسي خلا ( 6 ) عرشه فإنه أعظم من أن يحيط به الكرسي ( 7 ) .
38 تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه عن إسحاق بن الهيثم ، عن سعد بن
طريف ، عن الاصبغ بن نباتة ، أن عليا عليه السلام سئل عن قول الله تبارك وتعالى (
وسع
كرسيه السماوات والارض ) قال : السماوات والارض وما فيهما من مخلوق في
جوف الكرسي ، وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله ، فأما ملك منهم في صورة
الآدميين ، وهي أكرم الصور على الله ، وهو يدعو الله ويتضرع إليه ويطلب الشفاعة
والرزق ( 8 ) لبني آدم ، والملك الثاني في صورة الثور وهو سيد البهائم و [ هو ]
يطلب
إلى الله ويتضرع إليه ، ويطلب الشفاعة والرزق للبهائم ( 9 ) ، والملك الثالث في
صورة
* ( هامش ) * ( 1 و 2 و 3 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 261 .
( 4 ) في المصدر : فالكرسى أكبر أم العرش ؟
( 5 ) في المصدر : خلقه الله .
( 6 ) في المصدر : ما خلا عرشه .
( 7 ) الاحتجاج : 193 .
( 8 ) والسعة في الرزق ( خ )
( 9 ) في المخطوطة : لجميع البهائم .
[ 22 ]
النسر وهو سيد الطير ( 1 ) وهو يطلب إلى الله ويتضرع إليه ويطلب الشفاعة والرزق
لجميع الطير ، والملك الرابع في صورة الاسد وهو سيد السباع وهو يرغب إلى الله
ويتضرع إليه ويطلب الشفاعة والرزق لجميع السباع ، ولم يكن في هذه الصور
أحسن من الثور ، ولا أشد انتصابا منه حتى اتخذ الملامن بني إسرائيل العجل
فلما عكفوا عليه وعبدوه من دون خفض الملك الذي في وصرة الثور رأسه استحياء
من الله أن عبد من دون الله شئ يشبهه ، وتخوف ( 2 ) أن ينزل به العذاب . ثم قال
عليه السلام : إن الشجر لم يزل حصيدا أكله حتى دعي للرحمن ولد ، عز الرحمن
وجل أن يكون له ولد ، فكادت ( 3 ) السماوات يتفطرن منه ، وتنشق الارض ، و
تخر الجبال هدا ، فعند ذلك اقشعر الشجر وصار له شوك ، حذارا أن ينزل به
العذاب ، فما بال قوم غيروا سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وعدلوا عن وصيه لا
يخافون أن
ينزل بهم العذاب ؟ ! ثم تلا هذه الآية ( الذين بدلوا نعمة الله كفروا وأحلوا قومهم
دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار ( 4 ) ) ثم قال : نحن والله نعمة الله التي
أنعم
الله بها على عباده ، بنا فاز من فاز ( 5 ) .
بيان : قد تحمل هؤلاء الحملة على أرباب الانواع التي قال بها أفلاطون
وأضرابه ، وما يظهر من صاحب الشريعة لايناسب ما ذهبوا إليه بوجه ، كما لا يخفى
على العارف بمصطلحات الفريقين .
39 تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن النضر ، عن موسى بن بكر
عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله ( وسع كرسيه السماوات والارض ) قال
:
سألت أبا عبدالله صلى الله عليه وآله عن قول الله تعالى ( وسع كرسيه السماوات
والارض ) السماوات
والارض وسعن الكرسي أم الكرسي وسع السماوات والارض ؟ قال : بل الكرسي
* ( هامش ) * ( 1 ) في المخطوطة : سيد الطيور .
( 2 ) في المصدر : ما يشبهه : ويخاف .
( 3 ) في المصدر : تكاد .
( 4 ) ابراهيم : 29 .
( 5 ) تفسير على بن ابراهيم : 75 .
[ 23 ]
وسع السماوات والارض والعرش وكل شئ خلق الله في الكرسي ( 1 ) .
بيان : لعل سؤال زرارة لاستعلام أن في قرآن أهل البيت ( كرسية ) منصوب
أو مرفوع ، وإلا فعلى تقدير العلم بالرفع لا يحسن هذا السؤال لاسيما من مثل زرارة
ويروى عن الشيخ البهائي ره أنه قال : سألت عن ذلك والدي فأجاب ره بأن
بناء السؤال على قراءة ( وسع ) بضم الواو وسكون السين مصدرا مضافا ، وعلى
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 23 سطر 6 إلى صفحه 31 سطر 6
هذا يتجه السؤال ، وإني تصفحت كتب التجويد فما ظفرت على هذه القراءة إلا
هذه الايام رأيت كتابا في هذا العلم مكتوبا بالخط الكوفي وكانت هذه القراءة
فيه وكانت النسخة بخط مصنفه . وقوله ( والعرش ) لعله منصوب بالعطف على الارض
أو مرفوع بالابتدائية فالمراد بالكرسي العلم أو بالعرش فيما ورد أنه محيط بالكرسي
العلم ، وقيل : العرش معطوف على الكرسي ، أي والعرش أيضا وسع السماوات
والارض ، فالمعنى أن الكرسي والعرش كلا منهما وسع السماوات والارض فالمراد
بكل شئ خلق الله كل ما خلق فيهما .
40 التوحيد : عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن أبيه ، عن أحمد بن
محمد بن عيسى ، عن عبدالله بن محمد الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن زرارة قال :
سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزوجل ( وسع كرسيه ) إلى قوله والعرش وكل
شئ في الكرسي ( 2 ) .
ومنه : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الحسن ( 3 ) بن الحسن بن أبان ، عن
* ( هامش ) * ( 1 ) تفسير على بن ابراهيم القمى : 75 .
( 2 ) التوحيد : 239 .
( 3 ) في المصدر ( الحسين بن الحسن بن ابان ) وهو الصحيح ، قال الشيخ ره في
باب اصحاب العسكرى عليه السلام : الحسين بن الحسن بن ابان ادركه ( يعنى العسكرى
عليه
السلام ) ولم أعلم أنه روى عنه ، وقال : انه روى عن ( الحسين بن سعيد ) كتبه كلها ،
وروى
عنه ابن الوليدو ذكر ابن قولويه ان قرابة الصفار وسعيد بن عبدالله لكنه اقدم منهما
لانه
يروى عن الحسين بن سعيد دونهما والظاهر انه من الثقات لرواية اجلة القميين كسعد بن
عبدالله
وابن الوليد عنه ، وكونه من مشايخ الاجازة ، مضافا إلى أن العلامة ره في المنتهى
والمختلف
والشهيد في الذكرى وصفا حديثه بالصحة .
[ 24 ]
الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن ابن بكير ، عن زرارة مثله .
العياشى : عن زرارة مثله .
41 تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم
ابن عمر اليماني ، عن أبي الطفيل ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : جاء رجل إلى أبي
علي بن الحسين عليهما السلام فقال له : إن ابن عباس يزعم أنه يعلم كل آية نزلت في
القرآن في أي يوم نزلت وفيمن نزلت ! فقال أبي عليه السلام : سله فيمن نزلت ( ومن
كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ( 1 ) ) ؟ وفيمن نزلت ( ولا ينفعكم
نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم ) ( 2 ) ؟ وفيمن نزلت ( يا
أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا ( 3 ) ) ؟ فأتاه الرجل فسأله فقال :
وددت أن الذي أمرك بهذا وأجهني به ( 4 ) فأسأله عن العرش مم خلقه الله ( 5 ) وكم
هو وكيف هو ؟ فانصرف الرجل إلى أبي عليه السلام فقال أبي عليه السلام : فهل أجابك
بالآيات ؟
قال : لا ، قال أبي : لكن أجيبك فيها بعلم ونور غير المدعي ولا المنتحل ، أما
قوله ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) ففيه نزلت وفي
أبيه ، وأما قوله ( ولا ينفعكم نصحي إن أردت ان أنصح لكم ) ففي أبيه نزلت ، و
أما الاخرى ففي ابنه ( 6 ) نزلت وفينا ولم يكن الرباط الذي أمرنا به ، وسيكون
ذلك من نسلنا المرابط ، ومن نسله المرابط ، وأما ما سأل عنه من العرش مم خلقه
الله فإن الله خلقه أرباعا ، لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء : الهواء ، والقلم ،
والنور
ثم خلقه من ألوان أنوار مختلفة من ذلك النور : نور أحضر منه أخضرت الخضرة
* ( هامش ) * ( 1 ) الاسراء : 72 .
( 2 ) هود : 34 .
( 3 ) آل عمران : 200 .
( 4 ) في بعض النسخ : واجهنى به فأسأله ، ولكن سله ما العرش ومتى خلق وكيف هو ؟
( 5 ) في المصدر : ومتى خلق !
( 6 ) في المصدر : ففى أبيه .
[ 25 ]
ونور أصفرمنه أصفرت الصفرة ، ونور أحمر منه أحمرت الحمرة ، ونورأبيض و
هو نور الانوار ، ومنه ضوء النهار ، ثم جعله سبعين ألف طبق غلظ كل طبق كأول
العرش إلى أسفل السافلين ، ليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمد ربه ويقدسه بأصوات
مختلفة وألسنة غير مشتبهة ، لو اذن للسان واحد فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال
والمدائن والحصون ، وكشف البحار ولهلك ما دونه ، له ثمانية أركان يحمل كل
ركن منها من الملائكة مالا يحصي عددهم إلا الله . يسبحون بالليل ( 1 ) والنهار لا
يفترون ، ولو أحس حس شئ مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين بينه وبين الاحساس
حجب الجبروت والكبيرياء والعظمة والقدس والرحمة والعلم ( 2 ) وليس وراء هذا
مقال ، لقد طمع الحائر في غير مطمع ، أما إن في صلبه وديعة قد ذرئت لنار جهنم
فيخرجون أقواما من دين الله ، وستصبغ الارض بدماء أفراخ من أفراخ آل محمد
تنهض تلك الفراخ في غير وقت ، وتطلب غير مدرك ، ويرابط الذين آمنوا ، ويصبرون
ويصابرون ، حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين ( 3 ) .
42 التوحيد : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار
عن علي بن إسماعيل ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي
الطفيل ( 4 ) عن أبي جعفر ، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال : إن الله عزوجل خلق
العرش أرباعا وذكر مثله إلى قوله وليس بعد هذا مقال ( 5 ) .
الكشى : عن جعفر بن معروف ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد بن عيسى
* ( هامش ) * ( 1 ) الليل ( خ ) .
( 2 ) القلم ( خ ) .
( 3 ) تفسير على بن ابراهيم : 385 .
( 4 ) هو عامر بن واثلة الكنانى الليثى ، ذكر في خلاصة تذهيب الكمال ( ص : 157 )
أنه ولد عام أحد ، واثبت مسلم وابن عدى صحبته إلى ان قال كان من شيعة على ثم سكن
مكة إلى ان مات سنة مائة وقيل سنة عشر ( يعنى بعد المائة ) وهو آخر من مات من جميع
الصحابعة على الاطلاق .
( 5 ) التوحيد : 238 .
[ 26 ]
مثل ما رواه علي بن ابراهيم إلى آخر الخبر .
وقال أيضا : حدثني علي بن محمد بن قتيبة ، عن الفضل بن شاذان ، عن محمد
ابن أبي عمير ، قال : جاء رجل إلى علي بن الحسين عليهما السلام وذكر نحوه .
الاختصاص : عن جعفر بن الحسين ، عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن محمد
ابن الحسن الصفار ، عن علي بن إسماعيل عن حماد مثله ( 1 ) .
بيان : ( غير المدعي ) أي بلا حقيقة ، والانتحال أن يدعي شعر غيره أو
قوله لنفسه . وفي رواية الكشي بعد ذلك : أما الاولتان فنزلتا في أبيه ، وأما
الاخيرة
فنزلت في أبي وفينا . وكذا في الاختصاص وفيه بعده : ولم يكن الرباط الذي
أمرنا به بعد . وعلى التقادير يدل على أن العمى المذكور في الآية ليس عمى العين
بل عمى القلب . إذ العباس لم ينقل عماه بل عبدالله صار أعمى ( ففي ابنه نزلت ) لعل
الظاهر ففي بنيه ، ويمكن أن يراد به الجنس ، أو أول من خرج منهم أي نزلت
في المرابطة ، والانتظار الذي امرنا به في دولة ذريته الملعونة ، فقوله عليه السلام
( من
نسله المرابط ) على التهكم ، أو بزعمهم ، فإنهم كانوا يترقبون الدولة في زمن بني
امية ، أو المراد المرابطة اللغوية لا المذكورة في الآية ، ويحتمل أن يكون المراد
بالمرابط الخارج بالسيف ، والمرابط من الائمة القائم عليه السلام ومنهم أولهم
أوكلهم
وفي القاموس : ربطه : شده ، والرباط : ما ربط به ، والمواظبة على الامر وملازمة
ثغر العدو كالمرابطة والمرابطة أن يربط كل من الفريقين خيولهم في ثغره وكل معد
لصاحبه فسمي المقام في الثغر رباطا ومنه قوله تعالى ( وصابروا ورابطوا ( 2 ) ) (
انتهى )
( ولو أحس شئ مما فوقه ) لعل قوله مما فوقه مفعول ( أحس ) أي شيئا مما فوقه
وفي الاختصاص ( ولو أحس شيئا مما فوقه ) أي حاس أو كل من الملائكة الحاملين .
وفي بعض النسخ ( ولو أحس حس شئ ) وفي بعضها ( ولو أحس حس شيئا ) .
وهو أظهر ( بينه وبين الاحساس ) أي بين الملك أو الحاس وبين إحساس ما فوقه
* ( هامش ) * ( 1 ) الاختصاص : 71 73 .
( 2 ) آل عمران : 200 .
[ 27 ]
( حجب الجبروت والكبرياء ) أي الصورية أو المعنوية ( وليس وراء هذا مقال )
أي لا يمكن وصف ما وراء هذه الحجب ( لقد طمع الحائر ) أي ابن عباس ، وفي
بعض النسخ ( الخائن ) وفي بعضها ( الخاسر ) في غير مطمع ) أي في أمر لا ينفع
طمعه فيه وهو فوق مرتبته .
( فيخرجون ) وفي الكشي : ( يستخرجون أقواما من دين الله أفواجا كما دخلوا فيه )
والمراد بالافراخ السادات الذين خرجوا وقتلوا ، لانهم خرجوا في غير وقت الخروج
وعند استقرار دولة المخالفين ( وتطلب غير مدرك ) على بناء المفعول أي ما لا يمكن
إدراكه . وفي الكشي : غير ما تدرك . وقد مرت الوجوه الكثيرة في تأويل الانوار
في كتاب التوحيد ، وفي هذا الباب أيضا فلا نعيدها ههنا .
43 التفسير : ( والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ
ثمانية يومئذ تعرضون ) قال : حملة العرش ثمانية لكل واحد ثمانية أعين ، كل عين
طباق الدنيا ، وفي حديث آخر : حملة العرش ثمانية : أربعة من الاولين وأربعة من
الآخرين ، فأما الاربعة من الاولين فنوح ، وإبراهيم ، وموسى وعيسى عليهم السلام و
أما الاربعة من الآخرين ، فمحمد ، وعلي ، والحسن ، والحسين ومعنى ( يحملون
العرش ) يعني العلم ( 1 )
. 44 الخصال : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن سعد بن عبدالله ، عن
القاسم بن محمد الاصبهاني ، عن سليمان بن داود ، عن حفص بن ( 2 ) غياث قال : سمعت
* ( هامش ) * ( 1 ) تفسير على بن ابراهيم : 694 .
( 2 ) هو حفص بن غياث بكسر المعجمة ابن طلق بن معاوية ابوعمر النخعى قاضى
الكوفه ، عده الشيخ ره من اصحاب الباقر والصادق عليهما السلام وادعى في العدة اجماع
الطائفة على العمل بروايته . وقال النجاشى ( 104 ) انه ولى القضاء ببغداد الشرقية
لهارون ثم
ولاه قضاء الكوفة ومات بها سنة اربع وتسعين ومائة ( انتهى ) ولتوليه القضاء مر قبل
هارون
استظهر جماعة كونه عاميا لكنه كما ترى ، والنجاشى لم يشر إلى عامية مذهبه عند
التعرض
لترحمته ولو كان عاميا لاشار إليه كما هو دأبه ، قال في تنقيح المقال ( ج 1 ، ص 355
) :
يدل على كونه شيعيا جملة من اخباره ورواياته ثم ذكر بعضها .
[ 28 ]
أبا عبدالله عليه السلام يقول : إن حملة العرش ثمانية لكل واحد منهم ثمانية أعين كل
عين طباق الدنيا ( 1 ) .
45 ومنه : عن ابن الوليد ، عن الصفار ، مرسلا قال : قال الصادق عليه السلام :
إن حملة العرش أحدهم على صورة ابن آدم يسترزق الله لولد آدم ، والثاني على
صورة الديك يسترزق الله للطير ، والثالث على صورة الاسد يسترزق الله للسباع
والرابع على صورة الثور يسترزق الله للبهائم ، ونكس الثور رأسه منذ عبد بنو
إسرائيل العجل ، فإذا كان يوم القيمة صاروا ثمانية ( 2 ) .
بيان : يمكن أن يكون الذي يسترزق للطير شبيها بالنسر والديك معا ، فلذا
شبه بهما .
45 التوحيد : عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد
الجبار ، عن صفوان ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الشمس جزء
من سبعين جزء من نور الكرسي ، والكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش
والعرش جزء من سبعين جزء من نور الحجاب ، والحجاب جزء من سبعين جزء
من نور الستر ( 3 ) ( الخبر ) .
46 التوحيد والمعانى : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن
محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال سألت أبا عبدالله عليه
السلام
عن قول الله عزوجل ( وسع كرسيه السماوات والارض ) قال : علمه ( 4 ) .
47 المعانى : عن أحمد بن الحسن ، عن عبدالرحمن بن محمد الحسني ، عن
أحمد بن عيسى بن أبي مريم ، عن محمدبن أحمد العرزمى ، عن علي بن حاتم المنقري
عن المفضل بن عمر ، قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن العرش والكرسي ماهما ؟
* ( هامش ) * ( 1 ) الخصال : 39 .
( 2 ) الخصال : 40 .
( 3 ) التوحيد : 64 .
( 4 ) التوحيد : 239 ، المعانى : 30 .
[ 29 ]
فقال : العرش في وجه هو جملة الخلق ، والكرسى وعاؤه ، وفي وجه آخر هو العلم
الذي اطلع الله عليه أنبياءه ورسله وحججه ، والكرسي هو العلم الذي لم يطلع
عليه أحد من أنبيائه ورسله وحجه عليهم السلام ( 1 ) .
48 ومنه : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن موسى بن جعفر البغدادي
عن محمد بن جمهور ، عن عبدالله بن عبدالرحمن ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن أبي
عبدالله
عليه السلام قال : من قال في كل يوم من شعبان سبعين مرة ( أستغفر الله الذي لا إله
إلا هو الرحمن الرحيم الحي القيوم وأتوب إليه ) كتب في الافق المبين . قال : قلت :
وما الافق المبين ؟ قال : قاع بين يدي العرش فيه أنهار تطرد ، فيه من القدحان عدد
النجوم ( 2 ) .
49 التوحيد : عن محمد بن الحسين الوليد ، عن محمد بن الحسن الصفار
عن يعقوب بن يزيد ، عن حماد ، عن ربعي ( 3 ) ، عن الفضيل ، قال : سألت أبا عبدالله
عليه السلام عن قول الله عزوجل ( وسع كرسيه السماوات والارض ) قال : يا فضيل
السماوات والارض وكل شئ في الكرسي ( 4 ) .
50 ومنه : عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير
عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عزوجل ( وسع كرسيه
السماوات والارض ) فقال : السماوات والارض وما بينهما في الكرسي ، والعرش
هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المعانى : 29 .
( 2 ) المعانى : 228 .
( 3 ) بكسر الراء وسكون الباء ، قال النجاشى : ربعى بن عبدالله بن الجارود بن أبى
سبرة
الهذلى ابونعيم بصرى ثقة روى عن أبى عبدالله وابى الحسن عليهما السلام وصحب الفضيل
بن
يسار واكثر الاخذ عنه وكان خصيصا به إلى ان قال وله كتاب رواه عن عدة من اصحابنا
رحمهم الله منهم حماد بن عيسى .
( 4 ) التوحيد : 239 .
( 5 ) التوحيد : 239 .
[ 30 ]
51 ومنه : عن علي بن أحمد الدقاق ، عن محمد بن جعفر الاسدي ، عن
محمدبن إسماعيل البرمكي ، عن الحسين بن الحسن ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير
قال : سألت أبا عبدالله عليه السلام عن العرش والكرسي فقال : إن للعرش صفات كثيرة
مختلفة ، له في كل سبب وصنع ( 1 ) في القرآن صفة على حدة ، فقوله ( رب العرش
العظيم ) يقول : الملك العظيم ، وقوله ( الرحمن على العرش استوى ) يقول : على
الملك احتوى ، وهذا ملك الكيفوفية في الاشياء . ثم العرش في الوصل مفرد ( 2 )
من الكرسي ، لانهما بابان من أكبر أبواب الغيوب ، وهما جميعا غيبان ، وهما في
الغيب مقرونان ، لان الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع
ومنها ( 3 ) الاشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف
والكون والقدر والحد والاين والمشية وصفة الارادة وعلم الالفاظ والحركات
والترك وعلم العود والبداء ، فهما في العلم بابان مقرونان ، لان ملك العرش سوى
ملك الكرسي ، وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال ( رب العرش العظيم )
أي صفته أعظم من صفة الكرسي ، وهما في ذلك مقرونان . قلت : جعلت فداك فلم
صار في الفضل جار الكرسي ؟ قال عليه السلام : إنه صار جاره لان علم الكيفوفية فيه
وفيه الظاهر من أبواب البداء وأينيتها ( 4 ) وحد رتقها وفتقها ، فهذان جاران أحدهما
حمل صاحبه في الظرف . وبمثل صرف العلماء ، وليستدلوا ( 5 ) على صدق دعواهما
لانه يختص برحمته من يشاء وهو القوي العزيز .
فمن اختلاف صفات العرش أنه قال تبارك وتعالى ( رب العرش رب
الوحدانية عما يصفون ) وقوم وصفوه بيدين فقالوا ( يدالله مغلولة ) وقوم وصفوه
بالرجلين فقالوا وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء ، و
* ( هامش ) * ( 1 ) وضع ( خ ) .
( 2 ) في بعض النسخ وفى المصدر : متفرد .
( 3 ) في المصدر : ( منه ) وهو الظاهر .
( 4 ) في بعض النسخ : ابنيتها .
( 5 ) في المصدر : يستدلوا .
[ 31 ]
وصفوه ( 1 ) بالانامل فقالوا : إن محمدا صلى الله عليه وآله قال ( إني وجدت برد
أنامله على قلبي )
فلمثل هذه الصفات قال ( رب العرش عما يصفون ) يقول : رب المثل الاعلى عما
به مثلوه ، ولله المثل الاعلى الذي لايشبهه شئ ولا يوصف ولايتوهم ، فذلك المثل
الاعلى . ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الامثال
وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جعلوا به ، فلذلك قال ( وما اوتيتم من العلم إلا قليلا
)
فليس له شبه ولا مثل ولاعدل ، وله الاسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره ، وهي
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 31 سطر 7 إلى صفحه 39 سطر 7
التي وصفها في الكتاب فقال ( فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) جهلا بغير
علم ، فالذي يلحد في أسمائه [ جهلا ] بغير علم يشرك وهو لايعلم ، ويكفر به وهو
يظن أنه يحسن ، فلذلك قال ( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) فهم
الذين يلحدون في أسمائه بغير علم ، فيضعونها غير مواضعها .
يا حنان ! إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء ، فهم الذين أعطاهم
الفضل وخصهم بما لم يخص به غيرهم ، فأرسل محمدا صلى الله عليه وآله فكان الدليل على
الله
بإذن الله عزوجل حتى مضى دليلا هاديا ، فقام من بعده وصيه عليه السلام دليلا هاديا
على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه ثم الائمة الراشدون عليهم السلام (
2 ) .
بيان ، ( صفات كثيرة ) أي معان شتى وإطلاقات مختلفة ( ملك الكيفوفية
في الاشياء ) أي كيفية ارتباطه سبحانه بمخلوقاته وتدبيره لها وعلمه بها ومباينته
عنها ، ولذا وصف ذلك بالاستواء فليس بشئ أقرب من شئ ، ورحمته وعلمه وسعا
كل شئ ، ويحتمل أن يكون المراد تدبير صفات الاشياء وكيفياتها وأوضاعها
وأحوالها ، ولعله أظهر . ( ثم العرش في الوصل مفرد ) أي إذا عطف أحدهما على
الآخر ووصل بينهما في الذكر فالعرش مفرد عن الكرسي ومبائن له ، وفي غير
ذلك قد يطلقان على معنى واحد كالعلم ( وهما جميعا غيبان ) أي مغيبان عن الحواس
قوله عليه السلام ( لان الكرسي هو الباب الظاهر ) يظهر منه مع غاية غموضه أن المراد
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : وقوم وصفوه .
( 2 ) التوحيد : 236 .
[ 32 ]
بالكرسي والعرش هنا نوعان من علمه سبحانه ، فالكرسي العلم المتعلق بأعيان
الموجودات ، ومنه يطلع ويظهر جميع الموجودات بحقائقها وأعيانها ، والامور
البديعة في السماوات والارض وما بينهما ، والعرش العلم المتعلق بكيفيات الاشياء
ومقاديرها وأحوالها وبدئها وعودها ، ويمكن أن يكون أحدهما عبارة عن كتاب
المحو والاثبات ، والآخر عن الحوح المحفوظ . قوله عليه السلام ( لان علم الكيفوفية
)
أي إنهما إنما صارا جارين مقرونين لان أحدهما عبارة عن العلم المتعلق بالاعيان
والآخر عن العلم المتعلق بكيفيات تلك الاعيان فهما مقرونان ، ومن تلك الجهة
صح جع كل منها ظرفا للآخر ، لان الاعيان لما كانت محال للكيفيات فهي
ظروفها وأوسع منها ، ولما كانت الكيفيات محيطة بالاعيان فكأنها ظرفها وأوسع منها
وبهذا الوجه يمكن الجمع بين الاخبار ولعله اشير إلى هذا بقوله ( أحدهما جعل صاحبه
في الظرف ) بالظاء المعجمة أي بحسب الظرفية ، وفي بعض النسخ بالمهملة أي حيث
ينتهي طرف أحدهما بصاحبه إذا قرئ بالتحريك ، وإذا قرئ بالسكون فالمراد
نظر القلب . ( وبمثل صرف العلماء ) أي علماء أهل البيت عليهم السلام عبروا عن هذه
الامور بالعبارات المتصرفة المتنوعة على سبيل التمثيل والتشبيه ، فتارة عبروا عن
العلم بالعرش ، وتارة بالكرسي ، وتارة جعلوا العرش وعاء الكرسي ، وتارة
بالعكس ، وتارة أرادوا بالعرش والكرسي الجسمين العظيمين ، وإنما عبروا
بالتمثيل ليستدلوا على صدق دعواهما ، أي دعواهم لهما ، وما ينسبون إليهما و
يبينون من غرائبهما وأسرارهما ، وفي أكثر النسخ ( وليستدلوا ) فهو عطف على
مقدر أي لتفهيم أصناف الخلق وليستدلوا ، ولعل الاظهر ( دعواهم ) .
قوله عليه السلام ( فمن اختلاف صفات العرش ) أي معانيه قال في سورة الانبياء
( فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) فالمراد بالعرش هنا عرش الوحدانية ، إذ
هي أنسب بمقام التنزيه عن الشريك ، إذا المذكور قبل ذلك ( أم اتخذوا آلهة من
الارض هم ينشرون * لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما
يصفون ، وقال سبحانه في سورة الزخرف ( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين
[ 33 ]
سبحان رب السماوات والارض رب العرش عما يصفون ) والمناسب هنا عرش التقدس
والتنزه عن الاشباه والامثال والاولاد ، فالعرش في كل مقام يراد به معنى يعلمه
الراسخون في العلم . ثم إنه ظاهر الكلام يوهم أن الظرف في قوله ( عما يصفون )
متعلق بالعرش وهو بعيد ، بل الظاهر تعلقه بسبحان ، وعلى ما قررنا عرفت أنه
لا حاجة إلى ارتكاب ذلك ، ويدل الخبر على أن خطاب ( وما اوتيتم ) متوجه
إلى السائلين عن الروح وأضرابهم لا إلى النبي صلى الله عليه وآله قوله عليه السلام
( من ظاهر علمه )
إنما خص بالظاهر لان باطن علمه لا يطيقه سائر الخلق سوى أوصيائه عليهم السلام .
واعلم أن هذا الخبر من المتشابهات ، وغوامض المخبيات ، والظاهر أنه وقع من
الرواة والنساخ لعدم فهمهم معناه تصحيفات وتحريفات أيضا ، فلذا أجملت الكلام
فيه ، وما ذكرته إنما هو على سبيل الاحتمال ، والله يعلم وحججه حقائق كلامهم
عليهم السلام .
52 العياشى : عن الاصبغ ، قال : سئل أميرالمؤمنين عليه السلام عن قول الله
( وسع كرسيه السماوات والارض ) فقال : إن السماء ( 1 ) والارض وما فيهما
من خلق مخلوق في جوف الكرسي ، وله أربعة أملاك يحملونه بإذن الله .
53 تفسير العسكرى : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله لما خلق
العرش
خلق له ثلاثمائة وستين ألف ركن ، وخلق عند كل ركن ثلاثمائة وستين ألف
ملك ، لو أذن الله تعالى لاصغرهم فالتقم السماوات السبع والارضين السبع ما كان
ذلك بين لهواته إلا كالرملة في المفازة الفضفاضة ! فقال لهم الله : يا عبادي
احتملوا
عرشي هذا ، فتعاطوه فلم يطيقوا حمله ولا تحريكه ، فخلق الله عزوجل مع كل
واحد منهم واحدا فلم يقدروا أن يزعزعوه ، فخلق الله مع كل واحد منهم عشرة
فلم يقدروا أن يحركوه ، فخلق الله بعدد كل واحد منهم مثل جماعتهم فلم يقدروا
أن يحركوه ، فقال الله عزوجل لجميعهم : خلوه علي امسكه بقدرتي ، فخلوه
فأمسكه الله عزوجل بقدرته ، ثم قال لثمانية منهم : احملوه أنتم . فقالوا : يا ربنا
* ( هامش ) * ( 1 ) السماوات ( خ ) .
[ 34 ]
لم نطقه نحن وهذا الخلق الكثير والجم الغفير ، فكيف نطيقه الآن دونهم ؟ ! فقال
الله عزوجل : لاني أنا الله المقرب للبعيد ، والمذلل للعبيد ، والمخفف للشديد
والمسهل للعسير ، أفعل ما أشاء وأحكم ما اريد ، اعلمكم كلمات تقولونها يخف ( 1 )
بها عليكم . قالوا : وما هي ؟ قال : تقولون ( بسم الله الرحمن الرحيم ولاحول ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطيبين ) فقالوها فحملوه ، و
خف على كواهلهم كشعرة نابتة على كاهل رجل جلد قوي . فقال الله عزوجل
لسائر تلك الاملاك : خلوا على هؤلاء الثمانية عرشي ليحملوه ، وطوفوا أنتم حوله
وسبحوني ومجدوني وقد سوني ، فأنا الله القادر [ المطلق ] على ما رأيتم وعلى
كل شئ قدير .
بيان : ( الفضفاضة ) الواسعة ذكره الجوهري ، وقال : الجلد الصلابة و
الجلادة ، تقول منه جلد الرجل بالضم فهو جلد .
54 روضة الواعظين : روى جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام أنه
قال : في العرش تمثال ما خلق الله من البر والبحر ( 2 ) قال : وهذا تأويل قوله (
وإن من
شئ إلا عندنا خزائنه ( 3 ) ) وإن بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية
خفقان
الطير المسرع مسيرة ألف عام ، والعرش يكسى كل يوم سبعين ألف لون من النور
لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق الله ، والاشياء كلها في العرش كحلقة في
فلاة ، وإن لله تعالى ملكا يقال له ( خرقائيل ) له ثمانية عشر ألف جناح ، ما بين
الجناح إلى الجناح خمسمائة عام ، فخطر له خاطر : هل فوق العرش شئ ؟ فزاده
الله تعالى مثلها أجنحة اخرى ، فكان له ست وثلاثون ألف جناح ، ما بين الجناح
إلى الجناح خمسمائة عام ، ثم أوحى الله إليه : أيها الملك طر ، فطار مقدار عشرين
ألف عام لم ينل رأس ( 4 ) قائمة من قوائم العرش ، ثم ضاعف الله له في الجناح والقوة
* ( هامش ) * ( 1 ) يخفف ( خ ) .
( 2 ) في المصدر : في البر والبحر .
( 3 ) الحجر : 21 .
( 4 ) راسه ( خ ) .
[ 35 ]
وأمره أن يطير ، فطار مقدار ثلاثين ألف عم لم ينل أيضا ، فأوحى الله إليه : أيها
الملك ! لو طرت إلى نفخ الصور مع أجنحتك وقوتك لم تبلغ إلى ساق عرشي ( 1 ) !
فقال الملك ( سبحان ربي الاعلى ) فأنزل الله عزوجل ( سبح اسم ربك الاعلى )
فقال النبي صلى الله عليه وآله : اجعلوها في سجودكم .
55 وروي من طريق المخالفين في قوله ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ
ثمانية ) قال : ثمانية صفوف لايعلم عددهم إلا الله ، لكل ملك منهم أربعة وجوه
لهم قرون كقرون الوعلة ، من اصول القرون إلى منتهاها مسيرة خمسمائة عام ، و
العرش على قرونهم ، وأقدامهم في الارض السفلى ، ورؤوسهم في السماء العليا ، و
دون العرش سبعون حجابا من نور ( 2 ) .
بيان : قال الجزري : الوعول تيوس الجبل ، واحدها وعل بكسر العين ، و
منه الحديث في تفسير قوله تعالى ( ويحمل عرش ربك فوقهم يوئمذ ثمانية ) قيل :
هي ثمانية أو عال ، أي ملائكة على صورة الاوعال .
56 تأويل الايات الظاهرة : نقلا من كتاب محمد بن العباس بن ماهيار
عن جعفر بن محمد بن مالك ، عن أحمد بن الحسين العلوي ، عن محمد بن حاتم ، عن
هارون بن الجهم ، عن محمد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في قوله
تعالى
( الذين يحملون العرش ومن حوله ) قال : يعني محمدا ، وعليا ، والحسن ، والحسين
ونوحا ، وإبراهم ، وموسى ، وعيسى عليهم السلام .
57 الاختصاص : عن ابن عباس ، قال : سأل ابن سلام النبي صلى الله عليه وآله فكان
فيما سأله : ما الستة عشر ؟ وما الثمانية عشر ؟ قال : ستة عشر صفا من الملائكة
حافين من حول العرش ، وذلك قوله ( حافين من حول العرش ) وأما الثمانية
عشر فثمانية عشر حجابا من نور معلق بين الكرسي والحجب ، ولو لا ذلك لذابت
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : إلى ساق العرش .
( 2 ) روضة الواعظين : 59 .
[ 36 ]
صم الجبال الشوامخ ، واحترقت الجن والانس من نور الله . قال : صدقت
يا محمد ( 1 ) .
58 في بعض الكتب عن علي بن الحسين عليهما السلام : إن في العرش تمثال جميع
ما خلق الله .
59 المتهجد : في دعاء ليلة الجمعة : اللهم رب النور العظيم ورب الكرسي
الواسع ، ورب العرش العظيم ، ورب البحر المسجور ( الدعاء ) .
60 وفي تعقيب صلاة أميرالمؤمنين عليه السلام : وأسألك باسمك الذي خلقت
به عرشك الذي لا يعلم ما هو إلا أنت إلى قوله وأسألك يا الله باسمك الذي تضعضع
به سكان سماواتك ، واستقر به عرشك إلى قوله وأسألك باسمك الذي أقمت به
عرشك وكرسيك في الهواء إلى قوله وأسألك باسمك الذي دعاك به حملة عرشك
فاستقرت أقدامهم ، وحملتهم عرشك بدلك الاسم يا الله الذي لا يعلمه ملك مقرب ولا
حامل عرشك ولا كرسيك إلا من علمته ذلك .
61 بيان التنزيل لابن شهر آشوب عن الصادق عليه السلام : إن بين القائمة
من قوائم العرش والقائمة الثانية خفقان الطير عشرة آلاف عام ( 1 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الاختصاص : 27 .
( 1 ) حاصل ما يستفاد من الروايات الشريفة أن العرش مخلوق عظيم جدا يشتمل على
ما دونه من الموجودات ، خلق من انوار اربعة ، ويحمله اربعة من الملائكة ، وله اربع
قوائم
وليس اول المخلوقات بل رابعها ، وهو الملكوت الذى اراه الله اصفياءه ، وفيه تمثال
ما خلق الله
في البر والبحر ، وفيه خزائن جميع الاشياء ، وهو الباب الباطن من العلم ، وفيه علم
الكيف
والكون والعود والبداء وقد يستعمل بمعنى الملك والقدرة بعناية ، ومنه قوله تعالى (
الرحمن
على العرش استوى ) ولعل منه ايضا ( وكان عرشه على الماء ) .
وقد تكلف بعض الحكماء لتطبيقه على الفلك التاسع من الافلاك المفروضة في الهيئة
القديمة ، لكنه لايوافق ما ذكر له من الخواص في الروايات والذى يفيده التدبر البالغ
في
خواصه المذكورة في الروايات الشريفة ان اشتماله على ما دونه من الموجودات ليس
كاشتمال
جسم مجوف على آخر ، بل معناه اشتماله على صور الاشياء وحقائقها وكمالاتها ، قال
عليه السلام
( في العرش تمثال ما خلق الله تعالى في البر والبحر وهذا تأويل قوله وان من شئ الا
عندنا
[ 37 ]
تحقيق وتوفيق : اعلم أن ملوك الدنيا لما كان ظهورهم وإجراء أحكامهم
على رعيتهم إنما يكون عند صعودهم على كرسي الملك وعروجهم على عرش السلطنة
ومنهما تظهر آثارهم وتتبين أسرارهم ، والله سبحانه لتقدسه عن المكان لايوصف
بمحل ولا مقر وليس له عرش ولا كرسي يستقر عليهما ، بل يطلقان على أشياء من
مخلوقاته أو صفاته الكمالية على وجه المناسبة ، فالكرسي والعرش يطلقان على معان :
أحدها جسمان عظيمان خلقهما الله تعالى فوق سبع سماوات ، وظاهر أكثر الاخبار
أن العرش أرفع وأعظم من الكرسي ، ويلوح من بعضها العكس ، والحكماء يزعمون
أن الكرسي هو الفلك الثامن ، والعرش هو الفلك التاسع ، وظواهر الاخبار تدل
على خلاف ذلك من كونهما مربعين ذاتي قوائم وأركان ، وربما يؤولان بالجهات
والحدود والصفات التي بها استحقا التعظيم والتكريم ، ولا حاجة لنا إلى هذه
التكلفات ، وإنما سميا بالاسمين لبروز أحكامه وتقديراته من عندهما ، وإحاطة
الكروبيين والمقربين وأرواح النبيين والاوصياء بهما ، وعروج من قربه من
جنابه إليهما ، كما أن أوامر الملوك وأحكامهم وآثار سلطنتهم وعظمتهم تبدو منهما ، و
تطيف مقربوا جنابهم وخواص ملكهم بهما ، وأيضا لما كانا أعظم مخلوقاته الجسمانية
وفيهما من الانوار العجيبة والآثار الغريبة ما ليس في غيرهما من الاجسام فدلالتهما
على وجوده وعلمه وقدرته وحكمته سبحانه أكثر من سائر الاجسام ، فلذا خصا
بهذين الاسمين من بينهما ، وحملتهما في الدنيا جماعة من الملائكة كما عرفت ، وفي
الآخرة
إما الملائكة أو اولوالعزم من الانبياء مع صفوة الاوصياء عليهم السلام كما عرفت ، و
* ( هامش ) * خزائنه ) وقال ( هو الباب الباطن الذى ويجد فيه علم الكيف والكون .
وهما ( يعنى العرش
والكرسى ) غيبان وهما في العلم مقرونان ) فبالنظر إلى هذه الخواص لايبعد استظهار
كونه
من الموجودات النورانية العالية والجواهر المجردة العقلية ، وكونه رابعها بحسب
المرتبة
الوجودية ، مشتملا على اربع حيثيات مختلفة يبقى اشكال وهو انه ربما يظهر من بعض
الروايات
كونه جسما عظيما فوق السماء السابعة فلو كان المراد غير ذلك لم لم يصرح به ؟
والجواب قوله
عليه السلام في رواية حنان المتقدمة ( بمثل صرف العلماء ) والله العالم .
[ 38 ]
يمكن أن يكون نسبة الحمل إليهم مجازا لقيام العرش بهم في القيامة وكونهم
الحكام عنده والمقربين لديه .
وثانيها : العلم كما عرفت إطلاقهما في كثير من الاخبار عليه وقد مر
الفرق بينهما في خبر معاني الاخبار وغيره ، وذلك أيضا لان منشأ ظهوره سبحانه
على خلقه العلم والمعرفة ، وبه يتجلى على العباد ، فكانه عرشه وكرسيه سبحانه
وحملتهما نبينا وأئمتنا عليهم السلام لانهم خزان علم الله في سمائه وأرضه لاسيما ما
يتعلق
بمعرفته سبحانه .
وثالثها الملك ، وقد مر إطلاقهما عليه في خبر ( حنان ) والوجه ما مر أيضا .
ورابعها : الجسم المحيط وجميع ما في جوفه أو جميع خلق الله كما ذكره
الصدوق ره ويستفاد من بعض الاخبار ، إذ ما من شئ في الارض ولا في السماء
وما فوقها إلا وهي من آيات وجوده وعلامات قدرته ، وآثار وجوده وفيضه وحكمته
فجميع المخلوقات عرش عظمته وجلاله ، وبها تجلى على العارفين بصفات كماله
وهذا أحد المعاني التي خطرت ببالي الفاتر في قولهم عليهم السلام ( وارتفع فوق كل
منظر )
فتدبر .
وخامسها : إطلاق العرش على كل صفة من صفاته الكماليه والجلالية
إذ كل منها مستقر لعظمته وجلاله ، وبها يظهر لعباده على قدر قابليتهم ومعرفتهم
فله عرش العلم ، وعرش القدرة ، وعرش الرحمانية ، وعرش الرحيمية ، وعرش
الوحدانية ، وعرش التنزه كما مر في خبر حنان وغيره . وقد أول الوالده ره
الخبر الذي ورد في تفسير قوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) أن المعنى :
استوى من كل شئ فليس شئ أقرب إليه من شئ ، أن المراد بالعرش هنا عرش
الرحمانية والظرف حال أي الرب سبحانه حالكونه على عرش الرحمانية استوى من
كل شئ ، إذ بالنظر إلى الرحيمية التي هي عبارة عن الهدايات والرحمات الخاصة
بالمؤمنين أقرب ، أو المراد أنه تعالى بسبب صفة الرحمانية حال كونه على عرش الملك
والعظمة والجلال استوى نسبته إلى كل شئ ، وحينئذ فائدة التقييد بالحال نفي
[ 39 ]
توهم أن هذا الاستواء مما ينقص من عظمته وجلاله شيئا .
وسادسها إطلاق العرش على قلب الانبياء والاوصياء عليهم السلام وكمل المؤمنين
فإن قلوبهم مستقر محبته ومعرفته سبحانه ، كما روي أن قلب المؤمن عرش الرحمن
وروي أيضا في الحديث القدسي ( لم يسعني سمائي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي
المؤمن ) .
ثم اعلم أن إطلاقهما على بعض المعاني عند التصريح به أو إقامة القرائن
عليه لا ينافي وجوب الاذعان بالمعنى الاول الذي هو الظاهر من أكثر الآيات
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 39 سطر 8 إلى صفحه 47 سطر 8
والاخبار ، والله المطلع على الاسرار .
5 .
( باب )
* ( الحجب والاستار والسرادقات ) *
1 التوحيد والخصال : عن أحمد بن الحسن القطان ، عن أحمد بن يحيى
ابن زكريا القطان ، عن بكر بن عبدالله ، عن تميم بن بهلول ، عن نصر بن مزاحم
المنقري ، عن عمرو بن سعد ، عن أبي مخنف ( 1 ) لوط بن يحيى ، عن أبي منصور ، عن
زيد بن وهب ، قال : سئل أميرالمؤمنين عليه السلام عن الحجب ، فقال : أول الحجب
سبعة ، غلظ كل حجاب منها مسيرة خمسمائة عام ، وبين كل حجابين مسيرة خمسمائة
عام ، والحجاب الثاني سبعون حجابا ، بين كل حجابين مسيرة خمسمائة عام ( 2 )
* ( هامش ) * ( 1 ) وزان ( منبر ) وابومخنف هو لوط بن يحيى بن مخنف بن سليم الازدى
شيخ اصحاب
الاخبار بالكوفة كما عن النجاشى يروى عن الصادق عليه السلام وكان من اعاظم مؤرخى
الشيعة ، ومع اشتهاره بالتشيع اعتمد عليه علماء السنة كالطبرى والجزرى وغيرهما ، له
كتب في
التاريخ والسير منها ( مقتل الحسين عليه السلام ) الذى نقل عنه اعاظم العلماء
المتقدمين توفى
سنة ( 157 ) وجده ( مخنف ) صحابى شهد الجمل في اصحاب على عليه السلام حاملا راية
الازد
فاستشهد في تلك الواقعة سنة ( 36 ) .
( 2 ) في المصدر : وطول خمسمائة عام .
[ 40 ]
حجبة كل حجاب منها سبعون ألف ملك ، قوة كل ملك منهم قوة الثقلين ، منها
ظلمة ، ومنها نور ، ومنها نار ، ومنها دخان ، ومنها سحاب ومنها برق ( 1 ) ، ومنها
رعد ، ومنها ضوء ، ومنها رمل ، ومنها جبل ، ومنها عجاج ، ومنها ماء ، ومنها أنهار .
وهي حجب مختلفة غلظ كل حجاب مسيرة سبعين ألف عام ، ثم سرادقات الجلال
وهي ستون ( 2 ) سرادقا ، في كل سرادق سبعون ألف ملك ، بين كل سرادق
وسرادق مسيرة خمسمائة عام ، ثم سرادق العز ، ثم سرادق الكبرياء ، ثم سرادق
النور الابيض ، ثم سرادق الوحدانية وهو مسيرة سبعين ألف عام ، ثم الحجاب
الاعلى . وانقضى كلامه عليه السلام وسكت فقال له عمر : لا بقيت ليوم لا أراك فيه
يا أبا الحسن ( 3 ) !
قال الصدوق ره : ليست هذه الحجب مضروبة على الله ، تعالى عن ذلك
لانه لا يوصف بمكان ، ولكنها مضروبة على العظمة العليا من خلقه التي لايقادر قدرها
غيره تبارك وتعالى ( 4 ) .
بيان : قوله عليه السلام ( منها ظلمة ) لعل المراد من مطلق الحجب لامن الحجب
المتقدمة كما يدل عليه قوله ( غلظ كل حجاب ) الخ .
2 المعانى والخصال : عن أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المقري ، عن محمد
ابن إبراهيم الجرجاني ، عن عبدالصمد بن يحيى الواسطي ، عن الحسن بن علي
المدني ، عن عبدالله بن المبارك ( 5 ) ، عن السفيان الثوري ، عن جعفر بن محمد
الصادق
* ( هامش ) * ( 1 ) مطر ( خ ) .
( 2 ) في المحطوطة : سبعون .
( 3 ) التوحيد : 201 .
( 4 ) الخصال : 3736 .
( 5 ) هو ابوعبدالرحمن عبدالله بن المبارك بن واضح الحنظلى المروزى العالم الزاهد
المحدث من تابعى التابعين ، ذكر ترجمته مفصلا في تاريخ بغداد والحلية وغيرهما
واثنوا عليه
كثيرا ، روى عنه انه قال : كتبت عن اربعة آلاف شيخ ، فرويت عن ألف ، وروى انه قال
لابى
[ 41 ]
عن أبيه ، عن جده [ عن ] علي بن أبيطالب عليهم السلام قال : إن الله تبارك وتعالى
خلق
نور محمد صلى الله عليه وآله قبل أن خلق السماوات والارض والعرش والكرسي واللوح
والقلم
والجنة والنار ، وقبل أن خلق آدم ونوحا وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب
وموسى وعيسى وداود وسليمان وكل من قال الله عزوجل في قوله ( ووهبنا له
إسحاق ويعقوب إلى قوله وهديناهم إلى صراط مستقيم ( 1 ) ) وقبل أن خلق الانبياء
كلهم بأربعمائة ألف وأربع وعشرين ألف سنة ، وخلق عزوجل معه اثني عشر
حجابا : حجاب القدرة ، وحجاب العظمة وحجاب المنة ، وحجاب الرحمة ، وحجاب
السعادة ، وحجاب الكرامة ، وحجاب المنزلة ، وحجاب الهداية ، وحجاب النبوة ، و
حجاب الرفعة ، وحجاب الهيبة ، وحجاب الشفاعة ، ثم حبس نور محمد صلى الله عليه وآله
في حجاب
القدرة اثني عشر ألف سنة وهو يقول ( سبحان ربي الاعلى ) وفي حجاب العظمة
أحد عشر ألف سنة وهو يقول ( سبحان عالم السر [ وأخفى ] وفي حجاب المنة
عشرة آلاف سنة وهو يقول ( سبحان من هو قائم لايلهو ) وفي حجاب الرحمة تسعة
آلاف سنة وهو يقول ( سبحان الرفيع الاعلى ) وفي حجاب السعادة ثمانية آلاف
سنة وهو يقول ( سبحان من هو دائم لا يسهو ) وفي حجاب الكرامة سبعة آلاف سنة
وهو يقول ( ( سبحان من هو غني لا يفتقر ) وفي حجاب المنزله ستة آلاف سنة وهو يقول
( سبحان ربي العلي الكريم ) وفي حجاب الهداية خمسة آلاف سنة وهو يقول ( سبحان
ذي ( 2 ) العرش العظيم ) وفي حجاب النبوة أربعة آلاف سنة وهو يقول ( سبحان رب
العزة عما يصفون ) وفي حجاب الرفعة ثلاثة آلاف سنة وهو يقول ( سبحان ذي الملك
* ( هامش ) * جعفر محمد بن على الباقر عليهما السلام ، قد اتيتك مسترقا مستعبدا ،
فقال : قد قبلت ، واعتقه
وكتب له عهدا ، حكى الدميرى انه استعار قلما من الشام فعرض له سفر فسار إلى انطاكية
وكان
قدنسى القلم معه ، فذكره هناك ، فرجع من انطاكية إلى الشام ماشيا حتى رد القلم إلى
صاحبه
وعاد ولد سنة ( 118 ) بمرو وتوفى سنة ( 181 ) بهيت وهى بكسر الهاء مدينة على الفرات
فوق الانبار من اعمال العراق .
( 1 ) الانعام : 87 .
( 2 ) في الحصال : رب العرش .
[ 42 ]
والملكوت ) وفي حجاب الهيبة ألفي سنة وهو يقول ( سبحان الله وبحمده ) وفي حجاب
الشفاعة ألف سنة وهو يقول ( سبحان ربي العظيم وبحمده ) ثم أظهر عزوجل اسمه
على اللوح فكان على اللوح منورا أربعة آلاف سنة ، ثم أظهره على العرش فكان على
ساق العرش مثبتا سبعة آلاف سنة ، إلى أن وضعه الله عزوجل في صلب آدم عليه السلام
إلى آخر ما مر في المجلد السادس ( 1 ) .
3 تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن
سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قال
جبرئيل في ليلة المعراج :
إن بين الله وبين خلقه تسعين ألف حجاب ، وأقرب الخلق إلى الله أنا وإسرافيل
وبيننا وبينه أربعة حجب : حجاب من نور ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من الغمام
وحجاب من ماء ( الخبر ) ( 2 ) .
4 المجالس للصدوق : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي
عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن أبي الحسن العبدي ، عن الاعمش ( 3
)
* ( هامش ) * ( 1 ) الخصال : 81 82 المعانى : 306 308 .
( 2 ) تفسيرعلى بن ابراهيم : 373 .
( 3 ) هو ابومحمد سليمان بن مهران الاسدى مولاهم الكوفى معروف بالفضل والثقة و
الجلالة والتشيع والاستقامة ، والعامة أيضا يثنون عليه ، مطبقون على فضله وثقته ،
مقرون
بجلالته مع اعترافهم بتشيعه ، وقرنوه بالزهرى ونقلوا منه نوادر كثيرة ، وصنف ( ابن
طولون )
كتابا في نوادره سماه ( الزهر الانعش في نوادر الاعمش ) وذكر ابن خلكان انه كان ثقة
عالما
فاضلا وكان ابوه من ( دماوند ) من رساتيق الرى ، ولقى كبار التابعين ، وروى عنه
سفيان الثورى
وشعبة بن الحجاج وحفص بن غياث وخلق كثير من اجلة العلماء وكان لطيف الخلق مزاحا ، و
ذكره الخطيب في تاريخ بغداد واثنى عليه كثيرا ثم قال : كان محدث اهل الكوفة في
زمانه ، يقال
انه ظهر له اربعة آلاف حديث ولم يكن له كتاب ، وكان يقرء القرآن ورأس فيه ، قرأعلى
( يحيى بن وثاب ) وكان فصيحا ولم يكن في زمانه من طبقته اكثر حديثا منه وكان فيه
تشيع
وروى عن هشيم انه قال : ما رأيت بالكوفة احدا اقرأ لكتاب الله من الاعمش ولا اجود
حديثا
ولا افهم ولا اسرع اجابة لما يسأل عنه ، توفى سنة ( 148 ) .
[ 43 ]
عن عباية بن ربعي ، عن ابن عباس ، في ذكر خبر المعراج قال : فعبر رسول الله
صلى الله عليه وآله حتى انتهى إلى الحجب ، والحجب خمسمائة حجاب من الحجاب
إلى الحجاب مسيرة خمسمائة عام ( الخبر ) .
5 التوحيد : عن الحسين بن أحمد بن إدريس ، عن أبيه ، عن محمد بن عبدالجبار
عن صفوان عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : الشمس جزء من سبعين
جزءمن نور الكرسي ، والكرسي جزء من سبعين جزء من نور العرش ، والعرش
جزء من سبعين جزء من نور الحجاب ، والحجاب جزء من سبعين جزء من نور
الستر ( الخبر ) ( 1 ) .
6 المتهجد : في تعقيب صلاة أميرالمؤمنين عليه السلام : وأسألك بنور اسمك
الذي خلقت به نور حجابك النور إلى قوله عليه السلام وأسألك باسمك الزكي الطاهر
المكتوب في كنه حجبك ، المخزون في علم الغيب عندك على سدرة المنتهى ، وأسألك
باسمك المكتوب على سرادق السرائر إلى قوله باسمك الذي كتبته على حجاب
عرشك ، وبكل اسم هولك في اللوح المحفوظ .
7 الاقبال : في تعقيبات نوافل شهر رمضان ، روي عن أبي عبدالله عليه السلام :
اللهم إني أسألك باسمك المكتوب في سرادق المجد ، وأسألك باسمك المكتوب في
سرادق البهاء ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق العظمة ، وأسألك باسمك المكتوب
في سرادق الجلال ، وأسألك باسمك المكتوب في سرادق العزة ، وأسألك باسمك
المكتوب في سرادق السرائر ، السابق الفائق الحسن النضير ، ورب الملائكة الثمانية
ورب العرش العظيم ( 2 ) ( الدعاء ) .
8 الدر المنثور للسيوطى : نقلا من عدة كتب عن ابن عباس قال بين
السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور ( 3 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) قد مر الحديث بعينه في باب العرش والكرسى تحت الرقم ( 45 ) .
( 2 ) لم يوجد هذا الدعاء في تعقيبات النوافل .
( 3 ) لم يود في المصدر .
[ 44 ]
9 وعن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وآله قال : قال جبرئيل : إن بيني وبين الرب
لسبعين حجابا من نار أو نور ، لو رأيت أدناها لاحترقت ( 1 ) .
10 وعن أبي هريرة أن رجلا من اليهود أتي النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول
الله هل احتجب الله من خلقه بشئ غير السموات ؟ قال : نعم ، بينه وبين الملائكة
الذين حول العرش سبعون حجابا من نور ، وسبعون حجابا من ظلمة ، وسبعون
حجابا من رفارف الاستبرق ، وسبعون حجابا من رفارف السندس ، وسبعون حجابا
من در أبيض ، وسبعون حجابا من در أحمر ، وسبعون حجابا من در أصفر ، وسبعون
حجابا من در أخضر ، وسبعون حجابا من ضياء ، وسبعون حجابا من ثلج ، وسبعون
حجابا من ماء ، وسبعون حجابا من برد ، وسبعون حجابا من عظمته التي لا توصف .
قال : فأخبرني عن ملك الله الذي يليه . فقال النبي صلى الله عليه وآله : إن الملك
الذي يليه
إسرافيل ، ثم ثم جبرئيل ، ثم ميكائيل ، ثم ملك الموت عليهم السلام ( 2 ) .
11 وعن مجاهد ، قال : بين الملائكة وبين العرش سبعون حجابا ، حجابا ( 3 )
من نور ، وحجابا ( 4 ) من ظلمة .
12 وعن سهل بن سعد ، وعبدالله بن عمرو قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
دون
الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة لايسمع ( 5 ) من نفس [ من حس ] تلك الحجب
إلا زهقت نفسه .
13 شرح النهج للكيدري : عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث المعراج قال :
فخرجت من سدرة المنتهى حتى وصلت إلى حجاب من حجب العزة ، ثم إلى حجاب
آخر حتى قطعت سبعين حجابا وأنا على البراق ، وبين كل حجاب وحجاب مسيرة
* ( هامش ) * ( 1 ) الدر المنثور : ج 1 ص 93 وفيه : قال قال رسول الله صلى الله
عليه وآله لجبرئيل :
هل ترى ربك ؟ قال : ان بينى .
( 2 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 93 .
( 3 و 4 ) حجاب ( خ )
( 5 ) في المخطوطة : ما يسمع .
[ 45 ]
خمسمائة سنة إلى أن قال ورأيت في عليين بحارا وأنوارا وحجبا وغيرها لولا تلك
لاحترق كل ما تحت العرش من نور العرش . قال : وفي الحديث أن جبرئيل
عليه السلام قال : لله دون العرش سبعون حجابا لودنونا من أحدها لاحرقتنا سبحات
وجه ربنا .
فذلكة : اعلم أنه قد تظافرت الاخبار العامية والخاصية في وجود الحجب
والسرادقات وكثرتها ، وفي القاموس : السرادق الذي يمد فوق صحن البيت ، و
الجمع سرادقات ، والبيت من الكرسف ، وبيت مسردق أعلاه وأسفله مشدود كله ( 1 ) .
وفي النهاية : السرادق كل ما أحاط بشئ من حائط أو مضرب أو خباء ( 2 ) ( انتهى )
وظاهر أكثر الاخبار أنها تحت العرش ويلوح من بعضها أنها فوقه ، ولا تنافي
بينها ، وروي من طرق المخالفين عن النبي صلى الله عليه وآله أن لله تبارك وتعالى
سبعين ألف
حجاب من نور وظلمة لو كشفت لاحرقت سبحات وجهه مادونه . وقال الجزري :
فيه أن جبرئيل قال : لله دون العرش سبعون حجابا لودنونا من أحدها لاحرقتنا
سبحات وجهه ( 3 ) . وفي حديث آخر : حجابه النور أو النار لو كشفه لاحرقت
سبحات وجهه كل شئ أدركه بصره . سبحات الله : جلاله وعظمته ، وهي في الاصل
جمع ( سبحة ) وقيل : أضواء وجهه ، وقيل : سبحات الوجه محاسنه ، لانك إذا رأيت
الحسن الوجه قلت سبحان الله ، وقيل : معناه تنزيه له ، أي سبحانه وجهه ، وقيل :
إن سبحات وجهه كلام معترض بين الفعل والمفعول ، أي لو كشفها لاحرقت كل
شئ بصره كما تقول لو دخلت الملك البلد لقتل العياذ بالله كل من فيه ، و
أقرب من هذا كله أن المعنى : لو انكشف من أنوار الله التي تحجب العباد عنه شئ
لاهلك كل من وقع عليه ذلك النور كما خر موسى صعقا ، وتقطع الجبال دكا
لما تجلى الله سبحانه وتعالى ( 4 ) . وقال النووي في شرح صحيح مسلم : سبحات
* ( هامش ) * ( 1 ) القاموس : ج 3 ، ص 244 .
( 2 ) النهاية : ج 2 ، ص 157 .
( 3 ) في المصدر ، وجه ربنا .
( 4 ) النهاية : ج 2 ، ص 141 .
[ 46 ]
بضم السين والباء أي نوره ، وأراد بالوجه الذات ، وبما انتهى إليه بصره جميع
المخلوقات ، لان بصره محيط بجميعها ، أي لو أزال المانع من رؤية أنواره لاحرق
جلاله جميعهم .
والتحقيق أن لتلك الاخبار ظهرا وبطنا وكلاهما حق فأما ظهرها فانه سبحانه
كما خلق العرش والكرسي مع عدم احتياجه إليهما كذلك خلق عندهما أستارا وحجبا
وسرادقات ، وحشاها من أنواره الغريبة المخلوقة له ليظهر لمن يشاهدها من الملائكة
وبعض النبيين ولمن يسمعها من غيرهم عظمة قدرته وجلال هيبته وسعة فيضه ورحمته
ولعل اختلاف الاعداد باعتبار أن في بعض الاطلاقات اعتبرت الانواع وفي بعضها
الاصناف وفي بعضها الاشخاص أو ضم بعضها إلى بعض في بعض التعبيرات ، أو أكتفي
بذكر بعضها في بعض الروايات وأما بطنها فلان الحجب المانعة عن وصول الخلق
إلى معرفة كنه ذاته وصفاته امور كثيرة ، منها ما يرجع إلى نقص المخلوق وقواه
ومداركه بسبب الامكان والافتقار والاحتياج والحدوث وما يتبع ذلك من جهات
النقص والعجز ، وهي الحجب الظلمانية . ومنها ما يرجع إلى نوريته وتجرده
وتقدسه ووجوب وجوده وكماله وعظمته وجلاله وسائر ما يتبع ذلك وهي الحجب
النورانية ، وارتفاع تلك الحجب بنوعيه محال ، فلو ارتفعت لم يبق بغير ذات الحق
شئ ، أو المراد بكشفها رفعها في الجملة بالتخلي عن الصفات الشهوانية والاخلاق
الحيوانية ، والتخلق بالاخلاق الربانية بكثرة العبادات والرياضات والمجاهدات
وممارسة العلوم الحقة ، فترتفع الحجب بينه وبين ربه سبحانه في الجملة ، فيحرق
ما يظهر عليهم من أنوار جلاله تعيناتهم وإراداتهم وشهواتهم ، فيرون بعين اليقين
كماله
سبحانه ونقصهم ، وبقاءه وفناءهم وذلهم ، وغناه وافتقارهم ، بل يرون وجودهم
المستعار في جنب وجوده الكامل عدما ، وقدرتهم الناقصة في جنب قدرته الكاملة عجزا
بل يتخلون عن إرادتهم وعلمهم وقدرتهم ، فيتصرف فيهم إرادته وقدرته وعلمه
سبحانه ، فلا يشاؤون إلا أن يشاء الله ، ولا يريدون سوى ما أراد الله ، ويتصرفون
في الاشياء بقدرة الله ، فيحيون الموتى ، ويردون الشمس ، ويشقون القمر ، كما
[ 47 ]
قال أميرالمؤمنين عليه السلام : ( ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية بل بقوة ربانية )
والمعنى الذي يمكن فهمه ولا ينافي اصول الدين من الفناء في الله والبقاء بالله هو
هذا المعنى ( 1 ) . وبعبارة اخرى : الحجب النورانية الموانع التي للعبد عن الوصول
إلى قربه وغاية ما يمكنه من معرفته سبحانه من جهة العبادات كالرئاء والعجب
والسمعة والمراء وأشباهها ، والظلمانية ما يحجبه من المعاصي عن الوصول إليه ، فإذا
ارتفعت تلك الحجب تجلى الله لى في قلبه ، وأحرق محبة ما سواه حتى نفسه عن نفسه
وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب الايمان والكفر إنشاء الله تعالى ، وكل ذلك
لا يوجب عدم وجوب الايمان بظواهرها إلا بمعارضة نصوص صحيحة صريحة صارفة
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 47 سطر 9 إلى صفحه 55 سطر 9
عنها وأول الالحاد سلوك التأويل من غير دليل ، والله الهادي إلى سواء السبيل .
* ( هامش ) * ( 1 ) الطريق الذى سلكه العلامة المؤلف رضوان الله عليه في كلامه هذا
أشبه بطرق أهل
الذوق وبياناتهم فلا بأس بالاشارة إلى طريق اهل البحث والنظر ليكون النفع أعم
والفائدة أتم
والله المستعان .
العالم المادى عالم الحركة والتكامل ، والنفس ايضا لتعلقها بالبدن المادى بل
اتحادها
به محكوم بهذا الحكم فهى لا تزال تسير في منازل السير وتعرج على مدارج الكمال
وتقترب
إلى الحق المتعال حتى تصل إلى ثغور الامكان والوجوب فعندئذ ينتهى السير ويقف الحركة
( وان إلى ربك المنتهى ) ومنازل السيرهى المراتب المتوسطة بين المادة وبين اشرف
مراتب
الوجود وهى بوحه ينقسم إلى مادية وغير مادية والاولى هى المراحل التى تقطعها حتى
تصل إلى
حد التجرد والثانية هى المراتب الكمالية العالية التى فوق ذلك وحيث إن نسبة كل
مرتبة عالية
بالنسبة إلى ما تحته نسبة العلة إلى المعلول والمعنى الاسمى إلى الحرفى والمستقل
إلى غير
المستقل كانت المرتبة العالية مشتملة على كمالات المرتبة الدانية من غير عكس فكلما
أخذ
قوس الوجود في النزول ضعفت المراتب وكثرت الحدود العدمية ، وكلما أخذ في الصعود
اشتدت
المراتب وقلت الحدود إلى ان تصل إلى وجود لاحد له أصلا ووصول النفس إلى كل مرتبة
عبارة عن تعلقها بتلك المرتبة ، وبعبارة اخرى بمشاهدة ارتباطها بها بحيث لاترى
لنفسها
استقلا لابالنسبة إليها ، وإن شئت قلت : بفنائها عن ذاتها وخروجها عماله من الحدود
بالنسبة
اليها .
وبعد هذه المقدمة نقول : الحدود اللازمة لكل مرتبة العارضة لحقيقة وجود الشئ
[ 48 ]
6 ( باب )
* ( سدرة المنتهى ومعنى عليين وسجين ) *
الآيات :
النجم : ولقد رآه نزلة اخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة الماوى *
* ( هامش ) * الذى في تلك المرتبة هى التى تحجب ذلك الشئ من الوصول إلى المرتبة
العالية وإدراك مالها
من الكمال والعظمة فاذا خرج الشئ عن هذه الحدود وخلع تلك القيود أمكنه الترقى إلى
درجة
ما فوقه فيرى عندئد ذاته متعلقة به غير مستقلة عنه ويعرف ماله من البهاء والشرف
والكمال
والعظمة ، فتلك الحدود هى الحاجبة عن حقيقة الوجود المطلقة عن كل قيد فالنفس
الوالهة
إلى اللذائذ المادية هى المتوغلة في ظلمات الحدود وغواشى القيود ، وهى ابعد النفوس
عن
الحق تعالى ، فكلما انخلعت من القيود المادية وقطعت تعلقها عن زخارف هذه الدنيا
الدنية
اقتربت من عالم النور والسرور والبهاء والحبور ، حتى تتجرد تجردا ساميا فتشاهد
نفسها
جوهرا مجردا عن المادة والصورة وعند ذلك خرجت عن الحجب الظلمانية ، وهى حقيقة
الذنوب
والمعاصى والاخلاق الذميمة ، ورأسها حب الدنيا والاخلاد إلى أرض الطبيعة ، وقد روى
الفريقان عن النبى صلى الله عليه وآله ( حب الدنيا رأس كل خطيئة ) لكنها بعد محتجبة
بالحجب النورانية وهى ألطف وأرق ولذا كان تشخيصها أصعب ، ومعرفتها إلى الدقة
والحذاقة
أحوج ، فرب سالك في هذه المسالك لما شاهد بعض المراتب الدانية زعم أنه وصل إلى أقصى
الكمالات وأرفع الدرجات ، وصار ذلك سببا لتوقفه في تلك المرتبة واحتجابه بها ، ونعم
ماقيل :
رق الزجاج ورقت الخمر * فتشابها وتشابه الامر
فكأنها خمر ولا قدح * وكأنها قدح ولا خمر
فمن شمله عناية الحق وساعده التوفيق فخصه الله بعبادته ، وهيم قلبه لارادته ، وفرغ
فؤاده لمحبته ، وأزال محبة الاغيار عن قلبه ، وأشرق له نوره ، وكشف له سبحات وجهه ،
ورفع
عنه حجب كبريائه وسرادقات عزه وجلاله ، وتجلى له في سره ، ثم وفقه للاستقامة في
أمره والتمكن
في مقامه فارتفع عنه كل حجاب ، وتعلق بعز قدس رب الارباب فقد هنأ عيشه وطاب حياته
[ 49 ]
إذ يغشى السدرة ما يغشى ( 1 ) .
المطففين : كلا إن كتاب الفجار لفي سجين * وما أدريك ما سجين إلى
قوله تعالى كلا إن كتاب الابرار لفي عليين * وما أدريك ما عليون * كتاب
مرقوم يشهده المقربون ( 2 ) .
تفسير : قال الطبرسي : ره : ( ولقد رآه ) أي جبرئيل ( 3 ) في صورته التي
خلق عليها نازلا من السماء ( نزلة اخرى ) وذلك أنه رآه مرتين على صورته ( عند
سدرة المتهى ) هى شجرة عن يمين العرش فوق السماء السابعة ، انتهى إليها علم كل
ملك عن الكلبي ومقاتل ، وقيل : إليها ينتهي ما يعرج إلى السماء وما يهبط من
فوقها من أمر الله عن ابن مسعود والضحاك ، وقيل : إليها ينتهي أرواح الشهداء
وقيل : إليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها ، وإليها ينتهي ما يعرج من
الارواح فيقبض منها والمنتهى موضع الانتهاء ، وهذه الشجرة حيث تنتهي إليه الملائكة
فاضيفت إليه ، وقيل : هي شجرة طوبى عن مقاتل ، والسدرة هي شجرة النبق ( عندها
جنة المأوى ) أي جنة المقام وهي جنة الخلد ، وهي في السماء السابعة ، وقيل في
السماء السادسة ، وقيل هي الجنة التي كان أوى إليها آدم وتصير إليها أرواح الشهداء
عن الجبائي وقتادة ، وقيل : هي التي تصير إليها أهل الجنة عن الحسن ، وقيل :
هي التي يأوي إليها جبرئيل والملائكة عن عطاء عن ابن عباس ( إذ يغشى السدرة
ما يغشى ) قيل : يغشيها الملائكة أمثال الغربان حتى يقعن على الشجرة عن الحسن
ومقاتل ، وروي أن النبي صلى الله عليه وآله قال : رأيت على كل ورقة من أوراقها ملكا
* ( هامش ) * فطوبى له ثم طوبى له . وقد ظهر مما ذكرنا أن معنى ارتفاع الحجاب
مشاهدة عدم استقلال النفس
فلا يوجب ارتفاع الحجب كلا انعدام العالم رأسا بل انما يوجب معاينة ما سوى الله
تعالى متعلقا
به غير مستقل بنفسه فلا يلزم منه محال ولا ينافى شيئا من اصول الدين والله الهادى
والمعين .
( 1 ) النجم : 13 16 .
( 2 ) المطففين : 7 21 .
( 3 ) في المصدر : أى رأى جبرئيل .
[ 50 ]
قائما يسبح الله تعالى ، وقيل : يغشيها من النور والبهاء والحسن والصفاء الذي يروق
الابصار ما ليس لوصفه منتهى عن الحسن ، وقيل : يغشيها فراش من ذهب عن ابن
عباس ومجاهد ، وكأنها ملائكة على صورة الفراش يعبدون الله تعالى والمعنى أنه
رأى جبرئيل على صورته في الحال التي يغشى فيها السدرة من أمر الله ومن العجائب
المنبهة على كمال قدرة الله تعالى ما يغشيها ، وإنما أبهم الامر فيما يغشى لتعظيم
ذلك وتفخيمه ( 1 ) .
( إن كتاب الفجار لفي سجين ) يعنى : كتابهم الذي فيه تثبت أعمالهم من
الفجور والمعاصي عن الحسن ، وقيل : معناه أنه كتب في كتابهم أنهم يكونون في
سجين ، وهي في الارض السابعة السفلى عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وضحاك
وعن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : سجين أسفل سبع أرضين
، وقال
شمر بن عطية : جاء ابن عباس إلى كعب الاحبار فقال : أخبرني عن قول الله
تعالى ( إن كتاب الفجار لفي سجين ) قال : إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء
فتأبى السماء أن تقبلها ثم يهبط بها إلى الارض فتأبى الارض أن تقبلها فتدخل تحت
سبع أرضيبن حتى ينتهى بها إلى سجين وهو موزضع جند إبليس ، والمعنى في الآية
أن كتاب عملهم يوضع هناك . وقيل : إن سجين جب في جهنم مفتوح والفلق جب
في جنهم مغطى ، رواه أبوهريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وقيل : إن السجين اسم
كتابهم
وهو ظاهر التلاوة أي ما كتبه الله على الكفار بمعنى أوجبه عليهم من الجزاء في
هذا الكتاب المسمى سجينا ، ويكون لفظه من السجن الذي هو الشدة عن أبي
مسلم ( 2 ) .
وقال : ( لفي عليين ) أي مراتب عالية محفوفة بالجلالة ، وقيل : في السماء
السابعة وفيها أرواح المؤمنين ، وقيل : في سدرة المنتهي التي إليها ينتهي كل شئ
من أمر الله تعالى ، وقيل : عليون الجنة عن ابن عباس ، وقال الفراء : في ارتفاع
* ( هامش ) * ( 1 ) مجمع البيان : ج 9 ، ص 175 .
( 2 ) مجمع البيان : ج 10 ، ص 452 .
[ 51 ]
بعد ارتفاع لا غاية له ، وقيل : هو لوح من زبر جدة خضراء معلق تحت العرش
أعمالهم مكتوبة فيها عن ابن عباس في رواية اخرى ، وعن البراء بن عازب عن
النبي صلى الله عليه وآله قال في عليين : في السماء السابعة تحت العرش . وقال ابن
عمر : إن
أهل عليين لينظرون إلى أهل الجنة من كذا ، فإذا أشرف رجل منهم أشرقت الجنة
وقالوا : قد اطلع رجل من أهل عليين ( 1 ) .
1 العلل : عن محمد بن موسى ، عن عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد
ابن محمد ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن حبيب السجستاني ، قال : قال
أبوجعفر عليه السلام : إنما سميت سدرة المنتهى لان أعمال أهل الارض تصعد بها
الملائكة الحفظة إلى محل السدرة ، قال : والحفظة الكرام البررة دون السدرة
يكتبون ما يرفعه إليهم الملائكة من أعمال العباد في الارض فينتهى ( 2 ) بها إلى محل
السدرة ( 3 ) .
المحاسن : عن ابن محبوب مثله ( 4 ) .
2 تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن
أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لما اسري بي إلى
السماء انتهيت إلى محل
سدرة المنتهى ، وإذا الورقة منها تظل امة من الامم ، فكنت من ربي كقاب ( 5 )
قوسين أو أدنى ( الخبر ) ( 6 ) .
3 ومنه : قال : سدرة المنتهى في السماء السابعة ، وجنة المأوى عندها ( 7 ) .
4 ومنه : في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال : السجين الارض
* ( هامش ) * ( 1 ) مجمع البيان : ج 10 ، صث 455 456 .
( 2 ) في المحاسن : وينتهون .
( 3 ) العلل : ج 1 ، ص 263 .
( 4 ) المحاسن : 334 .
( 5 ) في المصدر : فكنت منها كما قال الله ( كقاب قوسين أو أدنى ) .
( 6 ) تفسير على بن ابراهيم : 374 .
( 7 ) المصدر ص 652 .
[ 52 ]
السابعة ، وعليون السماء السابعة ( 1 ) .
بيان : قال في النهاية : فيه ( إن أهل الجنة ليتراؤون أهل عليين كما ترون
الكوكب الدري في افق السماء ) عليون اسم للسماء السابعة ، وقيل : هو اسم
لديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد ، وقيل : أراد أعلى
الامكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله تعالى في الدار الآخرة ، ويعرب بالحروف
والحركات كقنسرين وأشباهها على أنها جمع أو واحد ( 2 ) وقال : سدرة المنتهى شجرة
في أقصى الجنة إليها ينتهي علم الاولين والآخرين ولا يتعداها ( 3 ) .
5 الدر المنثور : عن ابن عباس ، سأل كعب الاحبار عن قوله ( كلا إن
كتاب الفجار لفي سجين ) قال : إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء فتأبى
السماء أن تقبلها فيهبط بها إلى الارض فتأبى الارض أن تقبلها فيدخل بها تحت سبع
أرضين حتى ينتهى بها إلى سجين وهو ( 4 ) موضع جند ( 5 ) إبليس ، فخيرج لها من
تحت جند ( 6 ) إبليس رق لهلا كه للحساب ، فذلك قوله ( وما أدريك ما سجين كتاب
مرقوم ) وقوله ( كلا إن كتاب الابرار لفي عليين ) قال : إن روح المؤمن إذا
قبضت عرج بها إلى السماء فتفتح [ لها ] أبواب السماء وتلقيها الملائكة بالبشرى
حتى ينتهى بها إلى العرش ، وتعرج الملائكة فيخرج لها من تحت العرش رق
فيرقم ويختم ويوضع تحت العرش لمعرفة النجاة لحساب ( 7 ) يوم الدين ، وتشهد
الملائكة المقربون ، فذلك قوله ( وما أدريك ما عليون كتاب مرقوم ( 8 ) ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) المصدر ص 716 .
( 2 ) النهاية : ج 3 ، ص 125 .
) ( 3 ) النهاية : ج 2 ص 154
( 4 ) وهو خد ابليس ( خ ) .
( 5 ) الخد : الطريق والجماعة والحفرة المستطيلة في الارض كالخدة بالضم ( القاموس )
.
( 6 ) في المصدر : فيخرج لها من تحت خد إبليس كتابا فيختم ويوضع تحت خد إبليس
لهلاكه .
( 7 ) في المصدر : للحساب يوم القيامة .
( 8 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 324 .
[ 53 ]
6 وعن سعيد بن المسيب قال : التقى سلمان وعبدالله بن سلام فقال أحدهما
لصاحبه : إن مت قبلي فالقني فأخبرني ما صنع بك ربك ، وإن أنامت قبلك لقيتك
فأخبرتك . فقال عبدالله بن سلام : كيف هذا ( 1 ) ؟ أو يكون هذا ؟ ! قال : نعم ، إن
أرواح المؤمنين في برزخ من الارض تذهب حيث شاءت ، ونفس الكافر في سجين ( 2 ) .
7 وعن قتادة ( كلا إن كتاب الابرار لفي عليين ) قال : عليون فوق
السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى ( كتاب مرقوم ) قال : رقم لهم بخير ( يشهده
المقربون ) قال : المقربون من ملائكة الله ( 3 ) .
وعن الضحاك قال : إذا قبضح روح ( 4 ) المؤمن عرج به إلى السماء الدنيا
فينطلق معه المقربون إلى السماء الثانية قال الاجلح : فقلت : وما المقربون ؟
قال : أقربهم إلى السماء الثانية ، ثم الثالثة ، ثم الرابعة ، ثم الخامسة ، ثم
السادسة
ثم السابعة ، حتى ينتهى به إلى سدرة المنتهى . قال الاجلح : قلت ، للضحاك :
ولم تسمى سدرة المنتهى ؟ قال : لانه ينتهي إليه كل شئ من أمر الله لا يعدوها
فيقولون : رب عبيدك فلان وهو أعلم به منهم فيبعث إليهم بصك مختوم بأمنه ( 5 )
من العذاب ، وذلك قوله ( كلا إن كتاب الابرار لفي عليين وما أدريك ما عليون
كتاب مرقوم يشهده المقربون ( 6 ) ) .
وعن ابن عباس ، سأل كعبا عن قوله تعالى ( كلا إن كتاب الابرار لفي
عليين ) الآية قال : إن المؤمن يحضره الموت ويحضره رسل ربه فلاهم يستطيعون
أن يؤخروه ساعة ، ولا يعجلوه حتى تجئ ساعته ، فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : كيف يكون هذا ؟
( 2 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 325 .
( 3 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 326 .
( 4 ) في المصدر : روح العبد المؤمن .
( 5 ) في المصدر : يأمنه .
( 6 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 326 .
[ 54 ]
فدفعوه إلى ملائكة الرحمة ، فأروه ما شاء الله أن يروه من الخير ، ثم عرجوا بروحه
إلى السماء فيشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهوا به إلى السماء السابعة
فيضعونه بين أيديهم لاينتظرون به صلاتكم عليه ، فيقولون : اللهم هذا عبدك فلان
قبضنا نفسه فيدعون له بما شاء الله أن يدعو فنحن نحب أن تشهدنا اليوم كتابه .
فينشر كتابه من تحت العرش ، فيثبتون اسمه فيه وهم شهود ، فذلك قوله ( كتاب
مرقوم يشهده المقربون ) وسأله عن قوله ( إن كتاب الفجار لفي سبحين ) الآية
قال : إن العبد الكافر يحضره الموت ويحضره رسل الله ، فإذا جاءت ساعته قبضوا
نفسه فدفعوه إلى ملائكة العذاب ، فأروه ما شاء الله أن يروه من الشر ، ثم هبطوا
به إلى الارض السفلى وهي سجين ، وهي آخر سلطان إبليس ، فأثبتوا كتابه
فيها ( 1 ) .
10 وعن عطاء بن يسار ، قال : لقيت رجلا من حمير كان ( 2 ) علامة يقرأ
الكتب فقلت له : الارض التي نحن عليها ما مكانها ( 3 ) ؟ قال : هي على صخرة خضراء
تلك الصخرة على كف ملك ، ذلك الملك قائم على ظهر حوت ( 4 ) . قلت : الارض
الثانية من سكانها ؟ قال : ساكنها الريح العقيم ، لما أراد الله أن يهلك عادا أوحى
إلى خزنتها أن افتحوا عليهم منها بابا ، قالوا : يا ربنا مثل منخر الثور ؟ قال :
إذا
تتكفأ ( 5 ) الارض ومن عليها ، فضيق ذلك حتى جعل مثل حلقة الخاتم ، فبلغت ما
حدث الله . قلت : الارض الثالثة من سكانها ( 6 ) ؟ قال : فيها حجارة جهنم . قلت :
الارض الرابعة من سكانها ؟ قال : فيها كبريت جنهم ، قلت : الارض الخامسة من
* ( هامش ) * ( 1 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 327 .
( 2 ) في المصدر : كأنه .
( 3 ) في المصدر : ( سكانها ) والظاهر انه تصحيف .
( 4 ) في المصدر : حوت منطو بالسماوات والارض من تحت العرش .
( 5 ) في المصدر : تكفأ .
( 6 ) في المصدر : ( ساكنها ) وكذا في المواضع الاتية .
[ 55 ]
سكانها ؟ قال : فيها عقارب جنهم ، قلت : الارض السادسة من سكانها ؟ قال : فيها
حيات جنهم ، قلت : الارض السابعة من سكانها ؟ قال : تلك سجين ، فيها إبليس
موثوق ( 1 ) يد أمامه ويد خلفه ورجل أمامه ورجل خلفه ، كان يؤذي الملائكة
فاستعدت عليه فسجن هنالك ، وله زمان يرسل فيه ، فإذا ارسل لم تكن فتنة الناس
بأعيى عليهم من شئ ( 2 ) .
7 .
( باب )
* ( البت المعمور ) *
الآيات :
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 55 سطر 10 إلى صفحه 63 سطر 10
الطور : والبيت المعمور ( 3 ) .
تفسير : قال الطبرسي : البيت المعمور هو بيت في السماء الرابعة بحيال الكعبة
تعمره الملائكة بما يكون منها فيه من العبادة عن ابن عباس ومجاهد ، وروي أيضا
عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال : ويدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه
أبدا ، وعن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال
:
البيت المعمور في السماء الدنيا ، وفي السماء الرابعة نهر يقال له ( الحيوان ) يدخل
فيه
جبرئيل كل يوم طلعت فيه الشمس وإذا خرج انتفض انتفاضة جرت منه سبعون ألف
قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكا يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور فيصلوا فيه فيفعلون
ثم لايعودون إليه أبدا ، وعن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
البيت الذي
في السماء ( 4 ) يقال له ( الضراح ) وهو بفناء البيت الحرام لو سقط سقط عليه ،
يدخله
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : موثق .
( 2 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 327 .
( 3 ) الطور : 4 .
( 4 ) في المصدر : في السماء الدنيا .
[ 56 ]
كل يوم ألف ملك لايعودون إليه أبدا ، وقيل : البيت المعمور هو الكعبة البيت
الحرام معمور بالحج والعمرة عن الحسن ، وهو أول مسجد وضع للعبادة في
الارض ( 1 ) .
1 محاسبة النفس للسيد علي بن طاوس ره نقلا من كتاب خطب
أميرالمؤمنين عليه السلام لعبد العزيز الجلودي بإسناده قال : سأل ابن الكواء ( 2 )
أميرالمؤمنين عليه السلام عن البيت المعمور والسقف المرفوع ، قال عليه السلام :
ويلك ذلك
الضراح بيت في السماء الرابعة حيال الكعبة من لؤلؤة واحدة ، يدخله كل يوم سبعون
ألف ملك لايعودون إليه إلى يوم القيمة ، فيه كتاب أهل الجنة عن يمين الباب
يكتبون أعمال أهل الجنة ، وفيه كتاب أهل النار عن يسار الباب يكتبون أعمال
أهل النار بأقلام سود ، فإذا كان مقدار العشاء ارتفع الملكان فيسمعون منهماما عمل
الرجل ، فذلك قوله تعالى ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما
كنتم تعملون ( 3 ) ) .
بيان : ( فيسمعون ) أي الملائكة الذين عن يمين الباب و يساره ( منهما ) أي
من الملكين الكاتبين ( هذا كتابنا ) قال الطبرسي ره : يعني ديوان الحفظة
* ( هامش ) * ( 1 ) مجمع البيان ، ج 9 ، ص 163 .
( 2 ) هو عبدالله بن الكواء كان من رؤوس الخوارج وله اخبار كثيرة مع على عليه
السلام
وكان يلزمه ويعيينه في الاسئلة ، قال ابن حجر في لسان الميزان ( ج 3 ص 329 ) : قد
رجع عن مذهب الخوارج وعاود صحبة على عليه السلام وذكر يعقوب بن شيبة ان اهل الشام
لما
رفعوا المصاحف يوم صفين واتفقوا على التحكيم غضبت الخوارج وقالت ( لا حكم إلا الله
) قال
فأخبرنى خلف بن سالم عن وهب بن جرير قال : خرجوا مع ابن الكواء وهو رجل من ( بنى
يشكر ) فنزلوا ( حروراء ) فبعث إليهم ابن عباس وصعصعة بن صوحان فقال لهم صعصعة :
انما
يكون القضية من قابل فكونوا على ما انتم حتى تنظروا القضبة كيف تكون قالوا انا نخاف
ان يحدث ابوموسى شيئا يكون كفرا . قال فلا تكفروا العام مخافة عام قابل . فلما قام
صعصعة
قال لهم ابن الكواء ، أى قوم ! الستم تعلمون أنى دعوتكم إلى هذا الامر ؟ قالوا :
بلى ، قال :
فان هذا ناصح فاطيعوه ( انتهى ) .
( 3 ) الجاثية : 28 .
[ 57 ]
( ينطق عليكم بالحق ) ) أي يشهد عليكم بالحق ، والمعني : يبينه بيانا شافيا حتى
كأنه ناطق ( إنا كانا نستنسخ ما كنتم تعملون ) أي نستكتب الحفظة ما كنتم
تعملون في دار الدنيا ، والاستنساخ : الامر بالنسخ مثل الاستكتاب ، وقيل : المراد
بالكتاب اللوح المحفوظ يهشد بما قضى فيه من خير وشر ، وعلى هذا فيكون معنى
( نستنسخ ) أن الحفظة تستنسخ الخزنة ما هو مدون عندها من أعمال العباد وهو
قول ابن عباس ( 1 ) .
2 العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن
علي الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ( 2 ) عن أبي عبدالله عليه السلام قال
:
قلت له : لم سمي البيت العتيق ؟ قال : إن الله عزوجل أنزل الحجر الاسود لآدم
من الجنة وكان البيت درة بيضاء ، فرفعه الله إلى السماء وبقي اسه ، فهو بحيال
هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لايرجعون إليه أبدا ، فأمر الله إبراهيم
وإسماعيل ببنيان ( 1 ) البيت على القواعد ، وإنما سمي البيت العتيق لانه اعتق
من الغرق ( 2 ) .
3 تفسير على بن ابراهيم : ( والبيت المعمور ) قال : هو في السماء الرابعة
* ( هامش ) * ( 1 ) مجمع البيان : ج 9 ، ص 80 .
( 2 ) هو أبوسلمة سالم بن مكرم بن عبدالله مولى بنى اسد كان من أصحاب ابى عبدالله
عليه السلام وثقه النجاشى ( 143 ) وذكر في الخلاصة ان الشيخ وثقه في أحد قوليه
وضعفه
في الاخر ثم قال : الوجه التوقف في ما يرويه لتعارض الاقوال فيه وذكر الكشى انه كان
اولا
من اصحاب ابى الخطاب وكان في المسجد يوم بعث ( عيسى بن موسى بن على ) وكان عامل
المنصور على الكوفة إلى ابى الخطاب لما بلغه أنهم قد اظهروا الاباحات ودعوا الناس
إلى
نبوة ابى الخطاب ، وانهم يجتمعون في المسجد ولزموا الاساطين يرون الناس انهم لزموها
للعبادة وبعث إليهم فقتلهم جميعا لم يفلت منهم إلا رجل واحد فسقط بين القتلى فلما
جنه الليل
خرج من بينهم فتخلص وكان هو ابا خديجة . ثم ذكر انه تاب وكان ممن يروى الحديث .
( 1 ) ( في بعض النسخ يبنيان ) وكذا في المصدر .
( 2 ) العلل : ج 2 ، ص 85 .
[ 58 ]
وهو ( الضراح ) يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لايعودون إليه أبدا ( 1 ) .
4 اللعل : عن علي بن حاتم ، عن القاسم بن محمد ، عن حمدان بن الحسين
عن الحسين بن الوليد ، عن أبى بكر ، عن حنان بن سدير ، عن أبي حمزة الثمالي
عن علي بن الحسين عليهما السلام قال : قلت [ له ] : لم صار الطواف سبعة أشواط ؟ قال
:
لان الله تبارك وتعالى قال للملائكة ( إني جاعل في الارض خليفة ) فردوا على
الله تبارك وتعالى وقالوا ( ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) قال الله (
إني
أعلم ما لا تعلمون ) ) وكان لا يحجبهم عن نوره فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام
فلا ذوا بالعرش سبعة آلاف سنة ، فرحمهم وتاب عليهم وجعل لهم البيت المعمور الذي
في السماء الرابعة فجعله مثابة وأمنا ، ووضع البيت الحرام تحت البيت المعمور
فجعله مثابة للناس وأمنا ، فصار الطواف سبعة أشواط واجبا على العباد ، لكل ألف
سنة شوطا واحدا ( 2 ) .
5 العلل : في علل ابن سنان عن الرضا عليه السلام : علة الطواف بالبيت أن الله
تبارك وتعالى قال للملائكة ( إني جاعل في الارض خليفة قالوا أتعجل فيها من
يفسد فيها ويسفك الدماء ) فردوا على الله تبارك وتعالى هذا الجواب ، فعلموا
أنهم أذنبوا فندموا فلاذوا بالعرش واستغفروا ، فأحب الله عزوجل أن يتعبد بمثل
ذلك العباد ، فوضع في السماء الرابعة بيتا بحذاء العرش يسمى ( الضراح ) ثم وضع
في السماء الدنيا بيتا يسمى [ البيت ] المعمور بحذاء الضراح ، ثم وضع البيت بحذاء
البيت المعمور ثم أمر آدم عليه السلام فطاف به فتاب الله عليه فجرى ذلك في ولده إلى
يوم
القيامة ( 3 ) .
6 الكفعمى والبرسى : بإسناديهما عن موسى بن جعفر عن آبائه عن
أميرالمؤمنين عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال : قال جبرئيل : والذي
بعثك بالحق نبيا
* ( هامش ) * ( 1 ) تفسير القمى : 449 .
( 2 ) العلل : ج 2 ، ص 92 .
( 3 ) علل الشرائع : ج 2 ، 91
[ 59 ]
إن الله تعالى بنى في السماء الرابعة بيتا يقال له ( البيت المعمور ) يدخله في كل
يوم سبعون ألف ملك ويخرجون منه ولا يعودون إليه إلى يوم القيامة ( الخبر ) .
7 الدرر المنثور : قال : أخرج الازرقي عن علي بن الحسين عليهما السلام أن
رجلا سأله : ما بدء هذا الطواف بهذا البيت لم كان وحيث كان ؟ فقال : أما بدء هذا
الطواف بهذا البيت فإن الله قال للملائكة : إني جاعل في الارض خليفة ، فقالت
الملائكة : أي رب أخليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون و
يتباغضون ويتباغون ؟ أي رب اجعل ذلك الخليفة منا ، فنحن لانفسد فيها ولا
نسفك الدماء ولا نتباغض ولا نتحاسد ولا نتباغى ، ونحن نسبح بحمدك ونقدس
لك ونطيعك ولا نعصيك . قال الله تعالى : إني أعلم ما لا تعلمون . قال : فظنت
الملائكة أن ما قالوا رد على ربهم عزوجل ، وأنه قد غضب عليهم من قولهم
فلاذوا بالعرش ( 1 ) ثلاث ساعات ، فنظر الله إليهم فنزلت الرحمة عليهم ، فوضع الله
سبحانه تحت العرش بيتا على أربع أساطين من زبرجد ، وغشاهن بياقوتة حمراء ، و
سمى البيت ( الضراح ) ثم قال الله للملائكة : طوفوا بهذا البيت ودعوا العرش
فطافت الملائكة بالبيت وتركوا العرش فصار أهون عليهم وهو البيت المعمور الذي
ذكره الله ، يدخله كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبدا ، ثم إن الله
تعالى بعث ملائكته ( 2 ) فقال : ابنوالي بيتا في الارض بمثاله وقدره ، فأمر الله
سبحانه من في الارض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما يطوف أهل السماء بالبيت
المعمور ( 3 ) .
8 وعن مقاتل يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وآله أن آدم قال [ أي رب ]
* ( هامش ) * في المصدر : فلاذوا بالعرش ورفعوا رؤوسهم وأشاروا بالاصابع يتصرعون
ويبكون
إشفاقا لغضبه ، فطافوا بالعرش ثلاث ساعات .
( 2 ) ملائكة ( خ ) .
( 3 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 128 .
[ 60 ]
أعرف شقوتي ! لا أرى شيئا من نورك نعبد ( 1 ) فأنزل الله عليه البيت المعمور ( 2 )
على عرض البيت وموضعه من ياقوت الجنة ولكن طوله بين السماء والارض و
أمره أن يطوف به ، فأذهب عنهم الهم الذي كان قبل ذلك ، ثم رفع على عهد نوح
عليه السلام ( 3 ) .
9 وعن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : البيت المعمور الذي في
السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لايعودون ( 4 ) فيه إلى يوم القيامة حذاء
الكعبة الحرام ( 5 ) .
وعن أنس مثله ( 6 ) .
10 وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال : في السماء الدنيا بيت يقال له
( المعمور ) بحيال الكعبة ، وفى السماء الرابعة نهر يقال له ( الحيوان ) ) يدخله
جبرئيل كل يوم فينغمس انغماسة ثم يخرج فينتفض انتفاضة يجري منه سبعون
ألف قطرة يخلق الله من كل قطرة ملكا يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور فيصلون
فيفعلون ثم يخرجون فلا يعودون إليه أبدا ، ويولى عليهم أحدهم يؤمر أن يقف
بهم في السماء موقفا يسبحون الله فيه إلى أن تقوم الساعة ( 7 ) .
11 وعن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : البيت المعمور في
السماء
يقال له ( الضراح ) على مثل البيت الحرام لو سقط سقط عليه ، يدخله كل يوم
سبعون ألف ملك لم يروه ( 8 ) قط ، وإن له في السماء حرمة على قدر حرمة مكة ( 9 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : بعد .
( 2 ) في المصدر : البيت الحرام الذى على عرص البيت الذى في السماء .
( 3 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 130 .
( 4 ) في المصدر : لايعودون إليه حتى تقوم الساعة .
( 5 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 117 . وليس فيه ( حذاء الكعبة الحرام ) .
( 6 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 117 .
( 7 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 117 .
( 8 ) في المصدر : لم يردوه .
( 9 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 117 .
[ 61 ]
12 وعن خالد بن مرة ( 1 ) أن رجلا قال لعلي عليه السلام : ما البيت المعمور ؟ قال :
بيت في السماء يقال له ( الضراح ) وهو بحيال الكعبه ( 2 ) حرمته في السماء كحرمة
البيت في الارض ، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة لا يودون إليه أبدا ( 3 )
.
13 وعن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل عليا عليه السلام عن البيت المعمور ما هو ؟
قال : ذاك الضراح بيت فوق سبع سماوات تحت العرش يدخله كل يوم سبعون
ألف ملك ثوم لا يعودون إليه إلى يوم القيامة ( 4 ) .
14 وعن ابن عباس ، قال : هو بيت حذاء العرش تعمره الملائكة يصلي
فيه كل ليلة سبعون ألفا من الملائكة ثم لايعودون إليه ( 5 ) .
15 وعن الضحاك قال : انزل من الجنة وكان يعمر بمكة ، فلما كان
الغرق رفعه الله فهو في السماء السادسة ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ( 6 ) .
بيان : مقتضى الجمع بين الاخبار مع صحة جميعها القول بتحقق البيت في
جميع تلك المواضع وسيأتي كثير من الاخبار المتعلقة بالباب في باب الملائكة .
8 .
( باب )
* ( السماوات وكيفياتها وعددها ، والنجوم وأعدادها ) *
* ( وصفاتها والمجرة ) *
الآيات : الانعام : وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر
قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون ( 7 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : خالد بن عرعرة .
( 2 ) في المصدر : الكعبة من فوقها .
( 3 5 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 117 .
( 6 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 117 .
( 7 ) الانعام : 97 .
[ 62 ]
الاعراف : إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب
السماء ( 1 ) .
الرعد : الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش و
سخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى يدبر الامر يفصل الآيات لعلكم
بلقاء ربكم توقنون ( 2 ) .
الحجر : ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون إلى قوله تعالى
ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين وحفظناها من كل شيطان رجيم
إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ( 3 ) .
النحل : خلق السماوات والارض بالحق تعالى عما يشركون ( 4 ) .
وقال : وعلامات وبالنجم هم يهتدون ( 5 ) .
طه : تنزيلا ممن خلق الارض والسماوات العلى ( 6 ) .
الانبياء : وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون ( 7 ) .
وقال تعالى : يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ( 8 ) .
الحج : ويمسك السماء أن تقع على الارض إلا باذنه ( 9 )
المؤمنون : ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين ( 10 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الاعراف : 40 .
( 2 ) الرعد : 2 .
( 3 ) الحجر : 14 18 .
( 4 ) النحل : 2 .
( 5 ) النحل : 16 .
( 6 ) طه : 2 .
( 7 ) الانبياء : 22 .
( 8 ) الانبياء : 104 .
( 9 ) الحج : 63 .
( 10 ) المؤمنون : 16 .
[ 63 ]
وقال تعالى : قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل
أفلا تتقون ( 1 ) .
الفرقان : تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا
منيرا ( 2 ) .
العنكبوت : خلق الله السماوات والارض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين ( 3 ) .
الروم : ومن آياته أن تقوم السماء والارض بأمره ( 4 ) .
لقمان : خلق السماوات بغير عمد ترونها ( 5 ) .
الصافات : ورب المشارق إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظا
من كل شيطان ما رد إلى قوله تعالى فأتبعه شهاب ثاقب ( 6 ) .
المؤمن : الله الذي جعل لكم الارض قرارا والسماء بناء ( 7 ) .
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 63 سطر 11 إلى صفحه 71 سطر 11
السجدة : ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا
أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضيهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء
أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ( 8 ) .
ق : أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج ( 9 ) .
الذاريات : والسماء ذات الحبك ( 10 ) . وقال تعالى : وفي السماء رزقكم و
* ( هامش ) * ( 1 ) المؤمنون : 86 .
( 2 ) الفرقان : 61 .
( 3 ) العنكبوت : 44 .
( 4 ) الروم : 25 .
( 5 ) لقمان : 10 .
( 6 ) الصافات : 6 10 .
( 7 ) المؤمن : 64 .
( 8 ) فصلت : 11 و 12 .
( 9 ) ق : 6 .
( 10 ) الذاريات : 7 .
[ 64 ]
ما توعدون ( 1 ) وقال : والسماء بنيناءا بأيد وإنا لموسعون ( 2 ) .
الطور : والسقف المرفوع ( 3 ) . وقال تعالى : يوم تمور السماء مورا ( 4 ) .
النجم : والنجم إذا هوى ( 5 ) . وقال تعالى : وأنه هو رب الشعرى ( 6 ) .
القمر : اقتربت الساعة وانشق القمر ( 7 ) .
الرحمن : الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان والسماء رفعها ( 8 )
وقال : فإذا انشقعت السماء فكانت وردة كالدهان ( 9 ) .
الواقعة : فلا اقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ( 10 ) .
الملك : الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت
فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا
وهو حسير ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا
لهم عذاب السعير ( 11 ) .
الحاقة : وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ( 12 ) .
المعارج : يوم تكون السماء كالمهل ( 13 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الذاريات : 22 .
( 2 ) الذاريات : 48 .
( 3 ) الظور : 5 .
( 4 ) الطور : 9 .
( 5 ) النجم ، 1 .
( 6 ) النجم : 49 .
( 7 ) القمر : 1 .
( 8 ) الرحمن : 5 7 .
( 9 ) الرحمن : 37 .
( 10 ) الواقعة : 76 .
( 11 ) الملك : 53 .
( 12 ) الحاقة : 16 .
( 13 ) المعارج : 8 .
[ 65 ]
نوح : ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا
وجعل الشمس سراجا ( 1 ) .
الجن : وإنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وإنا كنا
نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ( 2 ) .
المرسلات : فإذا النجوم طمست وإذا السماء فرجت ( 3 ) .
النبأ : وبنينا فوقكم سبعا شدادا وجعلنا سراجا وهاجا ( 4 ) .
التكوير : وإذا السماء كشطت إلى قوله تعالى فلا اقسم بالخنس الجوار
الكنس ( 5 ) .
الانفطار : إذا السماء انفطرت وإذا الكواكب انتثرت ( 6 ) .
الانشقاق : إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت ( 7 ) .
البروج : والسماء ذات البروج ( 8 ) .
الطارق : والسماء والطارق وما أدريك ما الطارق النجم الثاقب إلى قوله
تعالى والسماء ذات الرجع ( 9 ) .
الغاشية : وإلى السماء كيف رفعت ( 10 ) .
الشمس : والسماء وما بنيها ( 11 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) نوح : 15 و 16 .
( 2 ) الجن : 8 و 9 .
( 3 ) المرسلات : 8 .
( 4 ) النبأ : 12 و 13 .
( 5 ) التكوير : 11 16
( 6 ) الانفطار : 1 و 2 .
( 7 ) الانشقاق : 1 و 2 .
( 8 ) البروج : 1 .
( 9 ) الطارق : 1 11 .
( 10 ) الغاشية : 18 .
( 11 ) الشمس : 5 .
[ 66 ]
تفسير : ( جعل لكم النجوم ) أي خلقها لمنافعكم ( لتهتدوا بها في ظلمات البر
والبحر ) قيل : أي في ظلمات الليل في البر والبحر ، وإضافتها إليهما للملابسة
أو في مشتبهات الطرق سماها ظلمات على الاستعارة وهو إفراد لبعض منافعها
بالذكر بعد أن أجملها بقوله ( لكم ) واولت النجوم في الاخبار بالائمة الاخيار
عليهم السلام فإنهم الهداة في ظلمات الفتن والشبهات ولا ينافي الظاهر . ( قد فصلنا
الآيات ) بيناها فصلا فصلا ( لقوم يعلمون ) فانهم المنتفعون به .
( لا تفتح لهم أبواب السماء ) أي لادعيتهم وأعمالهم ، أولارواحهم كما تفتح
لاعمال المؤمنين وأرواحهم ، ويدل على أن للسماء أبوابا ، وربما يحمل على
المجاز . ( بغير عمد ترونها ) قال الرازي : في قوله ( ترونها ) أقوال : الاول أنه
كلام مستأنف والمعنى : رفع السماوات بغير عمد ، ثم قال ترونها أي وأنتم ترونها
أنها مرفوعة بلا عماد الثانى قال الحسن : في الآية ( 1 ) تقديم وتأخير ، تقديره :
رفع السماوات ترونها بغير عمد . الثالث أن قوله ( ترونها ) صفة للعمد ، والمعنى :
بغير عمد مرئية أي للسماوات عمد ولكنا لانراها ، قالوا : ولها عمد على جبل قاف
وهو جبل من زبرجد محيط بالدنيا ولنكم لاترونه ، وهذا التأويل في غاية
السقوط لانه تعالى إنما ذكر هذا الكلام ليكون حجة على وجود الاله القادر
ولو كان المراد ما ذكروه ما تمت ( 2 ) الحجة ، لانه يقال : إن السماوات لما كانت
مستقرة على جبل ( 3 ) فأى دلالة [ تبقى ] فيها على وجود الاله ؟
وعندي فيه وجه آخر أحسن من الكل ، وهو أن العماد ما يعتمد عليه
وقد دللنا على أن هذه الاجسام إنما بقيت واقفة في الجو العالي بقدرة الله فحينئذ
يكون عمدها هو قدرة الله تعالى فصح أن يقال رفع السماوات بغير عمد ترونها أي
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : في تقدير الاية .
( 2 ) في المصدر : لما ثبتت الحجة .
( 3 ) في المصدر : على جبل قاف .
[ 67 ]
لها عمد في الحقيقة إلاأن تلك العمد هي إمساك ( 1 ) الله تعالى وحفظه وتدبيره و
إبقاؤه إياها في الجو العالي وأنتم لا ( 2 ) ترون ذلك التدبير ولا تعرفون كيفية
ذلك الامساك ( 3 ) ( انتهى ) .
واقول : هذا الوجه الاخير الذي يتبجح به ونسبه إلى نفسه أورده شيخنا
الطبرسي ره في مجمع البيان راويا عن ابن عباس ومجاهد .
وسخر الشمس والقمر ) فيه أنواع من الدلالة على وجود الاله الحق وحكمته
وقدرته ، إذ أصل تلك الحركات السريعة واستمرارها وكونها على أقدار مخصوصة
وكون بعضها مشرقية وبعضها مغربية وبعضها مائلة إلى الشمال وبعضها مائلة
إلى الجنوب مما يدل دلالة قطعية على وجود قادر قاهر كامل في العلم والحكمة و
اللطف والرحمة . ( كل يجري لاجل مسمى ) قال الرازي : فيه قولان : الاول
قال ابن عباس : للشمس مائة وثمانون منزلا كل يوم لها منزل وذلك في ( 4 ) ستة
أشهر ، ثم إنها تعود مرة اخرى إلى واحد واحد منها في ستة أشهر مرة اخرى
وكذلك القمر له ثمانية وعشرون منزلا ، فالمراد بقوله ( كل يجري لاجل مسمى )
هذا ، وتحقيقه أنه تعالى قدر لكل واحد من هذه الكواكب سيرا خاصا إلى جهة
خاصة بمقدار خاص من السرعة والبطء ، ومتى كان الامر كذلك لزم أن يكون
لها بحسب كل لحظة ولمحة حال اخرى ما كانت حاصلة قبل ذلك . والثانى
المراد كونهما متحركين إلى يوم القيامة ، وعند مجيئ ذلك اليوم تنقطع هذه الحركات
كقوله ( 5 ) تعالى ( إذا الشمس كورت ، وإذا النجوم انكدرت ، وإذا السماء انشقت
وإذا السماء انفطرت ، وجمع الشمس والقمر ) ( 6 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : قدرة الله تعالى .
( 2 ) في المصدر : وانهم لا يرون ذلك التدبير ولا يعرفون .
( 3 ) مفاتيح الغيب : ج 5 ، ص 260 .
( 4 ) في المصدر : وذلك يتم في
( 5 ) في المصدر : كما وصف الله تعالى ذلك في قوله .
( 6 ) مفاتيح الغيب : ج 5 : ص 261 .
[ 68 ]
( يدبر الامر ) قال البيضاوي : أي أمر ملكوته من الايجاد والاعدام و
الاحياء والامامة وغير ذلك ( يفصل الآيات ) ينزلها ويبينها مفصلة ، أو يحدث
الدلائل بواحد ( 1 ) بعد واحد ( لعلكم بلقاء ربكم توقنون ) لكي تتفكروا فيها و
تتحققوا كمال قدرته فتعلموا أن من قدر على خلق هذه الاشياء وتدبيرها قدر على
الاعادة والجزاء ( 2 ) .
قوله تعالى ( ولو فتحنا عليهم بابا ) ظاهره جواز الخرق على الافلاك وإن
أمكن أن يكون من قبيل التعليق على المحال ( وقد جعلنا في السماء بروجا ) أكثر
المفسرين حملوه على البروح الاثني عشر المعروفة ، وقيل هي الكواكب .
قال الطبرسي ره : أي منازل للشمس والقمر ( وزيناها للناظرين ) بالكواكب
النيرة عن أبي عبدالله عليه السلام وقيل : البروج النجوم عن ابن عباس والحسن وقتادة
( وحفظناها ) أي السماء ( من كل شيطان رجيم ) أي مرجوم مرمي بالشهاب ، و
قيل : ملعون مشؤم ، وحفظ المساء من الشيطان بالمنع حتى لا يدخلها ولا يبلغ إلى
موضع يتمكن فيه من استراق السمع بما اعد له من الشهاب ( إلا من استرق السمع )
المراد بالسمع المسموع ، والمعنى : إلا من حاول أخذ مسموع من السماء في خفية
( فأتبعه ) أي لحقه ( شهاب مبين ) أي شعلة نار ظاهر لاهل الارض بين لمن رآه
ونحن في رأي العين نرى كأنهم يرمون بالنجوم ، والشهاب عمود من نور يضيئ
ضياء النار لشدة ضيائه ، وروى عن ابن عباس أنه [ قال : ] كان في الجاهلية كهنة
ومع كل واحد شيطان ، فكان يقعد من السماء مقاعد للسمع ، فيستمع من الملائكة
ما هو كائن في الارض فينزل ويخبر به الكاهن ، فيفشيه الكاهن إلى الناس ، فلما
بعث الله عيسى عليه السلام منعوا من ثلاث سماوات ، ولما بعث محمد صلى الله عليه
وآله منعوا من السماوات
كلها وحرست السماء بالنجوم ، والشهاب ( 3 ) من معجزات نبينا صلى الله عليه وآله
لانه لم ير
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : واحدا بعد واحد .
( 2 ) انوار التنزيل : ج 1 ، ص 614 .
( 3 ) في المصدر : فالشهاب .
[ 69 ]
قبل زمانه . وقيل : إن الشهاب يقتل الشياطين ، وقيل : لا يقتلهم ( 1 ) .
( خلق السماوات والارض بالحق ) أي لامر حق هو العبادة والمعرفة ، أو
على مقدار وشكل وأوضاع وصفات مختلفة قدرها وخصصها بحكمته ( تعالى عما
يشركون ) منها أو مما يفتقر في وجوده أو بقائه إليها ومما لا يقدر على خلقها .
( وعلامات ) عطف على قوله ( رواسي ) في قوله ( وألقي في الارض رواسي ) أي ألقى
في الارض وجعل فيها معالم تستدل به السابلة من جبل ومنهل وريح ونحو ذلك
( وبالنجم هم يهتدون ) بالليل في البراري والبحار ، والمراد بالنجم الجنس ، و
قيل : الثريا والفرقدان وبنات النعش والجدي ، قيل : ولعل الضمير لقريش
لانهم كانوا كثير الاسفار للتجارة مشهورين بالاهتداء في مسائرهم بالنجوم ، وفي
كثير من الروايات أن العلامات الائمة عليهم السلام والنجم رسول الله صلى الله عليه
وآله وضمير ( هم )
راجع إلى العلامات باعتبار المعنى . والعلى جمع العليا تأنيث الاعلى ، أي السماوات
الرفيعة العالية .
( وجعلنا السماء سقفا محفوظا ) أي عن الوقوع بقدرته ، أو عن الفساد و
الانحلال إلى الوقت المعلوم بمشيته ، أو عن استراق السمع بالشهب ( وهم عن
آياتها ) أي أحوالها الدالة على وجود الصانع ووحدته وكمال قدرته وتناهي
حكمته ( معرضون ) غير متفكرين .
( يوم نطوى السماء ) قال الطبرسي ره : المراد بالطي هنا هو الطي
المعروف ، فإن الله سبحانه يطوي السماء بقدرته ، وقيل : إ ن طي السماء ذهابها
عن الحسن ( كطي السجل للكتب ) [ السجل ] صحيفة فيها الكتب ، وقيل : ملك
يكتب أعمال العباد ، وقيل : اسم كاتب كان للبني صلى الله عليه وآله انتهى ( 2 ) .
وأقول : تدل الآية على حدوث السماوات وإمكان خرقها وزوالها وتغير
أحوالها ردا على الحكماء المنكرين لجميع ذلك .
* ( هامش ) * ( 1 ) مجمع البيان : ج 6 ، ص 331 .
( 2 ) مجمع البيان ج 7 ، ص 66 .
[ 70 ]
( أن تقع على الارض ) قال البيضاوي : من أن تقع أو كراهة أن تقع بأن
خلقها على صورة متداعية إلى الاستمساك ( إلا باذنه ) أي إلا بمشيته ، وذلك يوم
القيامة ، وفيه رد لاستمساكها بذاتها فإنها مساوية لسائر الاجسام في الجسمية
فتكون قابلة للميل الهابط قبول غيرها ( 1 ) ( انتهى ) .
( سبع طرائق ) قال الرازي : أى سبع سماوات ، وإنما قيل طرائق لتطارقها
بمعنى كون بعضها فوق بعض ، يقال طارق الرجل نعليه إذا طبق ( 2 ) نعلا على نعل
وطارق بين ثوبين إذا لبس ثوبا على ( 3 ) ثوب ، هذا قيل الخليل والزجاج ( 4 ) و
قال الزجاج : هو قوله ( سبع سماوات طباقا ) وقال علي بن عيسى سميت بذلك
لانها طرائق الملائكة في العروج والهبوط والطيران وقال آخرون : لانها
طرائق الكواكب فيها مسيرها والوجه في إنعامه علينا بذلك أنه تعالى جعلها موضعا
لارزاقنا بإنزال الماء منها ، وجعلها مقرا للملائكة ، وأنها موضع الثواب ، و
لانها مكان إرسال الانبياء ونزول الوحي . وأما قوله ( وما كنا عن الخلق
غافلين ) ففيه وجوه : أحدها ما كنا غافلين بل كنا للخلق حافظين من أن تسقط
عليهم السبع الطرائق ( 5 ) فتهلكهم ، وثانيها إنما خلقناها فوقهم لتنزل عليهم
الارزاق
والبركات منها ، وثالثها أنا خلقنا هذه الاشياء فدل خلقنا لها على كمال قدرتنا
ثم بين كمال العلم بقوله ( وما كنا عن الخلق غافلين ) يعني عن أعمالهم وأقوالهم
وضمائرهم ، وذلك يفيد نهاية الزجر ، ورابعها وما كنا عن خلق السماوات غافلين
بل نحن لها حافظون ، لئلا تخرج عن التقدير الذي أردنا كونها عليه ، كقوله
تعالى ( ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت ( 6 ) ) ( انتهى ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) انوار التنزيل : ج ، 2 ص 110 .
( 2 ) في المصدر : اطبق .
( 3 ) في المصدر : فوق ثوب .
( 4 ) وزاد في المصدر الفراء .
( 5 ) في المصدر : الطرائق السبع .
( 6 ) مفاتيح الغيب : ج 7 ، ص 620 .
[ 71 ]
( تبارك الذي جعل في السماء بروجا ) قال الرازي : البروج هي القصور
العالية ، سميت بروج الكواكب به لانها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها ، و
اشتقاق البرج من التبرج لظهوره ، وفيه قول آخر عن ابن عباس أن البروج
هي الكواكب العظام ، والاول أولى . والسراج الشمس ( 1 ) ( انتهى ) ( بأمره )
أي بمحض إرادته ( ورب المشارق ) قيل : أي مشارق الكواكب ، أو مشارق الشمس
في السنة ، وهي ثلثمائة وستون يشرق كل يوم في واحد وبحسبها تختلف المغارب
ولذلك اكتفى بذكرها مع أن الشروق أدل على القدرة وأبلغ في النعمة ( إنا
زينا السماء الدنيا ) أي القربى منكم ( بزينة الكواكب ) أي بزينة هي الكواكب
بالاضافة البيانية أو البدلية على القراءتين ( وحفظا ) منصوب بإضمار فعله ، أو
العطف على ( زينة ) باعتبار المعنى كأنه قال : إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء و
حفظا من كل شيطان ( مارد ) خارج من الطاعة يرمى بالشهب ( 2 ) .
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 71 سطر 12 إلى صفحه 79 سطر 12
( قرارا ) أي مستقرا تستقرون عليه ( والسماء بناء ) أي وجعل السماء
بناء مرتفعا فوقها ، ولو جعلهما رتقا لما أمكن الخلق الانتفاع بما بينهما ( كيف
بنيناها ) أي رفعناها بلا عمد وزيناها بالكواكب ( ومالها من فروج ) أي فتوق
كسائر الابنية المبنية من الاحجار واللبنات ، بل خلقها ملساء متصلة ، أو ليس
لها فروج ظاهرة مرئية فلا ينافي الابواب الكائنة فيها ، وقال الكسائي : معناه ليس
فيها تفاوت واختلاف قال الرازي : قالت الفلاسفة : الآية دالة على أن السماء
لاتقبل الخرق ، وكذلك قالوا في قوله ( هل ترى من فطور ) وقوله ( سبعا شدادا )
وتعسفوا فيه لان قوله تعالى ( مالها من فروج ) صريح في عدم ذلك ، والاخبار
عن عدم شئ لا يكون إخبارا عن عدم إمكانه ، فإن من قال ( من لفلان مال ) لا
يدل على نفي إمكانه ، ثم إنه تعالى بين خلاف قولهم بقوله ( وإذا السماء فرجت )
وقوله ( 3 ) ( إذا السماء انفطرت ) وقوله ( 4 ) ( فهي يومئذ واهية ) في مقابلة قوله
* ( هامش ) * ( 1 ) مفاتيح الغيب : ج 6 ، ص 495 .
( 2 ) بالشهاب ( خ ) .
( 3 و 4 ) في المصدر : وقال .
[ 72 ]
( سبعا شدادا ) قال ( 1 ) ( ( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) إلى غير ذلك
والكل في الرد عليهم صريح ، وماذكروه في الدلالة ليس بظاهر بل وليس له
دلالة خفية أيضا ، وأما دليلهم المعقول فأضعف وأسخف من تمسكهم بالمنقول ( 2 ) .
( ذات الحبك ) قال البيضاوي : ذات الطرائق ، والمراد إما الطرائق
المحسوسة التي هي مسيرالكواكب ، أو المعقولة التي يسلكها النظار ويتوصل بها
إلى المعارف ، أو النجوم فإن لها طرائق ، أو إنها تزينها كما تزين الموشي طرائق
الوشي ، جمع ( ( حبيكة ) كطريقة وطرق ، أو ( حباك ) كمثال ومثل ( 3 ) . قال
الطبرسي ره : أي ذات الطرائق الحسنة ، لكنا لا نرى تلك الحبك لبعدها عنا
وقيل : ذات الخلق الحسن المستوي ، وقيل : ذات الحسن والزينة عن علي
عليه السلام ( 4 ) ( انتهى ) .
وأقول : سيأتي تأويل آخر في الرواية عن الرضا عليه السلام .
( وفي السماء رزقكم ) أي أسباب رزقكم أو تقديره ، وقيل : المراد بالسماء
السحاب وبالرزق المطر فإنه سبب الاقوات ( وما توعدون ) من الثواب لان
الجنة فوق السماء السابعة ، أو لان الاعمال وثوابها مكتوبة مقدرة في السماء
( بأيد ) أي بقوة ( وإنا لموسعون ) أي لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة ، و
الموسع : ا لقادر على الانفاق ، أو لموسعون السماء ، أو ما بينها وبين الارض ، أو
الرزق . وقيل : أي قادرون على خلق ما هو أعظم منها . ( والسقف المرفوع ) هو
السماء عن علي عليه السلام ، ( يوم تمور السماء مورا ) أي تدور دورانا وتضطرب وتموج
وتتحرك . ( والنجم ) المراد جنس النجم أو الثريا فإنه غلب فيه ، واول في
بعض الاخبار بالرسول صلى الله عليه وآله ( إذا هوى ) أي غرب ، أو انتثر يوم القيامة
، أو انقض
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : وقال .
( 2 ) مفاتيح الغيب : ج 7 ، ص 620 .
( 3 ) انوار التنزيل : ج 2 ص 462 .
( 3 ) مجمع البيان : ج 9 ، ص 153 .
[ 73 ]
أو طلع فإنه يقال ( هوي هويا ) بالفتح إذا سقط على الارض ، أو إذا نمى وارتفع
وعلى الاخير معراجه أو نزوله صلى الله عليه وآله . ( وأنه هورب الشعرى ) إنما خص
بالذكر
لان خزاعة كانت تعبدها .
( وانشق القمر ) قال الرازي : المفسرون بأسرهم على أن المراد أن القمر
انشق وحصل فيه الانشقاق ، ودلت الاخبار الصحاح عليه ، وإمكانه لايشك فيه
وقد أخبر عنه الصادق فيجب اعتقاد وقوعه ، وحديث امتناع الخرق والالتئام حديث
اللئام ، وقد ثبت جواز الخرق والتخريب على السماوات ( 1 ) ( انتهى ) .
( الشمس والقمر بحسبان ) أي يجريان بحساب معلوم مقدر في بروجهما و
منازلهما ، ويتسق بذلك امور الكائنات السفلية ، وتختلف الفصول والاوقات
ويعلم السنون والحساب . ( والنجم والشجر ) المشهور أن المراد بالنجم النبات
الذي ينجم أي يطلع من الارض ولا ساق له ، وبالشجر الذي له ساق ، وقيل :
المراد بالنجم نجم السماء . ( يسجدان ) أي ينقادان لله فيما يريد بهما طبعا انقياد
الساجد من المكلفين طوعا ( والسماء رفعها ) خلقها مرفوعة محلا ومرتبة ، فإنها
منشأ أقضيته ، ومنزل أحكامه ، ومحل ملائكته .
( فإذا انشقت السماء ) يعني يوم القيامة ( فكانت وردة ) أي فصارت حمراء
ثم تجري ( كالدهان ) وهو جمع الدهن عند انقضاء الامر ، وقيل : هي كالدهان
التي تصب بعضها بألوان مختلفة ، وقيل : الدهان الاديم الاحمر . ( فلا اقسم )
قيل : إذ الامر أوضح من أن يحتاج إلى قسم ، أو فاقسم ( ولا ) مزيدة للتأكيد ، أو
فلانا اقسم فحذف المبتدأ واشبع فتحة لام الابتداء ( بمواقع النجوم ) أي بمساقطها
وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لايزول
تأثيره ، أو بمنازلها ومجاريها ، وقيل : النجوم نجوم القرآن ، ومواقعها أوقات
نزولها ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) لما في المقسم به من الدلالة على عظم القدرة
وكمال الحكمة ، وفرط الرحمة ، ( طباقا ) أي مطابقة بعضها فوق بعض ، مصدر طابقت
* ( هامش ) * ( 1 ) مفاتيح الغيب : ج 7 ، ص 779 .
[ 74 ]
النعل إذا خصفتها طبقا على طبق وصف به ، أو طوبقت طباقا ، أو ذات طباق جمع طبق
كجبل وجبال ، وقيل : أراد بالمطابقة المشابهة أي يشبه بعضها بعضا في الاحكام
والاتقان ( ماترى في خلق الرحمن من تفاوت ) أي اختلاف وتناقض من طريق الحكمة
بل ترى أفعاله كلها سواء في الحكمة وإن كانت متفاوتة في الصور والهيئة ، وقيل :
معناه ما ترى يا ابن آدم في خلق السماوات من عيب واعوجاج بل هي مستقيمة
مستوية كلها مع عظمها ( فارجع البصر ) أي فرد البصر وأدرها في خلق الله واستقص
في النظر مرة بعد اخرى ، والتقدير : انظر ثم ارجع النظر في السماء ، وقيل :
أي قد نظرت إليها مرارا فانظر إليها مرة اخرى متأملا فيها لتعاين ما أخبرت به
من تناسبها واستقامتها واستجماعها ما ينبغي لها ( هل ترى من فطور ) أي شقوق
وفتوق ، وقيل : من وهي وخلل ( ثم ارجع البصر كرتين ) أي ثم كرر النظر
مرتين لان من نظر في الشئ كرة بعد اخرى بان له ما لم يكن بائنا ، وقيل :
المراد بالتثنية التكرير والتكثير كما في لبيك وسعديك ، ولذلك أجاب الامر
بقوله ( ينقلب إليك البصر خاسئا ) أي بعيدا عن إصابة المطلوب كأنه طرد عنه
طردا بالصغار ( وهو حسير ) كليل من طول المعاودة وكثرة المراجعة ( ولقد زينا
السماء الدنيا بمصابيح ) أي بكواكب مضيئة إضاءة السراج .
واعلم أن ههنا إشكالا مشهورا وهو أنه اتفق أصحاب الهيئة على أنه ليس
في السماء الاولى سوى القمر ، وسائر السيارات كل في فلك ، والثوابت كلها
في الثامن ، والآية الكريمة تدل على أن كلها أو أكثرها في السماء الدنيا واجيب
عنه بوجوه :
الاول : أن النسبة إليها أنه لما كانت ترى منها فكانت زينة لها كما أن
السراج المرئي خلف الزجاج زينة لها ، أو لانه بحسب الحس لما كان يتوهم أنه
فيها فكأنه زينة لها ، وهذا الوجه وإن كان أوفق باصولهم إلا أنه متضمن لتكلف
كثير في الآيات .
الثاني : ما ذكره الرازي في تفسيره وهو أنه لا يبعد وجود كرة تحت كرة
[ 75 ]
القمر وتكون في البطء مساوية لكرة الثوابت وتكون الكواكب المركوزة فيما
يقارن القطبين مركوزة في هذه الكرة السفلية ، إذ لايبعد وجود كرتين مختلفتين
بالصغر والكبر مع كونهما متشابهتين في الحركة ، وعلى هذا التقدير لا يمتنع أن
تكون هذه المصابيح مركوزة في السماء الدنيا ، فثبت أن مذهب الفلاسفة في هذا
الباب ضعيف ( 1 ) ( انتهى ) .
وأقول : جملة القول في ذلك أن الحكماء أثبتوا أفلاكا تسعة ، لانهم وجدوا
أولا لجميع الكواكب حركة سريعة من المشرق إلى المغرب ، وهي التي بها
يتحقق طلوعها وغروبها ، وبها يتحقق الليل والنهار ، وهي المسماة بالحركة
اليومية وبالحركة الاولى وبحركة الكل ، فأثبتوا لها فلكا واحدا يشتمل على
الجميع ( 2 ) ، ثم وجدوا لكل [ واحد ] من الكواكب السبعة المعروفة بالسيارة
* ( هامش ) * ( 1 ) مفاتيح الغيب : ج 8 ، ص 246 .
( 2 ) الهيويون الاقدمون لاسيما شيعة بطلميوس كانوا يزعمون ان العالم الجسمانى كرات
متداخلة مركزها الارض التى استوعب ثلاثة ارباع سطحها الماء ، وفوقها كرة الهواء ،
وفوقها
كرة النار ، ثم فلك القمر ، ثم عطارد ، ثم الزهرة ، ثم الشمس ، ثم المريخ ، ثم
المشترى ثم
زحل ثم فلك الثوابت ثم فلك الافلاك وهو غير م ؟ ناه قطرا فلا يمكن تحديد سطحه
المحدب
بحد ولا يقاس بمقياس وكانوا يعدون الشمس والقمر من السيارات ويزعمون انها منحصرة في
السبعة المذكورة وان لا حركة للثوابت سوى حركة غريبة بطيئة جدا وان الفلك جسم كروى
بسيط
شفاف لا يقبل الخرق والالتئام والتغير والفساد وان الكواكب اكر مركوزة في الافلاك
إلى غير
ذلك . وقد اختلفوا في عدد الافلاك حتى ادعى بعض المتأخرين وحدة الفلك الكلى وآخر
أنهى
الافلاك الجزئية إلى الثمانين ! وكان لارهاط من الفلاسفة الاقدمين آراء اخرى احسنها
راى
فيثاغورس وكان يرى ان للارص ؟ حركتين وان الحركة اليومية هي حركتها الوضعية كما ثبت
في
الهيئة الحديثة ونسب إلى بعض اتباعه القول بمركزية الشمس .
ثم ان فلاسفة الاسلام ارتضوا الفرضية البطلميوسية وبنوا عليها وشددوا مبانيها
فاصبحت
نظرية مرضية بل اصلا مسلما لا يختلف فيه ، ثم نزل جم غفير من علماء الاسلام ما ورد
في
لسان الشرع من لفظة ( السماوات ) على الافلاك السبعة ( والكرسى ) على الثامن و (
العرش )
على التاسع ، ومنهم من قال ان السماوات فوق الافلاك ، وقد تكلفوا لتطبيق الظواهر
الشرعية
[ 76 ]
حركة من المغرب إلى المشرق مخالفة لحركة آخر منها في السرعة والبطء ، فأثبتوا
لكل واحدة منها فلكا ، ثم وجدوا لجميع الكواكب التي غير السبعة حركة
واحدة غربية بطيئة جدا فأثبتوا لها فلكا عليحدة ، فحصلت تسعة أفلاك لتسعة
حركات ، وهي المسماة بالافلاك الكلية . وأما ترتيب السيارات فالمشهور أن القمر
في الفلك الذي هو أقرب إلينا ، ثم عطارد ، ثم الزهرة ، ثم الشمس ، ثم المريخ
ثم المشتري ، ثم زحل ، ثم فلك الثوابت ، ثم الاطلس الذي هو غير مكوكب ، وما
ورد في لسان الشرع بلفظ السماوات ينزلونها على أفلاك السيارات وبلفظ الكرسي
على فلك البروج وهو الثامن وبلفظ العرش على التاسع . واستدلوا على الترتيب المذكور
بأن زحل يكسف بعض الثوابت فيكون تحتها ، وينكسف بالمشتري فيكون فوقه ، و
المشتري ينكسف بالمريخ فهو فوقه ، وهذه الثلاثة تسمى علوية ، وأما كون الشمس
تحتها فلان لها اختلاف منظردون العلوية ، وأما الزهرة وعطارد فلا جزم بكونهما
تحت الشمس أو فوقها إذ لا يكسفها غير القمر ولا يدرك كسفها لشئ من الكواكب
لاحتراقها عند مقارنتها ، ولا يعرف لهما اختلاف منظر أيضا لانهما لا يبعدان عن
الشمس كثيرا ولا يصلان إلى نصف النهار ، والآلة التي يعرف بها اختلاف المنظر
* ( هامش ) * على اصول هذه الفرضية وفروعها ، كل ذلك لارتضائهم اياها واعجابهم بها
واعتقادهم بانها اصل
هيوى قويم وقاعدة فلكية مسلمة ، مع انها في الاصل فرضية افترضت لحل ما اشكل من
المسائل
الهيوية ولذلك كلما بدت مشكلة اخذوا في اصلاحها وتتميمها فزادوا في تعداد الافلاك
ونقصوا
وابرموا منا نسجوا ونقضوا ، حتى آل الامر إلى انكار كثرة الافلاك من جهة وانهائها
إلى الثمانين
من اخرى ! واللبيب يأخذ عظته من عبر التاريخ ولا يتهاون بعد في تأويل حقائق الكتاب
والسنة بما يعجبه من آراء العلماء وأوهام الحكماء مالم يستندوا إلى دليل قاطع
وبرهان ساطع .
وكيف كان فالهيئة الحديثة تنكر مركزية الارض ووحدة القمر وانحصار السيارات في
النيرين والخمسة المتحيرة وكون الشمس من السيارات والفلك البسيط الذى لا يقبل الخرق
والالتئام ، واكتشفت بالالات الهيوية الحديثة كواكب واقمارا اخرى ليس لها ذكر في
الهيئة
القديمة فاكتشفت من السيارات فلكان ، أورانوس ، نبتون وبيلوتون وعدة كواكب صغيرة
بين
المريخ والمشرتى تناهز الف سيارة . واكتشفت للمريخ قمران وللمشرتى احد عشر قمرا
ولزحل
تسعة اقمار ولاورانوس ستة اقمار إلى غير ذلك ، وسنشير إلى بعض ما ثبت في الهيئة
الجديدة في
موضع انسب ان شاء الله تعالى .
[ 77 ]
إنما تنصب في سطح دائرة نصف النهار ، فحكموا بكونهما تحت الشمس استحسانا
لتكون متوسطة بين الستة بمنزلة شمسة القلادة ، وأيدوا ذلك بمناسبات اخر . و
ذكر الشيخ وبعض من تقدمه أنه رأى الزهرة كشامة على وجه الشمس ، وبعضهم
ادعى أنه رآها وعطارد كشامتين عليها وسميا سفليين لذلك ، والزهرة منها فوق
عطارد لانكسافها به ، والقمر تحت الكل لانكساف الكل به .
وأما خصوص عدد التسعة فجزم الاكثر بأنه لا أقل منها والمحقق الطوسي
ره جوز كونها ثمانية حيث قال في التذكرة : وإسناد إحدى الحركتين الاوليين
إلى المجموع لا إلى فلك خاص به لم يكن ممتنعا ، لكنهم لم يذهبوا إلى ذلك . وقال
صاحب التحفة : إني سمعت من الاستاذ أن جواز إسناد إحدى الاوليين إلى
المجموع لا إلى فلك خاص بها معلل بجواز اتصال نفس بالثمانية واخرى بالثامنة
وتكون دوائر البروج والمنطقتان مفروضة على محدب الثامنة ، فقلت : فعلى هذا
يمكن أن تكون الافلاك الكلية سبعة فقط بأن تفرض الثوابت مركوزة في ممثل
زحل ودوائر البروج على محد به متحركة بالحركة السريعة دون البطيئة ، وتتعلق
نفس واحدة بمجموع السبعة وتحركه الحركة الاولى ، ونفس اخرى تعلقت
بممثل زحل وحده وتحركه الحركة البطيئة ، ونفس الثانية تعلقت بخارجه و
تحركه الحركة الخاصة ، وباقي الافلاك الستة على حالها . فاستحسنه وأثنى
علي ( انتهى ) .
وقال المحقق الدواني : يجوز أن تكون الافلاك الكلية اثنين ، بأن تفرض
الافلاك الخارجة المراكز كلها سوى خارج القمر في ثخن ممثل واحد بحيث لا
تكون السطوح التي يثبتونها بين الممثلات إلابين ذلك الممثل وممثل القمر ، فتنحصر
الافلاك الكلية فيهما ( انتهى ) هذا هو الكلام في جانب القلة ، وأما في جانب الكثرة
فلا قطع ، لاحتمال أن يكون كل من الثوابت أو كل طائفة منها في فلك عليحدة
وأن يكون أفلاكا كثيرة غير مكوكبة . هذا ما ذكروه في هذا الباب ، ولنرجع
إلى ما يناسب الكتاب فنقول :
[ 78 ]
يمكن أن يكون أكثر الكواكب الثابتة وهي التي لم تكن في ممر السيارات
في فلك من الافلاك الجزئية للقمر مساوية حركته لحركة الثوابت ، فإنهم أثبتوا
كلا من تلك الافلاك الجزئية لدواعي دعتهم إلى ذلك ، مع أنه تلزمهم على ذلك
إشكالات لم يمكنهم حلها ، فلا مانع من إثبات فلك آخر لتصحيح ما في الآيات و
الاخبار ، بحيث لايخالف قواعدهم المبنية على الظن والتخمين ، وبالقيد المذكور
لا مانع من جهة الانكساف أيضا .
الثالث : ما خطر بالبال القاصر ، وهو أن يكون جميع الافلاك الثمانية التي
أثبتوها لجميع الكواكب فلكا واحدا مسمى بالسماء الدنيا ، وتكون غيرها ستة
سماوات اخر غير مكوكبة ، كما أنهم يثبتون لكل من الكواكب أفلاكا كثيرة
جزئية ويعدون الكل فلكا واحدا كليا ، فلا ينافي شيئا من اصولهم ، وإنما
يخالف مصطلحهم ولا عبرة بمخالفة الاصطلاح . وقد ذهب بعض قدماء الحكماء أيضا
إلى أن الثوابت في فلك القمر . قال بليناس الحكيم في كتاب ( علل الاشياء ) :
هي سبعة أفلاك بعضها في جوف بعض ، وصارت الافلاك في كل منها كوكب غير
فلك القمر ، فإن الكواكب تبددت فيه وتقطعت لاختلاطها بكثرة الرياح الصاعدة
إليه من قرب الارض . وقال في موضع آخر : وأما سماء الدنيا فإنها تبددت
كواكبها من قبل حبكها وتدرجها ، فتقبلت الكواكب فصارت متعلقة بتلك الدرج
وقال عند ذكر الملائكة : سكان فلك القمر من الروحانيين كثيرة رحمتهم ، قليلة
شرورهم ، متعطفين على الحيوان ، مصلحين للنبات ، دائبين في مسرة بني آدم
متصلين بهم ، فلاتصالهم ربما ظهروا لهم وكلموهم بلاهيبة منهم بالرحمة لحم وبالفة
وهم مسلطون على السماء ، يحرسون السماء من شيطانك وولده أن يسترقوا السمع
من الملائكة الاعلين الروحانيين المتصلين بفلك الشمس ، وإن الروحانيين الموكلين
بالشمس إذا طلعت الشمس من مشرقها كان عندهم الاحداث التي تحدث في العالم
في ذلك اليوم كله ، فشيطانك وولده يسترقون ما اوحي إلى اولئك الملائكة
فالملائكة الذين في فلك القمر يجملون النجوم حتى يصير نارا ، ثم يرجمونهم بها
[ 79 ]
فيهربون منها ( إلى آخر ما قال ) .
الرابع : أن يكون المراد بالكواكب في الآية الكريمة الشهب المنقضة قريبا
منها ، ولما كانت ترى حسا على سطلح السماء فهي زينة لها ، وتؤيده تتمة الآية
كما ستعرف .
الخامس : أن يكون المراد بالدنيا الدنو من الناحية العليا والعرش الاعلى
فالمراد بها الفلك الثامن على سياق قوله تعالى ( دنى فتدلى ) فإن ترتيب الافلاك
قد يبتدأ مما يلينا فيكون فلك القمر أو لها وأدناها ، وقد يبتدأ به من الجانب
الاعلى
ففلك الثوابت أول الافلاك المكوكبة وأدناها من العرش . ويرد عليه أن في لسان
الشرع يعبر عنه بالكرسي كما مر .
( وجعلناها رجوما للشياطين ) قال البيضاوي : وجعلنا لها فائدة اخرى
هي رجم أعدائكم بانقضاض الشهب المسسبة عنها ، وقيل : معناها : رجوما وظنونا
لشياطين الانس وهم المنجمون فالرجوم ( 1 ) جمع ( رجم ) بالفتح وهو مصدر سمي
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 79 سطر 13 إلى صفحه 87 سطر 13
به ما يرجم به ( وأعتدنا لهم عذاب السعير ) في الآخرة بعد الاحراق بالشهب في
الدنيا ( 2 ) ( انتهى ) وأقول : على الاحتمال الرابع لاتحتاج إلى تكلف في ذلك .
( وانشقت السماء ) ) قال الرازي : لنزول الملائكة ( فهي يومئد واهية ) أي
مسترخية ساقطة القوة كالعهن المنفوش بعد ما كانت محكمة شديدة ( 3 ) . ( كالمهل )
قيل : كدردي الزيت ، وقيل : كعكر القطران . ( سبع سماوات طباقا ) قال
الرازي : هذا يقتضي كون بعضها مطبقا ( 4 ) على البعض ، وهذا يقتضي أن لا يكون
ههنا ( 5 ) فرج فالملائكة كيف يسكنون ؟ والجواب أن الملائكة أرواح ، وأيضا
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر ( والرجوم ) .
( 2 ) انوار التنزيل : ج 2 ، ص 533 .
( 3 ) مفاتيح الغيب : ج 8 ، ص 283 .
( 4 ) في المصدر : منطبقا .
( 5 ) في المصدر : بينها .
[ 80 ]
المراد من كونها طباقا كونها موازية لا أنها متماسة ( 1 ) . و ( جعل القمر فيهن
نورا ) قال البيضاوي : أي في السماوات وهو في السماء الدنيا وإنما نسب إليهن
لما بينهن من الملابسة . ( وجعل الشمس سراجا ) مثلها به لانها تزيل ظلمة الليل
عن وجه الارض كما يزيلها السراج عما حوله ( 2 ) . ( وإنا لمسنا السماء ) أي طلبنا
بلوغ السماء أو خبرها ، واللمس مستعار من المس للطلب كالجس ( حرسا ) أي
حراسا اسم جمع كالخدم ( شديدا ) ) قويا وهم الملائكة الذين يمنعونهم عنها ( و
شهبا ) جمع شهاب وهو المضئ المتولد من النار ( وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع )
أي مقاعد خالية عن الحرس والشهب أو صالحة للرصد والاستماع ، و ( للسمع )
صلة لنقعد أو صفة لمقاعد ( شهابا رصدا ) أي شهاباراصدا له ولاجله يمنعه عن الاستماع
بالرجم ، أو ذوي شهاب راصدين على أنه اسم جمع للراصد .
( طمست ) أي محقت وأذهب نورها ( فرجت ) أي شقت ( سبعا شدادا ) أي
سبع سماوات أقوياء محكمات لايؤثر فيها مرور الدهور ( وجعلنا سارجا وهاجا )
متلالئا وقادا ، أو بالغا في الحرارة والمراد الشمس ( وإذا النجوم النكدرت ) أي
انقضت أو أظلمت ( وإذا السماء كشطت ) أي قلعت وازيلت كما يكشط الاهاب
عن الذبيحة ( فلا اقسم بالخنس الجوار الكنس ) قال الرازي : فيه قولان الاول
وهو المشهور الظاهر أنها النجوم ، الخنس جمع ( خانس ) والخنوس الانقباض و
الاستخفاء ، تقول : خنس بين القوم وانخنس ، والكنس جمع ( كانس ) و ( كانسة )
يقال : كنس إذا دخل الكناس وهو مقر الوحش يقال : كنست الظباء في كناسها
وتكنست المرأة إذا دخلت هودجها تشبه بالظبي إذا دخل الكناس ، ثم اختلفوا
في خنوس النجوم وكنوسها على ثلاثة أوجه ، فالقول الاظهر أن ذلك إشارة إلى
رجوع الكواكب الخمسة السيارة واستقامتها ، فرجوعها هو الخنوس ، وكنوسها
اختفاؤها تحت ضوء الشمس ، ولا شك أن هذه حالة عجيبة وفيها أسرار عظيمة
* ( هامش ) * ( 1 ) مفاتيح الغيب : ج 8 ، ص 306
( 2 ) انوار التنزيل : ج 2 ، ص 552 .
[ 81 ]
باهرة ، والقول الثاني ما روي عن علي عليه السلام وغيره أنها هي جميع الكواكب ، و
خنوسها عبارة عن غيوبتها عن البصر في النهار ، وكنوسها عن ظهورها للبصر في
الليل أي تظهر في أماكنها كالوحش في كنسها ، والقول الثالث أن السبعة السيارة
تختلف مطالعها ومغاربها على ما قال تعالى ( رب المشارق والمغارب ) ولا شك أن
فيها مطلعا واحدا ومغربا واحدا هما أقرب المطالع والمغارب إلى سمت رأسنا ( 1 )
ثم إنها تأخذ في التباعد من ذلك المطلع إلى سائر المطالع طول السنة ثم ترجع
إليها ، فخنوسها عبارة عن تباعدها عن ذلك المطلع وكنوسها عبارة عن عودها إليه
فعلى القول الاول يكون القسم واقعا بالخمسة المتحيرة ، وعلى الثاني بجميع
الكواكب ، وعلى الثالث بالسبعة السيارة .
والقول الثاني أنها بقر الوحش ، وقال ابن جبير : هي الظباء ، وعلى هذا
الخنس من الخنس في الانف وهو تقعير فيه فإن البقر والظباء انوفها على هذه
الصفة ، والكنس جمع كانس وهي التي تدخل الكناس ، والقول هو الاول لانه
أنسب بما بعده ، ولان محل قسم الله كلما كان أعظم وأعلى رتبة كان أولى ( 2 )
( انتهى ) .
وأقول : الخمسة المتحيرة هي ما خلا الشمس والقمر من السبعة السيارة
وإنما سميت متحيرة لكونها في حركاتها الخاصة تارة مستقيمة ترى متحركة
من المغرب إلى المشرق وتارة واقفة وتارة راجعة كالمتحير في أمره ، ولذا أثبتوا
لها تداوير لظنهم عدم الاختلاف في حركات فلك واحد .
قوله تعالى ( إذا السماء انفطرت ) قال الرازي : أي انشقت ( وإذا الكواكب
انتثرت ) إذ ( 3 ) عند انتقاض تركيب السماء لابد من انتشار الكواكب على تخوم ( 4 )
الارض ، والفلاسفة ينكرون إمكان الخرق والالتئام على الافلاك ، ودليلنا على
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : رؤوسنا .
( 2 ) مفاتيح الغيب : ج 8 ، ص 482 .
( 3 ) في المصدر : لان .
( 4 ) في المصدر : على الارض .
[ 82 ]
إمكان ذلك أن الاجسام متماثلة في كونها أجساما فوجب أن يصح على كل واحد
منها ما يصح على الآخر ، وإنما قلنا إنها متماثلة لانه يصح تقسيمها إلى السماويات
والارضيات ومورد التقسيم مشترك بين القسمين ، فالعلويات والسفليات مشتركة
في أنها أجسام ، وإنما قلنا إنه متى كان كذلك وجب أن يصح على العلويات ما
يصح على السفليات لان المتماثلات حكمها واحد فما صح ( 1 ) حكمه على كل
واحد منها وجب أن يصح على الباقي ( 2 ) . وقال في قوله سبحانه ( إذا السماء انشقت )
قد مر شرحه في مواضع ، وعن علي عليه السلام أنها تنشق من المجردة ( وأذنت لربها )
أي استمعت له ، والمعنى أنه لم يوجد في جرم السماء ما يمنع من تأثير قدرة الله في
شقها وتفريق أجزائها فكانت في قبول ذلك التأثير كالعبد الطائع الذي إذا ولى ( 3 )
عليه الامر من جهة المالك أنصت له وأذغن ولم يمتنع ، فكذلك قوله ( قالتا أتينا
طائعين ) يدل على نفوذ القدرة في الايجاد والابداع من غير مانع ( 4 ) أصلا ، كما
أن قوله ههنا ( وأذنت لربها ) يدل على نفوذ القدرة في التفريق والاعدام و
الافناء من غير ممانعة أصلا ، وأما قوله ( وحقت ) فهو من قولك هو محقوق بكذا
وحقيق به يعني وهي حقيقة بأن تنقاد ولا تمتنع ، وذلك لانه جسم وكل جسم
ممكن لذاته ، وكل ممكن لذاته فإن الوجود والعدم بالنسبة إليه على السوية
وكل ماكان كذلك فإن ترجيح ( 5 ) عدمه على وجوده لابد وأن يكون بتأثير
واجب الوجود وترجيحه ، فيكون تأثير قدرته في إيجاده وإعدامه نافذا ساريا من
غير ممانعة أصلا ، وأما الممكن فليس له إلا القبول والاستعداد ، ومثل هذا الشئ
حقيق به أن يكون قابلا للوجود تارة وللعدم اخرى من واجب الوجود ( 6 ) . وقال
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : فمتى يصح .
( 2 ) مفاتيح الغيب : ج 8 ، ص 486 .
( 3 ) في المصدر : إذا ورد عليه .
( 4 ) في المصدر : من غير ممانعة .
( 5 ) في المصدر : ترجيح وجوده على عدمه أو عدمه على وجوده .
( 6 ) مفاتيح الغيب : ج 7 ، ص 509 .
[ 83 ]
في قوله تعالى ( والسماء ذات البروج ) ثلاثة أقوال : أحدها أنها هي البروج الاثنا
عشر ، وإنما حسن القسم بها لما فيها من عجيب الحكمة ، وذلك لان سير الشمس
فيها ، ولاشك أن مصالح العالم السفلي مرتبطة بسير الشمس ، فدل ذلك على أن
لها صانعا حكيما وثانيها أن البروج هي منازل القمر وإنما حسن القسم بها لما
في سير القمر وحركته من الآثار العجيبة وثالثها أن البروج هي عظام الكواكب
سميت بروجا لظهورها ( 1 ) ( انتهى ) ،
وأقول : في بعض الاخبار تأويل السماء بسيد الانبياء صلى الله عليه وآله والبروج
بالائمة الاثني عشر عليهم السلام .
( والسماء والطارق ) ) قال الرازي : أما الطارق فهو كل ما أتاك ليلا سواء
كان كوكبا أو غيره ( وما أدريك ما الطارق ) قال سفيان بن عيينة : كل شئ في
القرآن ( ما أدريك ) فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وآله به ، وكل شئ فيه ( ما
يدريك )
لم يخبر به كقوله ( وما يدريك لعل الساعة قريب ) ثم قال ( النجم الثاقب ) أي
هو طارق رفيع الشأن ، وهو النجم الذي يهتدى به في ظلمات البر والبحر ، و
يوقف به على أوقات الامطار ، ووصف بكونه ثاقبا لوجوه : أحخدها أنه يثقب الظلام
بضوء ينفذ فيه ، وثانيها أنه يطلع من المشرق نافذا في الهواء كالشئ الذي يثقب
الشئ ، وثالثها أنه الذي يرمى به الشيطان فيثقبه أي ينفذ فيه ويحرقه ، رابعها
قال الفراء : هو النجم المرتفع على النجوم ، قال بعضهم : اشيربه إلى جماعة النجوم
كما قيل : ( إن الانسان لفي خسر ) وقال آخرون : إنه نجم بعينه ، قال ابن زيد :
إنه الثريا ، وقال الفراء : إنه زحل لانه يثقب بنوره سمك بسبع سماوات ، و
قال آخرون : إنه الشهب التي ترجم بها الشياطين لقوله تعالى ( فأتبعه شهاب
ثاقب ( 3 ) ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) مفاتيح الغيب : ج 8 ، ص 518 .
( 2 ) في المصدر : عظيم الشأن رفيع القدر .
( 3 ) مفاتيح الغيب : ج 8 ، ص 528 .
[ 84 ]
( والسماء ذات الرجع ) قال الطبرسي ره : أي ذات المطر ، عن أكثر
المفسرين ، وقيل : يعني بالرجع شمسها وقمرها ونجومها تغيب ثم تطلع ، وقيل :
رجع السماء إعطاؤها الخير الذي يكون من جهتها حالا بعد حال على مرور الازمان
فترجع بالغيث وأرزاق العباد وغير ذلك ( 1 ) ( انتهى ) .
وأقول : لا يبعد أن يكون إشارة إلى رجوع المتحيرة كما عرفت .
( وإلى السماء كيف رفعت ) أي رفعا بعيد المدى بلا إمساك وبغير عمد ( وما
بناها ) أي ومن بناها .
تذييل : قال الرازي : اعلم أن منافع النجوم كثيرة : منها أنه زين الله
السماء بها ، ومنها أنه يحصل بسببها في الليل قدر من الضوء ولذلك فإنه إذا تكاثفت
السحاب في الليل عظمت الظلمة وذلك بسبب أن السحاب يحجب أنوارها ، ومنها
أنه يحصل بسببها تفاوت في أحوال الفصول الاربعة فإنها أجسام عظيمة نورانية
فإذا قاربت ( 2 ) الشمس كوكبا مسخنا في الصيف صار أقوى حرا ، وهي مثل نار
تضم إلى نار اخرى فإنه لاشك أنه يكون الاثر الحاصل من المجموع اقوى
ومنها أنه تعالى جعلها علامات يهتدى بها في ظلمات البر والبحر على ما قال تعالى
( وعلامات وبالنجم هم يهتدون ) ، ومنها أنه تعالى جعلها رجوما للشياطين الذين
يخرجون الناس من نور الايمان إلى ظلمة ( 3 ) الكفر ، يروى أن السبب في ذلك
أن الجن كانت تسمع بخبر السماء ، فلما بعث محمد صلى الله عليه وآله حرست السماء
ورصدت
الشياطين فمن جاء منهم مسترقا للسمع رمي بشهاب فأحرقه لئلا ينزل به إلى الارض
فيلقيه إلى الناس فيخلط على النبي أمره ويرتاب الناس بخبره ، وهذا هو السبب
في انقضاض الشهب ، فهذا هو المراد من قوله تعالى ( وجعلناها رجوما للشياطين )
ومن الناس من طعن في هذا من وجوه :
* ( هامش ) * ( 1 ) مجمع البيان : ج 10 ، 472 .
( 2 ) في المصدر : قارنت .
( 3 ) في المصدر : ظلمات .
[ 85 ]
أحدها : أن انقضاض الكواكب مذكور في كتب قدماء الفلاسفة ، قالوا :
إن الارض إذا سخنت بالشمس ارتفع منها بخار يابس ، فإذا بلغ النار التي دون
الفلك احترق بها فتلك الشعلة هي الشهاب .
وثانيها : أن هؤلاء الجن كيف يجوز أن يشاهدوا واحدا وألفا من جنسهم
يسترقون السمع فيحترقون ، ثم إنه ( 1 ) مع ذلك يعودون لمثل صفتهم ( 2 ) فإن
العاقل إذا رأى الهلاك في شئ مرة ومرارا امتنع أن يعود إليه من غير فائدة .
وثالثها : أنه يقال في ثخن السماء مسيرة خمسمائة عام ، فهؤلاء الجن إن
نفذوا في جرم السماء وخرقوا اتصاله فهذا باطل ، لانه تعالى نفى أن يكون فيها
فطور على ما قال ( فارجع البصر هل ترى من فطور ) وإن كانوا لا ينفذون في جرم
السماء فكيف يمكنهم أن يسمعوا أسرار الملائكة من ذلك البعد العظيم ؟ فلم لا يسمعون
كلام الملائكة حال كونهم في الارض ؟ .
ورابعها : أن الملائكة إنما اطلعوا على الاحوال المستقبلة إما لانهم
طالعوها من اللوح ( 3 ) المحفوظ ، أولانهم يتلقونها من وحي الله تعالى إليهم ، وعلى
التقديرين فلم لايمسكون عن ذكرها حتى لايتمكن الجن من الوقوف عليها ؟ .
وخامسها : أن الشياطين مخلوقون من النار ، والنار لاتحرق النار بل
تقويها ، فكيف يحتمل ( 4 ) أن يقال الشيطان زجر من استراق السمع بهذه الشهب .
وسادسها : أنه إن كان هذا القذف لاجل النبوة فلم دام بعد وفاة الرسول
صلى الله عليه وآله .
وسابعها : أن هذه الرجوم ، إنما تحدث بالقرب من الارض بدليل أنا
نشاهد حركاتها بالغة ولو كانت قريبة من الفلك لما شاهدنا حركاتها ( 5 ) كما لم
نشاهد
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : إنهم .
( 2 ) في المصدر : صنيعهم .
( 3 ) في المصدر : في اللوح .
( 4 ) في المصدر : فكيف يعقل ان يقال ان الشياطين زجروا عن استراق .
( 5 ) في المصدر : حركتها بالعين .
[ 86 ]
حركات الكواكب ، وإذا ثبت أن هذه الشهب إنما تحدث بالقرب من الارض فكيف
يقال إنها تمنع الشياطين من الوصول إلى الفلك ؟ .
وثامنها : أن هؤلاء الشياطين لو كان يمكنهم أن ينقلوا أخبار الملائكة من
المغيبات إلى الكهنة فلم لا ينقلون أسرار المؤمنين إلى الكفار حتى يتوسل الكفار
بواسطة وقوفهم على أسرارهم إلى إلحاق الضرر بهم ؟ .
وتاسعها : لم لم يمنعهم الله ابتداء من الصعود إلى السماء حتى لايحتاج في
دفعهم عن السماء إلى هذه الشهب ؟ .
والجواب عن السؤال الاول : أنا لاننكر أن هذه الشهب كانت موجودة
قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله ( 1 ) وقد يوجد بسبب آخر وهو دفع الجن وزجرهم .
يروى
أنه قيل للزهري : أكان يرمي في الجاهلية ؟ قال : نعم ، قال : أفرأيت قوله تعالى
( إنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) قال : غلظت
وشدد أمرها حين بعث النبي صلى الله عليه وآله .
والجواب عن السؤال الثانى : أنه إذا جاء القدر عمي البصر ، فإذا قضي الله
على طائفة منهم الحرق لطغيانها وضلالها قيض لها من الدواعي المطمعة في درك
المقصود ما عندها يقدم على العمل المفضي إلى الهلاك والبوار .
والجواب عن السؤال الثالث : أن البعدبين الارض والسماء مسيرة خمسمائة
عام فأما ثخن الفلك فلعله لا يكون عظيما .
والجواب عن السؤال الرابع : ما روى الزهري عن علي بن الحسين بن
علي بن أبيطالب عليهم السلام عن ابن عباس قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله
جالسا في نفر من
أصحابه إذرمي بنجم فاستنار ، فقال : ماكنتم تقولون في الجاهلية إذا حدث مثل
هذا ؟ قالوا كنا نقول يولد عظيم أو يموت عظيم . قال النبي صلى الله عليه وآله :
فإنها لاترمى
لموت أحد ولا لحياته ، ولكن ربنا تعالى إذا قضى الامر في السماء سبحت حملة
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : لاسباب اخر إلا أن ذلك لا ينافى أنها بعد مبعث
النبى عليه الصلاة
والسلام قد توجد .
[ 87 ]
العرش ، ثم سبح أهل السماء وسبح ( 1 ) كل سماء حتى ينتهي التسبيح إلى هذه
السماء ، ويستخبر أهل السماء حملة العرش : ماذا قال ربكم ؟ فيخبرونهم ، ولا يزال
ينتهي ذلك الخبر من سماء إلى سماء إلى أن ينتهي الخبر إلى هذه السماء ، ويتخطف
الجن فيرمون ، فما جاؤوا به فهو حق ولكنهم يزيدون فيه .
والجواب عن السؤال الخامس : أن النار قدتكون أقوى من نار أخرى
فالاقوى تبطل الاضعف .
والجواب عن السؤال السادس : أنه إنما دام لانه صلى الله عليه وآله أخبر ببطلان
الكهانة ، فلو لم يدم هذا القذف لعادت الكهانة ، وذلك يقدح في خبر الرسول صلى الله
عليه وآله
عن بطلان الكهانة .
والجواب عن السؤال السابع : أن البعد على مذهبنا غير مانع من
السماع فلعله تعالى أجرى عادته بأنهم إذا وقعوا ( 2 ) في تلك المواضع سمعوا كلام
الملائكة ( 3 ) .
والجواب عن السؤال الثامن : لعله تعالى أقدرهم على استماع الغيوب عن
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 87 سطر 14 إلى صفحه 95 سطر 14
الملائكة وأعجزهم عن إيصال أسرار المؤمنين إلى الكافرين ( 4 ) .
والجواب عن السؤال التاسع : أنه تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد
فهذا ما يتعلق بهذا الباب على سبيل الاختصار ( 5 ) ( انتهى ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : يسبح أهل كل سماء .
( 2 ) في المصدر : وقفوا .
( 3 ) هذا الجواب مبنى على قول الاشاعرة بانكار العلية والمعلولية وأن الملازمة بين
العلة والمعلول ليس أمرا ذاتيا وانما هو لجريان عادة الله تعالى على ذلك ، فمن
الممكن ان
يكون عادته تعالى في بعض الموارد على خلافه .
( 4 ) والصواب ان يقال : ان كان المراد بالكفار جميعهم فالملازمة ممنوعة لان
المكالمة
مع الجن يتوقف على مقدمات لاتحصل لجميعهم ، وان كان المراد كهنتهم فبطلان التالى
غير مسلم .
( 5 ) مفاتيح الغيب : ج 8 ، ص 246 248 .
[ 88 ]
وأقول : الاصوب في الجواب عن الثالث أن يقال : قد ظهر أن للسماء أبوابا
يصعد منها الملائكة وصعد منها نبيناصلى الله عليه وآله وعيسي وإدريس عليهما السلام
بل أجساد سائر
الانبياء والاوصياء بعد وفاتهم على قول وقد ورد في الاخبار أن الجن كانوا يصعدون
قبل عيسى عليه السلام إلى ما تحت العرش ، وبعد بعثته كانوا يصعدون إلى الرابعة وبعد
بعثة النبي صلى الله عليه وآله منعوا عن صعود السماء مطلقا بالشهب ، فصعودهم إما من
أبوابها
أو لكونهم أجساما لطيفة يمكنهم النفوذ في جرمها ، ولعل المراد بالفطور فيها أن
ترى فيها شقوق وثقب ، أو تنهدم وتنحل أجزاؤها ، فلا إشكال في ذلك .
1 العلل والعيون والخصال : في خبر الشامي عن أميرالمؤمنين عليه السلام
أنه سأله مم خلق السماوات ؟ قال : من بخار الماء ، وسأله عن سماء الدنيا مما هي ؟
قال : من موج مكفوف ، وسأله كم طول الكواكب وعرضه ؟ قال : اثنا عشر فرسخا
في اثني عشر فرسخا ، وسأله عن ألوان السماوات السبع وأسمائها فقال له : اسم
السماء الدنيا ( رفيع ) وهي من ماء ودخان ، واسم السماء الثانية ( قيدوم ) وهي
على لون النحاس ، والسماء الثالثة اسمها ( الماروم ) وهي على لون الشبه ، والسماء
الرابعة اسمها ( أرفلون ) وهي على لون الفضة ، والسماء الخامسة اسمها ( هيعون ( 1 )
)
وهي على لون الذهب ، والسماء السادسة اسمها عروس وهي ياقوتة خضراء ، والسماء
السابعة اسمها ( عجماء ) وهي درة بيضاء ( 2 ) ( الخبر ) .
بيان : ( من موج مكفوف ) أي من جسم مواج ممنوع من السيلان بقدرته
سبحانه ، أو بأن أجمدها بعد ما كانت سيالة ، ويحتمل أن يكون كناية عن كونها
مخلوقة من جسم لطيف قد استقر في محله ولا ينزل ولا يسيل ، أو موجها كناية عن
تلالؤ الكواكب فيها بناء على أنها فيها ، ويمكن أن يكون المقدار المذكور
للواكب لاصغر الكواكب التي في المجرة ، إذا المرصودة منها على المشهور
أكبر من ذلك بكثير ، بل ما سوى القمر والسفليين أكبر من الارض بأضعافها ، و
* ( هامش ) * ( 1 ) في المخطوطة ( هيفوف ) وفي المصدر ( هيفون ) .
( 2 ) الخصال : 3 ، العيون ، ج 1 ، ص 241 ، العلل : ج 2 ، ص 280 .
[ 89 ]
قد أول بعض السالكين مسالك الفلاسفة اختلاف الالوان الوارد في هذا الخبر
باختلاف أنواعها وطبائعها ، فإنهم يقولون ليس للسماوات لون كما ستعرف انشاء الله
وذكر السيد الداماد ره لتقدير الكواكب تأويلا غريبا أوردته في مقام آخر
وإن كانت أقوالهم في أمثال ذلك لم تورث إلا ظنا .
2 تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن
سالم ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : لما
اسري بي إلى السماء
رأيت في السماء السابعة بحارا من نور يتلالا ، يكاد تلالؤها يخطف بالابصار ، وفيها
بحار من ( 1 ) ظلمة وبحار ثلج ترعد ( 2 ) ( الخبر ) .
بيان : ( ترعد ) أي يظهر منها صوت الرعد ، أو على بناء المجهول أي تضطرب .
3 العلل : عن علي بن أحمد بن محمد ، عن الكليني ، عن علان رفعه قال :
سأل يهودي أميرالمؤمنين عليه السلام لم سميت السماء سماء ؟ قال : لانها وسم الماء
يعني معدن الماء ( 3 ) ( الخبر ) .
بيان : فسر الوسم بالمعدن لان معدن كل شئ علامة حصوله ، ولعله مبني
على الاشتقاق الكبير ، لان الوسم من معتل الفاء والسماء على المشهور من معتل
اللام من السمو ، وهو الرفعة ، أو هو على القلب كما أن الاسم أيضا من السمو .
4 العلل : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي
عن أبيه ، عن أحمد بن النضر ، عن محمد بن مروان ، عن جرير ، عن الضحاك بن
مزاحم ، قال : سئل علي عليه السلام عن الطارق ، قال : هو أحسن نجم في السماء وليس
يعرفه الناس ، وإنما سمي الطارق لانه يطرق نوره سماء سماء إلى سبع سماوات
ثم يطرق راجعا حتى يرجع إلى مكانه ( 4 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : بحار مظلمة .
( 2 ) تفسير القمى : 373 .
( 3 ) علل الشرائع : ج 1 ، ص 3 .
( 4 ) اللعل : ج 2 ، ص 264 .
[ 90 ]
5 الاحتجاج : عن الاصبغ قال : سأل ابن الكواء أميرالمؤمنين عليه السلام
عن المجرة التي تكون في السماء ، قال : هي شرج السماء ، وأمان لاهل الارض
من الغرق ، ومنه أغرق الله قوم نوح بماء منهمر ( 1 ) ( الخبر ) .
بيان : الشرج اسم للمجرة ، ولعلهم شبهوها بالعرى التي في الكيس والعيبة
تشد بها ، أو بمجرى الماء لانها مجراه حقيقة كما في الخبر ، أو لانها شبيهة بالنهر
في وسط الوادي ، قال الفيروز آبادي : الشرج محركة العرى ، ومنفسخ الوادي
ومجرة السماء ، وانشقاق في القوس ، والشرج : الفرقة ، ومسيل ماء من الجرة
إلى السهل وشد الخريطة ( 2 ) . وقال الجوهري : شرج العيبة بالتحريك عراها
وقد أشرجت العيبة إذا داخلت بين أشراجها ، ومجرة السماء تسمى شرجا ( 3 ) .
تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عمن حدثه عن أبي
عبدالله عليه السلام في خبر إدريس عليه السلام أنه قال ملك الموت : غلظ السماء
الرابعة مسيرة
خمسمائة عام ، ومن السماء الرابعة إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمائة عام ( 4 ) ومن
السماء الثالثة إلى الثانية مسيرة خمسمائة عام وكل سماء وما بينهما كذلك ( 5 )
( الخبر ) .
7 العلل : في خبر يزيد بن سلام أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله : مابال النجوم
تستبين صغارا وكبارا ومقدار ( 6 ) النجوم كلها سواء ؟ قال : لان بينها وبين سماء
الدنيا بحارا يضرب الريح أمواجها فلذلك تستبين صغارا وكبارا ومقدار النجوم
كلها سواء ( 7 ) ( الخبر ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الاحتجاج : 138 .
( 2 ) القاموس : ج ، 1 ص 195 .
( 3 ) الصحاح : ج 1 ، ص 324 .
( 4 ) في المصدر : وغلظ السماء الثالثة خمسمائة عام .
( 5 ) تفسير القمى : 412 .
( 6 ) في المصدر : ( ومقدارها سواء ) وهو الصحيح ظاهرا ، أى حالكون مقدارها سواء .
( 7 ) علل الشرائع : ج 2 ، ص 156 .
[ 91 ]
بيان : لعل غرض السائل السؤال عن علة كون النجم الواحد يرى في بعض
الاحيان أصغر وفي بعضها أكبر مع أن مقداره في جميع الاحوال واحد كما أن كلا
من الشمس والقمر إذا كان عند الافق أو قريبا منه يرى أكبر منه إذا كان في قريب
سمت الرأس لكثرة الابخرة وانعطاف الاشعة البصرية عند وصولها إلى الملا الغليظ
كما بين في علم المناظر ، ويحتمل أن تكون البحار كناية عن الابخرة .
تفسير على بن ابراهيم : عن أبيه ويعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن
بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام هذه
النجوم ( 1 )
التي في السماء مدائن مثل المدائن التي في الارض مربوطة كل مدينة إلى عمود من
نور ، طول ذلك العمود في السماء مسيرة مأتين وخمسين سنة ( 2 ) .
أقول : سيجيئ خبر الحسين بن خالد عن الرضا عليه السلام في باب صفة الارضين .
9 التوحيد : عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن
أحمد الاشعري ، عن السياري ، عن عبدالله بن حماد ، عن جميل ، قال : سألت أبا
عبدالله عليه السلام هل في السماء بحار ؟ قال : نعم ، أخبرني أبي عن أبيه عن جده
عليهم السلام
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن في السماوات السبع لبحارا عمق أحدها
مسيرة
خمسمائة عام ( 3 ) ( الخبر ) .
10 منتخب البصائر : عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن الحسين ، عن علي بن
الريان ، عن عبيدالله بن عبدالله الدهقان ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال :
سمعته
يقول : إن لله خلف هذه النطاق زبر جدة خضراء منها اخضرت السماء . قلت : وما
النطاق ؟ قال : الحجاب ، ولله عزوجل وراء ذلك سبعون ألف عالم أكثر من عدد
الجن والانس وكلهم يلعن فلانا وفلانا .
11 ارشاد المفيد : روى أبوبصير عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل أنه
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : لهذه النجوم .
( 2 ) تفسير القمى : 554 .
( 3 ) التوحيد : 204 .
[ 92 ]
قال : إذا قام القائم عليه السلام سار إلى الكوفة ، فهدم بها أربعة مساجد ، ولم يبق
مسجد
على أهل الارض ( 1 ) له شرف ( 2 ) إلا هدمها وجعلها جماء ( 3 ) ، ووسع الطريق
الاعظم
وكسر كل جناح خارج عن ( 4 ) الطريق ، وأبطل الكنف والميازيب إلى الطرقات
ولايترك بدعة إلا أزالها ولاسنة إلا أقامها ، ويفتتح قسطنطنية والصين وجبال
الديلم ، فيمكث على ذلك سبع سنين مقدار كل سنة عشر سنين من سنيكم هذه ، ثم
يفعل الله ما يشاء . قال : قلت له : جعلت فداك فكيف تطول السنون ؟ قال : يأمر الله
تعالى الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الايام لذلك والسنون ! قال : قلت له :
إنهم يقولون إن الفلك إن تغير فسد ! قال : ذلك قول الزنادقة ، فأما المسلمون
فلا سبيل لهم إلى ذلك ، وقد شق الله القمر لنبيه صلى الله عليه وآله ، ورد الشمس من
قبله
ليوشع بن نون ، وأخبر بطول يوم القيامة ، وأنه كألف سنة مما تعدون ( 5 ) .
12 كتاب النجوم : روى ابن جمهور العمي في كتاب الواحدة في أوائل
أخبار مولانا الحسن بن علي عليهما السلام من خطبة له في صفة النجوم ما هذا لفظه :
ثم
أجرى في السماء مصابيح ضؤوها في مفتحه وحارثها بها وجال شهابها من نجومها
الدراري المضيئة التي لولا ضوؤها ما أنفذت أبصار العباد في ظلم الليل المظلم
بأهواله
المدلهم بحنادسه ، وجعل فيها أدلة على منهاج السبل لما أحوج إليه الخليقة من
الانتقال والتحول ، والاقبال والادبار .
13 كتاب الغارات : لابراهيم الثقفي بإسناده عن أبي عمران الكندي
قال : سأل ابن الكواء أميرالمؤمنين عليه السلام عن قوله تعالى ( والسماء ذات الحبك
)
قال : ذات الخلق الحسن ، قال فما المجرة ؟ قال يا ويلك سل تفقها ولا تسأل
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : على وجه الارض .
( 2 ) اى ارتفاع واشراف .
( 3 ) اى مستوية ملساء ، ولعل تأنيث الضمير باعتبار الارض .
( 4 ) في المصدر : في الطريق .
( 5 ) ارشاد المفيد : 344 .
[ 93 ]
تعنتا ! يا ويلك سل عما يعنيك قال : فوالله إن ما سألتك عنه ليعنيني ! قال : إنها
شرج السماء ، ومنها فتحت السماء بماء منهمر زمن الغرق على قوم نوح عليه السلام
قال : فكم بين السماء والارض ؟ قال : مد البصر ودعوة بذكر الله فيسمع لانقول
غير ذلك .
بيان : ( لانقول غير ذلك ) أي لانخبر الخلق بمقدار ذلك إذ لا مصلحة لهم في
ذلك ( 1 ) ، فيدل على أن التفكر في أمثال ذلك ممنوع منه ، وليس كما تزعمه الفلاسفة
أنها كمال النفس ولابد للانسان في تحصيل السعادات الابدية من النظر فيها .
14 الغارات : بإسناده عن ابن نباته ، قال : سئل أميرالمؤمنين عليه السلام : كم
بين السماء والارض ؟ قال : مد البصر ودعوة المظلوم . وسئل : كم بين المشرق
والمغرب ؟ قال : يوم طراد الشمس وسئل عن المجرة فقال أبواب السماء فتحها الله
على قوم نوح ثم أغلقها فلم يفتحها . وسئل عن القوس فقال : أمان الارض كلها من
الغرق إذا رأوا ذلك في السماء ( الخبر ) .
بيان : ( يوم طراد ) أي تام ، أو قصير ، أو يوم يجري فيه الشمس . قال في
القاموس : الطريد من الايام الطويل كالطراد ، والطريدان : الليل والنهار ، وككتاب
رمح قصير ، ومطاردة الاقران حمل بعضهم على بعض وهم فرسان الطراد ، واطرد
الامرتبع بعضه بعضا وجرى ( 2 ) ( انتهى ) واعلم أن الحكماء اختلفوا في المجرة
فقيل : احتراق حدث من الشمس في تلك الدائرة في بعض الازمان السالفة .
واورد عليه أنه مخالف لقواعدهم التي منها عدم كون الشمس موصوفة بالحرارة
* ( هامش ) * ( 1 ) ولعل عدم الاخبار لعدم استعداد الناس لفهمه في ذلك الزمان ، أو
لكون السائل
في مقام التعنت والاعياء ، ولو كان التفكر في امثال هذه المعانى ممنوعة والعلم بها
خاليا عن
المصلحة لما حاموا حومها ولنهوا اصحابنهم وخواصهم أن يطوفوا طورها ، كيف وقد تكاثرت
الروايات عنهم بأخبار السماوات وكيفياتها وما بينها إلى غير ذلك ، مضافا إلى ما في
فهم هذه
المعانى من درك عظمة الله تعالى وحكمه وسعة رحمته ومعرفة صفاته وأسمائه ، وسيأتى في
ما
ينقل عن اقوال اجلاء العلماء في النجوم القول باستحباب تعلم الهيئة لذلك .
( 2 ) القاموس : ج 1 ، ص 310 .
[ 94 ]
والاحراق ، ومنها عدم كون الفلك قابلا للتأثر . وقيل : بخار دخاني واقع في
الهواء ، واورد عليه بأنه لوكان كذلك لكان يختلف في الصيف والشتاء وقيل : هي
كواكب صغار متقاربة متشابكة لاتتمايز حسا بل هي لشدة تكاثفها وصغرها صارت
كأنها لطخات سحابية وهذا أقرب الوجوه ( 1 ) .
15 العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم : معنى السماء أنها ارتفعت أي سمعت
من السمو ، ومعنى الارض أنها انخفضت ، وكل شئ انخفض فهو أرض .
16 النهج : قال عليه السلام اللهم رب السقف المرفوع ، والجو المكفوف ، الذي
جعلته مغيضا لليل والنهار ، ومجرى للشمس والقمر ، ومختلفا للنجوم السيارة ، و
جعلت سكانه سبطا من ملائكتك ، لايسأمون من عبادتك ، ورب هذه الارض التي
جعلتها قرارا للانام ، ومدرجا للهوام ، والانعام ، ومالا يحصى مما يرى ومما
لايرى ، ورب الجبال الرواسي التي جعلتها للارض أوتادا ، وللخلق اعتمادا ( 2 ) .
بيان : السقف المرفوع السماء ، والجو الهواء وما بين السماء والارض ، و
كفه أي جمعه وضم بعضه إلى بعض ، وفسر بعضهم الجو المكفوف بالسماء أيضا
والظاهر أن المراد به هنا الهواء بين السماء والارض فإنه مكفوف بالسماء ، وقد
ورد في الدعاء ( وسد الهواء بالسماء ) وغاض الماء يغيض غيضا : نضب وقل ، وكون
السماء مغيضا لليل والنهار والشمس والقمر ظاهر لانها فيها تغيب ، وأما الجو
المكفوف فإن فسر بالسماء فظاهر أيضا ، وإن فسر بالهواء فلكون آثارها تظهر فيه
ويرى بحسب الحس كذلك ، وقيل : المراد به الهواء والفضاء بين السماوات فإنه
مكفوف بها ، ويمكن حمله على البعد الموجود أو الموهوم الذي هو مكان الفلك ، و
كفها تحديدهاو ضبطها بالسماوات ، ويمكن جعل الموصول صفة لمجموع السقف
والجو لاتصالهما بعد هما شيئا واحدا ، فإن المجموع محل لتلك الآثار والاجرام
في الجملة ومختلفا للنجوم السيارة . وقال ابن ميثم : المراد بالجو السماء ، وكونه
* ( هامش ) * ( 1 ) واليه انتهى نظر المتأخرين من الفلكيين .
( 2 ) النهج : ج 1 ، ص 318 ، 319 .
[ 95 ]
مغيضا لليل والنهار لان الفلك بحركته المستلزمة لحركة الشمس على وجه الارض
يكون سببا لغيبوبة الليل وعن وجهها لغيبوبة النهار ، فكان كالمغيض لهما ، وقيل :
جعلته مغيضا أي غيضة لهما ، وهي في الاصل الاجمة كما يجتمع فيها الماء فتسمى
غيضة وينبت فيها الشجر ، كأنه جعل الفلك كالغيضة والليل والنهار كالشجر النابت
فيها . وقال الكيدري في شرحه المغيض : الموضع الذي يغيض فيه الماء أي ينضب
ويقل ، وجعل السماء والفلك مغيضا لليل والنهار مجازا أي ينقص الله الليل مرة
والنهار اخرى وإن زاد في الآخر ، وذلك بحسب جريان الشمس . وقال : الجو
المكفوف كأنه أراد الهواء المحدود الذي ينتهي حده إلى السماء ، والجو ما بين
السماء والارض كأنه كف أى منع من تجاوز حديه . وقال أبوعمرو : الجو ما اتسع
من الاودية ، وكل مستدير فهو كفة بالكسر كأنه أراد الهواء الذي هو على
هيئة المستدير ، لانه داخل الفلك الكروي الشكل ، أو أراد بالجو الفلك العريض
الواسع وبالمكفوف ما كان عليه كفة من المجرة والنيرات فيكون من كفة الثوب
أو أراد بالمكفوف الفلك المحكم الخلق الشديد المتبرئ عن الخلل والفطور من قولهم
( عيبة مكفوفة ) أي مشرجة مشدودة ( انتهى ) .
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 95 سطر 15 إلى صفحه 103 سطر 15
والاختلاف : التردد ، وحمله على اختلاف الفصول بعيد . والسبط بالكسر
الامة والقبيلة .
( لايسأمون ) أي لا يملون ( قرارا ) أي محل استقرار ، ودرج كقعد أي :
مشى . والهوام : الحشرات . وقال ابن ميثم : قال بعض العلماء : من أراد أن يعرف
حقيقة قوله عليه السلام ( مما يرى ومما لا يرى ) فليوقد نارا صغيرة في فلاة في ليلة
صيفية
وينظر ما يجتمع عليها من غرائب أنواع الحيوان العجيبة الخلق لم يشاهدها هو ولا
غيره . وأقول : يحتمل أن يراد ما ليس من شأنه الرؤية لصغره أو لطافته كالملك
والجن . والاعتماد : الاتكاء والاتكال ، إذا لجبال مساكن لبعضهم ومنها تحصل
منافعهم .
17 النهج : عن نوف البكالي عن أميرالمؤمنين عليه السلام أنه قال في خطبة :
[ 96 ]
فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد ، قائمات بلاسند ، دعاهن فأجبن
طائعات مذعنات ، غير متلكئات ولا مبطئات ، ولو لا إقرارهن له بالربوبية ، وإذعانهن
بالطواعية لما جعلهن موضعا لعرشه ، ولا مسكنا لملائكة ، ولا مصعدا للكلم الطيب
والعمل الصالح من خلقه ، جعل نجومها أعلاما يستدل بها الحيران ، في مختلف
فجاج الاقطار ، لم يمنع ضوء نورها ادلهمام سجف الليل المظلم ، ولا استطاعت
جلابيب سواد الحنادس أن ترد ما شاع في السماوات من تلالؤ نور القمر ( 1 ) ( إلى
آخر الخطبة ) .
توضيح : المراد بشواهد الخلق آيات الابداع وعلامات التدبير المحكم ، أو
ما يشهد من الخلق بوجوده سبحانه وتدبيره وعلمه ، أو ما حضر من خلقه أي ظهر وجوده
بحيث لا يمكن لاحد إنكاره من علامات التدبير . ووطدت كودعدت أطدها طدة
ووطدتها توطيدا : إذا أثبتها بالوطء أو غيره حتى تتصلب ، وتوطيد السماوات
إحكام خلقها وإقامتها في مقامها على وفق الحكمة . والعمد بالتحريك : جمع
عماد بالكسر وهو ما يسند به ، أو جمع عمود . والسند بالتحريك : ما استندت إليه
واتكأت من حائط وغيره ، والطائع : المنقاد السلس . وأذغن أي انقاد ولم يستعص
وتلكأ : أي توقف واعتل . والطواعية كثمانية : الطاعة ، ولعل المراد بالملائكة
المقربون أو الاكثر ، لان منهم من يسكن الهواء والارض والماء ، وصعود الكلم
الطيب والعمل الصالح صعود الكتبة بصحائف أعمال العباد إلى السماوات ، وفيه إشارة
إلى قوله سبحانه ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ( 2 ) ) وإجابتهن
إشارة
إلى قوله تعالى ( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا
أوكرها قالتا أتينا طائعين ( 3 ) ) وقد مر الكلام في تأويل الآية ، وقيل : هنا
إقرارهن
بالربوبية له راجع إلى شهادة حال الممكن للحاجة إلى الرب والانقياد لحكم
* ( هامش ) * ( 1 ) النهج : ج 1 ص 339 و 340
( 2 ) فاطر : 10 .
( 3 ) فصلت : 11 .
[ 97 ]
قدرته ، وظاهر أنه لولا إمكانها وانفعالها عن قدرته وتدبيره لم يكن فيها عرش ولم
يكن مسكنا للملائكة ولا مصعدا للكلم الطيب والعمل الصالح من الخلق ( انتهى ) .
وأما تخصيصه عليه السلام السماوات بالطاعة مع اشتراك الارض لها في ذلك في الآية
فلعله
لكونها أكثر طاعة لكون ما دتها أقبل أو لشرفها . والعلم بالتحريك : ما يهتدى به
والمختلف : الاختلاف أي التردد ، أو موضعه ، أو هومن المخالفة . والفج : الطريق
الواسع بين جبلين ، والقطر : الجانب والناحية ، فالمعنى : يستدل بها الحيارى في
التردد في فجاج الاقطار ، أو في اختلاف الفجاج الموجودة في الاقطار ، وذهاب كل
منها إلى جهة غير ما يذهب إليه الآخر كاختلاف القوم في الآراء . والسجف بالكسر
وبالفتح : الستر ، والجلبات بالكسر : ثوب واسع تغطي به المرأة ثيابها
كالملحفة ، وقيل : هو الخمار ، وقيل : القميص . والحندس كزبرج : الشديد
الظلمة ، وشاع الشئ يشيع أي ظهر وذاع وفشا ، وتلالا القمر والبرق أي لمع .
18 كتاب المثنى بن الوليد الحناط : عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه السلام
قال : سألته عن السماوات السبع ، فقال : سبع سماوات ليس منها سماء إلا وفيها
خلق ، وبينها وبين الاخرى خلق ، حتى ينتهي إلى السابعة . قلت : والارض ؟
قال : سبع ، منهن خمس فيهن خلق من خلق الرب ، واثنتان هواء ( 1 ) ليس
فيهما شئ .
19 كتاب زيد النرسى : عن أبي عبدالله عليه السلام قال : إذا نظرت إلى السماء
فقل وذكر الدعاء إلى قوله اللهم رب السقف المرفوع ، والبحر المكفوف ، و
الفلك المسجور ، والنجوم المسخرات ، ورب هور بن إيسية صل على محمد وآل محمد
وعافني من كل عقرب وحية إلى آخر الدعاء قال : قلت : وما ( هور بن
* ( هامش ) * ( 1 ) ان كان المراد بالهواء الجسم اللطيف المعروف كان المراد
بالارضين الاجسام المنحفضة
بالنسبة إلى السماوات سواء كانت كثيفة كالتراب او لطيفة كالهواء ، وان كان المراد
به ( الشئ
الخالى ) كما انه من معانيه وربما يؤيده قوله بعده ( ليس فيها شئ ) فيمكن اخذ الارض
بمعناها المعروف .
[ 98 ]
إيسية ) قال : كوكبة في السماء خفية تحت الوسطى من الثلاث الكواكب التي في
بنات نعش المتفرقات ، ذلك أمان ما قلت .
20 الدرر المنثور : نقلا من سبعة من كتبهم عن ابن مسعود قال : ما بين
السماءو الارض مسيرة ( 1 ) خمسمائة عام ، وما بين كل سمائين خمسمائة عام ، وغلظ
كل سماء وأرض مسيرة خمسمائة عام ، وما بين السماء السابعة إلى الكرسي مسيرة
خمسمائة عام ، وما بين الكرسي والماء مسيرة خمسمائة عام ، والعرش على الماء ( 2 ) .
21 الكافى : عن علي بن إبراهيم ، عن صالح بن السندي ، عن جعفر
بن بشير ، عن عنبسة ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله عز ذكره إذا
أراد فناء دولة قوم أمر الفلك فأسرع السير فكانت على مقدار ما يريد ( 3 ) .
بيان : أمر الفلك لعله كناية عن تسبيب أسباب زوال دولتهم على الاستعارة
التمثيلية ، ويحتمل أن يكون لكل دولة فلك سوى الافلاك المعروفة الحركات
وقد قدر لدولتهم عدد من الدورات فإذا أراد الله إطالة مدتهم أمر بإبطائه في الحركة
وإذا أراد سرعة فنائها أمر بإسراعه .
22 الكافى : عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبدالرحمن بن
أبي هاشم ، عن عنبسة بن بجاد العابد ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال :
كنا عنده وذكروا سلطان بني امية فقال أبوجعفر عليه السلام : لا يخرج على هشام
أحد إلا قتله . قال : وذكر ملكه عشرين سنة ، قال : فجزعنا فقال : مالكم ؟ إذا
أراد الله عزوجل أن يهلك سلطان قوم أمر الملك فأسرع بسير الفلك فقدر على
ما يريد ( 4 ) ( الخبر ) .
23 توحيد المفضل : قال : قال الصادق عليه السلام : فكر يا مفضل في النجوم
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : بين السماء والارض خمسمائة عام .
( 2 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 44 .
( 3 ) روضة الكافى : 163 .
( 4 ) روضة الكافى : 394 .
[ 99 ]
واختلاف مسيرها ، فبعضها لاتفارق مراكزها من الفلك ولا تسير إلا مجتمعة ، وبعضها
مطلقة تنتقل في البروج وتفترق في مسيرها ، فكل واحد منها يسير سيرين مختلفين :
أحدهما عام مع الفلك نحو المغرب ، والآخر خاص لنفسه نحو المشرق ، كالنملة
التي تدور على الرحى ، فالرحى تدور ذات اليمين ، والنملة تدرو ذات الشمال ، و
النملة في تلك تتحرك حركتين مختلفين : إحديهما بنفسها فتتوجه أمامهاو الاخرى
مستكرهة مع الرحى تجذبها إلى خلفها ، فاسأل الزاعمين أن النجوم صارت على
ماهي عليه بالاهمال من غير عمد ولا صانع لها ما منعها أن تكون كلها راتبة أو تكون
كلها متنقلة ؟ فإن الاهمال معنى واحد فكيف صار يأتي بحركتين مختلفتين على
وزن وتقدير ؟ ففي هذا بيان أن مسير الفريقين على ما يسيران عليه بعهد وتدبير
وحكمة وتقدير وليس بإهمال كما تزعمه المعطلة .
فان قال قائل : ولم صار بعض النجوم راتبا وبعضها متنقلا ؟ قلنا : إنها لو
كانت كلها راتبة لبطلت الدلالات التي يستدل بها من تنقل المتنقلة ومسيرها في
كل برج من البروج ، كما قد يستدل على أشياء مما يحدث في العالم بتنقل الشمس
والنجوم في منازلها ، ولو كانت كلها متنقلة لم يكن لمسيرها منازل تعرف ولارسم
يوقف عليه ، لانه إنما يوقف بمسير المتنقلة منها لتنقلها في البروج الراتبة ، كما
يستدل على سير السائر على الارض بالمنازل التي يجتاز عليها ، ولو كان تنقلها بحال
واحدة لاختلط نظامها وبطلت المآرب فيها ، ولساغ لقائل أن يقول : إن كينونيتها
على حال واحدة توجب عليها الاهمال من الجهة التي وصفنا ، ففي اختلاف سيرها
وتصرفها وما في ذلك من المآرب والمصلحة أبين دليل على العمد والتدبير فيها .
فكر في هذه النجوم التي تظهر في بعض السنة وتحتجب في بعضها كمثل ثريا
والجوزاء ، والشعريين ، وسهيل ، فإنها لوكانت بأسرها تظهر في وقت واحد لم تكن
لواحد فيها ( 1 ) على حياله دلالات يعرفها الناس ، ويهتدون بها لبعض امورهم
كمعرفتهم
الآن بما يكون من طلوع الثور والجوزاء إذا طلعت ، واحتجابها إذا احتجبت
* ( هامش ) * ( 1 ) منها ( خ ) .
[100]
فصار ظهور كل واحد واحتجابه في وقت غير الوقت الآخر لينتفع الناس بما يدل
عليه كل واحد منها على حدته ، وكما جعلت الثريا وأشباهها تظهر حينا وتحجب
حينا لضرب من المصلحة كذلك جعلت بنات النعش ظاهرة لاتغيب لضرب آخر من
المصلحة ، فإنها بمنزلة الاعلام التي يهتدي بها الناس في البر والبحر للطرق
المجهولة ، وذلك أنها لا تغيب ولا تتوارى فهم ينظرون إليها متى أرادوا أن يهتدوا
بها إلى حيث شاؤوا ، وصار الامران جميعا على اختلافهما موجهين نحو الارب
والمصلحة ، وفيها مآرب اخرى : علامات ودلالات على أوقات كثيرة من الاعمال
كالزراعة والغراس والسفر في البر والبحر ، وأشياء مما يحدث في الازمنة من الامطار
والرياح والحر والبرد ، وبها يهتدي السائرون في ظلمة الليل لقطع القفار الموحشة
واللجج الهائلة ، مع ما في ترددها في كبد السماء مقبلة ومدبرة ومشرقة ومغربة من
العبر ، فإنها تسير أسرع السير وأحثه ، أرأيت لو كانت الشمس والقمر والنجوم بالقرب
منا حتى يتبين لنا سرعة سيرها بكنه ما هي عليه ألم تكن ستخطف الابصار بوهجها
وشعاعها ، كالذي يحدث أحيانا من البروق إذا توالت واضطربت في الجو ، وكذلك
أيضا لو أن اناسا كانوا في قبة مكللة بمصابيح تدور حولهم دورانا حثيثا لحارت
أبصارهم حتى يخروا لوجوههم ، فانظر كيف قدر أن يكون مسيرها في البعد البعيد
لكيلا تضر في الابصار ، وتنكأفيها ، وبأسرع السرعة لكيلا تتخلف عن مقدار الحاجة
في مسيرها ، وجعل فيها جزء يسير من الضوء ليسد مسد الاضواء إذا لم يكن قمر
ويمكن فيه الحركة إذا حدثت ضرورة ، كما قد يحدث الحارث على المرء فيحتاج
إلى التجافي في جوف الليل ، وإن لم يكن شئ من الضوء يهتدى به لم يستطع أن
يبرح مكانه ، فتأمل اللطف والحكمة في هذا التقدير حين جعل للظلمة دولة ومدة
لحاجة إليها ، وجعل خلالها شئ من الضوء للمآرب التي وصفنا .
فكر في هذا الفلك بشمسه وقمره ونجومه وبروجه تدور على العالم [ في ] هذا الدوران
الدائم بهذا التقدير والوزن لما في اختلاف الليل والنهار وهذه الازمان الاربعة
المتوالية على الارض وما عليها من أصناف الحيوان والنبات من ضروب المصلحة كالذي
[101]
بينت ولخصت لك آنفا ، وهل يخفى على ذي لب أن هذا تقدير مقدر وصواب
وحكمة من مقدر حكيم ؟ فإن قال قائل : إن هذا شئ اتفق أن يكون هكذا فما
منعه أن يقول مثل هذا في دولاب تراه يدور ويسقي حديقة فيها شجر ونبات ، فترى
كل شئ من آلته مقدرا بعضه يلقى بعضا على ما فيه صلاح تلك الحديقة وما فيها
وبم كان يثبت هذا القول لو قاله ؟ وما ترى الناس كانوا قائلين له لو سمعوه منه ؟
فينكر أن يقول في دولاب خشب ( 1 ) مصنوع بحيلة قصيرة لمصلحة قطعة من الارض
أنه كان بلا صانع ومقدر ، ويقدر أن يقول في هذا الدولاب الاعظم المخلوق بحكمة
يقصر عنها أذهان البشر لصلاح جميع الارض وما عليها أنه شئ اتفق أن يكون بلا
صنعة ولا تقدير لو اعتل هذا الفلك كما تعتل الآلات التي تتخذ للصناعات وغيرها
أي شئ كان عند الناس من الحيلة في إصلاحه .
بيان : قوله عليه السلام ( لاتفارق مراكزها ) لعل المراد أنه ليس لها حركة بينة
ظاهرة كما في السيارات ، أولا يختلف نسب بعضها إلى بعض بالقرب والبعد بأن
تكون الجملة التالية مفسرة لها ، ويحتمل أن يكون المراد بمراكزها البروج التي
تنسب إليها على ما هو المصطلح بين العرب من اعتبار محاذاة تلك الاشكال في الانتقال
إلى البروج وإن انتقلت عن مواضعها ، وعليه ينبغي أن يحمل قوله عليه السلام ( وبعضها
مطلقة ينتقل في البروج ) أو على ما ذكرنا سابقا من كون انتقالها في البروج ظاهرة
بينة يعرفه كل أحد ، والاول أظهر كما سيظهر من كلامه عليه السلام .
قوله عليه السلام ( فإن الاهمال معنى واحد ) يحتمل أن يكون المراد أن الطبيعة
أو الدهر اللذين يجعلونهما أصحاب الاهمال مؤثرين كل منهما أمر واحد غير ذي
شعور وإرادة ، ولا يمكن صدور الامرين المختلفين عن مثل ذلك كما مر ، أو
المراد أن العقل يحكم بأن مثل هذين الامرين المتسقين الجاريين على قانون
الحكمة لايكون إلا من حكيم راعى فيهما دقائق الحكم ، أو المراد أن الاهمال
أي عدم الحاجة إلى العلة وترجح الامر الممكن من غير مرجح كما تزعمون أمر
* ( هامش ) * ( 1 ) خسيس ( خ ) .
[102]
واحد حاصل فيهما فلم صارت إحديهما راتبة والاخرى متنقلة ولم لم يعكس الامر ؟
والاول أظهر كما لا يخفى . قوله عليه السلام ( لبطلت الدلالات ) ظاهره كون الاوضاع
النجومية علامات الحوادث . قوله عليه السلام ( في البروج الراتبة ) ) يدل ظاهرا على
ما
أشرنا إليه من أنه عليه السلام راعى في انتقال البروج محاذاة نفس الاشكال ، وإن
أمكن
أن يكون المراد بيان حكمة بطء الحركة ليصلح كون تلك الاشكال علامات للبروج
ولو بقربها منها لكنه بعيد . قوله عليه السلام ( والشعريين ) قال الجوهري : الشعرى
الكوكب الذي يطلع بعد الجوزاء وطلوعه في شدة الحر ، وهما الشعريان : الشعرى
العبور التي في الجوزاء ، والشعرى القميصاء التي في الذراع ، تزعم العرب أنهما
اختا سهيل ( انتهى ) والقفار جمع قفر وهو الخلا من الارض ، وخطف البرق البصر :
ذهب به . ووهج النار بالتكسين : توقدها ، وقوله ( حثيثا ) أي مسرعا ، وتجافى :
أي لم يلزم مكانه ، وبرح مكانه : زال عنه .
24 المتهجد : في تعقيب صلاة أميرالمؤمنين عليه السلام : وأسألك باسمك الذي
أجريت به الفلك ، فجعلته معالم شمسك وقمرك ، وكتبت اسمك عليه .
25 الدر المنثور : للسيوطي نقلا من تسعة عشر من كتبهم عن العباس
ابن عبدالمطلب قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وآله فقال : هل تدرون كم بين
السماء
والارض ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم قال : بينهما مسيرة خمسمائة عام ، ومن كل
سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام ، وكثف كل سماء خمسمائة سنة ، وفوق السماء
السابعة بحربين أعلاه وأسفله كما بين السماء والارض ، ثم فوق ذلك ثمانية أو عال
بين ركبهن ( 1 ) وأضلافهن كما بين السماء والارض ثم فوق ذلك العرش بين أسفله
وأعلاه كما بين السماء والارض ( 2 ) .
26 ومن عدة كتب بأسانيدهم عن أبي ذر ره قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله :
ما بين السماء والارض مسيرة خمسمائة عام وغلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام ، وما
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : بين وركهن .
( 2 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 43 .
[103]
بين السماء إلى التي تليها مسيرة خمسمائة عام ، كذلك إلى السماء السابعة ، والارضون
مثل ذلك ، وما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك . ولو حفرتم لصاحبكم
ثم دليتموه لوجدتم الله ثمة يعني علمه ( 1 ) .
27 وبأسانيد اخرى عن النبي صلى الله عليه وآله قال : كنا جلوسا مع رسول الله صلى
الله عليه وآله
فمرت سحابة فقال : أتدرون ما هذه ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذه الغيابة
يسوقها الله إلى أهل بلد لايعبدونه ، ولا يشكرونه ! هل تدرون ما فوق ذلك ! قالوا :
الله ورسوله أعلم . قال : فإن فوق ذلك موج مكفوف وسقف محفوظ ، هل تدرون
ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن فوق ذلك سماء اخرى ، هل
تدرون كم ما بينهما ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن بينهما مسيرة خمسمائة
عام حتى عدد سبع سماوات بين كل سمائين مسيرة خمسمائة عام ثم قال : هل
تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن فوق ذلك العرش ، فهل
تدرون كم ما بينهما ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإن بين ذلك كما بين
السمائين
ثم قال : هل تدرون ما هذه ؟ هذه أرض ، هل تدرون ما تحتها ؟ قالوا : الله ورسوله
أعلم ، قال : أرض اخرى ، وبينهما مسيرة خمسمائة عام ، حتى عد سبع أرضين بين
كل أرضين مسيرة خمسمائة عام ( 2 ) .
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 103 سطر 16 إلى صفحه 111 سطر 16
28 وعن عبدالله بن عمر أنه نظر إلى السماء فقال : تبارك الله ! ما أشد
بياضها ، والثانية أشد بياضا منها ، ثم كذلك حتى بلغ سبع سماوات ، وخلق فوق
السابعة الماء ، وجعل فوق الماء العرش ، وجعل فوق السماء الدنيا الشمس والقمر
النجوم والرجوم ( 3 ) .
29 وعن ابن عباس قال : قال رجل : يا رسول الله ما هذا السماء ؟ قال :
هذا موج مكفوف عنكم ( 4 ) .
30 وعن الربيع بن أنس قال : السماء الدنيا موج مكفوف ، والثانية مرمرة
* ( هامش ) * ( 1 4 ) الدر المنثور : ج 1 ص 44 .
[104]
بيضاء ، والثالثة حديد ، والرابعة نحاس ، والخامسة فضة ، والسادسة ذهب ، والسابعة
ياقوتة حمراء ، وما فوق ذلك صحاري من نور ، وما يعلم ( 1 ) مافوق ذلك إلا الله ، و
ملك موكل بالحجب يقال له ( ميطاطروش ) ( 2 ) .
31 وعن سلمان الفارسي ره قال : السماء الدنيا من زمردة خضراء
اسمها ( رفيعا ) والثانية من فضة بيضاء واسمها ( أذقلون ) والثالثة من ياقوتة حمراء
واسمها ( قيدوم ) والرابعة من درة بيضاء واسمها ( ماعونا ) ( 3 ) والخامسة من ذهبة
حمراء واسمها ( ( ديقا ) والسادسة من ياقوتة صفراء واسمها ( دفنا ) والسابة من نور
واسمها ( عربيا ( 4 ) .
32 وعن علي عليه السلام قال : اسم السماء الدنيا رفيع ، واسم السابعة الضراح ( 5 )
.
33 وعن ابن عباس قال : سيد السماوات السماء التي فيها العرش وسيد
الارضين الارض التي أنتم عليها ( 6 ) .
34 وعن الشعبي قال : كتب ابن عباس إلى أبي الجحدر حين سأله عن
السماء من أي شي هي فكتب إليه : إن السماء من موج مكفوف ( 7 ) .
35 وعن حبة العرني ( 8 ) قال : سمعت عليا عليه السلام ذات يوم يحلف :
والذي خلق السماء من دخان وماء ( 9 ) .
36 وعن كعب قال : السماء أشد بياضا من اللبن ( 10 ) .
37 وعن سفيان الثوري قال : تحت الارضين صخرة بلغنا أن تلك الصخرة
منها خضرة السماء ( 11 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : ولايعلم .
( 2 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 44 .
( 3 ) ماحونا ( خ ) .
( 4 7 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 44 .
( 8 ) في المصدر ، عن حمة العوفى .
( 9 11 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 44 .
[105]
38 وعن قتادة في قوله ( فسويهن سبع سماوات ) قال : بعضهن فوق بعض
بين كل سمائين مسيرة خمسمائة عام ( 1 ) .
39 وعن ابن جبير قال : إن هرقل كتب إلى معاوية وقال : إن كان بقي
فيهم شئ من النبوة فسيخبروني عما أسألهم عنه ، قال : وكتب إليه يسأله عن المجرة
وعن القوس وعن البقعة التي لم تصبها الشمس إلا ساعة واحدة . قال فلما أتى معاوية
الكتاب والرسول قال : إن هذا شئ ما كنت أظن أن اسأل عنه إلى يومي هذا !
من لهذا ؟ قالوا : ابن عباس . فطوى معاوية كتاب هرقل وبعث به إلى ابن عباس
فكتب إليه أن القوس أمان لاهل الارض من الغرق ، والمجرة باب السماء الذي
يشق منه ، وأما البقعة التي لم تصبها الشمس إلا ساعة من نهار فالبحر الذي افرج
من بني إسرائيل ( 2 ) .
40 وعن أبي صالح في قوله ( كانتارتقا ففتقناهما ) قال : كانت السماء واحدة
ففتق منها سبع سماوات ، وكانت الارض واحدة ففتق منها سبع أرضين ( 3 ) .
41 وعن الحسن وقتادة قالا : كانتا جميعا ففصل الله بينهما بهذا الهواء ( 4 ) .
42 وعن ابن جبير قال : كانت السماوات والارضون ملتزقتين ، فلما رفع
الله السماء وأبعدها ( 5 ) من الارض فكان فتقها الذي ذكر الله ( 6 ) .
43 وعن ابن عباس في قوله تعالى ( والسماء ذات الحبك ) قال : حسنها
واستواؤها ( 7 ) .
44 وروي عنه أيضا أنه قال : ذات البهاء والجمال ، وأن بنيانها كالبرد
المسلسل ( 8 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 44 .
( 2 ) الدر المنثور : ج 1 ، ص 69 .
( 3 و 4 ) الدر المنثور : ج 4 ، ص 317 .
( 5 ) في المصدر : وابتزها .
( 86 ) الدر المنثور : ج 4 ، ص 317 .
[106]
45 وفي رواية اخرى عنه : ذات طرائق والخلق الحسن ( 1 ) .
46 وعن علي عليه السلام قال : هي السماء السابعة ( 2 ) .
47 وعن عكرمة : ذات الخلق الحسن محبكة بالنجوم ( 3 ) .
48 وعن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل أميرالمؤمنين عليا عليه السلام عن
المجرة فقال : هي شجر ( 4 ) السماء ، ومنها فتحت أبواب السماء بماء منهمر ، ثم قرأ
( ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر ( 5 ) ) .
49 وعن ابن عباس في قوله ( في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) قال :
منتهى أمره من أسفل الارضين إلى منتهى أمره من فوق سبع سماوات مقداره خمسين
ألف سنة ، ويوم كان مقداره ألف سنة يعني بذلك ينزل ( 6 ) الامر من السماء إلى
الارض ومن الارض إلى السماء في يوم واحد ، فذلك مقداره ألف سنة ، لان ما بين
السماء والارض مسيرة خمسمائة عام ( 7 ) .
50 وعنه أيضا قال : غلظ كل أرض خمسمائة عام ، وبين كل أرض إلى
أرض خمسمائة عام ، ومن السماء إلى السماء خمسمائة عام ، وغلظ كل سماء خمسمائة
عام ، فذلك أربعة عشر ألف عام ، وبين السماء وبين العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف
عام ، فذلك قوله ( في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ( 8 ) ) .
51 وعن وهب قال : مقدار ما بين أسفل الارض إلى العرش خمسون ألف
سنة ( 9 ) .
52 وعن الحسن في قوله ( سبع سماوات طباقا ) قال : بعضهن فوق بعض
* ( هامش ) * ( 1 ) الدر المنثور ج 4 ص 317 .
( 2 و 3 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 112 .
( 4 ) الظاهر انه مصحف ( شرج )
( 5 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 134 .
( 6 ) في المصدر : نزول الامر .
( 97 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 264 .
[107]
كل سماء وأرض خلق وأمر ( 1 ) .
53 وعن أبى ذر قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله ( هل أتى على الانسان )
حتى ختمها ، ثم قال : إني أرى ما لاترون ، وأسمع مالا تسمعون ، أطت السماء
وحق لها أن تئط ! ما فيها موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك واضع جبهته ساجدا
لله ، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ، وما تلذذتم بالنساء
على
الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجارون إلى الله عزوجل ( 2 ) .
54 وعن علي عليه السلام قال : السقف المرفوع السماء ، والبحر المسجور بحر
في السماء تحت العرش ( 3 ) .
بيان : قال في النهاية : الوعول والاوعال تيوس الجبل ، واحدها ( وعل )
بكسر العين ، ومنه الحديث في تفسير قوله تعالى ( ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ
ثمانية ) قيل ثمانية أو عال أي ملائكة على صورة الاوعال ( 4 ) ( انتهى ) . قوله
( لوجدتم الله ثمة ) أي نسبته سبحانه إلى العرش وتحت الثرى وجميع الاماكن
متساوية من حيث عدم حصوله بذاته في شئ منها ، وإحاطة علمه وقدرته بجميعها .
وقال الطيبي : فيما رووا ( لو دليتم بحبل إلى الارض السفلى لهبط على الله ) دليتم
أي أرسلتم ، وعلى الله أي على علمه وقدرته وسلطانه وفي النهاية : الغيابة كل شئ
أظل الانسان فوق رأسه كالسحابة وغيرها ( انتهى ) . موج مكفوف قال الطيبي :
أي ممنوع من الاسترسال ، حفظها الله أن تقع على الارض ، وهي معلقة بلا عمد كالموج
المكفوف .
55 الدر المنثور : عن علي عليه السلام في قوله ( فلا اقسم بالخنس ) قال :
هي الكواكب تكنس بالليل وتخنس بالنهار فلا ترى ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 268 .
( 2 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 297 .
( 3 ) الدر المنثور : ج 6 ، 118 .
( 4 ) النهاية : ج 4 ، ص 221 .
( 5 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 320 .
[108]
56 وعن علي عليه السلام في قوله ( فلا اقسم بالخنس ) قال : خمسة أنجم :
زحل ، وعطارد ، والمشتري ، وبهرام ، والزهرة ، ليس في الكواكب شئ يقطع
المجرة غيرها ( 1 ) .
57 وعن ابن عباس قال : الخنس نجوم تجري يقطعن المجرة كما يقطع
الفرس ( 2 ) .
58 وعن ابن عباس في قوله ( بالخنس الجوار الكنس ) قال : هي النجوم
السبعة : زحل ، وبهرام ، وعطارد ، والمشتري ، والزهرة ، والشمس ، والمقر ، خنوسها
رجوعها ، وكنوسها تغيبها بالنهار ( 3 ) .
59 وعن الاعمش قال : كان أصحاب عبدالله يقولون في قوله تعالى ( والسماء
ذات البروج ) ذات القصور ( 4 ) .
60 وعن أبي صالح في قوله ( ذات البروج ) قال النجوم العظام ( 5 ) .
61 وعن جابر عن عبدالله أن النبي صلى الله عليه وآله سئل عن السماء ذات البروج
فقال : الكواكب . وسئل ( 6 ) ( الذي جعل في السماء بروجا ) فقال : الكواكب .
قيل : فبروج مشيدة ؟ فقال القصور ( 7 ) .
62 وعن قتادة في قوله ( والسماء ذات البروج ) قال : بروجها نجومها
( واليوم الموعود ) قال : يوم القيامة ( وشاهد ومشهود ) قال : يومان عظيمان
عظمهما الله من أيام الدنيا ، كنا نحدث أن الشاهد يوم القيامة ، وأن المشهود
يوم عرفة ( 8 ) .
63 وعن الحسن في قوله ( والسماء ذات البروج ) قال : حبكت بالخلق
الحسن ثم حبكت بالنجوم ( واليوم الموعود ) قال : يوم القيامة ( 9 ) .
* ( هامش ) * ( 1 و 2 و 3 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 320 .
( 4 و 5 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 331 .
( 6 ) في المصدر : وسئل عن ( الذي . .
( 7 9 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 331 .
[109]
64 وعن مجاهد ( والسماء ذات البروج ) قال : ذات النجوم ( وشاهد
ومشهود ) قال : الشاهد ابن آدم ، والمشهود يوم القيامة ( 1 ) .
فائدة : اعلم أن أصحاب الهيئة قالوا : بعد مقعر فلك القمر عن مركز
العالم أحد وأربعون ألفا وتسعمائة وستة وثلاثون فرسخا ، وبعد محدبه الذي هو
مماس لمقعر فلك عطارد بزعمهم خمسة وثمانون ألف فرسخ وسبعمائة فرسخ وثلاث
فراسخ ، وبعد مقعر فلك الزهرة مائتان وخمسة وسبعون ألف فرسخ وثلاثمائة
وثمانون فرسخا ، وبعد مقعر فلك الشمس ألف ألف فرسخ وثمانمائة [ وثمان ]
وأربعون ألف فرسخ وثمانمائة وخمسة وثمانون فرسخا ، وبعد مقعر فلك المريخ
ألف ألف فرسخ وسبعة وعشرون ألف فرسخ ، وتسعمائة وأربع وثلاثون فرسخا وبعد
مقعر فلك المشتري أربعة آلاف ألف فرسخ وسبعمائة وسبعون ألف فرسخ وستمائة
واثنان وسبعون فرسخا ، وبعد مقعر فلك زحل ثلاثة وعشرون ألف ألف فرسخ
وتسعمائة وأحد وتسعون ألف فرسخ ومائتان وخمسة عشر فرسخا ، وبعد مقعر فلك
الثوابت ثلاثة وثلاثون ألف ألف فرسخ خمسمائة ألف وتسعة آلاف فرسخ ومائة
وثمانية وثمانون فرسخا ، وبعد مقعر الفلك الاعلى ثلاثة وثلاثون ألف ألف فرسخ
وخمسمائة وأربعة وعشرون ألف فرسخ وستمائة وتسعة فراسخ ، وبعد محدب الفلك
الاعلى لايعلمه أحد إلا الرب تبارك وتعالى ومن أوحى إليه .
وذكروا أن قطر القمر سبعمائة وأحد وثلاثون فرسخا ، وجرمه سدس سبع
جرم الارض . وقيل : جزء من تسعة وثلاثين جزء منها ، وقطر العطارد مائة وتسعة
فراسخ ، وجرمه جزء من اثني عشر ألف جزء وسبعمائة وتسعة وستين جزء من جرم
الارض ، وقطر الزهرة تسعمائة فرسخ وخمسة وستون فرسخا ، وجرمه ثلث تسع
جرم الارض ، وقيل : جزء من سبعة وثلاثين جزء من الارض ، وقطر الشمس سبعة عشر
ألف فرسخ وخمسمائة وثمانية وستون فرسخا ، وجرمه ثلاثمائة وثمانية وعشرون
ضعف جرم الارض ، وقيل : مائة وستة وستون ضعفا ، وقطر المريخ ثلاثة آلاف
* ( هامش ) * ( 1 ) الدر المنثور : ج 6 ، ص 331 .
[110]
فرسخ وسبعمائة وخمسة وتسعون فرسخا ، وجرمه ثلاثة أضعاف جرم الارض ، وقيل :
مثل الارض ونصفها ، وقطر المشتري أربعة عشر ألف فرسخ وخمسمائة وستة وتسعون
فرسخا ، وجرمه مائة وثمان وثمانون ضعفا من الارض ، وقيل : اثنان وثمانون
ضعفا وربعا منها ، وقطر زحل أربعة عشر ألف فرسخ وأربعمائة وخمسة وثلاثون
فرسخا ، وجرمه مائة واثنان وثمانون ضعفا من الارض ، وقيل : سبع وسبعون
ضعفا ( 1 ) ، والكواكب الغير المرصودة لايعلم عددها إلا الله تعالى وحججه عليهم
السلام ، و
وما رصدوا منها ألف واثنان وعشرون كوكبا ( 2 ) ، فأعظمها على ما ذكره بعضهم
ثمانية وتسعون ضعفا للارض وسدسها ، وأصغرها عشرة أضعاف وثلاث من الارض
وعلى ما ذكره آخرون : أعظمها مائتان واثنان وعشرون ضعفا من الارض ، وأصغرها
ثلاثة وعشرون ضعفا منها ، ورتبوا أقدارها المختلفة في ست مراتب ينقص كل مرتبة
عن صاحبتها في القطر بسدس ، فاوليها أعظمها وفيها خمسة عشر كوكبا ، وفي الثانية
خمسة وأربعون ، وفي الثالثة مائتان وثمانية ، وفي الرابعة أربعمائة وأربعة وسبعون
وفي الخامسة مائتان وسبعة عشر ، وفي السادسة تسعة وأربعون ، وأربعة عشر خارجة
عن المراتب ، تسعة خفية تسمى مظلمة ، وخمسة سحابية كأنها قطعة غيم ، وقد
* ( هامش ) * ( 1 ) قطر القمر عند اصحاب الهيئة الجديدة خمسمائة وتسعة وسبعون فرسخا
، وجرمه سبع
سبع جرم الارض ، وقطر عطارد ثمانمائة وخمسة فراسخ وجرمه جزء من اربعة وعشرين جزء من
جرم الارض ، وقطر الزهرة ألفان وستة عشر فرسخا وجرمها تسعة اعشار جرم الارض ، وقطر
المريخ الف ومائتا فرسخ وجرمه عشر جرم الارض ، وقطر المشترى احد عشر الف فرسخ
وخمسمائة فرسخ وجرمه اكثر من جرم الارض بالف وثلاثمائة ضعف جرمها وهو اكبر السيارات
وقطر زحل عشرة آلاف فرسخ وجرمه أكثر من جرم الارض بتسعمائة وخمسين ضعف جرمها ، كل
ذلك بالتقريب ، ولاجل ما يقع من المسامحة في امثال تلك المحاسبات يحصل اختلافات
كثيرة في
تعيين المقادير ، ولذلك ذكروا في تعيين الاقطار والابعاد اعدادا تختلف مع ما ذكرنا
بكثير .
( 2 ) ما يمكن رؤيته بلا آلة يقرب من ستة آلاف كوكب ، ويمكن رؤية ألفين منها تقريبا
في ليلة واحدة ، واما ما يرى المكبرات العظيمة فتبلغ مئات مليون واما مالم ير بعد
فلا يعلم
عدده الا الله تعالى أومن علمه من لدنه .
[111]
يزاد ثلاثة تسمى ( صفيرة ) ثم توهموا لتعريف هذه الكواكب صورا تكون هي
عليها ، أو فيما بينها ، أو بقربها ، والصور ثمانية وأربعون : إحدى وعشرون في
الشمال
واثنتا عشرة على المنطقة ، وهي صور البروج المشهورة ، وخمس عشرة في الجنوب .
هذا ما ذكروه واستنبطوه من قواعدهم والله تعالى يعلم حقائق الامور .
وقال بعضهم : يسير الفلك الاعظم بمقدار ما يقول أحد ( واحد ) ألفا وسبعمائة
واثنين وثلاثين فرسخا من مقعره ، والله تعالى يعلم ما يسير من محدبه ! وهو أسرع
الحركات ، وحركته من المشرق إلى المغرب ، ويتم في يوم بليلته دورا بالتقريب ، و
قطباه يسميان بقطبي العالم ، ومنطقته تسمى بمعدل النهار ، وهي تقطع العالم
بنصفين : شمالي ، وجنوبي ، والصغار الموازية المرتسمة من تحرك النقاط عن
جنبتيها تسمى بالمدارات اليومية ، وسائر الحركات الخاصة للكواكب من المغرب
إلى المشرق على توالي البروج وأبطأها حركة فلك الثوابت ، ويوافقه جميع
الممثلات ، ويقطع في كل خمسة وعشرين ألفا ومأتي سنة دورا ، ويقطع في كل سنة
عشرة فراسخ ، ومع ذلك لاترى حركتها في قريب من خمسين سنة ، بل ترى في
تلك المدة كأنها ساكنة وقطباه يسميان بقطبي البروج ، ومنطقته بمنطقة البروج
وفلك البروج ، وهي تقطع المعدل على نقطتين تسميان بالاعتدالين : الربيعي
والخريفي ، وأبعدأجزائها عنه بالانقلابين الصيفي والشتوي ، وغاية هذين البعدين
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 111 سطر 17 إلى صفحه 119 سطر 17
من الجانب الاقرب تسمى بالميل الكلي ، وهو بالرصد الجديد ثلاثة وعشرون
جزء وثلاثون دقيقة ، وتنقسم منطقة البروج بهذه النقاط الاربع أرباعا قطع الشمس
لكل منها أحد الفصول الاربعة ، ولها دوائر صغار كالاولى التي تسمى بمدارات
العرض ، وتوهموا في كل ربع من تلك الارباع نقطتين انقسم بها بثلاثة أقسام
متساوية فحصلت البروج الاثنا عشر ، فالحمل والثور والجوزاء ربيعية ، والسرطان
والاسد والسنبلة صيفية ، والميزان والعقرب والقوس خريفية ، والجدي والدلو
والحوت شتوية ، فتحصل بالحركة الخاصة للشمس في هذه البروج ، الفصول
الاربعة في كل سنة ، والقمر يقطع تلك البروج في سبعة وعشرين يوما وليلة وثلث
[112]
تقريبا ، والعطارد والزهرة يقطعانها في سنة تقريبا ، والمريخ يقطعها في سنة وعشرة
أشهر وأحد وعشرين يوما وليلة واثنتين وعشرين ساعة وخمسين دقيقة ، والمشتري
يقطعها في إحدى عشرة سنة وشهرين وثلاثة عشريوما وليلة وإحدى عشرة ساعة
وتسع دقائق وقال المحقق الطوسي ره في اثنتي عشرة سنة تقريبا ، وزحل يقطعها
في ثلاثين سنة ، ويقال للشمس والقمر ( النيران ) ولزحل والمشتري ( العلويان )
ولعطارد والزهرة ( السفليان ) وللمشتري والزهرة ( السعدان ) ولزحل والمريخ
( النحسان ) .
ثم إن القدماء قالوا : كل واحد من أفلاك الكواكب السبعة يشتمل على
أفلاك اخر جزئية مفروزة عن كلها متحركة بحركة اخرى غير حركة الكل
وذلك لانه يعرض لها في حركاتها السرعة والبطء والتوسط بينهما ، وكذا الوقوف
والرجوع والاستقامة ، وقد تكون حركة بعضها متشابهة حول نقطة ، أي يحدث
عندها في أزمنة متساوية زوايا متساوية وقسيا ( 1 ) متساوية ، مع أنه يقر ب منها
تارة
ويبعد عنها اخرى إلى غير ذلك من الاختلافات ، فأثبتوا الفلك الشمس فلكا آخر
شاملا للارض ، مركزه خارج عن مركز العالم مائل إلى جانب من الفلك الكلي
لها بحيث يماس محدب سطحيه السطح الاعلى من الفلك الكلي على نقطة مشتركة
بينهما تسمى ( الاوج ) ومقعر سطحيه السطح الادنى منه على نقطة مشتركة تسمى
( الحضيض ) فيحصل بسبب ذلك جسمان متدرجا الثخن إلى غاية هي ضعف ما بين
المركزين أحدهما حاو للفلك الخارج المركز ، والآخر محوي ، فيه رقة الحاوي
مما يلي الاوج ، وغلظه مما يلي الحضيض ، ورقة المحوي وغلظه بالعكس
يقال لكل منهما ( المتمم ) وجرم الشمس مركوز في ثخن الخارج عند منتصف ما
بين قطبيه مماس لسطحيه على نقطتين ، وأفلاك كل من الكواكب العلوية والزهرة
* ( هامش ) * ( 1 ) القسى بكسر القاف والسين وتشديد الياء : جمع ( قوس ) على فعول ،
فنقلت
الواو إلى موضع السين وابدلت ياء ثم ابدلت واو الجمع ياء وادغمت فيها وكسرت القاف
والسين
لمناسبتها .
[113]
كذلك ، إلا أن لها تداوير مركوزة في خوارجها كارتكاز الشمس وهي فيها يماس
سطح كل سطح تدويره على نقطة ، وكذلك فلك القمر إلا أن له فلكا آخر مركزه
مركز العالم محيطا بالكل يسمى بالجوزهر ، وأما عطارد فمركز فلكه الذي في
ثخنه الخارج غير مركز العالم ويسمى بالمدير ، وهو في ثخن فلكه الكلي الذي
مركزه مركز العالم كالخارج في ثخنه على الرسم المذكور ، فلخ خارجان وأوجان
وحضيضان وأربعة متممات . وتسمى الافلاك الكلية بالممثلات لمماثلتها لمنطقة
البروج في المركز والحركة والمطقة والقطبين ، وتسمى الخوارج المراكز كلها
سوى المدير بالحوامل ، وتسمى البعد الابعد في التداوير بالذروة ، والاقرب
بالحضيض . هذا ما ذكره القدماء في ذلك ، وأما المتأخرون فزادوا أفلاكا جزئية
اخرى لحل بعض ما لاينحل من مشكلات هذا الفن لم نتعرض لها ولا لذكر
جهات حركات هذه الافلاك ومقاديرهاوأقطابها ودوائرها ومناطقها المذكورة في
كتب القوم ، لانها لاتناسب هذا الكتاب ، وكل ما ذكروه مبنية على أوهام و
خيالات يستقيم بعض الحركات بها ، وتحيروا في كثير منها ، ولا يعلمها بحقيقتها
إلا خالقها ومن خصه بعلمها من الانبياء والاوصياء عليهم السلام .
9 .
( باب )
* ( الشمس والقمر وأحوالهما وصفاتهما والليل والنهار ) *
* ( وما يتعلق بهما ) *
الآيات :
البقرة : يسئلونك عن الاهلة قل هي مواقيت للناس والحج ( 1 ) .
آل عمران : تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل ( 2 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) البقرة : 189 .
( 2 ) آل عمران : 27 .
[114]
الانعام : فالق الاصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك
تقدير العزيز العليم ( 1 ) .
الاعراف : يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات
بأمره ( 2 ) .
يونس : هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا
عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون إن
في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والارض لآيات لقوم يتقون ( 3 ) .
وقال تعالى : هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في
ذلك لآيات لقوم يسمعون ( 4 ) .
الرعد : وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى إلى قوله
يغشي الليل النهار ( 5 ) .
ابراهيم : وسخرلكم الشمس والقمر دائبين وسخرلكم الليل والنهار ( 6 ) .
النحل : وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات
بأمره إن في ذلك الآيات لقوم يعقلون ( 7 ) .
الاسراء : وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار
مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شئ فصلناه
تفصيلا ( 8 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الانعام : 96 .
( 2 ) الاعراف : 54 .
( 3 ) يونس : 5 و 6 .
( 4 ) يونس : 67 .
( 5 ) الرعد : 2 و 3 .
( 6 ) ابراهيم : 33 .
( 7 ) النحل : 12 .
( 8 ) الاسراء : 12 .
[115]
الكهف : حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها
قوما إلى قوله تعالى حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل
لهم من دونها سترا ( 1 ) .
الانبياء : وهو الذي خلق الليل والنهارو الشمس والقمر كل في فلك
يسبحون ( 2 ) .
الحج : ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله
سميع بصير ( 3 ) .
المؤمنون : وله اختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون ( 4 ) .
النور : يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لاولي الابصار ( 5 ) .
الفرقان : ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا
الشمس عليه دليلا * ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا * وهو الذي جعل الليل لباسا
والنوم سباتا وجعل النهار نشورا ( 6 ) وقال سبحانه : تبارك الذي جعل في السماء
بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا * وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن
أراد أن يذكر أو أراد شكورا ( 7 ) .
النمل : أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ( 8 ) وقال تعالى : ألم يروا أنا
جعلنا الليل ليسكن وفيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ( 9 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الكهف : 86 90 .
( 2 ) الانبياء : 33 .
( 3 ) الحج : 61 .
( 4 ) المؤمنون : 80 .
( 5 ) النور : 44 .
( 6 ) الفرقان : 45 و 46 و 47 .
( 7 ) الفرقان : 61 و 62 .
( 8 ) النمل : 63 .
( 9 ) النمل : 86 .
[116]
القصص : قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيمة من إله
غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون * قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى
يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون * ومن رحمته
جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبغوا من فضله ولعلكم تشكرون ( 1 ) .
العنكبوت : ولئن سئلتهم من خلق السماوات والارض وسخر الشمس و
القمر ليقولن الله فأنى يؤفكون ( 2 ) .
الروم : ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله ( 3 ) .
لقمان : ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر
الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ( 4 ) .
فاطر : يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر
كل يجري لاجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك ( 5 ) .
يس : وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون * والشمس تجري
لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم * والقمر قدرناه منازل حتى كاد كالعرجون
القديم * لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك
يسبحون ( 6 ) .
الصافات : ورب المشارق ( 7 ) .
الزمر : خلق السماوات والارض بالحق يكور الليل على النهار ويكور
* ( هامش ) * ( 1 ) القصص : 71 73 .
( 2 ) العنكبوت : 61 .
( 3 ) الروم : 23 .
( 4 ) لقمان : 29 .
( 5 ) فاطر : 13 .
( 6 ) يس : 37 .
( 7 ) الصافات : 5 .
[117]
النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لاجل مسمى ألا هو العزيز
الغفار ( 1 ) .
المؤمن : الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو
فضل على الناس ولكن أكثر لايشكرون ( 2 ) .
السجدة : ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لاتسجدوا للشمس
ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ( 3 ) .
الرحمن : الشمس والقمر بحسبان ( 4 ) وقال تعالى : رب المشرقين ورب
المغربين فبأي آلاء ربكما تكذبان ( 5 ) .
الحديد : يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ( 6 ) .
المعارج : فلا اقسم برب المشارق والمغارب ( 7 ) .
نوح : وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ( 8 ) .
المدثر : كلا والقمر * والليل إذ أدبر * والصبح إذا أسفر * إنها لاحدى
الكبر ( 9 ) .
النبأ : وجعلنا نومكم سباتا * وجعلنا الليل لباسا * وجعلنا النهار معاشا *
وبنينا فوقكم سبعا شدادا * وجعلنا سراجا وهاجا ( 10 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) الزمر : 5 .
( 2 ) المؤمن : 61 .
( 3 ) فصلت : 27 .
( 4 ) الرحمن : 5 .
( 5 ) الرحمن : 17 و 18 .
( 6 ) الحديد : 6 .
( 7 ) المعارج : 40 .
( 8 ) نوح : 16 .
( 9 ) المدثر : 32 35 .
( 10 ) النبأ : 9 13 .
[118]
التكوير : إذا الشمس كورت * وإذا النجوم انكدرت إلى قوله تعالى
والليل إذا عسعس * والصبح إذا تنفس ( 1 ) .
الفجر : والفجر وليال عشر * والشفع والوتر * والليل إذا يسر ( 2 ) .
الشمس : والشمس وضحيها * والقمر إذا تليها * والنهار إذا جليها * و
الليل إذا يغشيها ( 3 ) .
الضحى : والضحى والليل إذا سجى ( 4 ) .
الفلق : قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب ( 5 ) .
تفسير : ( يسئلونك عن الاهلة ) قال البيضاوي : سأله معاذ بن جبل وثعلبة
ابن غنم فقالا : ما بال الهلال يبدو دقيقا كالخيط ثم يزيد حتى يستوي ثم لايزال
ينقص حتى يعود كما بدأ ؟ فنزلت ( قل هي مواقيت للناس والحج ) إنهم سألوا
عن الحكمة في اختلاف حال القمر وتبدل أمره فأمره الله أن يجيب بأن الحكمة
الظاهرة في ذلك أن يكون معالم للناس يواقتون بها امورهم ، ومعالم للعبادات
الموقتة يعرف بها أوقاتها ، وخصوصا الحج ، فإن الوقت مراعى فيه أداء وقضاء
والمواقيت جمع ميقات من الوقت ( 6 ) . وقال في قوله تعالى ( تولج الليل في النهار )
إيلاج الليل والنهار إدخال أحدهما في الآخر بالتعقيب أو الزيادة والنقص ( 7 ) .
وقال في قوله تعالى ( فالق الاصباح ) شاق عمود الصبح عن ظلمة الليل أو عن بياض
النهار ، أو شاق ظلمة الاصباح وهو الغبش الذي يليه ، والاصباح في الاصل مصدر
* ( هامش ) * ( 1 ) التكوير : 1 18 .
( 2 ) الفجر : 41 .
( 3 ) الشمس : 41 .
( 4 ) الضحى : 1 .
( 5 ) الفلق : 1 3 .
( 6 ) انوار التنزيل : ج 1 ، ص 140 .
( 7 ) انوار التنزيل : ج 1 ، ص 200 .
[119]
( أصبح ) إذا دخل في الصبح ( 1 ) سمي به الصبح . وقرئ بفتح الهمزة على الجمع
( وجاعل الليل سكنا ) يسكن إليه التعب بالنهار لاستراحته فيه ، من ( سكن إليه )
إذا اطمأن إليه استئناسا به ، أو يسكن فيه الخلق من قوله ( لتسكنوا فيه ) ونصبه
بفعل دل عليه ( جاعل ) لابه ، فإنه في معنى الماضي ، ويدل عليه قراءة الكوفيين
( وجعل الليل ) حملا على معنى المعطوف عليه ، فإن فالق بمعنى فلق فلذلك قرئ
به ، أو به على أن المراد منه جعل مستمر في الازمنة المختلفة ، وعلى هذا يجوز
أن يكون ( والشمس والقمر ) عطفا على محل الليل ويشهد له قراءتهمابالجر ، و
الاحسن نصبهما بجعل مقدر ، وقرئ بالرفع على الابتداء والخبر محذوف أي
مجعولان ( حسبانا ) أي على أدوار مختلفة تحسب بها الاوقات ويكونان علمي الحساب
وهو مصدر حسب بالفتح كما أن الحسبان بالكسر مصدر حسب بالكسر
وقيل : جمع حساب كشهاب وشهبان . ( ذلك ) إشارة إلى جعلهما حسبانا أي ذلك
السير بالحساب المعلوم ( تقدير العزيز ) الذي قهرهما وسيرهما على الوجه المخصوص
( العليم ) بتدبيرهما والانفع من التداوير الممكنة لهما ( 2 ) .
وفي قوله تعالى ( يغشي الليل النهار ) يغطيه به ، ولم يذكر عكسه للعلم به
أو لان اللفظ يحتملهما ، ولذلك قرئ ( يغشي الليل النهار ) بنصب الليل ورفع
النهار ، وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وأبوبكر عن عاصم بالتشديد وفي الرعد
للدلالة على التكرير ( يطلبه حثيثا ) يعقبه سريعا كالطالب له لايفصل بينهماشئ
............................................................................
-بحار الانوار جلد: 51 من صفحه 119 سطر 18 إلى صفحه 127 سطر 18
والحثيث : فعيل من الحث ، وهو صفة مصدر محذوف ، أو حال من الفاعل بمعنى
حاثا ، أو المفعول بمعنى محثوثا . ( والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره )
أي بقضائه وتصريفه ، ونصبها بالعطف على السماوات ونصب مسخرات على الحال
وقرأ ابن عامركلها بالرفع على الابتداء والخبر ( 3 ) ( انتهى ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : في الصباح .
( 2 ) انوارالتنزيل : ج 1 ص 392 .
( 3 ) انوارالتنزيل : ج 1 ص 425 .
[120]
وقال الرازي في قوله سبحانه ( يطلبه حثيثا ) : اعلم أنه سبحانه وصف هذه
الحركة بالسرعة والشدة ، وذلك هو الحق لان تعاقب الليل والنهار إنما يحصل
بحركة الفلك الاعظم ( 1 ) وتلك الحركة أشد الحركات سرعة وأكملها شدة ، حتى
أن الباحثين عن أحوال الموجودات قالوا الانسان إذا كان في العدو الشديد الكامل
فإلى أن يرفع رجله ويضعها يتحرك الفلك الاعظم ثلاثة آلاف ميل وإذا كان الامر
كذلك كانت تلك الحركة في غاية السرعة والشدة ، فلهذا السبب قال تعالى ( يطلبه
حثيثا ) ثم قال : في هذه الآية لطائف فالاولى أن الشمس لها نوعان من الحركة :
أحدهما حركتها بحسب ذاتها وهي إنما تتم في سنة كاملة ، وبسبب هذه الحركة
تحصل السنة ، والثاني حركتها بسبب حركة الفلك الاعظم ، وهذه الحركة تتم
في اليوم بليلته ، إذا عرفت هذا فنقول : الليل والنهار لايحصلان بسبب حركة
الشمس بل بحركة السماء الاقصى التي يقال لها العرش ، ولهذا السبب لما ذكر
العرش بقوله ( ثم استوى على العرش ) ربط به قوله ( يغشي الليل النهار ) تنبيها
على أن سبب حصول الليل والنهار هو حركة الفلك الاقصى لا حركة الشمس و
القمر .
والثانية : أنه تعالى لما شرح كيفية تخليق السماوات قال ( فقضيهن سبع
سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها ) فدلت تلك الآلة على أنه سبحانه
خص كل ذلك بلطيفة نورانية ربانية من عالم الامر ، ثم قال بعده ( ألا له الخلق
والامر ) وهو إشارة إلى أن كل ما سوى الله إما من عالم الخلق أو من عالم
الامر ، أما الذي هو من عالم الخلق فالخلق عبارة عن التقدير وكل ما كان جسما
أو جسمانيا كان مخصوصا بمقدار معين فكان من عالم الخلق ، وكل ما كان بريئا
عن الحجمية والمقدار كان من عالم الارواح ومن عالم الامر ، فدل على أنه سبحانه
خص كل واحد من أجرام الافلاك والكواكب التي هي من عالم الخلق بملك
* ( هامش ) * ( 1 ) هذا مبنى على الفرضية البطلميوسية ، واما على رأى فيثاغورس
وأصحابه وكذا
على ما ثبت في الهيئة الحديثة فالليل والنهار انما يحصلان بسبب حركة الارض الوضعية
.
[121]
من الملائكة وهم من عالم الامر ، والاحاديث الصحيحة مطابقة لذلك ، وهي ما روي
من ( 1 ) الاخبار أن لله ملائكة يحركون الشمس والقمر عند الطلوع والغروب ( 2 )
وكذا القول في سائر الكواكب ، وأيضا قوله سبحانه ( ويحمل عرش ربك فوقهم
يومئذ ثمانية ) إشارة إلى أن الملائكة الذين يقومون بحفظ العرش ثمانية ، ثم إذا
دققت النظر قلت ( 3 ) إن عالم الخلق في تسخير الله ، وعالم الامر في تدبير الله ، و
استيلاء الروحانيات على الجسمانيات بتقديرالله ، فلهذا المعنى قال ( ألا له الخلق
والامر ) .
ثم كون الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره يحتمل وجوها :
أحدها : أنا قد دللنا أن الاجسام متماثلة ، ومتى كان كذلك كان
اختصاص جسم الشمس بذلك النور المخصوص والضوء الباهر والتسخين الشديد
والتدبيرات العجيبة في العالم العلوي والسفلي لابد وأن يكون لاجل أن الفاعل
الحكيم والمقدر العليم خص ذلك الجسم بهذه الصفات ، فجسم كل واحد من
الكواكب والنيرات كالمسخر في قبول تلك القوى والخواص عن قدرة المدير
الحكيم .
وثانيها : أن يقال إن لكل واحد من أجرام الشمس والقمر والكواكب
سيرا خاصا بطيئا من المشرق إلى المغرب وسيرا آخر سريعا بسبب حركة الفلك
الاعظم فالحق سبحانه خص جرم الفلك الاعظم بقوة زائدة ( 4 ) على أجرام سائر
الافلاك باعتبارها صارت مستولية عليها قادرة على تحريكها على سبيل القهر من
المشرق إلى المغرب ، فأجرام الافلاك والكواب صارت كالمسخرة لهذا القهر و
القسر ( 5 ) .
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : في الاخبار .
( 2 ) في المصدر : وعند الغروب .
( 3 ) في المصدر : علمت .
( 4 ) في المصدر : بقوة سارية في اجرام .
( 5 ) مفاتيح الغيب : ج 4 ، ص 338 .
[122]
أقول : ثم ذكر وجوها اخرى لاطائل تحتها ، وفيما نقل عنه أيضا مخالفات
لاصول المسلمين ومناقشات لايخفى على المتدبرين .
( هو الذي جعل الشمس ضياء ) قال البيضاوي : أي ذات ضياء ، وهو مصدر
كقيام ، أو جمع ضوء كسياط وسوط ، والياء فيه منقلبة عن الواو ، وعن ابن كثير
( ضئاء ) بهمزتين في كل القرآن على القلب بتقديم اللام على العين ( والقمر نورا )
أي ذانور ، أو سمي نورا للمبالغة وهو أعم من الضوء ، وقيل : ما بالذات ضوء و
ما بالعرض نور ، وقد نبه سبحانه بذلك على أنه خلق الشمس نيرة بذاتها ( 1 ) و
القمر نيرا بعرض مقابلة الشمس ( 2 ) ( وقدره منازل ) الضمير لكل واحد أي
قدر مسير كل واحد منهما منازل ، أو قدره ذا منازل ، أو للقمر ، وتخصيصه بالذكر
لسرعة سيره ومعاينة منازله وإناطة أحكام الشرع به ، ولذلك علله ( 3 ) بقوله (
لتعلموا
عدد السنين والحساب ) أي حساب الاوقات من الاشهر والايام في معاملاتكم و
تصرفاتكم ( ما خلق الله ذلك إلا بالحق ) إلا متلبسا بالحق مراعيا فيه مقتضى
الحكمة البالغة ( يفصل الآيات لقوم يعلمون ) فإنهم المنتفعون بالتأمل فيها ( 4 )
( انتهى ) .
( إن في اختلاف الليل والنهار ) أي مجيئ كل منهما خلف الآخر ، أو
اختلافهما بالزيادة والنقصان المستلزم لحصول الفصول الاربعة ( وما خلق الله في
السماوات والارض ) ) أي من الكواكب والملائكة والمواليد وأنواع الارزاق و
النعم ( لآيات ) أي دلالات على وجود الصانع تعالى وعلمه وقدرته وحكمته و
لطفه ورحمته ( لقوم يتقون ) الشرك والمعاصي ، فإنهم المنتفعون بها . ( هو الذي
جعل لكم الليل لتسكنوا فيه ) أي لسكونكم وراحتكم وراحة قواكم من التعب
* ( هامش ) * ( 1 ) في المصدر : في ذاتها .
( 2 ) في المصدر : مقابلة الشمس والاكتساب منها .
( 3 ) في المصدر : علل .
( 4 ) انوار التنزيل : ج 1 ، ص 529 .
[123]
والكلال ( والنهار مبصرا ) أي مضيئا تبصرون فيه ، ونسبة الابصار إليه على المجاز
( لقوم يسمعون ) أي الحجج سماع تدبر وتعقل . ( وسخر الشمس والقمر )
قال الرازي : هذا الكلام اشتمل على نوعين من الدلالة : الاول الاستدلال على
وجود الصانع القادر بحركات هذه الاجرام ، وذلك لان الاجسام متماثلة فاختصاصها
بالحركة الدائمة دون السكون لابد له من مخصص ، وأيضا إن كل واحدمن
تلك الحركات مختصة بكيفية معينة من البطء والسرعة فلا بد أيضا من مخصص
وأيضا تقدير تلك الحركات بمقادير مخصوصة على وجه تحصل عوداتها ودوراتها
متساوية بحسب المدة حالة عجيبة فلابد فيه من مقدر ، وبعض تلك الحركات
مشرقية وبعضها مغربية وبعضها مائلة إلى الشمال وبعضها إلى الجنوب وهذا أ¡